الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أكتوبر 2022

التعليق على قانون حماية الآثار 91 لسنه 2018 لواء . د / نبيـل محمود حسن

التعليق على قانون حماية الآثار

الجديد 91 لسنه 2018 م

 

إعداد

لواء . د / نبيـل محمود حسن

مدرس القانون الجنائي بكلية الشرطة

 

مقدمــة:

تُعد مصر من الدول التى وهبها المولى عز وجل حضارة وموروث ثقافي، تنافست الدول الغربيــة على دراستــه، لمعرفـــة كيف استطاع المصريون القدماء بناء تلك الحضارة العظيمة وهذا التاريــخ العـــريق، فى وقت لم يكن هناك وجود لغالبية تلك الدول([1])، وإذا كان هذا هو حال الدول التى تسعى لدراسة تاريخنا وحضارتنا، فما بالنا بالدور الذى كان يجب علينا تجاه تلك الحضارة التى إحترمها العالم وقدرها.

الحقيقة أننا إرتكبنا فى حق تلك الحضارة المبهرة الكثير من المسالب، وعلى رأسها عدم السعى مبكراً لوضع أُطر قانونية لحمايتها والمحافظة عليها، إضافة إلى عدم إستغلالها الإستغلال الاقتصادي الأمثل الذى يليق بها، ويدر الدخل المناسب على أحفاد من صنعوا تلك الحضارة([2]). في حين إهتم المجتمع الدولى بالحماية الدولية للآثار من عام 1885 حينما عقدت الاتفاقية العامة لحماية البعثات العلمية، وتطورت الحماية فى إتفاقيتى لاهاى 1899 ، 1928 ، ثم لاهاى 1954 والخاصة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، إلى أن عقدت إتفاقية اليونسكو 1970 تحت مظلة الأمم المتحدة ووضعت التدابير الواجب اتخاذها لمنع وحظر إستيراد وتصدير ونقــل الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة([3])، وكانت هذه الإتفاقية المعين الذى إعتمدت عليه التشريعات الوطنية وأقرت العديد من نصوصه فى تلك الحقبة الزمنية.

وتمـتلك مصر حسب السائد فى الأوساط العلمية المهتمة بالآثار، ما يقارب ثلث أثار العالم، إلا أن تلك الآثار تعرضت على مر سنوات عديدة لأعمال كثيرة سلبية كالسرقة، والنقل غير المشروع، والتعدى عليها بأساليب مختلفة، حتى أن بعض الحكام فى العصور الماضية جعلوا منها معيناً للهبات والهدايا، إلى أن تنبهت الدولة لأهمية حماية ذلك الموروث الثقافى حماية قانونية، فأصدرت قانوناً للآثار برقم 14 لسنة 1912م للعمل على حماية تلك الثروة، وإستمر هذا التشريع الذى لم يحقق الحماية الكافية، إلى أن صدر التشريع رقم 215 لسنة 1951 والذى لم يحقق هو الأخر الحماية الكافية للآثار، فصدر التشريع الحالى 117 لسنة 1983م والذى عُدل بالتشريع رقم 3 لسنة 2010م، وإستمر التطور التشريعى لحماية الآثار لمواجهة التحديات والسلبيات الناتجة عن التطبيق، إلى أن صدر التعديل الأخير رقم 91 لسنة 2018م، والذى يُعـد إنقـلاباً تشريعياً فى مجال الحماية القانونية للآثار، حيث غلظ العقوبات على الجرائم الأثرية بصورة لم تشهدها التشريعات السابقة عليه، وجرم أفعالاً جديدة لم تكن مجرمة وتوسع فى مفهوم الأثر ونص على إجراءات إدارية وقائية لحماية الآثار، ليحقق المصلحة المحمية المتمثلة فى المحافظة على الموروث الثقافى، وليؤكد القيمة الإقتصادية لهذا الموروث، فهى ذاكرة الأمة والدليل الشاهد على عظمته([4]).

وقد إستحدث التشريع الأخير العديد من التعديلات التى تستحق التعليق عليها وتقييمها سواء فيما يتعلق بالتعـريفــات المرتبطة بالأثر أو ما يتعلـق بالتجريم والعقــاب، والذى نود الإشارة إليه فى هذا الصدد أن أى خلل أو إضطراب فى تشريع ما من شأنه أن يحول دون تمكين ذلك القانون من أداء مهمته وتحقيق هدفه فى تنظيم العلاقات المختلفة بين المخاطبين به، وكذلك عدم تحقيقه للحماية الجنائية الكافية للمصلحة التى يســعى لحمايتهــا، وهذا بدوره يــؤدى بصورة أو بأخـــرى إلى كـــثرة الأفعـــال التى تشكل جرائم مخالفة لهذا القانون فيتعرض السلام الإجتماعى إلى الإضطراب([5])، وبالتالى فمن الضرورى تقييم التشريع ولا سيما بعد تطبيقه لمعالجة قصوره إن وجد وسد الثغرات التى يظهرها التطبيق العملى لنصوصه.

أهمية الدراسة وأهدافها:

تبدو أهمية الدراسة من أهمية موضوع الحماية القانونية للآثار ذاتها،
فالأثار كما سبق الإشارة لم تعد موروثاً ثقافياً وحضارياً للإنسانية وفقط بل أصبحت تمثل مورداً هاماً من موارد الدخل القومى للشعب المصرى، مما يستدعى دائماً
البحث عن سبل للوصول لتحقيق حماية جنائية، تتناسب وأهمية ذلك الموروث الثقافى والحضارى، والمواجهة التشريعية لظاهرة التعـدى على الأثار ما زالت تمثل المواجهة الأهم لتحقيق تلك الحماية، مما دعى الباحث لتقييم موقف الشارع فى التعديل
الوارد بالقانون رقم 91 لسنة 2018، ومدى نجاح خطته فى تحقيق حماية أكبر من تلك التى وردت فى القانون 117 لسنة 1983، والتعديل الوارد بالقانون رقم 3 لسنة 2010م.

تساؤلات الدراســة وإشكالياتها:

أثارت الدراسة فى هذا الموضوع العديد من التساؤلات حول التعريفات التى وردت فى القانون وتوسع المشرع فى مفهوم الأثر، كما أثارت تساؤلاً آخر بشأن مدى كفاية التجريم الوارد بالتعديل الأخير لتحقيق المصلحة المحمية، والمتمثلة فى تحقيق حماية جنائية أكبر للآثار، ومدى جدوى تغليظ العقوبات فى مواجهة الجرائم التى تشكل تعدياً على الآثار، وهل إتسمت سياسة الشارع العقابية فى هذا الشأن بالمبالغة، إضافة إلى ما أثارتــه تلك الدراسة من قواعد تتعلق بالإختصاص والإعفــاء من العقوبات ومــدى إتفاقها مع القواعد العامة، ووضع البدائل والمقترحات بشأن تلك النصوص، مع الوضع فى الإعتبار أن هـذا التعــــديل يُعــد حـديثــاً ولم يتــح للفقــه الفرصة الكافية للتعليق على أحكامه، وبيان مدى توافق تلك الأحكام مع أصول التجريم والعقاب، كما أن حداثة التعديل لم تتح الفرصة أمام القضاء لبيان مسالبه وثغراته التى تظهر من خلال التطبيق العملى لأحكامه، مع قلة المراجع العلمية التى تناولت الحماية الجنائية للآثار، وكل ذلك يُعـد من المشكلات التى واجهت الدراسة.

المنهج المستخدم وخطة الدراسة:

جاءت هذه الدراسة الوصفية التحليلية للتعديل الأخير بشأن حماية الآثار فى مباحث ثلاثة، شمل الأول البنيان القانونى للجريمة الأثـــرية، وتناول الثانى التجــريم والعقــاب المستحدث بالتعديل رقم 91 لسنة 2018م، وأختتمت بمبحث ثالث لتقــييم خطة الشارع فى التعــديل الأخــير، والمقترحات التى يمكن من خلالها معالجة القصور التشريعى الوارد بالتعديل، وذلك على النحــو التالى :-

المبحث الأول   :  البنيــــــان القـــانونى للجريمــة الأثـريـــــة  

المطلب الأول  : محل الجريمة الأثرية " الركن المفترض "

المطلب الثاني : الركن المـــادى في جــرائم الآثار

المطلب الثالث : الركن المعنوى في جــرائم الآثار


المبحث الثانى :  الجرائم الأثرية التى شملها التعديل الوارد بالقانون 91 لسنة 2018

المطلب الأول  : الجرائم التي تشكل جنايات أثرية

المطلب الثانى : الجرائم التي تشكل جنــــــــح أثرية

المبحث الثالث : تقييم خطة الشارع فى التعديل الوارد بالقانون 91 لسنة 2018

المطلب الأول  : مـدى كفاية التجـريـم الوارد بالتعــديـل والرؤية المقترحة فى هذا الشأن

المطلب الثاني : التعليق على تغليظ العقوبات

المطلب الثالث : التعليق على حالات الإعفاء من العقاب فى القانون الجديد


المبحث الأول

البنيان القانونى للجريمة الأثرية

تمهيد:

لا يضع المشرع عادة تعريف للجريمة، ولكن يجتهد في القيام بهذا العمل فقهاء القانون الجنائي، وقد تعددت وتنوعت التعريفات الفقهية للجريمة فعرفها البعض تعريفاً شكلياً بأنها " انتهاك لحرمة قانون العقوبات "، كما عرفها آخرون تعريفاً موضوعياً بأنها "سلوك اجتماعي يثير في ضمير الرأي العام شعوراً بضرورة توقيع عقوبة لأنه يهدر مصلحة من المصالح التي يقوم عليها كيان المجتمع"([6]).

وبالتالي فإن الجريمة بشكل عام هي: كل فعل أو إمتناع يجــرمه القانون، ويفـــرض على مرتكـبه جزاءً جنائياً، والسلـوك الإجــرامى ورد الفعــل المتمثل فى العقــوبة يعتبران من أهم وأخطـــر الظواهر التى يواجهها المجتمع المنظـــم فى صورته الحديثة([7])،([8]).

وطبقا لرأي الفقه فإن الأركان الأساسية لأي جريمة لا تخرج عن ركنين هما: الركن المادي، والركن المعنوي، ولا تختلف الجريمة الأثرية عن هذا المفهوم العام، فهي كل فعل أو امتناع يترتب عليه المساس بسلامة الآثار الثابتة أو المنقولة، أو خطر الاعتداء عليها، طالما إرتكب عن عمد، إضافة إلى ركن مفترض يخص هذه الجرائم وهو وقوع الإعتداء على محل يمثل أثراً، أى وقوع الجريمة الأثرية على أثراً مصرياً طبقاً لتعريف القانون للآثار.

والذى نشير إليه فى هذا الصدد أنه توجد فى جميع الدول قوانين وعقوبات تحمى الملكية العامة ومنها الممتلكات الثقافية، إلى جانب قوانين خاصة لحماية الآثار فى بعض الدول حددت بموجبها الجهة التشريعية المبادئ العامة فى الحماية القانونية للآثـــار([9]).

ونتناول محل الجريمة الأثرية (الركن المفترض) فى مطلب أول قبل أن نتطرق لبيان الركن المادى والركن المعنوى في المطلبين الثانى والثالث، وذلك على النحو التالي :-

 

المطلب الأول

محـل الجريمـة الأثـرية " الركن المفترض "

يشترط أن يكون محل الجريمة أثراً من الآثار المصرية لكي تقع جريمة من الجرائم الأثرية التي نص عليها قانون حماية البيئة الأثرية رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳م، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة ۲۰۱۰م، والقانون رقم 91 لسنة 2018، فإذا وقعت الجريمة على شيء لا يعد كذلك، فقد تشكل الواقعة جريمة ولكنها لا تُعد جريمة أثرية، والآثار([10]) طبقاً لهذا القانون هي :

ما نص عليه في المادة 1 من التعديل الوارد بالقانون رقم 3 لسنة 2010.

يُعد أثراً كل عقار أو منقول متى توافرت فيه الشروط الآتية :-

1- أن يكون نتاجاً للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة أو نتاجاً للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التي قامت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى ما قبل مائة عام.

2- أن يكون ذا قيمه أثريه أو فنيه أو أهمية تاريخيه باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارة المصرية أو غيرها من الحضارات الأخرى التي قامت على أرض مصر.

3- أن يكون الأثر قد أنتج أو أنشئ على أرض مصر أو له صله تاريخيه بها. وتعتبر رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها في حكم الأثر الذي يتم تسجيله وفقاً لأحكام هذا القانون.

وكذلك ما جــاء بالمـــادة الرابعــة.

المباني الأثرية، وهي تلك التي سجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقه على العمل بهذا القانون أو التي يصدر بتسجيلها قرار باعتبارها أثراً وفقاً لأحكام هذا القانون.

ويجــوز للمجلس الأعلى للآثار– متى كانت للدولة مصلحة قومية في ذلك يقـــــدرها المجلـــس – أن يقــــوم بتوفيـــق أوضاع المستأجرين للأماكن التاريخـيــة أو المواقع الأثرية التى لم يتقرر نزع ملكيتها وإنهاء العلاقة الإيجارية خلال عام من تاريخ الإجراء الذى يصدر لتوفيق الأوضاع، وذلك بإيجاد أماكن بديلة مناسبة لهم أو تعويضهم تعويضاً عادلاً([11]).

وحسناً ما جاء به المشرع في التعديل 91 لسنة 2018م حينما توسع في تعريف الأثار بأن أضاف إليها عند نصه على التعريفات المتعلقة بالقانون في المادة الثانيــة أراضي المنافـع العامــة للأثــار، وهـى الأراضي المملوكة للدولة والتى ثبت أثريتها لوجود شواهد أثرية بها، مما يحقق حماية أكبر للأثار، وأضاف المشرع في التعـديل الأخير حمايــة أخرى بأن حدد حـرماً للأثر في نص المادة الثانية، وعـرفه

بالأماكن أو الأراضى الملاصقة للأثر، وحدد خطاً للتجميل، وعرفه بأنه المساحة التى تحيط بحرم الأثر وتمتد لمسافة تضمن عــدم تشويه الناحية الجمالية للأثر، وزاد في ذلك بنصه في ذات المادة على الأماكن والأراضى المتاخمة للأثر، وهى الأماكن والأراضى التى تقع خارج نطاق خطوط التجميل والأماكن أو الأراضى الأثرية، والتى تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات في المناطق غير المأهولة وللمسافة التى تحدد فيما عدا ذلك بما يحقق حماية جنائية أكبر للأثر.

وحدد النص الموقع الأثــرى، وهو كل موقع تتقرر أثريته طبقاً لأحكام هذا القانون، كما بين القانون المناطق الأثرية وهى الأماكن التى تشمل المواقع الأثرية وجميع المنشآت القائمة على خدماتها والتابعة للمجلس الأعلى للآثار.

وإستمر المشــرع في نهجه بالتوسع في تعريفه للأثر، حيث ذكر في المادة الرابعة منه المبانى الأثرية وهى المبانى التى سجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التى يصدر بتسجيلها قرار بإعتبارها أثراً وفقاً لأحكام هذا القانون، ويجوز للمجلس الأعلى للآثار متى كان للدولة مصلحة قومية في ذلك يقدرها مجلس الإدارة أن يقوم بتوفيق أوضاع المستأجرين للأماكن الأثرية التى لم يتقرر نزع ملكيتها وإنهاء العلاقة الإدارية خلال عام من تاريخ الإجراء الذى يصـدر لتوفيق الأوضاع، وذلك بإيجاد أماكن بديلة لهم أو تعويضهم تعويضاً عادلاً، وجاء نص المادة الخامسة ليولى المجلس الأعلى للآثار دون غيره شئون الأثار، وكل ما يتعلق بها سواء ما كان منها في المتاحف أو المخازن أو المناطق والمواقع الأثرية أو في باطن الأرض أو في المياه الداخلية أو الإقليمية لمصر، وكذلك شئون البحث والتنقيب أو أى نشاط ثقافى أو سياحي أو دعائي أو ترويجى يتعلق بالأثار أو بالمواقع الأثرية وكذلك للمجلس دون غــيره حق التفتيـش على متاحف ومخازن الوزارات والجهات الحكومية والهيئات العامة التى تحوى أثاراً لضمان تسجيلها وتأمينها وله دون غيره صيانة تلك الأثار وترميمها على نفقــة الجهات المشـار إليها، وجعل للمجلس أيضاً بنص المادة 5 مكررا الحـق في إزالة أية مخالفات سواء كانت سكنية أو صناعية أو تجارية أو غيرها بالمواقع والمناطق الأثرية ([12]).

الإجراءات الإدارية التي وردت بالتشريع الجديد لحماية الآثار:

ورد بالمادة 10 من هذا التعديل إنشاء لجنة فنية بالمجلس تختص بتحديد الأثار التى يجوز عرضها بالخارج لمدة محددة والمقابل المادى لذلك، في ضوء القيمة التأمينية والمدة المحددة وعدد القطع المختارة وإعطاء هذا الحق لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الأثار وموافقة اللجنة الفنية للمعارض الخارجية حتى تتحقق حماية قانونية للأثار المصرية حال عرضها في معارض خارجية.

كما جاء بنص المادة 21 من التعديل أنه " يجب عند تغيير تخطيط المدن أو الأحياء أو القرى مراعاة مواقع الأثار والأراضى الأثرية التى توجد بها، ولا يجوز تنفيذ التخطيط المستحدث أو التوسع أو التعديل في المناطق الأثرية والتاريخية وما في زمامها إلا بموافقة كتابية من المجلس مع مراعاة حقوق الإرتفاق التى يرتبها المجلس، وعلى المجلس أن يبدى رأيه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العرض عليه، فإذا لم يبد رأيه خلال تلك المدة جاز عرض الأمر على الوزير ليصدر قراراً في هذا الشأن".

وجاء بالمادة 25 من التعديل تولى تقدير قيمة التعويض المنصوص عليه في المواد (4، 8، 13، 15، 16) من هذا القانون لجنة تشكل بقرار من الوزير ويمثل فيها مجلس الإدارة ولذوى الشأن التظلم خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغهم بكتاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول بقيمة التعويض، وإلا أصبح التقدير نهائياً ولا يجوز المنازعة في التعويض بعد مضى ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة التقدير نهائياً، وفى جميع الأحوال تتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات المشار إليه([13]).

ومن بين أوجه الحماية القانونية التى إستحدثها التشريع محل الدراسة ما نص عليه في المادة 28 من إعتبار متاحف الآثار ومخازنها في كل الأحوال من أملاك الدولة العامة، كما أن نص المشرع في المادة 29 على أن يتولى المجلس الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن والمواقع والمناطق الأثرية والمبانى الأثرية المسجلة، ويتولى حراستها عن طريق الشرطة المختصة والخفراء والحراس الخصوصيين المعتمدين وفقاً للقواعد المنظمة لذلك، وكان المشرع قد نص صراحة في المادة السادسة من القانون على إعتبار الآثار أموالاً عامة مملوكة للدولة، ورتبت المادة 87 من القانون المدنى عدة نتائج على ذلك بالنص على أن " وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم "([14])، وجاءت أحكام النقض مطابقة لذلك حيث قضى " أن التمثال الأثرى لا يجوز التبايع فيه، وللحكومة أن تسترده من حائزه بغير تعويض تدفعه له أو ثمن ترده إليه، ولا يقبل في شأنه الإحتجاج بأحكام إمتلاك المنقول بالحيازة([15]).

وكذلك ما نص عليه في المادة 48 على أن " يكون لمفتشى الآثار وأمناء المتاحف المعينين على درجة مالية ولرؤسائهم المتدرجين صفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بضبط الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً له ليحقق بذلك حماية أكبر للآثار.

وكان أولى بالمشرع أن يمد الضبطية القضائية لتشمل كافة الحراس والخفراء المعينين والمتعاقدين ليضطلعوا بمسئولياتهم تجاه حماية الآثار من الجرائم التى ترتكب عليها، إضافة إلى أن ذلك سيقلل من إرتكاب هؤلاء الحراس والخفراء للجرائم الأثرية حال المسئولية عن ضبط تلك الجرائم لتشديد العقوبات حال وقــوع الجرائم الأثرية بمعرفتهم أو بالإشتراك فيها، كما يجب على الجهات الإدارية المسئولة عن حراسة وحماية الآثار إتخاذ مجموعة من الإجراءات الإستباقية التى تستهدف تحديد مصادر وأنواع ودرجة المخاطر والمهددات التى يمكن أن يتعرض لها الأثر، ودراسة الآثار التى يمكن أن تترتب على تلك المخاطر حال وقوعها، فيما يطلق عليه بقائمة المخاطر والمهددات للمساعدة في التخطيط السليم والجيد لتأمين التراث الثقافى وحمايته حتى تستمر تلك الثروة الثقافية التى لها أهميتها البالغة للشعب المصرى بل لشعوب العالم أجمع، فهى تمثل تراث إنسانى مشترك يستحق بذل الجهد للحفاظ عليه([16]).

المطلب الثانى

الركــن المـادي في جــرائم الآثــار

هو ذلك السلوك الإجرامي الذي يقوم به الجاني، وينتج عنه حصول ضرر بالآثار التاريخية، والممتلكات الثقافية، كما يتصور وقوع الجريمة الأثرية بمجرد تعرض مصلحة أثريه للخطر، فحدوث الضرر أو التعرض للخطر يكفيان للقول بتوافر السلوك الإجرامي المشكل للجريمة الأثرية([17])، وهو السلوك الذى يبرز إلى حيز الوجود الاعتداء الذى تشكله الجريمة على الحق أو المصلحة التي يكفلها القانون، وهو الذى يميز الجريمة عن مجرد الأفكار والنوايا ويخرجها من نطاق الإباحة إلى نطاق التجريم([18]).

فالركن المادي في أي جريمة يتمثل في السلوك أو الفعل الإجرامي الذي ترتكب به الجريمة، والنتيجة التي تتحقق من خلف هذا السلوك وبينهما علاقة السببية التي تربط السلوك بالنتيجة الإجرامية التي تحققت.

ويقصد بالفعل : كل نشاط إيجابي، أو تصرف سلبي صدر عن الإنسان، وهو وسيلة الشخص إلى الجريمة، حيث أن الجريمة تحدث عنه بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، ولكل جريمة ما يناسبها من الأفعال.

بينما النتيجة : هي الأثر الخارجي للفعل الذي يتمثل فيه الاعتداء على حق يحميه القانون([19]).

وصور النتيجة في جرائم الآثار تتمثل في :

·         انتقاص مادي من التراث الوطني وموروثه الحضاري.

·         حرمان الأجيال القادمة من الاستفادة من الموروث التاريخي.

·         حرمان الدولة والمجتمع من عائدات السياحة الأثرية.

علاقة السببية : وتعرف علاقة السببية بأنها الصلة التي تربط بين الفعل والنتيجة، وتثبت أن ارتكاب الفعل هو الذي أدى إلى حدوث النتيجة، فالإنتقاص المادى من الآثار أو الحرمان من الإستفادة منها كان سببه السلوك الذى إرتكبه الفاعل فى الجريمة الأثرية([20])، وبالتالى فإن الركن المادي في الجريمة الأثرية لا يخرج عن الركن المادى فى الجرائم الأخرى.

المطلب الثالث

الركــن المعنوي في جــرائم الآثــار

من المسلم به أن المشرع الجنائي لا يفرض العقوبة فرضاً أعمى على كل فعل مكون للركن المادي للجريمة، وإنما يرى ضرورة أن يكون أساس عقاب أي إنسان هو الخطأ. وهذا الخطأ هو معيار التفرقة بين فعل ارتكب بالصدفة أو قضاءً وقدراً، وفعل يمكن أن يكون من وجهة نظر اجتماعية وأخلاقية محلاً للعقاب وهو الجريمة([21]).

فلكى توجــد الجريمة من الوجهة القانونية لا يكفي أن يرتكب فعل مادي منصوص على عقابه في القانون، ولكن يجب أيضاً أن يكون هذا الفعل قد ارتكب بخطأ مرتكبه، هذا الخطأ يرسم المشرع صورته المطلوبة لقيام الجريمة في نص القانون ذاته، أي يبين هــذا النص النموذج المعنوي المطلوب أن يرتكب الركن المادي داخل إطـاره، فيتطلب أن يرتكب الركن المــادي عمــداً أو بغــير عمد([22])، فالمسلم به فى

التشريعات الحديثة أن المسئولية عن الجريمة لا تنهض بمجـــرد تحقق الركن المادي لها فحسب، وإنما يلزم بالإضافة إلى ذلك البحث فى أمور نفسية تتعلق بشخصية الجاني وإتجاه إرادته([23]).

فالركن المعنوي هو العلاقة النفسية بين المجرم والجريمة وأول صور الركن المعنوي القصد الجنائي لأنه طالما أن الجريمة تمرد على القانون، فإن أبرز صورة لهذا التمرد هي الصورة التي يتعمد فيها الإنسان مخالفة القانون، ولا تضع التشريعات عادة تعريفاً للقصد الجنائي، ولا لأي من الأفكار المرتبطة به من بعيد أو قريب، ولكن يمكن تعريفه بأنه اتجاه إرادة الجاني نحو إرتكاب الجريمة سلوكاً ونتيجة مع العلم بتوافر أركانه([24]).

* والعلم الذي يتحقق به القصد الجنائي هو العلم الذي يحيط بأركان الجريمة كافة أي :

- العلم بعناصر الواقعة الإجرامية (سلوك الإعتداء على الأثر).

- العلم بخطورة النشاط على المصلحة المحمية.

- العلم بمكان الجريمة وأزمانها.

- العلم بالشروط المسبقة (المحل الذى يقع عليه السلوك يمثل أثراً مصرياً وفقاً للقانون).

- العلم بالنتيجة وعلاقة السببيه، أي بكافة مكونات الجريمة.

وبالتالى فالعلم يُعد أحد عنصرى القصد الجنائى الذى يقوم به الركن المعنوى حال توافر إرادة إرتكاب الفعل المجرم.

* والإراده هي العنصر الثاني في القصد الجنائي وتمـــثل إتجــاه إرادة الجــاني إلى النتيجــة الإجـراميـــة، وهذا العنصر هو الذي يمـــيز الجــرائـم العمدية عن الجرائم غير

العمدية. فالعلــم ضروري ولازم لكنه غير كاف لتكوين القصد لأنه يتطلب في الجـرائـم العمدية أو غير العمدية على حــد ســواء، وكل قيمته أنه يمهــد للإراده ويستحيل دونه تصورها.

فما يمــيز الجريمــة غــير العمديــة هو أن الغـــرض أو النتيجــة التي إتجــه إليـــه السلوك الإرادي في الجريمة لم يكن غرضاً إجرامياً، أي لم يكن نتيجة يتمثل فيها إعتداء على حق أو مصلحه يحميها قانون العقوبات، وإنما كان غرضاً مشروعاً، ولكن حــدث الإعــتداء على المصلحة دون أن تتجـــه الإراده إلى تحقيقــــه. فالعمــــد ينطــــوي على معـنى السعـــــي الإيجابي لبلوغ غايـــــه محــدوده هي النتيجــة الإجـراميـــة التي حددها نص التجـريــم، وبالنسبة لجـــرائم الآثـــار فلا بــد أن تتجــه الإراده إلى تحقــيق الغـــرض الإجرامي المتمثل في إحداث ضرر للآثار أو تعريضها للخطر([25])، كى يستحق مقترف هــذا الفعـــل للجـــزاء والذى قـــد يتخــذ صــورة العقــوبــة أو التدبيــر الإحـــترازى، فلكى يكتمل القصد الجنائى لا بــد من توافــر العلــم بمكونات الجريمة مع إتجــاه إرادة الجانى لإرتكابه([26])، فإذا إرتكب الركن المادى والركن المعنوى بالصورة التى أوضحناها وكان ذلك واقعاً على أثراً من الآثار حسب التعريف الوارد بالقانون إكتمل البنيان القانونى للجريمة الأثرية ووجب عقاب مرتكب تلك الجريمة.

 

المبحث الثانى

الجــرائم الأثريــة التى شملها التعديل الوارد بالقانون 91 لسنة 2018 م

تمهيد:

سعى المشرع فى التعديل الوارد بالقانون رقم 91 لسنة 2018م إلى تحقيق حماية قانونية أكبر للآثار بأن توسع توسعاً ملحوظاً فى بيان مفهوم الآثار كمحل للجريمة الأثرية وقد وضحنا ذلك عند الحديث عن محل الجريمة الثرية، كما غلظ العقوبات على الجرائم الأثرية سواء فيما يتعلق بتهريب الآثار أو سرقتها أو إخفائها أو التعدى عليها، ونتناول فى هذا المبحث الجرائم التى تشكل جنايات أثرية وذلك في المطلب الأول، وتلك التي تشكل جنح أثرية في المطلب الثاني، وذلك على النحو التالى :-

المطلب الأول

الجرائم التي تشكل جنايات أثرية

وتشمل تلك الجنايات أفعال التعدى على الآثار بتهريبها أو سرقتها أو إخفائها أو إتلافها أو نقلها بدون ترخيص.

الفرع الأول

جريمة تهريب الآثار النص القانوني ( ماده 41):

" يعاقب بالسجن المؤبـد وبغرامة لا تقـل عن مليون جنيه ولا تزيـد على عشرة ملايين جنيه كل من قام بتهـريب أثر إلى خارج الجمهورية مع علمه بذلك، ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الأثـر محـل الجريمة وكذلك الأجهـزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس "([27]).

وتُعد جريمة تهريب الآثار من أهم الجرائم التي يحدث فيها تعدى على الأثر حيث يتمثل الركن المادي لهذه الجريمة في إخراج الآثار من الأراضي المصرية إلى أراضي دولة أخرى، وبالتالي يُعد ذلك تعدياً صريحاً على تاريخ وحضارة وثقافة شعب بأكمله مما يجعل المصلحة المحمية من خلف تجريم تهريب الآثار هى الأهم بالنسبة للجرائم التي ترتكب على الآثار المصرية.

ويكتمل الركن المادي في هذه الجريمة بالقيام بالسلوك الإجرامي الذي تتحقق به النتيجة الإجرامية المتمثلة في خروج الأثر من نطاق الأراضي المصرية إلى أراضي دولة أخـرى([28])، والملاحظ في هـذا الشـأن هـو إستقـرار القضاء بالنسبة لجـرائم تهـريب الآثـار إلى عــدم اشـــتراط الحصول على إذن من مديـــر الجمارك قــبل رفــع الدعـــوى، لأن ذلك يتعلق فقط بالتهريب الجمركى للبضائع التى تفرض عليها الدولة رســوم جمركية ولا علاقـة لها بجـرائم تهريب الآثار التى تُعد حيازتها أصلاً جريمة مؤثمة بذاته([29])،  كما إستقر قضاء النقض على أن محـل جريمة الآثـار أشياء خارجة عن دائــرة التعامل([30]).

ويتوافر الركن المعنوي في هذه الجريمة بتوافـر العلم لدى القائم بالسلوك الإجرامي، الذى يــؤدي إلى النتيجة السابقة والمتمثلة في خــروج الأثر من الأراضي المصرية بالفعل، مع توجه الإرادة إلى إرتكاب هذا السلوك وتحقيق هذه النتيجة، إضافة إلى توافر الركن الثالث وهو وقوع الفعل الإجرامي وتحقيق النتيجة الإجرامية على أثر من الآثار المصرية طبقاً للتعريف الوارد بالقانون([31]).

والعقــوبة التي حددها المشرع لهذه الجريمة هي عقوبة السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن عشرة ملايين جنيه مع مصادرة الآثار المضبوطة والآلات والأدوات والسيارات المستخدمة لصالح المجلس الأعلى للآثار، وبالتالي تعتبر العقوبة مغلظه قياساً على جرائم الآثار الأخرى، وقد رفع فيها المشرع مبلغ الغرامة بصورة لم تكن مقررة من قبل لتتناسب مع ما يحصل عليه مهربي الآثار من أموال بطرق غير مشروعه.

وبالنسبة لإسترداد الآثار المهربة لا تألوا الدولة المصرية جهداً في إتخاذ إجراءات إسترداد تلك الآثار، والتى تختلف بالنسبة للأثر المسجل عنها بالنسبة للأثر غير المسجل، فتقيم الدولة دعوى الإسترداد بالتنسيق مع منظمة اليونسكو التى إعتادت مساعدة الدولة الأصل في إسترداد آثاره ([32]).

الفرع الثانى

جريمـة سرقـة الآثــار النص القانوني ( ماده 42):

" يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن خمسة مليون جنيه كل من سرق أثراً أو جزءً من أثر سواء أكان الأثر من الآثار المسجلة المملوكة للدولة أم المُعدة للتسجيل أو المستخرجة من الحفائر الأثرية للمجلس أو من أعمال البعثات والهيئات والجامعات المصرح لها بالتنقيب بقصد التهريب([33]).

وتخرج جريمة سرقة الآثار عن الإطار العام لجريمة السرقة العادية، لأن المشرع اشترط في جريمة سرقة الآثار توافر قصد التهريب للأثر المسروق، لذلك فإن الركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في فعل إختلاس الأثر بنية تملكه وهي النتيجة الإجرامية في جرائم السرقة عامة، إضافة إلى ضرورة العلم بأن السلوك المشار إليه يؤدي إلى النتيجة السابقة مع إرادة ارتكاب هذا الفعل بقصد التهريب. وهذا ما يميز هذه الجريمة عن جرائم السرقات العامة([34]).

وقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة السجن المؤبد، فسرقة الآثار قد تقع بإكراه، وقــــد تقـــع بمفتاح مصطنع وقد تقع فـي مكان مسور وقـــد تكــون ســرقة عاديــة، إلا أن المشرع ارتأى وضع عقوبة السجن المؤبد حال توافر قصد التهريب، وقرر عقوبة الغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على خمسة مليون جنيه مع مصادرة الأثر المضبوط والآلات والأدوات والسيارات المستخدمة بصرف النظر عن أسلوب ووسيلة إرتكابه([35])،([36]).

الفرع الثالث

جريمة الحفر خلسة وإخفاء الآثار بقصد تهريبها النص القانوني ( ماده 42):

" وتكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقــل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات لكل من قام بالحفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزء منه بقصد التهريب. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح المجلس "([37]).

جرم المشرع في التعديل الوارد بالقانون رقم 91 لسنة ۲۰۱8م فعل الحفر خلسة أو إخفاء الآثار بقصد تهريبها وبالتالي فإن إخفاء الآثار المسروقة لا تخضع للقواعد العامة في جرائم إخفاء السرقات المنصوص عليها في المادة (216 مكررا ثانياً ب) من قانون العقوبات.

فالجريمة التي نحن بصددها يتمثل ركنها المادي إما بالحفر خلسة بقصد التهريب أو في إخفاء الآثار بقصد التهريب بصرف النظر عن مصدر الحصول على الأثر، وركنها المعنوي يتمثل في العلم بأن فعل الحفر أو الإخفاء تم بقصد التهريب مع إتجاه الإرادة لذلك، إضافة إلى الركن المتمثل في ضرورة أن يكون محل الجريمة أثراً من الآثار المصرية.

وقرر المشرع لهذه الجريمة عقــوبة السجن المشدد بما لا يقل عن ثلاث سنوات ولا يزيد على سبع سنوات، إضافة إلى مصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح المجلس الأعلى للآثار، وحسناً فعل المشرع بعدم تقريره عقوبة الغرامة نظراً لعدم تمكن الجاني من إستكمال جريمته والمتمثل في تهريب الأثر إلى خارج البلاد وتحقيق أرباح غير مشروعه من خلف ذلك.

والمشرع بتجريمه لأفعال الحفر خلسة حقق حماية جنائية أكبر للآثار بصرف النظر عما أسفر عنه السلوك الإجرامى المتمثل في الحفر خلسة، فسواء أنتج أثره بالعثور على الأثر أو لم ينتج ففى الحالتين تقوم الجريمة، ويكون العقاب مستحقاً مما يحد من حالات الحفر أسفل البيوت وفى المناطق القريبة من الأماكن الأثرية والتى أصبحت تمثل ظاهرة في مصر في الفترة الأخيرة، وتجريم المشرع لفعل الحفر خلسة بقصد الحصول على أثر يتمثل فقط في الشروع طبقاً للقواعد العامة، ولكن المشرع لحكمــة قـدرهـــا – تتمـــثل في تحقــيق قـــدر أكــبر من الحمايــة – إعـتبر الفعــل جريمة تامة

وقد لجأ المشرع لذلك في حالات متعددة، منها تجريمه لطلب الموظف العام في جريمة الرشوة حتى ولو لم يلقى هذا الطلب قبولاً من صاحب الحاجة (م 103) عقوبات، بل أنه لجأ لتجريم بعض الأعمال التحضيرية لذات السبب ولنفس الحكمة فنص في المادة 324 من قانون العقوبات على تجريم تقليد مفاتيح أو صنع آلة يتوقع إستعمالها في إرتكاب جريمة، وبالتالى فإن ما قام به المشرع يُعد من باب وقاية الأثر من خطر السرقة والتهريب.

الفرع الرابع

جريمة هــدم أو إتلاف الآثـار أو إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار

النص القانوني ( ماده 42):

وتكون العقوبة السجن مدة لا تقــل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه لكل من قام بالآتي :

1.     هدم أو أتلف عمداً أثراً منقولاً أو ثابتاً أو شوهه أو غير معالمه أو فصل جزء منه عمداً.

2.  أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص: وفى هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل، وتشدد العقوبة في الحالات السابقة لتكون السجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليونى جنيه إذا كان الفاعل من العاملين بالوزارة أو المجلس أو من موظفى الهيئة المختصة بحسب الأحوال أو مسئولی أو موظفى أو عمال الحفائر أو عمال البعــثات أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.

فجرم المشرع هنا أفعال هدم أو إتلاف الآثار وكذلك جرم إجراء أية أعمال حفر يقصد منها الحصول على الآثار طالما كان ذلك بدون ترخيص من المجلس([38]).

والركن المادي المكون لتلك الجريمة يتمثل في أعمال الهدم أو الإتلاف التي تقع على الآثار أو أعمال الحفر التي تكون بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص، وإرتأى المشرع تشـديد العقــوبة على تلك الأفعــال حال توافر صفة خاصة في مرتكبها لوقوع الجريمة من أشخاص مفترض أنهم أمناء عليها، ولإرتكابها من أشخاص قد تسهل عليهم الوظيفة إرتكابها وإخفاء الأدلة التى تمكن من ضبط
الجريمة.

وقرر المشرع عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وغرامه لا تقــل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه لكل من هدم أو أتلف أو حفر بقصد الحصول على أثر بدون ترخيص.

وحسناً فعل المشرع حينما شدد العقوبة على الأفعال سالفة الذكر إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس أو من مسئولى أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم لسهولة إرتكابها بمعرفتهم ولتوافر عنصر الغدر والخيانة إذا وقع من هؤلاء الأفعال المنصوص عليها في المادة 42، فجعل العقوبة السجن المشدد دون تحديد مدة، ليعطي للقاضى حرية التقدير حسب ظــروف وملابسات كل حاله، وجعل الغرامــة بحد أدنى مليون جنيه، وحــد أقصى مليونى جنيه.

الفرع الخامس

جريمة سرقة أثر أو جزء منه ليس بقصد التهريب أو إخفاء الأثر إذا كان متحصلاً من جريمة النص القانوني ( ماده 42) مكرر1 :

يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن مليونى جنيه كل من ســرق أثــراً أو جــزء من أثــر مملوك للدولة، وتكون العقــوبة السجــن لمــدة لا تجاوز سبع سنوات والغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى لكل من أخفى الأثر أو جزء منه إذا كان متحصلاً من أى جريمة ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس([39]).

والركن المادى في هذه الجريمة يقوم على سرقة أثر أو جزء منه ليس بقصد التهريب، وكذلك كل من أخفى أثراً أو جزء منه متحصل من جريمة، ففعل إختلاس الأثر أو جزء منه أو إخفاء أثر متحصل من جريمة يمثل الركن المادى إضافة إلى الركن المعنوى والمتمثل في العلم وإتجاه الإرادة لإقتراف الفعل المجرم ووقوع ذلك على أثر وفقاً للتعريف القانونى للآثار.

وتكون العقوبة في الحالة الأولى السجن المشدد والغرامة من مليون إلى مليونى جنيه، وفى الحالة الثانية السجن الذى لا يجاوز السبع سنوات والغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى، إضافة إلى مصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والسيارات المستخدمة في إرتكاب الجريمة، لصالح المجلس الأعلى للآثار.

الفرع السادس

جريمة نقــل الآثار بدون إذن كتابی وتحويل المباني والأراضي إلى مساكن أو زراعتها وتزييف الأثر بقصد الاحتيال النص القانوني( ماده 43):

يعاقب بالسجن مـدة لا تقــل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامه لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من قام بأى من الأفعال الآتية :-

1. نقل بغير إذن كتابی صادر من المجلس أثراً مملوكاً للدولة أو مسجلاً أو نزعه عمداً من مكانه.

2. حول المباني أو الأراضي الأثرية أو جزء منها إلى مسكن أو حظيرة أو مخزن أو مصنع أو زرعها، أو أعدها للزراعة أو غرس فيها أشجاراً أو إتخذها جرناً أو شق فيها مصارف أو مساقى أو أقام بها أى إشغالات أخرى أو إعتدي عليها بأية صورة كانت بدون ترخيص طبقاً لأحكام هذا القانون.

3.     زيف أثراً بقصد الاحتيال([40])

جــرم المشرع في المادة 43 أفعال ثلاثة وقرر لها عقـوبة واحـدة هي السجن مدة لا تقـل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه وهذه الأفعال هى :

أ –  النقل بغير إذن کتابی صادر من المجلس الأعلى للآثار، لأثراً مملوكاً للدولة أو مسجلاً أو نزعه عمداً من مكانه، فالركن المادي يتمثل في النقـل لأثر من مكانه بدون إذن كتابي من المجلس بصرف النظر عن القصد من النقل، والركن المعنوي يتمثل في العلم بذلك، وإتجاه الإرادة إليه دون الإذن الكتابي من المجلس.

ب-  والجريمة الثانية المنصوص عليها بذات المادة، هى تحويل المبانی والأراضى الأثرية أو جزء منها إلى مسكن أو حظيرة أو مخزن أو مصنع أو زراعتها أو إعدادها للزراعة أو غرس أشجاراً أو إتخذها جرناً أو شق مصارف بها أو مساقی أو أقام بها أية إشغالات أخرى أو إعتدى عليها بأية صورة من الصور بدون ترخيص طبقاً لأحكام هذا القانون، فإعتبر المشرع ذلك من قبيل الإعتداء على أرض أثرية بدون ترخيص، وجاء بقضاء النقض إذا ورد الحكم خالياً من النص على المصادرة فعلى محكمة النقض أن تعدل وتحكم بالمصادرة، أى بمصادرة الأراضى التى وقع الإعتداء عليها والآثار التى تم ضبطه([41]).

ففعــل التحــويل للأراضي والمباني الأثــريــة يشكـــل الركــن المـــادي لهــــذه الصـــورة، لذلك عاقب المشرع بعقوبة السجن الذى لا يجاوز سبع سنوات مع مصادرة الأراضى أو المبانى......([42]).

ج-   تزييــف الأثــر بقصد الإحتيال، فهــذه الصورة الثالثة والواردة بنص المادة 43 تتمثل في قيام الجاني بتزييف أثر بقصد الإحتيال، ففعل التزييف أي محاولة الإيهام بتغيير الحقيقــة بشأن قطعــة لا تعـــد أثريه لإيهام الغير بأنها أثرية يعد الركن المادي لهذه الجريمة، ومع توافر العلم بذلك وإرادة إرتكاب هذا الفعل يتشكل الركن المعنوي وتكون العقوبة هي ذاتها المنصوص عليها بالنسبة للصورتين السابقتين، السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات والغرامة التى لا تقــل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه ([43]).


المطلب الثانى

الجرائم التي تشكل جنح أثرية

وهى تلك المنصوص عليها في المادة 5 مكررا والمادة 23 والمادة 24، وكذلك الجنح المنصوص عليها في المادة 45، وذلك على النحو التالى :-

الفرع الأول

جنحة مخالفة أحكام المواد (5 مكررا، 23 ، 24)

النص القانوني ( المادة 44 مكررا):

" يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنه وبغرامه لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائتى ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أياً من أحكام المواد (5 مكررا، 23، 24) من هذا القانون، وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأثر محل الجريمة والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس"

وهــذه الجــريمة يتشــكل ركنهـــا المــادي حــال قــيام الجانــى بمخالفــة أحكام المواد (5 مكررا، 23، 24)، فالمادة 5 مكررا تعطى للمجلس الحق في إزالة المخالفات في المواقع الأثرية وتحظر تواجد الدواب والمركبات والباعة الجائلين في المناطق الأثرية إلا بالشــروط التى تحـددها اللائحــة التنفيذيــة للقـانون، والمادة (23) والتى تلزم كل من يعـثر على أثر غير مسجل أن يقوم بإبلاغ هيئة الآثار، والمادة (24) تلــزم من يعــثر على أثر منقول أو جــزء من أثر ثابت أن يخطر أقرب سلطة إدارية خلال 48 ساعة من العثور عليه وأن يحافظ عليه حتى الإخطار وإلا يُعد حائزاً لأثر دون ترخيص بذلك وقد إستحدث النص الحالى بالتعديل الأخير لتحقيق حماية أكبر للآثار سواء المسجلة أو غير المسجلة التى يتم العثور عليه ([44])، وجعل لذلك عقوبة الحبس أو الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين.

الفرع الثانى

الجنح المنصوص عليها في المادة (45)

جــرم المشرع عـــدة أفعــال بنص المادة 45 وقــرر لها عقــوبة الحبس مــدة لا تقـــل عــن ســنه وغرامــة لا تقـــل عـن عشــرة آلاف جنيــه ولا تزيــد على خمسمائة ألف جنيــه، أو بإحــدى هاتين العقوبتين وهــذه الأفعــال هي :

1.     من وضع على الأثر إعلانات أو لوحات للدعاية.

2.     كتب أو نقش على الأثر أو وضع دهانات.

3.     شوه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزء منه.

4.     استولى على أنقاض أو رمال أو مواد أخرى من موقع أثرى أو أراضي أثرية دون ترخيص من المجلس، أو تجاوز شروط الترخيص الممنوح له في المحاجر أو أضاف إلى الأرض أو الموقع الأثري رمالاً أو نفايات أو مواد أخرى.

ويحكم في جميع الحالات بإلزام الجاني بتكاليف رد الشيء لأصله والتعويض الذى تقرره المحكمة.

فالمشــرع بهذا النص جــرم أفعالاً تؤدى إلى تغـيير في شكل الأثــر بالكتابة أو النقــش عليه أو التشويه أو الإتلاف الغير عمدى أو الاستيلاء على أنقاض أو رمال من موقع أثــرى أو تجــاوز شروط التصريح الممنوح له في موقـع أثرى بإضافة رمال أو نفايات أو مواد أخـرى وقــرر المشرع عقوبة الحبس مدة لا تقــل عن سنة والغـرامة التي لا يقل حدها الأدنى عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز حدها الأقصى خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

كما أورد المشرع عقوبة في حال مخالفة العاملين بالدولة لأحكام المواد 17، 20 فقــرة أولى والمواد 21، 22 من هذا القانــون بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه مع إلزامه بالتعويض عن الأضرار التي نشأت عن المخالفة وهذه النصوص :

(م 17)  يحظر على الجهات المحلية منح تراخيص مرافق أو غيرها للأعمال الناجمة عن التعدي على المواقع الأثرية.

(م  20)  لا يجوز منح تراخيص للبناء في المواقع والأراضي الأثرية.

(م  21)  مراعاة المواقع والأراضي والمباني الأثرية حال تغيير تخطيط المدن والأحياء والقرى.

(م 22)  الترخيص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب في مواقع معينة ولفترات محددة يكون من قبل المجلس الأعلى للآثار ولا يجوز النزول عنه للغير ولا يمنح الترخيص إلا بعد التحقق من الكفاية العلمية والفنية للهيئة أو الجامعة طالبة الترخيص، والنص على حظر الأفعال السابقة وتقرير عقوبة الحبس حال إقترافها يمثل حماية جنائية أكبر إتسم بها التعديل الأخير.

المبحث الثالث

تقـييم خطة الشارع في التعديل الوارد بالقانون رقم 91 لسنة 2018 م

تمهيد:

يُعد التعديل الأخـير لقانون حماية الآثار 91 لسنة 2018م، إضافة في مجال الحماية الجنائية للآثار، حيث جرم أفعالاً لم تكن مجرمة في التشريعات السابقة عليه، وشدد العقوبات على أفعال جرمتها التشريعات السابقة، وتوسع في تعريفـه للآثار بإضافة مناطق تمثل حرمة للأثــر لا يجـوز التعدي عليها أو المساس بها، وأعطى اختصاصات متعددة للمجلس الأعلى للآثار، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل تعد نصوص التجريم سالفة البيان كافية لمواجهة ظاهرة التعدي على الآثار وتحقيق الحماية الكافية للآثار المصرية؟ أم أن الأمر ما زال يتطلب سن تعديلات تشريعية جديدة واتخاذ إجراءات إدارية أخرى، وللرد على هذا التساؤل نتناول مدى كفاية التجريم الوارد بالتعديل المشار إليه لتحقيق حماية الآثار والرؤى المقترحة في هذا الشأن في مطلبٍ أول، ثم نبحث التعليق على تغليظ العقوبات في القانون الجديد في مطلب ثان، قبل أن نعلق على الإعفاء من العقوبة في القانون الجديد في المطلب الثالث، وذلك على النحو التالي :-

 

المطلب الأول

مدى كفاية التجريم الوارد بالتعديل والرؤية المقترحة في هذا الشأن

تجريم فعــل تأليف العصابات لسرقة وتهريب الآثار:

من المتفق عليه أن الجرائم التى ترتكب على الآثار قـد تأخذ الطابع الدولى بأن ترتكب بأشخاص ينتمون لأكثر من دولة، ويشكلون فيما بينهم عصابات إجرامية غرضها إرتكاب هذا النوع من الجرائم التى تحقق لهم أرباحاً طائلة، وتأليف وإدارة تلك العصابات أمر يتسم بالسرية ويحتاج مواجهته قبل تنفيذه لأغراضه الإجرامية، مما يستدعى تجريم أفعال التأليف والإدارة لتلك العصابات إذا إنصب غرضها الإجرامى على سرقة أو تهريب الأثار أو إرتكاب أياً من الجرائم الأثرية المنصوص عليها في هذا القانون وسواء ارتكبت أفعال التأليف والإدارة داخــل البلاد أو خارجها على غـــرار ما ورد بتشريع مكافحة المخدرات حينما جرم المشرع أفعال تأليف العصابات التى تعمل في مجال المخدرات في مصر أو الإشتراك في تأليفها أو إدارتها إذا كان الغرض منها الإتجار في المخدرات أو إرتكاب جرائم المخدرات على الأراضى المصرية وذلك في المادة 33 فقرة (د) من قانون المخدرات.

على أن يكـــون النص المقــترح بالنسـبة لقانـــون حمايــة الآثــار كالتالى " كل من قام ولو في الخارج بتأليف عصابة أو إدارتها أو التدخل في إدارتها أو في تنظيمها أو الإنضمام إليها أو الإشتراك فيها وكان من بين أغراضها الإتجار في الآثار المصرية أو إرتكاب أياً من الجرائم المنصوص عليها في المواد 41، 42، 43 يعاقب .........." .

ويُعد هذا النص من قبيل المواجهة التشريعية الإستباقية قبل إرتكاب الجرائم الأثرية، فيكفى لقيام تلك الجريمة إرتكاب أفعال التأليف والإشتراك والإنضمام والتنظيم طالما كان الغــرض هو إرتكاب جريمة أثريــة، فالأثـــار السلبية للتعــدى على الآثـــار، لم تعد غائبة على أحد، مما يستدعى تحقيق أكبر قدر من الحماية القانونية لها، لأن جريمة الآثار من الجرائم التى أصبح مرتكبوها ينتمـــون لعــــدة دول وتشكلت عصابات إجـراميـــة متعــددة تعمــل في هـــــذا المجـــال، كما يجـــب على المشــــرع إقــــرار قاعــدة إســناد موضوعية تمنح الإختصاص في هذه الجرائم للقانون المصرى، بإعتباره قانون بلد الأصل للأشياء الأثرية، وتجاهل أى قانون أجنبى يتزاحم معه في حكم العلاقة محل النزاع([45])، وهــنا تتخلــى قاعــدة الإســناد عن طابعها الحــيادى بترجيــح مصلحـــة دولـــة معينــة للوصـول لهـــدف محـــدد، إضافـــة إلى ضـــرورة الإســتفادة من الإتجــــاه العالمـــى المتعاظـــم بتطبيق مبدأ عالمية القانون الجنائى بالنسبة للجرائم الأثرية واعتبار جريمة الآثــار بمثابة جريمة دولية مثــل جــرائم المخدرات والقرصنة والإرهــاب والهجــرة غير الشرعية([46])، فهى لا تقل خطورة عن تلك الجرائم.

نظراً لما تمثله الأفعال المرتكبه ضد الآثار من خطورة إجراميه ليس على الصعيد الوطني فحسب بل على الصعيد الدولي ككل، لكونه إرثاً إنسانياً للبشرية جمعاء، لذلك حظيت الآثار بحماية جنائية دولية بالغة الأهمية([47])، فالجرائم الأثرية تتسم بخصائص عدة تتمثل فى :

1.     أنها جريمة دولية : فتهريب الأثار مثلاً - تبدأ في إقليم إحدى الدول وهي الدولة منشأ الآثار، ثم تتجاوز الحدود الدولية لتلك الدولة لتصيب هذه الجريمة بأضرارها أنظمة وقوانين دول مجاوره، إبتداء بالتهريب الجمركي، ومروراً بالحيازة غير المشروعة التي تصيب خطرها خروقات في القوانين الوطنية وإخلالا بسيادة الدولة في بسط قانونها على إقليمه([48]).

۲- إن جـرائـــم الآثار لا يقتصر ضررهـــا على إنتهـــاك قـوانيــن الدول صاحبـــة الأثـــر أو القوانين الوطنية فحسب، بل تمثل إنتهاكاً للقوانين والإتفاقيات والمعاهدات الدولية.

٣- إن الإعتداء على آثار دوله معينه إنما هو إعتداء على حلقة من حلقات التراث العام للبشرية جمعاء، كونها تعد تراثاً مشتركاً للإنسانية. فالإعتداء عليه يُعد إفساد وإنكار للتراث العالمي، الذي يُعد مصدراً للحضارة الإنسانية.

4- تتجاوز مخططات السطو على الآثار وسرقتها أو تدميرها السلوك الفـردى بل قد ترتكب بسلوك ترتكبه الدول، كما هو الشأن فيما يخطط له الكيان الصهيوني، ومنذ زمن بعيد على سرقة أهم الآثار العربية، كما فعلت إسرائيل عند إحتلالها لسيناء، وكذلك سرقة وتدمير الآثار الفلسطينية، بل وتهويده([49]).

النص على مكافآت حال الإبلاغ عن الجرائم الأثرية وضبطها:

وعلى المشرع تشجيعياً لضبط تلك الجرائم أن يرصد مكافآت لمن يرشد على مرتكبها والعصابات الإجرامية العاملة في مجالها، نظراً للقيمة التاريخية والإقتصادية والثقافية لمحل تلك الجرائم، فالإبلاغ عن الجريمة الأثرية قبل إرتكابها تحدد له مكافآت حســب قيمــة الأثـــر حتى لا نفـتح البـاب أمام محترفى إرتكاب الجــرائــم الأثــريـــة للهــــروب بجــرائمهم، ليحــقق ذلك تدعـيماً للرقابــة الشعبيــة للآثــار، فتشمل حالات المكافــــأة إضافـــة إلى حالات العثور على الأثار حالات الإرشاد على أثار مهربة أو مسروقة، وكذلك كل من ساهم أو إشترك أو ساعد فى ضبط أثر على أن تحدد قيمة المكافأة بناءً على قرار من وزير الآثار بعد العرض على المجلس الأعلى للآثار، تحقيقاً للحماية الكافية للآثار، وحرى بالمشرع أن يأخذ بمبدأ عالمية القانون الجنائى لتتم ملاحقة مرتكب الجرائم الأثرية في أى مكان يتواجد فيه المجرم وأياً ما كان مكان وقوع جريمته، وبالتالى يمكن عقد الإختصاص للمحاكم المصرية سواء وقع الفعل الضار في مصر أو كان الضرر قد ترتب فيها، وقد أخذ المشرع الفرنسى بذلك في المادة 46/3  من قانون المرافعات فتختص المحاكم الفرنسية بنظر الجريمة إذا كانت فرنسا هى محل وقوع الفعل الضار([50]) ، ([51]).


المطلب الثانى

التعليق على تغليظ العقوبات

يلاحظ على التعديل الوارد بالقانون رقم 91 لسنة 2018م أنه شدد العقوبات على الجرائم الأثرية بصورة لم تكن قائمة في التشريعات السالفة عليه، والذى يجب أن نعترف به هو أن العقوبات الصارمة لم تحقق دائماً الغاية منها، فيجب البحث عن وسائل عقابية وإجتماعية أخرى لمواجهة ظاهرة التعدى على الآثار، فمواجهـة الظاهــرة لا يكون عـن طــريق القانــون فقط، فالتشريع وإن كان ضرورياً لبسط سلطان الدولة ومعاقبة مرتكبى الجرائم التى تقع على أراضيها إلا أن ذلك ليس بكافياً لمواجهة ظاهرة التعــدى على الآثار بل يمكـــن التقليـل والحــــد مـن تلك الجـرائم بنشــر الوعى بين الناس بأهمـيــة الآثـــار للدولــة المصرية، وقد يؤخــذ على هــذا الرأى أن مرتكبى بعــــض الجــرائم الأثريــة من المثقفين والمتعلمين، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية التعريف بأهمية الآثار للمصريين ودورها في زيادة الدخل القومى، وهـناك رأى يرى الجمع بين العقــوبات والقـيام بإجراءات إجتماعية متعددة تقلل من حجم إرتكاب الجرائم الأثرية، مثل تشديد إجراءات الحراسة، وتدريس مكونات تعليمية عن الآثار لطلبة المدارس لخلق ثقافة عن أهمية الآثار، والذى يمكن تأكيده في هذا الصدد أن تغليظ العقوبات ليس دائماً هو الحل الأمثل في مواجهة الظواهر الإجرامية([52]). فالسياسة الجنائية الحديثة لم تعد قائمة على الجانب التشريعى فقط إنما أصبحت شاملة للجانب التنفيذى والجانب القضائى.

كما أن تغليظ العقوبات بزيادة حجم الغرامات التى توقع على الجانى يجب أن ينصب على الجرائم التى تحقق أرباحاً بطرق غير مشروعة لمرتكبها، وألا تسرى الغرامات على الجرائم التى لا تحقق ربحاً كجرائم إخفاء الأثر دون قصد التهريب أو هدمه أو تشويهه أو الكتابة عليه، والتى لا تحقق لمرتكبها ثمة أرباح فليس الغرض منها تحقيق الربح، لأنه لا معنى لتغليظ عقوبة الغرامة في كل الحالات، كما أن الحكم بالمصادرة وفقاً للتعديل المشار إليه يجب أن يطبق بشروطه المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات، ويراعى فيه الغير حسن النية، سواء بتعويضه أو بإتخاذ أية إجراءات تمنع معاقبته عن أفعال لم يرتكبه([53])، فلا يمكن معاقبة الغير حسن النية حال عدم توافر القصد الجنائى لديه.

المطلب الثالث

التعليق على الإعفــاءمـن العقـاب في القانون الجديد

نصت المادة 45 مكرر من القانون على أن " يعفي من العقوبة المنصوص عليها في المادتين 41، 42 من هذا القانون من يقوم بإبلاغ السلطات المختصة أو جهات التحقيق بالجريمة التي إرتكبها قبل الشروع في التحقيق، ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا اعترف بالجريمة بحيث يؤدي ذلك الإعتراف إلى ضبط الآثار محل الجريمة أو المساعدة على إستردادها سواء بالداخــــــل أو بالخـــارج ".

وهذا النص موجود في التشريع السابق قبل التعديل الأخير، وفيه حدد المشرع حالتين للإعفاء من العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون بالنسبة للجرائم الواردة بالمواد 41 ، 43 وإعتبر الإعفاء وجوبيا في الحالة الأولى، وجوازياً في الحالة الثانية، وهذه الجرائم هى :

- تهريب الآثار إلى خارج البلاد (م 41).

- جرائم نقل الآثار بدون إذن كتابى (م 43).

- تحويل المبانى والأراضى الأثرية إلى مساكن أو زراعتها (م 43).

- تزييف الأثر بقصد الإحتيال (م 43).

والإعفاء المراد في النص مقصور على الجرائم التى أشار إليها المشرع وهو إما  وجوبياً إذا أبلغ الجاني عن جـــريمته قبل أن تشــــرع السلطات في التحــقيق، وإما جوازياً  إذا إعترف الجاني وأدى إعترافه أثناء التحقيق أو بعد التحقيق إلى ضبط الآثار محل الجريمة أو المساعدة على استردادها سواء بالداخل أو بالخارج، تشجيعاً لمن يرتكب هـذه الجـرائــم وتحـدث له صحوة ضمير فيقـــوم بالإبلاغ أو الاعـتراف طالمــا أدى إعـترافـه إلى ضبط أو إسترداد الآثار، وطالما كانت لجهوده الصادقة أثر في الكشف عن الجريمة الأثرية وضبط مرتكبيها، فحسـناً فعـل المشـرع حينما وضع قواعـــد للإعفـــــاء مـن العقــوبة بالنسـبة لبعــض الجرائم الأثـريــة تشجـيعـــاً لمــن يبلــــغ عن هــذه الجرائم([54]).

وكان أولى بالمشـرع أن يقــرر- كما سبق الإشارة – مكافـــأة لمـن يرشـد عن جريمـة أثــريــة ويبلــغ عن مرتكبها ويــؤدى إرشــاده إلى رد الآثـــار التى وقعــت عليهــا تلك الجريمة، مما يشجع المواطنين على الإبلاغ والإرشاد عن الجـرائم الأثرية والآثار المفقودة. ويحقق مشاركة شعبية للمحافظة على الآثار المصرية ذات القيمة التاريخية والحضارية والإقتصادية للشعب المصرى ولشعوب العالم أجمع، فالآثار تُعد موروث إنسانى مشترك للبشرية جمعاء، وبالتالى يشعــر المواطن أن له دور إيجابى في حماية الآثار وأن فعله مقدر من قبل الدولة مع الإعلام بذلك، وتتعاظم قيمة المكافأة حسب ما عاد على الدولة المصرية من نفع أى حسب قيمة الأثر الذى تم إسترداده على أن يكون تقرير تلك المكافأة بمعرفة الوزير المختص بعد العرض على المجلس الأعلى للآثار.

الخاتمــة والتوصـيات

إستعرضنا فى البحث المعنون – التعليـــق على قانــون حمايـــة الآثـــار الجـديـــد رقم 91 لسنة 2018م- البنيــان القانونى للجـريمــة الأثـــريـة فى المبحث الأول، وتناولنا التجـــريم الوارد بالتعــديل المشار إليــه فى المبحث الثانى، وفى المبحث الثالث تعرضنا لتقـــييم موقف المشــرع بالنسبة للتعـــديل، وإنتهــينا لمجموعــة من التوصيات تتمــثل فى :-

1.     على الدولة المصرية ضرورة وضع تدابير وقائية وإصلاحية لصون الممتلكات الثقافية، تشمل جميع أراضى الدولة الأثرية، وألا تقتصر على آثار أو أماكن معينة، وإجراء حصر شامل للمتلكات الثقافية الواقعة فى مناطق الأشغال العامة أو الخاصة التى من شأنها أن تعرضها للخطر، واتخاذ تدابير لتأمين حمايتها وإنقاذها من خطر التعدى عليها بأى مبرر، والنظر إلى الآثار على أنها ثروة وتراث إنسانى مشترك، وتغيير النظرة إليها على أنها عقبة تعرقل التنمية الوطنية بل بإعتبارها عاملاً حاسماً من عوامل التنمية وإحياء التراث الخاص بالإنسانية ككل، مما يجعلها تستحق إتخاذ إجراءات إدارية فاعلة لحمايتها.

2.     ضرورة إجراء تعديلات تشريعية فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق على الجرائم الأثرية ووضع ضوابط إختصاص جديدة على إعتبار أن الجريمة الأثرية جريمة دولية وإعطاء الإختصاص للقضاء الجنائى المصرى طالما وقعت الجريمة على أثار مصرية، وهذا المفهوم يستوجب ضرورة معاقبة الجانى أياً كانت جنسيته أو مكان وقـــوع الجريمة ([55])،([56])، على إعـتبار أن الجرائم الأثرية من الجرائم التى تمس تراث الإنسانية، وبالتالى يمكن إعمال مبدأ عالمية القانون الجنائى لتختص المحاكم المصرية بما يقع على الآثار المصرية من جرائم.

3.     ضرورة أن يتضمن التشريع نصوصاً تتعلق بتقرير مكافآت واضحة ومناسبة حال الإرشاد عن الجرائم الأثرية وحال الإبلاغ عن الآثار المخفية أو المفقودة.

4.     التعاون الدولى الفعال بين مصر ودول الجوار وكافة دول المجتمع الدولى بالتنسيق مع منظمة اليونسكو([57])، لإسترداد الآثار المصرية التى خرجت بطرق وأساليب غير مشروعة، وكذلك الآثار التى خرجت بقرارات فردية من الحكام المصريين على مر التاريخ، نظراً لأن خروج تلك الآثار كان ضد الإرادة الشعبية للدولة المصرية، وتصرف فيها حكام تلك الأزمنة دون علم أو رغبة من المصريين.

5.     العمل بكل الوسائل على زيادة الوعى القانونى بالجرائم الأثرية وأهمية حماية البيئة الأثرية المصرية سواء لدى العاملين في مجال الآثار، أو لدى عموم الشعب المصرى لخلق ثقافة عامة بأهمية الآثار المصرية تاريخياً وثقافياً وإقتصادياً.

6.     التوسع فى حدود الضبطية القضائية بالنسبة لضبط الجرائم الأثرية وعدم قصرها على جهاز الشرطة وأمناء المتاحف ومفتشى الآثار، ومنحها لكل من يعمل فى مجـــال حـراســـة الآثــــار من الخـفـــراء والحــــراس المعــينين والمتعاقــدين لتقـليـــل حجـــــم

حالات التعدى على الآثار وتحميل كافة العاملين فى مجال الحراسة بالمسئولية وإلزامهم بالعمل على ضبط حالات التعدى.

7.     وأخيراً يمكن تخصيص نيابات معينة للتحقيق فى الجرائم الأثرية مثلما عليه الحال فى القانون السودانى واليمنى والتى توجد بها نيابات ومحاكم خاصة تتولى التحقيق والمحاكمة فى جرائم الآثار، وكذلك نظام المملكة العربية السعودية حيث يوجد لديه لجان إدارية ذات إختصاص قضائى تختص بالنظر فى جرائم الآثار، وكما هو الحال فى القانون الفرنسى الذى خص الجرائم الأثرية بقواعد إختصاص مغايرة للقواعد العامة([58]).

قائمــة المراجـــع

المراجع العربية :

1.     د. أحمد عبد الظاهر ؛ أ. جيهان عبد الظاهر: المدخل فى تأمين وحماية التراث الثقافى (المواقع والمتاحف الأثرية) جامعة دمياط ، 2019.

2.     د. إبراهيم عيد نايل : شرح قانون العقوبات المصرى، القسم العام، الجزء الثانى، النظرية العامة للعقوبة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013.

3.     د. إدوار غالى الذهبى : دراسات فى قانون العقوبات المقارن، مكتبة غريب بالفجالة، القاهرة، 1992.

4.     د. أسامه حسنين عبيد : الحماية الجنائية للتراث الثقافى الأثرى، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية- طبعة أولى، القاهرة، 2008.

5.     د. باسم العطار : دور الإدارة العامة لشرطة الآثار في حماية التراث الثقافى ومكافحة الجريمة الأثرية، مجلة الأمن العام، العدد 113.

6.     د. حسنين عبيد : دروس في قانون العقوبات، القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.

7.     د. عبد الأحــد جمال الدين ؛  د. جمــيل الصغــير : النظرية العامة للجريمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013.

8.     د. عبد الحليم نور الدين : تاريخ وحضارة مصر القديمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001.

9.     د. عبد الرءوف مهدى : شرح قانون العقوبات العام، بدون دار نشر، القاهرة، 2007.

10. د. عمر السعيد رمضان: الركن المعنوى فى المخالفات، رسالة دكتوراة- جامعة القاهرة، 1959.

11. د. عوض محمد يحيى : دور التشريع في مكافحة الجريمة من منظور أمنى، المكتب الجامعى الحديث، الإسكندرية،  2006.

12. د. محمد أبو العلا النمر : نحو تعزيز حماية البيئة الأثرية المصرية في العلاقات الخاصة الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997.

13. د. محمد أبو العلا عقيده : شرح قانون العقوبات، جرائم الإعتداء على الأموال، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014.

14. د. محمد جمال الدين مختار: بحث بعنوان " حماية الآثار والمحافظة عليها فى الدول العربية، 1973.

15. د. محمد رشيد الجاف : المقاضاة على الجرائم الدولية أمام القضاء الجنائى، مكتبة عرفه الرقمية، القاهرة، 2017.

16. د. محمد سمير زكى : الحماية الجنائية للآثار –  دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2012.

17. د. محمود نجيب حسنى : شرح قانون العقوبات – القسم العام، الطبعة السادسة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989.

المراجع الأجنبية :

EMIL ALEXANDEROV, international legal protection of cultrural properly, sopia, 1979.

(2) Stefan Glaser,... Introduction à l'étude du droit international penal, paris 1954.

(3) introduction a l'etude du droit penal, international, recueil sirey, paris, 1992.

(4) Loussouarn,Y. Bourel p. "droit international prive" ued., paris II,1993.


[1]  د. محمد سمير زكى : الحماية الجنائية للآثار –  دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2012م، ص 13.

[2]  د. محمد أبو العلا النمر : نحو تعزيز حماية البيئة الأثرية المصرية في العلاقات الخاصة الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997، ص 5 وما بعدها.

[3]  EMIL ALEXANDEROV, international legal protection of cultrural properly, sopia, 1979, p 9

[4]  د. محمد سمير زكى : المرجع السابق، ص 20.

[5]  د. عوض محمد يحيى : دور التشريع في مكافحة الجريمة من منظور أمنى، المكتب الجامعى الحديث، الإسكندرية،  2006، ص 3.

[6] د. حسنين عبيد : دروس في قانون العقوبات، القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.

[7]

[8] د. عبد الأحــد جمال الدين ؛  د. جمــيل الصغــير : النظرية العامة للجريمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص 167.

[9] د. نغم داغر الكنانى : الحماية القانونية الدولية للآثار، المركز القومى للإصدارات القانونية، 2018، ص64.

[10] د. عبد الحليم نور الدين : تاريخ وحضارة مصر القديمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص 57.

[11] والملاحظ هنا أن القانون لم يشترط ضبط الآثار المعتدى عليها لقيام الجريمة الأثرية، إنما يكفى فقط توافر الركنين المادى والمعنوى مع وقوع ذلك على أثر وفقاً للتعريف الوارد بالقانون.

[12]  يجب الإشارة فى هذا الصدد إلى أن نص المادة 4 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن إنشاء المحاكم الإقتصادية – خص فيه تلك المحاكم بنظر الدعاوى الناشئة عن جرائم معينة ومن بينها الجرائم المتعلقة بقانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، ونص المادة 36 من قانون حماية الآثار جاء به " تسرى على النماذج الأثرية التى ينتجها المجلس وصور القطع والمواقع الأثرية وجميع حقوق الملكية الفكرية والعلامة التجارية، وبالتالى يقع إختصاص المحاكم الإقتصادية على تلك الجرائم الأثرية إذا وقعت على محل ورد بالنص المشار إليه.

[13] والتعويض هنا لا يُعد أثراً من أثار قيام المسئولية بعد توافر أركانها، وبالتالى تتم المطالبة به عن طريق دعوى التعويض والتى تعتبر الوسيلة القضائية لحصول المضرور من المسئول على تعويضه عن الضرر الذى لحق به، إنما التعويض هنا يعد جبراً لضرر لحق بمستحقه ولا دخل لإرادته فيه ولم يحدثه شخص آخر يمكن مطالبته به، كما هو الحال فى التعويض المنصوص عليه فى ذات القانون فى المادة 45 حال إستيلاء أحد الأشخاص على أنقاض أثرية أو وضعه لنقوش وإعلانات على الأثار فيلزم بتكاليف رد الشئ لأصله والتعويض الذى تقرره المحكمة.

[14] د. محمد سمير زكى : المرجع السابق، ص57.

[15] نقض مدنى 2 يونيه 1985 – مجموعة أحكام محكمة النقض س 36، الجزء الثانى، ص 848.

[16] د. أحمد عبد الظاهر ؛  أ. جيهان عبد الظاهر: المدخل فى تأمين وحماية التراث الثقافى (المواقع والمتاحف الأثرية) جامعة دمياط ، 2019، ص57.

[17] د. عبد الرءوف مهدى : شرح قانون العقوبات – القسم العام، القاهرة، بدون دار نشر، 2008م.

[18] د. محمد سمير: المرجع السابق، ص 178.

[19] د. عبد الأحــد جمال الدين ؛ د. جمــيل الصغــير : المرجع السابق، ص 169.

[20] د. مصطفى الجوهرى : المرجع السابق.

[21] د. إدوار غالى الذهبى : دراسات فى قانون العقوبات المقارن، مكتبة غريب بالفجالة، القاهرة، 1992، ص 39.

[22] د. عبد الرءوف مهدى : المرجع السابق، ص 439 وما بعدها.

[23] د. عمر السعيد رمضان: الركن المعنوى فى المخالفات، رسالة دكتوراة- جامعة القاهرة، 1959، ص 4.

[24] د. إدوار غالى الذهبى: المرجع السابق، ص 70.

[25] د. عبد الرءوف مهدی : المرجع السابق.

[26] د. إبراهيم عيد نايل : شرح قانون العقوبات المصرى، القسم العام، الجزء الثانى، النظرية العامة للعقوبة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص 2.

[27] كان النص السابق فى القانون رقم 3 لسنة 2010م يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المشدد والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه.

[28] د. محمد رشيد الجاف : المقاضاة على الجرائم الدولية أمام القضاء الجنائى، مكتبة عرفه الرقمية، 2017، ص 186

[29] حكم لمحكمة جنايات القاهرة – جلسة 29 أبريل 2004

[30] الطعن رقم 7813 لسنة 76 ق فى 17/4/2008.

[31] إستردت مصر العديد من الآثار المسجلة المهربة بمذكرات تفاهــم مع دول أخرى دون رفع دعــوى الإسترداد بمساعدة اليونسكو ولا سيما من دولة بلجيكا التى عرضت فيها آثار مصرية مهربة أو مسروقة وتم إستردادها.

[32] وفقاٌ لقانون ولاية إنديانا الأمريكية (قانون محل الأشياء الأثرية) فإن تقادم دعوى الإسترداد لا يسرى في مواجهة الحائز غير الشرعى إلا من الوقت الذى يتم فيه إكتشاف هوية الحائز الشرعى.

[33] يلاحظ فى هذا الصدد أن غالبية جرائم سرقة الآثار وقعت فى عصور الضعف السياسى والإستبداد الدينى، وسرقة الآثار جريمة قديمة موجودة منذ أواخر عهد الدولة الفرعونية الحديثة، وقد كشفت البرديات المسماة " ببرديات سرقة المقابر " خطورة تلك المحاولات التى قامت بها عصابات تزعمها مسئولون فى أواخر عصر الأسرة التاسعة عشر، بحث مقدم للمؤتمر السادس للآثار بعنوان جرائم الآثار والمحافظة عليها فى البلاد العربية المنعقد فى ليبيا 1971 للدكتور / محمد جمال الدين مختار – الهيئة العامة للمطابع الأميرية 1973، ص 97.

[34] د. محمد أبو العلا عقيده : شرح قانون العقوبات، جرائم الإعتداء على الأموال، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014، ص 9 وما بعدها.

[35] توصل مجمع القانون الدولي إلى صياغة مجموعة من القواعد القانونية عام 1991 إعتبرت بمثابة تنظيم إسترشادى للدول عند وضع قوانينها المتعلقة بالآثار، وقد أقرت المادة الرابعة من التنظيم حق الدولة الأصل في إسترداد الأشياء الأثرية المسروقة مع تعويض الحائز غير الشرعى حال حسن نيته.

[36] الطعن رقم 16212  لسنة 87 ق فى 15/5/2018.

[37] كان النص السابق يحدد عقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات لمن أخفى الأثر بقصد التهريب ويجعل عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه لكل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص.

[38] كانت العقوبة المقررة قبيل التعديل بالنسبة لجريمة هدم أو إتلاف الأثر المنقول أو الثابت أو تشويهه أو تغيير معالمه أو فصل جزء منه عمداً أو إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الأثر بدون ترخيص، الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات والغرامة التى لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، وإذا كان الجانى من العاملين بالمجلس أو من مسئولى أو موظفى أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو عمالهم فتكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مائتى وخمسين ألف جنيه.

[39] هذا النص مستحدث بالتعديل الوارد بالقانون 91 لسنة 2018م ولم يكن موجوداً بالتشريعات السابقة عليه.

[40] كانت العقوبة فى النص السابق قبل التعديل، الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغـرامة لا تقــل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه.

[41] الطعن رقم 16212  لسنة 87 ق فى 15/5/2018.

[42] د. باسم العطار : دور الإدارة العامة لشرطة الآثار في حماية التراث الثقافى ومكافحة الجريمة الأثرية، مجلة الأمن العام، العدد 113.

[43] الملاحظ أن المشرع خرج عن القواعد العامة حال تزييف الأثر بقصد الإحتيال وقرر لذلك عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات والغرامة التى لا تقـل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه، بينما قررت المادة 336 عقوبات عقوبة الحبس لكل من توصل إلى الإستيلاء على متاع أو منقول بإستعمال طرق إحتيالية من شأنها إيهام الناس بإحداث الأمل بحصول ربح وهمى.

[44] خرج المشرع عن نص المادة 221 مكررا من قانون العقوبات والتى نصت على أن كل من عثر على شئ أو حيوان فاقد ولم يرده إلى صاحبه متى تيسر ذلك أو لم يسلمه لمقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تجاوز سنتين إذا احتبسه بنية تملكه، أما إذا احتبسه بعد إنقضاء تلك الفترة بغير نية التملك فتكون العقوبة الغرامة التى لا تجاوز مائة جنيه.

[45] د. محمد رشيد الجاف : المرجع السابق، ص 60.

[46] Stefan Glaser,... Introduction à l'étude du droit international penal, paris 1954. P.8.

[47] د. أسامه حسنين عبيد : الحماية الجنائية للتراث الثقافى الأثرى، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية- طبعة أولى، القاهرة، 2008، ص 6.

[48] د. محمد رشـــيد الجاف : المرجع السابق، ص 101.

[49] د. محمد أبو العلا النمر: المرجع السابق، ص 121.

[50](1) introduction a l'etude du droit penol international, recueil sirey, paris, 1992.

[51](2) Loussouarn, Y. Bourel p. "droit international prive" ued., paris II, 1993.

[52] شدد قانون المخدرات الصادر برقم 122 لسنة 1989م العقوبات بصورة لم تكن موجودة في التشريعات السالفة عليه ولم يؤد ذلك لتقليل حجم الظاهرة بل المستقرئ لإحصائيات المخدرات يجد تزايد ملحوظ في عدد القضايا بعد تطبيق التعديل الأخير بحث بعنوان " أثر التعديل الوارد على قانون المخدرات في مواجهة الظاهرة " مقدم/ نبيل محمود حسن، 1997م.

[53] د. مصطفى فهمى الجوهرى : المرجع السابق، ص 161 وما بعدها.

[54] د. محمد أبو العلا النمر : المرجع السابق، ص 125.

[55] د. محمود نجيب حسنى : شرح قانون العقوبات – القسم العام، الطبعة السادسة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص 148.

[56](2)  introduction a l'etude du droit penol international, recueil sirey, paris, 1992.

[57] يتبع منظمة اليونسكو عدد (191) دولة، ومقرها الرئيسى في باريس، ولليونسكو أكثر من (50) مكتباً وعدة معاهد تدريسية حول العالم، وللمنظمة خمسة برامج أساسية هى : التربية والتعليم، العلوم الطبيعية، العلوم الإنسانية والإجتماعية، والثقافة، والإتصالات والإعلام، وتدعم اليونسكو العديد من المشاريع  كمحو الأمية والتدريب التقنى وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين وبرامج العلوم العالمية والمشاريع الثقافية والتاريخية وإتفاقيات التعاون العالمى للحفاظ على الحضارة العالمية والتراث الطبيعى وحماية حقوق الإنسان.

[58] د. محمد سمير: المرجع السابق، ص 476.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق