جلسة 30 من يناير سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ أحمد شوقي المليجي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ د. جمال الدين محمود نائب رئيس المحكمة، محمود مصطفى سالم، أحمد طارق البابلي وأحمد زكي غرابة.
----------------
(69)
الطعن رقم 1249 لسنة 53 القضائية
(1 - 6) تأمينات اجتماعية "تأمين إصابات العمل".
(1) أنواع التأمين الإجباري. ورودها في قانون التأمين الاجتماعي 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون 25 لسنة 1977 على سبيل الحصر. استقلال كل منها في مبناه وأحكامه.
(2) تأمين إصابات العمل. سريانه على العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل ولو كانوا من المتدرجين أو التلاميذ الصناعيين والطلاب المشتغلين في مشروعات التشغيل الصيفي والمكلفين بخدمة عامة.
(3) انتهاء التأمين ببلوغ المؤمن عليه سن الستين. اقتصاره على تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة دون تأمين إصابات العمل. علة ذلك.
(4) سريان تأمين إصابات العمل. مناطه قيام علاقة العمل وحدوث الإصابة خلالها. تحديد سن الستين كحد أدنى لتقاعد العمال الخاضعين لأحكام قانون العمل. لا يحول دون تشغليهم أو استمرارهم في العمل بعد هذا السن. مؤدى ذلك. خضوعهم لتأمين إصابات العمل.
(5) حساب معاش إصابة العمل بنسبة معينة من الأجر الذي يحسب على أساسه معاش الشيخوخة والعجز والوفاة. لا يتأدى منه سريان أحكام انتهاء تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة ببلوغ المؤمن عليه سن الستين على تأمين إصابات العمل. علة ذلك.
(6) النص في قرار وزير التأمينات الاجتماعية على عدم استحقاق المصاب تعويض الأجر إذا انتهت خدمته ببلوغه سن الستين أو سن التقاعد المنصوص عليه في نظام توظفه. مقصور على العاملين الذين تنص صراحة نظم توظفهم على انتهاء خدمتهم ببلوغهم سن الستين أو سن آخر للتقاعد.
(7) حكم "التأمين في الحكم".
التناقض في الحكم. ماهيته. هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه. ورود عبارات في الحكم توهم بوقوع الاختلاف بين بعض أسبابه. عدم اعتباره تناقضاً مبطلاً طالما كان قصد المحكمة ورأيها واضحين.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة (الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية) والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 907 سنة 1977 عمال كلي شمال القاهرة طالباً الحكم بثبوت علاقة العمل فيما بينه والمطعون ضده الثاني اعتباراً من 1/ 1/ 1973 بأجر شهري مقداره 120 جنيه وبإلزام الطاعنة بصرف معاشه الشهري اعتباراً من 1/ 5/ 1977 على أساس هذا الأجر وبأن تدفع له مبلغ 1748 جنيه قيمة تعويض الأجر عن الفترة من 8/ 1/ 1976 تاريخ إصابته أثناء العمل وبسببه إلى 25/ 4/ 1977 تاريخ ثبوت عجزه عجزاً مستديماً بواقع 120 جنيه شهرياً - 400 مليم، 59 جنيه قيمة التعويض الإضافي باعتبار أن عجزه الكامل بسبب إصابة العمل. وقال بياناً لها إنه التحق بالعمل لدى المطعون ضده الثاني في 1/ 1/ 1973 في مهنة سائق سيارة نقل لقاء أجر شهري قدره 120 جنيه وأصيب أثناء العمل وبسببه في 8/ 1/ 1976 وحالت الإصابة بينه وبين أداء عمله ثم ثبت عجزه المستديم، وإذ أنكرت عليه الطاعنة حقه في تعويض الأجر ومعاش إصابة العمل والتعويض الإضافي ولم يكن المطعون ضده الثاني قد اشترك في التأمين عنه لدى الطاعنة إلا في 1/ 1/ 1976 على أساس أن أجره الشهري 20 جنيه فقد أقام دعواه بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 11/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى ما جاء بمنطوق الحكم وبعد سماع الشهود حكمت في 30/ 1/ 1979 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 426 سنة 96 ق. وبتاريخ 18/ 3/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لطلب إثبات علاقة العمل وبتحديد بدء علاقة العمل فيما بين المطعون ضدهما الأول والثاني اعتباراً من أول يناير 1973 وبأجر شهري قدره 120 جنيه في مواجهة الطاعنة وقبل الفصل في موضوع باقي الطلبات بندب مكتب الخبراء لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره أعادت إليه المأمورية بحكمها الصادر في 30/ 12/ 1981 وبعد أن قدم الخبير تقريره التكميلي حكمت في 14/ 3/ 1983 بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لباقي الطلبات وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول معاشاً شهرياً مقداره 96 جنيه وتعويضاً مقداره 1748 جنيه - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول وبالوجه الثاني من السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان مفاد ما نصت عليه المواد 18/، فقرة (ي)، 40، 51، 163/ 1 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 أن استفادة العامل المؤمن عليه بالمزايا التأمينية المقررة فيه ومن بينهما معاش إصابة العمل وتعويض الأجر مشروط بعدم خروجه من نطاق التأمين الذي ينتهي ببلوغه سن الستين، وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده الأول من مواليد 23/ 5/ 1905 وتجاوز سن الستين وخرج من نطاق قانون التأمين الاجتماعي سواءً في 1/ 1/ 1973 - تاريخ التحاقه بالعمل لأول مرة لدى المطعون ضده الثاني - أو في 8/ 1/ 1976 - تاريخ إصابته - فلا يستحق معاش إصابة عمل ولا تعويض الأجر، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أحقيته لهما يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه وإن كانت أنواع التأمين الإجباري قد وردت في المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 - الذي يحكم واقعة الدعوى - على سبيل الحصر إلا أن لكل نوع من هذه التأمينات مبناه، وأحكامه، فالهدف من تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة حصول المؤمن عليه أو المستحقين عنه على معاش أو تعويض حين التقاعد بسبب الشيخوخة أو العجز أو الوفاة، بينما شرع تأمين إصابات العمل لمواجهة أخطاء العمل وتأمين العامل المصاب بإصابة عمل وذلك بالحصول على العلاج وتعويض الأجر خلال فترة الإصابة وتعويض العجز المستديم إذا لم يتم الشفاء أو تعويض الأسرة في حالة وفاة المصاب وكانت أحكام تأمين إصابات العمل وفق ما نصت عليه المادتان الثانية والثالثة من هذا القانون تسري على العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل الذين تربطهم بصاحب العمل علاقة عمل منتظمة دون تقيد ببلوغهم سن الثامنة عشر كما تسري على المتدرجين والتلاميذ الصناعيين والطلاب المشتغلين في مشروعات التشغيل الصيفي والمكلفين بخدمة عامة، وكان النص في المادة 40 من القانون المشار إليه على انتهاء التأمين ببلوغ المؤمن عليه سن الستين يخص تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة فلا يسري حكمها على تأمين إصابات العمل الذي وردت أحكامه في الباب الرابع من القانون وخلا من النص على حكم مماثل للمغايرة والتمايز بين التأمينين فلا يجوز الربط بينهما إلا في الحدود التي نص عليها القانون. بما مؤداه أن مناط
سريان تأمين إصابات العمل هو قيام علاقة العمل وحدوث الإصابة خلالها على اعتبار أن هذا التأمين يستهدف مواجهة أخطار العمل. لما كان ذلك وكان تحديد سن الستين كحد أدنى لسن تقاعد العمل الخاضعين لأحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 المنطبق على واقعة الدعوى لا يحول دون صاحب العمل وتشغيل العمال أو استبقاء من يراه صالحاً من عماله للاستمرار في العمل بعد هذا السن فإنه ليس ثمة ما يمنع من التأمين على إصابات العمل طبقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي آنف الذكر على العمال الخاضعين لأحكام قانون العمل إذا تم تشغيلهم بعد سن الستين. ولا يغير من هذا النظر النص في المادة 51 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه على حساب معاش إصابة العمل بنسبة معينة من الأجر الذي يحسب على أساسه معاش الشيخوخة والعجز والوفاة بما لا يزيد أو يقل عن الحدين الأقصى والأدنى المنصوص عليهما في المادتين 20، 24 أو زيادة هذا المعاش زيادة نسبية، إذ لا يتأدى منه سريان أحكام انتهاء تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة ببلوغ المؤمن عليه سن الستين على تأمين إصابات العمل ولا يعني إلا أن المشرع رأي حساب معاش تعويض إصابات العمل بنسبة معينة من الأجر الذي سددت على أساسه اشتراكات التأمين بدلاً من الأجر الفعلي الذي جرى القانون السابق رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية على اتخاذه أساساً لحساب هذا المعاش، وأن الزيادة النسبية في المعاش لا تعدو أن تكون إحدى صور الرعاية الخاصة للمصابين بإصابة عمل أو المستحقين عنهم حتى بلوغ سن الستين حقيقة أو حكماً لا محل للتحدي في هذا الخصوص بما نصت عليه المادة 19 من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 310 لسنة 1976 في شأن بعض الأحكام التنفيذية الخاصة بالتأمين ضد إصابة العمل من أنه "لا يستحق تعويض الأجر إذا انتهت خدمة المصاب ببلوغه سن الستين أو سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظف المعامل به ويصرف له في هذه الحالة المعاش أو التعويض المستحق له في التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة" إذ أن حكمها مقصور على العاملين الذين تنص صراحة نظم توظفهم على انتهاء خدمتهم ببلوغهم سن الستين أو سن آخر للتقاعد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضده الأول الذي التحق بالعمل لدى المطعون ضده الثاني لأول مرة بعد بلوغه سن الستين لمعاش الإصابة وللتعويض عن الأجر حتى ثبوت العجز فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان الحكم قد اعتمد تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وكان هذا التقرير قد أورد عدم استحقاق المطعون ضده الأول لأي من طلباته الواردة بصحيفة دعواه لتجاوزه سن الستين عند اشتراكه في التأمين ثم انتهى إلى استحقاق المطعون ضده الأول لمعاش العجز الإصابة وتعويض الأجر فإنه يكون مشوباً بالتناقض لعدم معرفة الأساس الذي أقام عليه الحكم قضاءه.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ولا يفهم معه على أي أساس أقام قضاءه أما ما عساه يكون قد ورد في عبارات الحكم مما يوهم بوقوع مخالفة بين بعض أسبابه مع بعض فلا يعد تناقضاً مبطلاً له طالما أن قصد المحكمة ظاهر ورأيها واضح. لما كان ذلك وكان تقرير الخبير قد أورد قوله "1 - أن المستأنف لا يستحق أية من طلباته الواردة بصحيفة الطعن حيث إن سنه عند اشتراكه في التأمين كان 68 عاماً حيث إنه من مواليد 23/ 5/ 1905 وأن بدء اشتراكه في التأمينات كان 1/ 1/ 1973 طبقاً لحكم محكمة الاستئناف الصادر بجلسة 18/ 1/ 1981.
2 - ثبت من البحث أن المستأنف يحصل على معاش شيخوخة قدرة 12.800 مليمجـ رغم المخالفة للقانون 79 لسنة 1975 اعتباراً من 26/ 4/ 1977 وعليه فيحق للمستأنف الآتي ( أ ) معاش الإصابة بمبلغ 96 جنيه طبقاً للثابت بالتقرير ص 6 (ب) المعونة (تعويض) إجمالها مبلغ قدره 1748 جنيه طبقاً للثابت بتقريرنا ص 6 والرأي الأخير لعدالة المحكمة" مما مفاده أن الخبير ترك لمحكمة الموضوع البت فيما إذا كان المطعون ضده الأول يستحق معاش إصابة العمل وتعويض الأجر أم لا باعتبار أنه كان متجاوزاً لسن الستين وقت التحاقه بالعمل، وهي مسألة قانونية يناط بالمحكمة أمر الفصل فيها - وكان الحكم المطعون فيه قد قطع في أسبابه ومنطوقة بأحقية المطعون ضده الأول لمعاش الإصابة وتعويض الأجر استناداً إلى تقرير الخبير لهما فإنه يكون بمنأى عن التناقض المبطل له ويضحى النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق