جلسة 27 من ديسمبر 1964
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
-----------------
(31)
القضية رقم 1118 لسنة 7 القضائية
(أ) حكم - بطلان
- اشتراك أحد المستشارين في إصدار حكم دون أن يسمع المرافعة - مبطل للحكم.
(ب) قانون - عدم دستورية
- القانون رقم 84 لسنة 1959 بإلغاء قسم قضايا الأوقاف وإحلال إدارة قضايا الحكومة في اختصاصاته - نص المادة 4 منه الذي منع الطعن في القرارات الصادرة بالتطبيق له أمام أية جهة قضائية لا مصادرة فيه لحق التقاضي - وجوب التفرقة بين مصادرة حق التقاضي وبين تحديد دائرة اختصاص القضاء الإداري بالتوسيع أو التضييق.
(جـ) قانون
- إغفال عرض صياغته على مجلس الدولة - لا بطلان.
(د) طعن
- انغلاق باب الطعن بالإلغاء لا يرد إلا على قرارات إدارية بذاتها - النص في قانون باستثناء طائفة من القرارات من رقابة قضاء الإلغاء يجب تأويله بصورة مضيقة - وجوب التقرير بعودة الرقابة القضائية على القرارات الأخرى غير تلك التي أحاطها الشارع بالتحصين.
(هـ) قسم قضايا الأوقاف - إلغاؤه
- القانون رقم 84 لسنة 1959 ترك للإدارة حرية اختيار من ترى تعيينه من أعضاء هذا القسم في إدارة قضايا الحكومة دون تعقيب عليها من القضاء - تنظيمه أوضاع تعيين من لم يقع عليهم الاختيار للتعيين في إدارة قضايا الحكومة بأن أوجب تعيينهم خلال ثلاثة أشهر في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية - مخالفة هذه الأوضاع تجيز الطعن دون التقيد بالحظر الوارد في هذا القانون على حق التقاضي - أساس ذلك.
(و) مجلس الدولة - وظيفة نائب
- معادلة للدرجة الثانية في الكادر العام الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 - أنسب معيار للتعادل بين الدرجتين هو متوسط الربط, وليس الحد الأعلى لمربوط هذه الوظيفة - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 24 من إبريل سنة 1961 أودع الأستاذ محمود عيسى عبده المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ محمد إبراهيم علي صالح سكرتارية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/ 2/ 1961 في الدعوى رقم 635 لسنة 14 القضائية القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لعدم قابلية القرار المطعون فيه لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبطلان الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واستحقاق الطاعن للدرجة الأولى بأول مربوطها من تاريخ العمل بالقرار المذكور مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وبعد استيفاء الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى هذه المحكمة, ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن الطاعن أقام دعواه بصحيفة أودعت سكرتارية المحكمة في 30 من يناير سنة 1961 وذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة نائب بقسم قضايا وزارة الأوقاف، وقد صدر القانون رقم 84 لسنة 1959 الذي ألغى قسم قضايا الأوقاف وأحل محله إدارة قضايا الحكومة في اختصاصاته المبينة في القوانين واللوائح وأجاز القانون المذكور تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا الأوقاف في الوظائف المماثلة لوظائفهم بإدارة قضايا الحكومة، أما الذين لا يعينون بإدارة قضايا الحكومة فيحتفظون بدرجاتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر يعينون خلالها في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية ولم يكن من حظ الطالب أن يعين في إدارة قضايا الحكومة بدرجة نائب، فلزم من ثم تعيينه في وظيفة فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجة النائب، وهي الدرجة الأولى غير أنه قد صدر في 12/ 8/ 1959 القرار رقم 1575 بتعيينه في الدرجة الثانية الفنية وهي دون نهاية درجة النائب فتظلم الطالب إلى السيد/ وزير الأوقاف من هذا القرار ولما لم يجد تظلمه نفعاً أقام هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري طالباً إلغاء هذا القرار والحكم باستحقاقه للدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد دفعت الوزارة بعدم جواز نظر الدعوى وفي الموضوع طلبت رفضها تأسيساً على أن الدرجة الثانية هي الدرجة المعادلة لدرجة نائب وبجلسة 23/ 2/ 1961 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لعدم قابلية القرار المطعون فيه لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية وألزمت المدعي المصروفات. وقد أقامت محكمة القضاء الإداري قضاءها على ما حصلته من مفهوم نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 المنطبق على واقعة الدعوى، فذكرت أن هذه المادة إذ نصت على أن تكون القرارات الصادرة وفقاً لأحكام هذا القانون نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية، فإنه يمتنع على المحكمة نظر الطعون في القرارات الصادرة وفقاً لأحكامه سواء أكانت هذه القرارات صحيحة أم مخالفة للقانون ذلك أن المشرع حسماً للمنازعات ومنعاً من فتح الباب أمام طعون مختلفة قد يطول أمد التقاضي بشأنها قد أضفى على تلك القرارات حماية قانونية تمنع القضاء الإداري من تسليط رقابته عليها وعلى أساس هذا الفهم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أوجه، الوجه الأول هو بطلان الحكم لمخالفته حكم المادة 339 مرافعات والتي تنص على أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً، وذلك لأن السيد/ المستشار مصطفى درويش لم يسمع المرافعة في الدعوى ومع ذلك اشترك في إصدار الحكم، أما الوجه الثاني للطعن فمبناه عدم دستورية القانون رقم 84 لسنة 1959 وبطلانه شكلاً بمقولة إن هذا القانون بإيراده نصاً على عدم قابلية القرارات التي تصدر طبقاً لأحكامه لأي طعن قضائي يكون غير دستوري لما في ذلك من مصادرة لحق التقاضي، هذا بالإضافة إلى أن القانون لم يعرض على مجلس الدولة لصياغته وهذا عيب يجعل التشريع باطلاً من الناحية الشكلية وأما الوجه الثالث من أوجه الطعن فقوامه مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون. إذ لم يراع أن للحصانة التي قررها التشريع شرطاً ورد بصريح النص وهو موافقة القرارات المنصوص على تحصينها للقاعدة الواردة في المادة الثالثة ومقتضاها أن تكون الدرجة التي عين عليها الموظف لا تقل عن الدرجة التي كان مقيداً عليها في كادر القضاء، فإذا قام نزاع حول معادلة هذه الدرجة لتلك، فإن قرار التعيين لا يكون حصيناً من الرقابة القضائية.
ومن حيث إنه يتبين من الاطلاع على محاضر جلسات الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أنها نظرت بجلسة 5 من يناير سنة 1961 بمعرفة الهيئة المشكلة برئاسة السيد المستشار محمد مكاوي الشيخ وعضوية السيدين المستشارين حسن حسني وخليل شنياره، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 9 من فبراير سنة 1964، وبهذه الجلسة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 2/ 1964 حيث صدر الحكم بالجلسة الأخيرة، وقد تبين للمحكمة من الاطلاع على المسودة وعلى النسخة الأصلية للحكم أن السيد/ المستشار مصطفى درويش كان عضواً في الهيئة التي أصدرت الحكم.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن السيد المستشار مصطفى درويش اشترك في إصدار الحكم وهو لم يسمع المرافعة في الدعوى فمن ثم فإنه طبقاً للمبادئ العامة للإجراءات القضائية يقع الحكم باطلاً ويتعين لذلك القضاء ببطلانه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إنه لا وجه للنعي بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 التي نصت على أن تكون القرارات الصادرة وفقاً لأحكام المادة الثالثة منه نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية، بدعوى أن هذا النص فيه مصادرة لحق التقاضي ذلك أنه تجب التفرقة بين المصادرة المطلقة لحق التقاضي وبين تحديد اختصاص القضاء الإداري والحد منه، وإذا كان لا يجوز من الناحية الدستورية حرمان الناس كافة من الالتجاء إلى القضاء لأن في ذلك مصادرة لحق التقاضي وهو حق كفله الدستور اعتباراً بأن هذه المصادرة هي بمثابة تعطيل لوظيفة السلطة القضائية وهي سلطة أنشأها الدستور لتؤدي وظيفتها في توزيع العدالة مستقلة عن السلطات الأخرى، لئن كان ذلك هو ما تقدم إلا أنه لا يجوز الخلط بين هذا الأمر وبين تحديد دائرة اختصاص القضاء بالتوسع أو التضييق، فكل ما يخرجه القانون من اختصاص القضاء الإداري يصبح هذا القضاء معزولاً عن نظره ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون آنف الذكر فيما تضمنته من تضييق لاختصاص القضاء الإداري بمنعه من نظر المنازعات المشار إليها في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لما يدفع به الطاعن من بطلان القانون المذكور بمقولة إنه لم يعرض على مجلس الدولة فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن إغفال عرض القانون على مجلس الدولة لا يترتب عليه بطلانه، ومن ثم فيكون هذا الدفع كذلك في غير محله مستوجب الرفض.
ومن حيث إنه من المقرر أن القضاء الإداري ليس ممنوعاً بحكم النصوص المغلقة لباب الطعن بالإلغاء إلا من النظر في قرارات إدارية بذاتها عينت فيها بطريق النص عليها وخصت بالذكر على سبيل الحصر والتعيين، ذلك أن الأصل طبقاً لمبدأ المشروعية هو تسليط رقابة الإلغاء على القرارات الإدارية كافة، دعماً للضمانة الأصلية التي يحققها قضاء الإلغاء لمن تحيفت بهم تلكم القرارات، فإذا ورد في قانون نص يقضي باستثناء طائفة من القرارات من رقابة الإلغاء والتعويض، لحكمة ابتغى الشارع إصابتها وغاية مشروعة قصد حمايتها، وجب تأويل هذا النص بصورة مضيقة مع الاحتراس من توسيع مدى شموله حرصاً على عدم إهدار هذه الضمانة التي يوفرها قضاء الإلغاء وتوقياً لمحظور أتى به هذا النص من قبل هو أنه أوصد باب الطعن بالإلغاء والمطالبة بالتعويض معاً، وإذاً فكلما وجدت قرارات أخرى غير التي أحاطها الشارع صراحة بالتحصين المشار إليه وجب التقرير بعودة الرقابة القضائية بالنسبة إليها.
ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على القانون رقم 84 لسنة 1959 أنه قد نص في المادة الثالثة منه على أنه (استثناء من أحكام القانون رقم 58 لسنة 1959 يجوز خلال أسبوع من تاريخ العمل بهذا القانون تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا وزارة الأوقاف في الوظائف المماثلة لوظائفهم بإدارة قضايا الحكومة متى توافر فيهم الشرط المبين في البند (2) من المادة 55 من القانون رقم 55 لسنة 1959، ويكون التعيين بقرار من رئيس الجمهورية أو وزير العدل حسب الأحوال وتحدد في القرار أقدمية المعينين بالنسبة إلى أعضاء إدارة قضايا الحكومة - أما الذين لا يعينون في إدارة قضايا الحكومة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر يعينون خلالها في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية) ثم نص القانون المذكور في المادة الرابعة منه على أن (تكون القرارات الصادرة بالتعيين وتحديد الأقدمية وفقاً لأحكام المادة السابقة نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية) ومفاد هذين النصين ومدلولهما أن المشرع بعد إذ ألغى قسم قضايا الأوقاف قد ترك للإدارة الحرية في اختيار من ترى تعيينه من أعضاء هذا القسم في إدارة قضايا الحكومة التي حلت محله وفي هذا المجال تترخص الإدارة المذكورة دون ما معقب عليها في هذا الاختيار، وإذ هي أعملت هذه الرخصة فإن القرار الصادر منها في هذا الشأن وبمقتضى الحصانة التي أضفاها عليها القانون يكون بمنجاة من الطعن سواء من جانب أعضاء إدارة قضايا الحكومة أو من جانب أعضاء قسم قضايا الأوقاف الذين لم يقع عليهم الاختيار للتعيين في تلك الإدارة، على أن القانون وإن حرم أعضاء قسم قضايا وزارة الأوقاف من الطعن في القرار الصادر بتعيين زملائهم بإدارة قضايا الحكومة فيما تضمنه من عدم تعيينهم مثلهم، فإنه قد نظم أوضاعهم ولم يترك للإدارة مجالاً تترخص فيه حيالهم بل فرض عليها مقدماً الوضع الذي يتعين تسوية حالتهم على مقتضاه وذلك بأن أوجب تعيينهم خلال ثلاثة أشهر في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية، فوجب بالتالي على الإدارة نزولاً على مقتضى حكم القانون المشار إليه أن تعينهم على الوجه وبالحدود التي رسمها وأوجبها فإن هي خالفت حكم القانون بأن عينتهم في درجة ليست فنية أو إدارية أو عينتهم في درجة فنية أو إدارية، ولكنها تقل عن درجاتهم الأصلية كان لصاحب الشأن أن يطعن بالإلغاء في القرار الصادر في هذا الشأن، وبذلك يتوصل إلى حقه الذي قرره له القانون، ولا يجوز أن ينعى على هذا الطعن بأنه داخل في حكم الحظر المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون آنف الذكر ذلك أن العضو الذي لم يقع عليه اختيار الإدارة للتعيين في إدارة قضايا الحكومة ثم يعين في وظيفة فنية أو إدارية إنما يتعلق حقه بالتعيين في وظيفة فنية أو إدارية لا ينبغي أن تقل من حيث الدرجة عن درجته القضائية السابقة وذلك حرصاً من الشارع على رعاية حقوقه المكتسبة، وإذا كان ذلك فإنه لا يقل أن يفسر ذلك الحظر الوارد في القانون بما من شأنه أن يعطل نصاً آخر وارداً في ذات القانون بل الأولى هو إعمال جميع نصوصه في ضوء الحكمة التي تغياها. وخلاصة ذلك كله أن الأمر هنا وكما سلف البيان متعلق بنص استثنائي هو قيد على مبدأ الرقابة القضائية ويتعين من أجل ذلك تفسير هذا النص تفسيراً ضيقاً يخرج من حكمه الطعن مثار المنازعة الحالية، وتأسيساً على ما تقدم يكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم جواز نظر الدعوى في غير محله، متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم بيانه في معرض سرد الوقائع أن المسألة مثار النزاع في هذه الدعوى هي تحديد الدرجة المالية التي لا تقل عن درجة النائب في الكادر العام.
ومن حيث إنه تبين للمحكمة أن وظيفة (نائب) بفئتيها الأولى والثانية كانت تعادل درجتها في كادر سنة 1939 الدرجة الثانية كما يتبين من الاطلاع على جدول الوظائف والمرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة رقم 9 لسنة 1949 معدلاً بالمرسوم بقانون رقم 187 لسنة 1952 أن وظيفته (نائب) كانت من فئتين أيضاً، نائب من الدرجة الثانية (780 - 840) بعلاوة مقدارها 60 جنيه كل سنتين ونائب من الدرجة الأولى (840 - 960) بذات العلاوة، أي أنها كانت بفئتيها تعادل في الكادر العام الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة الدرجة الثانية ومربوطها (780/ 960) بعلاوة 60 جنيه كل سنتين واعتباراً من 29 مارس سنة 1955 استبدل بأحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 آنف الذكر القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة وقد أدمج هذا القانون فئتي الوظيفة المذكورة وجعلها فئة واحدة بدايتها 780 جنيه أي ذات البداية السابقة ونهايتها 1080 جنيه بعلاوة مقدارها 72 جنيه كل سنتين أي أنه احتفظ لهذه الوظيفة بعد إذ أدمج فئتيها بذات البداية ورفع النهاية إلى 1080 جنيه بدلاً من 960 جنيه وفي 21 من فبراير سنة 1959 صدر القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، وبالاطلاع على جدول الوظائف والمرتبات الملحق به تبين أنه قد أدمج وظيفة المندوب الأول والتي كانت تعادل في بدايتها ونهايتها الدرجة الثالثة 540/ 780 في قانون موظفي الدولة - في وظيفة النائب وقدر لها الدرجة 540/ 1080 بعلاوة 60 جنيه كل سنتين لفترتين ثم بعلاوة 72 جنيه كل سنتين، وبذلك أصبحت بداية هذه الدرجة هي بداية الدرجة الثالثة في الكادر العام وظلت نهايتها على حالها التي كانت عليها في القانون السابق.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم في بيان المراحل التي مرت بها الدرجة المالية لوظيفة النائب أن الدرجة المعادلة لدرجتها كانت في كادر سنة 1939 وفي القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة هي الدرجة الثانية وعندما تغير وضع هذه الوظيفة بحيث أصبحت من فئة واحدة بدلاً من فئتين وأدمجت فيها وظيفة المندوب الأول اختلت هذه المعادلة، إذ هبطت بدايتها إلى 540 جنيه وهي بداية مربوط الدرجة الثالثة بينما ظلت نهايتها مجاوزة لنهاية مربوط الدرجة الثانية وإن كانت لا تزال دون نهاية مربوط الدرجة الأولى، ولما لم تعد درجة هذه الوظيفة تتطابق تماماً مع درجات الكادر العام لا من حيث البداية ولا من حيث النهاية، أصبح لا مناص - إذ اقتضى الحال معادلتها بالدرجة المقابلة لها في الكادر العام - من التعويل في ذلك على متوسط مربوط الدرجة إذ أنه باختلاف البداية والنهاية يكون هذا المعيار هو المعيار السليم لإجراء التعادل المالي، إذ أنه فضلاً عن أنه يلائم في التقدير بين حدي الدرجة المالية فإنه المعيار الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها وإذا كان متوسط مربوط الدرجة المقررة لوظيفة النائب وقت صدور القرار المطعون فيه هو 810 جنيه وكان متوسط مربوط الدرجات الثالثة والثانية والأولى المتداخلة فيها في الكادر العام هو على التوالي 660 جنيه، 870 جنيه، 1050 جنيه، فقد وضح أن المعادلة بين درجة نائب في الكادر الخاص وبين الدرجة الثانية في الكادر العام هي معادلة سليمة لا شائبة فيها.
ومن حيث إنه ليس مقبولاً، بعد أن أسلكت درجات مالية ثلاث في درجة النائب (540/ 1080) أن يعتد بالحد الأعلى لمربوط هذه الدرجة معياراً تجرى على أساسه المعادلة بينها وبين درجات الكادر العام، لأن التزام هذا المعيار يفضي إلى نتائج لا يمكن تقبلها فالمرقى حديثاً إلى وظيفة (نائب) وقد كان إلى عهد قريب في وظيفة (مندوب) لا يجاوز ربطها المالي حدود الدرجة الرابعة (360/ 540) لا تقبل منه المطالبة بالدرجة الأولى لو صار تعيينه بعد ذلك خارج قسم القضايا طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم قسم قضايا وزارة الأوقاف إلى إدارة قضايا الحكومة، ولو جاز على الفرض الجدلي تعيين مثل هذا النائب في الدرجة الأولى رغم أن نهاية هذه الدرجة أعلى من نهاية مربوط وظيفته الفنية السابقة بقسم القضايا لكان في هذا التعيين طفرة صارخة لا يسيغها العدل، ويأباها الحرص على تحقيق التعادل بين الدرجتين. ولا ريب أن الأخذ بمعيار متوسط الدرجة هو أقرب إلى الحق وأبعد عن الشطط، إذ به ينضبط مفهوم التعادل المنشود وليس فيه حيف على وضع سابق، ولا اعتداء على حق مكسوب سيما وهو ينطوي في الغالب على مزايا يستفيد منها النائب المعين خارج قسم القضايا، ومتى انتفى المساس بالوضع الوظيفي السابق، فإنه لا وجه لمجاراة المدعي في طلب المزيد من المزايا التي يختل بها التعادل ولا تقرها روح المادة الثالثة من القانون آنف الذكر، وعلى ذلك لا يتعلق حق المدعي بغير الدرجة الثانية، وهي الدرجة التي عينته الوزارة فيها بأول مربوطها الذي لم يكن قد بلغه راتبه في وظيفة نائب واعتباراً من تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه.
ومن ثم فإن الوزارة على مقتضى ما تقدم تكون قد طبقت القانون في حق المدعي تطبيقاً سليماً، ويكون طلبه إلغاء القرار المطعون فيه على أساس لم يزعمه من استحقاقه الدرجة الأولى من تاريخ نفاذ تعيينه في الدرجة الثانية بالقرار المذكور غير قائم والحالة هذه على أساس من القانون ويتعين لذلك رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبطلان الحكم المطعون فيه وبجواز نظر الدعوى وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بجميع المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق