الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023

الطعن 1448 لسنة 33 ق جلسة 27 / 12 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 39 ص 375

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(39)

الطعن رقم 1448 لسنة 33 القضائية

دعوى - ندب خبير - عدول المحكمة عن الحاجة إلى خبير - إغفال المحكمة ذكر أسباب هذا العدول.
المادة 69 من الدستور وأحكام قوانين تنظيم مجلس الدولة وقانون المرافعات والإثبات.
إغفال ذكر أسباب عدول المحكمة عن الحاجة إلى خبير وبيان أسانيدها في شأن ثبوت الوقائع التي كانت تحتاج إلى تحقيق الخبير أو تحقيق فيها ذاتها دون إجراء أية تحقيقات تمثل خروجاً على أصول النظام العام القضائي لما شابه من نقص وقصور جسيم في تسبيب الحكم وغموض شديد في سند عدول المحكمة عن التحقق بواسطة أهل الخبرة ويمثل ذلك إهداراً لحق الدفاع حرماناً للخصوم من تقديم ما لديهم من أدلة ومستندات تمكن المحكمة من التحقق من وقائع الدعوى وتحقيقها ما دام أن وقائع الدعوى قد عدلت المحكمة عن تحقيقها بمعرفة الخبراء وارتأت أن تتولى البحث والتحقق والتيقن منها بذاتها - عدم ذكر هذه الأسباب يتضمن تعويقاً للمحكمة الإدارية العليا من أن تعمل رقابتها على أحكام محاكم أول درجة على نحو ميسر وسليم من واقع ما تحدده المحكمة التي تصدر الحكم من أسباب واضحة وصريحة وكافية تستند إليه فيما قضت به في منطوق حكمها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22/ 3/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 22/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 21 لسنة 38 ق المقامة من المطعون ضدهما ضد الطاعنين والذي قضى بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدي للمدعيتين تعويضاً مؤقتاً قدره قرش صاغ واحد وألزمت الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً، وقدم السيد الأستاذ المستشار محمد محمد متولي صبحي مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة خلص فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وتحدد لنظر جلسة 4/ 12/ 1989 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث تدوول نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 1/ 6/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فتحددت جلسة 19/ 7/ 1992 لنظره وبجلسة 18/ 10/ 1992 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 13/ 12/ 1992 مع التصريح لمن يشاء بمذكرات خلال أسبوعين ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 27/ 12/ 1992 لإتمام المداولة.
وبجلسة اليوم صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 3/ 10/ 1983 أقامت المدعيتان الدعوى رقم 21 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وطلبتا في ختام صحيفتها الحكم أولاً/ بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية بجلسته المنعقدة في 10/ 12/ 1982 وقرار المجلس التنفيذي للمحافظة في 4/ 5/ 1982 بتخصيص قطعتي أرض المدعيتين لإقامة مشروع سنترال عليهما بناحية العجمي بالها نوفيل وثانياً: بإلغاء القرارين المطعون فيهما وثالثاً: بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي إليهما مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت عما لحق بهما من خسارة وما فاتهما من كسب.
وقالا شرحاً لدعواهما أنهما تمتلكان قطعتي أرض (بحوض السوق بناحية العجمي البحرية قسم الدخيلة محافظة الإسكندرية) وذلك بموجب العقد المسجل برقم 781 في 25/ 10/ 1976 ويحوزانهما حيازة فعلية بوضع اليد عليهما وهما محاطتان بسور من جميع الجهات كما قامتا ببناء عدة قواطع مباني داخلية تمهيداً لاستغلالهما إلا أنهما فوجئتا بمهندسي الحي يقومون بمعاينة الأرض، وعندما استطلعتا الأمر علمتا بصدور القرارين المطعون فيهما، ونهضت الجهة الإدارية في تنفيذ مشروع السنترال بالاتفاق مع الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وشركة طومسون الفرنسية مما ألحق بهما عديداً من الأضرار تتمثل في حرمانهما من استغلال قطعة الأرض المزمع إنشاء المشروع عليها فضلاً عن إحجام المشترين عن الشراء بسبب وجود منازعة بينهما وبين الجهة الإدارية.
وقدمت المدعيتان صورة العقد المسجل ورد به مساحة الأرض وحدودها وذلك على النحو المبين بعريضة الدعوى.
وبجلسة 24/ 4/ 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري أولاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه وألزمت المدعيتين بمصروفات هذا الطلب ثانياً: وقبل الفصل في موضوع طلب التعويض إحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب من بين أعضائه خبيراً لأداء المأمورية الموضحة بأسباب هذا الحكم (وهي ما إذا كانت الأرض محل القرار المطالب بالتعويض عنها هي ذات الأرض التي تدعي المدعيتان ملكيتها أم لا ومقدار ما أصابهما من ضرر وعلى أن تودع المدعيتان خزانة المحكمة مبلغ مائة جنيه لحساب مصاريف وأتعاب مكتب الخبراء على أن يتم ذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم)، وحددت المحكمة جلسة 29/ 5/ 1986 في حالة عدم إيداع الأمانة وجلسة 26/ 6/ 1986 في حالة إيداعها، ولم تودع المدعيتان أمانة الخبير، وقد أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه الذي قضى بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعيتين تعويضاً مؤقتاً قدره قرش صاغ واحد وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات. وأسست المحكمة قضاءها على أن جهة الإدارة تنكبت أحكام القانون بإصدارها القرارين المطعون فيهما بتخصيص الأرض التي أقامت عليها مشروع سنترال العجمي ضمن المساحة السكنية التي اشترت المدعيتان منها قطعتي الأرض بالعقد المسجل وذلك قبل استكمال الإجراءات اللازمة للاستيلاء على نصيب الحكومة من تلك المساحة الكلية إذ بدون هذه الإجراءات لا تعتبر الدولة مالكة للأرض التي أجرت فرزها تمهيداً للاستيلاء النهائي عليها مما أضر بالمدعيتين بوصفهما مشتريتين للمساحة الواردة بالعقد المسجل الخاص بهما وعلى هذا استطردت المحكمة بأن يكون القرار الصادر بتخصيص الأرض المذكورة لإقامة المشروع عليها مخالفاً للقانون ويتوافر بذلك عنصر الخطأ في جانب الإدارة، وبعد أن أبانت المحكمة الضرر الذي لحق بالمدعيتين نتيجة لصدور القرار المطعون فيه مما يجعل رابطة السببية بين الخطأ والضرر انتهت إلى مسئولية الإدارة عن تعويض المدعيتين.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله على أساس أن الحكم بني على إجراءات باطلة، ذلك أن المحكمة أصدرت حكمها التمهيدي بجلسة 24/ 4/ 1986 بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لبيان ما إذا كانت الأرض التي تم بناء السنترال عليها مملوكة للمدعيتين من عدمه وبيان الأضرار التي لحقت بهما، إلا أن المدعيتين قد امتنعتا عن أداء أمانة الخبير، وقررت المحكمة إصدار الحكم دون أن تفصح عن عدولها عن حكمها التمهيدي وأسباب ذلك عملاً بنص المادة التاسعة من قانون الإثبات، خاصة وأنه لا وجود لأي دليل على ادعاء المدعيتين، كان حرياً بالمحكمة وقد امتنعت المدعيتان.
ومن حيث إن هذا بذاته يجعل الحكم معيباً لما شابه من قصور وغموض شديد في التسبيب وإهداره لحق الدفاع الذي كفله الدستور ويقوم عليه النظام العام القضائي من أسس ومبادئ عامة أوردتها نصوص الدستور وأحكام قانوني المرافعات والإثبات وقانون تنظيم مجلس الدولة، كما أن عدم ذكر هذه الأسباب يتضمن تعويقاً للمحكمة الإدارية العليا عن أن تعمل رقابتها على أحكام محاكم أول درجة على نحو ميسر وسليم من واقع ما تحدده المحكمة التي تصدر الحكم من أسباب واضحة وصريحة وكافية تستند إليه فيما قضت به في منطوق حكمها.
ومن حيث إنه فضلاً عما سلف بيانه فإن الثابت من الأوراق أن المجلس الشعبي بمحافظة الإسكندرية كان قد قرر بتاريخ 15/ 12/ 1982 تخصيص موقع بطريق الهانوفيل بالعجمي لإقامة مشروع سنترال عليه وقد وافق المجلس التنفيذي للمحافظة على ذلك، وهما القراران المطعون فيهما من المدعيتين، على أساس أن الأرض التي صدر القراران بتخصيصها مملوكة لهما بعقد مسجل بالشهر العقاري إلا أن الجهة الإدارية حينما قامت بالبحث الدقيق إزاء اعتراض بعض المواطنين على إجراءات التنفيذ على الأرض التي سيقام عليها المشروع تبين لها أن جزء من الأرض مسجل (برقم 4007/ 1978) وجزء استيلاء أراضي إصلاح زراعي وعليه إفراج مؤقت لصالح ورثة فاطمة محمد بالو (الطرف الأول البائع للطرف الثاني المدعيتين حسبما هو وارد بالعقد المسجل المثبت لملكية المدعيتين) وأنه لذلك رؤي تحريك الموقع جهة الشرق لتفادي ملكية الأهالي ووضع اليد واستقر الرأي على تسليم الموقع بعد التعديل بالحدود الواردة بمحضر التسليم، بعد أن تبين أن المساحة التي تم اختيارها خالية وصالحة لتنفيذ المشروع ولا توجد بها إشغالات بناء وأنه لذلك تم تحرير محضر استلام مؤرخ في 29/ 11/ 1983 بمعرفة لجنة مشكلة من مدير عام إسكان العامرية ومهندسي المباني بالحي وبعض المسئولين بجهاز حماية أملاك الدولة والأملاك الأميرية ومديرية المساحة ومديرية الزراعة وأملاك الهيئة القومية للاتصالات السلكية ويفيد المحضر بأنه "تم تسليم الموقع الجديد على أن يوضع في الاعتبار إلغاء محضر التسليم المؤرخ في 23/ 8/ 1983 الخاص بالموقع السابق تخصيصه بموافقة المجلس التنفيذي في 4/ 5/ 1982 وموافقة المجلس المحلي في 15/ 12/ 1982 والذي اتضح فيما بعد أنه من الأملاك الخاصة المسجلة".
(تراجع حافظة المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة 3/ 12/ 1992).
ومن حيث إن الثابت حسبما يبين من كل ما تقدم أن الجهة الإدارية وإن كانت بمقتضى القرارين المؤرخين 4/ 5، 15/ 12/ 1982 قد اختارت الموقع الذي تقع فيه أرض مملوكة للمدعيتين بعقد مسجل - لإقامة مشروع السنترال إلا أن الثابت من الأوراق أنه قبل مضي شهرين على تاريخ إقامة المدعيتين لدعواهما أمام محكمة القضاء الإداري في 3/ 10/ 1983 فإن الجهة الإدارية قد عدلت عن قراريها المشار إليهما بأن قامت بتعديل محلهما باختيار موقع آخر بديل للموقع السابق ولا تدخل فيه أرض المدعيتين وقد تم تسليم الموقع البديل فعلاً في 29/ 11/ 1983 بعد أن تأكدت الجهة الإدارية أن الموقع الجديد لا توجد عليه تعاملات وأنه من أملاك الدولة، (تراجع حافظة المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة 5/ 2/ 1990).
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعيتين لم يحرما من الأرض المملوكة لهما بعد أن تداركت الجهة الإدارية الأمر، ولم يثبت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد وضعت يدها على الأرض المشار إليها قبل اختيار الموقع البديل ومن ثم فلم تحجب الأرض عن ملاكها، وعلى هذا النحو فإن ضرراً ما (غير رفع الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين) لم يثبت أنه قد يلحق بالمدعيتين نتيجة صدور القرارين المطعون فيهما بعد أن عدلت الإدارة عن الموقع الذي صدر به القرارين المطعون فيهما والذي كانت به أراضي المطعون ضدهما ولما كان الضرر عنصر من العناصر اللازم توافرها للحكم بالتعويض عن القرارات أو التصرفات الإدارية فإن عدم توافره يجعل طلب التعويض غير مستقيم على أساس من الواقع أو صحيح حكم القانون كما هو الحال الماثل - ويكون من المتعين رفض دعوى التعويض وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا القضاء فإنه يكون قدر على أساس غير سليم من القانون مستوجباً الإلغاء فضلاً عن الحكم برفض دعوى المطعون ضدهما.
ومن حيث إنه ولئن كانت الطاعنتان قد خسرتا دعواهما، إلا أنه فيما يتعلق بالمصروفات التي أوجب قانون المرافعات المدنية والتجارية أن يتضمن الحكم المنهي للخصومة تحديد الطرف الذي يتحمل هذه المصروفات، ومن حيث إن الثابت أن الجهة الإدارية حينما أصدرت القرارين المطعون فيهما واللذان هما محل طلب التعويض المقدم من المدعيتين فإن القرارين المشار إليهما قد صدرا على أساس غير صحيح من الواقع أدى إلى مخالفة صحيح أحكام القانون ذلك أنهما وردا على أملاك خاصة بالمدعيتين وقرار تخصيصها لإقامة سنترال عليها على غير النحو الذي رسمه الدستور والقانون وبدون مراعاة الإجراءات المقررة قانوناً سواء بطريق التعاقد مع المدعيتين لشراء هذه المساحات أو بالاستيلاء، وهو ما حدا بالمدعيتين إلى إقامة الدعوى التي صدر فيها الحكم لهما بالتعويض جبراً للأضرار التي لحقتهما من جراء القرارين المطعون فيهما وهي الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه فإذا ما كانت الجهة الإدارية هي التي عدلت عن محل قراريها - بعد رفع الدعوى - حيث عدلت من الموقع الذي سوف يقام عليه مشروع السنترال إلى موقع آخر بعيداً عن ملكية الأهالي - ومن بينها ملكية المدعيتين ومن ثم فإن الجهة الإدارية تكون هي التي ألجأت بقراريها آنفي الذكر المدعيتين إلى إقامة دعواهما دفاعاً عن ملكيتهما وحقوقهما ومن ثم فإنه يتعين الحكم بإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهما وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق