الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 ديسمبر 2023

الطعن 1344 لسنة 33 ق جلسة 23 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 56 ص 551

جلسة 23 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وعلي عوض محمد صالح وأحمد حمدي الأمير ومحمد عبد الحميد مسعود - المستشارين.

-----------------

(56)

الطعن رقم 1344 لسنة 33 القضائية

بنوك - البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - العاملون به - إنهاء خدمة العامل للحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية.
المادة 86/ 7 من لائحة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان، والمادة 96/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام.
تنتهي خدمة العامل إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف - لم يتضمن نص اللائحة نصاً مماثلاً للفقرة الأخيرة من المادة 96/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام الخاصة بعرض أمر العامل المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف على لجنة شئون العاملين لتقرير إنهاء خدمة العامل من عدمه - نتيجة ذلك: تقدم العامل بطلب لإعادته إلى العمل في ظل العمل باللائحة المشار إليها يجعل أحكام تلك اللائحة هي الواجبة التطبيق دون سواها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 14/ 3/ 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل وللأسباب الواردة به طلبت الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 105 لسنة 1981 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف ما كان يتقاضاه الطاعن بفرض عدم إنهاء خدمته حتى تاريخ إعادته للعمل مع استقطاع ما يكون قد صرف له من معاش خلال هذه الفترة وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار رقم 105 لسنة 1981 المتضمن إنهاء خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار مع أحقيته في التعويض الذي تقدره المحكمة.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25/ 12/ 1989 وبجلسة 26/ 3/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره أمامها جلسة 22/ 4/ 1990 وتداول نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها ثم بجلسة 31/ 10/ 1992 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 12/ 12/ 1992 ثم مدت أجل النطق به لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 15/ 1/ 1987 وأقيم الطعن بتاريخ 14/ 3/ 1987 أي خلال الميعاد المقرر قانوناً وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يستبين من الأوراق في أن..... (المدعي) أقام الدعوى رقم 914 لسنة 29 ق ضد البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - بصحيفة مودعة قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المالية في 8/ 6/ 1982 - طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً. وفي الموضوع بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليمه العمل مع الحكم بتعويض يعادل قيمة مرتبه ابتداءً من تاريخ 28/ 2/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي بياناً لدعواه أنه حائز على دبلوم التجارة عام 1964/ 1965، وأنه عين في 29/ 11/ 1965 بوظيفة كاتب شئون إدارية بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - وبتاريخ 9/ 6/ 1974 اتهم في القضية رقم 3545 لسنة 1974 جنح الساحل (144 كلي شمال) وصدر ضده في 8/ 1/ 1979 حكم بالسجن لمدة خمس سنوات وأفرج عنه في 22/ 2/ 1980 وفي 28/ 2/ 1980 تقدم بطلب لجهة الإدارة المدعى عليها طالباً إعادته إلى عمله غير أنها لم تتخذ أي إجراء بشأنه حتى الآن - واستطرد المدعي قائلاً أن المادة 94 فقرة (7) من القانون رقم 47 لسنة 1978 خولت لجنة شئون العاملين سلطة تقديرية في إبقاء العامل المحكوم عليه بالعمل أو عدم إبقائه به وذلك إذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة إلا أن هذه السلطة التقديرية ليست مطلقة وإنما يتعين استعمالها في النطاق الزمني المعقول، وأنه لما كان الحكم الجنائي قد صدر في 8/ 1/ 1979 وحتى الآن لم تعمل هذه اللجنة السلطة المخولة لها فإن الجهة الإدارية تكون قد اتجهت إرادتها ضمناً إلى عدم فصله من الخدمة كما أنها عاملته على أنه من عداد موظفيها حيث صدرت عدة قرارات انطوت على نقله إلى إدارة التخزين في 16/ 6/ 1980 ومنحته العلاوة الدورية في 29/ 1/ 1981 وغيرت مسمى وظيفته بالمنشور رقم 1138 الصادر في 12/ 7/ 1980 مما حدا به إلى إقامة دعواه بالطلبات المتقدمة الذكر.
وردت الإدارة المدعى عليها على المدعي بأنه اتهم مع آخرين في جناية خطف سيدة والاعتداء عليها وحكم عليه في 8/ 1/ 1979 بالسجن مع الشغل خمس سنوات - ووفقاً لنص المادة 86 من لائحة العاملين بالبنك أنهيت خدمته للحكم عليه بعقوبة جناية في جريمة مخلة بالشرف وصدر بذلك القرار رقم 105 لسنة 1981 - ثم قدم المدعي مذكرة حوت طلبه الحكم بإلغاء هذا القرار رقم 105 لسنة 1981 وما يترتب على ذلك من آثار والحكم له بتعويض يعادل قيمة مرتبه ابتداءً من 28/ 2/ 1980 حتى تاريخ الفصل في الدعوى.
وبجلسة 29/ 1/ 1984 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة المالية برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصاريف.
وركنت المحكمة في قضائها إلى أنه يبين من الأوراق أن المدعي حكم عليه في 8/ 1/ 1979 بالسجن لمدة خمس سنوات في جريمة مخلة بالشرف - هي الاشتراك وأربعة أشخاص آخرين في خطف سيدة والاعتداء عليها - وبالتالي فإن امتناع البنك المدعى عليه عن تسليم المدعي عمله ثم إصدار قراراً بإنهاء خدمته يكون قد تم إعمالاً للمادة 86 من لائحة العاملين بالبنك الصادرة في 28/ 2/ 1979 والتي تنص أن خدمة العامل تنتهي إذا حكم عليه بعقوبة جنائية مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة - ولا مجال لتطبيق نص المادة 94 من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي توجب صدور قرار بإنهاء الخدمة من لجنة شئون العاملين استناداً إلى أن لائحة العاملين بالبنك هي الواجبة التطبيق على حالة المدعي إعمالاً لنص المادة 22 من القانون رقم 117 لسنة 1976 بإنشاء البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - وعليه فإن قرار إنهاء الخدمة يكون قد صدر صحيحاً قانوناً بحسبان اتفاقه مع لائحة العاملين بالبنك المدعى عليه وبالتالي لا يسوغ للمدعي المطالبة بالتعويض عما سببه له ذلك القرار من أضرار لعدم استنادها إلى أساس قانوني وتضحى الدعوى المقامة من المدعي خليقة بالرفض.
وإذ لم يرتض المدعي حكم المحكمة الإدارية السالف الذكر فقد طعن عليه بتاريخ 21/ 3/ 1984 بالاستئناف رقم 536 لسنة 16 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته الآنف الإشارة إليها بمقولة أن المشرع قد قرر أصلاً عاماً بالمادة 96/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام فحواه أنه إذا كان الحكم قد صدر لأول مرة فلا يؤدي إلى إنهاء خدمة المدعي ما لم تقرر لجنة شئون العاملين أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل الأمر الذي يقتضي استمرار العامل في وظيفته إلى أن تقرر لجنة شئون العاملين ما سوف تراه بشأنه، وأنه لما كانت لجنة شئون العاملين لم تقرر شيئاً بالنسبة للطاعن من حيث بقائه أو عدم بقائه ولم يعرض الأمر عليها نهائياً فإن مقتضى ذلك ولازمه هو العودة للأصل العام المقرر في المادة 96/ 7 المشار إليها ببقاء العامل في وظيفته طالما كان الحكم لأول مرة غير أن الحكم المطعون فيه استند إلى نص المادة (22) من القانون رقم 117 لسنة 1976 التي توجب إعمال أحكام قانون العاملين بالقطاع العام على العاملين بالبنك وهو القانون رقم 61 لسنة 1971 والذي لم يكن يتضمن ضرورة عرض أمر العامل المحكوم عليه لأول مرة على لجنة شئون العاملين - وذلك مع أن المدعي إذ حكم عليه جنائياً عام 1979 فإن مركزه يتحدد في ضوء أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 - هذا إلى إغفال حكم المحكمة الإدارية المذكورة أوجه دفاع الطاعن الأخرى المتمثلة في أنه كان يتعين عرض الأمر على لجنة شئون العاملين خلال مدة زمنية معقولة وأن جهة الإدارة عاملت المدعي على أنه لم تنته خدمته بنقله ومنحه علاوة دورية وغيرت مسمى وظيفته بين عامي 1980، 1981.
وبجلسة 15/ 1/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية - المطعون في حكمها بالطعن الماثل - بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أن الطاعن آن الحكم عليه في 8/ 1/ 1979 بالسجن لمدة خمس سنوات كانت علاقته بالبنك المطعون ضده تطبق في شأنها أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام وذلك إعمالاً لنص المادة 22 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي ولحين وضع لائحة خاصة بالعاملين بالبنك - ويقضي نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1978 بمادته 96/ 7 على أن تنتهي خدمة العامل إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ومع ذلك فإذا كان قد حكم عليه لأول مرة تنتهي الخدمة إلا إذا قررت لجنة شئون العاملين من واقع أسباب الحكم أن ظروف الواقعة تتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل - ومن الطبيعي طبقاً للمجرى العادي للأمور أن هذا التدخل من لجنة شئون العاملين لا يكون له محل إلا عند ما يتقدم العامل إلى جهة الإدارة طالباً إعادته إلى عمله عقب الإفراج عنه ولما كانت لائحة العاملين بالبنك قد أصبحت سارية المفعول اعتباراً من 28/ 2/ 1979 وقضت في المادة 86 منها بأن تنتهي خدمة العامل إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف دون أن تتضمن تلك المادة حكماً مماثلاً للفقرة الأخيرة من المادة 96/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978. وإذ أن المدعي لم يتقدم بطلب إعادته إلى عمله إلا في ظل العمل بهذه اللائحة - وعليه فإن هذا الطلب تحكمه القواعد المقررة في اللائحة المشار إليها وخلص إلى أن الإدارة إذا أعملت أحكام اللائحة المذكورة فإنها تكون قد تصرفت في حدود القانون.
وحيث إن مبنى الطعن الماثل - المقام من هيئة مفوضي الدولة هو أن الحكم المطعون فيه مشوب بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله بمقولة أن المشرع اتجه في نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1978 (المادة 94 فقرة 7) ونظام العاملين بالقطاع العام الصادر به - القانون رقم 48 لسنة 1978 (المادة 96 فقرة 7 منه) إلى التخفيف عن العاملين المدنيين وفتح باب التوبة أمامهم مستحدثاً حكماً جديداً مفاده أن من يحكم عليه لأول مرة بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف لا تنتهي خدمته إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بالجهة التي يتبعها بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاءه بالخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل. وبالتالي فإن مقتضى ذلك ولازمه استمرار العلاقة الوظيفية قائمة رغم الحكم على العامل إلا أن تتدخل لجنة شئون العاملين لتقرر ما تراه بشأن استمرارها أو إنهائها - وأن عرض أمر العامل على لجنة شئون العاملين في مثل هذه الحالة يمثل ضمانة أساسية استحدثها المشرع ومن ثم فلا يجوز إغفالها أو التهوين منها فإذا ما عمدت الجهة الإدارية إلى إنهاء خدمة العامل دون عرض أمره على لجنة شئون العاملين لتقرر ما تراه بشأنه فإن قرارها في هذا الشأن يكون باطلاً - وإذا لم تعالج لائحة شئون العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وجوب إجراء مثل هذا الأمر فإنه يتعين الأخذ بنص قانون العاملين بالقطاع العام السالف الإشارة إليه - وعليه يكون القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي دون عرض أمره على لجنة شئون العاملين قد وقع مفتقداً لضمانه جوهرية تستوجب إلغاءه لمخالفته القانون مع أحقيته في التعويض عنه بمنحه مرتباته وعلاواته وبدلاته ومكافآته بافتراض أنه لم تنه خدمته. وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى خلو لائحة العاملين بالبنك من نص يقضي بعرض أمر المحكوم عليه لأول مرة بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف على لجنة شئون العاملين وانتهى الحكم إلى سلامة قرار إنهاء الخدمة دون هذا العرض فإنه يكون قد خالف القانون - ولما كان مدى وجوب عرض أمر العامل في الحالة الماثلة على لجنة شئون العاملين في الجهات التي خلت لوائح العاملين بها من النص على هذا الإجراء يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة الإدارية العليا تقريره - لذا ارتأت الهيئة الطاعنة الطعن في الحكم طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة لتقرر المحكمة ما تراه في هذا الشأن.
استطرد الطعن بصدد طلب التعويض قائلاً أن إلغاء قرار فصل المدعي بغير التعويض العيني عن عدم المشروعية التي لابست هذا القرار ولازمته - ويتحقق لعدم المشروعية والخطأ في جانب الإدارة الذي لا يزول إلا بالعودة إلى ذات المركز القانوني الذي كان لمن تناوله قرار الفصل - إلى ما قبل صدور القرار. وأن المفصول يلحقه ضرر من الفصل يتمثل مادياً في حرمانه من مرتبه وعلاواته وترقياته وأدبياً فيما يحيق به من أضرار نفسية وهذه كلها تعتبر من مكونات ركن الضرر وعليه فإن صرف كامل ما كان يستحقه الطاعن من مرتبات وعلاوات وبدلات ومكافآت بافتراض أنه لم تنته خدمته خير جابر للأضرار التي منى بها.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي اتهم في القضية رقم 3545 لسنة 74 جنايات الساحل (144 كلي شمال) لقيامه بخطف سيدة والاعتداء عليها بالاشتراك مع أربعة آخرين، وقد صدر ضده حكم بالسجن خمس سنوات في 8/ 1/ 1979 وأفرج عنه في 22/ 2/ 1980 بعد قضائه مدة من العقوبة. وفي 28/ 3/ 1980 تقدم المدعي بطلب إعادته إلى العمل إلا أن البنك أنهى خدمته بالقرار رقم 105 لسنة 1981 الصادر في 6/ 9/ 1981 إعمالاً لنص المادة 86/ 7 من لائحة العاملين بالبنك المطعون ضده والصادرة من مجلس إدارة البنك في 28/ 2/ 1979.
وحيث إن المادة 96/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978 تنص على أن "تنتهي خدمة العامل إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة ومع ذلك فإذا حكم عليه لأول مرة فلا تنته الخدمة إلا إذا قررت لجنة شئون العاملين من واقع أسباب الحكم أن ظروف الواقعة تتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل.
وحيث إن المشرع في المادة المذكورة لم يفرض على لجنة شئون العاملين التدخل بتحديد موقف العامل المحكوم عليه في ذات تاريخ صدور حكم الإدانة ضده. ولا في أي تاريخ معين. ومن الطبيعي أن التدخل من جانب لجنة شئون العاملين لا يتأتى إلا عندما يتقدم العامل إلى الجهة الإدارية طالباً إعادته إلى عمله بعد الإفراج عنه وأنه على هذه الجهة في هذه الحالة أن تتخذ القرار الذي تراه بالتطبيق للقواعد القانونية المعمول بها آنذاك دون أن ينعت عملها هذا تطبيق هذه القواعد بأثر رجعي بما لا يجوز قانوناً. فالطلب الذي يتقدم به العامل لإعادته إلى الخدمة عقب الإفراج عنه يدخل في مكونات السبب الذي يقوم عليه القرار الذي يصدر في هذا المجال إذ لا يتصور أن تتخذ الإدارة القرار في شأن عودة الموظف المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة إلا بعد قضائه لهذه العقوبة والإفراج عنه، واتصال ذلك بعلم الإدارة بطلبه العودة لعمله إذ قد يكون غير راغب في هذه العودة عازفاً عن الرجوع إلى الوظيفة لأي سبب من الأسباب.
وحيث إن ولئن كان المدعي قد صدر حكم جنائي ضده في 8/ 1/ 1979 بالسجن في جريمة مخلة بالشرف وكانت تحكم علاقته بالبنك المطعون ضده أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام وذلك وفقاً لما نصت عليه أحكام المادة 22 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان من سريان أحكام نظام العاملين بالقطاع العام لحين وضع لائحة خاصة بالعاملين بالبنك، إلا أنه صدرت اللائحة الجديدة للبنك وأصبحت سارية المفعول اعتباراً من 28/ 2/ 1979 وقضت في مادتها 86/ 7 بأن تنتهي خدمة العامل إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف دون أن تتضمن تلك المادة نصاً مماثلاً للفقرة الأخيرة من المادة 94/ 7 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام وهي الخاصة بعرض أمر العامل المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف على لجنة شئون العاملين لتقرير إنهاء خدمته من عدمه.
وحيث إن المدعي لم يكن قد أفرج عنه ولم يكن قد تقدم بطلب لإعادته إلى العمل إلا في ظل العمل باللائحة المشار إليها وبالتالي فإن أحكامها والمادة 86/ 7 منها تكون هي الواجبة التطبيق على المدعي دون سواها بحسبان أن اللوائح والقرارات تسري بأثر فوري منذ صدورها وتحكم الوقائع والتصرفات الصادرة في نطاق تطبيقها الزماني - وعليه فتطبق بصدد القرار رقم 105 لسنة 1981 الصادر في 6/ 9/ 1981 بإنهاء خدمة المدعي مثار المنازعة لائحة البنك المنوه عنها - دون ما يقابلها من أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 إذ لا تسري هذه الأحكام إلا فيما لم يرد به نص خاص في لائحة البنك.
وحيث إن المادة 86 فقرة (7) من لائحة البنك قد واجهت حالة الموظف الذي يحكم عليه جنائياً في جريمة مخلة بالشرف - وقضت بإنهاء خدمته دون أن تقرر عرض الأمر على لجنة شئون العاملين أو تخولها أي تقدير في هذا الشأن - وهذه المادة دون المادة (96/ 7) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 هي الواجبة التطبيق على العاملين ببنك الائتمان والتنمية الزراعي عملاً بأحكام قانون إنشاء البنك رقم 117 لسنة 1976. بل إن الثابت من أوراق الدعوى أن المادة 86 فقرة (7) من لائحة البنك كانت محل لاقتراح تعديلها على النحو الوارد في قانون العاملين بالقطاع العام ولكن مجلس إدارة البنك رفض ذلك استناداً إلى ما اعتمده أعضاء مجلس إدارة البنك وجاء في مداولاتهم بصريح العبارة بأن (ليس كل ما أتى به القانون رقم 48 لسنة 1978 يؤخذ حرفياً فالبنك بنك مصرفي وله طبيعة عمل خاص ويشترط فيمن يؤدي الخدمة فيه أن يكون كفاءة ومقدرة ولا تشوبه أي شائبة فكيف يسمح البنك لنفسه أن يعين لديه عاملاً سبق الحكم عليه ولو مرة واحدة بعقوبة مقيدة للحرية أو في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وأنه ليس هناك حاجة ملحة أو ضرورة ملجئة تجعل الموافقة على ذلك مرغوب فيها، في حين أنه يمكن تعيين أكثر العاملين امتيازاً في هذا البنك - ورفض المجلس تعديل نص المادة 86/ 7 من لائحة البنك وحيث إنه متى كان ذلك فإن قرار إنهاء خدمة المدعي - مثار المنازعة - بسبب الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة خطف سيدة والاعتداء عليها - وهي جريمة ماسة بالشرف، يكون قراراً مطابقاً للقانون.
وحيث إنه عن طلب التعويض عن ذلك القرار فإن أركان المسئولية تنهض على وقوع خطأ من جانب جهة الإدارة وأن يترتب على ذلك ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر الذي حاق بطالب التعويض وحيث إن لا خطأ طالما أن القرار المطالب بالتعويض عنه موافق للقانون على ما سبق، ومن ثم فإنه لا مسئولية على البنك مصدر القرار تلزمه بالتعويض.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وخلص إلى صحة قرار إنهاء خدمة المدعي رقم 105 لسنة 1981 الصادر في 6/ 9/ 1981 استناداً إلى نص المادة 22 من القانون رقم 117 لسنة 1976 السالف الإشارة إليه والمادة 86/ 7 من لائحة البنك المشار إليها آنفاً، وإلى أن طلب التعويض عن هذا القرار بلا سند، ومن ثم فإن الطعن المقدم من هيئة مفوضي الدولة يكون غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق