جلسة 27 من مارس سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفة، منصور القاضي، عثمان متولي نواب رئيس المحكمة ومصطفى حسان.
---------------
(86)
الطعن رقم 19353 لسنة 62 القضائية
(1) دستور. قذف. نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
الحكم بعدم دستورية نص المادة 195/ 1 من قانون العقوبات فيما تضمنته من معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر في جريمة القذف بطريق النشر. يوجب القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية.
حق محكمة النقض في هذه الحالة أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟
(2) نشر. صحافة. سب وقذف. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حصانة النشر في الصحف. مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علناً. عدم امتدادها إلى ما يجرى بالجلسات غير العلنية أو التحقيقات الابتدائية أو الأولية أو الإدارية. علة ذلك؟
حرية الصحفي. لا تعدو حرية الفرد العادي. ولا تتجاوزها إلا بنص خاص تحدث الحكم عن سلامة النية في جريمة السب والقذف غير لازم. ما دام أن المقذوف في حقه ليس موظفاً عاماً أو من في حكمه.
نشر الطاعن مقالاً عما نسب للمدعي بالحقوق المدنية في التحقيقات الابتدائية متضمناً عبارات سب وقذف. قضاء الحكم بإدانته. صحيح.
2 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن الثاني حرر مقالاً نشر بالجريدة التي يعمل محرراً بها أورد فيه أن المدعى بالحقوق المدنية يعود من عمله ليبدأ هوايته في لعب القمار مع أصدقائه وأنه أحرق المسكن الذي تقيم فيه عائلته وتم حبسه لمدة ثمانية أشهر. لما كان ذلك، وكان المقال سالف الإشارة ينطوي على مساس بكرامة المدعى بالحقوق المدنية ويحط من قدره واعتباره في نظر الغير وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة به في القانون، ولا يقدح في ذلك ما هو مقرر من حق نشر ما يجري في المحاكمات الجنائية ذلك بأن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علناً، وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما جرى في الجلسات غير العلنية ولا إلى ما يجري في الجلسات التي قرر القانون أو المحكمة الحد من علانيتها، كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية، لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم - فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس تفتيش واتهام وإحالة على المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته وتجوز محاسبته جنائياً عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة. لما كان ذلك، وكانت حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذي يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو احتقاره، وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذاف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - شائنة بذاتها، ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك محل للتحدث عن سلامة النية ما دام أن المقذوف في حقه ليس من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم.
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعنين أمام جنح...... بوصف أنهما قذفا في حقه بطريق النشر في جريدة.... التي يرأس تحريرها المتهم الأول بأن أسندا إليه وقائع لو صحت لأوجبت عقابه قانوناً واحتقاره عند أهل وطنه على النحو المبين بعريضة الدعوى - وطلب عقابهما بالمواد 171، 186، 187، 195، 300، 303، 308 من قانون العقوبات وإلزامهما متضامنين بأداء مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل منهما مائة جنيه وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... عن الأستاذ/ .... بصفة الأخير وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 5 من يناير سنة 1992 بإدانة الطاعن الأول بجريمة القذف بطريق النشر بوصفه رئيساً لتحرير جريدة..... لما كان ذلك، وكان قد صدر من بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ الأول من فبراير سنة 1997 في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 قضائية والذي قضي بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن الأول بموجبها - والتي تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر، وجرى نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 13 من فبراير سنة 1997، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا سالف الإشارة واجب التطبيق عملاً بنص المادة 49 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن الأول ورفض الدعوى المدنية قبله عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف بطريق النشر قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن ما تم نشره كان من قبيل النقد المباح لكونه صحيحاً مستنداً إلى الثابت في القضية..... لسنة..... جنايات..... ولم تعن المحكمة بضمها للتحقق من حسن نيته، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن الثاني حرر مقالاً نشر بالجريدة التي يعمل محرراً بها أورد فيه أن المدعى بالحقوق المدنية يعود من عمله ليبدأ هوايته في لعب القمار مع أصدقائه وأنه أحرق المسكن الذي تقيم فيه عائلته وتم حبسه لمدة ثمانية أشهر. لما كان ذلك، وكان المقال سالف الإشارة ينطوى على مساس بكرامة المدعى بالحقوق المدنية ويحط من قدره واعتباره في نظر الغير وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة به في القانون، ولا يقدح في ذلك ما هو مقرر من حق نشر ما يجري في المحاكمات الجنائية ذلك بأن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علناً، وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما جرى في الجلسات غير العلنية ولا إلى ما يجرى في الجلسات التي قرر القانون أو المحكمة الحد من علانيتها، كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية، لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم - فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس تفتيش واتهام وإحالة على المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته وتجوز محاسبته جنائياً عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة. لما كان ذلك، وكانت حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذي يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو احتقاره، وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - شائنة بذاتها، ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك محل للتحدث عن سلامة النية ما دام أن المقذوف في حقه ليس من الموظفين العموميين أو من في حكمهم. لما كان ما تقدم فإن كافة ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه يكون في غير محله ومن ثم يتعين رفض طعنه موضوعاً ومصادرة الكفاية وإلزامه المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق