جلسة 3 يناير سنة 1998
برئاسة السيد المستشار
الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ولي
الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامي
فرج يوسف وعدلي محمود منصور،
وحضور السيد المستشار
الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين،
وحضور السيد/ حمدي أنور
صابر - أمين السر.
-------------
قاعدة رقم (130)
القضية رقم 36 لسنة 17
قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية
"المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها - تطبيق".
المصلحة الشخصية المباشرة
كشرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها اتصالها عقلاً بالنزاع الموضوعي؛ تطبيق ذلك:
النص على بيع عقار النزاع إذا تعذرت قسمته وبالتالي انتهاء حالة الشيوع التي يصر
المدعي على استمرارها: مؤدى ذلك: توافر مصلحته في الدعوى الدستورية.
(2) حق الملكية
"تنظيمها - وظيفة اجتماعية - سلطة تقديرية".
تنظيم الملكية - بما لا
يهدرها أو ينتقص منها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية - يدخلها في نطاق
السلطة التقديرية للمشرع.
(3) حق الملكية
"ملكية شائعة - ملكية مفرزة".
تقوم الملكية الشائعة إذا
ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرزة حصة كل منهم فيه - الملكية المفرزة لا تخالطها
غير يد صاحبها؛ مؤدى ذلك: كلتاهما ملكية فردية متكاملة العناصر.
(4) الشيوع " تأقيته
- القسمة العينية: تعذرها".
يكون الشيوع عادة مؤقتاً
- انقضاؤه حتماً بالقسمة العينية - ارتباط القسمة بملكية الأعيان لا بمنافعها -
تعذر إجراء القسمة عيناً؛ مؤداه: ضرورة التصفية ببيع المال الشائع بالمزاد لتلافي
ضرر استمرار الشيوع.
(5) القسمة النهائية
"القسمة الاتفاقية - القسمة القضائية: المادة 841 مدني".
تتم القسمة الاتفاقية
باتفاق جميع الشركاء على إجرائها - القسمة القضائية مفادها طبقاً للمادة 841 مدني
المطعون عليها؛ إجراء قسمة الأموال الشائعة من خلال حكم قضائي ببيعها بالمزاد كلما
كان من شأن قسمتها عيناً إلحاق نقص كبير بقيمتها.
(6) القسمة القضائية
"بيع الأموال الشائعة: ضرورته".
تقرير النص المطعون فيه
بيع الأموال الشائعة من خلال أحكام القسمة القضائية لا يعتبر نزعاً لملكيتها -
تقرير هذا البيع لضرورته بعد أن استحال فرز هذه الأموال وتجنيبها دون نقص كبير
يلحق قيمتها.
-------------
1 - المصلحة الشخصية
المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها اتصالها عقلاً بالمصلحة التي
يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية لازماً للفصل
في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكان الخبير الذي عينته محكمة الموضوع لبحث
مدى إمكان قسمة العقار المتنازع عليه عيناً، قد خلص إلى أن العقار مملوك أصلاً
للمرحوم.... بمقتضى عقد مسجل، ثم انتقلت الملكية بعد وفاته إلى ورثته الشرعيين،
ومن بينهم المدعى عليه الرابع، وأن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 1/ 1954 المقدم
من المدعي ليس مسجلاً، وأن القسمة متعذرة دون أن يلحق العقار نقص كبير في قيمته؛
متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد حتم بيع عقار النزاع بالمزاد في هذه الصورة،
فلا تبقى حالة الشيوع التي يصر المدعي على استمرارها؛ فإن مصلحته في إبطال هذا
النص تكون متحققة.
2 - الحماية التي كفلها
الدستور للملكية الخاصة، لازمها أن كل تنظيم تشريعي لا يجوز أن ينال من أصل الحق
فيها ولا أن يغير من أوضاع ممارستها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية.
فإذا آل هذا التنظيم - سواء بالنظر إلى محتواه أو من زاوية الآثار التي يرتبها -
إلى حرمان من يملكون من ملكيتهم، كان مخالفاً للدستور.
3 - الملكية الشائعة تقع
على مال معين تعيينا ذاتياً، وبها يكون هذا المال مملوكاً لأكثر من شخص واحد، كل
بقدر حصته فيه، فلا يقع حق كل من الشركاء إلا على حصة شائعة في هذا المال، مع بقاء
المال ذاته كلاً غير منقسم. ومن ثم كان منطقياً أن تنص المادتان 825 و826 من
القانون المدني على أنه إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرزة حصة كل منهم فيه،
كانوا شركاء على الشيوع، ومتساوين في حصصهم إلا إذا قام الدليل على غير ذلك.
ويعتبر كل منهم مالكاً لحصته ملكاً تاماً وعلى تقدير شيوعها في كل المال وليس
تركزها في أحد جوانبه. وهذه الخاصية وحدها هي التي تباعد بين الملكية المفرزة التي
لا تخالطها غير يد صاحبها، وبين الملكية الشائعة التي يتزاحم عليها الشركاء فيها،
وإن كانت كلتاهما ملكية فردية تتكامل عناصرها.
4 - الشيوع ليس وصفاً
دائماً يتصل بالمال فلا يزول أبداً، وإنما يكون الشيوع عادة مؤقتاً، ومنقضياً
حتماً بالقسمة باعتبارها سبباً يتوخى أصلاً إنهاءه، وحقاً لكل شريك ما لم يكن
مجبراً على البقاء في الشيوع بمقتضى نص في القانون أو بناء على اتفاق مع الشركاء
الآخرين على ذلك، لمدة معينة موقوتة بطبيعتها لا تجاوز زمناً أقصاه خمس سنين على
ما تقضي به المادة 834 من القانون المدني حتى لا ينقلب الشيوع مؤبداً؛ وكان إنهاء
حالة الشيوع بصفة باتة من خلال القسمة، مؤداه أن تكون نهائية، لا ترتبط بمنافع
الأعيان، بل بملكيتها، ولا تعلق على شرط يزيل حكمها بأثر رجعي، فاسخاً كان هذا
الشرط أم واقفاً؛ وكان الأصل في القسمة النهائية أن تكون كلية تتناول الأموال
الشائعة جميعها ولا تقتصر على بعض أجزائها، وأن تكون كذلك قسمة عينية تفرز لكل من
الشركاء نصيباً في الأموال الشائعة ذاتها لا يتعداه، فإذا كان إجراء القسمة عيناً
متعذراً في هذه الأحوال، فإن تصفيتها من خلال بيعها في المزاد، واختصاص كل من
الشركاء بجزء من ثمنها يكون معادلاً لحصته فيها، يعتبر إجراء ملائماً وضرورياً
باعتبار أن الشيوع ليس مرغوباً فيه، وقد يلحق بالشركاء ضرراً.
5 - القسمة النهائية -
كلية كانت أو جزئية، عينية كانت أو قسمة تصفية - قد تكون قسمة اتفاقية تتم باتفاق
كل الشركاء على إجرائها بغير اللجوء إلى القضاء، فإذا لم يتيسر الاتفاق، كان
القضاء سبيلها. وهذه هي القسمة القضائية التي عنتها المادة 841 من القانون المدني
المطعون عليها، ومفادها أنه كلما كان من شأن قسمة الأموال الشائعة عيناً إلحاق نقص
كبير في قيمتها، فإن قسمتها من خلال حكم يصدر عن المحكمة الجزئية المرفوع أمامها
دعوى القسمة، تتم - وأياً كانت قيمة هذه الأموال - من خلال بيعها بالمزاد وفقاً
للقواعد الإجرائية التي حددها قانون المرافعات، وبمراعاة أن اتفاق الشركاء على قصر
المزايدة عليهم، يعتبر اتفاقاً صحيحاً ملزماً لهم جميعاً.
6 - النص المطعون فيه لا
يتعلق بالأحوال التي ينعقد فيها إجماع الشركات المشتاعين على تقرير الطريقة التي
ينهون بها شيوع حصصهم وسريانها في أموال بذواتها، وإنما يخول المحكمة الجزئية
المرفوع إليها طلب قسمتها بعد تعذر الاتفاق عليها، وعلى ضوء ما ينتهي إليه الخبراء
الذين تندبهم لهذا الغرض، بيعها بالمزاد لتصفيتها، وذلك كلما كان من شأن قسمتها
عيناً الإضرار بقيمتها بصورة ملحوظة. ولا إهدار في ذلك لحق الملكية، ذلك أن كلاً
من الشركاء على الشيوع، إنما ينال من ثمن الأموال التي تقرر بيعها بالمزاد، جزءاً
يعادل حصته فيها. كذلك فإن بيعها لا يعتبر انتزاعاً لملكيتها من أصحابها في غير
الأحوال التي نص عليها القانون، وإنما ليستخلص كل منهم ما يقابل حصته فيها بعد أن
استحال فرزها وتجنيبها دون نقص كبير يلحق قيمتها، وهو ما يعني أن النص المطعون فيه
قد تقرر لضرورة، وقدرها بقدرها، ترجيحاً لمصلحة أعم على مقاصد محدودة أهميتها.
الإجراءات
بتاريخ 28 من مايو سنة
1995، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية
نص المادة 841 من القانون المدني فيما تضمنه من بيع المال الشائع بالطرق المبينة
بقانون المرافعات وذلك إذا تعذرت قسمته عيناً بغير نقص كبير في قيمته.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد أقام
ضد المدعي الدعوى رقم 165 لسنة 1990 مدني محكمة الدقي الجزئية يطلب فيها بفرز
نصيبه الشائع وتجنيبه في العقار رقم 1 شارع المستشار عبد العزيز حلمي قسم الدقي
محافظة الجيزة، مع الحكم ببيع هذا العقار جميعه بالمزاد العلني إذا تعذرت القسمة.
وقد دفع المدعي هذه الدعوى
أصلياً؛ بعدم قبولها تأسيساً على أنه يملك كامل العقار المشار إليه أرضاً وبناء
بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 1/ 1/ 1954 اقترن بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة
للملكية التي جاوزت أربعين عاماً كانت الحيازة فيها هادئة ظاهرة مستمرة وبنية
التملك. ولم يكن للمدعى عليه الرابع بالتالي أية حصة شائعة فيه، لا عن طريق الوصية
الواجبة التي يدعيها، ولا من خلال أي طريق آخر؛ واحتياطياً الحكم بإحالتها إلى
المحكمة الابتدائية المختصة للفصل في النزاع حول الملكية عملاً بالفقرة الثانية من
المادة 838 من القانون المدني.
وقد مضت محكمة الموضوع في
نظر دعوى المدعى عليه الرابع، وندبت خبيراً لمعاينة العقار وبحث إمكان قسمته
عيناً. وإذ انتهى الخبير إلى عدم إمكان ذلك، فقد عهدت إليه بتقدير ثمنه، مما حمل
المدعي على الدفع بعدم دستورية المادة 841 من القانون المدني التي تمسك بها المدعى
عليه الرابع، واعتبرها أساساً لدعواه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت
للمدعى بالطعن بعدم دستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 841 من
القانون المدني تقضي بأنه إذا لم تمكن القسمة عيناً، أو كان من شأنها إحداث نقص
كبير في قيمة المال المراد قسمته، بيع هذا المال بالطريقة المبينة في قانون
المرافعات، وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا ذلك بالإجماع.
وحيث إن المدعي ينعى على
النص المطعون فيه إخلاله بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة، ذلك أن
الملكية لا تنزع وفقاً للدستور عن أصحابها، إلا لمنفعة عامة ومقابل تعويض. وبيع
العقار الذي تتعذر قسمته بالمزاد وفقاً للنص المطعون فيه، هو انتزاع للملكية من
أصحابها في غير الأحوال التي نص عليها الدستور. ولا يدخل تقرير هذا النص في إطار
السلطة التقديرية التي يملكها المشرع، ذلك أن سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق لا
تعني ترخصه في التحرر من الضوابط التي فرضها الدستور كحدود نهائية لهذا التنظيم لا
يجوز تخطيها، فإذا اقتحمها المشرع، كان ذلك إهداراً لها. وكان أولى بالمشرع - إذا
كان قد توخى بالنص المطعون فيه حقاً تحقيق التوازن بين الشركاء على الشيوع - أن
يكتفي بقصر البيع على الحصة الشائعة وحدها بالثمن المقدر لها، دون غيرها من خصص
باقي الشركاء الذين يتمسكون ببقاء ملكيتهم لها حتى لا تنزع منهم بغير رضاهم.
وحيث إن المصلحة الشخصية
المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها اتصالها عقلاً بالمصلحة التي
يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية لازماً للفصل
في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكان الخبير الذي عينته محكمة الموضوع لبحث
مدى إمكان قسمة العقار المتنازع عليه عيناً، قد خلص إلى أن العقار مملوك أصلاً
للمرحوم.... بمقتضى عقد مسجل، ثم انتقلت الملكية بعد وفاته إلى ورثته الشرعيين،
ومن بينهم المدعى عليه الرابع، وأن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 1/ 1954 المقدم
من المدعي ليس مسجلاً، وأن القسمة متعذرة دون أن يلحق العقار نقص كبير في قيمته؛
متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد حتم بيع عقار النزاع بالمزاد في هذه
الصورة، فلا تبقى حالة الشيوع التي يصر المدعي على استمرارها؛ فإن مصلحته في إبطال
هذا النص تكون متحققة.
وحيث إن الحماية التي
كفلها الدستور للملكية الخاصة، لازمها أن كل تنظيم تشريعي لا يجوز أن ينال من أصل
الحق فيها ولا أن يغير من أوضاع ممارستها Ces modes d' exercise دون
ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. فإذا آل هذا التنظيم - سواء بالنظر إلى
محتواه أو من زاوية الآثار التي يرتبها - إلى حرمان من يملكون من ملكيتهم، كان
مخالفاً للدستور.
N' entre pas dans le champ d' application de la protection due au droit de
proprieté, une disposition législative qui n' a ni pour objet, ni pour ef - fet
d' entrainer la privation de ce droit.
(85 - 189 GC, 17 juillet 1985, cons. 13, Rec. p. 49).
وحيث إن من المقرر أن
الملكية الشائعة تقع على مال معين تعييناً ذاتياً، وبها يكون هذا المال مملوكاً
لأكثر من شخص واحد، كل بقدر حصته فيه، فلا يقع حق كل من الشركاء إلا على حصة شائعة
في هذا المال، مع بقاء المال ذاته كلاً غير منقسم. ومن ثم كان منطقياً أن تنص
المادتان 825 و826 من القانون المدني على أنه إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرزة
حصة كل منهم فيه، كانوا شركاء على الشيوع، ومتساوين في حصصهم إلا إذا قام الدليل
على غير ذلك. ويعتبر كل منهم مالكاً لحصته ملكاً تاماً وعلى تقدير شيوعها في كل
المال وليس تركزها في أحد جوانبه. وهذه الخاصية وحدها هي التي تباعد بين الملكية
المفرزة التي لا تخالطها غير يد صاحبها، وبين الملكية الشائعة التي يتزاحم عليها
الشركاء فيها، وإن كانت كلتاهما ملكية فردية تتكامل عناصرها.
وحيث إن من المقرر كذلك
أن الشيوع ليس وصفاً دائماً يتصل بالمال فلا يزول بداً، وإنما يكون الشيوع عادة
مؤقتاً، ومنقضياً حتماً بالقسمة باعتبارها سبباً يتوخى أصلاً إنهاءه، وحقاً لكل
شريك ما لم يكن مجبراً على البقاء في الشيوع بمقتضى نص في القانون أو بناء على
اتفاق مع الشركاء الآخرين على ذلك، لمدة معينة موقوتة بطبيعتها لا تجاوز زمناً
أقصاه خمس سنين على ما تقضي به المادة 834 من القانون المدني حتى لا ينقلب الشيوع
مؤبداً؛ وكان إنهاء حالة الشيوع بصفة باتة من خلال القسمة، مؤداه أن تكون نهائية،
لا ترتبط بمنافع الأعيان، بل بملكيتها، ولا تعلق على شرط يزيل حكمها بأثر رجعي،
فاسخاً كان هذا الشرط أم واقفاً؛ وكان الأصل في القسمة النهائية أن تكون كلية
تتناول الأموال الشائعة جميعها ولا تقتصر على بعض أجزائها، وأن تكون كذلك قسمة
عينية تفرز لكل من الشركاء نصيباً في الأموال الشائعة ذاتها لا يتعداه، فإذا كان
إجراء القسمة عيناً متعذراً في هذه الأحوال، فإن تصفيتها من خلال بيعها في المزاد،
واختصاص كل من الشركاء بجزء من ثمنها يكون معادلاً لحصته فيها، يعتبر إجراء
ملائماً وضرورياً باعتبار أن الشيوع ليس مرغوباً فيه، وقد يلحق بالشركاء ضرراً.
وحيث إن القسمة النهائية
- كلية كانت أو جزئية، عينية كانت أو قسمة تصفية - قد تكون قسمة اتفاقية تتم
باتفاق كل الشركاء على إجرائها بغير اللجوء إلى القضاء، فإذا لم يتيسر الاتفاق،
كان القضاء سبيلها. وهذه هي القسمة القضائية التي عنتها المادة 841 من القانون
المدني المطعون عليها، ومفادها أنه كلما كان ذلك من شأن قسمة الأموال الشائعة
عيناً إلحاق نقص كبير في قيمتها، فإن قسمتها من خلال حكم يصدر عن المحكمة الجزئية
المرفوع أمامها دعوى القسمة، تتم - وأياً كانت قيمة هذه الأموال - من خلال بيعها
بالمزاد وفقاً للقواعد الإجرائية التي حددها قانون المرافعات، وبمراعاة أن اتفاق
الشركاء على قصر المزايدة عليهم، يعتبر اتفاقاً صحيحاً ملزماً لهم جميعاً.
وحيث إن ما تقدم مؤداه،
أن النص المطعون فيه لا يتعلق بالأحوال التي ينعقد فيها إجماع الشركاء المشتاعين
على تقرير الطريقة التي ينهون بها شيوع حصصهم وسريانها في أموال بذواتها، وإنما
يخول المحكمة الجزئية المرفوع إليها طلب قسمتها بعد تعذر الاتفاق عليها، وعلى ضوء
ما ينتهي إليه الخبراء الذي تندبهم لهذا الغرض، بيعها بالمزاد لتصفيتها، وذلك كلما
كان من شأن قسمتها عيناً الإضرار بقيمتها بصورة ملحوظة. ولا إهدار في ذلك لحق
الملكية، ذلك أن كلاً من الشركاء على الشيوع، إنما ينال من ثمن الأموال التي تقرر
بيعها بالمزاد، جزءاً يعادل حصته فيها. كذلك فإن بيعها لا يعتبر انتزاعاً لملكيتها
من أصحابها في غير الأحوال التي نص عليها القانون، وإنما ليستخلص كل منهم ما يقابل
حصته فيها بعد أن استحال فرزها وتجنيبها دون نقص كبير يلحق قيمتها، وهو ما يعني أن
النص المطعون فيه قد تقرر لضرورة، وقدرها بقدرها، ترجيحاً لمصلحة أعم على مقاصد
محدودة أهميتها.
وحيث إن ما ينعاه المدعي
من أن بيع العقار محل التداعي وفقاً للنص المطعون فيه يتضمن إهداراً لحق الملكية
التي كفل الدستور صونها، مردود بأن حقوق الملكية التي يحميها الدستور، هي التي
تتصل مباشرتها بضمان مقوماتها، وكذلك بالمزايا التي ترتبها الملكية لأصحابها privileges not constituting property are not en - titled to
protection والتي لا يندرج تحتها أن
يظل الشيوع قائماً أبداً بالأموال التي تعلق بها، متصلاً بها اتصال قرار، فلا
ينقضي في أية حال، ولو كان إنهاؤه مبرراً مثلما هو الأمر في النص المطعون فيه.
وحيث إن النص المطعون فيه
لا يتعارض مع حكم في الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى
وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق