جلسة 29 من مايو سنة 1984
برياسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، مدحت المراغي، جرجس اسحق وعبد النبي غريب.
-------------------
(281)
الطعن رقم 92 لسنة 51 القضائية
(1، 2، 3) التماس إعادة النظر. حكم. نقض.
1 - الحكم الصادر في التماس إعادة النظر. عدم جواز الطعن فيه بطريق الالتماس للمرة الثانية م 247 مرافعات.
2 - الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في التماس إعادة النظر المرفوع إليها. جواز الطعن فيه بطريق النقض.
3 - الغش كسب لالتماس إعادة النظر. ماهيته. أن يكون خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى مما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها. عدم جواز التماس إعادة النظر فيه. علة ذلك.
--------------------
1 - ما تقضي به المادة 247 من قانون المرافعات من أن الحكم الذي يصدر برفض الالتماس وكذلك الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعدم قبول الالتماس لا يجوز الطعن عليهما بطريق التماس إعادة النظر مرة ثانية حتى لو كان الطعن الثاني مبنياً على أسباب جديدة، يفيد أن ما حظره المشرع في هذه الحالة هو الطعن بالالتماس للمرة الثانية - هو رفع التماس بعد التماس - وفيما عدا ذلك يترك أمر الطعن في الأحكام الصادرة في الالتماس للقواعد العامة.
2 - إذ كان التماس إعادة النظر طريق غير عادي للطعن في الحكم النهائي يرفع إلى نفس المحكمة التي أصدرته متى توافر سبب من الأسباب التي بينها القانون بيان حصر، فإن القضاء فيه يعتبر حكماً صادراً من محكمة الاستئناف ومردداً في خصومة رفعت إليها وفق قانون المرافعات، أخذاً بأن الالتماس وإن لم يقصد به تجريح الحكم الملتمس فيه، إلا أنه يستهدف محو هذا الحكم ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره، ويتمكن بذلك من مواجهة النزاع من جديد. لما كان ما تقدم وكانت المادة 248 من قانون المرافعات قد أطلقت القول بجواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فإن الحكم في الالتماس الماثل الصادر من محكمة الاستئناف يخضع لحكم هذه المادة ويجوز الطعن فيه بطريق النقض.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي هو ما كان خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم، أم ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً منها ببرهانه فلا يجوز التماس إعادة النظر فيه تحت ستار إقناع المحكمة بالبرهان غشاً، إذ أن برهنة الخصم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق له في كل دعوى ينفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم الآخر، وليس ذلك من الغش في شيء.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت التماس إعادة النظر رقم 5074 سنة 96 ق استئناف القاهرة طعناً في الحكم رقم 4895 سنة 95 ق الصادر بجلسة 19/ 2/ 1979 طالبة الحكم بجواز الالتماس وإلغاء الحكم الملتمس فيه وبعدم قبول دعوى المطعون ضده الأول أو برفضها وقالت في بيان ذلك إن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3002 سنة 77 مدني كلي القاهرة بطلب أخذ العقار المبيع إلى الطاعنة والمبين بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل ثمن قدره (2003) جنيهاً ودار دفاع الطاعنة فيها على أن حقيقة الثمن 2500 كالثابت بالعقد النهائي والطلبات المقدمة إلى مصلحة الشهر العقاري إلا أن المطعون ضده الأول قدم صورة رسمية خطية لعقد البيع المشهر برقم 2667 في 30/ 3/ 77 تضمنت أن ثمن البيع 2000 وأصدرت محكمة الدرجة الأولى حكمها بأحقيته في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة مقابل مبلغ 2003 وتأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 4895 سنة 95 ق اعتماداً على الصورة الرسمية الخطية التي قدمها، ولما كانت هذه الصورة مزورة فقد تقدمت ببلاغ إلى نيابة قصر النيل تم تحقيقه وبان منه أن حقيقة الثمن الوارد في العقد النهائي 2500 جنيهاً وأن الصورة الرسمية المقدمة منه مزورة وأنه وقع غش من جانب المطعون ضده الأول أثر في الحكم بتقديم تلك الصورة المزورة مع علمه بتزويرها إلى المحكمة وتمسكه بها أثناء نظر الدعوى لإثبات أن ثمن العقار 2000 جنيهاً رغم أنه يعلم بأن حقيقة الثمن 2500 جنيهاً الأمر الذي يتوفر به انطباق حكم الفقرتين الأولتين من المادة 241 من قانون المرافعات. ومن ثم فقد لجأت إلى الطعن بطريق التماس إعادة النظر للحكم لها بطلباتها وفي 15/ 11/ 1980 قضت المحكمة بعدم قبول الالتماس. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المطعون ضده الأول مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ورفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدى من المطعون ضده الأول أن الحكم المطعون فيه صادر في دعوى بالتماس إعادة النظر عن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، فهو في حقيقته ليس حكماً صادراً من محكمة الاستئناف بالمعنى المراد في المادة 248 من قانون المرافعات حتى يكون قابلاً للطعن فيه بطريق النقض.
وحيث إن الدفع غير سديد ذلك أنه لما كان ما تقضي به المادة 247 من قانون المرافعات من أن الحكم الذي يصدر برفض الالتماس وكذلك الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعدم قبول الالتماس لا يجوز الطعن عليهما بطريق التماس إعادة النظر مرة ثانية حتى لو كان الطعن الثاني مبنياً على أسباب جديدة، يفيد أن ما حظره المشرع في هذه الحالة هو الطعن بالالتماس للمرة الثانية هو رفع التماس بعد التماس، وفيما عدا ذلك يترك أمر الطعن في الأحكام الصادرة في الالتماس للقواعد العامة. لما كان ذلك وكان التماس إعادة النظر طريق غير عادى للطعن في الحكم النهائي يرفع إلى نفس المحكمة التي أصدرته متى توافر سبب من الأسباب التي بينها القانون بيان حصر فإن القضاء فيه يعتبر حكماً صادراً من محكمة الاستئناف ومردداً في خصومة رفعت إليها وفق قانون المرافعات، أخذاً بأن الالتماس وإن لم يقصد به تجريح الحكم الملتمس فيه، إلا أنه يستهدف محو هذا الحكم ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره ويتمكن بذلك من مواجهة النزاع من جديد، لما كان ما تقدم وكانت المادة 248 من قانون المرافعات قد أطلقت القول بجواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فإن الحكم في الالتماس الماثل الصادر من محكمة الاستئناف يخضع لحكم هذه المادة ويجوز الطعن فيه بطريق النقض ويكون الدفع بعدم قبول الطعن في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الأول تمسك أمام محكمة الموضوع التي أصدرت الحكم الملتمس فيه بالصورة الرسمية الخطية لعقد البيع رغم ما تضمنته من تزوير في خصوص ثمن بيع الحصة المشفوع فيها فأثر ذلك في قضائها وألجأها إلى إحالة الدعوى التي التحقيق لإثبات حقيقة الثمن وهو ما كانت في غنى عنه لو لا تمسكه بها وتأثيرها في قضائها بالحكم لصالح المطعون ضده الأول على أساسها دون أن تأمر بضم أصل المحرر أو تنتقل للاطلاع عليه عملاً بنص المادة 12 من قانون الإثبات إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الالتماس على أساس أن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تعتمد على تلك الورقة متلفتة بذلك عن إجابة الطاعنة إلى طلبها ضم أصل تحقيقات النيابة العامة أو التصريح لها باستخراج صورة رسمية فيها للوقوف على واقعة تزوير الورقة المقدمة منه رغم ما يتضمنه هذا الطلب من دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي هو ما كان خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم أما ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً منها ببرهانه فلا يجوز التماس إعادة النظر فيه تحت ستار إقناع المحكمة بالبرهان غشاً إذ أن برهنة الخصم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق له في كل دعوى يفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم وليس ذلك من الغش في شيء إذ كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول لم يقر بتزوير الورقة المقول بتزويرها ولم يصدر حكم جنائي أو مدني بتزويرها، وأن دفاع الطاعنة أمام درجتي التقاضي في دعوى الشفعة الملتمس إعادة النظر في حكمها قد دار حول تزوير تلك الورقة المقدمة من المطعون ضده وحول مقدار الثمن الحقيقي الذي تم به البيع وقدمت لتأييد دفاعها الصورة الرسمية من عقد البيع، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الثمن ونفذته واستخلصت منه مقداره بما يتفق مع ما ادعاه المطعون ضده الأول فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص من ذلك إلى عدم توفر حالتي التماس إعادة النظر اللتين أقيم على أساسهما قد انتهى إلى القضاء بعدم قبوله بعد أن رفض طلب الطاعنة ضم تحقيقات النيابة لعدم الحاجة إليها يكون قد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله ملتزماً صحيح القانون، ومن ثم يكون النعي عليه بهذه الأسباب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق