الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 يوليو 2018

عدم دستورية عزل جهات القضاء عن نظر المنازعات


القضية رقم 3 لسنة 4 ق عليا "دستورية " جلسة 13 / 4 / 1974
باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 13 من إبريل سنة 1974 - الموافق 20 من ربيع الأول سنة 1394 هـ .
المشكلة برياسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة  رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل و عادل عزيز زخاري وعمر حافظ شريف ، نواب رئيس المحكمة وحسين زاكي وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة  أعضاء
وحضور السيد  المستشار / محمد كمال محفوظ  المفوض
وحضور السيد / سيد عبد الباري إبراهيم   أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 3 لسنة 4 قضائية عليا "دستورية " .
المقامة من
اسماعيل سليمان محمد كساب
ضد
1 -السيد /  رئيس الوزراء
2 - السيد / وزير الحربية
3 - السيد / مدير الادارة المركزية للتأمين و المعاشات بالقوات المسلحة
الوقائع
تتحصل الوقائع ، على ما يبين من الأوراق ، ففي أن المدعى جند بالقوات المسلحة ثم أحيل إلى الاحتياط . وفى 4 من نوفمبر سنة 1965 استدعى من الاحتياط للالتحاق بخدمة القوات المسلحة ثم فصل لعدم لياقته صحياً للخدمة نظراً لإصابته بقصر نظر واستجماتزم بالعين اليمنى . وفى 15 من ديسمبر سنة 1966 صدر قرار شعبة التنظيم والإدارة للقوات البحرية بالقوات المسلحة رقم 104/4/472 باعتبار أن إصابة المدعى التى أدت إلى فصله كانت بسبب الخدمة وترتب على ذلك استحقاقه اعتباراً من 17 ديسمبر سنة 1966 المعاش والتأمين والتأمين الإضافى المنصوص عليها ففي قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 بشأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة إلا أن شعبة التنظيم والإدارة قطعت هذا المعاش عن المدعى وذلك اعتباراً من 16 يناير سنة 1968 وطلبت إليه رد المبالغ التى سبق صرفها إليه استناداً إلى ما تبين لها من التحريات والتحقيقات التى أجريت بناء على شكوى قدمت إليها ففي هذا الشأن من أن إصابة المدعى لم تكن بسبب الخدمة وأنها ترجع إلى تاريخ سابق على استدعائه للخدمة بالاحتياط ، فأقام المدعى الدعوى رقم 963 لسنة 22 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ضد وزير الحربية ومدير إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة المذكورة ففي 28 من إبريل سنة 1968 بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بعدم صرف معاشه ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع إلزام المدعى عليهما المصروفات ، ودفعت الحكومة الدعوى بعدم جواز نظرها استناداً إلى أن المشرع حظر ففي المادة 117 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 المشار إليه على المحاكم التصدى للفصل ففي دعاوى التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة أحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون إذا كانت الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الخدمة أو العمليات الحربية أو بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها ففي البندين أ ، ب من المادة 31 من هذا القانون يستوى ففي ذلك أن يكون موضوع الدعوى تعويضاً أو معاشاً أو مبالغ أخرى . وفى 11 من نوفمبر سنة 1969 قضت محكمة القضاء الإدارى بعدم جواز نظر الدعوى بشقيها وألزمت المدعى المصروفات استناداً إلى أن نص المادة 117 سالف الذكر يستهدف عزل القضاء عن نظر دعاوى التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة أحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون إذا كانت الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الخدمة أو الأعمال الحربية وأن الفقرة الأخيرة من المادة 69 من القرار بقانون المشار إليه تحظر الطعن أمام القضاء ففي قرارات اللجنة المشكلة بمقتضى هذه المادة والتى ناطت بها تقدير درجات العجز الكلى أو الجزئى الذى يستوجب تقرير معاش أو تأمين أو تأمين إضافى ففي حالات العجز المشار إليها ففي المادة المذكورة . وقد طعن المدعى ففي هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وقيد الطعن برقم 317 لسنة 16 ق إدارية عليا ودفع بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 69 والمادة 117 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 المتقدم ذكره فيما تضمناه من حظر التقاضى . وفى 6 من يناير سنة 1973 قررت المحكمة وقف الفصل ففي الطعن وحددت للطاعن ثلاثة شهور لرفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة العليا . وقد أقام المدعى هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة العليا ففي 24 من مارس سنة 1973 يطلب فيها الحكم بعدم دستورية المادة 117 والفقرة الأخيرة من المادة 69 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 سالف الذكر مع إلزام المدعى عليهما الثانى والثالث بصفتيهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقدمت الحكومة مذكرة طالبة رفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 69 ، والمادة 117 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 سالف الذكر مع إلزام الحكومة المصروفات . وحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 19 من يناير سنة 1974 وفى هذه الجلسة وجلسة 2 من فبراير سنة 1974 التالية لها نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرى الجلستين ثم أرجئ إصدار الحكم ففي الدعوى إلى جلسة 6 من إبريل سنة 1974 ونظراً لأن اليوم المذكور صادف يوم عطلة رسمية فقد قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم على الوجه التالى .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية .
ومن حيث إن المدعى ينعى على الفقرة الأخيرة من المادة 69 والمادة 117 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 ففي شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة مخالفة المادة 68 من الدستور ويقول ففي بيان ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة 69 المشار إليها حظرت الطعن أمام أى جهة قضائية ففي قرارات اللجنة الإدارية المنصوص عليها فيها والتى تصدر ففي شأن تقدير درجات العجز الكلى أو الجزئى التى يستحق عنها معاش أو تأمين أو تأمين إضافى أو تعويض ففي حالات العجز المنصوص عليها ففي المواد 29 و30 و31 و53 و54 و63 و65 و67 و74 من القرار بقانون المذكور ، كما أن المادة 117 منه عزلت الجهات القضائية كافة من النظر ففي دعاوى التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة أحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون عند ما تكون الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الخدمة أو العمليات الحربية ، أو إحدى الحالات المنصوص عليها ففي المادة 31 من هذا القرار بقانون وكلا النصين يخالفان المادة 68 من الدستور التى تكفل حق التقاضى للناس كافة وتخول كل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى وتحظر النص ففي القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء .

ومن حيث إن الحكومة دفعت الدعوى بأن ما أوجبته المادة 60 من الدستور على كل مواطن من صيانة أسرار الدولة يقيد من إطلاق المادة 68 من الدستور فيما نصت عليه من كفالة حق التقاضى للناس كافة وحظر النص ففي القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، لأن من شأن عرض منازعات التأمين والمعاشات والتعويض المترتبة على الإصابة أو الوفاة بسبب الخدمة العسكرية أو العمليات الحربية على القضاء تعريض الأسرار العسكرية لخطر الإفشاء والتسرب ، وقد كان ذلك ففي تقدير المشرع عند ما أصدر القانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضى ففي بعض القوانين القائمة إذ لم يتضمن القانون المذكور نصاً يقضى بإلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 69 والمادة 117 من القرار بقانون رقم 116 لسنة 1964 المشار إليه .
ومن حيث إن المادة 69 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 معدلة بالقانون رقم 90 لسنة 1968 تنص على أن " تقدر درجات العجز الكلى أو الجزئى التى يستحق عنها معاش أو تأمين أو تأمين إضافى أو تعويض ففي حالات العجز المنصوص عليها ففي المواد 29 و30 و31 و53 و54 و63 و65 و67 و74 لجنة مشكلة على الوجه الآتى :
( أ ) مدير إدارة شئون الضباط للقوات المسلحة أو نائبه بالنسبة للضباط أو مدير السجلات العسكرية المختصة أو من ينوب عنه بالنسبة لباقى العسكريين أو مدير إدارة شئون العاملين المدنيين أو من ينوب عنه بالنسبة للعاملين المدنيين بالقوات المسلحة
( ب) مندوب من إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة .
( ج) مندوب من هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة .
( د ) مندوب من شعبة التنظيم والإدارة المختصة .
( ه ) طبيبان من إدارة الخدمات الطبية المختصة لم يسبق لهما إبداء الرأى ففي الحالة المعروضة على أن يكون أحدهما أخصائياً فيها .
هذا ولا يجوز أن تعرض على هذه اللجنة إلا الحالات التى استقرت ولمرة واحدة وتصدر اللجنة قرارها بعد فحص تقرير المجلس الطبى العسكرى المختص والإطلاع على نتيجة التحقيق العسكرى إن وجد ويتضمن قرار اللجنة تقدير درجات العجز وما إذا كان هذا العجز نهائياً أم قابلاً للشفاء .

ولا يصبح قرار اللجنة نافذاً إلا بعد تصديق رئيس أركان حرب القوات المسلحة بالنسبة لحالات الضباط ورئيس هيئة أو شعبة التنظيم والإدارة المختصة بالنسبة لحالات باقى العسكريين ورئيس هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة بالنسبة للعاملين المدنيين .
وتعتبر قرارات اللجنة نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأى من طرق الطعن " .
وتنص المادة 117 المشار إليها معدلة بالقانون رقم 90 لسنة 1968 على أنه " لا يجوز لكافة الجهات القضائية النظر ففي دعاوى التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة لأحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون عند ما تكون الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الخدمة أو العمليات الحربية أو بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 31 من القانون".
ومن حيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن " التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي....، ويحظر النص في القوانين علىتحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" ويستفاد من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري ضد رقابة القضاء، وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل في عموم المبدأ الأول الذي يقرر حق التقاضي للناس كافة وذلك توكيداً للرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسما لما ثار في خلاف في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في هذه القرارات والأعمال، وقد ردد هذا النص ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد، وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم إلا بقيام حق التقاضي باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها ورد العدوان عليها، كما أن حرمان طائفة معينة من هذا الحق – مع تحقق مناطه- وهو قيام المنازعة في حق من حقوق أفرادها يتنافى مع مبدأ المساواة الذي كفلته هذه الدساتير، إذ تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة (المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958 والمادة 24 من دستور سنة 1964) كما ردد الدستور القائم هذا النص في المادة 40 منه ولما كان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة فيها فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.

ومن حيث إن تشكيل اللجنة على النحو المبين بالمادة 69 من القرار بقانون رقم 116 لسنة 1964 هو تشكيل إداري بحت يقوم على عناصر إدارية وقد ناط بها المشرع تقدير درجات العجز الكلي أو الجزئي التي يستحق عنها معاش , أو تأمين أو تأمين إضافي أو تعويض للخاضعين لأحكام القانون رقم 116 لسنة 1964 ، وهي أعمال بطبيعتها من صميم الأعمال الإدارية التي تجريها الإدارة في إشرافها على المرافق العامة تنفيذاً لأحكام القانون، وقرارات اللجنة بشأنها لا تكون نفاذة بذاتها، بل يتعين لنفاذها تصديق الجهات الإدارية الرئاسية عليها على النحو المبين بالمادة 69 المتقدم ذكرها لذلك فإن ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة من اعتبار قرارات هذه اللجنة نهائية لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن، هو تحصين لقراراتها ضد رقابة القضاء رغم أنها لجنة إدارية وقراراتها قرارات إدارية وقد حظر الدستور في المادة 68 منه تحصينها ضد هذه الرقابة ، كما أن ما تنص عليه المادة 117 من القرار بقانون المتقدم ذكره من حظر التقاضي في منازعات التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة أحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون عند ما تكون الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الخدمة أو العمليات الحربية أو إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 31 من القانون ينطوي على عزل جهات القضاء عن نظر هذه المنازعات، ومن ثم فإن كلا النصين المشار إليهما ينطويان على مصادرة لحق التقاضي فضلاً عن إهدار مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق العامة مما يخالف المادتين 40 و 68 من الدستور وكذلك الدساتير السابقة على النحو المتقدم.
ومن حيث إن دفاع الحكومة مردود:
أولاً: بأنه  لا وجه للقول بأن نص المادة 60  من الدستور يقيد من إطلاق المادة 68 منه فيما نصت عليه من كفالة حق التقاضي، ذلك أن المادة 60 المشار إليها وردت في الباب الثالث من الدستور الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة وقد نصت على أن الحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانة أسرار الدولة واجب على كل مواطن وذلك صوناً لأمنها وسلامتها في الداخل والخارج وهذا الواجب لا يتعارض مع ولاية القضاء واختصاصه بالفصل في المنازعات المتعلقة بتلك الأسرار ما دامت هذه المنازعات تخرج عن نطاق أعمال السيادة ، وقد كفل الدستور والقانون صيانة هذه الأسرار والحفاظ عليها إذا ما عرضت تلك المنازعات على القضاء ، فأجاز الدستور وقانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإجراءات الجنائية وقانون السلطة القضائية نظر الدعاوى التي تتصل بهذه الأسرار في جلسات سرية متى اقتضى ذلك النظام العام وذلك استثناء من مبدأ علانية الجلسات (المادة 169 من الدستور والمادة 101 من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 18 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972)يؤيد هذا النظر أن المشرع قد ناط بالقضاء حماية أسرار الدولة وذلك بتوقيع عقوبات رادعة على من يفشيها ( المواد 80، 80أ، 80ب، 80 و، 85 من قانون العقوبات) مما يكفل أقوى ضمان لاحترام المبدأ المقرر في المادة 60 من الدستور.

ثانياً: إن إغفال القانون رقم 11 لسنة 1972 " بإلغاء موانع التقاضي في بعض القوانين " النص على إلغاء مانع التقاضي المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 69 وفي المادة 117 المتقدم ذكرهما لا ينهض دليلاً على مطابقة أحكامهما للدستور، ذلك أن المناط في تقرير دستورية التشريع أو عدم دستوريته عند إعمال الرقابة القضائية هو مدى اتفاق التشريع أو مخالفته لأحكام القانون الأسمى وهو الدستور، وأن القانون رقم 11 لسنة 1972 المشار إليه، كما يبين من عنوانه ، لم يتناول بالإلغاء كافة موانع التقاضي بل اقتصر على إلغاء بعضها تاركاً للمشرع سن قوانين أخرى لإلغاء ما قد يرى أنه مانع للتقاضي في أي نص آخر ويؤيد هذا النظر المذكرة الإيضاحية للقانون حيث تقول ففي هذا الصدد " ولا يحول هذا الاقتراح بمشروع قانون دون النظر في إصدار قوانين أخرى لإزالة ما قد يرى أنه مانع للتقاضي في أي نص آخر" ، كما يؤيده إغفال المشرع عمداً التعرض للقوانين المنظمة لطوائف العاملين الذين تنظم قواعد تعيينهم وترقياتهم وتأديبهم قوانين خاصة تاركاً التحقق من توافر الضمانات في الهيئات المشكلة للفصل في منازعاتهم للقوانين الخاصة بهم عند إعادة النظر فيها، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية عن هذا المعنى حيث تقول" كما يلاحظ أن هناك قوانين خاصة ، مثل رجال الهيئات القضائية وضباط القوات المسلحة وضباط الشرطة وقد عهدت هذه القوانين إلى هذه الهيئات نفسها بالفصل فيما يطرحه عليها أعضاؤها من منازعات تقديراً لطبيعة وظائفهم، وقد رأى المشروع المقترح أن يدع التحقق من توافر الضمانات في الهيئات المشكلة للفصل في هذه المنازعات للقوانين الخاصة بهم عند إعادة النظر فيها" . ومقتضى ذلك أن تضمين القانون المنظم لطائفة من هؤلاء العاملين النص على منع التقاضي بالنسبة إلى منازعاتهم دون أن يعهد بهذه المنازعات إلى هيئة قضائية توافر فيها كافة ضمانات التقاضي يكون مخالفاً للدستور.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الفقرة الأخيرة من المادة 69 والمادة 117 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116 لسنة 1964 والقوانين المعدلة ينطويان على مخالفة الدستور ومن ثم يتعين الحكم بعدم دستوريتهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً: بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 69 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم116 لسنة 1964 بشأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة والقوانين المعدلة فيما نصت عليه من اعتبار قرارات اللجنة المنصوص عليها في المادة المذكورة نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
ثانيا: بعدم دستورية المادة 117 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 116لسنة 1964 المشار إليه.
مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق