جلسة 9 من فبراير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.
----------------
(82)
الطعن رقم 973 لسنة 55 القضائية
(1) عقد "أثر العقد". بطلان. تزوير.
قاعدة العقد شريعة المتعاقدين. م 147 مدني. مؤداها. عدم استقلال أي من طرفي العقد بنقضه أو تعديله. مخالفة ذلك. أثره. عدم الاعتداد بهذا التعديل. ثبوت تزوير توقيع أحد المتعاقدين على العقد. أثره. بطلان الاتفاق برمته سواء بالنسبة له أو بالنسبة للمتعاقد الآخر الذي كان توقيعه صحيحاً.
(2) حكم "تسبيب الحكم: عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً". بطلان "بطلان الأحكام". نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة. لا يعيبه مجرد القصور في أسبابه القانونية لمحكمة النقض استكمالها.
(3) إثبات "الإقرار القضائي".
الإقرار القضائي. ماهيته. ما يسلم به الخصم اضطراراً أو احتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة في إجابة خصمه إلى طلباته لا يعد إقراراً. علة ذلك.
(4) إثبات "شهادة الشهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أقوال الشهود. عدم تقيدها برأي الشاهد تعليقاً على ما رآه أو سمعه. متى كان استخلاصها سائغاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 3214 لسنة 76 مدني أمام محكمة الزقازيق الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بفرض الحراسة القضائية على شركة....... وشركاه وتصفيتها وتعيين مصف لها، وقالا بياناً للدعوى أنه بموجب اتفاق مؤرخ أول ديسمبر سنة 1971 مقيد بالسجل التجاري برقم 940 لسنة 1971 عدل عقد شركة التضامن المحرر في أول يوليو سنة 1971 بين المطعون ضدها الأولى وزوجها........ والمقيد برقم 26266 شرقية بإدخال الطاعنين شريكين فيها وتعديل رأس مال الشركة إلى مبلغ ثلاثمائة جنيه وتغيير اسمها التجاري إلى الاسم آنف البيان، وإذ أنكرت المطعون ضدها الأولى حقهما في الشركة، بعد وفاة زوجها فقد أقاما الدعوى ليحكم لهما بمطلبهما فيها، ومحكمة أول درجة ندبت خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27 من مارس سنة 1979 بانقضاء الشركة وتصفيتها وتعيين مصف لها. استأنفت الطاعنة عن نفسها وبصفتها هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 284 لسنة 22 "مأمورية الزقازيق" وادعت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بتزوير توقيعها الوارد على اتفاق تعديل الشركة المؤرخ أول ديسمبر سنة 1971 وبتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1983 قضت محكمة الاستئناف برد وبطلان هذا الاتفاق، ثم أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام شركة واقع تجارية بين الطاعنين والمطعون ضدها الأولى ومورثها، وفي 23 من فبراير سنة 1985 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أنها تمسكا أمام محكمة الاستئناف بصحة اتفاق تعديل عقد الشركة بالنسبة لباقي الموقعين عليه بعد أن تبين تزوير التوقيع المنسوب للمطعون ضدها الأولى مع نفاذ هذا الاتفاق في حق الأخيرة باعتبارها ضمن ورثة زوجها الذي وقع عليه، وصلاحيته لإثبات قيام هذه الشركة دون حاجة إلى دليل آخر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برد وبطلان اتفاق التعديل برمته دون أن يعرض لهذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من الأصول المقررة وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، ومن ثم فلا يعتد بتعديل نصوص عقد يستقل أحد المتعاقدين باستحداثه بإرادته المنفردة، وينبني على ذلك أنه إذا ما حرر اتفاق تناول نصوص العقد بالتعديل وحمل المحرر توقيع المتعاقدين معاً فإن ثبوت تزوير توقيع أحدهما من شأنه أن يبطل الاتفاق برمته ولا ينتج عما أثبت به من حصول تعديل للعقد ثمة آثار قانونية سواء بالنسبة للمتعاقد الذي ثبت تزوير توقيعه أو المتعاقد الآخر الذي كان توقيعه صحيحاً، وإذ كان الثابت من عقد شركة التضامن المؤرخ أول يوليو سنة 1970 أنه انعقد بين المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبين زوجها المرحوم........ وخلت نصوص العقد مما يبيح لأحد الشريكين أن ينفرد بتعديلها أو إدخال شركاء جدد، وكان البين من الأوراق أن الطاعنين أقاما الدعوى بتصفية تلك الشركة على أساس من كونهما قد أصبحا شريكين بها بمقتضى اتفاق تعديل عقدها المحرر في أول ديسمبر سنة 1971 فإن ثبوت تزوير توقيع المطعون ضدها الأولى بهذا الاتفاق يترتب عليه بطلانه ولا يقتصر أثر البطلان بالنسبة لها وحدها بل يمتد إلى محرر الاتفاق بأكمله حتى ولو كان توقيع زوجها الشريك الآخر صحيحاً إذ انفراده بإحداث التعديل لا يرتب أثراً قانونياً ينسحب إلى نصوص العقد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه قصوره في الرد على ما تمسك به الطاعنان في دفاعهما من أن تزوير توقيع المطعون ضدها الأولى لا يؤثر في سلامة إحداث اتفاق التعديل لآثاره بالنسبة لزوجها الشريك الآخر الذي لم تطعن على توقيعه بالتزوير، إذ بحسب محكمة الموضوع أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكمالها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم لم يعرض لبحث دلالة الإقرار القضائي الوارد بصحيفة استئناف المطعون ضدها الأولى للحكم الصادر من محكمة أول درجة المتضمن إقرارها بدخولهما شريكين في الشركة موضوع النزاع وهو ما تمسكا به لإثبات قيام شركة واقع بينهما وبين المطعون ضدها الأولى ومورثها وتأيد بما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وما تضمنته الشهادتان الصادرتان من مصلحة الضرائب والتأمينات الاجتماعية رغم أنه دفاع جوهري لو عرضت له المحكمة لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه وإن كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وتحسم النزاع في شأنها، وإن الإقرار القضائي يجوز أن يرد في صحيفة الدعوى التي يرفعها المقر، إلا أن ما يسلم به الخصم اضطراراً أو احتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة في إجابة خصمه إلى بعض طلباته لا يعد إقراراً بالمعنى السابق ذلك أن هذا التسليم لا يعتبر اعترافاً خالصاً بوجود الحق الذي يسلم به تسليماً جدلياً في ذمته، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى تمسكت في صحيفة استئنافها ببطلان اتفاق تعديل عقد الشركة لتزوير توقيعها عليه وأن هذا الاتفاق لا ينتج أثراً قانونياً وطلبت الحكم برده وبطلانه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تصفية الشركة وعرضت في أسباب الاستئناف لبيان أوجه الخطأ التي تردى فيها الحكم المستأنف ثم أوردت في السبب الأخير منها خطأه بتصفية الشركة بموجوداتها المادية والمعنوية مع أنه كان ينبغي قصرها على البضائع دون المحلين المملوكين للمورث، فإن ذلك منها لا يعد بمثابة إقرار بصحة اتفاق تعديل عقد الشركة أو قبول الطاعنين شريكين بها بل هو تبيان لمخالفة ترتبت على منطق الحكم الخاطئ في القضاء بالتصفية، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت دون تسبيب عن دفاع الطاعنين في القول بأن صحيفة الاستئناف تتضمن إقراراً بصحة اتفاق تعديل الشركة أو إقراراً باعتبارهما شريكين بها بحسبانه دفاعاً ظاهر الفساد لا يستأهل رداً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول من الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم خرج عند نفيه قيام شركة واقع بينهما وبين المطعون ضدها الأولى ومورثها بأقوال شاهدهما الأول إلى ما لا يؤدي إليه مدلول شهادته، إذ استخلص منها صورية هذه الشركة رغم أن ما ذكره هذا الشاهد من أقوال لا يستنتج منها تلك النتيجة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاطمئنان إلى أقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق أو عدم الاطمئنان إليها مرده إلى وجدان القاضي وشعوره، وهو غير ملزم بإبداء الأسباب التي تبرره ولا معقب عليه في ذلك، وأن القاضي غير مقيد بالرأي الذي يبديه الشاهد تعليقاً على ما رآه أو سمعه، فله أن يأخذ ببعض أقواله بما يرتاح إليه ويثق به دون بعضها الآخر، بل أن له أن يأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحتمله ما دام المعنى الذي أخذ به لا يتجافى مع عبارتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر انتفاء وجود شركة واقع بين الطاعنين والمطعون ضدها الأولى وزوجها المتوفى بما أورده بأن "المحكمة لا تطمئن إلى شهادة شاهدي الإثبات لأن الأول صرح في شهادته بقيام صورية إذا قرر بأن المستأنفة والمستأنف عليها الثانية كانتا شريكتين صوريتين بمعنى أن هذه الشركة لم تكن شركة حقيقية، كما أن أقوالهما تتنافى مع أوراق الدعوى إذ أن عقد إيجار محل الجزارة ومحل البقالة والمخزن التاسع لهما باسم مورث المستأنفة وحده فضلاً عن أن مؤجر محل الجزارة نفى قيام شركة بين المستأجر مورث المستأنفة وبين المستأنف عليهما وتطمئن المحكمة إلى أقوال شاهدي النفي لمطابقتها واقع الأوراق والمستندات ومن ثم يكون المستأنف عليهما قد عجزا عن إثبات قيام شركة تجارية بينهما من جهة ومن المستأنفة ومورثها من جهة أخرى". ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم من أقوال الشهود والقرائن التي ساقها من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها وكانت الأقوال التي أدلى بها الشاهد الأول من شاهدي الطاعنين تتفق مع مدلول ما نقله الحكم عنها من صورية أشخاص الشركة فيما صرح به من أن السيدتين الطاعنة الثانية والمطعون ضدها الأولى هما شريكتان صوريتان فإن النعي بهذا السبب ينحل إلى جدل في تقدير الأدلة في الدعوى تملكه محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق