جلسة 11 من مايو سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميره ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.
----------------
(97)
الطعن رقم 7002 لسنة 58 القضائية
(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
صياغة النص في عبارات واضحة جلية اعتبارها تعبيراً صادقاًَ عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(2) إيجار أماكن. قانون "تفسيره" "تطبيقه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مسئولية جنائية. خلو رجل.
للمالك تقاضي 50% من قيمة بيع الجدك أو مقابل التنازل عن عقد الإيجار في الحالات التي يثبت فيها للمستأجر ذلك بعد خصم ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف. المادة 20 من القانون 136 لسنة 1981. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ في القانون يوجب نقض الحكم.
حجب الخطأ. محكمة الموضوع عن بحث دفاع الطاعنة المتعلق بتحديد مسئوليتها الجنائية وجوداً أو عدماً. وجوب أن يكون مع النقض الإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: وهي مؤجرة تقاضت من المستأجر........ المبلغ المبين بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار وعلى سبيل خلو الرجل، وطلبت عقابها بالمواد 1، 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالمادتين 24، 25/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه لصالح صندوق الإسكان وإلزامها برد مبلغ خمسين ألف جنيه للمجني عليه........ استأنفت المحكوم عليها، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها - وهي وكيلة عن الملاك - بجريمة خلو الرجل عن واقعة اقتضائها مبلغاً من النقود مقابل تنازل المستأجر عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية المصرح له به قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه ذلك بأن المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 تبيح هذا الفعل وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع فإطراحه الحكم بما يخالف صحيح القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أحال إلى الحكم المستأنف في بيان واقعة الدعوى التي حصلها بما مفاده أن المجني عليه....... أبلغ الشرطة أنه استأجر من الطاعنة - بصفتها وكيلة عن الملاك شقة بالعقار رقم..... شارع....... بالإسكندرية بموجب عقد إيجار مؤرخ....... وتقاضت منه مبلغ خمسين ألف جنيه مقابل تحرير العقد وأضاف أن هذه العين كانت مؤجرة لـ....... الذي تنازل له عن الإجارة وحرر له هذا التنازل على عقده المؤرخ....... وطلب منه الحصول على موافقة الطاعنة على هذا التنازل فأجرت له العين مقابل المبلغ الذي تقاضته منه، وإذ سئل المستأجر الأول أقر بواقعة تنازله عن الإجارة للمجني عليه وأنه تقاضى منه مبلغ عشرة آلاف جنيه مقابل ما أدخله على العين من تحسينات وكلف المتنازل بالحصول على موافقة الطاعنة، وإذ سئلت الطاعنة قررت أن تنازل المستأجر للعين عن حقه في الانتفاع تم للمستأجر الثاني مقابل مبلغ مائة ألف جنيه تقاضت منه 50% لحساب الملاك وأشهدت شاهدين صادقاها، وانتهى الحكم المطعون فيه من تقريره واستدلاله - بأسباب جديدة أنشأها لنفسه مستقلة عن أسباب الحكم المستأنف - إلى معاقبة الطاعنة بجريمة خلو الرجل المؤثمة بالمادتين 26/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وعرض إلى دفاع الطاعنة بعدم تأثيم الواقعة موضوع المحاكمة طبقاً للمادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وبعد أن أورد نص هذه المادة أطرح دفاعها بقوله "إن التنازل عن العين المؤجرة لغير أغراض السكنى جائز بنص هذه المادة ما دام المالك قد أقره وأحقيته في الحصول على 50% من مقابل التنازل إذا أراد أو ألحق في الشراء إذا أبدى رغبته على النحو المبين في الفقرة الثانية من هذه المادة، فإذا كانت العين مؤجرة لأغراض السكنى فلا يجوز للمالك الموافقة على التنازل عنها بمقابل ولا يغير من هذا النظر ما ورد بالنص من جواز التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية إذ أن حق الانتفاع يتفرع عن حق الملكية ولصاحب حق الانتفاع حق الاستعمال والاستغلال (مادة 988 مدني) وغني عن البيان أن للمنتفع تأجير العين التي يرد عليها حق الانتفاع ويرد الإيجار هذا على ما للمنتفع من حق وينتهي الإيجار بانتهاء هذا الحق (مادة 560) ويؤكد هذا النظر أن "أو" في نص المادة 20 تقتضي المغايرة أي أن التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية مغاير للتنازل عن العين المؤجرة لغير أغراض السكنى والتي يضع فيها واضع اليد يده مستنداً إلى علاقة إيجارية. ولما كان البين من أوراق الجنحة ومستنداتها أن العين المؤجرة لغرض السكنى، ومن ثم فلا يجوز لمالكها التنازل عنها للغير بمقابل وإلا عد من المخالفين لأحكام المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 ومعاقب بالعقوبة الواردة بالمادة 77" لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
وكانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض....". والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلاً عادلاً لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحاً أو ضمنياً بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين مؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وخصص عموم النص بغير مخصص فيما أورده بتقريراته على النحو المتقدم فصرفه عما يحقق الغاية التي تغياها المشرع من تقريره فإنه يكن قد أخطأ في تأويل القانون بما يوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن بحث دفاع الطاعنة آنف البيان، وكان هذا الدفاع في خصوص الدعوى المطروحة يعد هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئولية الطاعنة الجنائية وجوداً أو عدماً مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره في ضوء التأويل الصحيح للقانون كشفاً لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه وهي على بينة من حكم صحيح القانون بشأنه إذ أن ما أورده الحكم فيما تقدم لا يسوغ به الرد على دفاع الطاعنة لخروجه عن نطاقه، ومن ثم يتعين أن يكون مع النقض الإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق