الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 ديسمبر 2023

الطعن 3534 لسنة 36 ق جلسة 10 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 49 ص 483

جلسة 10 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(49)

الطعن رقم 3534 لسنة 36 القضائية

تعليم - المدارس الخاصة - الترخيص بها - شروطه وضوابطه. (تراخيص).
المواد 55، 56، 57، 58 من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، المادتان 1، 11 من قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 1982 بشأن التعليم الخاص.
وضع المشرع قواعد وإجراءات الترخيص بإنشاء مدارس خاصة تقوم بجانب المدارس الحكومية على تأدية الرسالة التعليمية وتسيير مرفق التعليم وتقديم خدماته للمواطنين - وضع المشرع في القانون رقم 139 لسنة 1981 بشأن التعليم الخاص قواعد منح الترخيص لإنشاء المدارس الخاصة - حرم قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 1982 أن تكون هذه المدارس مملوكة ملكية خاصة لأفراد بل يلزم أن تكون مملوكة لشخص اعتباري فضلاً عن قيامها بتدريس مناهج محددة معتمدة من قبل الوزارة - نتيجة ذلك: الترخيص بممارسة النشاط التعليمي أو التدريبي يصدر مشروعاً حصيناً من الإلغاء فلا يجوز سحبه أو إلغاؤه بإرادة الجهة الإدارية التي أصدرته لما يرتبه لأصحاب الشأن من مراكز قانونية مشروعة لا يجوز المساس بها - مناط ذلك أن يلتزم طالب الترخيص شروط الترخيص الصادر له وألا يتجاوز متطلباته أو يتقاعس عن توافر شروط ممارسة النشاط فيه - إذا ما خالف المرخص له شروط الترخيص على الوجه الذي يؤدي إلى عدم توافر شروط استمراره وصلاحيته لممارسة النشاط موضوع الترخيص وتنكب وجه تحقيق الغايات المتطلبة منه بعدم توفير الكوادر الفنية اللازمة للتدريس وفقاً لمناهج محددة تتضمنها اللائحة المنظمة للدارسة في المدرسة أو المركز مما يعد مخالفة للقانون وخروجاً عن الغايات التي استهدف المشرع تحقيقها بالترخيص لغير الجهات الحكومية بالمعاونة في تسيير مرفق التعليم ودعم رسالة التعليم وتحقيق غاياته - يجوز للجهة الإدارية أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن استمرار العملية التعليمية في مسارها الصحيح ولها أن تشرف وتراقب أداء المرخص له وتتابع أداء المدرسة المرخص فيها وأن تطلب من المرخص له موافاتها بما يؤكد تحقيق وتوفر الشروط القانونية المتطلبة بصفة منتظمة ومستمرة بوجود مناهج محددة لدراسة واضحة المعالم تؤدي من خلال المختصين من القائمين على التدريس إلى توافر كفاءة مهنية أو علمية معينة لدى الدارس بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 8/ 1990، أودع الأستاذ حشمت حامد الشنواني المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3534 لسنة 36 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 12/ 7/ 1990 في الدعوى رقم 2721 لسنة 44 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته. وبإحالة طلبي الإلغاء والتعويض إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإيداع تقرير بالرأي القانوني فيهما.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة 4/ 11/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 15/ 11/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 13/ 12/ 1992 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 10/ 1/ 1993 لاستكمال المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عن النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 2721 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء الترخيص الممنوح له، مع ما يترتب على ذلك من آثار. أهمها الاستمرار في تشغيل المراكز وذلك بصفة مؤقتة لحين الفصل في موضوع الدعوى وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 1/ 5/ 1985 وافقت لجنة التعليم الخاصة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الغربية على فتح مراكز تدريب (فيري) لتعليم فن التفصيل، وذلك بناءً على كتاب وزارة التربية والتعليم إلى المديرية باتخاذ إجراءات الترخيص بفتح هذه المراكز واستناداً إلى الطلب المقدم إليها من المدعي بتاريخ 18/ 12/ 1984. وبعد إتمام المعاينة للأماكن المعدة كمقر للمركز وفروعه بالمحافظات بمعرفة الوزارة.
وأضاف المدعي أنه استناداً إلى أحكام قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 والقرار الوزاري رقم 70 لسنة 1982 بشأن التعليم الخاص. وبناءً على طلب الجهة الإدارية تقدم إليها باللائحة الداخلية للمعهد المشار إليه وذلك بتاريخ 7/ 5/ 1985.
وتمت مراجعتها ثم صدر الترخيص له بممارسة المراكز لنشاطها في تعليم المتدربين كما تم تجديد الترخيص خلال المواعيد المقررة.
واستطرد المدعي بياناً لدعواه قوله أنه فوجئ بتاريخ 5/ 11/ 1989 بورود الكتاب رقم (710) لسنة 1989 المتضمن أن لجنة التعليم الخاص بمديرية التربية والتعليم بالغربية قد وافقت على إلغاء الترخيص الصادر له طبقاً لموافقة وزير التعليم في 30/ 8/ 1989.
ونعى المدعي على القرار مخالفة القانون مما حدا به إلى التظلم من هذا القرار بتاريخ 19/ 11/ 1989 إلى المدعى عليه الأول الذي تقاعس عن الرد على تظلمه وإن كان قد تسلم من المدعى عليه الثاني رداً بأن هذا الإلغاء قد تم بناءً على قرار الإدارة القانونية بالوزارة في القضية رقم 185 لسنة 1989، وموافقة الوزير على ذلك الإلغاء. استناداً إلى ما نسب إلى المذكور من مخالفات جسيمة وخروجه على كل بنود اللائحة رغم أنه لم يرتكب أياً مما نسب إليه من مخالفات.
وبجلسة 12/ 7/ 1990 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإحالة الدعوى بشقيها الموضوعي والتعويضي إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإبداء الرأي القانوني فيه.
وشيدت المحكمة حكمها على سند من أن المواد (55، 57، 58) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 تشير إلى الشروط والضوابط اللازم توافرها لمنح الترخيص بإنشاء المدارس الخاصة واستمرار الترخيص لها بممارسة نشاطها وفي مقدمتها تحقيق كل أو بعض الأغراض المشار إليها بالمادة (55) من القانون السالف الذكر ومنها المعاونة في مجال التعليم الأساسي أو الثانوي العام والفني وفق الخطط والمناهج المقررة في المدارس المناظرة أو دراسة مناهج خاصة وفق ما يقرره وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم.
وأنه لما كان البين من الأوراق أن مديرية التربية والتعليم قد منحت المدعي ترخيصاً لفتح مركز (فيري) للتفصيل والحياكة في 17/ 1/ 1986. ثم قامت في 1989 بإلغاء هذا الترخيص استناداً إلى أن صاحب المدرسة ليس شخصاً اعتبارياً وبالتالي ما كان يجوز إصدار الترخيص له أصلاً كما أن فن التفصيل والحياكة لا يدخل ضمن أحد الغرضين اللذين نص عليهما القانون تحديداً لإمكان منح الترخيص خاصة وقد رفضت الوزارة الموافقة على اعتماد المناهج المقترحة من جانبه للدارسة مما يكون معه القرار المطعون فيه حسب الظاهر من الأوراق قد قام على صحيح سنده من القانون حرياً برفض طلب وقف تنفيذه. ومن ثم أصدرت حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تفسير القانون وتأويله وتفسيره. ذلك أن القرار المطعون فيه وإن كان قد صدر بالمخالفة للقانون إلا أنه تحصن بمضي ستين يوماً على صدوره كما أن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه غير صحيحة مما يجعله خليقاً بالإلغاء. وأنه لما كانت الآثار المترتبة على سحب الترخيص لا يمكن تداركها فإن طلب وقف التنفيذ يكون قد توافرت له شروط الحكم به.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه طبقاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فإنه يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين الأول: هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيباً بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه عند الفصل في الموضوع.
الثاني: هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين، بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع. كما أن الدولة ملزمة بأن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وأن هذا الحق يتساوى فيه جميع المواطنين بلا تمييز إلا بقدر ما يتميز به الفرد عن أقرانه بقدرته على تحصيل العلم، وترتيب نتائج هذا التحصيل على نحو يفيد المجتمع. ولهذا شرع المشرع نظام توفير كافة الفرص لأبناء الوطن ليتحصل كل منهم على قدر من التعليم الأساسي يمكنه من أن يقوم بدور في بناء الدولة المصرية وتقدمها ورفاهية أبنائها وكفل فيما يلي هذه المرحلة أنماطاً من التعليم تتفق واحتياجات المواطنين وتتدرج نوعاً وكيفاً حسب إمكانات كل فرد وقدراته وللزيادة المضطردة في أعداد الشعب ورغبة في الوفاء بالعملية التعليمية على صحيح أسسها أصدرت الدولة العديد من القوانين والقرارات المنظمة لمشاركة الأفراد لها في القيام على أداء رسالة التعليم للغاية منها فرخصت لهم بإنشاء المدارس الخاصة ومراكز التعليم والتدريب المهني والفني.
ولكن هذا الترخيص بالمعاونة في العملية التعليمية يلزم وفق أحكام الدستور والقانون أن يتم تحقيقه من خلال المشروعية وسيادة القانون في ظل الانضباط والمتابعة والإشراف المقرر قانوناً للسلطة التعليمية المختصة ولا يغفل هذا التنظيم مناط المساعدة من تعثر من طلاب العلم لضعف فيه إلا وفق التنظيم القانوني الذي حدده المشرع وقرره وفي نطاقه تحقيقاً لغاية المشرع في توفير فرص التعليم والتدريب للبعض ليصل بهم إلى مرحلة الإنتاج والمساهمة الفعالة في تطوير الدولة وزيادة الإنتاج بل ومكافحة البطالة بتوفير أماكن للعلم والتدريب لهم للحصول على خبرة وعلم تدريبي يكون سنداً ووسيلة لأداء أحد الأعمال المنتجة في المجتمع.
ومن جهة أخرى ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى منذ إنشائها سنة 1955 على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تخضع لها القرارات المطعون فيها لتزنها محاكم مجلس الدولة بميزان القانون والمشروعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها أو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة، أو لو ثبت انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وقراراتها وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين بها وأن رقابة الإلغاء يتفرع عنها رقابة وقف تنفيذ القرار الإداري.
ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو ظاهراً وواضحاً من عدم مشروعية القرار الإداري فضلاً عن توافر نتائج يتعذر تداركها من الاستمرار في التنفيذ للقرار المطلوب وقفه ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال.
وهذه الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية تتولى المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها الرقابة والمراجعة لها حيث تزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو السالف البيان.
ومن حيث إنه بناءً على ما سبق جميعه فإن محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أي سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون. ولكنها لا تحل نفسها محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها التنفيذية التي أناطها بها كذلك الدستور والقانون واللوائح التنظيمية والتي تتحمل الإدارة مسئولية أدائها. ومن ثم فإن ولاية رقابة مشروعية القرار محل هذه المنازعة لا يحق بحسب أحكام القانون والدستور أن تمتد أبعد مدى من القضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري أو إلغائه لما قد تتبينه محاكم مجلس الدولة من خروج قرارات الإدارة وتصرفاتها عن المشروعية وتتقيد الإدارة العاملة وفقاً لما تتضمنه الأحكام منطوقاً وأسباباً بها وتلتزم بتصحيح تصرفاتها وقراراتها، إعلاء للمشروعية واحتراماً لحجية الأحكام القضائية.
ومن حيث إن المادة (55) من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 تنص على أن تنشأ المدارس الخاصة لتحقيق الأغراض الآتية:
المعاونة في مجال التعليم الأساسي أو الثانوي........
ودراسة مناهج خاصة وفق ما يقرره وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم كما تنص المادة (56) من ذات القانون على أن (تخضع المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية بالمحافظات).
وتشير المادة (57) إلى وجوب الحصول على ترخيص مسبق بإدارة مثل هذه المدارس من مديرية التربية والتعليم المختصة.
وتنص المادة (58) على أن يشترط في صاحب المدرسة الخاصة ما يأتي:
أن يكون شخصاً اعتبارياً متمتعاً بجنسية جمهورية مصر العربية.
أن يكون قادراً على الوفاء بالتزامات المدرسة المالية وفقاً للشروط التي يصدر بها قرار من وزير التعليم.
وقد أصدر وزير التعليم القرار رقم 70 لسنة 1982 بشأن التعليم الخاص وينص في المادة الأولى منه على أن تعتبر مدرسة خاصة كل منشأة حكومية تقوم أصلاً أو بصفة فرعية بالتعليم أو الإعداد المهني أو الفني قبل مرحلة التعليم الجامعي وتنص المادة (11) من ذات القرار على أن "تصدر المديرية أو الإدارة التعليمية الترخيص النهائي بفتح المدرسة بما في ذلك مدارس التعليم الثانوي العام طالما سبق لها الحصول على قرار وزير التعليم بفتح المدرسة.
ومن حيث إنه يبين من النصوص السابقة ومن سائر ما تضمنه قرار وزير التعليم المشار إليه من قواعد وإجراءات للترخيص بإنشاء مدارس خاصة تقوم بجانب المدارس الحكومية على تأدية الرسالة التعليمية وتسيير مرفق التعليم وتقديم خدماته للمواطنين بفئاتها وتخصصاتها المختلفة.
ومن حيث إن القانون والقرار التنظيمي المشار إليهما قد وضعا ضابطاً لما يعد مدرسة خاصة وهي وفق المفهوم الفني الدقيق لكلمة المدرسة أنها منشأة - حكومية أو غير حكومية بالشروط والأوضاع المقررة قانوناً لها - تقوم وفق مناهج معينة وأعضاء هيئات تدريس متخصصين من الإداريين والعلميين بتدريس المناهج الدراسية التي تعتمدها الجهات المختصة في مرحلة التعليم قبل الجامعي بنوعياته المختلفة الثانوي العام أو الفني أو التجاري أو الزراعي...... تأهيلاً لمنح شهادة محددة بحصول الطالب أو المتدرب على قدر معين من العلم أو الخبرة في مجال محدد بذاته توضحت جوانبه فيما أعد ووضع له من مناهج دراسية أعدت من قبل المتخصصين في مجال التعليم.
ومن حيث إن المشرع قد وضع في القانون رقم 139 لسنة 1981 بشأن التعليم الخاص قواعد منح الترخيص لإنشاء المدارس الخاصة على النحو المشار إليه. وحرم قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 1982 أن تكون هذه المدارس مملوكة ملكية خاصة لأفراد بل يلزم أن تكون مملوكة لشخص اعتباري فضلاً عن قيامها بتدريس مناهج محددة معتمدة من قبل الوزارة. ومن ثم فإن الترخيص بممارسة النشاط التعليمي أو التدريبي، يصدر مشروعاً حصيناً من الإلغاء فلا يجوز سحبه أو إلغاؤه بإرادة الجهة الإدارية التي أصدرته لما يرتبه لأصحاب الشأن من مراكز قانونية مشروعة لا يجوز المساس بها. إلا أن مناط ذلك أن يلتزم طالب الترخيص شروط الترخيص الصادر له. وألا يتجاوز متطلباته أو يتقاعس عن توافر شروط ممارسة النشاط فيه. فإذا ما خالف المرخص له شروط الترخيص على الوجه الذي يؤدي إلى عدم توافر شروط استمراره أو صلاحيته لممارسة النشاط موضوع الترخيص وتنكب وجه تحقيق الغايات المتطلبة منه بعدم توفير الكوادر الفنية اللازمة للتدريس وفقاً لمناهج محددة تتضمنها اللائحة المنظمة للدراسة في المدرسة أو المركز مما يعد مخالفة للقانون وخروجاً عن الغايات التي استهدف المشرع تحقيقها بالترخيص لغير الجهات الحكومية بالمعاونة في تسيير مرفق التعليم ودعم رسالة التعليم وتحقيق غاياته. فإنه يجوز للجهة الإدارية أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن استمرار العملية التعليمية في مسارها الصحيح ولها أن تشرف وتراقب أداء المرخص له وتتابع أداء المدرسة المرخص بها وأن تطلب من المرخص له موافاتها بما يؤكد تحقق وتوفر الشروط القانونية المتطلبة بصفة منتظمة ومستمرة بوجود مناهج محددة لدراسة واضحة المعالم تؤدي من خلال المتخصصين من القائمين على التدريس إلى توافر كفاءة مهنية أو علمية معينة لدى الدارس لها.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن ما أطلق عليه الطاعن لفظ مراكز للتدريب على التفصيل والحياكة هي مجرد "مجموعة من المساكن المتفرقة" اتخذ من كل منها ما أطلق عليه مركزاً تدريبياً يتولى بنفسه جميع المهام المتصلة بها من إدارة فضلاً عن قيامه بالعملية التدريبية والإدارية والتنظيمية دون وجود مناهج دراسية محددة وفق لوائح منظمة معتمدة من قبل مديرية التربية والتعليم المختصة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق فضلاً عن ذلك عدم استجابة الطاعن لما طلب منه من تقديم اللوائح المنظمة لعمل المراكز على النحو اللازم لإمكان استمرار الترخيص بها ومن ثم فإن قرار الجهة الإدارية بإلغاء الترخيص لا يكون مخالفاً للقانون لصدور الترخيص للمذكور مقيداً بشروط وضوابط يلتزم المرخص له بالوفاء بها وأن يعمل على أن تستمر متوفرة في النشاط المرخص به طوال فترة الترخيص فإذا خرج على مقتضاها فإن للإدارة أن تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية الصالح العام للمتدربين والدارسين دون أن يتمسك في ذلك بتحصن القرار ضد الإلغاء لفوات المواعيد المقررة للإلغاء لأن قرار الترخيص قرار مستمر الأثر قانوناً ومحله ليس مجرد الترخيص بالممارسة في لحظة صدوره وحدها كما أن شروط الترخيص الخاص بمباشرة نشاط يسهم في تسيير مرفق عام ليست مقصورة على لحظة بحثه وصدوره.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن المبادئ الأساسية لتفسير وتطبيق النصوص التشريعية أن اللاحق منها ينسخ السابق وأن النسخ كما يكون صريحاً يكون ضمنياً ومن بين أساليب النسخ الضمني إعادة تنظيم الموضوع بقواعد تشريعية أو تنظيمية جديدة تسري بأثر مباشر على المراكز العامة القائمة. ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن القواعد التنظيمية العامة التي تضعها الإدارة متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في حدود ما صدرت بشأنه ما دامت لا تخالف القانون أو قاعدة تنظيمية تشريعية أعلى مرتبة منها وتلتزم جهة الإدارة بمراعاتها بمجرد صدورها ويلتزم المخاطبون بأحكامها بتوفيق أوضاعهم وفقاً لها.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 82 قد وضع القواعد التنظيمية لتنفيذ أحكام قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 المشار إليه ومنها الالتزام بوضع قواعد لمناهج دراسية محددة تعتمد من قبل الإدارة وهو ما ثبت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بتنفيذه فضلاً عن استمراره بالمخالفة للقانون في الإدارة الفردية في كل ما يتصل بهذه المراكز من تنظيم وتدريب وتدريس وتمويل وهو الأمر الذي يخرج النشاط الذي يقوم به في مجمله عن القواعد القانونية المقررة لاستمرار الترخيص له بإدارة المراكز المرخص بها. وهو الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية الواجب توفره للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى انتفاء ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ وقضى برفض الطلب دون الحاجة إلى بحث توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه ومن ثم يكون الحكم قد أصاب وجه الحق وصادق صحيح حكم القانون فيما قضى به للأسباب سالفة الذكر، ومن ثم يكون الطعن عليه قد أقيم على غير أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق