الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 يناير 2015

الطعن 89916 لسنة 75 ق جلسة 19/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 118 ص 987

جلسة 19 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / طه سيد قاسم ، فؤاد حسن ، محمد سامي إبراهيم ومحمد مصطفى أحمد العكازي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(118)
الطعن 89916 لسنة 75 ق
(1) طفل . قانون " تفسيره " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . محكمة الطفل " اختصاصها " .
محكمة الأحداث هي المختصة دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في الجرائم كافة . حد ذلك ؟ المادة 122/1 من القانون 12 لسنة 1996 بشأن الطفل .
مثال .
(2) طفل . إثبات " خبرة " . محكمة الطفل " الإجراءات أمامها " . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها ". محكمة أمن الدولة.
وجوب حضور خبيرين من الأخصائيين الاجتماعيين أحدهما من النساء على الأقل بمحكمة الأحداث وعليهما تقديم تقرير لها عن حالة الطفل . حضورهما أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا . غير لازم . لها الاستعانة بمن تراه لبحث ظروف الطفل . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح في الأوراق.
(5) إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له . لا ينال من سلامة أقواله .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم . لا يعيبه .
مثال .
(7) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . مواد مخدرة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم .
اقتصار التعديل على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة إحراز مواد مخدرة . لا يقتضي تنبيه الدفاع . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر بنص المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 التي وقعت الجريمة في ظله أنه وإن كان الأصل عملاً بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف ، كما تختص بالجرائم المنصوص عليها في المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من القانون المار ذكره ، إلا أن الفقرة الثانية للمادة 122 من قانون الطفل نصت على أن يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنه خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من صورة تحقيق شخصية الطاعن الثاني الحدث ، التي طويت عليها المفردات المضمومة ، أن عمره أكثر من خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة وأنه قدم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة إحراز جوهر مخدر ومعه في هذه التهمة آخران بالغان . فإن محكمة الجنايات التي عاقبته هي المختصة في صحيح القانون بمحاكمته في هذه الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر قد أصاب صحيح القانون ، ويضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص غير سديد .
2 - من المقرر أن المادة 121 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ( المقابلة للمادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974 الملغي ) وإن أوجبت أن يعاون محكمة الأحداث خبيران من الأخصائيين إحداهما على الأقل من النساء يكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً ، وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، وذلك قبل أن تصدر محكمة الأحداث حكمها ، وأنه يتعين مرعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث مما يقطع بدخول الخبيرين في تشكيل أي من محكمتي أول وثاني درجة ، إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا ، وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه ، ولا يساغ القول في هذا الصدد أن المادة 127 من قانون الطفل وقد أوجبت على المحكمة في حالة التعرض للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الطفل أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً بحالته يوضح العوامل التي دفعت الطفل للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه ، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة . لا يجوز أن ينصرف حكم هذا النص على كل المحاكم بما فيها محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا ، لأن المشرع في نصوص محاكمة الحدث في المواد 121 ، 122 ، 123 ، 124 ، 126 إنما كان يخاطب محكمة الأحداث باسمها ، وكذلك فعل في المادتين 129 ، 132 مما يفيد أن نص المادة 127 موجه إلى محكمة الأحداث بحكم استصحاب المخاطب السابق على هذه المادة واللاحق عليها ، ولو أراد المشرع إعمال حكم المادة 127 أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لما أعوزه النص على ذلك صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 122 ، لكنه استثنى محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا من دور الباحث الاجتماعي ووجوب الاستماع إليه بعد وضعه تقريراً عن الحدث كما فعل من قبل عندما عهد بمهمة الباحث الاجتماعي للنيابة العسكرية عند محاكمة الحدث أمام المحاكم العسكرية ، والذي تقرر بالقانون رقم 72 لسنة 1975 ، وعندما عهد بمهمته أيضاً للنيابة العامة عند محاكمة الحدث أمام محكمة أمن الدولة العليا والذي تقرر بالقانون رقم 97 لسنة 1992 . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن الثاني الحدث لعدم استماع المحكمة لأقوال المراقب الاجتماعي بشأنه يفيد تمسكه بما توجبه المادة 127 من قانون الطفل عن دور المراقب الاجتماعي ووجوب استماع المحكمة له بشأن حالة الطفل . وكانت هذه المادة على السياق المتقدم لا تلتزم بها لا محكمة الجنايات ولا محكمة أمن الدولة العليا . وكان الطاعن لا يماري في أن للمحكمتين المذكورتين عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 122 أن تبحث بنفسها ظروف الطفل إذ لم تر الاستعانة بمن تراه من الخبراء ، وإذا لم تر محكمة الجنايات ندب خبير ففي ذلك ما يعني أنها وجدت من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيق ومرافعة ومن التقرير المقدم من الرقابة الاجتماعية في شأن هذا الطاعن ما يمكنها بحكم خبرتها من الإحاطة بظروف الطفل ، وإذ لم ينع الطاعن بأن ثمة ظروف أو اعتبارات غابت عن الأوراق ولم تحط بها محكمة الجنايات ولم يكشف عن ماهيتها للوقوف على جدواها ومدى الاعتبار بها في محاكمة الطفل فإن نعيه لمجرد عدم استماع المحكمة للمراقب الاجتماعي بشأن حالته يكون غير مقبول .
3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وأخذت بها وبما شهد به فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
4 - من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق .
5 - من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم على شهادة الضابط وحده ليس فيه ما يخالف القانون وينحل ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
6 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه فإنه لا يجدى الطاعنين ما يثيرانه ، بدعوى الخطأ في الإسناد بفرض صحته من خطأ الحكم فيما حصله من أقوال ضابط الواقعة شاهد الإثبات من أنه أبلغ من المصدر السري بأن الطاعنين والمتهم المقضي ببراءته يحرزون المواد المخدرة في حين أن أقوال هذا الشاهد تضمنت أنه أبلغ من مصدره السري بأن المتهم المقضي ببراءته وآخرين يحرزون المواد المخدرة . ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7 - من المقرر أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذا كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهي واقعة إحراز المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مراد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لديهما واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحرازهما للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : أحرزا بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر ( قمم وأزهار نبات القنب المجفف ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/ 1، 42 /1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 سنة 1989 ، والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، والمعدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 269 سنة 2002 . أولاً : بمعاقبة ...... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه . ثانياً : بمعاقبة ..... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه . ثالثاً : مصادرة الجوهر المخدر المضبوط . وذلك باعتبار أن الإحراز بغير قصد من القصود المسماة ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات .
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وران عليه البطلان ، وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن أسبابه خلت من تحديد الوثيقة التي استدل منها على تحديد سن الطاعن الثاني الحدث والذي له أثره الجوهري في تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى فضلاً عن صدور الحكم المطعون فيه دون استماع المحكمة لأقوال المراقب الاجتماعي بشأن حالته ، هذا إلى أن دفاع الطاعنين قام من بين ما قام عليه على عدم معقولية رواية الضابط وتصويره للواقعة وانفراده بالشهادة دون باقي أفراد القوة المرافقة له ، بيد أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع بغير مبرر سائغ ناسباً إلى ضابط الواقعة قولاً بأن المصدر السري أبلغه بأن الطاعنين والمتهم المقضي ببراءته يحرزان مواد مخدرة ، وذلك على خلاف ما قرره الضابط من أنه أبلغ بأن المتهم المقضي ببراءته وآخرين يحرزون مواد مخدرة . وأخيراً فإن المحكمة عدلت وصف التهمة من إحراز بقصد الاتجار إلى إحراز مجرد من القصود دون تنبيه الدفاع إلى ما أجرته من تعديل في وصف التهمة المسندة إلى الطاعنين ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بنص المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 التي وقعت الجريمة في ظله أنه وإن كان الأصل عملاً بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف كما تختص بالجرائم المنصوص عليها في المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من القانون المار ذكره ، إلا أن الفقرة الثانية للمادة 122 من قانون الطفل نصت على أن يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنة خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل ، واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من صورة تحقيق شخصية الطاعن الثاني الحدث التي طويت عليها المفردات المضمومة أن عمره أكثر من خمس عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة وأنه قدم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة إحراز جوهر مخدر ومعه في هذه التهمة آخران بالغان . فإن محكمة الجنايات التي عاقبته هي المختصة في صحيح القانون بمحاكمته في هذه الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 121 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ( المقابلة للمادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974 الملغي ) وإن أوجبت أن يعاون محكمة الأحداث خبيران من الأخصائيين ، إحداهما على الأقل من النساء يكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، وذلك قبل أن تصدر محكمة الأحداث حكمها ، وأنه يتعين مراعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث ، مما يقطع بدخول الخبيرين في تشكيل أي من محكمتي أول وثاني درجة إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه ، ولا يساغ القول في هذا الصدد أن المادة 127 من قانون الطفل وقد أوجبت على المحكمة في حالة التعرض للانحراف ، وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الطفل أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً بحالته يوضح العوامل التي دفعت الطفل للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه ، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة . لا يجوز أن ينصرف حكم هذا النص على كل المحاكم بما فيها محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لأن المشرع في نصوص محاكمة الحدث في المواد 121 ، 122 ، 123 ، 124 ، 126 إنما كان يخاطب محكمة الأحداث باسمها ، وكذلك فعل في المادتين 129 ، 132 مما يفيد أن نص المادة 127 موجه إلى محكمة الأحداث بحكم استصحاب المخاطب السابق على هذه المادة واللاحق عليها ، ولو أراد المشرع إعمال حكم المادة 127 أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لما أعوزه النص على ذلك صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 122 ، لكنه استثنى محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا من دور الباحث الاجتماعي ووجوب الاستماع إليه بعد وضعه تقريراً عن الحدث ، كما فعل من قبل عندما عهد بمهمة الباحث الاجتماعي للنيابة العسكرية عند محاكمة الحدث أمام المحاكم العسكرية والذي تقرر بالقانون رقم 72 لسنة 1975 ، وعندما عهد بمهمته أيضاً للنيابة العامة عند محاكمة الحدث أمام محكمة أمن الدولة العليا ، والذي تقرر بالقانون رقم 97 لسنة 1992. لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن الثاني الحدث لعدم استماع المحكمة لأقوال المراقب الاجتماعي بشأنه يفيد تمسكه بما توجبه المادة 127 من قانون الطفل عن دور المراقب الاجتماعي ووجوب استماع المحكمة له بشأن حالة الطفل . وكانت هذه المادة على السياق المتقدم لا تلتزم بها لا محكمة الجنايات ولا محكمة أمن الدولة العليا. وكان الطاعن لا يماري في أن للمحكمتين المذكورتين عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 122 أن تبحث بنفسها ظروف الطفل إذ لم تر الاستعانة بمن تراه من الخبراء ، وإذا لم تر محكمة الجنايات ندب خبير ففي ذلك ما يعني أنها وجدت من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيق ومرافعة ومن التقرير المقدم من الرقابة الاجتماعية في شأن هذا الطاعن ما يمكنها بحكم خبرتها من الإحاطة بظروف الطفل وإذ لم ينع الطاعن بأن ثمة ظروف أو اعتبارات غابت عن الأوراق ولم تحط بها محكمة الجنايات ولم يكشف عن ماهيتها للوقوف على جدواها ومدى الاعتبار بها في محاكمة الطفل فإن نعيه لمجرد عدم استماع المحكمة للمراقب الاجتماعي بشأن حالته يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وأخذت بها وبما شهد به فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق . كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى فإن تعويل الحكم على شهادة الضابط وحده ليس فيه ما يخالف القانون ، وينحل ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ، فإنه لا يجدى الطاعنين ما يثيرانه ، بدعوى الخطأ في الإسناد - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما حصله من أقوال ضابط الواقعة شاهد الإثبات من أنه أبلغ من المصدر السري بأن الطاعنين والمتهم المقضي ببراءته يحرزون المواد المخدرة ، في حين أن أقوال هذا الشاهد تضمنت أنه أبلغ من مصدره السري بأن المتهم المقضي ببراءته وآخرين يحرزون المواد المخدرة . ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذا كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهي واقعة إحراز المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مراد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لديهما واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحرازهما للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق