جلسة 17 من مارس سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، عمر السعيد غانم، سامح سمير عامر ومحمد إبراهيم الشباسي "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(54)
الطعنان رقما 23678 لسنة 89 القضائية، 498 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب الجديدة " .
خلو الأوراق من سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بالتفات الحكم عن إعمال نص م 70/أ من ق 159 لسنة 1981 والذي بموجبه يحق له الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية لتعديل النظام الأساسي للشركة لاتباع التصويت التراكمي طبقًا للأسس القانونية التي أقرتها هيئة الرقابة المالية في انتخابات مجلس إدارة جديد . اعتباره سببًا جديدًا . أثره . عدم قبوله .
(2) نقض " أسباب الطعن بالنقض : بيان أسباب الطعن وتقديم الدليل عليها " .
وجوب تقديم الخصوم الدليل على أوجه الطعن في الطعن بالنقض في المواعيد المقررة قانونًا . تخلفهم عن ذلك . طعن مفتقر إلى دليله . مثال .
(3) قانون " تفسير القانون " .
وضوح النص وضوحًا قاطع الدلالة على المراد منه . لا يجوز الخروج عليه أو تأويله استهداءً بالمراحل التشريعية التي سبقته أو الحكمة التي أملته .
(5،4) شركات " شركات المساهمة : مجلس الإدارة : انتخاب مجلس الإدارة بالتصويت التراكمي " .
(4) استحداث المشرع لمسألة التصويت التراكمي لانتخابات أعضاء مجلس الإدارة بالشركات المساهمة بإضافة الفقرة الثانية إلى المادة (73) من القانون 159 لسنة 1981 . مؤداه . جواز النص عليها في النظام الأساسي للشركة . مقتضاه . منح كل شريك مساهم حق التصويت بعدد من الأصوات يساوي عدد الأسهم التي يملكها لصالح مرشح واحد أو أكثر سواءً بالتساوي أو بنسب مختلفة . شرطه . عدم تجاوز عدد الأصوات حصة الشريك المساهم الإجمالية في الشركة وإثبات ذلك في محضر الجمعية . وضوح النص القانوني في جواز النص على هذه المسألة بالنظام الأساسي للشركة . أثره . عدم جواز الخروج عليه .
(5) التزام الحكم المطعون فيه بأحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية من أن إدخال نظام التصويت التراكمي في انتخابات أعضاء مجلس الإدارة في النظام الأساسي للشركة أمر جوازي لجمعيتها العمومية واعتداده بقرار الجمعية العمومية للشركة الصادر في هذا الصدد . صحيح . وقف قرارات الجمعية العمومية العادية للشركة من قِبل الهيئة العامة للرقابة المالية بشأن تشكيل مجلس الإدارة لدورة جديدة لعدم إدراج هذا التصويت بالنظام الأساسي لها طبقًا لنص المادة 10 من قانون سوق المال . لا أثر له . علة ذلك . صدور ذلك القرار بناءً على تعليمات وقرارات ومخالفته لما هو مستقر عليه من أن التعليمات لا يصح الاعتداد بها في مقام تطبيق القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إذ كانت الأوراق قد خلت من سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بما جاء بهذا السبب (التفات الحكم عن إعمال نص المادة 70/أ من القانون رقم 159 لسنة 1981، والذي بموجبه يحق له الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية لتعديل النظام الأساسي للشركة لاتباع التصويت التراكمي طبقًا للأسس القانونية التي أقرتها هيئة الرقابة المالية في انتخابات مجلس إدارة جديد)، ومن ثم يكون سببًا جديدًا، وبالتالي غير مقبول.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن المشرع قد عدّ من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإلا كان طعنهم عاريًا عن دليله. وكان الطاعن عن نفسه وبصفته لم يقدم رفق صحيفة طعنه صورة رسمية مبلغة إلى محكمة النقض من محضر اجتماع الجمعية العمومية المؤرخ 7/8/2014 والمتضمن قرار عزله وما إذا كان عزله من مجلس الإدارة لوجود مخالفات أم أنه تم استبداله وتنحيته دون ثمة مخالفات وفقًا للسلطة المخولة لمجلس الإدارة للتدليل على صحة ما يتمسك به، فإن النعي يكون عاريًا عن دليله، ومن ثم غير مقبول.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه متى كان النص واضحًا جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه، فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداءً بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالحكمة التي أملته وقصد الشارع منه أو ما تضمنته المذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص؛ ذلك أن محل البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه.
4- إذ كان المشرع قد استحدث مسألة التصويت التراكمي لانتخابات أعضاء مجلس الإدارة من خلال إضافته فقرة ثانية إلى المادة (73) من القانون 159 لسنة 1981، وذلك بموجب القانون رقم (4) لسنه 2018 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الشركات، نصت على أنه "ويجوز أن ينص في النظام الأساسي للشركة على التصويت التراكمي في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، وذلك بمنح كل مساهم عددًا من الأصوات مساويًا لعدد الأسهم التي يملكها، ويجوز للمساهم أن يمنح كل الأصوات التي يملكها لمرشح واحد أو أكثر من مرشح، وذلك دون التقيد بحكم الفقرة الخامسة من المادة (67) من هذا القانون، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية"، وفي هذا الخصوص بینت اللائحة التنفيذية لهذا القانون ضوابط وأحكام التصويت التراكمي في الفقرة الأولى من المادة (240) مكررًا التي جرى نصها على أنه "يجوز أن ينص في النظام الأساسي للشركة على التصويت التراكمي في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، وذلك بمنح كل مساهم عددًا من الأصوات مساويًا لعدد الأسهم التي يملكها، ويجوز للمساهم أن يمنح كل الأصوات التي يملكها لمرشح واحد أو أكثر من مرشح، كما يجوز أن تختلف نسبة الأسهم التي يخصصها المساهم لكل مرشح على ألا تتجاوز في جميع الأحوال حصته الإجمالية، على أن يلتزم من يقوم بفرز الأصوات بإثبات ذلك ضمن محضر الجمعية، وذلك استثناءً من حكم الفقرة الخامسة من المادة (67) من القانون"، مما مؤداه أن المشرع أجاز لشركات المساهمة أن تنص في نظامها الأساسي على أن يكون انتخاب أعضاء مجلس إدارتها بنظام التصويت التراكمي، الذي لا يقتصر فيه حق الشريك المساهم على التصويت لمرة واحدة في انتخاب أعضاء مجلس إدارة الشركة التي يساهم فيها، وإنما منح كل شريكٍ مساهمٍ حق التصويت بعدد من الأصوات يساوي عدد الأسهم التي يملكها، وأتاح له التصويت بهذا العدد لصالح مرشحٍ واحدٍ أو لأكثر من مرشحٍ، يستوي في ذلك قسمتها على المرشحين الذين تم التصويت لصالحهم بالتساوي أو بنسب مختلفة، شريطة ألا يتجاوز عدد الأصوات التي يدلى بها الشريك الناخب حصته الإجمالية في الشركة، وأنْ يثبت ذلك في محضر الجمعية من قِبل القائم بفرز الأصوات، وإذ جاء النص في هذا الصدد واضحًا صريحًا جليًا في الدلالة على المراد منه في أن مسألة اتخاذ إجراءات التصويت التراكمي لانتخابات أعضاء مجلس الإدارة لا تخرج عن كونها مسألة جوازية إذا تم إدراجه في النظام الأساسي للشركة، ومن ثم فلا محل للخروج عليه.
5- إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى أن إدخال نظام التصويت التراكمي في انتخابات أعضاء مجلس الإدارة في النظام الأساسي للشركة أمر جوازي للجمعية العمومية، لاسيما وأن الجمعية العمومية المنعقدة بتاريخ 28/11/2018 رفضت إدراج نظام التصويت التراكمي بالأغلبية المطلقة، ولا ينال من ذلك أن الهيئة العامة للرقابة المالية قد أصدرت قرارها بتاريخ 21/11/2019 بوقف قرارات الجمعية العمومية العادية للشركة بشأن تشكيل مجلس الإدارة لدورة جديدة؛ لعدم إدراج هذا التصويت بالنظام الأساسي لها طبقًا لنص المادة 10 من قانون سوق المال؛ لصدور ذلك القرار بناءً على تعلیمات وقرارات، وهي لا تعلو على التشريعات، فلا يجوز الاستناد إلى سلطة أدنى لإلغاء سلطة أعلى متمثلة في القانون 159 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية، لما هو مستقر -في قضاء هذه المحكمة- من أن التعليمات لا يصح الاعتداد بها في مقام تطبيق القانون، فإن الحكم المطعون فيه يكون طبق صحیح القانون، ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، ورأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد ضم الطعنين للارتباط والمداولة.
حيث إن الطعنينِ استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعنين -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن عن نفسه وبصفته في الطعن رقم 23678 لسنة 89 ق أقام ضد المطعون ضدهم بصفاتهم والطاعن في الطعن رقم 498 لسنه 90 ق الدعوى رقم ... لسنة 11 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم أولًا: بصفة مستعجلة بتعيين حارس قضائي على الشركة المطعون ضدها الأولى (شركة ...)، ثانيًا: ببطلان إجراءات انتخاب مجلس الإدارة التي تمت يوم 28/11/2018 وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بإجراء انتخابات جديدة باتباع قوائم التصويت التراكمي وبعدم استبعاد الطاعن عن نفسه وبصفته من الترشيح وببطلان الجمعية العمومية العادية وغير العادية بتاريخ 10/1/2019 وكل ما صدر عنهما من قرارات وعدم الاعتداد بها وبإلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما باتخاذ اللازم من الإجراءات للمحافظة على حقوق المساهمين كل في حدود اختصاصه، وبيانًا لذلك قال: إنه يمتلك أسهمًا في الشركة المطعون ضدها الأولى تقدر 17%، والتي دعت لانعقاد الجمعية العمومية العادية بتاريخ 28/11/2018 للنظر في إجراءات تشكيل مجلس إدارة لدورة جديدة، وبتاريخ 8/11/2018 أنذر الطاعن عن نفسه وبصفته الشركة المطعون ضدها الأولى، وأعلن المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما في الطعن الأول بصورة الإنذار للتنبيه على اتباع قرارات الهيئة العامة للرقابة المالية أرقام 92، 154 لسنة 2018 والكتاب الدوري رقم 7 لسنة 2018 بتعديل النظام الأساسي للشركات المقيدة ببورصة الأوراق المالية القائمة وقت العمل بالقرار رقم 92 الصادر بتاريخ 25/6/2018 بإدخال نظام التصويت التراكمي والتمثيل النسبي لرأس المال قَبل إجراء أية انتخابات لمجلس الإدارة، وطلب إرجاء انتخابات أعضاء مجلس الإدارة لحين عقد جمعية عامة غير عادية لتعديل النظام الأساسي، إلا أن طلبه قُوبل بالرفض، وانعقدت الجمعية العامة العادية بتاريخ 28/11/2018 وانتهت إلى رفض نظام التصويت التراكمي، واستبعاد ترشيح الطاعن عن نفسه وبصفته لمجلس الإدارة؛ لسبق عزله من مجلس الإدارة وعدم مضي خمس سنوات على تاريخ عزله، وإذ اعترض الطاعن عن نفسه وبصفته على تلك القرارات لمخالفتها القانون، وتقدم بطلب إلى الهيئة المطعون ضدها الثالثة بإيقاف قرارات الجمعية العامة العادية المنعقدة بتاريخ 28/11/2018، والتي أبدت ملاحظاتها على محضر الجمعية بشأن استبعاد الطاعن عن نفسه وبصفته من قائمة المرشحين لعضوية مجلس الإدارة، فدعا مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الأولى (شرکة ...) لجمعية عامة عادية بتاريخ 10/1/2019، وجمعية عامة غير عادية بذات التاريخ، وانتهت إلى رفض إدخال التصويت التراكمي والتمثيل النسبي لرأس المال بالنظام الأساسي، فأقام دعواه، وبجلسة 12/11/2019 قضت المحكمة بقبول تدخل الشركة المطعون ضدها الرابعة (الطاعنة في الطعن رقم 498 لسنة 90 ق) خصمًا مدخلًا انضماميًّا للطاعن عن نفسه وبصفته وفي موضوع الدعوى برفضها. طعن الطاعن عن نفسه وبصفته في هذا الحكم بطريق النقض برقم 23678 لسنة 89 ق، كما طعنت شركة ... عليه برقم 498 لسنة 90، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة، قررت ضم الطعن الثاني للأول، وحددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن رقم 23678 لسنة 89 ق أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفته؛ ذلك أنه التفت عن إعمال نص المادة 70/أ من القانون رقم 159 لسنة 1981، والذي بموجبه يحق له الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية لتعديل النظام الأساسي للشركة لاتباع التصويت التراكمي طبقًا للأسس القانونية التي أقرتها هيئة الرقابة المالية في انتخابات مجلس إدارة جديد، ممَّا يعيب الحكم.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أن الأوراق خلت من سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بما جاء بهذا السبب، ومن ثم يكون سببًا جديدًا، وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعی بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه لم يتم عزله من مجلس الإدارة عملًا بالمادة 160 من القانون 159 لسنة 1981 لعدم ثبوت أية مخالفات تستوجب عزله، وإنما تم استبعاده من الترشح استنادًا إلى المادة 77 من القانون المشار إليه، والتي لم تشترط مرور خمس سنوات لإعادة ترشحه، ودلل على ذلك برفض الهيئة العامة للاستثمار اعتماد هذا الاجتماع ورفض تظلم الشركة المطعون ضدها الأولى، وصدور قرار من المطعون ضده الأول بصفته رقم 158 لسنة 2019 بتاريخ 21/11/2019 طبقًا لنص المادة 10 من قانون رأس المال بناءً على طلبه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلبه بإلغاء قرار الجمعية العمومية للشركة المطعون ضدها الأولى التي انعقدت بتاريخ 28/11/2018 في شأن استبعاده من الترشح لمجلس الإدارة تأسيسًا على سبق عزله ولعدم مرور خمس سنوات على تاريخ عزله الحاصل في 7/8/2014، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المشرع قد عدّ من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإلا كان طعنهم عاريًا عن دليله. وكان الطاعن عن نفسه وبصفته لم يقدم رفق صحيفة طعنه صورة رسمية مبلغة إلى محكمة النقض من محضر اجتماع الجمعية العمومية المؤرخ 7/8/2014 والمتضمن قرار عزله، وما إذا كان عزله من مجلس الإدارة لوجود مخالفات أم أنه تم استبداله وتنحيته دون ثمة مخالفات وفقًا للسلطة المخولة لمجلس الإدارة للتدليل على صحة ما يتمسك به، فإن النعي يكون عاريًا عن دليله، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن عن نفسه وبصفته ينعى بالسبب الثالث، وكذلك ينعى الطاعن بصفته في الطعن رقم 498 لسنة 90 ق بجميع أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا بدفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى مؤداه أن إعمال نظام التصويت التراكمي والتمثيل النسبي لرأس المال طبقًا للقواعد التي قررتها الهيئة العامة للرقابة المالية في إطار قواعد القيد واستمرار القيد والشطب، والتي ألزمت بها كافة الشركات التي لها أوراق مقيدة ببورصة الأوراق المالية متعلقة بالنظام العام بما للهيئة من سلطة ملزمة على تلك الشركات؛ باعتبارها السلطة العامة المنوط بها تنظيم هذا السوق، وهو ما حدا بها إلى إصدار القرار رقم 158 لسنة 2019 بتاريخ 21/11/2019 بوقف قرار الجمعية العامة العادية للشركة المطعون ضدها الأولى المنعقدة بتاريخ 28/11/2018 والخاص بتشكيل مجلس الإدارة للشركة لدورة جديدة لعدم إدراج هذا النظام في النظام الأساسي للشركة طبقًا لنص المادة 10 من قانون رأس المال، فضلًا عن أن عدم إعمال ذلك يؤدي إلى حرمان الطاعن في الطعن الأول من الترشح لعضوية مجلس الإدارة؛ باعتباره شريكًا يملك حوالي 17.5% من رأس المال، بما يرتب له حقًا في التصويت التراكمي والتمثيل النسبي لرأس المال الذي شُرع لحماية الأقليات في الشركة المساهمة لضمان الحد الأدنى من التمثيل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض هذا الدفاع بأسباب غير متساندة، واعتبر قاعدة التصويت التراكمي المشار إليها قاعدة جوازية التطبيق للشركات، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سدید؛ ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه متى كان النص واضحًا جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه، فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداءً بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالحكمة التي أملته، وقصد الشارع منه، أو ما تضمنته المذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص؛ ذلك أن محل البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه. لمَّا كان ذلك، وكان المشرع قد استحدث مسألة التصويت التراكمي لانتخابات أعضاء مجلس الإدارة من خلال إضافته فقرة ثانية إلى المادة (73) من القانون 159 لسنة 1981، وذلك بموجب القانون رقم (4) لسنة 2018 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الشركات نصت على أنه "ويجوز أن ينص في النظام الأساسي للشركة على التصويت التراكمي في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، وذلك بمنح كل مساهم عددًا من الأصوات مساويًا لعدد الأسهم التي يملكها، ويجوز للمساهم أن يمنح كل الأصوات التي يملكها لمرشح واحد أو أكثر من مرشح، وذلك دون التقيد بحكم الفقرة الخامسة من المادة (67) من هذا القانون، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية"، وفي هذا الخصوص بینت اللائحة التنفيذية لهذا القانون ضوابط وأحكام التصويت التراكمي في الفقرة الأولى من المادة (240) مكررًا التي جرى نصها على أنه "يجوز أن ينص في النظام الأساسي للشركة على التصويت التراكمي في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، وذلك بمنح كل مساهم عددًا من الأصوات مساويًا لعدد الأسهم التي يملكها، ويجوز للمساهم أن يمنح كل الأصوات التي يملكها لمرشح واحد أو أكثر من مرشح، كما يجوز أن تختلف نسبة الأسهم التي يخصصها المساهم لكل مرشح، على ألا تتجاوز في جميع الأحوال حصته الإجمالية، على أن يلتزم من يقوم بفرز الأصوات بإثبات ذلك ضمن محضر الجمعية، وذلك استثناءً من حكم الفقرة الخامسة من المادة (67) من القانون" مما مؤداه أن المشرع أجاز لشركات المساهمة أن تنص في نظامها الأساسي على أن يكون انتخاب أعضاء مجلس إدارتها بنظام التصويت التراكمي، الذي لا يقتصر فيه حق الشريك المساهم على التصويت لمرة واحدة في انتخاب أعضاء مجلس إدارة الشركة التي يساهم فيها، وإنما منح كل شريكٍ مساهمٍ حق التصويت بعددٍ من الأصوات يساوي عدد الأسهم التي يملكها، وأتاح له التصويت بهذا العدد لصالح مرشحٍ واحدٍ أو لأكثر من مرشحٍ، يستوي في ذلك قسمتها على المرشحين الذين تم التصويت لصالحهم بالتساوي أو بنسب مختلفة، شريطة ألا يتجاوز عدد الأصوات التي يدلي بها الشريك الناخب حصتَه الإجمالية في الشركة، وأن يثبت ذلك في محضر الجمعية من قِبل القائم بفرز الأصوات، وإذ جاء النص في هذا الصدد واضحًا صريحًا جليًا في الدلالة على المراد منه في أن مسألة اتخاذ إجراءات التصويت التراكمي لانتخابات أعضاء مجلس الادارة لا تخرج عن كونها مسألة جوازية إذا تم إدراجه في النظام الأساسي للشركة، ومن ثم فلا محل للخروج عليه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وخلص إلى أن إدخال نظام التصويت التراكمي في انتخابات أعضاء مجلس الإدارة في النظام الأساسي للشركة أمر جوازي للجمعية العمومية، لاسيما وأن الجمعية العمومية المنعقدة بتاريخ 28/11/2018 رفضت إدراج نظام التصويت التراكمي بالأغلبية المطلقة، ولا ينال من ذلك أن الهيئة العامة للرقابة المالية قد أصدرت قرارها بتاريخ 21/11/2019 بوقف قرارات الجمعية العمومية العادية للشركة بشأن تشكيل مجلس الإدارة لدورة جديدة؛ لعدم إدراج هذا التصويت بالنظام الأساسي لها طبقًا لنص المادة 10 من قانون سوق المال؛ لصدور ذلك القرار بناءً على تعليمات وقرارات، وهي لا تعلو على التشريعات، فلا يجوز الاستناد إلى سلطة أدنى لإلغاء سلطة أعلى متمثلة في القانون 59 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية؛ لما هو مستقر -في قضاء هذه المحكمة- من أن التعليمات لا يصح الاعتداد بها في مقام تطبيق القانون، فإن الحكم المطعون فيه يكون طبق صحیح القانون، ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ولِمَا تقدم، يتعين رفض الطعنين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق