جلسة 13 من يناير سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي عبد البديع ، عبد النبي عز الرجال ومحمد عبد الله الجندي نواب رئيس المحكمة وتامر حمزاوي .
-----------------
(8)
الطعن رقم 11024 لسنة 88 القضائية
(1) جلب . مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المراد بجلب المخدر . استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً طرحه وتداوله بين الناس سواء استورده الجالب لحساب نفسه أو غیـره . متی تجاوز بفعله الخط الجمركي .
استيراد المواد المخدرة . حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية . انطواؤه ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها .
مثال لتدليل سائغ على توافر أركان جريمتي جلب مواد مخدرة وحيازتها بقصد الاتجار .
(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم من أقوال الشهود وإقرارات الطاعنين ما يحقق مراد الشارع في المادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .
مثال .
(4) إثبات " معاينة " .
النعي على الحكم تعويله على معاينة النيابة دون إيراد مضمونها . غير مقبول . ما دام أورد منها ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغًا .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.
مثال .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود . لها الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . إشارتها لأقوالهم . غير لازمة . ما دامت لم تستند إليها . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده ؟
(7) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
نعي الطاعنين على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق بشأن جريمة الجلب . غير مجد . ما دام عاقبهم بعقوبة حيازة مواد مخدرة بقصد الاتجار التي أثبتها في حقهم .
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع . لا يعيبه . طالما لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها .
مثال .
(10) اتفاقيات دولية . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
سريان التشريع الجنائي المصري دون غيره على من يرتكب فعلاً مجرماً داخل إقليم الدولة أياً كانت جنسيته . حد وأساس ذلك ؟
امتداد اختصاص القضاء الإقليمي الجنائي للسفن التجارية الأجنبية الراسية بالميناء . شرط وأساس ذلك ؟ المطاردة الحثيثة وفقاً للمادة 111 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار . شروطها ؟ اطراح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما على سفينة خارج المياه الإقليمية المصرية استناداً لوقوع الضبط إثر مطاردة حثيثة بدأت داخل المياه الإقليمية امتدت دون انقطاع حتى ضبطت خارجها . صحيح . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل
(11) أسباب الاباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بالإعفاء من العقاب " .
الإعفاء من العقاب طبقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 . مناط تحققه ؟
مثال لاطراح سائغ للدفع بالإعفاء من العقاب .
(12) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
تحدث الحكم استقلالاً عن علم الطاعنين أن السفينة تحوي الجوهر المخدر . غير لازم . حد ذلك ؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر وحيازته . تحققه بعلم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من الجواهر المخدرة . استظهاره . موضوعي .
مثال .
(13) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي . المجادلة بشأن ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .
خلو التحريات من البيانات التي ساقها الطاعنون بأسباب طعنهم وبقاء شخصية المرشد غير معروفة . لا يقدح في جديتها ولا يعيب الإجراءات .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول . استنادها للمعاينة كقرينة معززة لأدلة الثبوت . أثره ؟
مثال .
(15) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع بقصور تحقيقات النيابة العامة . ما دام قد ورد في عبارة مرسلة لا يبين منها مقصده ولم يُطلب منها اتخاذ إجراء معين .
(16) محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تولي محامٍ واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة . جائز . حد ذلك ؟
تعارض المصلحة بين المتهمين الذي يوجب إفراد محامٍ لكل متهم يتولى الدفاع عنه . أساسه الواقع . لا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه دفاع .
مثال .
(17) نقض " المصلحة في الطعن " . جلب . مواد مخدرة . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على ارتكابه جريمتي حيازة أجهزة اتصالات لاسلكية بدون تصريح واستخدام وسيلة غير مشروعة لإجراء اتصالات . غير مجد . ما دامت المحكمة عاقبته عن جريمة جلب المواد المخدرة باعتبارها الأشد .
(18) مصادرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " .
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات . ماهيتها ؟
عقوبة المصادرة المقررة في المادة 42 من القانون 182 لسنة 1960 . نطاقها ؟
عدم قضاء المحكمة بمصادرة مبلغ نقدي وأجهزة . صحيح . ما دامت واقعة الدعوى كما أوردها الحكم قد خلت من وجود صلة بين تلك الأشياء والجريمة التي دين الطاعن بها . نعيه في هذا الشأن . غير مجد .
(19) حكم " بيانات الديباجة " .
خطأ الحكم المادي فيما نقله في ديباجته بشأن تقديمه قضـاة الحكم بلقب مستشار بدلاً من قاضي . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(20) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . غير جائز .
عدم التزام المحكمة بإجابة الطلب المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه.
مثال .
(21) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً . استعمال حقها في حبس المتهم احتياطياً . لا يحول بين الدفاع وحقه في طلب التأجيل لسماع الشهود . أساس ذلك ؟
مثال .
(22) قضاة " صلاحيتهم " .
الرغبة في الإدانة . مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " ... إنَّ التحريات التي أجراها الرائد .... قائد مكتب مخابرات حرس حدود السلوم أكَّدت قيام المتهمين الأول .... ، والثاني / .... ، والثالث / .... ، والرابع / .... بجلب كمية كبيرة من الجواهر المخدرة استقدموها من دولة لبنان وإدخالها البلاد مستخدمين في ذلك إحدى العائمات البحرية ، وقد تمَّ رصد اتصالات هاتفية بين المتهم الخامس/ .... أثناء وجوده بيابسة مطروح وبيـن أشخاص يستقلون وحدة بحرية قبالة سواحـل شاطئ برانى تدور حول شحنة المواد المخدرة ، وإزاء تلك التحريات المؤكدة توجه اللانش البحري .... التابع للقوات البحرية المصرية بقيادة النقيب بحري .... لضبط تلك العائمة البحرية التي تمكن من رصدها وفقاً للإحداثيـات على مسافة إحدى عشر ميلاً بحرياً قبالة سواحل شاطئ براني ، وتبين أنها تحمل اسم .... وترفع علم دولة لبنان ، وبالاقتراب منها أبصرها تفر هاربة خارج حدود المياه الإقليمية فأرسل إليها تحذيرات بالتوقف دون أن تمتثل فقام بمطاردتها حثيثـاً مُطلقاً أعيرة نارية تحذيرية حتى توقفت بالميل 74 بعداً عن الساحل المصري ، ووفقـاً للحق المُخوَّل له قانوناً بالزيارة والتفتيش تمَّ ضبط المركب .... وعلى متنها المتهمين من الأول إلى الرابع ، وبتفتيشها عثر بها على خمسة وأربعين حقيبة سوداء تحوي كمية كبيرة من المواد الـمخدرة لـمادة الحشيش وزنت ألفان ومائة كيلو جرام فضلاً عن ثمانون حقيبة حوت ثمانية وثمانون ألف قرص لعقار الكيتاجون وهاتف نقال ماركة أيفون ملحق به جهاز متصل بالقمر الصناعى ولاب توب ماركة HB وتابلت مارکت سامسونج ومبلغ من الـمال قدره 12960 دولار ، وبمواجهته للمتهمين بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقـروا جميعاً بحيازتهم للمضبوطات وبأنهم تلقوا إياها من سواحل مدينة لبنان لتسليمها لأحد الأشخـاص على سواحل مدينة طبرق " . لمَّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم تتـوافر به جريمة جلب جوهر مخدر في حق كلٍ من الطاعنيـن ذلك بأنَّ الشارع إذ عاقب في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدَّل على جلب المواد المخدرة فقد دل َّعلى أنَّ المراد بجلب المخدر في الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غیـره متی تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي ، وإذا كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلولـه القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها ، ومن ثمَّ فإنَّ ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم تتوافر به أركان جريمة الجلب- كما هي معرَّفة به في القانون - فضلاً عن توافر أركان جريمة حيازة مواد مخدرة بقصد الاتجار في حق الطاعنين ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد في غير محله .
2- لمَّا كان الحكم قد أورد مؤدی تقرير المعمـل الكيماوي وأبرز ما جاء به من أنَّ المواد المضبوطة هي مادتی الحشيش المخدرة وأقراص تحوي مادة فينللين المخدرة ، فإنَّ ما ينعاه الطاعنون على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيماوي لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- لمَّا كان الثابت من مدونات الحكم أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في الـمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وحصَّل مضمونها بطريقة وافية تكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة وبما يتفق مع ما أوردته فى بيانها لواقعة الدعوى . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم بعد أن أورد واقعة الدعوي وحصَّل أقـوال شهودها بما يتلاءم وتصويرها أردف ذلك بتحصيل إقرارات الطاعنين في قـوله : " أقـرَّ المتهمون من الأول حتى الرابع لدى استجوابه بتحقيقات النيابة العـامة بصحَّـة واقعة الضبط وبحيازتهم للمواد المخدرة على متن الوحدة البحريـة [ .... ] وأنهم كانوا بصدد نقلها وتسليمها في مقابل مبلغ نقدي قدره مائتي ألف دولار أمريكي ، وأنَّ المتهم الأول إذ سُئل بجلستى تجديد الحبس المؤرختين .... ، .... أقـرَّ بجلبه المواد الخدرة إلى داخل البلاد " فإنَّ ما أورده الحكم فيما سلف بالنسبة لإقرارات الطاعنين يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدي الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانـة بما ينحسر به عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور في هذا الصدد .
4- لمَّا كان الحكم المطعون فيه قد أورد من المعاينة ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى تلك المعاينة وباقي الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، فإنَّها تكون غير ملزمة بأن تورد في حكمها كل ما تضمنته التحقيقات من وقائع .
5- لمَّا كان الأصل أنَّ من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث - الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستندا ًإلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، كل ذلك مرجـعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراهـا وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإنَّ النعي على الحكم بالالتفات عمَّا أثاره الطاعنون من أنَّ بداية ضبطهم كان خارج المياه الإقليمية وليس بداخلها يكون غير مقبول .
6- لمَّا كان ما يثيره الطاعنون من التفات المحكمة عمَّا أبدوه في شأن مكان ضبطهم المؤيد بأقوال شاهد نفی مردوداً بما هو مقرر من أنَّ لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها ممَّا ترتاح إليه من أقوال الشهود ، ولها أن تعرض عن قالـة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي في هذا الشأن يكون غير سديد .
7- من المقرر أيضاً أنَّه لا ينال من سلامة الحكم اطراحـه المستندات الرسمية والتي تساند إليها الطاعنون للتدليل على استحالة حدوث الواقعة كما صوَّرهـا شهود الإثبات ، ذلك أنَّ الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
8- من المقرر أنَّ الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة والتي لا يجدي الطاعنين ما ينعوه على الحكم من خطأ في الإسناد فيما أورده بشأن الخطأ في شخص الضابط القائم بالضبط أو عدد الحقائب المضبوطة إذ إنه بفرض قيام هذا الخطأ فإنه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، كما أنه لا جدوى للطاعنين من النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق بشأن إقراراتهم بالتحقيقـات وجلسات تجديد الحبس بفرض صحَّة ذلك ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهم بعقوبة السجن المؤبد التي تدخل في الحدود المقررة لجريمة حيازة مواد مخدرة بقصد الاتجار التي أثبتها الحكم في حقهم ، ومن ثمَّ يكون النعي لا محل له .
9- لمَّا كان ما ينعاه الطاعنون على الحكم أنه نسب إليهم دفاعاً لم يقل به أي منهم مؤداه بطلان الإذن لعدم جدية التحريات ، فإنَّ ذلك مردود بأنَّ تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجـه الدفاع لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بُني عليها ولا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها .
10- لمَّا كانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصَّت على أن : " تسري أحكام هذا القانون على كلٍ من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القـانون " وهو ما يقتضی بداهةً أنَّ التشريع الجنائي المصري هو الذي يطبق دون غيره على من يرتكب في إقليم الدولة فعلاً يعد جريمة حسب نصوص هذا التشريع أيـاً كانت جنسية مرتكب الفعل وهو أمر تقتضيه سيادة الدولة على إقليمها وهو الوسيلة لتأمين الحقوق الجديرة بالحماية الجنائية ، ويعتبر ضمن إقليم الدولة الأرض التي تحدهـا حدودها السياسية بما فيها من أنهار وبحيرات وقنوات وموانئ فضلاً عن الـمياه الاقليـمية ولا يُستثنى من هذا الأصل إلا ما تقتضيه قواعد القانون الدولي من إعفـاء رؤساء الدول الأجنبية وممثليها الدبلوماسيين والأفراد العسكريين الأجانب من الخضوع للقضاء الإقليمي ويمتد اختصاص القضاء الإقليمي الجنائي إلى السفن التجارية الأجنبية الراسية في المينـاء في حدود ما أقرَّته اتفاقية جنيف المعقودة سنة 1958 التي نصَّت على حق الدولة في التعرض للسفن التجارية الأجنبية أثناء مرورهـا بالمواني أو المياه الإقليمية في حالات من بينها أن يكون هذا التدخل ضرورياً للقضاء على اتجار غير مشروع في المواد المخدرة ، ثمَّ أكدته - من بعد - اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار [ التي وقَّعت عليها مصر بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1982 وصدَّقت عليها بالقرار الجمهوري رقم 145 لسنة ۱۹۸۳ الصادر في 30 من أبريل سنة 1983 ووافق مجلس الشعب عليها في 22 من يونيـه سنة 1983 وأودعت وثيقة التصديق عليها لدى الأمين العام للأمم المتحدة ] بالنص في المادة 27 منها على أن : " 1ــ لا ينبغي للدولة الساحلية أن تمارس الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الإقليمي من أجل توقيف أي شخص أو إجراء أي تحقيق بصدد أيَّة جريمة ارتكبت على ظهر السفينة أثناء مرورها إلا في الحالات التالية فقط : (1) .... ( ب) ..... (ج ) .... ( د) .... أو إذا كانت هذه التدابير لازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التي تؤثر على العقل " كما تنص المادة ۱۱۱ منها على أنَّ " حق المطاردة الحثيثة .. يجيز القيام بمطاردة سفينة أجنبية مطاردة حثيثة عندما يكون لدى السلطات المختصة للدولة الساحلية أسباب وجيهة للاعتقاد بأنَّ السفينة انتهكت أنظمة تلك الدولة ، ويجب أن تبدأ هذه المطاردة عندما تكون السفينة الأجنبية أو أحد زوارقها داخل المياه الداخلية أو المياه الأرخبيلية أو البحر الاقليمي أو المنطقة المتاخمة للدولة القائمة بالمطاردة ، ولا يجوز مواصلة المطاردة خارج البحر الأقليمي أو الـمنطقـة المتاخمة إلا إذا كانت المطاردة لم تنقطع " . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيساً على أنَّ الضبط جري والسفينة خارج المياه الإقليمية المصرية واطرحه برد سائغ وصحيح في القانون بعدمـا استخلص من وقائع الدعوى وأقوال الشهود أنَّ ضبط العائمة قد تمَّ إثر مطاردة حثيثة من داخل المياه الإقليمية على بعد إحدى عشر ميلاً بحرياً من الشواطئ المصرية والتي تمَّ مواصلاتها دون انقطاع حتى تمَّ الضبط على بعد أربعة وسبعين ميلاً بحرياً من الشواطئ المصرية ، فإنَّ ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع تقديرهـا دون معقب عليها من محكمة النقض .
11- لمَّا كانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182 لسنة 1966 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة ، وكان الحكم قد عرض لما أشار إليه الطاعنون في شأن إعفائهم من العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 48 سالفة الذكر وردَّ عليه من أنَّ ما ذكره الطاعنون ليس من شأنه التوصل إلى ضبط جناة آخرين ، فضلاً عن أنَّ ذلك كان بعد ضبط الجريمة وضبطهم حال حيازتهم للمواد المخدرة المضبوطة التي جلبوهـا لترويجها داخل البلاد ، ومن ثمَّ فلا يكون ثمَّة محل لتعييـب الحكم في هذا الصدد .
12- لمَّا كانت المحكمة غير مكلَّفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره ، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على أنَّ الطاعنين كانوا على علم بأنَّ المركب يحوي المخدر المجلوب داخل الحقائب المضبوطة ، فإنَّ الحكم يكون قد ردَّ على دفاعهم بانتفاء هذا العلم بما يُدحضه . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأنَّ ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة ، ولا حرج على المحكمة في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها ، وكـان مـا ساقه الـحكم تدليلاً على تـوافرعلم الطاعنين بكنه المواد المخدرة المضبوطة کافياً وسائغاً في إثبات هذا العلم ، فإنَّ منعاهم في هذا الشأن يكون غير قویم .
13- لمَّا كان تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات وكفاية ما ورد بها من معلومات وصدَّقت من أجراها فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، وكان خلو التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعنون بأسباب طعنهم لا يقطع في حد ذاته بعدم جدية التحريات ، كما لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد الذي اختاره رجل الضبط القضائي لمعاونته في مهنته غيـر معروفـة فإنَّ النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل .
14- من المقرر أنَّ تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، وإذا كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنَّ الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بثمَّة بطلان بتحقيقات النيابة بشأن عدم حضور محام أثنـاء إجراءات التحقيق ، كما لم يدفع أىٍ منهم بعدم حضور محام أثناء إجراء المعاينة فليس لهم أن ينعوا على المحكمة عدم ردَّهـا على دفاع لم يُثر أمامها ولا يُقبل منهم الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة ، كما أنَّ المحكمة لم تبنْ قضاءهـا بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من المعاينة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز أدلة الثبوت التي أوردتها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
15- لمَّا كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنَّ الطاعنين اقتصروا على القول بقصور تحقيقات النيابة العامة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصدهم منها ، ودون أن يطلبوا إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإنَّ النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قویم .
16- من المقرر أنَّ القانون لا يمنع من أن يتولى محامٍ واحد واجـب الدفاع عن متهمين مـتعدييـن في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقیقی بین مصالحهم ، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أنَّ الطاعنين جميعاً ارتكبوا جريمة جلب المواد المخدرة والاتجار فيها، وكان القضاء بإدانة أحدهم كما يُستفاد من الحكم لا يترتب عليه القضاء ببراءة أحد الباقين وهو مناط التعارض الحقيقي المُخل بحق الدفاع ، وإذ كان المتهمون أثناء المحاكمة لم يتبادلوا الاتهام والتـزموا جانب الإنكار ، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد لكل منهم محامٍ خاص يتولى الدفاع عنـه أساسـه الواقع ولا يبنى على ما كان بوسع كلٍ منهم أن يُبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبـده بالفعل ، فإنَّ مصلحة كلٍ من الطاعنين في الدفاع لا تكون متعارضة ويكون منعاهم على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
17- لمَّا كان مـا يثيـره الـطاعن الأول من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على ارتكابه جريمتي حيازة أجهزة اتصالات لاسلكية دون تصريح واستخدم وسيلة غير مشروعة لإجراء اتصالات لا جدوى منه ما دامت المحكمة قد طبَّقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة جـلب المواد المخدرة التي أثبتها في حقه .
18- لمَّـا كانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبـغير مقابل وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نصَّ القانون على غير ذلك ، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل ، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفرَّ من اتخاذه في مواجهة الكافة ، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لا توجب سوی القضاء بمصادرة المواد المخدرة والنباتات والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد اُستخدمت في ارتكاب الجريمة ، فإنَّ المحكمة إذ لم تقض بمصادرة النقود المضبوطة وجهازي اللاب والتابلت والتي لا تعد حيازتها جريمة في حد ذاتها لا تكون قد جانبت التطبيق القانوني الصحيح ما دامت واقعة الدعوى كما أوردها الحكم قد خلت من وجود صلة بين تلك الأشياء والجريمة التى دين الطاعن بها ، كما أنه من المقرر أنَّ المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لعدم قضائه بمصادرة المبلغ النقدي وجهازي اللاب توب والتابلت الذي شهد ضابط الواقعة بعثوره عليهم مع الطاعنين ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في شأن ذلك يكون ولا محل له .
19- من المقرر أنَّ الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه لأنه خارج عن موضوع استـدلاله ، وكان ما وقع من خطأ في ديباجة الحكم المطعون فيه بشأن تقديمه قضـاة الحكم بلقب [ مستشار ] بدلاً من [ قاضي ] لا يعدو أن يكون خطأً مادياً لا أثر له في النتيجة التى انتهى إليها ، هذا فضلاً عن أنَّ المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن استبدال كلمة قاض بكلمة مستشار أينما وُجدت لم يرتب البطلان جزاء مخالفتها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صحيح.
20- لمَّا كان البيـن من محضر جلسة المحاكمة أنَّ الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة ندب خبير بحري ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودهـا عن القيام بإجراء لم يطلبه أىٍّ منهم ، ولا يُقبل منهم إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، كمـا أنَّ طلب الاستعلام من هيئة السلامة البحرية لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة بل قصد به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم بإجابته ، فإنَّ النعي برمَّته في هذا الوجه يكون على غير أساس .
21- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحةً أو ضمناً ، وكان الثابت من محضر جلسـة .... أنَّ المدافع عن الطاعنين استغنى صراحةً عن سماع شهود الإثبات اكتفـاءً بمناقشة أقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها ، فإنَّ دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة ولا ينال من سلامة إجراءات المحاكمة ما أمرت به المحكمة من حبس الطاعنين احتياطياً على ذمة الدعوى ، فإنَّ ذلك منها كان استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية ولم يكن من شأنه أن يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل الدعوى لسماع الشهود ، أما وهو لم يفعل بعلَّة غير مقبولة خشيته أن يظل موكله محبوساً فإنه ليس له من بعد أن ينعی على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع ويضحى النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد .
22- من المقرر أنَّ حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليهم من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقـدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثمَّ فإنَّ ما يُثار في هذا الشأن لا يـصح أن ينبني عليه وجه الـطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... " الطاعن " 2- .... " الطاعن " 3- .... " الطاعن " 4- .... " الطاعن " 5- .... بوصف أنهم : أولاً : المتهمون جميعاً :
جلبوا جوهراً مخدراً [ حشیـش ] داخل جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة .
جلبوا أقراصاً تحوي جوهراً مخدراً [ فينللـين ] داخل جمهورية مصر العربية قبـل الحصول علي ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة .
ثانياً : المتهمون من الأول وحتى الرابع :
حازوا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً [ حشیش ] في غيـر الأحوال المصـرَّح بها قانوناً .
حازوا بقصد الاتجار أقراصاً تحوي جوهـراً مخدراً [ فينللـين ] في غيـر الأحوال المصـرَّح بها قانوناً .
ثالثاً : المتهم الأول أيضاً : حاز جهاز اتصال لاسلكي [ هاتف ثريا ] دون الحصول على تصريح من الجهات المختصة .
استخدم وسيلة غير مشــروعة محل الاتهام السابق [ لإجراء الاتصالات ] .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهـم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضـورياً للمتهمين الأول والثانى والثالث والـرابع وغيابياً للخامس عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 3 ، 7 /1 فقـرة أولى بند أ ، 42 /1 من القـانون رقم 182 لسنة 1960 الـمعدَّل والبند رقم 56 من القسـم الثانى من الـجدول رقم 1 الـملحق مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقـوبات بمعاقبـة كلٍ من / .... ، .... ، .... ، .... ، .... بالسجن المؤبد وتغريمـه مائتي ألف جنيهـاً عمَّا أُسند إليه وبمصادرة الجوهـرين المخدرين والعائمة البحرية .... وهاتف الثريا المضبوطين وألزمت المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية .
فـطعن المحكوم عليهم من الأول إلى الرابع في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة جلب جوهر الحشيش وأقراص الفينللين المخدرين داخل جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص ، وحيازة المخدرين [ الحشيش ، فينالين ] بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرَّح بها قانوناً ، كما دان الأول بحيازة واستخدام جهاز اتصال لاسلکی [ هاتف الثريا ] قبل الحصول على تصريح من الجهة المختصة ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في الإسناد ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه خلا من بيان واقعة الدعوى المستوجبة العقوبة وجاءت أسبابه غامضة مبهمة لا تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ، فلم يبين أركان جريمة الجلب التي دانهم بها ، ولم يورد مضمون ومؤدى تقرير المعمل الكيماوى وأقوال شهود الإثبات وإقرارات الطاعنين التي تساند إليها في الإدانة ، كما عوَّل على معاينة النيابة العامة للعائمة المضبوطة ولم يورد مضمونها ، واعتنق تصویر شهود الإثبات للـواقعـة رغم تنـاقض أقـوالهم وعدم معقولية تصوير الواقعة على النحو الوارد بتلك الأقـوال ملتفتـاً عن شهادة الخبير البحري في هذا الشأن والمستندات المقدمـة والـمؤيـدة لذلك ، وأورد الحكم بمدوناته إقرار الطاعنين بجلب المواد المخدرة المضبوطة من دولة لبنان إلى داخل الأراضي المصرية بالمخالفة للثابت بتلك الإقرارات من أنهم يقومون بنقل تلك المواد من دولة لبنان إلى دولة ليبيا ، كما أورد الحكم أنَّ الشاهد الأول هو القائم بإجراءات الضبط مخالفاً ما ورد بالأوراق وشهادة الضابطين من أنَّ الشاهد الثاني هو القائم بتلك الإجراءات فضلاً عن الخطأ في عدد الحقائب المضبوطة ممَّا يشوبه بالخطأ في الإسناد ، كما أورد الحكم رداً على الدفع ببطلان الاذن لعدم جدية التحريات والذي لم يدفع به أيِّ من الطاعنين بما يصمه بالتهاتر والتخاذل وعدم الإلمام بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة ، وتمسَّك الطاعنون ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما خارج المياه الإقليمية لجمهورية مصر العربية بدلالة ما أسفرت عنـه الإحداثيات وأقوال الشهود من إتمام الضبط على بعد 74 ميل بحرى من السواحل المصرية ممَّا لا يتوافر معه حق الزيارة والتفتيش والمطاردة الحثيثة للعائمة المضبوطة وينتفی به تطبيق التشريع الجنائي المصري على الواقعة إلا أنَّ الحكم ردَّ على الدفع بما لا يصلح رداً ويخالف النظر الصحيح في القانون ، كما اطرح بما لا يسوغ اطراحه الدفع بإعفائهم من العقاب تطبيقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدَّل بشأن مكافحة المخدرات ، وقام دفاع الطاعنين على الدفع بانتفاء القصد الجنائي لديهم وعدم العلم بوجود المخدر على متن العائمة البحرية المضبوطة ، وبطلان التحريات وعدم جديتها لشواهد عددوها بأسباب الطعن ، وبطلان استجوابهم وبطلان معاينة العائمة المضبوطة لعدم حضور محامٍ معهم أثناء التحقيقات وحال إجراء المعاينة ، وقصور تحقيقات النيابة العامة ، وبطلان إجراءات المحاكمة لقيام محام واحد بالدفاع عن الطاعنين وعدم إفراد مدافعاً لكلٍ منهم لتعارض المصلحة فيما بينهم ، غير أنَّ المحكمة التفتت عن بعض هذه الدفوع واطرحت البعض الباقی بما لا يسوغ اطراحهم ، وأضاف الطاعن الأول بأنَّ الحكم المطعون فيه لم يبين أركان جريمتي حيازة واستخدام أجهزة اتصالات لاسلكية دون الحصول على تصريح ، كما لم يقض الحكم بمصادرة المبلغ النقدي وجهازي اللاب توب والتابلت المضبوطين رغم القضاء بالإدانة ، كما ورد بديبـاجـة الحكم الـمطعون فيه لقب [ مستشار ] منسوباً لقضـاة الدائرة التي فصلت في الدعوی بدلاً من لقب [ قاض ] بالـمخالفـة لنص الـمادة الأولى من القانون رقـم 142 لسـنة 2006 بتعـديل بـعض أحكام قــانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1970 بمـا يشوبه بالبـطلان ، والتفت الحكم عن طلبات الطاعنين بندب خبيـر بحـرى في الـدعوى ، والاستعلام من هيئة السلامـة البحرية عن المكان المشار إليه بالإحداثيات الـمحددة من قبـل ضابطى الواقعة ، كما أمرت المحكمة بحبس الطاعنين على ذمـة الـدعوى حال تمسـكهم بسماع ومناقشـة شهود الإثبات والتأجيل مع استمرار الحبس ممَّا جعل الـدفاع مكـرهاً على التنازل عن مناقشتهم لعدم إطالة أمد الحبس وهو ما يكشف عن تـولد رغبـة المحكمة المسبقة في الإدانة ، كل ذلك ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " ... إنَّ التحريات التي أجراها الرائد .... قائد مكتب مخابرات حرس حدود السلوم أكَّدت قيام المتهمين الأول .... ، والثاني / .... ، والثالث / .... ، والرابع / .... بجلب كمية كبيرة من الجواهر المخدرة استقدموها من دولة لبنان وإدخالها البلاد مستخدمين في ذلك إحدى العائمات البحرية ، وقد تمَّ رصد اتصالات هاتفية بين المتهم الخامس/ .... أثناء وجوده بيابسة مطروح وبيـن أشخاص يستقلون وحدة بحرية قبالة سواحـل شاطئ برانى تدور حول شحنة المواد المخدرة ، وإزاء تلك التحريات المؤكدة توجه اللانش البحري .... التابع للقوات البحرية المصرية بقيادة النقيب بحري .... لضبط تلك العائمة البحرية التي تمكن من رصدها وفقاً للإحداثيـات على مسافة إحدى عشر ميـلاً بحريـاً قبالة سواحل شاطئ برانی ، وتبين أنها تحمل اسم .... وترفع علم دولة لبنان ، وبالاقتراب منها أبصرها تفر هاربة خارج حدود المياه الإقليمية فأرسل إليها تحذيرات بالتوقف دون أن تمتثل فقام بمطاردتها حثيثـاً مُطلقاً أعيرة نارية تحذيرية حتى توقفت بالميل 74 بعداً عن الساحل المصري ، ووفقـاً للحق المُخوَّل له قانوناً بالزيارة والتفتيش تمَّ ضبط المركب .... وعلى متنها المتهمين من الأول إلى الرابع ، وبتفتيشها عثر بها على خمسة وأربعين حقيبة سوداء تحوي كمية كبيرة من المواد الـمخدرة لـمادة الحشيش وزنت ألفان ومائة كيلو جرام فضلاً عن ثمانون حقيبة حوت ثمانية وثمانون ألف قرص لعقار الكيتاجون وهاتف نقال ماركة أيفون ملحق به جهاز متصل بالقمر الصناعى ولاب توب ماركة HB وتابلت مارکت سامسونج ومبلغ من الـمال قدره 12960 دولار ، وبمواجهته للمتهمين بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقـروا جميعاً بحيازتهم للمضبوطات وبأنهم تلقوا إياها من سواحل مدينة لبنان لتسليمها لأحد الأشخـاص على سواحل مدينة طبرق " . لمَّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم تتـوافر به جريمة جلب جوهر مخدر في حق كلٍ من الطاعنيـن ذلك بأنَّ الشارع إذ عاقب في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدَّل على جلب المواد المخدرة فقد دل َّعلى أنَّ المراد بجلب المخدر في الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غیـره متی تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي ، وإذا كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلولـه القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها ، ومن ثمَّ فإنَّ ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم تتوافر به أركان جريمة الجلب - كما هي معرَّفة به في القانون - فضلاً عن توافر أركان جريمة حيازة مواد مخدرة بقصد الاتجار في حق الطاعنين ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدی تقرير المعمـل الكيماوي وأبرز ما جاء به من أنَّ المواد المضبوطة هي مادتی الحشيش المخدرة وأقراص تحوي مادة فينللين المخدرة ، فإنَّ ما ينعاه الطاعنون على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيماوي لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لمَّا كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في الـمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وحصَّل مضمونها بطريقة وافية تكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة وبما يتفق مع ما أوردته فى بيانها لواقعة الدعوى . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم بعد أن أورد واقعة الدعوي وحصَّل أقـوال شهودها بما يتلاءم وتصويرها أردف ذلك بتحصيل إقرارات الطاعنين في قـوله : " أقـرَّ المتهمون من الأول حتى الرابع لدى استجوابه بتحقيقات النيابة العـامة بصحَّـة واقعة الضبط وبحيازتهم للمواد المخدرة على متن الوحدة البحرية [ .... ] وأنهم كانوا بصدد نقلها وتسليمها في مقابل مبلغ نقدي قدره مائتي ألف دولار أمريكى ، وأنَّ المتهم الأول إذ سُئل بجلستى تجديد الحبس المؤرختين .... ، .... أقـرَّ بجلبه المواد الخدرة إلى داخل البلاد " فإنَّ ما أورده الحكم فيما سلف بالنسبة لإقرارات الطاعنين يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدي الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانـة بما ينحسر به عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور في هذا الصدد . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد من المعاينة ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى تلك المعاينة وباقي الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، فإنَّهـا تكون غير ملزمة بأن تورد في حكمها كل ما تضمنته التحقيقات من وقائع . لمَّا كان ذلك ، وكان الأصل أنَّ من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث - الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستندا ًإلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، كل ذلك مرجـعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراهـا وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإنَّ النعي على الحكم بالالتفات عمَّا أثاره الطاعنون من أنَّ بداية ضبطهم كان خارج المياه الإقليمية وليس بداخلها يكون غير مقبول . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون من التفات المحكمة عمَّا أبدوه في شأن مكان ضبطهم المؤيد بأقوال شاهد نفی مردوداً بما هو مقرر من أنَّ لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها ممَّا ترتاح إليه من أقوال الشهود ، ولها أن تعرض عن قالـة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أيضاً أنَّه لا ينال من سلامة الحكم اطراحـه المستندات الرسمية والتي تساند إليها الطاعنون للتدليل على استحالة حدوث الواقعة كما صوَّرهـا شهود الإثبات ، ذلك أنَّ الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة والتي لا يجدي الطاعنين ما ينعوه على الحكم من خطأ في الإسناد فيما أورده بشأن الخطأ في شخص الضابط القائم بالضبط أو عدد الحقائب المضبوطة إذ إنه بفرض قيام هذا الخطأ فإنه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، كما أنه لا جدوى للطاعنين من النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق بشأن إقراراتهم بالتحقيقـات وجلسات تجديد الحبس بفرض صحَّة ذلك ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهم بعقوبة السجن المؤبد التي تدخل في الحدود المقررة لجريمة حيازة مواد مخدرة بقصد الاتجار التي أثبتها الحكم في حقهم ، ومن ثمَّ يكون النعي لا محل له. لمَّا كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعنون على الحكم أنه نسب إليهم دفاعاً لم يقل به أي منهم مؤداه بطلان الإذن لعدم جدية التحريات ، فإنَّ ذلك مردود بأنَّ تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجـه الدفاع لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بُني عليها ولا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصَّت على أن : " تسري أحكام هذا القانون على كلٍ من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القـانون " وهو ما يقتضی بداهةً أنَّ التشريع الجنائي المصري هو الذي يطبق دون غيره على من يرتكب في إقليم الدولة فعلاً يعد جريمة حسب نصوص هذا التشريع أيـاً كانت جنسية مرتكب الفعل وهو أمر تقتضيه سيادة الدولة على إقليمها وهو الوسيلة لتأمين الحقوق الجديرة بالحماية الجنائية ، ويعتبر ضمن إقليم الدولة الأرض التي تحدهـا حدودها السياسية بما فيها من أنهار وبحيرات وقنوات وموانئ فضلاً عن الـمياه الاقليـمية ولا يُستثنى من هذا الأصل إلا ما تقتضيه قواعد القانون الدولي من إعفـاء رؤساء الدول الأجنبية وممثليها الدبلوماسيين والأفراد العسكريين الأجانب من الخضوع للقضاء الإقليمي ويمتد اختصاص القضاء الإقليمي الجنائي إلى السفن التجارية الأجنبية الراسية في المينـاء في حدود ما أقرَّته اتفاقية جنيف المعقودة سنة 1958 التي نصَّت على حق الدولة في التعرض للسفن التجارية الأجنبية أثناء مرورهـا بالمواني أو المياه الإقليمية في حالات من بينها أن يكون هذا التدخل ضرورياً للقضاء على اتجار غير مشروع في المواد المخدرة ، ثمَّ أكدته - من بعد - اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار [ التي وقَّعت عليها مصر بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1982 وصدَّقت عليها بالقرار الجمهوري رقم 145 لسنة ۱۹۸۳ الصادر في 30 من أبريل سنة 1983 ووافق مجلس الشعب عليها في 22 من يونيـه سنة 1983 وأودعت وثيقة التصديق عليها لدى الأمين العام للأمم المتحدة ] بالنص في المادة 27 منها على أن :
" 1ــ لا ينبغي للدولة الساحلية أن تمارس الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الإقليمي من أجل توقيف أي شخص أو إجراء أي تحقيق بصدد أيَّة جريمة ارتكبت على ظهر السفينة أثناء مرورها إلا في الحالات التالية فقط : (1) .... ( ب) ..... (ج ) .... ( د) .... أو إذا كانت هذه التدابير لازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التي تؤثر على العقل " كما تنص المادة ۱۱۱ منها على أنَّ " حق المطاردة الحثيثة .. يجيز القيام بمطاردة سفينة أجنبية مطاردة حثيثة عندما يكون لدى السلطات المختصة للدولة الساحلية أسباب وجيهة للاعتقاد بأنَّ السفينة انتهكت أنظمة تلك الدولة ، ويجب أن تبدأ هذه المطاردة عندما تكون السفينة الأجنبية أو أحد زوارقها داخل المياه الداخلية أو المياه الأرخبيلية أو البحر الاقليمي أو المنطقة المتاخمة للدولة القائمة بالمطاردة ، ولا يجوز مواصلة المطاردة خارج البحر الأقليمي أو الـمنطقـة المتاخمة إلا إذا كانت المطاردة لم تنقطع " . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيساً على أنَّ الضبط جري والسفينة خارج المياه الإقليمية المصرية واطرحه برد سائغ وصحيح في القانون بعدمـا استخلص من وقائع الدعوى وأقوال الشهود أنَّ ضبط العائمة قد تمَّ إثر مطاردة حثيثة من داخل المياه الإقليمية على بعد إحدى عشر ميلاً بحرياً من الشواطئ المصرية والتي تمَّ مواصلاتها دون انقطاع حتى تمَّ الضبط على بعد أربعة وسبعين ميلاً بحرياً من الشواطئ المصرية ، فإنَّ ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع تقديرهـا دون معقب عليها من محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182 لسنة 1966 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة ، وكان الحكم قد عرض لما أشار إليه الطاعنون في شأن إعفائهم من العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 48 سالفة الذكر وردَّ عليه من أنَّ ما ذكره الطاعنون ليس من شأنه التوصل إلى ضبط جناة آخرين ، فضلاً عن أنَّ ذلك كان بعد ضبط الجريمة وضبطهم حال حيازتهم للمواد المخدرة المضبوطة التي جلبوهـا لترويجها داخل البلاد ، ومن ثمَّ فلا يكون ثمَّة محل لتعييـب الحكم في هذا الصدد . لمَّا كان ذلك ، وكانت المحكمة غير مكلَّفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره ، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على أنَّ الطاعنين كانوا على علم بأنَّ المركب يحوي المخدر المجلوب داخل الحقائب المضبوطة ، فإنَّ الحكم يكون قد ردَّ على دفاعهم بانتفاء هذا العلم بما يُدحضه . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأنَّ ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة ، ولا حرج على المحكمة في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها ، وكـان مـا ساقه الـحكم تدليلاً على تـوافر علم الطاعنين بكنه المواد المخدرة المضبوطة کافياً وسائغاً في إثبات هذا العلم ، فإنَّ منعاهم في هذا الشأن يكون غير قویم . لمَّا كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات وكفاية ما ورد بها من معلومات وصدَّقت من أجراها فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، وكان خلو التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعنون بأسباب طعنهم لا يقطع في حد ذاته بعدم جدية التحريات ، كما لا يعيب الإجراءات أن تبقي شخصية المرشد الذي اختاره رجل الضبط القضائي لمعاونته في مهنته غيـر معروفـة فإنَّ النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، وإذا كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنَّ الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بثمَّة بطلان بتحقيقات النيابة بشأن عدم حضور محام أثنـاء إجراءات التحقيق ، كما لم يدفع أىٍ منهم بعدم حضور محام أثناء إجراء المعاينة فليس لهم أن ينعوا على المحكمة عدم ردَّهـا على دفاع لم يُثر أمامها ولا يُقبل منهم الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة ، كما أنَّ المحكمة لم تبنْ قضاءهـا بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من المعاينة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز أدلة الثبوت التي أوردتها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنَّ الطاعنين اقتصروا على القول بقصور تحقيقات النيابة العامة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصدهم منها ، ودون أن يطلبوا إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإنَّ النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قویم . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القانون لا يمنع من أن يتولى محامٍ واحد واجـب الدفاع عن متهمين مـتعدييـن في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقیقی بین مصالحهم ، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أنَّ الطاعنين جميعاً ارتكبوا جريمة جلب المواد المخدرة والاتجار فيها، وكان القضاء بإدانة أحدهم كما يُستفاد من الحكم لا يترتب عليه القضاء ببراءة أحد الباقين وهو مناط التعارض الحقيقي المُخل بحق الدفاع ، وإذ كان المتهمون أثناء المحاكمة لم يتبادلوا الاتهام والتـزموا جانب الإنكار ، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد لكل منهم محامٍ خاص يتولى الدفاع عنـه أساسـه الواقع ولا يبنى على ما كان بوسع كلٍ منهم أن يُبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبـده بالفعل ، فإنَّ مصلحة كلٍ من الطاعنين في الدفاع لا تكون متعارضة ويكون منعاهم على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكـان مـا يثيـره الـطاعن الأول من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على ارتكابه جريمتي حيازة أجهزة اتصالات لاسلكية دون تصريح واستخدم وسيلة غير مشروعة لإجراء اتصالات لا جدوى منه ما دامت المحكمة قد طبَّقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة جـلب المواد المخدرة التي أثبتها في حقه . لمَّـا كان ذلك ، وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبـغير مقابل وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نصَّ القانون على غير ذلك ، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل ، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفرَّ من اتخاذه في مواجهة الكافة ، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لا توجب سوی القضاء بمصادرة المواد المخدرة والنباتات والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد اُستخدمت في ارتكاب الجريمة ، فإنَّ المحكمة إذ لم تقض بمصادرة النقود المضبوطة وجهازي اللاب والتابلت والتي لا تعد حيازتها جريمة في حد ذاتها لا تكون قد جانبت التطبيق القانوني الصحيح ما دامت واقعة الدعوى كما أوردها الحكم قد خلت من وجود صلة بين تلك الأشياء والجريمة التى دين الطاعن بها ، كما أنه من المقرر أنَّ المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لعدم قضائه بمصادرة المبلغ النقدي وجهازي اللاب توب والتابلت الذي شهد ضابط الواقعة بعثوره عليهم مع الطاعنين ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في شأن ذلك يكون ولا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه لأنه خارج عن موضوع استـدلاله ، وكان ما وقع من خطأ في ديباجة الحكم المطعون فيه بشأن تقديمه قضـاة الحكم بلقب [ مستشار ] بدلاً من [ قاضي ] لا يعدو أن يكون خطأً مادياً لا أثر له في النتيجة التى انتهى إليها ، هذا فضلاً عن أنَّ المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن استبدال كلمة قاض بكلمة مستشار أينما وُجدت لم يرتب البطلان جزاء مخالفتها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صحيح . لمَّا كان ذلك ، وكان البيـن من محضر جلسة المحاكمة أنَّ الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة ندب خبير بحري ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودهـا عن القيام بإجراء لم يطلبه أىٍّ منهم ، ولا يُقبل منهم إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، كمـا أنَّ طلب الاستعلام من هيئة السلامة البحرية لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة بل قصد به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم بإجابته ، فإنَّ النعي برمَّته في هذا الوجه يكون على غير أساس . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحةً أو ضمناً ، وكان الثابت من محضر جلسـة .... أنَّ المدافع عن الطاعنين استغنى صراحةً عن سماع شهود الإثبات اكتفـاءً بمناقشة أقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها ، فإنَّ دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة ولا ينال من سلامة إجراءات المحاكمة ما أمرت به المحكمة من حبس الطاعنين احتياطياً على ذمة الدعوى ، فإنَّ ذلك منها كان استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية ولم يكن من شأنه أن يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل الدعوى لسماع الشهود ، أما وهو لم يفعل بعلَّة غير مقبولة خشيته أن يظل موكله محبوساً فإنه ليس له من بعد أن ينعی على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع ويضحى النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليهم من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانـه ، ومن ثمَّ فإنَّ ما يُثار في هذا الشأن لا يصح أن ينبني عليـه وجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق