جلسة 27 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(40)
الطعن رقم 2067 لسنة 33 القضائية
(أ) جنسية - إثباتها - الحالة الظاهرة دلالتها على ثبوت الجنسية.
المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 28 يونيو سنة 1900، المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية، المادة الأولى من القوانين أرقام 160 لسنة 1950، 391 لسنة 1956، 82 لسنة 1958، 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية يشترط لاعتبار الشخص مصرياً أن يتوافر في حقه أي من الشروط الآتية:
1 - التوطن في مصر قبل أول يناير 1848 حتى 10 مارس 1929.
2 - الاتصاف بالرعوية العثمانية والإقامة في مصر من 5/ 11/ 1914 حتى 10/ 3/ 1929.
3 - الاتصاف بالرعوية العثمانية والميلاد في الأراضي المصرية من أبوين مقيمين فيها والمحافظة على الإقامة العادية فيها حتى 10 مارس 1929.
الحالة الظاهرة ليست هي الدليل القاطع على التمتع بالجنسية المصرية والشهادات المقدمة لإثبات الحالة الظاهرة لا تضفي الجنسية بذاتها لأنها لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية وإنما هي مجرد قرائن عليها تزول قيمتها إذا ما أسفر البحث عن عدم توافر أركان وشروط قيام هذه الجنسية في حق صاحب الشأن قانوناً - تطبيق.
(ب) دعوى - التدخل الانضمامي في الدعوى - شروط قبوله.
المادة 126 من قانون المرافعات.
الجنسية علاقة من النظام العام وتتصل بتحديد ركن السكان الأصلاء الأساس في وجود الدولة المصرية - نتيجة ذلك: لكل مصري صفة في التدخل في أية دعوى خاصة بالجنسية المصرية إذا ما توافرت له مصلحة ظاهرة وجدية - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين 4/ 5/ 1987 أودع الأستاذ محمد المرصفي المحامي نائباً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 17/ 3/ 1987 في الدعوى رقم 4073 لسنة 37 المقامة من الطاعن ضد وزير الداخلية والقاضي بقبول تدخل السيدة/ صفاء عبد الفتاح درويش خصماً منضماً إلى جانب المدعى عليه بصفته وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن للمطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق وقدم الأستاذ المستشار عادل الشربيني مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم أولاً بقبول الطعن شكلاً، ثانياً/ رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي بمصروفات هذا الطلب، ثالثاً: إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بثبوت الجنسية المصرية للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة والمتدخلين في الدعوى بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 3/ 10/ 1988 حيث تم نظره بالجلسة المذكورة وبالجلسات التالية حتى تقرر بجلسة 19/ 12/ 1988 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة - الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) - وحددت لنظره جلسة 21/ 1/ 1989 وقد تدوول الطعن بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وبجلسة 4/ 10/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/ 11/ 1992 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/ 12/ 1992 وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن (المدعي) أقام الدعوى رقم 4073 لسنة 37 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) وطلب في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعي وإلزام المدعى عليه بصفته بإعطائه شهادة رسمية بذلك وإلغاء القرار السلبي الصادر برفض منحه هذه الشهادة مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي بياناً لدعواه أنه مصري الجنسية أباً عن جد متأصلاً في الجنسية منذ أمد بعيد فهو منحدر من أسرة (أبو العينين) في محافظة الشرقية حيث نشأ جدوده مصريين دون أدنى شك وعلى هذا ولد والده وسجل على أنه مصري أسوة بأبيه من قبله (جد المدعي) وقد حدث في سنة 1978 أن اشترى المدعي شقة تمليك من السيدة/ صفاء عبد الفتاح درويش ولما طلب نقل ملكيتها إليه أقام ضدها الدعوى رقم 6205 لسنة 1978 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع وقضت المحكمة بجلسة 28/ 4/ 1980 لصالح المدعي، فقامت البائعة باستئناف هذا الحكم بالاستئناف رقم 3868 لسنة 97 ق أمام محكمة استئناف القاهرة واستندت في استئنافها إلى أن العقد المحرر باسم المدعي في حقيقته عقد صوري يخفي وراءه التعاقد لصالح شخص آخر يحمل الجنسية الفلسطينية وزعمت بذلك أن العقد باطل، لكنها شعرت بضعف ادعائها خاصة بعد صدور الحكم الابتدائي فراحت تتقصى عن أي أمر يؤدي بها إلى فسخ العقد بينها وبين المدعي فهداها بحثها إلى أن المدعي يحمل جواز سفر أردني وحصلت على شهادة بأنه أردني الجنسية دون أن تتحرى عن سبب منحه هذا الجواز والذي مرده إلى أحداث نكسة سنة 1967 إذ قامت الأردن بتسليم النازحين من المناطق التي غزاها العدو جوازات سفر أردنية رغم كونهم فلسطينيين أو مصريين كانت تلك ميزة أجرتها المملكة الأردنية الهاشمية لإخفاء جنسيات هؤلاء حتى يفلتوا من عدوان الإسرائيليين عليهم، أضاف المدعي قائلاً أنه تقدم بعديد من الشكاوى عن ذلك الوضع طالباً الاعتراف له بالجنسية المصرية إلا أن إدارة الجوازات والهجرة والجنسية لم تقم بتسليم المدعي شهادة الجنسية المصرية ولا تزال ممتنعة رغم تقديمه لكافة المستندات المثبتة لذلك، فقد قدم شهادة ميلاده على أنه مصري من الشرقية (بندر الزقازيق) وثبت بالشهادة كذلك أن أبوه مصري كما قدم شهادات ميلاد إخوته جميعاً وهي قاطعة في جنسية الجميع المصرية بما فيهم الأب، بل إنه قدم شهادة ميلاد الأب نفسه الذي ثبت منها أنه مصري وأن أباه مصري كذلك، غير أن المدعي لم يتمكن من تقديم شهادة ميلاد جده، ولكن أمكنه الحصول على شهادة وفاته الرسمية في 15/ 1/ 1932 وتضمنت أنه مصري واسمه "حسن" ومتوفى عن (60) عاماً وثبت وثبت بذات الشهادة أن زوجة هذا الجد هي السيدة/ آمنه أحمد شرف الدين، كما قدم المدعي جوازات السفر الخاصة به وبأشقائه ثابت بها أنهم مصريون والبطاقات العائلية والشخصية لهم جميعاً والثابت بها أنهم مصريون كما أن المدعي حاصل على شهاداته الدراسية جميعاً بما فيهم بكالوريوس الهندسة على أنه مصري وقامت الدولة بتسجيله بسجلات التجنيد التي لا يقيد بها إلا المصريون، وعزز المدعي ذلك كله بشهادات رسمية تثبت وجود أملاك زراعية لأفراد من عائلته إلى ما قبل سنة 1923 فضلاً عن أن والدة المدعي ووالده كل منهما مصري كذلك، وانتهى المدعي إلى تأسيس إثبات تمتعه بالجنسية المصرية على ما يأتي:
1 - أنه مصري مولود لأب مصري استناداً إلى ما في حوزته من مستندات كشهادة الميلاد والشهادات الدراسية وجواز السفر المصري والبطاقة العائلية ومن ثم ينطبق عليه حكم المادة الثانية فقرة (1) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
2 - كما أنه يعتبر من الجنسية المصرية بالحالة الظاهرة التي تعتبر وسيلة لإثبات الجنسية بعد توافر عناصرها "الاسم والشهرة والمعاملة" وأضاف أن هذه العناصر متوافرة في حقه وخلص المدعي إلى طلباته سالفة الذكر.
وقامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى على النحو الموضح بجلسات التحضير وأودعت خلالها هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على ملف جنسية المدعي وملف إقامته وملف إقامة إبراهيم محمد حسن شقيق المدعي، وملف إقامة شقيقته عزيزة، كما قدم المدعي حافظة مستندات طويت على بعض المستندات المؤيدة لدعواه وطلب الحاضر عن السيدة/ صفاء عبد الفتاح درويش التدخل إلى جانب المدعى عليه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول تدخل السيدة/ صفاء عبد الفتاح درويش وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات، وقد تدوولت الدعوى بعد ذلك بجلسات محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بالمحاضر، قدم الحاضر عن المدعي حافظة مستندات طويت على ما يأتي:
1 - صورة شهادة وفاة جد المدعي حسين محمد أبو العينين 15/ 1/ 1932 بقرية تلا منوفية ثابت بها أنه مزارع مصري الجنسية.
2 - صورة لاستمارة الثانوية العامة الخاصة بالمدعي صادرة من مصر.
3 - صورة من شهادة المعاملة العسكرية الخاصة بالمدعي.
4 - صورة خمسة عقود شراء ومختومة بخاتم الدولة والمشتري فيها جد المدعي، وصور لإيصالات بتوريد أموال أميرية من الجد المذكور.
5 - صور كشوف رسمية من إدارة الضرائب العقارية تثبت حيازة ورثة أبو العينين وملكيتهم.
6 - صور لخطابات صادرة من إدارة الهجرة والجوازات بتاريخ 24/ 12/ 1985 تفيد أن كل من إبراهيم وحسن شقيقي المدعي مصري الجنسية منذ المولد طبقاً للقانون رقم 19 لسنة 1929 وأن زوجة كل منهما اكتسبت الجنسية تبعاً لجنسية زوجها، كما قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على مذكرة برد وزارة الداخلية على الدعوى ضمنتها أن المدعي حصل على إقامة في البلاد بوصفه أردني الجنسية (ملف رقم 3608/ 215) ولم يستدل على ما يفيد اكتسابه الجنسية المصرية وأنه يحمل جواز سفر أردني رقم 17244 صادر بتاريخ 7/ 10/ 1968 حضر به إلى البلاد في 15/ 8/ 1969 للدراسة وقرر أن والده فلسطيني وقد أقام بغزة سنة 1959 ثم غادرها والأسرة إلى الأردن عقب عدوان 1967 كما تبين أن المذكور كان يحمل وثيقة سفر فلسطينية وردت إلى المصلحة رفق كتاب القنصلية المصرية بعمان رقم 1800 بتاريخ 6/ 2/ 1969 لتجنسه بالجنسية الأردنية وقد سلمت هذه الوثيقة بعد إلغائها إلى إدارة الحاكم العام بقطاع غزة، وأن الملف يحوي العديد من المستندات التي تفيد أن المدعي أردني الجنسية وقد خلا مما يفيد توطن جد المدعي لوالده في البلاد خلال أي من الفترات المتطلبة قانوناً لاعتبار الشخص مصرياً بحكم القانون ومن ثم فلا يعتبر المدعي ووالده مصريان وعليه وحده (المدعي) إثبات تمتع جده بهذه الجنسية عملاً بحكم المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 وانتهت المذكرة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 17/ 3/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول تدخل السيدة/ صفاء عبد الفتاح درويش خصماً منضماً إلى جانب المدعى عليه بصفته وبقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وشيدت قضائها - بعد أن عرضت للتشريعات المتعاقبة في شأن الجنسية المصرية بدءاً من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900، والمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية وانتهاءً بالقانون رقم 26 لسنة 1975 على أن المشرع المصري تطلب لاعتبار الشخص مصرياً أن يتوافر في حقه أي من الشروط الآتية: -
1 - التوطن في مصر قبل أول يناير 1848 حتى 10 مارس 1929.
2 - الاتصاف بالرعوية العثمانية والإقامة في مصر من 5/ 11/ 1914 حتى 10/ 3/ 1929.
3 - الاتصاف بالرعوية العثمانية والميلاد في الأراضي المصرية من أبوين مقيمين فيها والمحافظة على الإقامة العادية فيها حتى 10 مارس 1929.
وأنه لم يثبت من الأوراق توافر أي من الشروط أو الأحكام التي نص عليها المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 للدخول في الجنسية المصرية بحكم القانون في حق جد المدعي، ومن ثم فإن والد المدعي لا يكون متمتعاً بالجنسية المصرية وتبعاً لذلك لا يكون ابنه وهو المدعي متمتعاً بهذه الجنسية مما تكون معه الدعوى متعينة الرفض وأن شهادات الميلاد والوفاة والشهادات الدراسية وجوازات السفر والبطاقات الشخصية والعائلية التي قدمها المدعي لا تضفي بذاتها الجنسية سواء على المدعي أو أشقائه لأنها مستندات لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية وإنما هي مجرد قرائن تزول قيمتها إذا ما أسفر البحث عن عدم توافر قيام هذه الجنسية في حق صاحب الشأن قانوناً، كما وأن الثابت من الأوراق أن المدعي يعامل في البلاد بوصفه أردني الجنسية ومشهود بهذه الصفة، وخلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم يقوم على أنه قد خالف روح التشريع والقواعد العامة وأخطأ في تطبيق القانون لعدة أسباب حاصلها:
أولاً: لم تتدخل المتدخلة إلا لمحاولة الإفلات من عقد البيع الذي صدر منها للمدعي، وهذا السبب غير كاف لقبول تدخلها في الدعوى الماثلة لأن الجنسية من الحقوق الدستورية للشخص ولا يجوز أن تكون محلاً للتعامل ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول تدخل المتدخلة أو رفضه.
ثانياً: ما ورد في الحكم من أنه لم يثبت توطن جد المدعي في مصر خلال المدة من 5/ 11/ 1914 حتى 10/ 3/ 1923 غير صحيح ومخالف للقانون فالعقود التي أبرمها جد المدعي وشهادة ميلاد والد المدعي تفيد توطن الجد في مصر من عام 1912 حتى 1932 تاريخ وفاته في مصر بالإضافة إلى الإيصالات التي تفيد سداد الضرائب العقارية والكشوف التي تضمنت ربط بعض الأطيان باسم هذا الجد، وأن شقيقة المدعي تقدمت إلى جهة الإدارة بذات المستندات فأقرتها واستخلصت منها أن جدها "وهو جد المدعي" قد استقر في مصر خلال الفترة المشترطة قانوناً ووافقت على منحها الجنسية المصرية تبعاً لذلك.
ثالثاً: أن من حقه - بفرض أن جنسية والده مجهولة أو محل شك - أن يكتسب الجنسية المصرية وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
رابعاً: أن من حقه (المدعي) اكتساب الجنسية المصرية على الأقل بالوضع الظاهر، وذلك حسبما يبين من الأرض التي خلفها أباءه وأجداده وشهادة ميلاده. وشهادة ميلاد والده وميلاد المدعي في مصر وخضوعه لقانون الخدمة العسكرية ووالدته المصرية وإخوته جميعاً المصريين. وأنه لم يعامل على أنه أردني بل على أنه مصري، وخلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر.
ومن حيث إن علاقة الجنسية بين المواطن والدولة وهي علاقة دستورية وقانونية تنظمها أحكام الدساتير والقوانين المنظمة لتحديد المواطنين الذين ينتمون إلى جنسية الدولة ويتمتعون بحمايتها ورعايتها ويخضعون بالتالي للالتزامات التي تفرضها صفة المواطنة عليهم ومن أبرزها الانخراط في سلك الخدمة العسكرية دفاعاً عنها والتمتع بمزايا المشاركة في الحياة السياسية لهذه الدولة بمباشرة حق الترشيح والتصويت في الانتخابات العامة والمحلية وتولي الوظائف العامة بمستوياتها المختلفة، ولذلك فقد عنيت دساتير مصر المتعاقبة في موادها الأساسية المنظمة للأركان الأساسية للدولة منذ دستور سنة 1923 على النص على أن الجنسية ينظمها القانون وبالتالي فإن المركز القانوني للمدعي الأصيل وفقاً للتنظيمات القانونية المتعاقبة لها مركز مستمد مباشرة من أحكام الدستور والقانون ويتعلق بالنظام العام الدستوري للدولة ولا محل فيه للمنع أو للمنح وهو بالتالي لا ينشأ من قرار إداري من السلطة الإدارية المختصة ولا تستطيع أيضاً الحرمان منه لو توفرت للمواطن المصري الأصيل شروطه.
ومن حيث إنه عن تدخل السيدة/ صفاء عبد الفتاح درويش خصماً منضماً إلى جانب المدعى عليه بصفته فإنه طبقاً لنص المادة (126) من قانون المرافعات وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة من طبيعة علاقة الجنسية بالنسبة للمصريين الأصلاء واعتبارها مستمدة من أحكام الدستور والقانون ومن النظام العام لتعلقها بتحديد من هم هؤلاء المصريين الأصلاء بما يرتبه ذلك من مراكز قانونية ومن ثم فإن طالبة التدخل لها مصلحة ظاهرة في هذا التدخل إذ أن المدعي قد اشترى منها شقة تمليك وفي حالة الحكم برفض دعوى المدعي بثبوت جنسيته المصرية سيمكنها فسخ عقد بيع الشقة المبرم معه باعتباره غير مصري الجنسية وهو ما ترنو إليه المتدخلة وباعتبار الجنسية علاقة من النظام العام وتتصل بتحديد ركن السكان الأصلاء في وجود الدولة المصرية وبالتالي فإن لكل مصري صفة في التدخل في أية دعوى خاصة بالجنسية المصرية إذا ما توفرت له مصلحة ظاهرية وجدية ومن ثم ثبوت الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقبول تدخلها خصماً منضماً إلى جانب جهة الإدارة قد التزم صحيح حكم القانون ويكون النعي عليه بمخالفته للقانون غير قائم على سند صحيح متعين الرفض.
ومن حيث إن القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ينص في المادة (1) منه على أن "المصريون هم أولاً: المتوطنون في مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1913 ومن غير رعايا الدولة الأجنبية المحافظين على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة.
ثانياً: من كان في 22 فبراير سنة 1958 متمتعاً بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية ولما كانت المادة (1) من القانون رقم 82 لسنة 1958 تنص على أن "تثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان في 22/ 2/ 1958 متمتعاً بالجنسية المصرية وفقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956" ولما كانت المادة (1) من القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية تنص على أن "المصريون هم أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير 1900 والمحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية، ثانياً: من ذكروا في المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 "ولما كانت المادة (1) من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية تنص على أن "يعتبر مصرياً الرعايا العثمانيون الذين يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواء كانوا بالغين أم قصر "ونصت المادة (1) ثانياً وثالثاً من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية على أن يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون..... ثانياً: كل من يعتبر في تاريخ نشر هذا القانون مصرياً بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 28 يونيو 1900، ثالثاً: من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في القطر المصري في 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون. وكانت المادة الأولى من الأمر العالي المذكور تنص على ما يأتي: عند إجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر في أول مايو سنة 1883 يعتبر حتماً من المصريين الأشخاص الآتي بيانهم وهم أولاً: المتوطنون في القطر المصري قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على إقامتهم فيه، ثانياً: رعايا الدولة العالية المولودون في القطر المصري من أبوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورين على محل إقامتهم فيه، ثالثاً: رعايا الدولة العالية المولودون والمقيمون في القطر المصري الذين يقبلون المعاملة بموجب قانون القرعة العسكرية المصري سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أنه يشترط لاعتبار الشخص مصرياً أن يتوافر في حقه أي من الشروط الآتية:
1 - التوطن في مصر قبل أول يناير 1848 حتى 10 مارس 1929.
2 - الاتصاف بالرعوية العثمانية والإقامة في مصر من 5/ 11/ 1914 حتى 10/ 3/ 1929.
3 - الاتصاف بالرعوية العثمانية والميلاد في الأراضي المصرية من أبوين مقيمين فيها والمحافظة على الإقامة العادية فيها حتى 10 مارس 1929.
ومن حيث إن الثابت أن والد الطاعن من مواليد الصالحية في 2/ 3/ 1925 ومقيد بسجلات المواليد في ذات التاريخ، فإن ذلك يعني أن والد الطاعن وقت العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الذي كان سارياً وقت ميلاد والد الطاعن كان عمره حوالي أربع سنوات وترتيباً على ذلك فإن والد الطاعن لا يتمتع بالجنسية المصرية إلا إذا كان والده أي جد الطاعن متمتعاً بهذه الجنسية طبقاً لأحكام المرسوم بالقانون المذكور.
ومن حيث إن الأوراق قد أجدبت عن إثبات توافر أي من الشروط والأحكام التي تطلبها القانون للدخول في الجنسية المصرية بحكم القانون في حق جد الطاعن، فمن ثم فإن والد الطاعن لا يكون متمتعاً بالجنسية المصرية وتبعاً لذلك لا يكون ابنه وهو الطاعن متمتعاً بالجنسية الأمر الذي يضحى معه طلب الطاعن إثبات الجنسية المصرية له مفتقر إلى السند الصحيح من الواقع والقانون متعين الرفض ويكون مسلك الجهة الإدارية بامتناعها عن إعطائه شهادة تفيد ثبوت جنسيته المصرية مسلكاً يتفق وصحيح حكم القانون.
ولا اعتداد في هذا الشأن بما أثاره الطاعن من أن حالته وحالة أبيه الظاهرة تعتبر دليلاً كافياً على جنسيتهما المصرية من واقع المستندات المقدمة والتي تمثلت في شهادات مصلحة الضرائب العقارية وشهادات الميلاد والشهادات الدراسية وجوازات السفر والبطاقات الشخصية والعائلية لأنه لا اعتداد بكل ذلك لعدم إثبات هذه الشهادات قانوناً للجنسية المصرية ولأن الحالة الظاهرة ليست هي الدليل القاطع على التمتع بالجنسية المصرية والشهادات المتقدمة لإثبات الحالة الظاهرة لا تضفي الجنسية بذاتها لأنها لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية وإنما هي مجرد قرائن عليها، تزول قيمتها إذا ما أسفر البحث عن عدم توافر أركان وشروط قيام هذه الجنسية في حق صاحب الشأن قانوناً.
ومن حيث إنه بالبناء على كل ما تقدم وقد عجز الطاعن عن إثبات توافر الشروط اللازمة لدخوله في الجنسية المصرية بقوة القانون على النحو المتقدم، فإنه والحالة هذه يكون مسلك الجهة الإدارية بالامتناع عن الاعتراف بثبوت الجنسية المصرية للطاعن قد جاء متفقاً مع أحكام القانون ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى صدر صحيحاً مستظهراً صحيح حكم القانون بعد التحديد السليم للواقع ويكون الطعن الماثل قد أقيم فاقداً لما يسانده خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها ومن ثم يتعين إلزام الطاعن بالمصروفات عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق