عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
الباب الأول
مصادر الالتزام (1)
الفصل الأول
العقد (2)
المذكرة
الإيضاحية :
نظرة عامة :
عمد المشروع نسجا على منوال أحدث التقنينات إلى البدء بأحكام العقد ، ولم
ير النص على تعريف للالتزام ( المادة 91 من التقنين الحالي) ولا على تقسيم لمصادر
الالتزام ( المادة 93 ) لأن ذلك كله ادخل في الفقه منه في التشريع .
إلا أنه عند تناوله لأحكام العقد قد أورد نصوصا مهملة في ركن التراضي كان
التقنين الحالي خلوا منها ، فهو قبل الكلام في شروط صحته ، (انظر المواد 128 وما
بعدها من التقنين الحالي) قد تناول الرضاء في ذاته ، فأظهر ما للتعبير عن الإرادة
من اثر في انعقاد العقد وميز ما بين الإيجاب والقبول فوضع أحكامهما الخاصة . وعرض
للحالة التي يكون فيها تبادل الرضاء قد تم من طريق المراسلة بين الغائبين وللحالة
التي يكون القبول قد اتخذ فيها صورة الإذعان ، وأخيرا تتبع المشروع مختلف المراحل
التي قد يمر بها العقد قبل أن يصير عقداً نهائياً في حالتي الوعد بالتعاقد ودفع
العربون .
مصادر الالتزام
:
أوردت المادة 93
/ 147 من التقنين المدني المصري تقسيماً لمصادر الالتزام ، إذ نصت على أن
الالتزامات إما أن تكون ناشئة عن اتفاق أو عن فعل أو عن نص القانون " واختار
التقنين المدني الفرنسي التقسيم التقليدي ، الذي اتبعه بوتييه ، فنص في المادة
1370 على أن مصادر الالتزام هي العقد وشبه
العقد والجنحة وشبه الجنحة والقانون . وقد وجه إلى هذا التقسيم نقد شديد ، وانتهى
الأمر أخيرا إلى تركه ، والواقع أن أحدث التقنينات ، ولا سيما ما كان منها جرماني
النزعة ، لا يورد في النصوص تقسيماً للمصادر . بل إن المشروع الفرنسي الإيطالي
ذاته ، على شدة تأثره بالنزعة اللاتينية ، انتهى إلى الإعراض عن كل تقسيم فقهي
ونعى على التقسيم الذي اتبعه التقنين الفرنسي قصوره وفساده ومجانبته للمعقول . وقد
برر واضعوا المشروع الفرنسي الإيطالي إعراضهم عن كل تقسيم ، ونبذهم للأحكام
الحالية الواردة في المادة 1370 من التقنين المدني الفرنسي والمادة 1097 من
التقنين المدني الإيطالي " بأن التقسيم الذي اتبعه هذان النصان أليق بأغراض
التعليم منه بأغراض النصوص التشريعية ". واستطرد التقرير الخاص بالمشروع
المتقدم ذكره قائلاً : " والخلاصة أن الفقه بوسعه أن يجري على التقسيم
التقليدي ، أو أن يحل محله تقسيماً أكثر اتفاقاً مع المعقول . والنتيجة أن إسقاط
التقسيم من المشروع قد أزال من النصوص عقبة تحول دون حرية اجتهاد الفقه في الإبداء
والتصوير ".
وقد رؤي من
الأنسب اقتفاء اثر المشروع الإيطالي الفرنسي وتقنينات حديثة أخرى ، فلم يقتصر الأمر على الإعراض عن التقسيم البالي الذي
اتبعه التقنين الفرنسي العتيق ، بل جاوز ذلك إلى العدول عن إقرار أي تقسيم رسمي في
النصوص ، وعلى هذا النحو ، قنع المشروع بعرض مصادر الالتزام المختلفة ، دون أن
يجهد في ردها إلى أقسام جامعة شاملة في نص خاص ، فعمد ، نسجا على منوال احدث
التقنينات ، إلى البدء بأحكام العقد والإرادة المنفردة ، ثم تناول العمل غير
المشروع والإثراء بلا سبب ، وانتهى بالالتزامات التي تنشأ مباشرة عن نص القانون .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق