جلسة 8 من نوفمبر سنة 1949
برياسة حضرة أحمد حسن بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني الهضيبي بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-----------------
(20)
القضية رقم 920 سنة 19 القضائية
دفاع.
طلب تحقيق جوهري. رفضه. وجوب بيان علة ذلك. علة غير سائغة. بطلان الحكم. مثال في دعوى تبديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه بدد مبلغ 3925 جنيهاً و824 مليما لشركة ليفي وروصانو بكفر الزيات وكان قد تسلمه منها بصفته وكيلا بالأجرة عنها فاختلسه لنفسه إضراراً بالمجني عليها، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
سمعت محكمة كفر الزيات الجزئية الدعوى وقضت حضورياً بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني خمسة وعشرين جنيهاً والمصروفات المدنية وذلك عملا بالمادة 341 من قانون العقوبات. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة طنطا الابتدائية نظرت هذا الاستئناف ثم قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات المدنية الاستئنافية.
فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أن المدافع عنه طلب إلى المحكمة أن تقدم الشركة المدعية بالحق المدني دفاترها المسجلة، كما قدم هو دفاتره لتستبين منها الدليل على....... أن علاقته بالشركة كانت علاقة بائع بمشتر وبأنه وفى بالتزاماته، فلم تجبه المحكمة إلى طلبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الصدد: "وحيث إن المتهم (الطاعن) طلب أمام هذه المحكمة إيداع دفاتر الشركة المسجلة لإثبات أن علاقته بها في الصفقات سالفة الذكر لم تكن إلا علاقة بائع بمشتر ولإثبات أن الشركة استلمت منه أقطاناً قيمتها 3320 جنيهاً و572 مليما من حساب مبلغ الثلاثة الآلاف والمائتي جنيه الذي استلمه بموجب الإيصالين المؤرخين 22 و31 من يناير سنة 1946، وقال إن محكمة الدرجة الأولى سبق أن قررت بضم هذه الدفاتر ولكن الشركة امتنعت عن تقديمها وقدمت دفتراً غير مسجل. وحيث إنه بالرجوع إلى محاضر جلسات محكمة الدرجة الأولي يبين أن المحكمة المذكورة لم تقرر بضم دفاتر الشركة المسجلة وإنما قررت ضم دفتر الأستاذ فقدمته الشركة واعترض الدفاع عليه بأن الدفتر المقدم غير مسجل ولا يصح التعويل عليه ووقف الأمر عند هذا الحد. وحيث إن هذه المحكمة لا ترى محلا لإجابة الدفاع إلى ما طلب وذلك لأن المادة 18 من قانون التجارة إنما تجعل للمحكمة الحق في أن تأمر أو لا تأمر من تلقاء نفسها في أثناء الخصومة بتقديم الدفاتر لتستخرج منها ما يتعلق بهذه الخصومة، وهذا الحق المتروك لاختيارها وتقديرها إنما تستخدمه طبقاً لما يتبين لها من ظروف الدعوى من ضرورة أو عدم ضرورة الأمر به، وقد استقرت عقيدة هذه المحكمة للأسباب المبينة بالحكم المستأنف ولما تقدم من الأسباب أن المتهم حين استلم المبالغ السابق الإشارة إليها من الشركة إنما استلمها بصفته وكيلاً بالعمولة لا ثمناً لأقطان باعها إليها، ولا يخامر المحكمة أي شك في أن الشركة لا يمكن أن تثبت في الدفاتر بيانات تغاير البيانات الثابتة بالأوراق الصادرة منها، وأعمال التاجر ومعاملاته هي سر من الأسرار التي لا يجوز إباحتها لكل طالب، ومهما قيل من أن المقصود بتقديم الدفاتر هو فحص الموضوع المتعلق بالخصومة فقط، فهو إجراء لا يجوز الالتجاء إليه إلا إذا تعذر الوصول إلى معرفة الحقيقة من المستندات المقدمة في الدعوى والقرائن والظروف المحيطة بالخصومة، أما ما زعمه المتهم من قيامه بتسليم الشركة القطن الذي اشتراه من أحمد النجار وهو الأمر الذي تنكره الشركة نكراناً باتاً ولم يقدم دليلا عليه، فهو لا يقدم ولا يؤخر في أي من الدعويين العمومية والمدنية، وذلك لأنه معترف بأن ذمته لا تزال مشغولة من المبالغ المسند إليه اختلاسها بمبلغ 544 جنيهاً و422 مليماً، ولأن الدعوى المدنية إنما رفعت للمطالبة بتعويض مؤقت قدره 25 جنيهاً. وحيث إنه لما تقدم من الأسباب وللأسباب المبينة بالحكم المستأنف والتي تأخذ بها هذه المحكمة، يكون الحكم المستأنف في محله ويتعين تأييده)).
وحيث إنه من المقرر أن محكمة الموضوع مكلفة قانوناً - إذ لم تر إجابة المتهم لطلب جوهري من طلبات التحقيق - بأن تبين علة عدم موافقتها على هذا الطلب، فإذا كانت العلة غير سائغة، كان رفضها هذا موجباً لبطلان الحكم.
وحيث إنه يؤخذ مما تقدم من أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الجنح المستأنفة حين رفضت ما طلبه الطاعن من تكليف الشركة المدعية بالحقوق المدنية بتقديم دفاترها المسجلة، كان مما عللت به هذا الرفض أنه لا يخامرها أي شك في أن الشركة لا يمكن أن تثبت في دفاترها بيانات تغاير البيانات الثابتة بالأوراق الصادرة منها، وهذا التعليل يعتبر منها تسليما مقدماً بنتيجة دليل لم يطرح عليها، وقضاء في أمر لم يعرض لنظرها، وقد يكون الواقع غير هذا الذي سبقت إلى تقريره وتوكيده، مما يجعل حكمها معيباً متعيناً نقضه، وذلك بغير حاجة إلى بحث ما بقى من أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق