جلسة 26 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عزت إبراهيم ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلي فكري صالح وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(38)
الطعن رقم 2049 لسنة 37 القضائية
(أ) طوائف خاصة من العاملين - ممثلو وزارة المالية - تأديبهم.
المادة 33 من القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة - المادة 26 من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية.
التحقيق مع ممثلي وزارة المالية بالجهات الإدارية ينعقد لجهاز التحقيق التابع لوزارة المالية وليس لجهات التحقيق بالجهات الإدارية التي يعملون بها - مساءلتهم تأديبياً من اختصاص وزارة المالية - لا يخل ذلك باختصاص النيابة الإدارية في التحقيق معهم باعتبارهم من العاملين المدنيين بالدولة - اختصاص الإدارات القانونية بالوزارات المختلفة لا يقيد سلطة النيابة الإدارية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق في المخالفات المالية والإدارية - محاكمة ممثلي وزارة المالية تكون أمام المحاكم التأديبية - تطبيق.
(ب) مناقصات ومزايدات - مناط قبول العطاء الوحيد.
المادة (33) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983.
من شروط قبول العطاء الوحيد أن يكون سعره مناسباً - لا يتحقق هذا الشرط إلا إذا اطلعت لجنة البت على الأسعار الأخيرة السابق التعامل بها واسترشدت بأسعار السوق - عدم مراعاة تلك الإجراءات يمثل مخالفة تأديبية في حق لجنة البت - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 24/ 4/ 1991 أودع السيد الأستاذ/ محمد ميرغني خيري المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2049/ 37 ق عليا، في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بجلسة 23/ 2/ 1992 في الدعوى رقم 142/ 37 والذي قضى بمجازاة الطاعن الأول - بخفض أجره بمقدار علاوة - ومجازاة الطاعن الثاني والثالث والرابع والخامس بخصم أجر شهرين من راتب كل منهم، ومجازاة الطاعن السادس والسابع والثامن بخصم شهر واحد من راتب كل منهم، وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لجميع الطاعنين وإعلان براءتهم مما نسب إليهم، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ العقوبات الموقعة بالحكم - وإلزام جهة الإدارة الأتعاب.
وبعد إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده في 9/ 5/ 1991 قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت فيه - للأسباب المبينة به - إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعنين مما نسب إليهم من مخالفات.
ويعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة قررت بجلسة 24/ 6/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 18/ 7/ 1992 التي نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 14/ 11/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 1/ 12/ 1992 وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات اللازمة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع المنازعة، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة به - أن إدارة الورش ومعدات النقل بألماظة بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني طرحت عملية توريد قطع غير مطلوبة لتشغيل سيارات الهيئة في مناقصة محدودة بين الشركات الوكيلة والمتخصصة في نوعية قطع الغيار المطلوبة وحسب المواصفات المحددة وبتاريخ 20/ 7/ 1988 قدمت الإدارة العامة للأمن بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني مذكرة تفيد وجود بعض المخالفات في تنفيذ الممارسة المذكورة لذلك أحيل الموضوع إلى الشئون القانونية للتحقيق، والذي أحالته بدورها إلى النيابة الإدارية بالكتاب رقم 53 المؤرخ 3/ 8/ 1958 لإجراء التحقيق في الموضوع، حيث أجرت النيابة الإدارية تحقيقاتها التي خلصت منها إلى مسئولية الطاعنين وإحالتهم إلى المحكمة التأديبية لأنهم في الفترة من 13/ 1/ 1988 وحتى 29/ 5/ 1988 بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني وبوصفهم السالف قد خالفوا القانون ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات وأتوا ما من شأنه الإضرار بمصالح الهيئة المالية ونسبت النيابة الإدارية إلى:
أولاً: الأول..... مدير إدارة العقود والمشتريات المحلية بالهيئة (الطاعن الأول) – أنه:
1 - لم ينفذ كافة الإجراءات المطلوبة وفقاً لنص المادة 20 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 بصفته رئيساً للجنة فتح المظاريف.
2 - لم يقم بعرض الأثمان الأخيرة السابق التعامل بها وكذا لم يحصل على أسعار السوق وعرضها على أعضاء لجنة البت في المناقصة محل التحقيق وأعضاء لجنة الممارسة قبل البت في العروض المقدمة لها بالمخالفة لحكم المادة 29 من اللائحة المشار إليها من قبل.
3 - لم يقم بإخطار عضو اللجنة "أ" بميعاد ومكان اجتماع لجنة الممارسة محل التحقيق رغم ورود اسمه ضمن أعضاء هذه اللجنة بقرار التشكيل مما أدى إلى عدم حضوره أعمال هذه اللجنة.
ثانياً: من الأول حتى السابع (وهم الطاعنين من الأول حتى السابع) بصفتهم أعضاء لجنة البت في المناقصة محل التحقيق نسب إليهم:
1 - لم يسترشدوا بالأثمان الأخيرة السابق التعامل بها وبأسعار السوق عند البت في العطاءات المقدمة من الشركات مما أدى إلى توريد بعض الأصناف بأسعار تزيد عن سعر السوق وألحق ضرراً مالياً بالهيئة وذلك بالمخالفة لنص المادة 29 من اللائحة.
2 - أرسوا المناقصة عن بعض الأصناف على شركات كانت عروضها وحيدة رغم عدم مناسبتها من حيث السعر بالمخالفة لنص المادة 33 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات.
3 - انتهوا في المناقصة إلى إعادة طرح بعض الأصناف في ممارسة بدعوى أنها لم يقدم عنها عطاءات رغم عدم وجود حاجة عاجلة مخالفين بذلك حكم المادة 5/ 6 من القانون رقم 9/ 1983.
4 - انتهوا في المناقصة إلى إعادة طرح بعض الأصناف في الممارسة بدعوى أن أسعارها تزيد على سعر السوق رغم عدم الحصول على سعر السوق فضلاً عن عدم وجود حالة عاجلة مخالفين بذلك حكم المادة 5/ 6 من القانون رقم 9 لسنة 1983، مما يترتب عليه شراء ذات الأصناف بالممارسة بأسعار تزيد على الأسعار التي كانت معروضة في المناقصة.
ثالثاً: من الأول حتى الخامس والثامن (الطاعنين من الأول إلى الخامس وكذلك الثامن) بوصفهم أعضاء لجنة الممارسة محل التحقيق نسب إليهم أنهم لم يسترشدوا بالأثمان الأخيرة السابق التعامل بها وبأسعار السوق قبل إرساء العطاءات على الشركات مما أدى إلى توريد أصناف بأسعار تزيد عن سعر السوق وتحميل الهيئة مبالغ مالية زيادة عن الأسعار الحقيقية للأصناف بدون مبرر مما ألحق بالهيئة ضرراً مالياً وبالمخالفة للمادة 29.
وبجلسة 23/ 2/ 1991 قضت المحكمة بمجازاة المحال الأول (الطاعن الأول)..... بخفض أجره بمقدار علاوة - وبمجازاة المحالين الثاني - .... والثالث..... - والرابع..... والخامس.... بخصم أجر شهرين من راتب كل منهم ومجازاة كل من السادس والسابع.....، والثامن...... بخصم شهر واحد من راتب كل منهم، وأسست المحكمة قضاءها على ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين فقد ثبت الاتهام المنسوب إلى الأول مما قررته موظفة الحسابات في الهيئة - من عدم تدوين أثمان الأسعار الأخيرة المتعامل بها للاسترشاد بها بمحضر اللجنة وما قرره باقي المتهمين من عدم عرض تلك الأسعار على اللجنة بصفته مدير إدارة المشتروات ورئيس اللجنة، كما أنه لم يخطر عضو اللجنة "أ" بميعاد ومكان اجتماع لجنة الممارسة مما أدى إلى عدم حضوره اللجنة فلم يقدم الدليل على ما ادعاه من إخطاره عضو اللجنة.
وبالنسبة لأعضاء لجنة البت في المناقصة فإن ما نسب إليهم ثبت في حقهم جميعاً وباعترافهم وما ثبت من الأوراق والتحقيقات ومن أقوال عضو لجنة الأمن والتقرير المعد لذلك وأن ما دفع به بعض المتهمين من أن عملهم مالي أو فني لا دخل له بالاسترشاد بالأسعار السابقة أو أسعار السوق لأن ذلك مسئولية اللجنة ككل إعمالاً لحكم المادة 29 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9/ 1983.
وبالنسبة لما نسب لأعضاء لجنة الممارسة فقد أسست المحكمة قضاءها بأن ما نسب إليهم ثابت في حقهم مما قرره عضوي لجنة الأمن وما تأيد بالدليل من عروض الأسعار التي حصلت عليها لجنة الأمن وباعترافهم وأنه كان يتعين على اللجنة أن تسترشد بالأسعار الأخيرة السابق التعامل بها.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على الأسباب الآتية: -
1 - أن العروض المقدمة من رئيس مكتب الأمن وهمية وليست إلا كلمات مرسلة ولم تقدم بالطريقة القانونية وبعد دفع التأمين اللازم.
2 - أن تقدير وجود الحاجة العاجلة هو سلطة تقديرية لأعضاء اللجان وأن الرئاسات الإدارية العليا قد اعتمدت أعمال اللجنة.
3 - بطلان قرار الإحالة للمحال الرابع (الطاعن الرابع) لأنه من موظفي وزارة المالية وأنه وفقاً للمادة 33 من قانون الموازنة العامة رقم 53/ 1973 المعدل بالقانون رقم 11/ 1979، تختص وزارة المالية والاقتصاد وحدها بمساءلة المسئولين الماليين التابعين لها عما يقع منهم من أخطاء فنية أو مخالفات مالية مع إخطار الوزير المختص بنتيجة المساءلة - وكذا نص المادة 46 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 127/ 1981 بشأن المحاسبة الحكومية التي تنص على أنه بمراعاة اختصاص المحاكم التأديبية تتولى وزارة المالية مساءلة ممثليها التابعين لها بالجهات الإدارية عما يقع منهم من أخطاء مالية وإدارية أو مخالفة لأحكام قانون المحاسبة الحكومية.
4 - أن أعضاء اللجنة (لجنة فتح المظاريف) وإن لم يوقعوا على العطاءات ومظاريفها إلا أنها مسألة تنظيمية وتعد مخالفة تافهة، وأنه من المسلمات أن الإنسان لا يؤاخذ على الأخطاء اليسيرة أو التافهة.
5 - أن عدم عرض الأسعار السابقة فهي في الواقع مسئولية إدارة المشتريات وليس رئيسها بنص القانون.
6 - وبالنسبة - لفكرة الأسعار السابقة، فإن معظم البنود المشتراة في الصفقة لم يكن قد سبق شراءها من قبل أو لم يتم شراءها من فترة قريبة، كما أن الصفقة كانت تشمل 740 بنداً مختلفاً - وأن الأسعار بالنسبة لقطع غيار السيارات تختلف من تاجر لآخر وسريعة التغيير.
7 - أنه ليس صحيحاً أنه لم توجه الدعوى إلى عضو اللجنة "أ" فقد وجهت له فعلاً.
ومن حيث إنه عن سبب الطعن الخاص بأن الطاعن الرابع ليس من العاملين بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني وأنه من موظفي وزارة المالية ومن ثم فإن مساءلته تأديبياً تكون لوزارة المالية وفقاً لنص المادة 33 من قانون الموازنة العامة رقم 53/ 1973 المعدل بالقانون رقم 11/ 1979 والمادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 127/ 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، فإن المادة 33 من القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة تنص على أنه "وتختص وزارة المالية.... وحدها بمساءلة المسئولين الماليين التابعين لها عما يقع منهم من أخطاء فنية أو مخالفات مالية مع إخطار الوزير المختص بنتيجة المساءلة وتنص المادة 26 من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية على أنه "مع عدم الإخلال باختصاص المحاكم التأديبية تختص وزارة المالية بمساءلة ممثليها التابعين لها بالجهات الإدارية عما يقع منهم من أخطاء ومخالفات لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وغيره من القواعد واللوائح المالية، كما نصت على مثل هذا الحكم المادة 46 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون، كما نصت المادة 47 من اللائحة على أن "تختص إدارة التحقيقات بكل من الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمديرية المالية بإجراء التحقيق مع العاملين بجهاز حسابات الحكومة والمديريات المالية عن المخالفات المالية والإدارية.
ومن حيث إن مؤدى النصوص المتقدمة أنها وإن ناطت بوزارة المالية الاختصاص بمساءلة ممثليها التابعين لها في الجهات الإدارية عما يقع منهم من أخطاء أو مخالفات للقواعد واللوائح المالية واختصاص إدارة التحقيقات بالإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمديرية المالية بإجراء التحقيق مع العاملين بجهاز حسابات الحكومة والمديريات المالية، عن المخالفات المالية والإدارية، إلا أن مفاد ما تقدم هو أن يكون التحقيق معهم لجهاز التحقيق التابع لوزارة المالية وليس لجهات التحقيق بالوزارات المختلفة أو أجهزة الحكم المحلي التي يعملون بها، كما أن مساءلتهم تأديبياً من اختصاص وزارة المالية أيضاً دون الوزارات التي يعملون بها - فيما إذا انتهى التحقيق إلى مجازاتهم إدارياً - من خلال جهة الإدارة في حدود اختصاصها القانوني، ودون أن يخل ذلك باختصاص النيابة الإدارية في التحقيق معهم باعتبارهم من العاملين المدنيين في الدولة وباعتبار أن النيابة الإدارية صاحبة الاختصاص العام في التحقيق الإداري مع العاملين المدنيين في الدولة فيما عدا من ينظم تأديبهم والتحقيق معهم قوانين خاصة - فإن اختصاص الإدارات القانونية بالوزارات المختلفة لا يقيد سلطة النيابة الإدارية، ولا يغل يدها في التحقيق مع العاملين بتلك الوزارات ومنهم العاملين بوزارة المالية إعمالاً لاختصاصها العام الوارد في المادة 3/ 3 في إجراء التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية التي يكشف عنها إجراء الرقابة وفيما يحال إليها من الجهات الإدارية المختصة وفيما تتلقاه من شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها، كما تختص بمحاكمتهم أيضاً المحاكم التأديبية وقد أشارت إلى ذلك صراحة نص المادتين 26 من القانون رقم 27/ 1981 والمادة 46 من لائحته التنفيذية، فقد بدأت كل منها بعبارة - مع عدم الإخلال باختصاص المحاكم التأديبية مما يعني أن محاكمتهما تأديبياً تكون من اختصاص المحكمة التأديبية وهو ما يؤكد اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق معهم والتي تمثل الادعاء أمام المحاكم التأديبية.
ومن ثم فإن القول بعدم اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق مع المذكور وصولاً إلى بطلان قرار إحالته إلى المحكمة يكون في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن والذي قال فيه الطاعن، أن العروض المقدمة من رئيس مكتب الأمن وهمية وليست إلا كلمات مرسلة ولم تقدم بالطريقة القانونية وبعد دفع التأمين اللازم، وهذا السبب مرتبط بالسبب الخامس والسادس من أسباب الطعن على النحو المبين في هذا الحكم بشأن عدم عرض الأسعار السابقة وأسعار السوق وأن ذلك مسئولية إدارة المشتريات وليس رئيسها، كما أن معظم البنود المشتراة في الصفقة لم يكن قد سبق شراءها من قبل أو لم يتم شراءها من فترة قريبة كما أن الصفقة كانت تشمل 740 بنداً مختلفاً وأن الأسعار تختلف من تاجر لآخر وسريعة التغير، فإن المادة 29 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات القانون رقم 9 لسنة 1983، أوجبت عند البت في العطاءات أن تسترشد اللجنة بالأثمان الأخيرة السابق التعامل بها ويجب بيان هذه الأثمان بكشف التفريع مع ذكر تاريخ التعامل كما يجب الاسترشاد أيضاً بأسعار السوق ويقع على عاتق إدارة المشتريات مسئولية الحصول على هذه الأسعار. ومن ثم فإن المشرع وضع التزاماً على لجنة البت عند البت في العطاءات المقدمة في المناقصة مؤداه الاسترشاد بالأثمان الأخيرة السابق التعامل بها ويجب بيان هذه الأسعار بكشف التفريغ مع ذكر تاريخ التعامل، مع الاسترشاد أيضاً بأسعار السوق التي تتولاها إدارة المشتريات، فإذا لم تلتزم لجنة البت بهذا الإجراء فإن ذلك ينطوي على مخالفة لنص المادة 29 سالفة الذكر تستوجب المساءلة التأديبية فالمشرع إذ نص في قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية على وجوب اتباع إجراءات معينة في إجراء المناقصة أو الممارسة، فإنه، بلا شك يكون قد قصد بها حماية المال العام وضرورة الحصول على أفضل الشروط والأسعار لصالح الجهة الإدارية ومن ثم يتعين على القائمين على تطبيق تلك الأحكام وتنفيذها الالتزام الدقيق بتلك الإجراءات والتي لا بد أن يكون المشرع وهو يقررها رآها تحقق هدفاً معيناً يقصده، ومن ثم لا يصح الخروج على تلك الإجراءات أو عدم الالتزام بها تحت أي عذر أو أي مبرر لا يسمح به القانون لأن في ذلك إهمال النصوص التي وضعها المشرع وقصد بها تحقيق الصالح العام، وإذ لم يستند الطاعن في أسباب طعنه إلى أن اللجنة قامت بهذين الإجراءين بالنسبة لإثبات الأسعار السابقة بكشف التفريغ أو الاسترشاد بالأسعار السابقة كما خلت الأوراق مما يفيد ذلك فإن المخالفة تكون ثابتة في حقهم ولا يغير من ذلك ما ورد النص من اختصاص إدارة المشتريات الحصول على أسعار السوق - فهذا التكليف مجرد عمل مادي أما الالتزام القانوني - فإنه يقع على اللجنة بحكم عملها بأن تستوثق من هذين الإجراءين كالتزام قانوني عليها قبل البت في المناقصة وتطالب به إدارة المشتريات إذا لم تقدمه وإذ لم تفعل.... اللجنة ذلك فإنها تكون قد أخطأت في أداء عملها بما يوجب مسئولية أعضائها ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن في غير محله متعيناً رفضه، ولا يغير من ذلك ما ورد بالطعن من أن هناك بنود لم يسبق شراءها من قبل أو لم يتم شراءها منذ فترة قريبة مما يتعذر معه الحصول على الأسعار السابقة لذات النوع، فلو كان ذلك صحيحاً لوجب إدراج هذه المعلومة في كشف التفريغ أو إثباته في محضر الجلسة ومناقشته وإثبات أن هناك مواد لم يسبق شراءها من قبل أو من فترة قريبة كسبب مبرر لعدم وجود أسعار سابقة وإذ لم تفعل اللجنة ذلك فإن الخطأ يكون ثابتاً.
وحيث إنه عما أثاره الطاعن بشأن التوقيع على العطاءات ومظاريفها وأنها مجرد مسألة تنظيمية وتعد مخالفة تافهة، وأن الإنسان لا يؤاخذ على المسائل اليسيرة فإن الواضح مما تقدم أن الطاعنين لم ينكروا هذه المخالفة - وهي التزام يقع على عاتق رئيس لجنة فتح المظاريف وفقاً لنص المادة 20/ 7 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات التي أوجبت على رئيس اللجنة التوقيع منه ومن أعضاء اللجنة على العطاء ومظروفه وكل ورقة من أوراقه وأن يثبت هذه البيانات في السجل المعد لذلك ومع ذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إنه عما أثاره الطاعن من أنه ليس صحيحاً أنه لم يوجه الدعوى إلى عضو اللجنة "أ". فقد ثبت من التحقيق أن المذكور ربما يكون قد أخطر بالميعاد ومكان الاجتماع لجنة الممارسة وأنه هو الذي نسى الميعاد ولم يحضر، ومن ثم فإن هذه المخالفة غير ثابتة في حق الطاعن الأول الذي يتعين تبرئته من هذه المخالفة.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعن في أسباب طعنه من أن تقدير وجود الحاجة العاجلة هو سلطة تقديرية لأعضاء اللجان وأن الرئاسة الإدارية العليا هي التي تعتمد أعمال اللجان رداً على الاتهام بأن أعضاء لجنة البت أعادوا طرح بعض الأصناف في ممارسة رغم عدم وجود حاجة عاجلة بالمخالفة لنص المادة "5/ 6" من قانون المناقصات، فإن مؤدى نص المادة "5/ 6" المشار إليها أن يتم التعاقد بطريق الممارسة في المناقصات التي لم تقدم عنها أية عطاءات أو قدمت عنها عطاءات تزيد على أسعار السوق وكانت الجهة في حاجة عاجلة لا تسمح بإعادة طرحها في المناقصة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن إدارة الورش بالهيئة سبق لها أن أعدت مذكرة مؤرخة في 28/ 11/ 1987 ورد بها أنه في الأعوام السابقة قامت الهيئة بطرح مناقصات عامة لتوريد قطع غيار مطلوبة لتشغيل سيارات الهيئة وآخرها في العام الماضي حيث لم يتم توريد أغلب قطع الغيار المطلوبة لعدة أسباب منها أن الشركات التي رسى عليها العطاءات لم تقم بتوريد قطع الغيار المطلوبة لنوعية السيارات ويقوم بتسليم قطع غيار غير مطابقة - الأمر الذي أدى إلى عدم استلامها وكذلك تعطل بعض السيارات عن التشغيل وانتهت المذكرة إلى طلب طرح هذه العملية في مناقصة محدودة مع تقصير الإجراءات للحاجة الماسة والضرورية لتوريد هذه الأصناف لتشغيل سيارات الهيئة، كما جاء أيضاً في مناقصة الجهاز المركزي للمحاسبات المؤرخ 6/ 12/ 1988 بشأن سرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بشراء قطع الغيار اللازمة لإصلاح السيارات المعطلة التي يرجع بعضها إلى عام 1984 وأفادتها بما يتم في هذا الشأن. حيث إن ترك هذه السيارات دون إصلاح يعرضها للتلف نتيجة عدم الاستعمال والقدم بمرور الوقت.
ومن حيث إنه مما تقدم يبين أنه كانت هناك حاجة ماسة لتوريد قطع غيار السيارات المعطلة، وإذ قررت لجنة البت طرح بنود قطع الغيار في ممارسة لعدم تقديم عطاءات عنها ووجود حاجة عاجلة لتوريدها فإنها لا تكون قد أخطأت ويكون مساءلتها عن هذه الواقعة في غير محله وعلى غير سند من القانون.
وحيث إنه يرتبط بذلك ما نسب إلى لجنة البت من إرساء المناقصة عن بعض الأصناف على شركات كانت عروضها وحيدة رغم عدم مناسبتها من حيث السعر بالمخالفة لنص المادة 33 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 (المخالفة رقم 2)، فإن المادة 33 المشار إليها أجازت بموافقة السلطة المختصة قبول العطاء الوحيد إذا كانت حاجة العمل لا تسمح بإعادة طرح المناقصة أولاً يكون ثمة فائدة ترجى من إعادتها وأن يكون العطاء الوحيد مطابقاً للشروط ومناسباً من حيث السعر ومن ثم فإن مناط قبول العرض الوحيد - أن يكون مناسباً من حيث السعر - فضلاً عن الشروط الأخرى وإذ كان سبق للمحكمة أن تبين لها أن حاجة العمل لم تكن تسمح بإعادة طرح المناقصة فإن الشرط الثاني لقبول العرض الوحيد وهي شرط مناسبة السعر، أمر لا يتحقق إلا إذا وقعت اللجنة على الأسعار الأخيرة السابق التعامل بها والاسترشاد أيضاً بأسعار السوق، كما نصت بذلك المادة 29 من اللائحة وهو ما لم تفعله اللجنة، ومن ثم فإن قبول اللجنة العرض الوحيد لبعض الأصناف، بدعوى مناسبة السعر مع الحاجة العاجلة لها، غير صحيح وليس له سنده ويكون الاتهام ثابتاً في حق اللجنة، هذا الحكم يسري أيضاً على الاتهام الرابع المنسوب إلى اللجنة، بأنها انتهت إلى إعادة طرح بعض الأصناف في ممارسة بدعوى أن أسعارها تزيد عن سعر السوق. رغم أن الثابت على النحو المتقدم أنها لم تسترشد بأسعار السوق أو بالأسعار المماثلة السابق التعامل بها، مما يتعذر عليها تقييم ما إذا كان السعر مناسباً من عدمه أو أنه أزيد من سعر السوق وهو ما يشكل خطأً ثابتاً في حق اللجنة.
ومن حيث إن لجنة الممارسة، لم تسترشد هي أيضاً بالأثمان الأخيرة السابق التعامل بها وبأسعار السوق قبل الترسية طبقاً لنص المادة 29 من اللائحة والفقرة الأخيرة من المادة 6 من القانون التي نصت على أن تسري على الممارسة الأحكام الخاصة بالمناقصات فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون - ومن بين الأحكام التي تسري على الممارسة نص المادة 29 المشار إليها - ومن ثم فإن تصرف اللجنة بالمخالفة لنص المادة 29 ينطوي على خطأ يوجب مسئولية أعضائها عنه وتطبيقاً لنص المادة 77/ 3 من نظام العاملين المدنيين بالدولة التي تحظر مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات.
وحيث ثبت على النحو المتقدم ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعن الأول منفرداً في قرار الاتهام ما عدا المخالفة الثالثة وثبوت المخالفات المنسوبة للأول حتى السابع (الطاعن) بصفتهم أعضاء لجنة البت - فيما عدا المخالفة الثالثة - وكذلك ثبوت المخالفة المنسوبة للجنة الممارسة وهم من الأول حتى الخامس ومعهم الثامن.
وحيث إنه رغم عدم ثبوت مخالفتين من المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين على النحو المتقدم، إلا أن باقي المخالفات الثابتة في حقهم كافية لجمل الجزاءات التي تمت مجازاتهم بها ومتناسبة معها الأمر الذي يكون معه الطعن في غير محله متعيناً رفضه وتأييد الحكم المطعون فيه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق