الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 10 أبريل 2013

متى تنتفي المصلحة في الطعن على جريمة ختان الاناث

قضية رقم 289 لسنة 31  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الثالث من شهر فبراير سنة 2013م، الموافق الثانى والعشرين من ربيع أول سنة 1434ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبدالسميع    أمين السر
 
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا
برقم 289 لسنة 31 قضائية  "دستورية"، المحالة من محكمة القضاء الإدارى
بحكمها الصادر بجلسة 16/12/2008 فى الدعوى رقم 13677 لسنة 61 ق
 
المقامة من
1 - السيد/ حامد صديق سيد مكى
2 – السيد/ محمد صلاح الدين محمد أحمد  متدخل انضمامياً وهجومياً
3 – السيد / عبد المجيد العنانى متدخل انضمامياً للمدعى
ضد
1 – السيد وزير الصحة     2 – السيد / مفتى الجمهورية
وفى الدعوى رقم 32850 لسنة 61 ق
المقامة من
السيد / يوسف صديق محمد البدرى
ضد
1 –  السيد وزير الصحة           
2 – السيد/ حمدى محمود السيد ، بصفته نقيب الأطباء ، خصم متدخل مع الجهة الإدارية
3 – السيد / خالد على عمر ، خصم متدخل مع الجهة الإدارية
 
"الإجراءات"
بتاريخ الثامن والعشرين من شهر ديسمبر سنة 2009، ورد إلى قلم الكتاب بالمحكمة الدستورية العليا، ملف الدعويين رقمى 13677 لسنة 61 قضائية، و32850 لسنة 61 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بجلستها المعقودة بتاريخ 16/12/2008، بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة (242 مكررًا) من قانون العقوبات، وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 بحظر ختان الإناث.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 15 يناير سنة 2013، تقدم المدعى الأول فى القضية رقم 13677 لسنة 61 قضائية المقامة أمام محكمة القضاء الإدارى، بمذكرة طلب فى ختامها الحكم ببطلان إجراءات تشكيل المحكمة الدستورية العليا، لعدم صدور قرار من رئيس الجمهورية بتعيين أعضائها، كما دفع بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق– تتحصل فى أن المدعى الأول كان قد أقام الدعوى رقم 13677 لسنة 61 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى، ضد كل من المدعى عليهما الأول والثانى طالبًا الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة الخاص بمنع ختان الإناث لمخالفته نصوص الدستور وأحكام الشريعة الإسلامية ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وما يترتب عليه من آثار.
وأقام المدعى دعواه على سند من أن قرار وزير الصحة السالف الذكر صدر دون سند مشروع، فضلاً عن مخالفته لأحكام الدستور والعادات والأعراف المستقرة، وأثناء تداول الدعوى تدخل المدعى الثانى والثالث منضمين إلى المدعى فى طلباته، وطلبوا وقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 126 لسنة 2008 فيما تضمنه من إضافة المادة (242 مكررًا) إلى قانون العقوبات التى جعلت من ختان الإناث جريمة يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة. كما أقام المدعى فى الدعوى رقم 32850 لسنة 61 قضائية دعواه ضد المدعى عليه الأول بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 السالف الذكر وفى الموضوع بإلغائه واعتباره كأن لم يكن بما يترتب على ذلك من آثار، ونعى المدعى على قرار وزير الصحة بحظر ختان الإناث مخالفته لأحكام الدستور والفتاوى الفقهية، وخلال نظر هذه الدعوى تدخل فيها المدعى عليهما الثانى والثالث انضمامًا للمدعى عليه الأول، وطلبا رفض الدعوى، وبعد أن قررت محكمة الموضوع ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بجلسة 16/12/2008 بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة (242 مكررًا) من قانون العقوبات وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 .
وحيث إنه عن طلب الحكم ببطلان إجراءات تشكيل المحكمة الدستورية لعدم صدور قرار من رئيس الجمهورية بتعيين أعضائها، فمردود بما تنص عليه المادة (233) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر فى ديسمبر سنة 2012، من أن: "تؤلف أول هيئة للمحكمة الدستورية العليا، عند العمل بهذا الدستور من رئيسها الحالى وأقدم عشرة من أعضائها، ويعود الأعضاء الباقون إلى أماكن عملهم التى كانوا يشغلونها قبل تعيينهم بالمحكمة"، بما مؤداه أن الدستور الجديد قد أبقى على تشكيل المحكمة الدستورية العليا والذى يتكون من رئيسها الحالى وأقدم عشرة أعضاء بها، أما ما زاد على هذا العدد فقد نص الدستور على إعادتهم إلى الأماكن التى كانوا يعملون بها قبل تعيينهم بالمحكمة، ومن ثم فلا حاجة لصدور قرار جديد من رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المحكمة والعشرة الأقدم من أعضائها ، لأنه من ناحية قد سبق تعيينهم بالمحكمة بالأداة ذاتها وهو قرار من رئيس الجمهورية ، ومن ناحية أخرى، فإنهم مستمرون فى عملهم إعمالاً للنص الدستورى الذى أبقى تشكيل المحكمة على النحو المتقدم .
وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، فمردود بأن قانون هذه المحكمة قد نظم إجراءات رفع الدعوى الدستورية وقصرها فى طريقين، الأول: الإحالة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى إذا تراءى لها أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع ، أو إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى ، وهذه الإجراءات تعد من النظام العام حتى ينتظم التداعى أمام المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فإن الدفع المذكور يعد من قبيل الدعوى المباشرة غير المقبولة .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أنه "لا يجوز قبول الدعوى الدستورية إلا بتوافر الشروط اللازمة لاتصالها بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، ويندرج تحتها شرط المصلحة التى حددتها المحكمة الدستورية العليا ، بأنها المصلحة الشخصية المباشرة، التى لا يكفى لتحققها أن يكون النص التشريعى المطعون عليه مخالفًا للدستور، بل يجب أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى- قد ألحق به ضررًا مباشرًا ، ومن ثم فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – إنما يتحدد على ضوء عنصرين أولين يحددان معًا مضمونها ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض لا ينفى تكاملهما ، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح ، وأولهما: أن يقيم المدعى- وفى حدود الصفة التى أختصم بها النص التشريعى المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به ، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلاً بعناصره، ممكناً إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية ، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهَّلاً بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية ، يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية ، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، فإن المصلحة الشخصية تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان حال رفعها .
متى كان ما تقدم ، وكان شرط المصلحة الشخصية المباشرة – محددًا على ما سلف - يتصل بالحق فى رفع الدعوى الدستورية ، ويرتبط بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية ، وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة ، وكان هذا الشرط يبلور فكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية ، منفصلاً دومًا عن مطابقة النص التشريعى المطعون عليه لأحكام الدستور أو مخالفته لها فكان لزامًا – تبعا لذلك- أن يكون للخصم الذى أقامها، مصلحة واضحة فى استخلاص الفائدة التى يتوقعها منها ، باعتبارها الترضية القضائية التى يرد بها عن الحقوق التى يدعيها مضار فعلية أصابتها أو تهددها من جراء إعمال النص التشريعى المطعون عليه ، وترتيبه لآثار قانونية بالنسبة إليه. ومرد ذلك أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة فى ذاتها ، وأنه أياً كان دورها أو أهميتها فى بناء النظام القانونى للدولة ودعم حرياته المنظمة ، فإن تقريرها تغيا دومًا توفير الحماية التى تقتضيها مواجهة الأضرار الناشئة عن الإخلال بها ، ولا يتصور – تبعا لذلك-  أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام ، ولا أن تكون نافذة يعرضون منها رؤاهم حول حقائق علمية يطرحونها ، بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها- التى كثيرًا ما تؤثر فى حياة الأفراد وحرماتهم وحرياتهم وأموالهم- بما يكفل فاعليتها. وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة ، فلا تُقبل عليها اندفاعًا، ولا تُعرض عنها تراخيًا. ولا تقتحم بممارستها حدودًا تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ولذا ينبغى أن تدور رقابتها وجودًا وعدمًا مع الأضرار التى تستقل بعناصرها ، ويكون ممكنًا إدراكها، ومن ثم كان شرط المصلحة- وتندمج فيه الصفة- من الشروط الجوهرية التى لا تُقبل الدعوى الدستورية فى غيبتها .
وحيث إن من المقرر أن التأكد من توافر المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية ، يكون بيد المحكمة الدستورية العليا وحدها ، وإليها دون غيرها يعود أمر التحقق من توافره ، وليس لجهة أخرى أن تفرض عليها مفهومًا معينًا لمضمون هذه المصلحة بعنصريها ، أو تنازعها ذلك ، أو تحل محلها فيه ، ومن ثم فإنه لا تلازم بين اتصال الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر شرط المصلحة فى الدعوى الدستورية ، فالأولى لا تغنى عن الثانية ، لذا فإن قضاء محكمة الموضوع وقف الدعوى الموضوعية والإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا ، لا يعد فصلاً فى شرائط قبولها ، بل هو إرجاء للفصل فى النزاع الموضوعى، إلى أن تقول المحكمة الدستورية العليا كلمتها ، وإذ تترقب محكمة الموضوع قضاء المحكمة الدستورية العليا على هذا النحو ، فذلك لتباشر ولايتها بعد صدوره بإعمال أثره على النزاع الموضوعى المعروض عليها.
وحيث إن رحى المنازعة الموضوعية تدور فى الدعوى الأصلية حول طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 بمنع ختان الإناث ، ووقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 126 لسنة 2008 فيما تضمنه من إضافة المادة (242 مكرراً) إلى قانون العقوبات، التى جعلت من ختان الإناث جريمة يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة. لما كان ذلك، وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد تطبيق النصوص السالفة الذكر على ذوى المدعين، ولم يثبت أن أضرارًا واقعية قد حاقت بهم أو بذويهم جراء هذه النصوص، إذ لم تفصح أوراق الدعوى الموضوعية عن إن إحدى الإناث المنتميات للمدعين كانت بصدد إجراء عملية ختان، أو أنها عُرضت على أحد الأطباء لإجراء هذه العملية، فامتنع عن ذلك خشية وقوعه تحت طائلة قانون العقوبات، أو مساءلته تأديبيًا، ومن ثم فإن المدعين لا يعدون من المخاطبين بأحكام النصوص المطعون عليها، إذ لم تترتب لهم مراكز قانونية تخولهم الحق فى ترتيب الآثار الناجمة عن إبطالها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحتهم الشخصية المباشرة فى الطعن عليها، ويضحى متعينًا الحكم بعدم قبول هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق