جلسة 23 من يناير سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وحسني سيد محمد أبو جبل وأحمد حمدي الأمير والسيد محمد العوضي - نواب رئيس مجلس الدولة.
--------------------
(57)
الطعن رقم 508 لسنة 34 القضائية
قرار إداري - القرار الصادر بالموافقة على الإعارة أو بالحرمان منها - وقف تنفيذه. المواد 10، 12، 49 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.
القرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إدارياً لا يجوز طلب وقف تنفيذها - حدد المشرع هذه القرارات على سبيل الحصر وهي القرارات الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات أو بالإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي والصادرة بجزاءات تأديبية - مؤدى ذلك: أن القرارات الصادرة بالإعارة أو بالحرمان منها لا تندرج ضمن القرارات المشار إليها ومن ثم يجوز النظر في طلب وقف تنفيذها باعتبارها صادرة في شأن منازعة إدارية يصدق عليها وصف سائر المنازعات الإدارية المنصوص عليها في البند الرابع عشر من المادة (10) من قانون مجلس الدولة - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 19/ 1/ 1988 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 3/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 1961 سنة 41 ق والقاضي بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي المصروفات وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني مسبباً في طلب الإلغاء.
وطلب السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 170 سنة 1987 فيما تضمنه من عدم تجديد إعارة المدعي للعمل للعام الثالث بجمهورية اليمن الشمالية وحرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت بجلسة 13/ 7/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره بجلسة 31/ 10/ 1992 حيث نظر أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 30/ 7/ 1987 أقام السيد/ محمد نصر علي أحمد زغلول الدعوى رقم 1961 سنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الإسكندرية ووكيل وزارة التربية بالإسكندرية ومدير عام إدارة شرق الإسكندرية التعليمية طالباً في ختامها الحكم أولاً بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار رقم 170 سنة 1987 فيما تضمنه من عدم تجديد إعارته للعام الثالث إلى اليمن الشمالية وحرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات، ثانياً وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل مدرساً لدى الجهة الإدارية وأعيد للعمل لليمن الشمالية خلال عامي 85/ 1986، 86/ 1987 وقد فوجئ لدى عودته لقضاء إجازته السنوية بقرار الإدارة العامة للإعارات رقم 170 سنة 1987 الصادر في 9/ 4/ 1987 بحرمانه من الإعارة لمدة أربع سنوات وعدم تجديد إعارته للعام الثالث وعودته للعمل من 1/ 9/ 1987 وعلم أن سبب القرار اتهام غير صحيح من مستأجر لعقار يملكه عن تقاضيه خلو رجل والحكم عليه غيابياً بالحبس لمدة ثلاثة شهور ورد المبالغ التي قيل بأنه تقاضاها وقد استأنف المدعي حكم الإدانة ولم يقض في الاستئناف بعد وقد نعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لاستناده إلى سبب غير صحيح وفي غير الحالات المحددة بالقرار الوزاري رقم 158 سنة 1985 بشأن شروط وقواعد الإعارة الخارجية فضلاً عن عدم نهائية الحكم الغيابي وأضاف أنه سيترتب على هذا القرار نتائج يتعذر تداركها تتمثل في حرمانه من استكمال مدة إعارته وما يستتبع ذلك من خسارة مالية محققة.
وبجلسة 3/ 12/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الشق المستعجل من الدعوى بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن مفاد المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 عدم قبول طلبات وقف تنفيذ القرارات الصادرة في شأن الموظفين وهي التي لا يقبل طلب الحكم بإلغائها قبل التظلم فيها نهائياً فيما عدا حالات الفصل فيجوز للمحكمة أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه - وهو أمر مرده افتراض عدم قيام الاستعجال المبرر لطلب وقف تنفيذ هذه القرارات وذلك بقرينة قانونية قاطعة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 سنة 1955 الواردة في المادة 18 منه أصل المادة 49 من قانون مجلس الدولة الحالي من أن القانون المذكور عالج الاستعجال في حالة واحدة نص عليها على سبيل الحصر وهي الفصل لا بوقف تنفيذ القرار ولكن بعلاج استحدثه قدر فيه الضرورة بقدرها وذلك بجواز القضاء باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه حتى لا ينقطع مورد الرزق من المرتب وأنه يجب استهداء تلك الحكمة التشريعية عند استظهار ركن الاستعجال في القرارات التي لا تخضع لوجوب التظلم الإداري لاتحاد العلة ومن ثم وتطبيقاً لذلك فإن طلب المدعي الحكم بوقف تنفيذ قرار حرمانه من التقدم للإعارة بعد قضائه سنتين فقط منها لا تتوافر في شأنه مقومات الاستعجال المقرر لقبول طلب وقف التنفيذ بحسبانه من القرارات التي قرر قانون مجلس الدولة عدم قبول طلب وقف تنفيذها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأنه أدخل القرار المطعون فيه ضمن القرارات التي لا تقبل طلب إلغائها إلا بعد التظلم منها إدارياً بينما هذا القرار تختص محاكم مجلس الدولة بنظره باعتباره قرار صادراً في شأن منازعة إدارية يصدق عليها وصف سائر المنازعات الإدارية المشار إليها في البند 13 من المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 ولا يدخل في عداد القرارات التي تخضع لنظام التظلم الوجوبي قبل رفع دعوى الإلغاء التي قررت على سبيل التحديد في المادة 12 من قانون مجلس الدولة هذا وقد توافرت حالة الاستعجال في المنازعة الماثلة إذ يترتب على الإعارة مزايا مادية عديدة قد يكون العامل في حاجة ماسة إليها في ظروفه الاجتماعية وقد لا تتكرر فرص الإعارة مستقبلاً كما أن ركن الجدية متوافر بدوره إذ أن الظاهر من الأوراق أن قرار وقف الإعارة بني على أسباب تتعلق بمنازعات شخصية - وادعاء تقاضي المدعي خلو رجل من أحد المستأجرين عنده ولم يصدر فيها حكم نهائي بعد - لا صلة لها بعمل المدعي في مرفق التربية والتعليم وبهذه المثابة يكون قد توافر كل من ركني الاستعجال والجدية ويكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه جديراً بالقبول.
ومن حيث إن المسألة الأولية في مقطع النزاع في الطعن الماثل تدور حول ما إذا كان القرار الصادر بالإعارة أو الحرمان منها من القرارات التي يجوز أو لا يجوز وقف تنفيذها في تطبيق المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن المادة 10 من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية أولاً....، ثانياً.... ثالثاً: الطلبات التي يقدمها ذو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح علاوات. رابعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي. خامساً، سادساً، سابعاً، ثامناً، تاسعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية. عاشراً: ..... رابع عشر: سائر المنازعات الإدارية.
وتنص المادة 12 على ألا تقبل الطلبات الآتية: أ - ..... ب - الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم.
وتنص المادة 49 من ذات القانون على أنه لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاءه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركه وبالنسبة للقرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إدارياً لا يجوز طلب وقف تنفيذها على أنه يجوز للمحكمة بناءً على طلب المتظلم أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه إذا كان القرار صادراً بالفصل.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المشار إليها أن المشرع أورد على سبيل الحصر القرارات التي لا يجوز نظر طلب وقف تنفيذها وهي القرارات الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات أو بالإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي أو بجزاءات تأديبية وهي بذاتها التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها وجوباً على النحو المنصوص عليه في المادة 12 آنفة الذكر وبهذه المثابة فإن القرارات الصادرة بالإعارة أو الحرمان منها لا تندرج فيها ومن ثم يجوز النظر في طلب وقف تنفيذها باعتبارها صادرة في شأن منازعة إدارية يصدق عليها وصف سائر المنازعات الإدارية المنصوص عليها في البند الرابع عشر من المادة 10 سالفة البيان وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بحسبانه من القرارات التي قرر قانون مجلس الدولة عدم قبول طلب وقف تنفيذها، ويكون قد جانبه الصواب ويتعين القضاء بإلغائه وبقبول طلب وقف تنفيذ ذلك القرار حيث استوفيت سائر أوضاع ذلك القبول.
ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مهيأ للفصل فيه لذا فإن لهذه المحكمة وقد قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه والقاضي بعدم قبول طلب وقف تنفيذه وبقبوله أن تتصدى للفصل في موضوعه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن وقف تنفيذ القرار الذي يطلب إلغاؤه رهن بتوافر ركنين أولهما ركن الجدية وتتمثل في قيام الطعن في القرار بحسب الظاهر - على أسباب جدية تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع وثانيهما ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 170 سنة 1987 الصادر في 9/ 4/ 1987 بإلغاء إعارة المدعي لدولة اليمن بعد قضائه عامي 85/ 86، 86/ 87 من حرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات قد قام على أساس ما ذكره المدعي في عريضة دعواه ولم تجحده جهة الإدارة طوال نظر الدعوى من صدور حكم غيابي ضده في 21/ 12/ 1985 في الجنحة رقم 529 سنة 1985 دائرة الرمل قضى بحبسه ثلاثة أشهر لأنه بصفته مؤجراً تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل وهي المنازعة التي قضى فيها بالبراءة من دائرة الجنح المستأنفة بجلسة 27/ 10/ 1987 - على النحو البادي من الشهادة الصادرة من نيابة غرب الإسكندرية والمودعة حافظة المستندات بتاريخ 5/ 11/ 1987 - ومتى كان ذلك وكانت هذه الواقعة تتعلق بمنازعات شخصية لا صلة لها بعمل المدعي في مرفق التربية والتعليم في الداخل والخارج وصدر فيها الحكم غيابياً وبعد أن تم إعارته فعلاً ثم قضي فيها بالبراءة على نحو ما سلف بيانه وبهذه المثابة يكون القرار المطعون فيه قد بني - بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء - على غير أساس سليم من القانون وصدر فاقداً لركن السبب المبرر له قانوناً ومن ثم يتحقق ركن الجدية في الطلب المستعجل بوقف التنفيذ.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فهو يتحقق أيضاً بالنظر إلى ما ينتجه الاستمرار في تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في حرمان المدعي من فرصة الإعارة التي قد لا تتكرر مستقبلاً وبالتالي حرمانه من المزايا العديدة التي يكون العامل في حاجة ماسة إليها.
ومن حيث إنه وقد توافر في شأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق ركنا الجدية والاستعجال ومن ثم فإنه يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار رقم 170 لسنة 1987 فيما تضمنه من إلغاء إعارة الطاعن إلى جمهورية اليمن وحرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق