جلسة 8 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان ووفيق الدهشان.
---------------
(58)
الطعن رقم 8234 لسنة 58 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تزوير.
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما لم يقيده القانون بدليل معين. جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(2) اشتراك. جريمة "أركانها". تزوير "أوراق الرسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها لأسباب سائغة.
مثال.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة. لا يعيبه. طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
(4) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في عقيدته. لا يعيبه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو بدل "نموذج 51" مرور باسم المتهمة الثانية بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه بأن أمدت الثانية المتهم الأول بالبيانات الخاصة بها فدونها الأخير بالمحرر سالف الذكر ثم عهد به لذلك المجهول فدون عليه عبارة "بالإدارة وتعتمد البيانات" ومهرها بتوقيع نسبه زوراً لمدير إدارة مرور الإسكندرية فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهم الأول أيضاً استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه لموظفين بإدارة مرور الإسكندرية للاعتداد بما ورد به وإحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وذلك عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة عولت في إدانته على جملة فروض تفتقر إلى الدلائل القوية وقد خلت الأوراق من أي دليل على اشتراكه في تزوير المحرر أو استعماله سيما بعد أن اتضح من التقرير الطبي الشرعي أن التوقيع المنسوب لمدير المرور لم يحرر بخط الطاعن وأن ما حرر بخطه هو صلب المحرر وهو لا يشكل جريمة، كما أن الحكم لم يبين تحديداً تاريخ الواقعة واكتفى بقوله إنها وقعت في تاريخ سابق على 3/ 12/ 1985 هذا فضلاً عن أنه أورد أن الطاعن وأخرى اشتركا مع مجهول في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة خاصة برخصة تسيير سيارة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو بدل نموذج 51 مرور واستعماله اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وهي شهادة كل من..... و..... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ثم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه في قوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم..... وتلتفت عما تذرع به من دفاع ذلك أن مناط مسئولية الشريك في جريمة تزوير الورقة الرسمية توافر علمه بتغيير الحقيقة في المحرر مع انتوائه استعماله في الغرض الذي من أجله غير الحقيقة فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قام بتدوين بيانات المحرر المزور المضبوط ووقع عليه باسم المتهمة الثانية وعهد إلى مجهول بتقليد خط وتوقيع الشاهد الثاني لإعفاء المتهمة الثانية من تقديم المستندات اللازمة ثم قدم هذا المحرر للموظفين المختصين بإدارة مرور الإسكندرية رغم علمه بتزويره مما يدل على اشتراكه في تزوير المحرر المضبوط" فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله، وأطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يسوغ إطراحه، ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تعيب الحكم هي التي تقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أخطأ فيما أورده من أنه اشترك في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة بشأن رخصة تسيير سيارة، لا يعدو أن يكون - بفرض وقوعه - خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله اللتين دانه بهما، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق