الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 ديسمبر 2023

الطعن 2798 لسنة 36 ق جلسة 3 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 43 ص 418

جلسة 3 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - المستشارين.

----------------

(43)

الطعن رقم 2798 لسنة 36 القضائية

تراخيص - ترخيص فتح صيدلية - حق طالب الترخيص في حضور المعاينة.
المواد 3، 12، 13 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانونين رقمي 7 لسنة 1956، 360 لسنة 1956.
تكفل المشرع بتحديد الشروط الواجب توافرها في الصيدليات ونظم إجراءات الترخيص لها تنظيماً دقيقاً حدد فيه نطاق سلطة الجهة الإدارية بحيث يقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون دون أن يخول هذه الجهة أي مجال للتقدير في شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا الإطار مع التزامها بقيد طلبات الحصول على هذه التراخيص وفقاً لأسبقية تقديمها وفي السجل المعد لذلك وبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية قيدها - من بين ما اشترطه المشرع من شروط لإنشاء الصيدليات شروط متصلة بالموقع إذ اشترط ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وأقرب صيدلية أخرى عن مائة متر وشروط أخرى صحية صدر بها قرار من وزير الصحة بتاريخ 2/ 4/ 1956 وقد حدد هذا القرار تفصيلاً جميع الاشتراطات الصحية المستديمة الواجب توافرها في المؤسسات الصيدلية وكلها تتعلق بطريقة المباني ونوعيتها وارتفاعاتها والدهانات الخاصة بها وفتحات التهوية وشروط ومواصفات إقامة المخازن الملحقة بها - اتخذ المشرع من وسيلة المعاينة للمحل المزمع إقامة الصيدلية فيه السبيل العملي الطبيعي للتحقق من توافر هذه الشروط في المقر المزمع الترخيص بالصيدلية فيه وبغير معاينة دقيقة وموضوعية وفنية لا يتأتى التحقق من توافر هذه الشروط كما لا يصح قانوناً استخراج الترخيص دون إجراء هذه المعاينة ولا تملك الجهة الإدارية أي تقدير في طلب إجراء المعاينة أو عدم إجراءها بل يتعين عليها قانوناً إجراء هذه المعاينة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المعد لهذا الغرض - يتعين دعوة طالب الترخيص أو من ينيبه لحضور إجراءات المعاينة الخاصة بمشروع الصيدلية الذي يطلب الترخيص به - عدم حضور طالب الترخيص أو من ينيبه المعاينة يرتب بطلانها وعدم حجيتها قبله ما لم يتقاعس عن ذلك لتعطيلها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 7/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد طاهر عبد الحميد المحامي وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2798 لسنة 36 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) بجلسة 6/ 6/ 1990 في الدعوى رقم 1421 لسنة 9 ق والقاضي بقبول تدخل أحمد عبد العزيز النبوي (الطاعن) خصماً منضماً للحكومة وفي موضوع الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لإلغاء هذا الحكم والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقدم الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة القانوني في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي، وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة اعتباراً من جلسة 18/ 3/ 1991 على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 18/ 11/ 1991 إحالته إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة 29/ 12/ 1991 وما بعدها على النحو الوارد بالمحاضر، وقررت بجلسة 29/ 12/ 1992 بإصدار الحكم فيه بجلسة 6/ 12/ 1992 ثم قررت مد أجل النطق به لإتمام المداولة حتى جلسة 3/ 1/ 1993 وقد أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أن المطعون ضده قد أقام الدعوى رقم 1421 لسنة 9 ق بتاريخ 16/ 4/ 1987 أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) ضد (1) محافظ الشرقية (2) وكيل وزارة الصحة للشئون الصيدلية بالشرقية طالباً الحكم بوقف تنفيذ إجراءات الترخيص التي يقوم بها المدعى عليه الثاني لاستصدار ترخيص بفتح صيدلية خاصة للمدعو/ أحمد عبد العزيز النبوي، وفي الموضوع بإلغاء قرار حفظ طلب الترخيص الخاص بالمدعي عن فتح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق بالمكان المحدد بالحدود والمعالم بالعريضة المؤرخة 14/ 2/ 1987 واعتباره كأن لم يكن وإعادة المعاينة على الطبيعة بعد إخطاره بموعد المعاينة، واستصدار ترخيص خاص بالمدعي لفتح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق، وفي الحاليين إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك تأسيساً على أنه تقدم بطلب الترخيص لفتح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بعزبة عبد المسيح تقاطع شارعي مصطفى كامل والمعاهدة، وبعد أن استوفى كافة الأوراق المطلوبة في الميعاد، ظل متربصاً إخطاره بموعد معاينة العقار إلا أنه فوجئ بخطاب مسلم لزوجته في 7/ 3/ 1987 مؤرخ 17/ 2/ 1987 يفيد حفظ طلب الترخيص لعدم وجود مكان محدد بسقف وحوائط ثم نما إلى علمه أنه يجري إنهاء إجراءات ترخيص للدكتور أحمد عبد العزيز النبوي لفتح صيدلية بجوار المكان المطلوب عنه الترخيص لصيدلية المدعي ولا يبعد عنه إلا بحوالي 50 متر مما اضطره إلى إنذار المدعى عليهما بإنذار رسمي في 12/ 3/ 1987 ثم أقام دعواه الماثلة ناعياً على قرار حفظ طلب الترخيص الخاص به والاستمرار في إنهاء إجراءات ترخيص الدكتور أحمد عبد العزيز النبوي بعدم المشروعية وإساءة استعمال السلطة إذ أن المعاينة التي أجرتها الإدارة الصحية لشئون الصيدلة بالشرقية قد أجريت على عقار آخر غير العقار الخاص به والوارد بطلب الترخيص، وهو ما ثبت من المعاينة التي أجرتها الإدارة الصحية بناحية شوبك بسطة في 15/ 3/ 1987 فضلاً عن عدم إخطاره بموعد المعاينة وخلص المدعي إلى طلباته سالفة الذكر، وأودعت هيئة قضايا الدولة ثلاث حوافظ مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 21/ 12/ 1988 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية الصادر في 14/ 12/ 1987 بحفظ طلب المدعي المتعلق بالترخيص له في افتتاح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق وذلك في النطاق وبالحدود المبينة بصلب هذا الحكم وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة لتحضيره وإعداد تقرير في موضوعه وقامت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة المذكورة بتحضير الدعوى وأعدت تقريراً بالرأي انتهت فيه - للأسباب الواردة به - إلى أنها ترى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 14/ 12/ 1987 بحفظ طلب المدعي المتعلق بالترخيص له بافتتاح مؤسسة صيدلية باسم صيدلية الأمراء بالزقازيق مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تدخل الدكتور أحمد عبد العزيز النبوي خلال تداول الدعوى بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة منضماً للمدعى عليهما وأودع حافظة مستندات وقدم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 6/ 6/ 1990 حكمت المحكمة بقبول تدخل أحمد عبد العزيز النبوي خصماً منضماً للحكومة وفي موضوع الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليهم المصروفات. وشيدت قضاءها على أن المعاينة الأولى التي تجريها السلطة الصحية المختصة - طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1955 - تهدف إلى التحقيق من أمرين الأول موقع المؤسسة والثاني: توافر الاشتراطات القانونية المقررة فإذا استبان من المعاينة أن الموقع مناسب وأن الاشتراطات الصحية متوافرة وجب صرف الترخيص خلال الأجل المحدد قانوناً، ولا موجب لإجراء معاينة لاحقة أما في حالة عدم توافر الاشتراطات الصحية فيمنح الطالب مهلة مناسبة وتعاد المعاينة بعدها، وفي حالة عدم اكتمال هذه الاشتراطات يمنح مهلة أخرى لا تجاوز نصف المهلة الأولى ثم تعاد بعدها المعاينة، وإخطار طالب الترخيص بموعد إجراء المعاينة أمر يقتضه الواقع ويوجبه القانون، وفي حالة إغفاله وإجراء المعاينة في غيبة صاحب الشأن يكون الإجراء باطلاً، وإن الثابت أن اللجنة التي قامت بمعاينة المحل الذي أعده المدعي للصيدلية المطلوب الترخيص لها أجرت المعاينة دون أن تخطر الطالب بموعد إجرائها مما يتعين معه إهدارها وما يترتب عليها من قرارات، وأن إلغاء قرار حفظ طلب المدعي يترتب عليه اعتبار هذا الطلب قائماً قانوناً من تاريخ قيده في السجل المخصص لذلك، ويتعين على الجهة الإدارية الامتناع عن الترخيص لأية صيدلية أخرى على مسافة تقل عن مائة متر من المكان الذي خصصه المدعي لصيدليته، فإن هي قبلت طلبات ترخيص أخرى أو منحت تراخيص للغير بفتح صيدلية على مسافة تقل عن المسافة المقررة قانوناً فإن هذه الطلبات أو التراخيص بعد صدور هذا الحكم تعتبر باطلة ولا يعتد بها ويتعين سحبها إدارياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه للأسباب الآتية: أولاً: استناد الحكم المطعون فيه إلى أن إخطار مقدم الطلب ليرشد عن الموقع أمر واجب، وإغفاله وإجراء المعاينة في غيبته هو إغفال لإجراء جوهري مما يبطل الإجراء لا أساس لهذا الاستناد من قواعد التفسير المعروفة.
ثانياً: أنه يبين من نصوص القانون رقم (127) لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة أن الموافقة على موقع المؤسسة هي المرحلة الأولى في إجراءات الترخيص الذي يصدر بعد استيفاء الاشتراطات الصحية وكذلك الاشتراطات الخاصة التي تفرضها السلطات الصحية المشار إليها في الفقرة الثالثة من المادة (11) وهذه هي المرحلة الثانية ولم تشترط النصوص المتقدمة إخطار الطاعن قبل المعاينة، وإنما اكتفت بإعلانه بالرأي في موقع المؤسسة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً، ويكون اشتراط الحكم المطعون فيه ضرورة سبق إعلان مقدم الطلب بميعاد المعاينة وما رتبه على ذلك من أن إغفال هذا الإجراء يبطل قرار الحفظ الصادر في شأن طلب المدعي هو تزيد من الحكم على النص التشريعي وتقييد للنص بغير مقيد فيه، ويكون الإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة بمعاينتها المكان طبقاً للعنوان والرسم الهندسي الموضحين بالطلب بناءً على ما تبين لها من أن المكان أعمدة غير مسقوف بدون حوائط، يكون هذا الإجراء سليماً ومطابقاً للقانون.
ثالثاً: فات الحكم المطعون فيه الاعتداد بحجية محضر المعاينة الذي أجرته السلطة الصحية المختصة باعتباره ورقة رسمية حجة على الناس طبقاً لنص المادة (11) من قانون الإثبات.
رابعاً: ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إلغاء القرار الصادر بحفظ طلب المطعون ضده يستتبع إلغاء الرخصة الممنوحة بعد هذا الطلب لا سند له من القانون لأن قرار منح الرخصة لآخر بعد حفظ طلب المطعون ضده ليس مؤسساً على القرار الصادر بحفظ الطلب لكي يبطل ببطلان هذا الحفظ.
ومن حيث إن المادة (12) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلية المعدل بالقانونين رقمي 7 لسنة 1956، 360 لسنة 1956 تنص على أن "يقدم طلب الترخيص إلى وزارة الصحة العمومية على النموذج المعد لذلك بخطاب مسجل بعلم الوصول مرفقاً به المستندات الآتية: (1) شهادة تحقيق الشخصية وصحيفة الحالة الجنائية (2) شهادة الميلاد أو أي مستند آخر يقوم مقامها (3) الإيصال الدال على سداد رسم النظر وقدره خمسة جنيهات (4) رسم هندسي من أربع صور للمؤسسة المراد الترخيص لها.
وتنص المادة (13) من ذات القانون على أن "يرسل الرسم الهندسي إلى السلطة الصحية المختصة للمعاينة وتعلن الوزارة طالب الترخيص برأيها في موقع المؤسسة في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المشار إليه، ويعتبر في حكم الموافقة على الموقع فوات الميعاد المذكور دون إبلاغ الطالب بالرأي بشرط عدم الإخلال بأحكام الفقرة الثانية من المادة (30) من هذا القانون فإذا أثبتت المعاينة أن الاشتراطات الصحية المقررة مستوفاة صرفت الرخصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ المعاينة وإلا وجب إعطاء الطالب المهلة الكافية لإتمامها ثم تعاد المعاينة في نهايتها إذ يجوز منحه مهلة ثانية لا تجاوز نصف المهلة الأولى فإذا ثبت بعد ذلك أن الاشتراطات لم تتم رفض طلب الترخيص نهائياً".
وتنص الفقرة الثانية من المادة (3) من هذا القانون على أن "..... يراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص بها عن مائة متر".
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع تكفل بتحديد الشروط الواجب توافرها في الصيدليات، ونظم إجراءات الترخيص لها تنظيماً دقيقاً حدد فيه نطاق سلطة الجهة الإدارية بحيث يقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون، دون أن يخول هذه الجهة أي مجال للتقدير في شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا الإطار مع التزامها بقيد طلبات الحصول على هذه التراخيص وفقاً لأسبقية تقديمها في السجل المعد لذلك، وبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية تقديمها وفي السجل المعد لذلك، وبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية قيدها.
ومن حيث إن من بين ما اشترطه المشرع من شروط لإنشاء الصيدليات شروط متصلة بالموقع إذ اشترط ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وأقرب صيدلية أخرى عن مائة متر، وشروط أخرى صحية صدر بها قرار من وزير الصحة بتاريخ 2/ 4/ 1956 وقد حدد هذا القرار تفصيلاً جميع الاشتراطات الصحية المستديمة الواجب توافرها في المؤسسات الصيدلية وكلها تتعلق بطريقة المباني ونوعيتها وارتفاعاتها والدهانات الخاصة بها وفتحات التهوية وشروط ومواصفات إقامة المخازن الملحقة بها، ومن البديهي أن يتخذ المشرع من وسيلة المعاينة للمحل المزمع إقامة الصيدلية فيه السبيل العملي الطبيعي للتحقق من توافر هذه الشروط في المقر المزمع الترخيص بالصيدلية فيه وبغير معاينة دقيقة وموضوعية وفنية لا يتأتى التحقق من توافر هذه الشروط، كما لا يصح قانوناً استخراج الترخيص دون إجراء هذه المعاينة ولا تملك الجهة الإدارية أي تقدير في طلب إجراء هذه المعاينة أو عدم إجرائها بل يتعين عليها قانوناً إجراء هذه المعاينة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المعد لهذا الغرض.
ومن حيث إن القول الفصل في هذه المسألة يتوقف على تحديد مدى التزام جهة الإدارية المختصة بإخطار مقدم الطلب بالمعاينة وموعدها ليتسنى له حضورها بنفسه أو بمن ينيبه لعرض المكان والاشتراطات اللازمة للترخيص على مندوبي تلك الجهة الإدارية وتقديم ما يطلبونه من إيضاحات على نحو يسمح له من جهة من تقديم البيانات والمستندات اللازمة لإيضاح مدى توفر شروط الترخيص في الموقع وفي المواصفات والاشتراطات الصحية بداخله ويسمح أيضاً لمندوبي الجهة الإدارية بإتمام المعاينة على نحو سديد ومحدد في مكان الموقع الذي يرشد عنه مقدم الطلب أو من ينيبه وإذا كان المشرع لم ينظم طريقة المعاينة بشكل مفصل ولم ينص على ضرورة إخطار ذوي الشأن بموعدها قبل إجرائها، مما أدى بالطاعن إلى الاستناد في طعنه على أن إجراء المعاينة في غيبة ذوي الشأن ودون إخطارهم هو أمر جائز قانوناً ولا عيب فيه ولا يترتب أي بطلان على مخالفته.
ومن حيث إن النص وإن أغفل دعوة مقدم الطلب لحضور المعاينة فقد عني بإخطار الطالب بما تراه الجهة الإدارية المختصة بالنسبة للموقع ومن ثم فإنه وإن كان التنظيم الإداري الذي يبتغي المصلحة العامة يقضي بأن ينفرد مندوبو الجهة الصحية المختصة بالمداولة والوصول إلى القرار الذي بعد ذلك يتعين إخطار ذوي الشأن به فإن أصول التنظيم الإداري تقتضي عقلاً دعوة الجهة الإدارية لطالب الترخيص لحضور ما يسبق المرحلة السرية الداخلية لعمل الجهة الإدارية - وهو إجراء المعاينة إذ أن هذه المعاينة التي تتم بشكل علني تمثل السبيل الوحيد للتوصل إلى بيانات ومعلومات موضوعية وصحيحة يمكن أن تكون سبباً جدياً وموضوعياً وصحيحاً عن الموقع ومدى توفر الاشتراطات القانونية اللازمة للترخيص بصيدلية لطالب الترخيص فيه ولما كان لم يرد حظر في نص القانون لحضور طالب الترخيص لهذه المعاينة كما أن وجوده يكفل تيسير إجراءاتها وتوفير جميع الإيضاحات التي تلزم لسرعة وموضوعية أداء مندوبي السلطة الصحية لعملهم في ذات المحل المطلوب الترخيص به وبحضوره أو من ينيبه لهذه الإجراءات ثم ينفرد مندوبو تلك السلطة بالمناقشة والبحث وإصدار القرار بعد هذه المعاينة والتي أوجب القانون إخطار طالب الترخيص بما ينتهون إليه ومن حيث إنه بناءً على ما تقتضيه مبادئ وأصول الإدارة السليمة يتعين دعوة طالب الترخيص أو من ينيبه لحضور إجراءات المعاينة الخاصة بمشروع الصيدلية الذي يطلب الترخيص به - كما أن وجوب دعوة المطلوب الترخيص له لإجراءات إجراء المعاينة أمر يقتضيه مقتضى نص القانون الذي أوجب إخطار طالب الترخيص بما انتهت إليه السلطة الصحية المختصة بشأن طلبه لكي يتدبر أمره ويحدد موقفه مما تنتهي إليه هذه السلطة في إطار أحكام القانون ذلك أنه لا يتصور أن المشرع الذي أورد هذا الحكم الوجوبي لكي يتمكن طالب الترخيص من معرفة حقيقة موقف الإدارة منه ويتمكن من أن يختار أسلوب الدفاع عن حقه أمام القضاء أو بطريق التظلم لدى الجهة الرئاسية قد حظر استدعاءه لحضور ومشاهدة المعاينة ليتمكن من الإرشاد عن جوانب مشروعه وليوضح لمندوبي جهة الإدارة وثائق الاشتراطات الواجب قانوناً توافرها للحصول على الترخيص ويؤكد سلامة هذا الفهم لأحكام القانون أنه لم يرد أي نص يحظر حضور هذه المعاينة على طالب الترخيص وقد أغفل المشرع أن ينص على وجوب ذلك لبداهة هذا الواجب من حيث الطبيعة والواقع من جهة إرشاد مندوبي الإدارة عند المعاينة على ما يعاينوه ولأن حضور أي إجراء علني يتعلق بمراكز ذوي الشأن أمر يتصل بحق الإنسان في الدفاع عن نفسه أصالة أو بالوكالة، وأيضاً حقه في الشكوى وهما حقان كفلهما الدستور صراحة في المادتين (69)، (63) منه، وقد أقرهما التشريع المصري بصفة عامة في مجال الإجراءات التي تؤثر في المراكز القانونية للمواطنين المدنية والجنائية والإدارية ما لم تكن سرية بطبيعتها.
ومن حيث إنه يضاف إلى ذلك أن المادة (13) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليها التي أوجبت في حالة استيفاء الشروط الصحية المقررة صرف الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ المعاينة، وفي حالة عدم توافر هذه الاشتراطات منح طالب الترخيص مهلة كافية لإتمام هذه الشروط ثم تعاد المعاينة في نهاية هذه المدة وهذه المهلة الواجب منحها في حالة نقص استكمال الاشتراطات توجب معرفة الطالب لأوجه النقص ويحقق ذلك وجوب حضوره المعاينة، كما أنه لا شك يترتب على عدم منح هذه المهلة بعد إتمامها - التي ترك أمر تحديدها لجهة الإدارة بحسب ظروف كل حالة - بطلان القرار لمخالفته لإجراء جوهري نص عليه المشرع ورتب عليه مركزاً قانونياً لصاحب الشأن بل منحه مهلة ثانية إذا لم تكفه الأولى لإنجاز الاشتراطات بحيث لا تجاوز المهلة الثانية نصف المهلة الأولى وجعل سلطة الإدارة جوازية في شأن منحها بحيث تخضع لتقديرها ولا يكون قرارها في هذه الحالة باطلاً إلا إذا أثبت ذوو الشأن أنه صدر معيباً بعيب إساءة استعمال السلطة - ومن حيث إنه فضلاً عن أن عدم حضوره المعاينة يرتب بطلانها وعدم حجيتها قبله من جهة ما لم يتقاعس عن ذلك لتعطيلها إن كانت له مصلحة وقد تهاترت أدلة هذه المعاينة فضلاً عن ذلك بوجود معاينة ثبت بها ما يتهاتر مع ما أجرته اللجنة منفردة، وقد انطوى سلوك جهة الإدارة على ما يثير كل شبهة وشك في معاينتها ليس فقط لعدم حضور طالب الترخيص إجراءاتها دون مبرر معقول أو سند مقبول من القانون - بل لأنها أيضاً عمدت إلى منح ترخيص في مكان يجعل حصوله على الرخصة - إذا ما استقر تصرفها وافتعالها في هذه الحالة قانوناً - حتى لو استكمل الاشتراطات غير ممكن قانوناً لحظر ذلك عليه بحسب شرط المسافة، وهذا المسلك من جهة الإدارة يحتم رد سعيها المخالف للقانون وإهدار كل أثر له.
ومن حيث إن المشرع لم يقيد منح المهلة المشار إليها بأية قيود تتعلق بالمرحلة التي وصل إليها صاحب الشأن في استكمال الصيدلية ومن ثم فإنه لا يجوز إيراد قيد على منح هذه المهلة يجاوز الحدود المعقولة.
ومن حيث إن الثابت من استعراض ما تقدم أن جهة الإدارة قد أصدرت قرارها المطعون عليه بحفظ الطلب المقدم من المطعون ضده لإنشاء صيدلية على سند من المعاينة التي أجرتها في غيابه وما تبين لها كما زعمت من عدم وجود مكان محدد بسقف وحوائط وهو تقرير لا حجية له كما فاتها أن ترفق تقريراً آخر بالمعاينة وذلك دون أن تمنحه المهلة الأولى التي أوجب المشرع منحها له في حالة عدم استيفاء الاشتراطات الصحية المقررة، فإن مؤدى ذلك أن القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من القانون، وإذ تبنى الحكم المطعون فيه هذا النظر في منطوقه وإن اختلفت الأسباب التي بني عليها قضاؤه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون وبالتالي فإن الطعن عليه يكون في غير محله متعيناً رفضه ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق