جلسة 4 من أبريل سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
---------------
(62)
الطعن رقم 1759 لسنة 29 القضائية
رشوة.
إجرام الراشي. القصد الجنائي. نية شراء ذمة الموظف. ما لا ينفيها.
كون العمل المقصود بالرشوة يكون جريمة.
حكم.
بيانات التسبيب. بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
عدم تحديد القانون شكلاًًًًً خاصاًًًًً لهذا البيان. تفهم الواقعة من مجموع ما أورده الحكم عنها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض على أمباشيين مبلغاًًًًً على سبيل الرشوة ليستحضرا كمية من المواد المخدرة ويبلغا كذباًًًًً بضبطها في منزل ملازم أول طبيب........ أثناء اشتراكهما مع القوة التي تنتقل لتفتيش المنزل وذلك تأييداًًًًً للبلاغ المقدم منه ضد الطبيب باتهامه بالاتجار في المواد المخدرة ولكن المستخدمين العموميين لم يقبلا الرشوة منه، وكذلك أخبر كذباًًًًً ومع سوء القصد بأمر يستوجب معاقبة فاعله وذلك بأن قدم بلاغاًًًًً إلى المباحث الجنائية العسكرية بالبوليس الحربي ضد الملازم أول الطبيب..... ينسب إليه فيه أنه يرتكب جريمة الاتجار في المواد المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًً. قدمت نيابة أمن الدولة المتهم إلى المحكمة العسكرية العليا لمحاكمته بالمواد 109 مكرر، 110، 111، 303/ 1 و305 من قانون العقوبات وأحالت المحكمة العسكرية العليا المتهم إلى محكمة الجنايات تنفيذاًًًًً للقانون 270 لسنة 1956. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً بمواد الاتهام والمادة 32 عقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة 5 سنين وغرامة 500 جنيه والمصادرة فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض إلخ...
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد اكتفى بسرد الوقائع كما جاءت على لسان الشهود ثم عرض لبيان القصد الجنائي لدى الطاعن في جريمة البلاغ الكاذب دون غيره من أركانها وأوقع على الطاعن عقوبة الشروع في إعطاء الرشوة بوصفها الجريمة الأشد، دون أن يستظهر أركان جريمة الرشوة ومن بينها أن يكون العمل الذي كلف به الموظف الذي قدمت إليه الرشوة هو من اختصاص وظيفته وهو ما لا يمكن تصوره في واقعة الدعوى إذ كان المقصود من الرشوة أن يدس رجال البوليس مواد مخدرة في مخدع المبلغ ضده.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه أولاًًًًً - عرض رشوة على مستخدمين عموميين للإخلال بواجبات وظيفتيهما ولم تقبل منه بأن قدم إلى الامباشيين محمد شوقي إبراهيم وأحمد مدحت عبد الهادي مبلغ 30 جنيه على سبيل الرشوة ليحضرا كمية من المواد المخدرة ويبلغا كذباًًًًً بضبطها في منزل الملازم أول الدكتور....... أثناء اشتراكهما مع القوة التي ستنتقل لتفتيش المنزل وذلك تأييداً للبلاغ المقدم منه ضد الطبيب المذكور باتهامه بالاتجار في المواد المخدرة ولكن المستخدمين العموميين لم يقبلا الرشوة منه. ثانياًًًًً. أخبر كذباًًًًً ومع سوء القصد بأمر يستوجب معاقبة فاعليه وذلك بأن قدم بلاغاًًًًً إلى المباحث الجنائية العسكرية - البوليس الحربي - ضد الملازم أول طبيب....... نسب إليه فيه أنه يرتكب جريمة الاتجار في المواد المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًً. فقضت محكمة جنايات القاهرة بعد سماع الدعوى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه 500 جنيه والمصادرة عملاًًًًً بالمواد 109 مكرر و110 و303/ 1 و305 و32 من قانون العقوبات، وبين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله: "إن المتهم سمير خليل جرجس (الطاعن) كان يتردد على منزل المجني عليه...... بحكم صداقته له وقد تمكن المتهم من سرقة شيك من دفتر شيكات المجني عليه وزوره عليه بمبلغ 1750 جنيه وصرف قيمته من البنك فأبلغ المجني عليه عن هذه الواقعة التي ارتكبها المتهم وتولت النيابة التحقيق، وفي يوم 23/ 8/ 1955 وأثناء أن كان التحقيق بتزوير الشيك آخذاًًًًً مجراه أبلغ المتهم اليوزباشي....... بإدارة المباحث الجنائية (البوليس الحربي) أن الدكتور......... يتعاطى المخدرات ويتجر فيها ويدير مسكنه للدعارة وألعاب القمار وطلب منه أن يقوم بتفتيش مسكنه في ذلك اليوم ولكن الضابط أمهله حتى يتأكد من التحريات وقد كلف الباشجاويش زكريا إبراهيم والامباشي شوقي محمد إبراهيم والامباشي أحمد مدحت من قوة المباحث الجنائية بإجراء التحريات على أن يرشدهم المتهم إلى منزل الدكتور....... والأشخاص الذين يجالسونه وفي يوم 28/ 8/ 1955 حضر المتهم إلى إدارة البوليس الحربي وعرض على الامباشي شوقي محمد إبراهيم والامباشي أحمد مدحت عبد الهادي رشوة قدرها ثلاثون جنيهاًًًًً مقابل أن يدسا المخدرات في منزل الدكتور....... وقد وعدهما بأن يعطيهما خمسة جنيهات ليشتريا بها المواد المخدرة التي سيقومان بدسها ولما طلب منه شوقي محمد إبراهيم قيمة الرشوة وعده بإحضارها في اليوم التالي ونقلا هذا إلى الباشجاويش زكريا إبراهيم الذي نقله بدوره إلى اليوزباشي....... وحرر اليوزباشي محضراًًًًً بمضمون ما سبق وكلف رجال القوة بالتظاهر بقبول ما يعرضه عليهم المتهم، وفي يوم 31/ 8/ 1955 توجه المتهم إلى مكتب اليوزباشي محمد كامل حسن والباشجاويش زكريا إبراهيم محمد وسألهما عما إذا كان قد صدر إذن بالتفتيش وما إذا كان سيتم في نفس اليوم فأجابه بالإيجاب وسأل الأخير عن شوقي محمد إبراهيم فأخبره أنه بالدور الثالث بإدارة البوليس الحربي فصعد المتهم إليه ومعه الأومباشي أحمد مدحت عبد الهادي وكان شوقي محمد إبراهيم في عنبر النوم فأخرج المتهم حافظة من جيبه وأخرج منها ورقة من فئة العشرة جنيهات قدمها لشوقي محمد إبراهيم فطلب منه الباقي فكتب له شيكاًًًًً بمبلغ 25 جنيهاًًًًً على بنك القاهرة يصرف لحامله، وكان زكريا إبراهيم قد صعد إلى الدور الثالث وشاهد من فرجة الباب المتهم يجلس على السرير ويخرج العشرة جنيهات ويعطيها لشوقي ثم يكتب الشيك ويعطيه لشوقي الذي أمسك به هو ومدحت بالمتهم ودخل زكريا إبراهيم واقتاد الجميع إلى مكتب اليوزباشي محمد كامل حسن" وأورد الحكم - على صحة الواقعتين في حق الطاعن - أدلة مستمدة من أقوال الشهود اليوزباشي محمد كامل حسن وزكريا محمد وشوقي محمد إبراهيم وأحمد مدحت والدكتور جميل فايز وفوزي بساده ثم تعرض لدفاع الطاعن في قوله: "وحيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه وعلل إعطاء الورقة فئة العشرة جنيهات لشوقي محمد إبراهيم بأنه كان يقصد أن يدفع منها ثمن فنجان من القهوة وأنه كان يريد أن يشتري منها علبة سجاير كما علل تحرير الشيك وإعطائه لشوقي محمد بأنه كان يقترض نقوداًًًًً من أحد أقرباء شوقي فأعطاه الشيك المضبوط مقابل قيمة السلفة التي سيحضرها له شوقي من أحد أقاربه...... إلا أن المحكمة لا ترى التعويل على إنكار المتهم وأقواله هذه لما قام ضده من الأدلة لما تقدم به خاصة وقد وجد مع المتهم وقت ضبطه مبلغ اثني عشر قرشاًًًًً ونصف قرش وكذا علبة بها بعض سجاير فلا محل لإعطاء العشرة جنيهات. للشاهد شوقي محمد إبراهيم للغرض الذي قال عنه المتهم، كما أن من أشهدهما لم يؤيداه فيما أشهدهما عليه" لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن العطية قد قدمت للأمباشي شوقي محمد إبراهيم وهو من قوة رجال البوليس الحربي بقصد إفساد ذمته ليقارف جريمة دس المخدرات في منزل الطبيب...... أثناء قيامه بتفتيش منزله بناء على البلاغ المقدم منه لمكتب البوليس الحربي الذي يعمل فيه الأومباشي المذكور فتظاهر الأومباشي وزميل له بالقبول حتى يسهل عليهما القبض على المتهم وقد قبض عليه فعلاًًًًً وهو متلبس بالجريمة بعد دفع الجعل الذي تم الاتفاق عليه، وكان القانون يعاقب على الرشوة ولو كان العمل المقصود منها يكون جريمة ما دامت الرشوة قدمت إلى الموظف كيما يقارفها أثناء تأدية وظيفته، وكان القانون إذ أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها لم يرسم شكلاًًًًً خاصاًًًًً أو طريقة معينة يصوغ فيه الحكم هذا البيان فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى - كافياًًًًً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كان ذلك محققاًًًًً لحكم القانون. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطبيقاًًًًً للمادة 32 عقوبات لم توقع على الطاعن إلا العقوبة المقررة لجريمة الشروع في الرشوة فإن مصلحته في الطعن على الحكم في صدد جريمة البلاغ الكاذب تكون منتفية. لما كان ذلك كله، فإن الطعن برمته لا يكون له محل ويتعين رفضه موضوعاًًًًً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق