المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ حمدي أبو الخير ( نائب رئيس المحكمة )
وعضوية السادة القضاة / محمود خضر و بدر خليفة أسامة عباس و خالد إلهامي "
نواب رئيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / وائل الشيمي.
وأمين السر السيد / نجيب لبيب محمد
.
-----------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 615 لسنة 2015 مركز
القصاصين ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 39 لسنة2015 ) .
بأنه في يوم 23 من يوليو سنة 2013 بدائرة مركز القصاصين – محافظة
الإسماعيلية .
بصفته موظفاً عاماً " ضابط بمركز شرطة القصاصين " اختلس
أوراقاً وجدت في حيازته بسبب وظيفته أصل المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين بأن
بدل أصل أوراق ذلك ، المحضر المودع طرفه والمحرر بمعرفته بشأن بلاغ المجنى عليها /
نسمة محمود كردى بطبيعة المسروقات والمزيل بتوقيعها بأخرى حال كونه من الأمناء على
الودائع ،
وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي التزوير واستعمال محرراً مزوراً
ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك ، أنه في ذات المكان والزمان : 1 بصفته سالف الذكر
ارتكب تزوير في المحرر الرسمي سالف البيان حال كونه المختص وظيفياً بتحريره وكان
ذلك ، بطريق الاصطناع وتغيير المحررات ووضع توقيع مزور بأن بدل أصل المحضر المختلس
سالف الذكر بآخر مصطنع أثبت بصلبه أقوالاً مغايرة بشأن طبيعة المسروقات عزاها
زوراً للمجنى عليها وزيله بتوقيع مزوراً نسبه لتلك المجنى عليها . 2 استعمل المحرر
المزور محل التهمة السالفة فيما زور من أجله بأن أحتج به كمحرر صحيح وقيده بدفتر
قيد القضايا مع علمه بتزويره .
3 بصفته سالفة الذكر أضرا عمداً بمصالح المجنى عليها سالفة الذكر
والمعهود بها لجهة عمله على النحو سالف البيان . 4 سرق المنقولات حقيبة بما تحويه
من فيزا كارت ، هاتف محمول ، كاميرا ، لاب توب ، ومبلغ مالي مبين قيمته بالأوراق
" سبعة وعشرين ألف جنيه " والمملوكين للمجنى عليها سالفة الذكر بأن قام
بالاستيلاء على تلك الحقيبة بمحتوياتها واستخدام الفيزا كارت الخاص بها لسحب ذلك ،
المبلغ من حسابها البنكي على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات التل الكبير لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 14 من نوفمبر سنة 2015 عملاً
بالمواد
112 / 1 ، 2 بند ب ،
116 مكرر / 1 ، 118 / 1 ، 119 بند 1 ، 119 مكرر بند 1 ، 211 ، 214 ، 318 من قانون
العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 / 2 من ذات القانون ،
بمعاقبته أولاً : بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات مع عزله من وظيفته في التهم
الأربعة الأولى ومصادرة المحرر المزور المضبوط . ثانياً : بحبسه لمدة سنتين في التهمة
الأخيرة" السرقة
" وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 28 ، 30 من نوفمبر سنة
2015 . وأودعت
مذكرتان بأسباب الطعن عن المحكوم عليه الأولى في 6 من يناير سنة 2016 موقعاً عليها
من الأستاذ / ..... المحامي والثانية 10 من يناير سنة 2016 موقعاً عليها من
الأستاذ / ...... المحامي .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة .
------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسباب طعنه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس حال كونه من الأمناء على الودائع
والمرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى
جهة عمله والسرقة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال
بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ؛
ذلك ، بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان
الجرائم التي دانه بها والظروف التي
وقعت فيها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة التي عول عليها في قضائه بالإدانة بصورة
وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة ، وتمسك دفاع الطاعن بانتفاء أركان جريمة
الاختلاس بركنيها المادي والمعنوي وأن الطاعن ليس من الأمناء على الودائع بيد أن
الحكم المطعون فيه اطرح هذا
الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون ، ولم يفطن الحكم إلى تداول المحضر محل الواقعة
بين أيدي موظفين آخرين بمركز شرطة القصاصين ، هذا إلى إن الحكم دانه بجريمة
التزوير في محرر
رسمي رغم انتفاء أركانها وأن الواقعة على فرض صحتها لا تعدو أن تكون من قبيل
الإقرارات الفردية غير المعاقب عليها وأن التزوير مفضوح وهو ما تمسك به دفاع الطاعن وأغفله الحكم ، فضلاً عن انتفاء ركن الضرر ، ولم يدلل الحكم تدليلاً
سائغاً عن واقعة السرقة بركنيها المادي والمعنوي سيما وأن النيابة العامة سبق وأن
أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة ، وعول الحكم على
أقوال المجني عليها رغم ما شابها من الكذب
وعدم معقولية تصويرها للواقعة فضلاً عن وجود خصومة قضائية بينها وبين
الطاعن بما ينبئ عن كيدية الإتهام وتلفيقه وهو ما تمسك به دفاع الطاعن واطرحه
الحكم المطعون فيه ، ولم يعبأ
الحكم بما قدمه من مستندات رسمية في هذا الشأن ولم يورد مضمونها ، كما عول الحكم
على تحريات المباحث وأقوال مجريها رغم أنها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليها ، كما عول على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير دون أن يورد مضمونه
واكتفي بإيراد نتيجته النهائية ، ولم تبين المحكمة كنه الحرز الذي أثبتت قيامها
بفضه ، وأخيراً فإن الحكم لم يؤقت مدة العزل من الوظيفة بل نص عليها مطلقة
بالمخالفة لنص المادة 27 من قانون العقوبات ، كل ذلك ، مما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " .....
تتحصل واقعة الدعوى في أنه في غضون شهر ابريل سنة 2013 اكتشفت المجني عليها / ......
سرقة حقيبتها والتي طويت على مسروقات عبارة عن لاب توب ماركة h p وإيصالي
أمانة قبل شقيقها وكاميرا وهاتف محمول ومبلغ مالي قيمته خمسمائة جنيه مصري ومائتي
يورو وكارتي فيزا وهي الأشياء التي كانت بحقيبتها المسروقة عند وصولها لمطار
القاهرة قادمة من
هولندا حيث تعمل وعند وصولها لمسكنها رفقة زوجها المتهم الملازم أول شرطة / .......والذي
يعمل بمركز شرطة القصاصين أبلغته بسرقة حقيبتها واختفائها وطلبت منه مساعدتها في
تحرير محضر بالواقعة فقرر لها أنه سيصحبها للمركز حيث يعمل ويحرر لها محضراً
بالواقعة وظل لفترة يماطل في مساعدتها في تحرير المحضر إلى أن حدد لها يوم 23 / 7
/ 2013 لتصحبه لمركز شرطة القصاصين الجديدة حيث جهة عمله لتحرير المحضر وبالفعل اصطحبها
معه وحرر محضراً بالواقعة قيد برقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين أثبتت به المجني
عليها المسروقات سالفة ذكرها وسطر ذلك ، المحضر المتهم بيده بصفته ضابطاً بمركز
شرطة القصاصين الجديدة ووقعت عليه المجني عليها بخط يدها وقرر لها المتهم أنه سوف يخطر البنوك لإيقاف التعامل على حسابها إلا أنه وحال تواجدها
بعملها بهولندا واستعلامها عن رصيدها البنكي تبين لها سحب مبلغ سبعة وعشرين ألف
جنيه من حسابها عبر
الفيزا كارت المبلغ بسرقتها والتي يعلم المتهم رقمها السري للسحب وطلبت كشف حساب من البنك مصدر بطاقة الفيزا كارت والمودع به حسابها بهولندا فتبين لها
أن مكان سحب المبلغ النقدي السالف ذكره تم من ماكينة صرف لبنكين بمركز الباجور
ومركز أشمون محل إقامة المتهم وعندما عادت من سفرها تقدمت لنيابة القصاصين للحصول
على صورة رسمية من
المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين لاستبيان ما إذا كان قد صدر قرار بوقف
التعامل ببطاقتي الفيزا المسروقين لتقديمها للبنك ففوجئت باختلاف المحضر المرفق عن
المحضر التي حررته والموقع منها والذي اختلسه المتهم وغير مضمونه بعدم ذكر سرقة
بطاقتي الفيزا كارت ضمن الأشياء التي أبلغت بسرقتها وأن التوقيع المذيل به المحضر
والمنسوب لها ليس توقيعها وأن التوقيع محرر بيد المتهم عنها . " ، وساق الحكم
على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم
عليها استمدها من أقوال المجني عليها والضابط ...... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث
التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وما ثبت من تفريغ كاميرات المراقبة المثبتة أعلي ماكينات الصرف الآلي للبنك الأهلي فرع
أشمون ومن حافظة المستندات التي قدمتها المجني عليها بتحقيقات النيابة العامة .
لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن
كل ركن من أركان جرائم الاختلاس وتزوير محرر رسمي واستعماله والإضرار بمصالح الغير
المعهود بها إلى جهة عمله والسرقة التي دان الطاعن بها ما دام قد أورد من الوقائع
ما يدل عليه ، وكان
القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة
وظروفها كما هو الحال في الدعوى المطروحة كان ذلك ، محققاً لحكم القانون , ويكون
ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم قد عرض لدفع
الطاعن بإنتفاء أركان جريمة الاختلاس واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع
بعدم انطباق نصوص الاتهام وأمر الإحالة وعدم توافر أركان جريمة الاختلاس فلما كان
من المقرر في قضاء المحكمة أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس
في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد أي موظف
أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 من قانون العقوبات يستوي
في ذلك ، أن يكون
قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته فلما كان المتهم ضابط
شرطة بمركز شرطة القصاصين الجديدة ومن بين من نصت عليهم المادة 119 من قانون
العقوبات ومختص بتحرير المحاضر بالمركز وحرر المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين
أمام المجني عليها ووقعه بدلاً منها بوصفه مختص بتحريره وبدلاً من إرسال المحضر
لقيده وإرساله للنيابة العامة للتصرف اختلسه لنفسه وأبدله بآخر زور محتواه ومضمونه
على المجني عليها ووقعه بنفسه بتوقيع نسبه زوراً للمجني عليها وذلك ، حسبما جاء
بأقوال المجني
عليها وأيدته تحريات المباحث الجنائية والتي تطمئن المحكمة لجديتها وأيده كذلك ،
تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي انتهى إلى أن التوقيع الممهر به المحضر
سالف الذكر به المميزات الخطية لخط المتهم الأمر الذي يكون معه منعي الدفاع في هذا
الصدد غير سديد وبعيداً عن محجة الصواب متعيناً رفضه " ، وكان ما أورده الحكم
فيما تقدم كافياً وسائغاً في بيان
توافر الركن المادي والمعنوي لجريمة الاختلاس ويندفع به ما يثيره الطاعن من عدم
توافر أركان جريمة الاختلاس فإن منعاه بذلك ، يكون قائماً على غير ذي محل . لما
كان ذلك ، , وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوي الصفة
العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال , ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ
الأمانات والودائع وإنما يكفي أن يكون ذلك ، من مقتضيات أعمال وظيفته , أو كان
مكلفاً بذلك ، من رؤسائه مما
تخولهم وظائفهم التكليف به , أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي
أو إداري فإذا كان الثابت من مدونات الحكم أن المتهم وهو يعمل ضابط بمركز شرطة
القصاصين الجديدة التابعة لوزارة الداخلية قد حرر المحضر محل الواقعة وتسلمه بصفته
الوظيفية ثم اختلسه , فإن الحكم إذ اعتبره من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً في
القانون , ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا إلى أن لا مصلحة الطاعن
في النعي على الحكم من أن الطاعن ليس من الأمناء على الودائع ما دامت العقوبة
المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذه الصفة . وإذ كان ذلك ، ، وكانت
العقوبة المحكوم بها وهي السجن المشدد لمدة خمس سنوات تدخل في نطاق العقوبة
المقررة لجريمة الاختلاس المرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي المنطبقة على الفقرة ( ب
) من المادة 112 من قانون العقوبات فإنه لا جدوى من إثارة ذلك ، النعي لأن مصلحة
الطاعن منتفية . لما كان ذلك ، , وكان البين
من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من شيوع حيازة
المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين محل الاختلاس بينه وبين باقي العاملين بقسم
الشرطة ومن ثم
فليس له أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها , كما لا يحل
له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض , هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الدفع
بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في
الأصل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن
وهو موظف عمومي ضابط شرطة بمركز شرطة القصاصين قد ارتكب تهمة التزوير المسندة إليه
في المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين وذلك ، بأن قام باصطناعه وتغيير الحقيقة
فيه حال كونه المختص بتحريره وتوقيعه بتوقيع عزاها للمدعية بالحق المدني , وهو ما تتوافر به جريمة التزوير في محرر رسمي في حقه ، وينحسر عن هذا
المحرر وصف الإقرار الفردي كما يزعم الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان
قول الطاعن بأن ما حدث من تزوير في المحرر هو من قبيل التزوير المفضوح مردود بما
هو مقرر من أنه لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم بطريقة خفية أو أن
يستلزم كشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون واضحاً
ولا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن ، ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين
يجوز أن ينخدع به بعض الأفراد مما يكون هذا الدفاع ظاهر البطلان لا يستلزم رداً
خاصاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، ، وكان لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة التزوير في محرر رسمي أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر ، ما دام
قيامه لازماً عن طبيعة التزوير في المحرر الرسمي ، لأن تغيير الحقيقة فيه بطريق
الغش بالوسائل التي نص
عليها القانون ، ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة ، لما يترتب على العبث بالورقة الرسمية من غض لقيمتها في نظر الجمهور بحسبانها ذات
حجية ، والأخذ
بها وتصديقها واجب بحكم القانون ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، , وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر
الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع
بقوة الشيء المحكوم فيه , ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته
لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه
يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية
إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض , وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور
أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمة
السرقة , وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي
تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول
مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة ، هذا إلى أن البين من المفردات بعد ضمها –
خلوها من ثمة أمر صادر من النيابة العامة
بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة السرقة ، فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الصدد
يكون في غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان الأصل أن من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها
أصلها في الأوراق ، وكان من المقرر أن وزن
أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه
إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله
المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها
ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وإذ كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليها وصحة تصويرها للواقعة فإن ما ينعاه
الطاعن بشأن عدم صحة ومعقولية أقوالها ، يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا
تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ،
ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة ، استناداً إلى أدلة الثبوت
التي أوردها الحكم ، وما
يثيره الطاعن في هذا الشأن هو جدل موضوعي في تقدير الأدلة ، مما تستقل به محكمة
الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه ، ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع
الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً
ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، , وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية
فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن
يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في
الدعوى , وكان الحكم المطعون فيه قد أورد
الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن
للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها , واطرحت المحكمة في
نطاق ما هو مخول لها في تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه , فإن ما
يثيره الطاعن في هذا
الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة
لمعتقدها وهو مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ، وكان لا
تثريب على المحكمة إن هي
أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة
باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة كما هو الحال في الحكم المطعون فيه وكان لا ينال من صحة التحريات أن
تكون ترديداً لما أبلغت به المجني عليها لأن مفاد ذلك ، أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك ، البلاغ فإن منعى الطاعن في هذا الصدد بفرض صحته يكون غير قويم . لما كان ذلك ، ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير أبحاث
التزييف والتزوير كافياً في بيان
مضمون ذلك ، التقرير الذي عول عليه في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم
قضاؤه ، ذلك ، بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه
وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، , وكان
البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة فضت
الحرز المحتوي على المستند المزور في حضور الطاعن ومدافعه ومن ثم فقد كان معروضاً
على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليه فإن ما
يثيره الطاعن عن فحوى الحرز الذي فضته المحكمة لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، ,
وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات , وقضي بعزله
من وظيفته فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون
العقوبات , ذلك ، أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى
بمعاقبة الطاعن بعقوبة عن كل من
جرائم الاختلاس المرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله والإضرار بمصالح الغير
المعهود بها إلى جهة عمله وأفرد لجريمة السرقة عقوبة مستقلة على الرغم مما تنبئ
عنه صورة الواقعة كما أوردها أن الجرائم قد انتظمتهم خطة جنائية واحدة بعدة أفعال
مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة
الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون
العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي العقوبة
المقررة لجريمة الاختلاس المرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي , ومن ثم
فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عن جريمة السرقة المسندة للطاعن اكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة
الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون
العقوبات ورفض الطعن فيما عدا
ذلك ، .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون
فيه بإلغاء عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنتين المقضي بها عن جريمة السرقة فقط ورفض
الطعن فيما عدا ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق