محكمة النقض
دائرة طعون رجال القضاء
برئاسة السيد القاضي / موسى محمد مرجان " نائب رئيس المحكمة
" وعضوية السادة القضاة / أحمد صلاح الدين وجدى ، صلاح محمد عبد العليم عز
الدين عبد الخالق عمر وليد محمد بركات " نواب رئيس المحكمة "
والسيد رئيس النيابة / محمد حبيب
أمين السر السيد / طارق عادل محمد .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء
العالى .
فى يوم الثلاثاء 21 من شوال سنة 1440 ه
الموافق 25 من يونيه سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الاتى :
----------------
" الوقائع "
وفى يوم 14/8/2017 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن بالنقض .
وفى يوم 23/8/2017 أودع الأستاذ / وائل بدوى المستشار بهيئة قضايا
بصفته نائباً قانونياً عن الطاعنين بصفاتهم مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن .
وفى يوم 12/9/2017 أودع الطاعن حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه تمسك فيها
بطلباته الواردة بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعـن شكلاً وفى الموضوع
برفضه .
وبجلسة 24/4/2018 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير
بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 9/4/2019 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر
الجلسـة ـــــ حيث صمم الطاعن والحاضر عن المطعون ضدهم بصفاتهم والنيابة العامة كل
على ما جاء بمذكرته ـــــ والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
---------------
" المحكمة "
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع ــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
ـــــ تتحصل في أن الطاعن أقام الدعويين رقمي 2198 ، 3242 لسنة 131 ق القاهرة
" رجال القضاء " على المطعون ضدهم بصفاتهم طلب الحكم في الأولى بإلغاء
التنبيه الصادر إليه من رئيس محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 18/6/2014 مع ما يترتب
على ذلك من آثار واعتباره كأن لم يكن وطلب في الدعوى الثانية الحكم بإلغاء القرار الجمهوري
رقم 331 لسنة 2014 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة نائب رئيس استئناف
واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وقال في بيان ذلك ، إن رئيس
محكمة استئناف القاهرة وجه إليه التنبيه سالف الذكر لما نسب إليه في الشكويين رقمي
10371 و1853 لسنة 2013 عرائض مكتب النائب العام والمقيدين برقم 21 لسنة 2013 قضاة
تحقيق محكمة استئناف القاهرة ، من أنه لم يلتزم بالضوابط القانونية الصحيحة بأن
ظهر في وسائل الإعلام وباشر عملاً في لجنة لم يصدر بتشكيلها قرار رسمي وخلع على
نفسه صفة المتحدث الإعلامي لها وأدلى بأحاديث إعلامية لقنوات فضائية دون الحصول
على إذن من مجلس القضاء الأعلى ، وقام بالإدلاء بتصريحات وإصدار بيانات للصحف في أمور
مختلفة مما يثير الشكوك حول سلامة مقصده ويهيئ السبيل لشكايته ، كما ورد إليه
بتاريخ 18/6/2014 إخطار وزير العدل الذى تضمن أنه بناء على الوقائع المنسوبة إليه
والمودعة ملفه السرى فإن الحركة القضائية المقبلة لن تشمله بالترقية إلى درجة نائب
رئيس محكمة استئناف فتظلم إلى مجلس القضاء الأعلى الذى قرر رفض تظلمه بشأن التنبيه
والتخطي ثم صدر القرار الجمهوري المطعون عليه ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ
23/9/2014 متضمناً ترقية زملائه التالين له في الأقدمية إلى درجة نائب رئيس محكمة
استئناف دون أن يشمله بالترقية إلى هذه الوظيفة، وإذ وجه إليه التنبيه المطعون فيه
دون سماع أقواله وكان ما استند إليه القرار ليس له ما يبرره من واقع أو قانون وليس
من شأنه الانتقاص من أهليته للترقية إلى الوظيفة الأعلى فإن التنبيه والتخطي يكونا
قد خالفا القانون وإساءة استعمال السلطة ومن ثم فقد أقام الدعويين ، بتاريخ
31/5/2017 حكمت المحكمة برفضهمـا ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت
النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه
المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق
الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقول إن التنبيه صدر باطلاً لعدم
سماع أقواله وخلا من السبب الذى يبرره وخلا من البيانات الأساسية التي تمكن القاضي
من رقابة السبب الذى استند إليه مصدر التنبيه ، كما أسند له الظهور في قنوات
فضائية والإدلاء بتصريحات للصحف دون أن يسمى برنامجاً واحداً وطبيعة الموضوعات
التي ناقشها والتصريحات والبيانات التي أدلى بها ، واعتبر مشاركته في لجنة مراجعة
قانون السلطة القضائية وحديثة لوسائل الإعلام جريمة دون سند من القانون فضلاً عن
مخالفة قاعدة المساواة إذ وجه إليه تنبيه وغض الطرف عن آخرين قاموا بذات الأفعال
المسندة إليه مما يكون معه توجيه التنبيه على غير سند من الواقع والقانون ، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعويين استناداً إلى ثبوت
الوقائع المسندة إليه وأن ما نسب له يبرر توجيه التنبيه إليه وينتقص من أهليته
للترقية إلى درجة نائب رئيس محكمة استئناف ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن النص في المادة 94/1 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل
بالقانون رقم 142 لسنة 2006 على أن " لرئيس المحكمة - من تلقاء نفسه أو بناء
على قرار الجمعية العامة بها - الحق في تنبيه القضاة إلى ما يقع منهم مخالفاً
لواجباتهم أو مقتضيات وظائفهم بعد سماع أقوالهم ويكون التنبيه شفاها أو كتابة وفى
الحالة الأخيرة يبلغ صورته لوزير العدل ، ومن المقرر في قضاء النقض أيضاً أن ثبوت
صحة الواقعة المنسوبة إلى القاضي أو عضو النيابة العامة بما يبرر توجيه التنبيه إليه
يترتب عليه رفض طلب إلغائه ، وأن سبب القرار التأديبي المسند إلى رجل القضاء
والنيابة العامة بوجه عام هو إخلاله بواجبات عمله بمفهومها الشامل الذى يتحقق
بإتيانه فعلاً يجرمه القانون أو امتناعه عن فعل يوجبه ، وكل إهمال أو تقصير في أداء
تلك الواجبات أو الخروج على مقتضيات وظيفته أو الإخلال بكرامة الهيئة التي ينتمى
إليها بما ينال من الثقة الموضوعة فيها وفيمن يمثلها يعد ذنباً إدارياً يسوغ تأديب
مرتكبه .
وحيث إن النص في المادة 72 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972
سالف الذكر على أنه " لا يجوز للقاضي القيام بأي عمل تجارى كما لا يجوز له
القيام بأى عمل لا يتفق واستقلال القضاء وكرامته ويجوز لمجلس القضاء الأعلى أن
يقرر منع القاضي من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن
أدائها.
وحيث إن مشاركة القضاة وحضورهم بوسائل الإعلام يفتح أبواباً من اللغط
حول أداء وظيفة القضاء التي يجب أن يوفر لها كل ضمانات الاستقلال الحقيقي وأبعادها
عن أضواء الإعلام، وذلك يؤكد الثقة ويبعث الطمأنينة في نفوس كل من يلجأ لساحة
القضاء دفعاً لظلم أو نيلاً لحق ، وهو ما يبرر صدقاً وحقاً تنظيم هذا الظهور الإعلامي
للقضاء حفاظاً على جلال منصبهم ونزاهتهم واستقلالهم كأفراد وكنظام .
وحيث أنه بالبناء على ما تقدم فقد قرر مجلس القضاء الأعلى بجلسته
المعقودة في 3/2/2003 وجوب نأى رجال القضاء والنيابة عن الإدلاء بالتصريحات أو
الأحاديث عبر وسائل الإعلام صوناً لكرامة الوظيفة وترفعاً من القضاة عن السعي إلى
البريق الإعلامي من أن يؤثر من خلالهم في الرأي العام ، كما قرر المجلس بذات
الجلسة اعتبار من يخالف القرار مستوجباً للتحقيق والمساءلة التأديبية . لما كان
ذلك ، وكان الثابت من تحقيقات الشكوتين رقمي 10371 و1853 لسنة 2013 حصر تحقيق قضاة
" استئناف القاهرة " صحة ما نسب إلى الطاعن من مخالفة قرار مجلس القضاء
الأعلى بحظر الظهور بوسائل الأعلام والإدلاء بتصريحات وبيانات لعدد من الصحف وشبكة التواصل الاجتماعي
فقد أقر في التحقيقات التي أجريت معه في هذا الشأن أنه أجر حديثاً لبرنامج العاشرة
مساءً بدعوة من مقدمة البرنامج قام فيه بالهجوم على جماعة الإخوان وحركة قضاة من
أجل مصر رداً على هجومهم على القضاة وأنه أدلى ببيانات وتصريحات بصحف المصري
والوفد واليوم السابع وشبكة التواصل الاجتماعي تناول فيها الرد على هذه الجماعة والحركة سالفة الذكر بشأن
عزل النائب العام والإعلان الدستوري وكان ذلك دون إذن مسبق من مجلس القضاء الأعلى
وبالمخالفة لقراره الصادر بتاريخ 2/3/2003 المذكور سلفاً وهو مسلك معيب ويتنافى مع
كرامة الوظيفة القضائية التي يشغلها ويشكل إخلالاً بواجبات وظيفته ويتنافى مع ما
يجب أن يتحلى به القاضي من الاستقامة في تصرفاته والبعد عن كل ما يمس أو يخل
بالثقة فيه وكان من شأن الاعتبارات المستمدة من تلك الوقائع أن تبرر توجيه التنبيه
المطعون فيه إليه - الطاعن - ودون أن يغير من ذلك نفى للبعض من تلك الوقائع إذ ليس
من شأن ذلك - لو صح - أن ينال من تحقق البعض الأخر على نحو يتوافر به الإخلال
بواجبات وظيفته القضائية ، كما لا يغير من ذلك أيضاً ما تزرع به الطاعن من أنه
أدلى بالحديث للقناة سالفة الذكر والتصريحات والبيانات الصحفية بوصفة متحدثاً
إعلامياً بلجنة مراجعة قانون السلطة القضائية فهذا القول مردود عليه بأن عمل تلك
اللجنة - أياً كان وجه الرأي فيها - قاصراً على مراجعة التعديلات المقترحة على
قانون السلطة القضائية ولا شأن لتلك اللجنة في الدفاع أو الهجوم على من يتطاول على
القضاة ، وكان الطاعن قد سمعت أقواله في تحقيقات الشكوتين رقمي 10371 و1853 لسنة
2013 عرائض مكتب النائب العام والمقيدين برقم 21 لسنة 2013 قضاة تحقيق محكمة
استئناف القاهرة فإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون على غير
أساس ، وأن سلطة تنبيه المستشارين قد خولت لرئيس المحكمة التابعين لها وحده ولو
كانت عن وقائع نسبت إليهم أثناء عملهم بالنيابة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص
يضحى غير مقبول ، كما لا يغير من ذلك القول بأن جهة الإدارة غضت الطرف عن توجية
تنبيه لعدد من القضاة قاموا بذات الأفعال التي نسبت إليه ووجه إليه تنبيه بسببها
وتمسك الطاعن بمساواته بهم ذلك أنه من المقرر أنه لا مساواة فيما يناهض أحكام القانون
، ومن جماع ما تقدم فإن طلب الطاعن إلغاء التنبيه يكون على غير أساس متعيناً رفضه
، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد انتهى إلى
قضاء صحيح متعيناً القضاء بتأييده .
وحيث إنه لما كان ما تقدم وكانت الوقائع المنسوبة إلى الطاعن والتي
استوجبت توجيه التنبيه إليه والذى أصبح نهائياً على النحو سالف البيان من شأنها أن
تنتقص من أهليته في الترقية إلى وظيفة نائب رئيس محكمة استئناف فإن القرار الجمهوري
رقم 331 لسنة 2014 إذ تخطاه في الترقية إلى هذه الدرجة استناداً إلى تلك الوقائع
لا يكون مخالفاً للقانون أو مشوباً بإساءة استعمال السلطة ويكون طلب إلغائه على
غير أساس متعيناً الرفض، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صائباً إلى هذا النظر فإن النعي
بأسباب الطعن في جملتها على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس .
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن .
لـذلـــــك
رفضت المحكمة الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق