جلسة 9 من فبراير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، سامي فرج، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.
-----------------
(81)
الطعن رقم 1039 لسنة 52 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن". محكمة الموضوع.
الإيصال الصادر من المؤجر بتقاضيه الأجرة من المستأجر من الباطن. اعتباره بمثابة موافقة على هذا التأجير ما لم يتحفظ على قبوله الأجرة بما يفيد رفض الإيجار من الباطن. سواء ورد التحفظ بذات الإيصال أو في محرر لاحق ارتبط به. ذلك من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار والترك.
حظر تخلي المستأجر عن الحق في الانتفاع بالمكان المؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه. مخالفة ذلك. أثره. للمؤجر طلب إخلاء المستأجر.
(3) انعقاد الإيجار على جزء من العقار لاستغلاله مخبزاً ومسكناً. ثبوت مخالفة المستأجر لشروط العقد مكملة بالقانون. كاف للإخلاء سواء انصبت المخالفة على العين المؤجرة جميعاً أم على جزء منها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما على الطاعن وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 219 لسنة 1979 مدني كلي بورسعيد بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 19/ 5/ 1966 وإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم. وقالا بياناً لها أن مورث المطعون ضدهم استأجر العين محل النزاع بقصد استعمالها مخبزاً وسكناً، وقام بتأجيرها من الباطن إلى الطاعن الذي أجرها بدوره من الباطن لآخرين بالمخالفة للحظر الوارد في العقد والقانون فأقاما الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بالإخلاء والتسليم. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 384 لسنة 21 ق الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد". وبتاريخ 9/ 2/ 1982 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول أن حكم أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف المادة 62 من قانون الإثبات حين استدل من أقوال الشهود على تحفظ المطعون ضدهما الأولين عند قبضهما الأجرة من المستأجر من الباطن عن المدة من أول نوفمبر سنة 1978 حتى يناير سنة 1979 لحين البت في طلب استئجاره العين محل النزاع من الباطن في حين أنه كان يتعين إثبات ذلك بالكتابة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 31/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 نصت على حق المؤجر في إخلاء المكان المؤجر إذ أقام المستأجر بتأجيره من الباطن أو تنازل عنه للغير بغير إذن كتابي صريح من المالك وكان الإيصال الصادر من المؤجر بتقاضيه الأجرة من المستأجر من الباطن يعتبر في حد ذاته بمثابة موافقة منه على هذا التأجير ما لم يتحفظ المؤجر على قبوله الأجرة بما يفيد رفضه لعقد الإيجار من الباطن، سواء ورد هذا التحفظ على الإيصال ذاته أو في محرر لاحق معاصر ارتبط به، إذ ليس هناك ما يمنع قانوناً أن يكون التعبير عن الإرادة وارداً في محرر أو أكثر واستخلاص ذلك من سلطة محكمة الموضوع في تفسير المحررات ما دام استخلاصها سائغاً، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استدل على تحفظ المطعون ضدهما الأولين عند قبضهما الأجرة من المستأجر من الباطن عن المدة من أول نوفمبر سنة 1978 حتى يناير سنة 1979 مما جاء بالطلب المقدم منه في ذات الوقت إلى المطعون ضدهما لبحث واقعة التأجير له من الباطن وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن طلبات المطعون ضدهما في الخصومة الماثلة إخلاء المخبز والمسكن وحكم أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ قضى بالإخلاء والتسليم انصرفت أسبابه إلى الإخلاء من المخبز فأصبح الحكم بالإخلاء من المسكن غير مسبب بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس. ذلك أن المقرر في قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أن المشرع حظر التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المؤجرة. ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في ظل هذه القوانين الآمرة انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه إلى الغير كلياً كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو موقوتاً، بمقابل أو بدونه باعتبار أن هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار المؤرخ 19/ 5/ 1966 انصب على جزء من العقار المبين بالعقد لاستغلاله مخبزاً ومسكناً. فإن ثبوت مخالفة المستأجر لشروط العقد مكملة بالقانون كاف لتوفر مبرر الإخلاء سواء كانت المخالفة قد انصبت على العين المؤجرة جميعاً أم على جزء منها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق