الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023

الطعن 3111 لسنة 34 ق جلسة 20 / 12 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 35 ص 342

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(35)

الطعن رقم 3111 لسنة 34 القضائية

جنسية - طبيعة القرار الصادر بمنحها - أثره على جواز السفر.
القرار الصادر بمنح الجنسية المصرية بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون لا يتحصن بمضي المدة - أساس ذلك: أنه لا ينشئ مركزاً قانونياً لصاحبه - المركز القانوني ينشأ من الدستور والقانون ولا يجوز منح الجنسية المصرية على خلاف أحكامهما - القرار الصادر بمنح جواز السفر بناءً على القرار المشار إليه لا يتحصن بدوره - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 18 من أغسطس سنة 1988 أودع الأستاذ/ سعد عبد الواحد حماد المحامي نيابة عن الأستاذ السيد محمد إمام المحامي وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا. تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 21/ 6/ 1988 في الدعوى رقم 4526 لسنة 40 ق فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المقرر قانوناً، كما قدم السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 يناير سنة 1992، وبجلسة 3 من فبراير سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 8 مارس سنة 1992 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25 من أكتوبر سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 22/ 11/ 1992 ثم تقرر مد أجل النطق بجلسة اليوم 20/ 12/ 1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الوزير وفقاً لأحكام الدستور وقانون المرافعات هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياستها في حدود السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها، وهو الذي يمثل وزارته أمام القضاء وفي مواجهة الغير. ولما كان الطاعن قد اختصم وزير الداخلية في هذا الطعن ومن ثم فليس ثمة محل لاختصام مدير مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية لانعدام صفته لأنه أحد مرؤوس الوزير ولا تتمتع المصلحة التي يتولى إدارتها بالشخصية القانونية عن وزارة الداخلية حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن ومما حصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 4526 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري بسحب وإلغاء جواز سفره المصري ومنعه من السفر كمواطن مصري بما في ذلك القرار الصادر بإسقاط الجنسية المصرية عن المدعي دون وجه حق وإلغاء ما يكون للمدعي من أوراق تفيد أنه فلسطيني. وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال في شرح دعواه أنه مواطن مصري ولد بتاريخ 27/ 2/ 1950 بمدينة (رفح) محافظة سيناء الشمالية وقيد بدفتر المواليد بمكتب صحة (رفح) بتاريخ 28/ 2/ 1950 تحت رقم (22) (جزء 1433/ 181/ 199 ص 35) من أب مصري وأم مصرية، واستخرج بطاقة شخصية برقم 70270 سجل مدني الجمالية ثم التحق بالخدمة العسكرية وحصل على الشهادة (رقم مسلسل 64/ 81 رقم عسكري 3224683) قدوة حسنة صادرة بتاريخ 12/ 4/ 1981 وتزوج من مصرية واستخرج بطاقة عائلية (رقم 52422 من سجل مدني الجمالية) كما استخرج جواز سفر مصري (تحت رقم 160793) صادر في 15/ 6/ 1985 من جوازات العباسية صالح حتى 14/ 6/ 1992 فضلاً عن أن والده مصري يحمل بطاقة عائلية (رقم 242927) صادرة من سجل مدني الجمالية في 10/ 11/ 1964 ثابت منها أنه من مواليد (الشيخ زويد) المصرية بمحافظة سيناء في 24/ 12/ 1921 ويعمل تاجراً مصرياً وله سجل تجاري رقم 179 ورقم قيد 170 بالسجل المدني بالجمالية ويعمل تاجراً بالمحل رقم 13 حمام الثلاث ميدان الكانتو قسم الموسكي.
وأضاف المدعي أنه سافر إلى الخارج بموجب الجواز الصحيح الصادر له وعند عودته بتاريخ 25/ 5/ 1986 إلى أرض الوطن فوجئ بإدارة الجوازات تطلب جواز سفره لإلغائه بناءً على شكوى تفيد أنه فلسطيني الجنسية وقامت الإدارة فعلاً بمنعه من السفر بجوازه المصري بحجة إلغائه لإسقاط الجنسية المصرية عنه، وألزمته باستخراج وثيقة سفر فلسطيني، الأمر الذي يهدد حياته وأسرته ويهدر حقوقه الدستورية التي كفلها الدستور من حرية السفر والعمل والانتقال والإقامة وإذ يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال الناتج عن الضرر الذي يصيبه من جراء سحب جواز سفره ومنعه من السفر والادعاء بأنه فلسطيني الجنسية المصرية عنه.
وبجلسة 21/ 6/ 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وبإلزام المدعي بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الاطلاع على الأوراق المودعة ملف الدعوى وعلى ملف إقامة المدعي أنه كان قد تقدم خلال الفترة من عام 1966 حتى عام 1978 بطلبات امتداد إقامة وتجديد وثيقة سفره، وأن جنسية المدعي الثابتة في تلك الطلبات أنه فلسطيني من مواليد (خان يونس) وتاريخ ميلاده عام 1948، وأنه كان طالب بكلية دار العلوم جامعة القاهرة خلال الفترة من عام سنة 1967 حتى عام سنة 1971، كما وأن إقراراً مودعاً بملف إقامته محرراً من زوجته المصرية تفيد أنها تتعهد بالإنفاق على زوجها محمد سلامة الشاعر (الطاعن) الفلسطيني الجنسية وولدها منه طيلة مدة إقامتها بمصر، وإذا أوضحت الجهة الإدارية أن الجنسية الثابتة لجد المدعي أنه فلسطيني الجنسية ولم تثبت الجنسية المصرية لوالده، ولم يدحض المدعي ذلك ولم يقدم ما يثبت عكسه، وأن ما قدمه في حافظة مستنداته من صور ضوئية لشهادة ميلاده أو بطاقته الشخصية أو شهادة تأدية الخدمة العسكرية لا يمكن الاحتجاج بها أو التعويل عليها في إثبات الجنسية إذ أن تلك الأداة ليست لها حجية مطلقة وأنها لا تصلح لاعتبار المدعي مصري الجنسية إذ أنها غير معدة أصلاً لإثبات الجنسية وصادرة من جهات غير مختصة بذلك.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الثابت من الأوراق أن والد الطاعن مصري الجنسية ويحمل بطاقة عائلية رقم 24927 سجل مدني الجمالية محافظة القاهرة صادرة بتاريخ 10/ 1/ 1964 ويحمل الطاعن شهادة ميلاد تفيد جنسيته المصرية وأنه من مواليد 27/ 2/ 1950 بشمال سيناء ومعه شهادة بأداء الخدمة العسكرية بالقوات المسلحة المصرية وهي مستندات قاطعة وعلى الجهة الإدارية عبء إثبات عكس المستفاد من هذه المستندات الرسمية، وهذه الأوراق لم يصطنعها أو يقدمها للحصول على الجنسية ولكن في مناسبات أخرى وإذا كانت تنكر جنسية والد الطاعن بمجرد الشك وهو ما لا يصلح مستنداً للإثبات وأن الجنسية كما هو واضح بالأوراق ثابتة لوالده.
وقدم الحاضر عن الطاعن أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا مذكرة أوضح بها أن والد الطاعن مصري الجنسية بشهادة تحقيق شخصية صادرة من سلاح الحدود الملكي بوزارة الدفاع الوطني في 15/ 6/ 1948 جاء بها أن محل ميلاده الشيخ زويد والإقامة برفح، وأنه تقدم بطلب للقيد بالسجل التجاري بمحافظة سيناء عام 1957 باسم سلامة محمد الشاعر وجنسيته مصري، ويحمل بطاقة عائلية تثبت أنه مولود في رفح بسيناء في 24/ 12/ 1921 وكما يبين من صور القيد العائلي من السجل المدني المصري وبالنسبة لحق الطاعن فقد استندت المحكمة إلى ما ورد بمحضر اللجنة الاستشارية أنه فلسطيني في حين الكشف الذي اطلعت عليه اللجنة ورد به خطأ أن جده هو (محمد حسن الشاعر) في حين أن الحقيقة أن اسم جده هو (محمد سلامة حسين الشاعر) ولما كان قرار منح الطاعن جواز السفر المصري غير منعدم لعدم ثبوت الغش من جانبه في الوثائق المقدمة منه للحصول على الجواز ومن ثم يتحصن هذا القرار بمضي ستين يوماً. كذا فإن ثمة مبادئ بحكم الجنسية منها أن الغلط في الجنسية ليس - شأنه حرمان الإنسان من جنسيته، وأن الحالة الظاهرة لوالد الطاعن أنه مصري الجنسية بالوثائق المقدمة.
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد ناطت بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالي بأن الجنسية المصرية ينظمها القانون وانطلاقاً من هذا الحكم فإن الشارع المصري نظم أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصري والدولة - على سنن منضبطة تجعل من انتساب المواطن المصري للدولة المصرية مركزاً تنظيماً يكتسبه المصري حتماً من أحكام القانون مباشرة، إذا ما توافرت فيه الشروط التي أوجبها القانون، دون أن يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون المصري تسوغ تمتع من قامت به - بالجنسية المصرية، ويقع عبء إثبات الجنسية المصرية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها، ولا يكفي في إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها، ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية ما دامت هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية، كما لا يسوغ من ناحية أخرى لحرمان المواطن من حقه في التمتع بالجنسية إظهاره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبي غير المتمتع بجنسيتها كإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة لشخص ما أو سحب بطاقته العائلية فكل ذلك لا يعدو أنه يكون تعبيراً عن إرادة أو وجهة نظر كل من طالب الجنسية والجهة الإدارية ولا أثر لذلك كله في جنسيته إلا وفق ما تقرره أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق عليه التي تحدد أحكامه الشروط الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لهذه الأحكام، دون أن يكون للمواطن للجهة الإدارية سلطة تقديرية في تحديد من يتمتع بالجنسية المصرية من عدمه وفي ضوء هذه الأصول والمبادئ القانونية صاغت القوانين المتتابعة في شأن الجنسية المصرية أحكامها فنصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 في شأن الجنسية المصرية على أن: "يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون أولاً.... ثانياً.... ثالثاً من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929 سواء كانوا بالغين أو قصر." كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 على أن: "المصريون هم 1 - .... 2 - ..... 3 - ..... 4 - ..... 5 - الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929 سواء أكانوا بالغين أم قصر" كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بأن "المصريين هم أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن. ونصت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 بأن "المصريون هم أولاً: المتوطنون في مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون". وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أنه "يكون مصرياً 1 - من ولد لأب مصري".
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الشارع المصري قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف فاعتبر رعايا الدولة العلية أو الرعايا العثمانيين من المصريين، إذا توافر في حقهم شرط الإقامة المعتادة خلال الفترة من 5 نوفمبر 1914 حتى 10 مارس 1929، وقد أكدت جميع القوانين الصادرة في هذا الشأن حق هذه الطائفة في التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت في حقهم الشروط المشار إليها بأن كانوا مقيمين في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن أنه في عام 1956 شكلت لجنة إدارية برئاسة عضو من مجلس الدولة، وعضوية أحد كبار الضباط بإدارة التفتيش العام بوزارة الداخلية، وآخرين بوزارة الداخلية للبحث في مدى ثبوت الجنسية المصرية لبعض أهالي سيناء من عدمه، وقد انتقلت هذه اللجنة إلى العريش ورفح وعقدت اجتماعاتها بحضور وكيل محافظة سيناء ومأمور قسم سيناء الشمالي ومعاون مباحث المحافظة، وقامت اللجنة بالاستماع إلى معلوماتهم وملاحظاتهم في هذا الشأن، كما اطلعت اللجنة على ملف الموضوع المحفوظ بالمحافظة كما قامت اللجنة أيضاً بمعاينة مساكن الأهالي المذكورين وأراضيهم، وانتهت اللجنة في تقريرها المؤرخ 14/ 2/ 1956 إلى ثبوت الجنسية المصرية لعدد من الأهالي وقضى ثبوتها لطائفة - ثانية وإلى عدم كفاية المعلومات الواردة عن طائفة ثالثة، طلبت تحريات المباحث عن كل واحد منهم وقد انتهت اللجنة في البند (رابعاً) إلى موافاة اللجنة بملفات محافظة سيناء الخاصة بكل من الآتي ذكرهم حيث ورد البند (6) اسم والد الطاعن "سلامة محمد حسن الشاعر" وترجو اللجنة موافاتها بما لدى المحافظة من ملفات أخرى خاصة بالشكوى في جنسيتهم على دفعات وعلى أن ترسل ملفات كل عائلة على حدة مرفقاً بها كشف يبين فيه أسماء أفرادها المطلوب البت في جنسيتهم مقسماً إلى قسمين ( أ ) فئة المولودين قبل 10 مارس سنة 1929 (ب) وفئة المولودين بعد هذا التاريخ، وأن يكون كل ملف شاملاً البيانات الكافية للنظر في حالة كل شخص وبه تحريات مباحث سيناء وتحريات مباحث فلسطين. كما يبين من الاطلاع على محضر انعقاد اللجنة الاستشارية لبحث جنسية أهالي سيناء والمنعقدة بقسم جوازات العريش في المدة من 20/ 12/ 1964 حتى 24/ 12/ 1964. وقد استعرضت اللجنة الطلبات المقدمة من بعض الأفراد ورد اسم جد الطاعن (محمد حسن الشاعر) تحت البند (56) الصفحة الثانية من تقرير اللجنة ورأت اللجنة بعد الاطلاع على التحريات الواردة بملفاتهم والمستندات التي تقدموا بها أنهم لا يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة لفقدانهم شرط الإقامة بالبلاد المدة من سنة 1914 حتى سنة 1929، ومن ثم لا يكون قد ثبت أمام هاتين اللجنتين إقامة جد الطاعن أو والده في الأراضي المصرية المدة المشار إليها ولم تبت اللجنة في ثبوت جنسيتهم المصرية بالنظر إلى أن الملفات الواردة من الجهات المختصة لم تتضمن ما يثبت إقامتهم المدة السالفة في الأراضي المصرية، كما لم يتقدم كل من جد الطاعن ووالده بما يفيد هذه الإقامة ومن ثم لم تثبت لأي منهما الجنسية المصرية والتي هي مصدر اكتساب الطاعن لهذه الجنسية ولا حجة لما ذهب إليه الطاعن من أن صحة اسم جده هو "محمد سلامة حسين الشاعر" وهو شخص آخر خلاف من بحثت اللجنة الاستشارية الأخيرة في جنسيته والذي ورد في البند 56 باسم "محمد حسين الشاعر" ولم يقدم الطاعن دليلاً على صحة ما ذهب إليه سوى عقد بيع عرفي لا يصلح سند قانونياً حاسماً في هذا المقام كما لم يقدم الطاعن ما يثبت اختلاف الشخصية وما يفيد ثبوت الجنسية المصرية للمدعو سلامة حسين الشاعر أو إلى ابنه سلامة محمد سلامة حسين الشاعر على ما يحتج الطاعن أنه اسم جده واسم والده الصحيح ولم يقم احتجاجه على سند أو ادعائه على أساس، فضلاً عن أنه ليس ثمة خلاف بين الاسمين فيما لو اقتصر الطاعن لاسمه على الاسم الرباعي "محمد سلامة محمد الشاعر وهو الاسم الذي قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على مستندات صادرة من جهات الدولة المختلفة تدليلاً على ثبوت جنسيته المصرية به وما تحويه هذه المستندات من قرائن غير كافية وحدها قانوناً لإثبات الجنسية المصرية باعتبار أن الجنسية المصرية مركز قانوني ذاتي يستمده الإنسان من أحكام الدستور والقانون ويتصل بسيادة الدولة والنظام العام الدستوري لكيانها وتحديد من هم مواطنيها مثلما يحدد الدستور إقليمها ونظام حكمها ولا يكفي لتوافر مجرد توافر بعض القرائن أو المظاهر الخارجية التي قد تحيط عادة بالمتمتعين بها وإنما يتعين توافر الشروط والوقائع القانونية التي تطلبها الدستور والقانون في هذا الشأن وإذ لم تتوافر في والد الطاعن أوجده واقعة الإقامة والتوطن في مصر على النحو السالف وهي الواقعة القانونية التي يشترطها القانون وبتحققها يتعين تمتعه بالجنسية المصرية وهي التي عنيت اللجنة لاستظهارها في التقريرين سالفي الذكر مما فحصته من مستندات ولم تتحقق منه في السجلات أو في ما أجرته من مقابلات ومعاينات على النحو الوارد في محاضر أعمالها ومن ثم فإنه لا يعتبر الطاعن متمتعاً بالجنسية المصرية إعمالاً لنصوص القانون السالفة.
ومن حيث إنه لم تتوافر للطاعن الشروط اللازمة قانوناً للتمتع بالجنسية المصرية على النحو الذي حدده الدستور والقانون فإنه لا تثبت الجنسية المصرية له ولو انقضى على التصرف أو القرار الإداري الذي يتضمن الإقرار أو الاعتراف بذلك على خلاف القانون فترة الطعن أمام القضاء الإداري لعدم تحصن هذا القرار أو التصرف لأنه لا يعد قانوناً منشئاً لهذا المركز القانوني على أي وجه حيث ينشأ من الدستور والقانون ذاته وصف المصري لأي إنسان ولا يملك أي شخص منح أو منع وصف المصري على خلاف هذه الأحكام ولا يتحصن أي قرار أو تصرف إداري على خلاف الدستور أو القانون في هذا الشأن حيث لا دخل لإرادة الفرد أو الإدارة في كسب مركز المصري الأصيل وفقده وإذ لا يعد الطاعن مصرياً على ما سلف بيانه فإنه لا يغير من هذا الوضع الذي حدده القانون منحه جواز سفر مصري (برقم 060793/ 185 العباسية) حيث إن ذلك أثر من آثار التمتع بالجنسية المصرية وعلامة عليها وليس هو الأساس في التمتع بها حسب الدستور والقانون ومنح الجواز على خلاف القانون لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن أمام القضاء وأنه لما كان قد تم منح الجواز لغير مصري ومن ثم فإن سحب جواز السفر الطاعن ومنحه وثيقة سفر فلسطيني يكون قد تم متفقاً وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه قد ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب ومن ثم يكون قد صدر سليماً ومطابقاً لأحكام القانون ولا يطعن عليه، ويكون الطعن عليه على غير أساس جدير بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة وزير الداخلية وحده وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق