الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 يناير 2015

طعن 139 لسنة 32 ق جلسة 17/ 5 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس عمر بخيت العوض والمستشاران شهاب عبد الرحمن الحمادي ومحمد محرم محمد .
1- العبرة في المحاكمات الجزائية هي اقتناع قاضي الموضوع بناء على الادلة المطروحة عليه بادانة المتهم او ببراءته.
2- سلطة محكمة الموضوع في الاخذ بالاعتراف في المسائل الجنائية كونه من عناصر الاستدلال شرط اطمئنانها لصدقه ومطابقته للحقيقة والواقع.
3- عدم اشتراط كون التقليد متقنا في جريمة تقليد العملة الورقية بل كفاية التشابه بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة لقبولها في التعامل والعبرة في ذلك بمسلك الرجل المعتاد.
4- الجنون او العاهة في العقل المترتب عليها الاعفاء من المسؤولية هو المفقد الجاني وقت ارتكابه الجريمة الشعور او الاختيار سندا للمادة 60 عقوبات.
5- اعفاء الجاني من العقوبة في حال ابلاغه السلطات ومساعدتها في القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة اخرى مماثلة لها في النوع والخطورة سندا للمادة 210 عقوبات.
6- الجرائم المسندة الى المتهم من تقليد عملة ورقية وترويجها هي وليدة تصرف اجرامي واحد ومرتبطة بشكل غير قابل للتجزئة وبالتالي اعتبارها جريمة واحدة والحكم بعقوبة الجريمة الاشد بينها سندا للمادة 88 عقوبات.
7- الحكم بوقف تنفيذ العقوبة نظرا لظروف المتهمين وكونهم في مقتبل العمر وفي سن المراهقة وكونهم طلابا في المدارس اضافة الى سلامة ماضيهم هو قضاء سائغ.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) اعتراف . إثبات . استدلال . حكم . محكمة الموضوع .
العبرة في المحاكمات الجنائية اقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته .
- الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير قيمتها في الإثبات لها الأخذ به شرط الاطمئنان لصدقه ومطابقته للحقيقة والواقع .
( 2 ) أمن دولة . تقليد . تزييف . جريمة .
جريمة تقليد العملة الورقية لا يشترط أن يكون التقليد متقناً . كفاية التشابه بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة لتكون مقبولة في التعامل . العبرة في هذا بمسلك الرجل المعتاد .
( 3 ) أسباب الإباحة وموانع العقاب . مسئولية جنائية . قصد جنائي . عاهة عقلية . خبرة .
الجنون أو العاهة في العقل الذي يترتب عليه الإعفاء من المسئولية ماهيتها الذي يجعل الجاني وقت ارتكابه للجريمة فاقد الشعور أو الاختيار م 60 عقوبات .
مثال : لادعاء المتهم لعدم توافر القصد الجنائي لديه لعدم إدراكه لأفعاله بينما ورد بتقرير الطبيب الشرعي أنه كان مدركاً لفعله وقت الجريمة وأن مرضه لا يجعله ذو عاهة عقلية .
( 4 ) عقوبة . أسباب الإباحة وموانع العقاب . مسئولية جنائية . ترويج .
تحقق موجبات الإعفاء من العقوبة شرطه أن يكون إبلاغ الجاني هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة . م 210 عقوبات . مثال : لم يتحقق فيه موجبات الإعفاء من العقوبة في جريمة ترويج عملة ورقية مقلدة .
( 5 ) ارتباط . تقليد . ترويج . عقوبة .
الجرائم المسندة للمتهم الأول – تقليد عملة ورقية وترويجها – وقعت وليدة تصرف إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة مؤداه اعتبارها جريمة واحدة والحكم بعقوبة الجريمة الأشد م 88 عقوبات .
( 6 ) عقوبة . محكمة الموضوع . أحداث . أعذار مخففة .
ظروف المتهمين في مقتبل العمر وسن المراهقة . وكونهم طلاب في المدارس ولسلامة ماضيهم مؤداه الحكم بوقف تنفيذ العقوبة . مواد 83 ، 96 ، 97 عقوبات .
1 - أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ، كما أن من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية هو من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير قيمتها في الإثبات ، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع حتى لو عدل عنه المتهم .
لما كان ذلك وكان الثابت من استقراء وقائع الدعوى على نحو ما تقدم أن المتهم الأول اعترف بقيامه بتقليد العملة الورقية المضبوطة بواسطة آلة تصوير وبعد ذلك عرضها على باقي المتهمين باعتبارهم زملائه في المدرسة واخبرهم عن كيفية اصطناعها ، وقد لاقت فكرة المتهم الثاني بترويجها قبولاً لديهم ثم توجهوا مجتمعين بسيارته إلى محل البقالة وقدم له هذا الأخير – أي المتهم الثاني – العملة الورقية المضبوطة بعد إن طلب منه إحضار زجاجات مياه غازية ومبلغ ستة وتسعون درهماً المتبقى من ثمن الشراء ثم غادروا المكان وتقاسموا هذا المبلغ فما بينهم بالتساوي ، كما اعترف المتهمون الثاني والثالث والرابع بما لا يخرج في مضمونه عما قرره المتهم إلى صحة اعترافاتهم على أنفسهم وعلى بعضهم البعض لكونها جاءت صحيحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض دالة بذاتها على وقوع الجريمة وبما يتفق مع تصوير الواقعة التي جرت على أقوال شاهد الإثبات – عامل محل البقالة – وبما أثبته تقرير المختبر الجنائي من أن العملة الورقية المضبوطة مزيفة ومن ثم فقد ثبت في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أن المتهمين قد اتفقوا بمحض إرادتهم على ترويج العملة المزيفة المضبوطة بعد أن قلدها المتهم الأول واخبرهم بها حتى قبلها الشاهد على أنها صحيحة واستوفى منها ثمن المشروبات وأعاد لهم الباقي ، وهو ما يجعلهم فاعلين أصلين في جريمة الترويج المسندة إليهم وقد توافرت العناصر القانونية المكونة لها .
2 - من المقرر انه لا يشترط لقيام جريمة تقليد العملة الورقية أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به حتى المدقق بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبوله في التعامل وهو ما تحقق في واقعة الدعوى من قبول الشاهد الورقة المزورة على أنها صحيحة بدليل انه استوفى منها ثمن المشروبات وأعاد الباقي إلى المتهمين ولم ينكشف حصول الزيف منها الا بعد مغادرتهم مكان الجريمة ولو كان التزييف مفضوحا ظاهراً بمجرد النظر إلى العملة لما تقبلها في التعامل ، والعبرة في هذا بمسلك الرجل المعتاد ولا سيمّا أن تقرير المختبر الجنائي قد اثبت أن الورقة المالية المزيفة محل الجريمة من الممكن أن تجوز على الشخص العادي .
3 - الجنون أو العاهة في العقل اللذان أشارت إليهما المادة 60 من قانون العقوبات الاتحادي ورتبت عليهما الإعفاء من المسئولية هما اللذان يجعلان الجاني وقت ارتكاب الجريمة فاقداً للشعور أو الاختيار فيما يقع منه من أفعال وهو ما لم يتوافر في جانب المتهم الأول حسبما قرره الطبيب الشرعي في تقريره المكتوب وأقواله في تحقيقات النيابة من أن المتهم الأول كان مدركاً لفعله وقت الجريمة وان المرض المصاب به لا يجعله ذو عاهة عقلية .
4 - القانون اشترط لتحقق موجبات الإعفاء المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 210 سالفة البيان أن يكون إبلاغ الجاني هو الذي مكّن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة ، فموضوع الإبلاغ في هذه الحالة يتجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى المعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على المتهمين ، فان كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء . وإذ كان الثابت من الشاكي هو الذي أبلغ عن المتهمين جميعهم بما وقع منهم حتى تم القبض عليهم ومن ثم فان اعتراف كل منهم على الآخر في معرض أقوالهم في محضر الضبط وتحقيقات النيابة تحقيقاً لأوجه دفاعهم ليس هو الذي مكن الشرطة من ضبطهم بل إن أمرهم قد تكشف على أثر إبلاغ الشاهد عنهم باعتبارهم كانوا متواجدين سويا في مكان وقوع الجريمة ، وأن إقرارهم السالف البيان لم يضف جديداً إلى المعلومات السابقة عليه والتي أدلى بها تفصيلاً ذلك الشاهد المذكور من شأنه تمكين السلطات من القبض على كل منهم حتى يتحقق بذلك مناط الإعفاء الوارد في المادة سالفة الذكر .
5 - لما كانت الجرائم المسندة إلى المتهم الأول قد وقعت وليدة تصرف إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة ومن ثم وجب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد وذلك إعمالاً لنص المادة 88 من قانون العقوبات الاتحادي .
6 - لما كانت المحكمة ترى من الظروف الشخصية للمتهمين أنهم لا زالوا في مقتبل العمر وسن المراهقة ولا سيّما إن المتهم الأول مصاب بمرض الصرع يتلقى له علاجاً منذ عام 1993 بما يجعل قدراته العقلية أدنى من الطبيعي ولا يقدر معها عاقبة الأمور لفعله ، كما أن المتهم الرابع حسبما قرره مركز التأهيل الطبي ذو شخصية بسيطة متوازنة ولا يبدو عليها العدوان أو الأجرام بالإضافة إلى إنهم طلاب في المدارس دفعهم الطيش والتهور إلى الإقبال على الجريمة كل ذلك مما يستخلص منه أن في الظروف التي ارتكب بها هؤلاء الجريمة ما يبعث على الاعتقاد إنهم لن يعودوا إلى ارتكاب جريمة أخرى ولا سيما أن الأوراق خلت من وجود أي سوابق إجرامية لهم بما يدل سلامة ما ضيهم . وإذ كان ذلك فان المحكمة أراء حداثة سن المتهمين الأول والثاني والثالث تنزل بعقوبة السجن إلى الحبس لمدة ستة أشهر مع شمول هذه العقوبة – أي الحبس - بوقف التنفيذ وذلك إعمالاً لنص المادتين 96 ، 97 وعملاً بالرخصة الممنوحة لها بمقتضى المادة 83 من قانون العقوبات الاتحادي .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة التقرير وبعد المداولة .
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الواقعة حسبما قرره المدعو / ....... من أن المتهمين حضروا إلى محل البقالة الذي يعمل فيه مستقلين سيارة بيضاء اللون وطلب منه المتهم الثاني / ...... أربعة زجاجات مياه غازية ومبلغ ستة وتسعون درهماً باقي المائة درهم وبعد أن سلمه المشتريات والباقي وتسلم منه العملة الورقية فئة المائة درهم تبين له أنها مزيفة ، فطلب منه الانتظار الا أنه تحرك بسيارته مسرعا ثم أبلغ الشرطة ، وأضاف أن العملة واضحة الزيف من خلال شكلها وملمسها ، وبسؤال المتهم الأول /....... في محضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة اعترف بأنه استخدم آلة طابعة لديه في تصوير عملة ورقية فئة المائة درهم صحيحة من الجهتين وبعد ذلك عرض تلك الورقة المالية المقلدة على المتهمين الثلاثة باعتبارهم زملائه بالمدرسة واخبرهم عن كيفية اصطناعها ثم عرض عليهم المتهم الثاني فكرة ترويجها وبعد تردد وافق جميعهم على ذلك وذهبوا سوياً مستقلين سيارته إلى محل البقالة وقدم المتهم الثاني للشاهد المذكور أعلاه العملة الورقية المضبوطة بعد أن طلب منه إحضار أربعة زجاجات مياه غازية وستة وتسعون درهماً تقاسموها بينهم بعد أن غادروا المكان ، وبسؤال المتهمين الثاني والثالث والرابع لم تخرج أقوالهم في مضمونها عما أدلى به المتهم الأول .
- وقد أورى تقرير المختبر الجنائي أن الورقة المالية رقم ( 123051616 ) فئة المائة درهم إماراتي والمنسوب صدورها إلى المصرف المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة هي ورقة مزيفة بأسلوب المسح الضوئي الملون تقليداً لورقة مالية صحيحة مناظرة وأنها من الممكن أن تجوز على الشخص العادي .
_ كما أن تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ 13/4 / 2004 أن المتهم الأول / ......... يعاني من الصدع ويتناول علاجاً له بمستشفى المفرق منذ عام 1993 وأن هذا المرض من الأمراض العصبية يكون خلالها المريض فاقداً للوعي تماماً وبحسب الثابت علمياً فان النوبات التشنجية التي يتميز بها هذا المرض قد يعقبها فترات من قلة التركيز والإدراك ، وإنه بالنظر لحالة المتهم العقلية فانه يعاني من تدني في قدراته العقلية الأمر الذي يؤثر على التركيز والانتباه وتمييز وتقدير عواقب الأفعال والأقوال بالشكل المناسب والصحيح .
- كما ورد تقرير اجتماعي صادر عن مركز أبوظبي للتأهيل الطبي مؤرخ 3/4 / 2004 تضمن حالة المتهم الرابع / بندلي ناصر شاه وتوصيات المركز بشأنها .
وإذا سئل الطبيب الشرعي في تحقيقات النيابة قرر بأن المتهم الأول كان مدركاً لفعله وقت ارتكاب الجريمة وأن ما أورده في تقريره من أنه يعاني من تدني في قدراته العقلية كان مقصوداً به انه غير مقدر لعواقب فعله كأثر ناتج عن أن قدرته العقلية أقل من الطبيعي وبالتالي فلا يمنح لنفسه فرصة للتفكير في عاقبة الفعل ونتائجه إلا إن هذا الأمر لا يؤدي به إلى الإضرار بالغير أو الإخلال بالأمن لأنه مدرك لما يقع منه من أفعال وقادراً على تميزها .
- وقد أسندت النيابة العامة إلى المتهمين أنهم في يوم 1/3 / 2004 وبتاريخ سابق عليه بدائرة العين :-
المتهم الأول :-
1 / قلد عملة ورقية متداولة قانوناً في الدولة [ فئة المائة درهم رقم 23051616 ] بأن اصطنعها بأسلوب المسح الضوئي الملون تقليداً للعملة الورقية الصحيحة المناظرة لذات الفئة والطبعة الصادرة عن المصرف المركزي للدولة .
2 / حصل على الطابعة المبينة وصفا بالأوراق واستعملها في تقليد العملة الورقية المبينة بالوصف الأول .
المتهمون جميعاً :-
روّجوا العملة الورقية المقلدة سالفة الذكر بأن طرحوها للتداول على أنها صحيحة مع علمهم بتقليدها .
وطلبت معاقبتهم بالمواد 204/1 ، 205 ، 209 من قانون العقوبات الإتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمواد 1 ، 8 ، 9 ، 10 ، 15 من القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 1976 في شأن الأحداث الجانحين والمشردين .
- وبجلسة المرافعة مثل المتهمون وقدم الحاضر معهم مذكرة بدفاعهم طلب في ختامها الحكم ببراءتهم مما اسند إليهم تأسيسا على انتقاء نية ترويج العملة الورقية المضبوطة في مسلكهم وأن القصد من اصطناع هذه الورقة هو تجريب آلة التصوير بعد استعادتها من التصليح ثم استعمالها بقصد المزاح فيما بين المتهمين بالإضافة إلى أن حالة المتهم الأول حسبما أثبته تقرير الطبيب الشرعي تنفي لديه القصد الجنائي بتقليد العملة لترويجها وأدل على ذلك موافقته على إجابة طلب المتهم الثاني بترويجها دون أن يكون مدركاً لعاقبة هذا الفعل ، كما أن الركن المادي لجريمة الترويج غير متوافر لأن العملة المضبوطة لم تجز على أي شخص بمجرد مناظرتها وهو ما قرره الشاهد من انه لاحظ زيف العملة عند تسلمها من المتهم الثاني طالباً منه الانتظار ، ثم طلب محامي المتهمين إعفائهم من العقاب – حال إدانتهم – لأن كلاً منهم قد اعترف على الآخر مما أدى إلى ضبطهم جميعاً وذلك اعمالاً لنص المادة 210 من قانون العقوبات سالف الذكر . وحيث أن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم .
وحيث أن من المقرر قانوناً أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ،
كما أن من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية هو من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير قيمتها في الإثبات ، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع حتى لو عدل عنه المتهم .
لما كان ذلك وكان الثابت من استقراء وقائع الدعوى على نحو ما تقدم إن المتهم الأول اعترف بقيامه بتقليد العملة الورقية المضبوطة بواسطة آلة تصوير وبعد ذلك عرضها على باقي المتهمين باعتبارهم زملائه في المدرسة واخبرهم عن كيفية اصطناعها ، وقد لاقت فكرة المتهم الثاني بترويجها قبولاً لديهم ثم توجهوا مجتمعين بسيارته إلى محل البقالة وقدم له هذا الأخير – أي المتهم الثاني – العملة الورقية المضبوطة بعد أن طلب منه إحضار زجاجات مياه غازية ومبلغ ستة وتسعون درهماً المتبقى من ثم الشراء ثم غادروا المكان وتقاسموا هذا المبلغ فما بينهم بالتساوي ، كما اعترف المتهمون الثاني والثالث والرابع بما لا يخرج في مضمونه عما قرره المتهم إلى صحة اعترافاتهم على أنفسهم وعلى بعضهم البعض لكونها جاءت صحيحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض دالة بذاتها على وقوع الجريمة وبما يتفق مع تصوير الواقعة التي جرت على أقوال شاهد بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التعامل وهو ما تحقق في واقعة الدعوى من قبول الشاهد الورقة المزورة على أنها صحيحة بدليل الإثبات – عامل محل البقالة – وبما أثبته تقرير المختبر الجنائي من أن العملة الورقية المضبوطة مزيفة ومن ثم فقد ثبت في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أن المتهمين قد اتفقوا بمحض إرادتهم على ترويج العملة المزيفة المضبوطة بعد أن قلدها المتهم الأول واخبرهم بها حتى قبلها الشاهد على أنها صحيحة واستوفى منها ثمن المشروبات وأعاد لهم الباقي ، وهو ما يجعلهم فاعلين أصلين في جريمة الترويج المسندة إليهم وقد توافرت العناصر القانونية المكونة لها ،
ولا يجدي الدفاع التذرع بالقول أن العملة المضبوطة بين زيفها بما لا يمكن أن ينخدع بها الغير
ذلك أن من المقرر انه لا يشترط لقيام جريمة تقليد العملة الورقية أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به حتى المدقق انه استوفى منها ثمن المشروبات وأعاد الباقي إلى المتهمين ولم ينكشف حصول الزيف منها الا بعد مغادرتهم مكان الجريمة ولو كان التزييف مفضوحا ظاهراً بمجرد النظر إلى العملة لما تقبلها في التعامل ، والعبرة في هذا بمسلك الرجل المعتاد ولا سيمّا أن تقرير المختبر الجنائي قد اثبت إن الورقة المالية المزيفة محل الجريمة من الممكن أن تجوز على الشخص العادي .
ولم يثبت في الأوراق خلاف ذلك على النحو الذي جرى عليه دفاع المتهمين ، كما لا وجه لما يتمسك به الدفاع من أن المتهم الأول غير مدرك لأفعاله توصلاً إلى انتفاء القصد الجنائي لديه ذلك
أن الجنون أو العاهة في العقل اللذان أشارت إليهما المادة 60 من قانون العقوبات الاتحادي ورتبت عليهما الإعفاء من المسئولية هما اللذان يجعلان الجاني وقت ارتكاب الجريمة فاقداً للشعور أو الاختيار فيما يقع منه من أفعال وهو ما لم يتوافر في جانب المتهم الأول حسبما قرره الطبيب الشرعي في تقريره المكتوب وأقواله في تحقيقات النيابة من أن المتهم الأول كان مدركاً لفعله وقت الجريمة وان المرض المصاب به لا يجعله ذو عاهة عقليه ،
كما لا يجدي الدفاع التذرع بأعمال نص المادة 210 من قانون العقوبات سالف الذكر وذلك بإعفاء المتهمين من العقاب بمقولة أن اعتراف كل من المتهمين على آخر بدءاً بالمتهم الأول قد مكّن الشرطة من القبض عليهم بما يوجب إعفائهم من العقوبة ،
ذلك إن القانون اشترط لتحقق موجبات الإعفاء المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 210 سالفة البيان أن يكون إبلاغ الجاني هو الذي مكّن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة ، فموضوع الإبلاغ في هذه الحالة يتجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى المعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على المتهمين ، فان كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء . وإذ كان الثابت من الشاكي هو الذي أبلغ عن المتهمين جميعهم بما وقع منهم حتى تم القبض عليهم ومن ثم فان اعتراف كل منهم على الآخر في معرض أقوالهم في محضر الضبط وتحقيقات النيابة تحقيقاً لأوجه دفاعهم ليس هو الذي مكن الشرطة من ضبطهم بل إن أمرهم قد تكشف على أثر إبلاغ الشاهد عنهم باعتبارهم كانوا متواجدين سويا في مكان وقوع الجريمة ، وأن إقرارهم السالف البيان لم يضف جديداً إلى المعلومات السابقة عليه والتي أدلى بها تفصيلاً ذلك الشاهد المذكور من شأنه تمكين السلطات من القبض على كل منهم حتى يتحقق بذلك مناط الإعفاء الوارد في المادة سالفة الذكر .
وحيث أنه متى كان ما تقدم وقد ثبتت الجرائم المسندة إلى المتهمين ثبوتاً كافياً مستمداً من اعترافهم على أنفسهم وعلى بعضهم بعضاً ومما قرره شاهد الإثبات ومما أوراه تقرير المختبر الجنائي الأمر الذي يتعين معه القضاء بإدانتهم ومعاقبتهم عنها طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية .
وحيث إن الجرائم المسندة إلى المتهم الأول قد وقعت وليدة تصرف أجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة ومن ثم وجب إعتبار ها جريمة واحدة والحكم بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد وذلك إعمالاً لنص المادة 88 من قانون العقوبات الاتحادي .
وحيث إن المحكمة ترى من الظروف الشخصية للمتهمين أنهم لا زالوا في مقتبل العمر وسن المراهقة ولا سيّما إن المتهم الاول مصاب بمرض الصرع يتلقى له علاجاً منذ عام 1993 بما يجعل قدراته العقلية أدنى من الطبيعي ولا يقدر معها عاقبة الأمور لفعله ، كما أن المتهم الرابع حسبما قرره مركز التأهيل الطبي ذو شخصية بسيطة متوازنة ولا يبدو عليها العدوان أو الأجرام بالاضافة الى انهم طلاب في المدارس دفعهم الطيش والتهور الى الاقبال على الجريمة كل ذلك مما يستخلص منه أن في الظروف التي ارتكب بها هؤلاء الجريمة ما يبعث على الاعتقاد انهم لن يعودوا الى ارتكاب جريمة أخرى ولا سيما ان الأوراق خلت من وجود أي سوابق إجرامية لهم بما يدل سلامة ما ضيهم . وإذ كان ذلك فان المحكمة أراء حداثة سن المتهمين الأول والثاني والثالث تنزل بعقوبة السجن الى الحبس لمدة ستة أشهر مع شمول هذه العقوبة – أي الحبس - بوقف التنفيذ وذلك إعمالاً لنص المادتين 96 ، 97 وعملاً بالرخصة الممنوحة لها بمقتضى المادة 83 من قانون العقوبات الاتحادي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق