الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 ديسمبر 2023

الطعن رقم 32 لسنة 44 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 2 / 12 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من ديسمبر سنة 2023م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 44 قضائية منازعة تنفيذ

المقامة من
نبيل عبد المغني حمزة سلامة
ضد
1- نقيب المحامين
2- وزير العدل
3- وزير المالية

----------------

" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من نوفمبر سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ البروتوكول الموقع في أكتوبر 2022، بين المدعى عليهم، بشأن تحصيل وتوريد ضريبة الجدول المقررة بقانون الضريبة على القيمة المضافة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016. وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك البروتوكول، والاستمرار في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في الدعاوى الدستورية أرقام: 35 لسنة 13 قضائية، بجلسة 7/ 11/ 1992، و19 لسنة 15 قضائية، بجلسة 8/ 4/ 1995، و43 لسنة 17 قضائية، بجلسة 2/ 1/ 1999.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واحتياطيًّا: بعدم قبولها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعي مذكرة تمسك في ختامها بطلباته الواردة بصحيفة دعواه، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليهم أبرموا بروتوكول تعاون بشأن تحصيل وتوريد ضريبة الجدول المقررة بقانون الضريبة على القيمة المضافة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016، على أن تنفذ أحكامه اعتبارًا من 22/ 10/ 2022، ولمدة عام واحد؛ وذلك استنادًا إلى نص المادة (52) من قانون الضريبة على القيمة المضافة سالف الذكر، الذي يخول وزير المالية أو من يفوضه تقرير الأحكام والقواعد الإجرائية اللازمة لتطبيق أحكام هذا القانون بما يتماشى وطبيعة نشاط بعض المسجلين، وقد تضمن هذا البروتوكول تنظيمًا للالتزامات التي تقع على أعضاء نقابة المحامين في شأن سداد الضريبة المشار إليها، سواء المبالغ التي تسدد تحت حساب الضريبة وفئاتها أو طريقة تحصيلها، كما تضمن التزام مصلحة الضرائب المصرية (القيمة المضافة) بإدراج ما تم تحصيله من ضريبة الجدول المحصلة تحت حساب الضريبة المستحقة على كل محام عما يزاوله من خدمات خاضعة لهذه الضريبة، وأن تتولى وزارة العدل تحصيل ضريبة الجدول، وفقًا للفئات المقررة في البروتوكول، عن طريق أقلام كتاب المحاكم والنيابات المختلفة على مستوى الجمهورية من المحامين، عند تقديمهم صحف الدعاوى والطعون لقيدها. وإذ ارتأى المدعي أن هذا البروتوكول يُعدُّ عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في الدعاوى الدستورية أرقام: 35 لسنة 13 قضائية، بجلسة 7/ 11/ 1992، و19 لسنة 15 قضائية، بجلسة 8/ 4/ 1995، و43 لسنة 17 قضائية، بجلسة 2/ 1/ 1999، فيما تواترت عليه من أن القانون هو المصدر المباشر للضريبة العامة، وأنه يجب مراعاة التوازن بين حق الدولة في تنمية مواردها وحق الملتزمين بها في تحصيلها، وفق أسس موضوعية لا تناقض ضوابط العدالة الاجتماعية، وأن الضريبة العامة لا يفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون، أما غيرها من الفرائض المالية فيتم في حدود القانون، وأن التفويض التشريعي الذي يخول رئيس الجمهورية إنشاء ضريبة عامة يخالف الدستور؛ ومن ثم أقام دعواه المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة، بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، على سند من أن البروتوكول المشار إليه لا يصلح أن يكون عائقًا في تنفيذ أحكام هذه المحكمة؛ لكونه مجرد اتفاق بين المدعى عليهم لوضع الأسس والقواعد الإجرائية لتنفيذ أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016، فذلك مردود بأن البروتوكول المشار إليه قد صدر استنادًا إلى الفقرة الثانية من المادة (52) من قانون الضريبة على القيمة المضافة سالف الذكر، التي نصت على أنه وللوزير أو من يفوضه تقرير الأحكام والقواعد الإجرائية اللازمة لتطبيق أحكام هذا القانون بما يتماشى وطبيعة نشاط بعض المسجلين، إذ استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على اتساع نطاق عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها وتحول دون تنفيذها أو تقيد نطاقها لتشمل التشريعات أو الأحكام القضائية أو القرارات الإدارية وكذا الأعمال المادية؛ ومن ثم فإن ذلك البروتوكول - أيًّا كان تكييفه القانوني - لم يتجاوز هذا النطاق ويُعدُّ عائقًا في تنفيذ أحكام هذه المحكمة، وإذ يهدف المدعي بدعواه المعروضة إلى المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الثلاثة المشار إليها، وعدم الاعتداد بذلك البروتوكول، باعتبار أنه يمثل عقبة قانونية تحول دون جريان آثارها وتنفيذ مقتضاها؛ ومن ثم فإن طلبه يندرج بهذه المثابة في عداد المنازعات التي عنتها المادة (50) من قانون هذه المحكمة وتختص بنظرها.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها، وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قوامها أن تعترض تنفيذ أحكامها عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة؛ ومن ثم تكون عوائق التنفيذ هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التي تتوخى إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي جميعها التي تحدد شكل التنفيذ وصورته النهائية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم؛ يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن بها صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعدُّ طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن منازعة التنفيذ تدور - وجودًا وعدمًا - مع نطاق حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ولا تتعداه إلى غيره من النصوص التشريعية، ولو تشابهت معها؛ ذلك أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في موضوع الدعوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، دون تلك التي لم تكن مطروحة على المحكمة، ولم تفصل فيها بالفعل، فلا تمتد إليها تلك الحجية. على أن يكون مفهومًا أنه لا يحوز من الحكم تلك الحجية المطلقة سوى منطوقه وما هو متصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالًا حتميًّا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها؛ ومن ثم لا يجوز الارتكان إلى تلك الأسباب إلا حال تعلق العقبة التي تحول دون تنفيذ الحكم الدستوري بما يقضي به ذلك الحكم مرتبطًا بأسبابه. وعلى ذلك لا يجوز نزع أسباب الحكم من سياقها أو الاعتداد بها بذاتها، دون المنطوق، للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان البروتوكول المصور عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا المار ذكرها، هو بروتوكول تعاون بين كلٍّ من وزارتي المالية والعدل ونقابة المحامين، بشأن تحصيل وتوريد ضريبة الجدول المقررة بقانون الضريبة على القيمة المضافة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016، في حين أن أحكام المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذها لا صلة لها بذلك البروتوكول؛ إذ إن أول هذه الأحكام هو الحكم الصادر بجلسة 7/ 11/ 1992 في الدعوى رقم 35 لسنة 13 قضائية دستورية، الذي قضى برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية المادة (13) من القانون رقم 91 لسنة 1983 بتنظيم الإعفاءات الجمركية، وثانيها هو الحكم الصادر بجلسة 8/ 4/ 1995، في الدعوى رقم 19 لسنة 15 قضائية دستورية، الذي قضى بعدم دستورية الفقرة (د) من البند (4) من المادة (79) من القانون رقم 80 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن العلمية المعدل بالقانون رقم 120 لسنة 1983، أما ثالثها فهو الحكم الصادر بجلسة 2/ 1/ 1999، في الدعوى رقم 43 لسنة 17 قضائية دستورية، الذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 208 لسنة 1994 بفرض ضريبة على أجور ومرتبات العاملين المصريين في الخارج، وسقوط باقي نصوصه الأخرى.
لما كان ذلك، وكان محل تلك الأحكام يتحدد بماهية النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، فإنه لا يتصور أن ترد عوائق التنفيذ على غير ذلك المحل؛ ومن ثم فإن ما يدعيه المدعي من أن البروتوكول المشار إليه يُشكل عقبة في تنفيذ الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية المار ذكرها لا يستند إلى أساس صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
ولا ينال مما تقدم اعتصام المدعي بمخالفة البروتوكول المشار إليه للقانون والدستور، على سند من عدم خضوع المحامين لأحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة، باعتبار أن الضريبة فريضة مالية لا يمكن فرضها إلا بقانون، كون ذلك ينحل في حقيقته إلى طعن على دستورية هذا البروتوكول، أقيم أمام هذه المحكمة بغير الطريق الذي رسمه القانون، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ البروتوكول المشار إليه، فإنه يُعدُّ فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت هذه المحكمة - فيما تقدم - إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها - طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق