الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 23 أكتوبر 2024

الطعن 284 لسنة 32 ق جلسة 21 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 124 ص 908

جلسة 21 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.

---------------

(124)
الطعن رقم 284 لسنة 32 القضائية

حيازة. تقادم. "التقادم المكسب". أموال عامة.
وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وجوب إثبات انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ثم إثبات وضع اليد بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية.

-----------------
وضع اليد على الأموال العامة - مهما طالت مدته - لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بمعنى أنه لجواز تملك الأموال العامة بالتقادم يجب أن يثبت أولاً انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، إذ من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها ثم يثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية. فإذا اعتبر الحكم المطعون فيه مجرد وضع يد المطعون ضدهم مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير اعتراض أو منازعة من الطاعن (الحكومة) هو السبب الذي أزال عن أرض النزاع تخصيصها للمنفعة العامة ورتب على ذلك اكتسابهم ملكيتها فإنه يكون مخطئاً في القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق - تتحصل في أن مديرية سوهاج التي حلت محلها محافظة سوهاج (الطاعنة) أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 571 سنة 1946 كلي أمام محكمة سوهاج الابتدائية قائلة في صحيفتها إن مورث المطعون ضدهم "المرحوم أبو الليف عمر" تعد بالبناء والغراس على قطعة أرض مساحتها 539 متراً مربعاً من الأراضي المخصصة للمنفعة العامة بناحية الخلافية مركز جرجا وانتهت الطاعنة إلى طلب الحكم بأحقية الحكومة لقطعة الأرض المذكورة بوصفها من المنافع العامة وإلزام المطعون ضدهم - باعتبارهم خلفاء لمورثهم في التعدي عليها - بإزالة هذا التعدي في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم وإلا تزيله هي بمصاريف ترجع بها عليهم. دفع المطعون ضدهم الدعوى بأنهم وسلفهم تملكوا أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. وبتاريخ 29 من مارس سنة 1948 أصدرت محكمة الدرجة الأولى حكماً قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم ملكيتهم لأرض النزاع بوضع اليد المكسب للملكية بشرائطه القانونية وأجازت للطاعنة النفي - وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 31 من يناير سنة 1949 برفض الدعوى بانية قضاءها على أنه علاوة على أن جهة الإدارة قد عجزت عن إثبات أن الأرض المتنازع عليها من الأملاك العامة فإن المطعون ضدهم قد تملكوها بالتقادم المكسب استأنفت الطاعنة هذا الحكم باستئناف رقم 98 سنة 24 ق ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 27 من إبريل سنة 1950 قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحكوميين بسوهاج ليعهد إلى أحد خبرائه المهندسين لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان ما إذا كانت أرض النزاع تدخل ضمن الطريق العمومي أم لا - وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ولما عرض الطعن على هذه الدائرة تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة - بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ قضى برفض دعواها تأسيساً على ما قاله من أن المطعون ضدهم وضعوا يدهم على أرض النزاع مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير منازعة من جهة الإدارة بل إنها تركت الأرض طوال هذه المدة من غير أن تستغلها للمنفعة العامة الأمر الذي ينقلها من أملاكها العامة على فرض توافر هذه الصفة لها إلى أملاكها الخاصة التي كان يجوز تملكها في ظل القانون المدني القديم بمضي المدة - وترى الطاعنة أن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه خطأ في القانون ذلك أنه يشترط لاكتساب ملكية مال من الأموال العامة بالتقادم أن يثبت أولاً أن هذا المال لم يعد مخصصاً للنفع العام وأنه قد فقد هذه الصفة فقداناً تاماً على وجه مستمر وغير منقطع قبل بدء حيازته ثم يلي ذلك حيازته حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة لمدة خمسة عشر عاماً - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون ضدهم قد تملكوا أرض النزاع بالتقادم الطويل لمجرد ما ثبت له من أنهم وضعوا يدهم عليها المدة المقررة لذلك قانوناً دون أن يتحقق من أن هذا المال قد فقد تخصيصه للمنفعة العامة بصفة مستمرة قبل أن يضع المطعون ضدهم يدهم عليه المدة المكسبة للملكية فإن الحكم يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله. "وحيث إنه على هدي ما تقدم ومتى ثبت من أقوال الشهود إثباتاً ونفياً الذين أدلوا بأقوالهم أمام محكمة أول درجة لا سيما شاهدي الحكومة وهما من رجال الحفظ أن وضع اليد على هذه العين بصفة هادئة ومستمرة وبنية الملك بإقامة المباني عليها وغرس النخيل بها يرجع لمدة تزيد على خمسة عشر عاماً وهي المدة المقررة قانوناً لاكتساب الملكية دون أن تتنازعهم المستأنفة "الطاعنة" في ذلك ولم تحرك ساكناً بل تركت العين موضوع النزاع طوال هذه المدة دون أن تستغلها للمنفعة العامة الأمر الذي ينقلها من أملاكها العامة على فرض توافر هذه الصفة لها أصلاً إلى أملاكها الخاصة التي يجوز تملكها في ظل القانون المدني القديم بمضي المدة" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه خطأ في القانون ذلك أن وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بمعنى أنه لجواز تملك الأموال العامة بالتقادم يجب أن يثبت أولاً انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة - إذ من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها - ثم يثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد وضع يد المطعون ضدهم مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير اعتراض أو منازعة من الطاعنة هو السبب الذي أزال عن هذه الأرض تخصيصها للمنفعة العامة ورتب على ذلك اكتساب المطعون ضدهم ملكيتها فإنه يكون مخطئاً في القانون. ولا يغنيه أن يكون الحكم الابتدائي قد اعتمد في قضائه على دعامة أخرى هي ما انتهى إليه من أن الطاعنة قد عجزت عن إثبات أن أرض النزاع تدخل ضمن الأملاك العامة إذ يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يحل إلى أسباب الحكم الابتدائي وبذلك يبقى خطؤه على الوجه المتقدم ذكره مستوجباً لنقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن - ولما كان هذا الخطأ قد حجبه عن بحث ما إذا كان وضع يد المطعون ضدهم قد حصل بعد انتهاء تخصيص الأرض للمنفعة العامة لسبب آخر غير وضع يدهم فإنه يتعين إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف.


(1) وراجع نقض 10 يونيه سنة 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 748.

الطعن 282 لسنة 19 ق جلسة 27 / 12 / 1975 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 5 ص 13

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريدة - المستشارين.

--------------------

(5)

القضية رقم 282 لسنة 19 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - إعلان العامل للحضور أمام المحكمة التأديبية - بطلان إجراءات المحاكمة التأديبية - قانون المرافعات المدنية والتجارية.
إعلان العامل المقدم للمحكمة التأديبية بقرار الإحالة وإخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته، إجراء جوهري - إغفال هذا الإجراء أو إجراؤه بالمخالفة لحكم القانون من شأنه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه - مقتضى ذلك بطلان إعلان العامل بقرار الإحالة في مواجهة النيابة العامة طبقاً لحكم الفقرة العاشرة من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ما دام الثابت أنه لم يتم التقصي عن موطن العامل المذكور أو محل عمله لإعلانه فيما قبل إعلانه للنيابة العامة.

-----------------
المادة 34 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضي بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامة المعلن إليه أو في عمله وحكمة هذا النص واضحة، وهى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه، وذلك بإحاطته علماً بأمر محاكمته بإعلانه بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية المتضمنة بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ليتمكن من المثول أمام المحكمة بنفسه أو بوكيل عنه للإدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها، وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذي الشأن. وإذ كان إعلان العامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية وإخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته إجراء جوهرياً، فإن إغفال هذا الإجراء أو إجراءه بالمخالفة لحكم القانون على وجه لا تتحقق معه الغاية منه، من شأنه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية وإن كان قد أجاز في الفقرة العاشرة من المادة 13 منه إعلان الأوراق القضائية في النيابة العامة إذا كان موطن المعلن إليه غير معلوم، إذ أن ذلك ورد استثناء من الأصل العام الذي رددته المادة 34 من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر وهي أن يكون إعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامتهم أو في محل عملهم، ومن ثم فإن الإعلان في مواجهة النيابة والأمر كذلك - لا يصح اللجوء إليه إلا بعد القيام بتحريات كافية دقيقة للتقصي عن محل إقامة ذوي الشأن أو محل عملهم وعدم الاهتداء إليها. ويترتب على مخالفة هذا الإجراء وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر على الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن الثابت - على ما سلف بيانه - أن الطاعن لم يعلن إعلاناً قانونياً للحضور أمام المحكمة التأديبية بجلستيها المنعقدتين في 22 من أكتوبر و15 من نوفمبر سنة 1972 وأثبتت المحكمة ذلك صراحة بمحضري الجلستين المذكورتين.
وبما أن الطاعن قد أعلن بقرار الإحالة وبالحضور لجلسة 16 من ديسمبر سنة 1972 في مواجهة النيابة العامة بناء على ما قرره السيد رئيس النيابة الإدارية بمحضر جلسة 25 من نوفمبر سنة 1972 من أنه لم يستدل على المتهم. وإذ كان ما قرره السيد رئيس النيابة لا يعني بذاته أنه قد تم البحث والتقصي عن موطن العامل المذكور أو محل عمله لإعلانه فيهما قبل إعلانه للنيابة العامة، فضلاً عن أن الواقع ينفيه بمراعاة أن محل عمل هذا العامل معروف وموضح بالأوراق وبقرار الاتهام وكان من الجائز قانوناً إعلانه فيه، كما أن التحري عن الجهة الإدارية التي كان يعمل بها كان من شأنه ولا ريب الكشف عن محل إقامته الصحيح، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، فإن إعلان العامل بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته في النيابة العامة يكون والأمر كذلك قد وقع باطلاً ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب في الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق هذا العامل في إبداء ذلك في الاتهام الموجه إليه، على وجه يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم، وكان الطاعن - على ما سلف بيانه - لم يعلن بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية ولم يخطر بالجلسات المحددة لمحاكمته، ومن ثم لم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه، وكانت الدعوى بذلك لم تتهيأ أمام المحكمة التأديبية للفصل فيها، فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمته والفصل فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى.

الطعن 281 لسنة 32 ق جلسة 21 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 123 ص 899

جلسة 21 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(123)
الطعن رقم 281 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى. "دعوى صحة ونفاذ العقد". "دعوى بطلان العقد". عقد. بطلان. بيع. إثبات. "حجية الأمر المقضي".
دعوى صحة ونفاذ عقد البيع تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها. مقتضى ذلك أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع واستيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته وفي أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته. اتساع الدعوى لبحث كل أسباب بطلان العقد. عدم إبداء الخصم سبب من هذه الأسباب كان استطاعته إبداؤه في الدعوى. الحكم بصحة ونفاذ العقد مانع من رفع دعوى جديدة ببطلان العقد في استناداً إلى هذا السبب.
دعوى بطلان العقد لسبب من أسباب البطلان. اقتصار وظيفة المحكمة فيها على بحث هذا السبب وحده. قضاؤها بالرفض لا يتعدى ذلك إلى القضاء بصحة العقد ولا يمنع من رفع دعوى جديدة بطلب بطلان ذات العقد لسبب آخر من أسباب البطلان.
(ب) قوة الأمر المقضي. دعوى. "عدم جواز نظر الدعوى". "دعوى صحة العقد". إثبات. "القرائن".
الحكم بصحة ونفاذ العقد نهائياً يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذا العقد. مانع للخصوم أو خلفهم من التنازع في هذه المسألة في دعوى أخرى بطلب بطلانه. طلب صحة العقد وطلب بطلانه وجهان متقابلان لشيء واحد.
(ج) قوة الأمر المقضي. إثبات. "القرائن". دعوى. "دعوى صحة العقد".
للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما فصل فيه بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية. اكتسابه قوة الأمر المقضي مانع للخصوم من العودة للمناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها.
(د) قوة الأمر المقضي. إثبات. "الإثبات بالقرائن". دعوى. "دعوى صحة العقد". بطلان. عقد.
إبرام عقد البيع الصادر من المحجور عليه قبل صدور قرار الحجر عليه للعته. هذا القرار لا يصلح بذاته سنداً لطلب بطلان ذلك العقد. بطلانه على أساس شيوع حالة العته وقت العقد أو علم الطرف الآخر بها. عدم إبداء طلب البطلان بسبب العته المدعى وجوده وقت العقد في الدعوى المرفوعة بصحة العقد ثم الحكم نهائياً بصحة ذلك. صدور قرار الحجر بعد ذلك لا يعتبر سبباً طرأ بعد الحكم يحول دون التمسك بقوة الأمر المقضي.
(هـ) دعوى. "عدم جواز نظر الدعوى". نقض. "المسائل الواقعية". محكمة الموضوع.
استخلاص النزول عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أو عدم النزول عنه. من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع.

------------------
1 - الدعوى بصحة ونفاذ العقد تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ويتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لأن يثار فيها كل أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد وعلى ذلك فإنه إذا فات الخصم إبداء سبب من هذه الأسباب كان في استطاعته إبداؤه في تلك الدعوى ثم حكم بصحة العقد ونفاذه فإن هذا الحكم يكون مانعاً لهذا الخصم من رفع دعوى جديدة ببطلان العقد استناداً إلى هذا السبب. ولا يصح قياس هذه الحالة على صورة رفع دعوى بطلب بطلان عقد لسبب من أسباب البطلان إذ في هذه الصورة تنحصر وظيفة المحكمة في بحث هذا السبب وحده فترفضه أو تقبله وهي حين تنتهي إلى رفضه يقتصر قضاؤها على هذا الرفض ولا يتعدى ذلك إلى القضاء بصحة العقد ومن ثم فإن حكمها برفض هذا السبب لا يمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بطلب بطلان ذات العقد لسبب آخر من أسباب البطلان أما في دعوى صحة ونفاذ العقد فالأمر مختلف إذ المحكمة لا تقف عند رفض أسباب البطلان التي توجه إلى العقد بل إنها تجاوز ذلك إلى البحث في صحة العقد ولا تقضي بصحته ونفاذه إلا إذا تحقق لها من الأوراق المقدمة إليها أن التصرف الذي يتناوله العقد صحيح ونافذ.
2 - متى حكم بصحة ونفاذ العقد وأصبح الحكم نهائياً فإنه يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذا العقد ويمنع الخصوم أنفسهم أو خلفهم من التنازع في هذه المسألة في دعوى أخرى بطلب بطلانه ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أن طلب صحة العقد وطلب بطلانه وجهان متقابلان لشيء واحد والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً القضاء بأنه غير باطل.
3 - للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم - بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية، ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها.
4 - إذا كان عقد البيع الصادر من المحجور عليه قد أبرم قبل صدور قرار الحجر عليه للعته فإن هذا القرار لا يصلح بذاته سنداً لطلب بطلان ذلك العقد طبقاً للمادة 114 من القانون المدني وإنما يكون طلب بطلانه لعته البائع على أساس شيوع هذه الحالة وقت العقد أو علم الطرف الآخر بها. ومتى كان عته البائع مدعي بوجوده وقت العقد فلم يكن هناك ما يحول دون إبداء طلب البطلان بسبب العته في الدعوى المرفوعة بصحة ونفاذ العقد فإن لم يبد هذا الطلب وصدر الحكم نهائياً بصحة ونفاذ العقد فإن صدور قرار الحجر على البائع بعد صدور الحكم في تلك الدعوى لا يعتبر سبباً طرأ بعد هذا الحكم يحول دون التمسك بقوة الأمر المقضي به التي حازها الحكم في شأن صحة العقد.
5 - استخلاص النزول عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أو عدم النزول عنه هو من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم إلياس جورج غالي مورث الطاعن والمطعون ضدها الأولى أقام الدعوى رقم 2355 سنة 1954 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدها الأولى طالباً الحكم بإبطال عقد البيع الابتدائي المؤرخ 3 مايو، 5 يونيه سنة 1953 والمتضمن بيعه لها النصف على الشيوع في أرض زراعية مساحتها 1 ف و21 ط و20 س موضحة بصحيفة الدعوى والتأشير بذلك على هامش تسجيل الحكم رقم 4785 سنة 1953 كلي القاهرة الصادر بتاريخ 25 من إبريل سنة 1954 بصحة ونفاذ ذلك العقد ومحو كافة التسجيلات المترتبة على الحكم المذكور وقال شرحاً للدعوى إن ذلك العقد قد صدر منه إلى ابنة المطعون ضدها الأولى بطريق الاستغلال وهو عيب يلحق الرضا وأنه يحق له لذلك طلب إبطال العقد بالاستناد إلى نص المادة 129 من القانون المدني وأثناء سير هذه الدعوى أقام الأب "يوسف جبران" بوصفه قيماً على إلياس جورج غالي بعد توقيع الحجر عليه للعته، الدعوى رقم 4069 سنة 1955 مدني كلي القاهرة طالباً إبطال العقد سالف الذكر لصدوره من المحجور عليه وهو في حالة عته بين وقد أمرت محكمة الدرجة الأولى بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد ولما توفى إلياس جورج غالي حل محله في الدعويين ولده الطاعن ودفعت المطعون ضدها الأولى بعدم جواز نظر الدعويين لسبق الفصل في موضوعهما في الدعوى رقم 4785 سنة 1953 كلي القاهرة التي كانت قد رفعتها ضد المرحوم إلياس جورج غالي بطلب صحة ونفاذ ذلك العقد والتي قضي فيها بتاريخ 25 من إبريل سنة 1954 برفض الادعاء بتزوير العقد المذكور وبصحته ونفاذه - وفي 13 من يناير سنة 1960 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وببطلان عقد البيع المؤرخ 3 من مايو و5 يونيه سنة 1953 الصادر من مورث الطاعن إلى المطعون ضدها الأولى ببيع قطعة الأرض الموضحة بصحيفة الدعويين وبمحو القيود والتسجيلات المرتبة من المطعون ضدها الأولى على العقار المشار إليه ابتداء من 22 من أكتوبر سنة 1955. فاستأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 557 سنة 77 ق أمام محكمة استئناف القاهرة وفي أول مايو سنة 1962 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعويين رقمي 2355 سنة 1954، 4069 سنة 1955 كلي القاهرة لسبق الفصل في موضوعهما في الدعوى رقم 4785 سنة 1953 كلي القاهرة - وفي 30 مايو سنة 1962 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أقام قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى على أنه سبق الفصل في موضوعها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 4785 سنة 1953 والذي قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المطلوب الحكم ببطلانه في الدعوى الراهنة وأن الحكم في تلك الدعوى يمنع الطاعن من إعادة طرح النزاع في شأن انعقاد العقد ونفاذه وشروط صحته بما في ذلك أهلية عاقديه وأن السبب في الدعويين متحد لأنه هو التصرف ذاته وأن سكوت الطاعن عن إبداء كل ما لديه من دفاع ودفوع في تلك الدعوى يمنعه بعد صدور الحكم فيها من التمسك في دعوى جديدة بما سكت عن إبدائه في الدعوى الأولى ويرى الطاعن أن هذا من الحكم خطأ في القانون إذ يشترط لإعمال حجية الشيء المحكوم فيه أن تتحد المسألة المعروضة في الدعويين محلاً وسبباً وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها وتناولتها المحكمة بالبحث في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما وإذ كان الثابت أن مورث الطاعن اقتصر في رفع الدعوى الأولى الخاصة بصحة التعاقد على الادعاء بتزوير العقد وهو سبب مختلف عن السبب في الدعوى الحالية وهو بطلان العقد للعته البين كما أن الموضوع في الدعويين مختلف إذ هو في الدعوى الأولى تزوير العقد وفي الثانية بطلانه لتخلف شرط من شروط صحته. وليس في القانون ما يلزم الخصم بأن يتمسك في وقت واحد بكل ما لديه من دفوع بل له أن يرفع دعوى جديدة بما أغفله من دفوع في الدعوى الأولى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى بحجة سبق الفصل في موضوعها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 4785 سنة 1953 بصحة ونفاذ العقد يكون مخالفاً للقانون كما أنه إذ أغفل ما تمسك به الطاعن من أن قرار الحجر الذي تقوم عليه دعوى البطلان الحالية لم يصدر إلا في سنة 1955 أي بعد صدور الحكم بصحة ونفاذ العقد في الدعوى الأولى مما كان يستحيل عليه معه أن يستند إلى هذا القرار في تلك الدعوى يكون معيباً بالقصور.
وحيث إنه يبين من الوقائع المتقدم ذكرها أن المطعون ضدها الأولى سبق أن أقامت الدعوى رقم 4785 سنة 1953 مدني كلي القاهرة ضد مورث الطاعن المرحوم إلياس غالي بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر منه إليها والمؤرخ في 3 من مايو و5 من يونيه سنة 1953 وادعى المورث المذكور بتزوير العقد وفي 28 من فبراير سنة 1954 قضت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير ثم قضت في 25 من إبريل سنة 1954 حضورياً بصحة ونفاذ هذا العقد - وبعد ذلك رفع مورث الطاعن الدعوى رقم 2335 سنة 1954 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدها الأولى طالباً الحكم بإبطال العقد ذاته بحجة صدوره منه إليها بطريق الاستغلال - كما أقام الأب يوسف جبران بوصفه قيماً على محجوره إلياس غالي، بعد توقيع الحجر عليه للعته - الدعوى 4099 سنة 1955 مدني كلي القاهرة، على المطعون ضدها الأولى طالباً إبطال ذات العقد لصدوره من المحجور عليه وهو في حالة عته بين وبعد أن توفى المحجور عليه حل ولده الطاعن محله في الدعويين وقد دفعت المطعون ضدها الأولى بعدم جواز نظر الدعويين لسبق الفصل فيهما في الدعوى الأولى رقم 4785 سنة 1953 مدني كلي القاهرة، ولما كان الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 4785 سنة 1953 لم يقتصر على القضاء برفض الادعاء بتزوير العقد بل قضى أيضاً بصحة العقد ونفاذه وكانت الدعوى بصحة ونفاذ العقد تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية - وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ويتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاد وصحته ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لأن يثار فيها كل أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد ولا يصح قياس هذه الحالة على صورة رفع دعوى بطلب بطلان عقد لسبب من أسباب البطلان إذ في هذه الصورة تنحصر وظيفة المحكمة في بحث هذا السبب وحده فترفضه أو تقبله وهي حين تنتهي إلى رفضه يقتصر قضاؤها على هذا الرفض ولا يتعدى ذلك إلى القضاء بصحة العقد ومن ثم فإن حكمها برفض هذا السبب لا يمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بطلب بطلان ذات العقد لسبب آخر من أسباب البطلان أما في دعوى صحة ونفاذ العقد فالأمر مختلف إذ المحكمة لا تقف عند رفض أسباب البطلان التي توجه إلى العقد بل إنها تجاوز ذلك إلى البحث في صحة العقد ولا تقضي بصحته ونفاذه إلا إذا تحقق لها من الأوراق المقدمة إليها أن التصرف الذي يتناوله العقد صحيح ونافذ وإذ كانت هذه الدعوى كما سبق القول تتسع لإثارة جميع أسباب البطلان التي توجه إلى التصرف فإنه إذا فات الخصم إبداء سبب من هذه الأسباب كان في استطاعته إبداؤه في تلك الدعوى ثم حكم بصحة العقد ونفاذه فإن هذا الحكم يكون مانعاً لهذا الخصم من رفع دعوى جديدة ببطلان العقد استناداً إلى هذا السبب - لما كان ذلك، فإن الحكم السابق الصادر في الدعوى رقم 4785 سنة 1953 كلي القاهرة بصحة ونفاذ العقد المبرم بين مورث الطاعن والمطعون ضدها الأولى وقد أصبح نهائياً فإنه يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة هذا العقد ويمنع الخصوم أنفسهم أو خلفهم من التنازع في هذه المسألة بالدعوى الراهنة ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين وكونها في الدعوى الأولى صحة العقد ونفاذه بينما هي في الثانية بطلانه ذلك أن طلب صحة العقد وطلب بطلانه وجهات متقابلان لشيء واحد والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً القضاء بأنه غير باطل ومن المقرر أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون. أما ما يثيره الطاعن من أن قرار الحجر الصادر في سنة 1955 بعد صدور الحكم بصحة ونفاذ العقد يعتبر سبباً طارئاً يحول دون التمسك بقوة الأمر المقضي فغير صحيح ذلك أنه علاوة على أن القرار الصادر بتوقيع الحجر للعته غير منشئ لهذه الحالة بل هو كاشف عنها فإن العقد محل النزاع وقد أبرم قبل صدور قرار الحجر فإن هذا القرار لا يصلح بذاته سنداً لطلب إبطال ذلك العقد طبقاً للمادة 114 من القانون المدني وإنما يجوز طلب إبطاله لعته البائع على أساس شيوع هذه الحالة وقت العقد أو علم الطرف الآخر بها وما دام عته البائع مدعي بوجوده وقت العقد فلم يكن ثمة ما يحول دون إبداء مورث الطاعنة لهذا الطلب في الدعوى الأولى الخاصة بصحة ونفاذ العقد إذ كانت تتسع لإثارته على ما سلف القول ومن ثم فلا يعتبر صدور قرار الحجر على البائع بعد صدور الحكم في تلك الدعوى سبباً طرأ بعد هذا الحكم يحول دون التمسك بقوة الأمر المقضي به التي حازها هذا الحكم في شأن صحة العقد.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضدها الأولى نزلت عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إذ اقتصرت على إبدائه بجلسة 7 يونيه سنة 1954 وظلت بعد ذلك طوال ست سنوات تناقش موضوع الدعوى وتطلب رفضها لا عدم جواز نظرها مما يدل دلالة واضحة على نزولها الضمني عن التمسك بهذا الدفع ولكن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع مكتفياً في الرد عليه بالقول بأنه لم يصدر من المطعون ضدها ما يدل على تنازلها عن التمسك بهذا الدفع صراحة أو ضمناً وهو رد قاصر يعيب الحكم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء به في هذا الخصوص ما نصه "ولما كان الثابت أن المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) دفعت أمام محكمة الدرجة الأولى بعدم جواز نظر الدعويين لسبق الفصل في موضوعهما بالدعوى رقم 4785 سنة 1953 كلي القاهرة ولما كان الموضوع في الدعويين المنضمتين فقد سبق أن قضى فيه الحكم في الدعوى رقم 4785 سنة 1953 إذ أنه يدور حول صحة ونفاذ العقد. لما كان ذلك كله، ولم يكن قد صدر من المستأنفة ما يدل على نزولها عن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الدرجة الأولى صراحة أو ضمناً" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه كاف في الرد على دفاع الطاعن آنف الذكر ويفيد أن محكمة الموضوع لم تجد فيما ساقه للتدليل على نزول المطعون ضدهما عن التمسك بالدفع الذي أبدته بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ما يقنعها بحصول هذا النزول. ولما كان استخلاص نزول الطاعنة أو عدم نزولها عن الدفع الذي أبدته هو من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في نفي نزول المطعون ضدها عن الدفع سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.

الطعن 244 لسنة 32 ق جلسة 21 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 122 ص 894

جلسة 21 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(122)
الطعن رقم 244 لسنة 32 القضائية

(أ) إجازة. "التزامات المستأجر". "دفع الأجرة". عقد. "عقود المدة".
الأجرة تقابل الانتفاع. دفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً ما لم يوجد اتفاق على مواعيد دفع الأجرة أو عرف في شأن تعيينها. قاعدة موضوعية قررتها المادة 380 من القانون المدني الملغي. لم تتضمن هذه المادة قرينة على تحديد تاريخ استحقاق الأجرة.
(ب) إجازة. "التزامات المستأجر". "دفع الأجرة". عرف. نقض. "أحوال الطعن". "مخالفة القانون".
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بوجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة عند انتهاء الإيجار. قضاء الحكم على أساس وجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة قبل تاريخ الإيجار. عدم تثبت المحكمة من قيام ذلك العرف أو بيان مصدره. مخالفة للقانون.

-------------------
1 - وإن كانت المادة 380 من القانون المدني الملغي تنص على أنه "يستحق أجرة كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك" إلا أن المشرع لم يقصد بإيراد هذا النص إلا أن يكون دفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً إذا لم يوجد اتفاق على مواعيد دفع الأجرة ولم يوجد عرف في شأن تعيينها بل إن ما جاء بهذا النص لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقاعدة التي تقضي بأن الأجرة تقابل الانتفاع وهو حكم خاص بعقد الإيجار لولاه لكانت الأجرة واجبة الدفع بمجرد إبرام العقد طبقاً لما تقضي به القواعد العامة وبالتالي فإن نص المادة 380 المشار إليه لم يتضمن قرينة على تحديد تاريخ استحقاق الأجرة بل تضمن قاعدة موضوعية على النحو السابق تقريره.
2 - متى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على وجود عرف يقضي بأن يكون تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار دون أن تتثبت المحكمة من قيام ذلك العرف أو تبين مصدره وذلك على الرغم من تمسك الطاعن بوجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة عند انتهاء الإيجار وبعد جمع المحصول فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً مما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه في يوم أول أغسطس سنة 1936 رفعت وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف أبو بكر راتب على المرحوم بلتاجي مصطفى زعير مورث المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع وعلى المطعون ضده العاشر الدعوى رقم 11 سنة 1949 أمام محكمة المنصورة الابتدائية طلبت فيها الحكم بإلزام المورث المذكور بأن يدفع لها 421 ج و77 م وهو قيمة الإيجار المستحق عن أرض زراعية مساحتها 16 ف و21 ط و20 س كان قد استأجرها من الوقف المشار إليه لمدة تنتهي في 30 من سبتمبر سنة 31 كما طلب الحكم بإلزام المطعون ضده العاشر باعتباره الناظر السابق على الوقف والذي أجر الأرض المذكورة بأن يقدم لها المستندات والبيانات التي تؤيد دعواها - وبجلسة 5 من مايو سنة 1938 تدخل المطعون ضده الأول في الدعوى بصفته حارساً جديداً على الوقف المذكور بدل وزارة الأوقاف وطالب بنفس الطلبات التي رفعت بها الدعوى - وكان المورث المستأجر قد توفى فحل ورثته محله في الدعوى ودفعوا بسقوط الإيجار المطالب به بالتقادم فوجه المطعون ضده الأول إلى وزارة الأوقاف دعوى ضمان طلب فيها الحكم بإلزامها بتعويض يعادل الإيجار المستحق إذا ما قضى بقبول الدفع وذلك تأسيساً على أنها عينت حارسة على الوقف بتاريخ 27 من يناير سنة 1932 وظلت قاعدة عن رفع الدعوى بالإيجار حتى أول أغسطس سنة 1936 فرفعت وزارة الأوقاف بدورها في 22 من ديسمبر سنة 1946 دعوى ضمان وجهتها إلى السيد/ علي راتب مورث المطعون ضدهما الثامن والتاسعة وآخر غير ممثل في الطعن بصفتهما حارسين سابقين على الوقف طلبت فيها الحكم أصلياً بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول المبلغ المطالب به في الدعوى واحتياطياً بإلزامهما بأن يدفعا لها ما عساه أن يحكم به عليها - ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت في 25 من يناير سنة 1955 (أولاً) برفض دعوى الإيجار (ثانياً) وفي دعوى الضمان بإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع للبنك السويسري (المطعون ضده الأول) مبلغ 421 ج و77 م (ثالثاً) برفض دعوى الضمان الموجهة من وزارة الأوقاف إلى النظار السابقين. استأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم بالاستئناف رقم 224 سنة 9 قضائية - ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 8 من إبريل سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين وبقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن دفع النيابة ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين يقوم على خلو تقرير الطعن من الأسباب بالنسبة للحكم الصادر في دعوى الضمان التي كان الطاعن قد وجهها إليهم وقضى الحكم المطعون فيه برفضها.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطاعن لم يبين في تقرير الطعن الأسباب التي يعيب بها قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الضمان التي كان قد وجهها إلى المطعون ضدهم المذكورين ومن ثم يكون الطعن باطلاً بالنسبة إليهم عملاً بنص المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 ويتعين لذلك الحكم ببطلانه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه أقام قضاءه بسقوط الحق في المطالبة بدين الإيجار على ما اعتمد عليه من أسباب الحكم الابتدائي والتي مؤداها أن الطاعنة وقد عجزت عن إقامة الدليل على أن تاريخ انتهاء عقد الإيجار في 30 من سبتمبر سنة 1931 هو بذاته تاريخ استحقاق الأجرة فإن العرف قد جرى على أن يكون تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار وملازماً لوقت ظهور المحصول مما يكون معه تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار بشهر أو نصف شهر على الأقل وعلى هذا الأساس يكون قد مضى أكثر من خمس سنوات هلالية على تاريخ استحقاق الأجرة ويكون الحق في المطالبة بها قد سقط عملاً بنص المادة 275 من القانون المدني المختلط وترى الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد خالف بذلك القانون إذ أن المادة 380 من القانون المدني الوطني والتي تقابل المادة 464 من القانون المدني المختلط تنص على أنه "تستحق أجرة كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك" ومفاد هذا أن تاريخ انقضاء مدة الإيجار يعتبر كقاعدة عامة تاريخاً لاستحقاق الأجرة ما لم يوجد في عقد الإيجار نص على خلاف ذلك - وما على المؤجر إلا أن يثبت تاريخ انتهاء مدة الإيجار حتى يعتبر قرينة على أنه تاريخ استحقاق الأجرة وهي قرينة لا يقبل إثبات عكسها إلا إذا قام الدليل على أن المؤجر والمستأجر قد اتفقا على ميعاد آخر لاستحقاق الأجرة وإذ كان تاريخ انتهاء الإيجار هو 30 من سبتمبر سنة 1931 فإن ذلك التاريخ يعتبر قرينة في جانب الطاعن على أنه تاريخ استحقاق الأجرة وإذ ألزم الحكم الطاعنة بإثبات تاريخ استحقاق الأجرة على الرغم من قيام القرينة في جانبها فإنه يكون قد خالف قاعدة أصيلة من قواعد الإثبات - هذا إلى قول الحكم المطعون فيه بوجود عرف يقضي بأن يكون استحقاق الأجرة سابقاً على انتهاء عقد الإيجار بشهر أو بنصف شهر يتعارض ونص المادة 380 المشار إليها ويصطدم مع الواقع الذي جرى بأن يوفي المستأجرون دين الإيجار من ثمن محاصيلهم التي يبيعونها في ميعاد يتجاوز في العادة تاريخ انتهاء الإيجار وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون.
وحيث إنه وإن كانت المادة 380 من القانون المدني الملغي الذي يحكم هذا النزاع كانت تنص على أنه "تستحق أجرة كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك" إلا أن المشرع لم يقصد بإيراد هذا النص إلا أن يكون دفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً إذا لم يوجد اتفاق على مواعيد دفع الأجرة ولم يوجد عرف في شأن تعيينها بل إن ما جاء بالنص لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقاعدة التي تقضي بأن الأجرة تقابل الانتفاع وهو حكم خاص بعقد الإيجار لولاه لكانت الأجرة واجبة الدفع بمجرد إبرام العقد طبقاً لما تقضي به القواعد العامة وبالتالي فلم يتضمن نص المادة 380 المشار إليها قرينة على تحديد تاريخ استحقاق الأجرة بل تضمن قاعدة موضوعية على النحو السابق تقريره. على أنه من ناحية أخرى فإنه وقد تأسس قضاء الحكم المطعون فيه على وجود عرف يقضي بأن يكون تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار بشهر أو نصف شهر على الأقل وعلى هذا الأساس قضى الحكم بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة دون أن تتثبت المحكمة من قيام ذلك العرف أو تبين مصدره وذلك على الرغم من تمسك الطاعن بوجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة عند انتهاء الإيجار وبعد جني المحصول - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 14 لسنة 35 ق جلسة 20 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 121 ص 889

جلسة 20 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

--------------------

(121)
الطعن رقم 14 لسنة 35 ق "أحوال شخصية"

(أ وب وج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "الطلاق". "قانون". "القانون الواجب التطبيق".
(أ) مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين. اختلاف الطائفة والملة. صدور الأحكام فيها طبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ولما ورد بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(ب) مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين. اتحاد الطائفة والملة. تطبيق شريعتهم في نطاق النظام العام. تغيير الطائفة أو الملة أثناء سير الدعوى. عدم تأثيره في وضع الخصومة والخصوم والقانون الواجب التطبيق ما لم يكن إلى الإسلام.
(ج) مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين. تحديد الاختصاص والقانون الواجب التطبيق. اتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما. مناطه.

------------------
1 - المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والتي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية - ومنها المنازعات المتعلقة بالمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة - تصدر فيها الأحكام طبقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة ولما هو مدون في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة (1).
2 - في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين "والمتحدي الطائفة والملة" والذين لهم جهات ملية منظمة تصدر الأحكام وفقاً لشريعتهم في نطاق النظام العام ولا يؤثر في وضع الخصومة والخصوم والقانون الواجب التطبيق عليها وعليهم تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحدهم من وحدة طائفية إلى أخرى "أثناء سير الدعوى" ما لم يكن هذا التغيير إلى الإسلام.
3 - مؤدى ما نصت عليه المادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من أنه "لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة السادسة تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام" إن الشارع أراد أن يتخذ من سير الدعوى وانعقاد الخصومة فيها - وهو وصف ظاهر منضبط - لا من مجرد قيام النزاع، مناطاً يتحدد به الاختصاص والقانون الواجب التطبيق على أطرافها، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعن انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس من قبل رفع الدعوى وبذلك أصبح طرفاها مختلفي الطائفة والملة، وتطبق في شأن واقعة الطلاق المتنازع عليها بينهما أحكام الشريعة الإسلامية، ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا التغيير الحاصل قبل رفع الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المهندس الفونس جرجس عبد السيد (الطاعن) أقام الدعوى رقم 490 لسنة 1963 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد السيدة/ جليلة حبيب جرجس (المطعون عليها) طلب فيها الحكم بإثبات طلاقها طلقة أولى رجعية بتاريخ 25/ 5/ 1963 مع إلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه تزوج بالمدعى عليها في 23/ 7/ 1944 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وإذ غير طائفته وانضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 20 مايو سنة 1963 وأخطر كنيسة الأقباط الأرثوذكس بهذا التغيير وأصبحا بذلك مختلفي الطائفة والملة وطلقها، فقد طلب الحكم بإثبات هذا الطلاق، وردت المدعى عليها بأن تغيير الملة كان بقصد التحايل وتم أثناء النزاع الذي احتدم بينهما بعد أن كان قد أقام الدعوى رقم 1217 سنة 1960 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب الطلاق وقضى فيها بالرفض وطبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 لا يعتد بهذا التغيير ولا ينتج أثره وطلبت رفض الدعوى. وبتاريخ 15 ديسمبر سنة 1963 حكمت المحكمة بإثبات طلاق المدعي من المدعى عليها طلقة أولى رجعية بتاريخ 25/ 5/ 1963 مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المدعى عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 3 سنة 81 قضائية. وبتاريخ 6 فبراير سنة 1965 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليه وإلزامه بالمصاريف وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير وفي أول أغسطس سنة 1965 أعلن قلم الكتاب المطعون ضدها بصورة من تقرير الطعن، وفي 4 أغسطس سنة 1965 أودع الطاعن مذكرة شارحة، وفي 14 أغسطس سنة 1965 أودعت المطعون عليها مذكرة بالرد، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها قبول الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن إثبات طلاقه من المطعون عليها استناداً إلى أنه وإن كان من حقه أن يغير ملته وغيرها فعلاً وانضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس وأصبح بذلك مختلف الملة مع زوجته القبطية الأرثوذكسية ومن شأن هذا التغيير تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة، إلا أنه يشترط لكي يحدث هذا التغيير أثره أن يكون قد تم قبل رفع الدعوى وقبل قيام النزاع بين الطرفين بحيث إذا حصل التغيير في الفترة بين دعويين مرتبطتين ارتباطاً وثيقاً اعتبر حاصلاً أثناء سير الدعوى ولا ينتج أثره، وهذا الذي أسس الحكم قضاءه عليه خطأ ومخالفة للمادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 وهي تنص على أنه لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام وقد غير الطاعن طائفته وملته قبل رفع الدعوى الحالية وفي الفترة بين دعويين لكل منهما كيانه الخاص والدعوى الأخيرة لا تعتبر امتداداً للأولى وإنما هي دعوة مبتدأة ومستقلة عنها وبذلك يكون قد حدث قبل رفعها لا أثناء السير فيها وهو ما كان يتعين معه تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وإثبات الطلاق.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى القانون رقم 462 لسنة 1955 يبين أنه نص في المادة السادسة منه على أن "تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم" ونص في المادة السابعة على أنه "لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة السادسة من هذا القانون"، ومؤدى هذين النصين أنه في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والتي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية، ومنها المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة، تصدر الأحكام طبقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة - باعتبارها القانون العام في مسائل الأحوال الشخصية - ولما هو مدون في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة، وفي المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين "والمتحدي الطائفة والملة" والذين لهم جهات ملية منظمة تصدر الأحكام في نطاق النظام العام - وفقاً لشريعتهم، ولا يؤثر في وضع الخصومة والخصوم والقانون الواجب التطبيق عليها وعليهم تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحدهم من وحدة طائفية إلى أخرى "أثناء سير الدعوى" ما لم يكن هذا التغيير إلى الإسلام - ومؤداهما كذلك أن الشارع أراد أن يتخذ من "سير الدعوى" و"انعقاد الخصومة فيها" - وهو وصف ظاهر منضبط - لا من مجرد قيام النزاع مناطاً يتحدد به الاختصاص والقانون الواجب التطبيق على أطرافها، وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن غير طائفته وانضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 20 مايو سنة 1963 ومن قبل رفع الدعوى في 2 يونيه سنة 1963 وبذلك أصبح أطرافها مختلفي الطائفة والملة، وتطبق في شأن واقعة الطلاق أحكام الشريعة الإسلامية، ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا التغيير الحاصل قبل رفع الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.


(1) نقض 30/ 3/ 1966. الطعن رقم 20 لسنة 34 ق السنة 17 ص 782.

الطعن 4 لسنة 19 ق جلسة 20 / 12 / 1975 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 4 ص 10

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد - المستشارين.

----------------

 (4)

القضية رقم 4 لسنة 19 القضائية

حكم - بطلان الحكم - أحوال عدم صلاحية القضاة.
أسباب عدم صلاحية القضاة منصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - ندب أحد مستشاري المحكمة الإدارية العليا رئيساً لإدارة الفتوى لوزارة الإسكان بقرار من رئيس مجلس الدولة استناداً إلى حكم المادة 60 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة ليس من شأنه أن يفقد السيد المستشار ولاية القضاء أو يزيلها عنه بالمعنى المفهوم في القانون مما يجعله غير صالح لنظر الطعن محل الحكم المطعون فيه وممنوعاً من سماعه - أساس ذلك أن الثابت أنه قد سمع المرافعة في الطعن واشترك في المداولة فيه ووقع مسودة الحكم وندبه على الوجه المتقدم لا يحول بينه وبين العدول عن رأيه الذي انتهى إليه في المداولة أن رأى وجهاً لذلك حتى لحظة النطق بالحكم إذ أن الندب لا يرفع عنه صفة القاضي من ناحية ولا يقطع صلته كلية بالمحكمة الإدارية العليا من ناحية أخرى.

--------------------
ومن حيث إن البادي بجلاء من استعراض طلبات المدعي أنه إنما استهدف الطعن في الحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 993 لسنة 14 ق بدعوى البطلان الأصلية استناداً إلى حكم المادة 147 من قانون المرافعات وذلك بمقولة أنه قد شابه عيب جسيم تمثل في اشتراك السيد الأستاذ المستشار أحمد علي حسن العتيق في إصداره رغم زوال ولاية القضاء عنه بنقله رئيساً لإدارة الفتوى لوزارة الإسكان اعتباراً من أول فبراير سنة 1972 أي في تاريخ سابق على صدوره الأمر الذي كان يوجب فتح باب المرافعة في الطعن لتستكمل المحكمة تشكيلها وفقاً للقانون.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن الأصل في المنازعة الإدارية هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تطبق القواعد والإجراءات التي شرعها قانون مجلس الدولة ولا تطبق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة المشار إليه والقدر الذي لا يتعارض أساساً مع طبيعة المنازعة الإدارية ولا يتنافر مع خصائصها.
ومن حيث إن أحكام الباب الثامن من قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم تسري على القضاء الإداري إذ فضلاً على أن المادة 53 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 الواجب التطبيق قد نصت على أن تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض وتسري في شأن رد مستشاري محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محاكم الاستئناف، وتسري في شأن رد أعضاء المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية الأخرى القواعد المقررة لرد القضاة - فضلاً على ذلك فإن الأحكام المتقدمة تقرر في واقع الأمر أصلاً عاماً يتصل بأسس النظام القضائي غايته كفالة الطمأنينة للمتقاضين وصون سمعة القضاء ومن ثم كان من الطبيعي سريان هذا الأصل على القضاء الإداري تحقيقاً لذات الغاية الجوهرية من جهة ولإتحاد العلة من جهة أخرى.
ومن حيث إن المادة 146 من قانون المرافعات قد نصت على أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال آلاتية: (1) إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة. (2) إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى ومع زوجته (3) إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصياً عليه أو قيماً أو مظنونة وراثته له، أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصي أحد الخصوم أو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصمة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى (4) إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو وصياً أو قيماً عليه مصلحة في الدعوى القائمة (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها - كما أن المادة 147 من ذات القانون قد نصت على أن "يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم. وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى "والمستفاد بجلاء من النصين المتقدمين أنه إذا ما قام بأحد القضاة سبب من أسباب عدم الصلاحية سالفة الذكر فإن ذلك يصم عمله أو قضاءه بالبطلان ولو كان ذلك باتفاق الخصوم، وزيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء فإنه إذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب إليها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى وهذا استثناء من الأصل العام الذي يجعل أحكام محكمة النقض بمنجى من الطعن بحسبانها خاتمة المطاف ومن ثم فلا يسوغ التوسع فيه أو القياس عليه.
ومن حيث إنه لئن كانت أحكام المحكمة الإدارية العليا هي على ما جرى به قضاء هذه المحكمة خاتمة المطاف فيما يعرض من أقضية على القضاء الإداري ومن ثم لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن - شأنها في ذلك شأن الأحكام الصادرة من محكمة النقض - وإذ كان الشارع قد أجاز للخصم أن يطلب إلى محكمة النقض إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما قام بأحد أعضاء الهيئة التي أصدرته سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى فإن مثل هذه الوسيلة ينبغي إتاحتها للخصم إذا ما وقع البطلان في حكم المحكمة الإدارية العليا لذات السبب وذلك لوحدة العلة التي تقوم حسبما سلف البيان على حكمة جوهرية هي توفير ضمانة أساسية لتطمين المتقاضين وصون سمعة القضاء.
ومن حيث إنه متى كان الأمر ما تقدم وكان المدعي لا يستند في دعواه الماثلة إلى سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 146 من قانون المرافعات سالفة البيان فإن دعواه تكون غير مقبولة.
هذا وجدير بالذكر أن الثابت في الأوراق على خلاف ما ذهب المدعي أن السيد الأستاذ المستشار أحمد علي حسن العتيق قد ندب رئيساً لإدارة الفتوى لوزارة الإسكان والتشييد بالقرار رقم 25 الصادر من السيد رئيس مجلس الدولة بتاريخ 15 من يناير سنة 1972 وذلك استناداً إلى حكم المادة 60 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة الذي كان سارياً آنذاك والندب على هذا الوجه وبحسب أوضاع مجلس الدولة ونظام العمل فيه ليس من شأنه أن يفقد السيد الأستاذ المستشار أحمد علي حسن العتيق ولاية القضاء أو يزيلها عنه بالمعنى المفهوم في القانون بما يجعله غير صالح لنظر الطعن محل الحكم المطعون فيه ممنوعاً من سماعه طالما أن الثابت أنه قد سمع المرافعة في الطعن واشترك في المداولة فيه ووقع مسودة الحكم، وأن ندبه على الوجه المتقدم لا يحول بينه وبين العدول عن رأيه الذي انتهى إليه في المداولة أن رأى وجهاً لذلك حتى لحظة النطق بالحكم إذ أنه "الندب" لا يرفع عنه صفة القاضي من ناحية ولا يقطع صلته كلية بالمحكمة الإدارية العليا من ناحية أخرى. ولا وجه في الوقت ذاته لما أثاره المدعي خاصاً بالسيد الأستاذ المستشار يحيى توفيق الجارحي ذلك أن هذا الأخير لم يشترك في إصدار الحكم الطعين وإنما اقتصر دوره على مجرد الحلول محل السيد المستشار أحمد علي حسن العتيق في جلسة النطق بهذا الحكم.

الطعن 368 لسنة 30 ق جلسة 20 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 118 ص 869

جلسة 20 من أبريل سنة 1966

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

----------------

(118)
الطعن رقم 368 لسنة 30 القضائية

(أ، ب) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "تقدير وعاء الضريبة".
(أ) مصاريف الاستثمار. خصمها من إجمالي الإيرادات لا من صافيها.
(ب) ضرائب أجنبية. اعتبارها تكليفاً على الربح. خصمها من الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.

-------------------
1 - الأصل في التكاليف أنها تخصم من إجمالي الإيرادات لا من صافيها ما لم ينص القانون على غير ذلك، وقد التزمت المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 هذا الأصل ولم تخرج عنه في خصم مصاريف الاستثمار من إجمالي إيرادات رؤوس الأموال المنقولة والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة بقولها إن "إيرادات رؤوس الأموال المنقولة الداخلة في ممتلكات المنشأة والتي تتناولها الضريبة المقررة بمقتضى الكتاب الأول من هذا القانون أو التي تكون معفاة من الضريبة المذكورة بمقتضى قوانين أخرى تخصم من مجموع الربح الصافي الذي تسري عليه ضريبة الأرباح وذلك بمقدار مجموع الإيرادات المشار إليها بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات ويجري الحكم ذاته على إيرادات الأراضي الزراعية أو المباني الداخلة في ممتلكات المنشأة فإن الإيرادات المذكورة تخصم بعد تنزيل 10% من قيمتها من مجموع الربح الصافي الذي تؤدى عنه الضريبة ويشترط أن تكون هذه الإيرادات داخلة في جملة إيرادات المنشأة"، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن ما يخصم من وعاء الأرباح التجارية والصناعية هو 90% من إجمالي الإيرادات فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - وفقاً للمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ما تتحمل به المنشأة من ضرائب أجنبية وتدفعه بسبب نشاطها التجاري والصناعي أو بمناسبته يعتبر تكليفاً على أرباحها ويجب خصمه من الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلا ما استثنى بنص خاص في القانون ولا يغير من ذلك كون هذه الضريبة ليس لها ما يقابلها في مصر ولا تتحمل بمثلها المنشآت المصرية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة البلجيكية المصرية - وهي شركة مساهمة أجنبية مركزها الرئيسي ببروكسيل - قدمت لمراقبة الضرائب المختصة إقرارين عن صافي أرباحها في سنتي 1952، 1953 بمبلغي 57941 ج و809 م، 93179 ج 656 م على التوالي وقامت المراقبة بفحص هذين الإقرارين وأدخلت عليهما بعض التعديلات وخلصت إلى تحديد صافي أرباح الشركة خلال هاتين السنتين بمبلغ 71366 ج و170 م، 94732 ج و852 م على الترتيب وأخطرت الشركة بذلك على النموذج رقم 19 ضرائب، وإذ اعترضت الشركة على هذا الربط وعرض الخلاف على لجنة الطعن.
وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1955 أصدرت اللجنة قرارها باعتماد تقديرات المأمورية فقد أقامت الشركة الدعوى رقم 1216 سنة 1955 تجاري ضرائب القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار إلغاءه والحكم (أولاً) باعتبار ربح الشركة من بيع عقاراتها في سنة 1952 مبلغ 65519 ج و446 م. وفي سنة 1953 مبلغ 92621 ج و528 م (ثانياً) احتساب مبلغ 400 ج ضمن مصروفات سنة 1952 ومبلغ 800 ج ضمن مصروفات سنة 1953. (ثالثاً) احتساب مبلغ مائة جنيه في مصروفات كل من سنتي النزاع مكافأة للسيد صالحاني. (رابعاً) اعتماد مبلغ 170 ج في مصروفات سنة 1952 كمصاريف سفر السيد/ صالحاني لبلجيكا. (خامساً) اعتماد مبلغ 3239 ج و721 م في مصروفات سنة 1952 وهو عبارة عن الضريبة المستحقة للحكومة البلجيكية والتي دفعت لها بالفعل سنة 1952. (سادساً) وجوب تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أساس خصم 9% من إجمالي الإيرادات. (سابعاً) اعتماد مبلغ 91 ج و922 م ضمن مصروفات سنة 1952 كمصاريف سفر لأعضاء مجلس الإدارة نظير إمضاء الأسهم مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبتأييد قرار اللجنة فيما عدا ذلك. وبتاريخ 21 أكتوبر سنة 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع: (أولاً) بتعديل قرار لجنة الطعن المطعون فيه بالنسبة لربح الشركة من بيع عقاراتها بجعل هذا الربح في سنة 1952 مبلغ 65519 ج و446 م وفي سنة 1953 مبلغ 92621 ج و528 م وبالنسبة للمادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بوجوب تطبيقها على أساس خصم 90% من إجمالي الإيراد. (ثانياً) بتأييد قرار اللجنة المطعون فيه فيما عدا ذلك. (ثالثاً) إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات المناسبة وأمرت المحكمة بالمقاصة في أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه فيما قضى به من وجوب تطبيق المادة 36 على أساس خصم 90% من إجمالي الإيراد وقيد هذا الاستئناف برقم 254 سنة 76 قضائية وكذلك استأنفته الشركة طالبة تعديله والحكم لها بباقي طلباتها وقيد استئنافها برقم 266 سنة 76 قضائية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين للارتباط. وبتاريخ 8 يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع: (أولاً) بالنسبة للاستئناف الأول المقام من مصلحة الضرائب برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تفسير للمادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 مع إلزام مصلحة الضرائب بمصاريف هذا الاستئناف ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) بالنسبة للاستئناف الثاني المقام من الشركة بتعديل الحكم المستأنف وبخصم المبالغ الآتي بيانها من التكاليف: (1) المنحة السنوية التي تعطى للسيد/ صالحاني كمكافأة وقدرها 100 ج (2) مبلغ الـ 170 ج الذي دفع له للسفر لبلجيكا في شئون أعمال الشركة التي قام بها (3) مبلغ 3239 ج و721 م المسدد لمصلحة الضرائب في بلجيكا في سنة 1952 وبتأييد الحكم المذكور فيما عدا ذلك وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما، وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت المصلحة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلب نقض الحكم في خصوص السبب الثاني.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بسريان الخصم المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على إجمالي إيرادات العقارات الداخلية في ممتلكات المنشأة لا على صافي هذه الإيرادات تأسيساً على أن الأصل في الإيرادات التي نصت على استبعادها أنها تخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وأن بعضها يخضع لضرائب نوعية أخرى ومنعاً للازدواج رأى الشارع عدم إخضاعها مرة ثانية لضريبة الأرباح التجارية والصناعية فنص على استبعاد إيرادات الأموال المنقولة والأراضي الزراعية والمباني الداخلة في ممتلكات المنشأة من مجموع الربح الصافي وذلك بنسبة 90% منها واستبقى 10% مقابل نصيبها في مصروفات المنشأة وتكاليف استثمارها، وهو خطأ ومخالفة للقانون، لأن البادي من سياق هذه المادة ومفهومها أن الخصم المقرر بها يسري على صافي الإيرادات التي أشارت إليها لا على إجمالي هذه الإيرادات وهي وإن اكتفت عند تقريرها خصم إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأراضي الزراعية والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة من صافي وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية بقولها إن الإيرادات المذكورة تستبعد بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات إلا أن الترجمة الفرنسية لهذا النص جاءت صريحة في أن الإيرادات المقرر خصمها هي الإيرادات الصافية وعلى أساس 90% من صافي هذه الإيرادات، يؤيد ذلك أن الحكمة في استبعاد هذه الإيرادات هي تفادي ازدواج الضريبة لسبق خضوعها لضريبة نوعية أخرى ومن الطبيعي أن يكون الإيراد المستبعد هو الإيراد الصافي وأن تحسب نسبة الاستبعاد وهي 90% من صافي الإيراد لا من إجمالية إذ الحكمة من تقرير هذه القاعدة أن إيرادات رءوس الأموال المنقولة أو الثابتة تدخل في حساب الأرباح والخسائر بعد أن تكون قد أدت للدولة ما عليها من ضريبة نوعية ولو ظلت مندمجة ضمن عناصر الربح التجاري عند حساب الضريبة لكان عليها أن تؤدي الضريبة مرة ثانية ولهذا أباح القانون استبعاد صافي قيمة تلك الإيرادات بعد تنزيل نصيبها من المصاريف وتكاليف الاستثمار بنسبة 10% من صافي قيمتها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله أن جميع التكاليف تخصم من إجمالي الإيرادات لا من صافيها ما لم ينص القانون على غير ذلك، وإذ نصت المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على أن "إيرادات رءوس الأموال المنقولة الداخلة في ممتلكات المنشأة والتي تتناولها الضريبة المقررة بمقتضى الكتاب الأول من هذا القانون أو التي تكون معفاة من الضريبة المذكورة بمقتضى قوانين أخرى تخصم من مجموع الربح الصافي الذي تسري عليه ضريبة الأرباح وذلك بمقدار مجموع الإيرادات المشار إليها بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات. ويجري الحكم ذاته على إيرادات الأراضي الزراعية أو المباني الداخلة في ممتلكات المنشأة فإن الإيرادات المذكورة تخصم بعد تنزيل 10% من قيمتها من مجموع الربح الصافي الذي تؤدى عنه الضريبة ويشترط أن تكون الإيرادات داخلة في جملة إيرادات المنشأة" فإنها بذلك - وعلى ما يبين من سياقها - تكون قد التزمت هذا الأصل ولم تخرج عنه في خصم مصاريف الاستثمار من إجمالي إيرادات رءوس الأموال المنقولة والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة، وهو ذات الوضع الذي جرت عليه المصلحة والتزمته في تعليماتها الصادرة بتاريخ 18 أبريل سنة 1959 - وأثناء نظر الاستئناف - بشأن تطبيق هذه المادة بقولها "وقد ثار خلاف فيما كان ما يضاف إلى وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية هو 10% من صافي أو إجمالي إيرادات ما تملكه المنشأة من أوراق مالية أو عقارات مقابل ما تتحمله المنشأة من تكاليف الاستثمار؟ ولما كانت هذه المادة حينما قررت بأن ما يخصم من الربح الصافي للمنشأة هو مجموع إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأراضي الزراعية والمباني قد استعملت عبارة "الصافي" بالنسبة للربح التجاري والصناعي بينما استعملت عبارة "مجموع الإيرادات" بالنسبة لإيرادات القيم المنقولة والعقارات الزراعية أو المباني مما يقطع في الدلالة على أن المشرع إنما أراد حسبان نسبة الـ 10% التي قررها مقابل ما تتحمله المنشأة من تكاليف استثمار تلك الإيرادات على أساس إجمالي تلك الإيرادات وليس على صافيها (ولما كانت المحاكم قد استقرت في قضائها على هذا الرأي) لهذا توجه المصلحة النظر إلى ضرورة مراعاة ما يستبعد من إيرادات الأوراق المالية والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة هو 90% من إجمالي تلك الإيرادات وليس من صافيها على أن يستبعد من حساب الأرباح والخسائر جميع المصروفات المتعلقة باستثمار واستغلال هذه الأموال تطبيقاً لمبدأ استقلال الضرائب النوعية ويلغى ما جاء مخالفاً لهذه التعليمات" - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن ما يخصم من وعاء الأرباح التجارية والصناعية هو 90% من إجمالي الإيرادات فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بخصم مبلغ 3239 ج و721 م الضريبة التي دفعتها الشركة للحكومة البلجيكية بمقتضى قانون 17/ 10/ 1945 من وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1952، وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن التكاليف الجائز خصمها هي تلك التي تكون قد ساهمت في تحقيق الأرباح والضرائب الأجنبية التي تدفعها إحدى الشركات في الخارج لا تعتبر من التكاليف المنتجة للربح ولأن الضريبة التي دفعتها الشركة على رأس مالها غير معروفة في مصر ولا يجوز خصم الضرائب الأجنبية إلا إذا كان لها ما يقابلها وتتحمل بمثلها المنشآت المصرية، هذا بالإضافة إلى أن الثابت من وقائع الدعوى أن الشركة قامت بسداد هذه الضريبة للحكومة البلجيكية سنة 1945 - في صورة أسهم - وعملاً بمبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يجوز خصمها من أرباح سنة 1952، والمبلغ محل النزاع لا يعدو أن يكون من الخسائر التي لا يجوز ترحيلها لأكثر من ثلاث سنوات والقول من الحكم بأن الضريبة على رأس مال الشركة لم تصبح نهائية إلا في سنة 1952 هو قول مرسل لم يقم عليه دليل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أن "يكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها الشركة أو المنشأة ويدخل في ذلك ما ينتج من بيع أي شيء من الممتلكات سواء في أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها وذلك بعد خصم جميع التكاليف وعلى الأخص (1)...... (2)...... (3) الضرائب التي تدفعها المنشأة ماعدا ضريبة الأرباح التي تؤديها طبقاً للقانون (4)....... (5)........" ومؤدى هذا النص وإطلاقه يدل على أن ما تتحمل به المنشأة من ضرائب أجنبية وتدفعه بسبب نشاطها التجاري والصناعي أو بمناسبته ويعتبر بذلك تكليفاً على أرباحها يجب خصمه من الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلا ما استثنى بنص خاص في القانون، ولا يغير من ذلك كون هذه الضريبة ليس لها ما يقابلها في مصر ولا تتحمل بمثلها المنشآت المصرية. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "مصلحة الضرائب وقد اعتمدت ميزانيات الشركة ودفاترها لا يسوغ لها بعد ذلك أن تخرج عن مدلول هذه الميزانيات والدفاتر "بدون دليل" يضاف إلى هذا أن الدين لا يعتبر ثابتاً إلا بعد أن يصبح محدداً وما دام أن تقويم الضريبة وتقديرها النهائي لم يحصل إلا في سنة 1952 فلا محل للرجوع بها إلى سنة 1945 عندما سلمت الشركة أسهماً مجهولة القيمة للحكومة البلجيكية انتظاراً لتحديد هذه الضريبة تحديداً نقدياً أو مالياً أي أن التسليم الحاصل في سنة 1945 كان بمثابة رهن" وأن "الفقرة الثالثة من المادة 39 أتت بمبدأ عام هو خصم ما يدفع من ضريبة من مجموع الإيراد فلا محل للتمييز بين ضريبة وأخرى إلا إذا نص القانون صراحة على استثناء ضريبة معينة من هذا الخصم وهو افتراض غير متوافر في الحالة المعروضة" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 595 لسنة 17 ق جلسة 20 / 12 / 1975 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 3 ص 7

جلسة 20 من ديسمبر 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده - المستشارين.

-----------------------

(3)

القضية رقم 595 لسنة 17 القضائية

دعوى - اختصاص - إحالة.
المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية توجب على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها أي بالفصل في موضوعها ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية - يمتنع على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بعد الحكم بعدم الاختصاص من المحكمة المحيلة أن تعاود البحث في موضوع الاختصاص أياً كانت طبيعة المنازعة ومدى علاقة الحكم الصادر فيها بعدم الاختصاص أو الأسباب التي بني عليها حتى ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالوظيفة - أساس ذلك أن المشرع قدر أن الاعتبارات التي اقتضت الأخذ بهذه القاعدة تسمو على ما يتطلبه التنظيم القضائي عادة من عدم تسليط قضاء محكمة على قضاء محكمة أخرى.

-------------------
ومن حيث إنه بجلسة 13 من مايو 1970 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها، إلا أن المحكمة الأخيرة أصدرت بجلستها المنعقدة في 26 من مايو 1971 حكمها بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة العليا للاختصاص، وأقامت قضاءها على أنه لما كان المدعي من العاملين بإحدى شركات القطاع العام فإنه لا يصدق عليه وصف الموظف العام وينحسر عنه اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر طعنه في القرار الصادر في شأنه على ما تناولته على سبيل الحصر والتحديد المادة 8 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وبالتالي فإنه لا اختصاص للقضاء الإداري بنظر الدعوى، ومن جهة أخرى فان إحالة الدعوى من محكمة القاهرة الابتدائية بعد حكمها بعدم الاختصاص لا يلزم محكمة القضاء الإداري - وهي غير مختصة ولائياً بنظرها - بالفصل فيها لأن معنى ذلك أن تسلب المحكمة المحلية من اختصاصها لتفرض على محكمة سواها اختصاصاً دخيلاً عليها، وأنه يترتب على التسليم بهذا النظر أن يتوزع الاختصاص بين المحاكم لا بقانون كما هو الأصل وإنما بمجرد حكم قضائي وفي هذا ما فيه من خروج على مبدأ الفصل بين السلطات وهو مبدأ دستوري فضلاً عما يؤدي إليه من تضارب بين أحكام المحكمة الواحدة حين تقضي حيناً بعدم اختصاصها بالنسبة إلى الدعاوى التي ترفع إليها مباشرة وحيناً باختصاصها بالنسبة إلى الدعاوى المماثلة التي قد تحال إليها، الأمر الذي لا مناص معه - فيما ذهب الحكم المطعون فيه - من اعتبار أن المقصود من الحكم الوارد في المادة 110 مرافعات والذي يلزم المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة كما تلزم المحكمة المحال إليها بنظرها أن المقصود به إلزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها دون الفصل فيها ورتبت المحكمة على ذلك أنه يتعين على المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى من محكمة أخرى طبقاً للمادة 110 المشار إليها أن تقضي في حالة تبين عدم اختصاصها الولائي بعدم اختصاصها هي الأخرى وأن تحيل الدعوى إلى المحكمة العليا التي عقد لها الاختصاص بالفصل في التنازع السلبي بموجب القانون رقم 81 لسنة 1969.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه وإن أصاب الحق فيما قضى به من عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في الدعوى تأسيساً على أن الالتزام الوارد بالمادة 110 مرافعات إنما ينصرف إلى التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها دون التزامها بالفصل فيها إلا أن الحكم خالف القانون فيما انتهى إليه من إحالة الدعوى إلى المحكمة العليا لأن الإحالة بموجب هذا النص لا تجوز إلا إلى محكمة مختصة أصلاً بنظر النزاع موضوعاً، كذلك فإن المشرع حدد القواعد والإجراءات التي يلتزم أصحاب الشأن بإتباعها في مسائل تنازع الاختصاص ورفعها إلى المحكمة العليا خارج نطاق قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومن ثم فلا تسري أحكام هذا القانون ومنها الحكم الوارد في المادة 110 على هذه المسائل.
ومن حيث إنه ولئن اقتصر الطعن في الحكم على الشق الخاص بإحالة الدعوى إلى المحكمة العليا دون الشق الخاص بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن من هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة من الحالات التي تعيبه مما نص عليه في قانون مجلس الدولة فتلغيه ثم تنزل حكم القانون على المنازعة دون التقيد بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، وذلك نزولاً على سيادة القانون في روابط القانون العام، أم إنه لم تقم به أية حالة من تلك الحالات وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن، وينبني على ذلك أنه متى كانت هيئة مفوضي الدولة قد قصرت طعنها على الشق الثاني من الحكم المتعلق بالإحالة إلى المحكمة العليا دون الشق الأول المتعلق بالاختصاص، وكان الشقان مرتبطين أحدهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً، فإنه لا مندوحة من اعتبار الطعن في الشق الثاني مثيراً للطعن في الشق الأول.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بأن المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية توجب على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها - أي بالفصل في موضوعها ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية، وأن المشرع إنما استهدف من إيراد حكم هذا النص حسم المنازعات ووضع حد لها حتى لا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة لأخرى وفى ذلك ما فيه من مضيعة لوقت القضاء ومجلبة لتناقض أحكامه.. وأنه إزاء صراحة نص المادة 110 من قانون المرافعات وإطلاقه فقد بات ممتنعاً على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بعد الحكم بعدم الاختصاص من المحكمة المحلية أن تعاود البحث في موضوع الاختصاص أياً كانت طبيعة المنازعة ومدى سلامة الحكم الصادر فيها بعدم الاختصاص والأسباب التي بني عليها حتى ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالوظيفة، إذ قدر المشرع أن الاعتبارات التي اقتضت الأخذ بهذه القاعدة تسمو على ما يتطلبه التنظيم القضائي عادة من عدم تسليط قضاء محكمة على قضاء محكمة أخرى، وبمراعاة أن إلزام المحكمة المحال إليها الدعوة بالفصل فيها طبقاً للمادة 110 المشار إليها لا يخل بحق المدعي في الطعن في الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة بطريق الطعن المناسب، فإذا فوت المدعي على نفسه الطعن فيه في الميعاد فإن الحكم يحوز حجية الشيء المقضي ولا يعود بالإمكان إثارة عدم اختصاص المحكمة المحال إليها الدعوى.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب فيما قضى به من عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى بعد أن أحيلت الدعوى من محكمة القاهرة الابتدائية التي قضت بعدم اختصاصها ولم يطعن في حكمها في الميعاد وبذلك تكون إحالة الدعوى من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة العليا - بغض النظر عن مدى سلامة هذه الإحالة - غير ذات الموضوع.. وإذ أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتأويله على الوجه المتقدم فإنه يتعين إلغاؤه والقضاء باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل في موضوعها.

الطعن 370 لسنة 31 ق جلسة 14 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 117 ص 862

جلسة 14 من أبريل سنة 1966

برئاسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(117)
الطعن رقم 370 لسنة 31 القضائية

(أ) شركات. أشخاص اعتبارية. استئناف. "الخصوم في الاستئناف".
للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية من يمثلها. توجيه الاستئناف منها باعتبارها الأصيلة فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها. ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في صحيفة الاستئناف والحكم كاف لصحتهما. عدم الاعتداد بالخطأ الواقع في صفة الممثل.
(ب) وقف. "إنشاء الوقف". دعوى. "عدم سماع الدعوى".
عدم اشتراط الشريعة الإسلامية التوثيق لإنشاء الوقف. لا تمنع سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوباً. جواز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً حتى صدور لائحة المحاكم الشرعية. منع اللائحة سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي أو مأذون من قبله مع قيد الوقف بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية.

-------------------
1 - للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية من يمثلها. فإذا كان الاستئناف موجهاً منها باعتبارها الأصيلة فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في صحيفة الاستئناف والحكم يكون كافياً لصحتهما في هذا الخصوص وبالتالي فلا يعتد بالخطأ الواقع في صفة هذا الممثل[(1).
2 - لا تشترط الشريعة الإسلامية التوثيق لإنشاء الوقف ولا تمنع سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوباً ولذلك فقد كان من الجائز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً حتى صدرت لائحة المحاكم الشرعية التي منعت سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد بالوقف ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وبشرط أن يكون الوقف مقيداً بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بوصفه حارساً ومصفياً لوقف أبي شال - أقام على بنك الإسكندرية "المطعون ضده" الدعوى رقم 178 سنة 1957 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يسلمه قطعة الأرض المبينة بصحيفة تلك الدعوى خالية مما يشغلها من بناء أو غراس أو خلافه وذكر في بيان دعواه أن بنك باركليز سابقاً "بنك الإسكندرية حالياً" اشترى بعقد مشهر في 20 من نوفمبر سنة 1950 من السيدة "موربيل جورون" حقوقها على العقار رقم 28 تنظيم بشارع رشدي باشا بالإسكندرية وهذه الحقوق هي كامل ملكية المباني مع منفعة الأرض وقد نص في البند الرابع من عقد البيع المذكور على أن سند البائعة يشير إلى أن الأرض القائم عليها البناء محتكرة لجهة وقف أبي شال - ولما كان القانون رقم 180 لسنة 1952 قد أنهى نظام الوقف على غير الخيرات وتحكيره وصار الوقف ملكاً خالصاً لمستحقيه الذين يمثلهم الطاعن فقد أنذر المطعون ضده بتسليمه الأرض لأنه ليس له من الحقوق أكثر مما للبائعة له "المستحكرة" وإذ لم يستجب المطعون ضده إلى هذا الطلب فقد أقام عليه هذه الدعوى بطلباته السالف ذكرها. ودفع المطعون ضده بأن الأرض غير محكرة وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على ذلك كما أنه لم يقدم أيضاً إشهاد الوقف المثبت لدعواه وأضاف إنه سبق أن صدرت عدة أحكام من القضاء المختلط برفض دعاوى أقامها نظار الوقف بالمطالبة بأجرة الحكر لعدم ثبوت وجود الوقف أصلاً كما تمسك المطعون ضده بأنه بفرض ثبوت الوقف فإنه وسلفاءه قد تملكوا الأرض المتنازع عليها بموجب عقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية. وفي 10 من فبراير سنة 1958 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية للطاعن بصفته بطلباته. استأنف المطعون ضده هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية رقم 74 سنة 14 قضائية وتمسك فيه بدفاعه ودفوعه التي أبداها أمام محكمة أول درجة وقد دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة قولاً منه بأن الحكم المستأنف صدر ضد بنك الإسكندرية "شركة مساهمة مصرية" ويمثلها الدكتور علي الجريتلي بصفته رئيس مجلس إدارة ذلك البنك أو عضوه المنتدب في حين أن الاستئناف قد رفع من البنك المذكور ممثلاً بالدكتور علي الجريتلي بصفته عضو مجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية وإذ كانت هذه الصفة تخالف الصفة التي صدر الحكم عليها بها فإن الاستئناف يكون مرفوعاً من غير ذي صفة، كما دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف شكلاً تأسيساً على أن المطعون ضده وإن كان قد عاد فأعذره بصفته التي صدر الحكم عليه بها إلا أن ذلك قد حدث بعد فوات ميعاد الاستئناف مما يجعله غير مقبول شكلاً - وطلب من باب الاحتياط رفض الاستئناف موضوعاً. وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفعين بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة وبعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبقبوله شكلاً ثم حكمت في 10 من يونيه سنة 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - فطعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم الثاني وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من أبريل سنة 1965 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 27 من يناير سنة 1966 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1960 والقاضي برفض الدفعين بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة وبعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد - أن هذا الحكم قد وقع باطلاً لخلوه من ذكر صفة المحكوم له "الدكتور علي الجريتلي" وهي أنه رئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية وعضوه المنتدب مع أن هذه الصفة ملحوظة في النزاع ولا يغني عن ذكرها إمكان معرفتها من ورقة أخرى في الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجب أن يكون بذاته دالاً على استكمال شروط صحته كما يقول الطاعن إنه أسس دفعه بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة على أن الاستئناف رفع من بنك الإسكندرية ويمثله الدكتور علي الجريتلي بصفته عضو مجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية في حين أن الحكم قد صدر عليه بصفته رئيس مجلس إدارة البنك المذكور وعضوه المنتدب ورتب على ذلك أن الاستئناف إذ لم يرفع من المحكوم عليه بذات الصفة التي كانت له في الخصومة المستأنف حكمها فإنه يكون قد رفع من غير ذي صفة لكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى ما قاله من أنه يكفي لصحة عريضة الاستئناف ذكر اسم الشركة المطعون ضدها ومركز إدارتها ولا داعي لذكر اسم ممثلها وهذا من الحكم خطأ في القانون ذلك إنه ما دام صاحب الحق شخصاً اعتبارياً فإن الصفة في المخاصمة عنه لا تثبت إلا لمن يمثله طبقاً لنصوص القانون أو عقود التأسيس ويقول الطاعن إنه قد ترتب على قضاء الحكم برفض هذا الدفع أن قضى أيضاً برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد مع أن الدكتور علي الجريتلي لم يعلنه بصفته الحقيقية التي كانت له في الخصومة إلا بعد فوات ميعاد الاستئناف وبذلك يكون الحكم قد خالف القانون أيضاً في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الثابت من الأوراق أن الاستئناف وجه من بنك الإسكندرية "شركة مساهمة مصرية" وقد ورد ذكر اسم هذه الشركة في الحكم المطعون فيه عند بيان اسم المحكوم له ولما كان للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثلها وكان الاستئناف موجهاً منها باعتبارها الأصلية فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في الحكم يكون كافياً لصحته في هذا الخصوص وبالتالي فلا يكون للخطأ الواقع في صفة هذا الخصم أثر في صحة الحكم - والنعي مردود في باقي أوجهه بأن الثابت من الحكم الابتدائي أن الدعوى الأصلية رفعت على بنك الإسكندرية ممثلاً في الدكتور الجريتلي كما أن الثابت من أوراق الطعن أن الاستئناف قد رفع من البنك المذكور "شركة مساهمة مصرية" ممثلاً أيضاً في الدكتور علي الجريتلي ولما كانت هذه الشركة شخصية اعتبارية بحكم المادة 52 من القانون المدني ولها تأسيساً على ذلك اسم يميزها عن غيرها فإن ما وقع في صحيفة الاستئناف من خطأ في بيان الصفة التي يمثل بها الدكتور علي الجريتلي الشركة المستأنفة لا يعتد به على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ولما كانت صحيفة الاستئناف قد وجهت من الخصم المحكوم عليه وتم إعلانها في الميعاد فإن الاستئناف يكون مقبولاً شكلاً ومن ثم يكون النعي بجميع وجوهه على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الأول من أسباب الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 10 من يونيه سنة 1961 أن هذا الحكم وقع مشوباً بالبطلان لخلوه من ذكر بيان صفة الممثل القانوني للشركة المطعون ضدها "بنك إسكندرية" على النحو السابق ذكره في النعي على الحكم الأول.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على الوجه الأول من أوجه النعي على الحكم الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1960.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور ذلك أنه أغفل ما أثبتته المحكمة بمحضر انتقالها إلى وزارة الأوقاف بالقاهرة من واقع اطلاعها على سجل أوقاف إسكندرية جزء 4 وهو أن "وقفية أحمد أبو شال المنشأة في أواخر شعبان سنة 1105 هجرية محررة من محكمة الثغر بإمضاء وختم القاضي أفندي" مع ما لهذا البيان المؤرخ 29 من شعبان سنة 1290 هجرية من قيمة مؤدية لإثبات الدعوى ومؤثرة في الحكم إذ هو يتفق مع أخر تأشيرات "ظهر الحجة" التي تنص على أنه "جرى تسجيل هذه الوقفية بسجل أوقاف إسكندرية وجه نمرة 310 في 29 من شعبان سنة 1290 وهو عين المرصود حرفياً في سجل الوقف وما يطرأ عليه بمحكمة إسكندرية الشرعية جـ 1 ص 88 سنة 1332 هـ/ 1914 ميلادية وهذا الذي لم تحفل به المحكمة رغم تمسك الطاعن به في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف يدل على أن الحجة الأصلية المحررة سنة 1105 هجرية من محكمة الثغر وبإمضاء وختم قاضي أفندي "قاضي الإسلام العثماني" هي ذاتها التي سجلت بسجل أوقاف إسكندرية سنة 1290 هجرية وأشر بهذا الإجراء على ظهرها وهي ذاتها التي رصدت سنة 1332 هجرية بسجل المحكمة الشرعية بناء على الأمرين الصادرين خصيصاً لذلك من نظارة الحقانية إذ كانت الحجة بيد النظار حتى ذلك الحين وفقاً للمقرر لغاية سنة 1924 من أن يسجل الأصل ويرد لصاحب الشأن - وهذا الإغفال من الحكم من شأنه أن يجعله مشوباً بقصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من مذكرة الطاعن المقدمة منه لمحكمة الاستئناف لجلسة 21 من مايو سنة 1961 والمودعة صورتها الرسمية ملف الطعن - أنه تمسك فيها بالدفاع الذي يثيره بسبب النعي وقال إن قيد البيانات التي تتضمنها الحجة بسجل الأوقاف إسكندرية في سنة 1290 هجرية يدل على أن تلك البيانات قد نقلت عن حجة الوقف الأصلية - مما يقطع بوجود هذه الحجة في تاريخ قيد هذه البيانات - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع وأقام قضاءه بعدم ثبوت وجود وقف أبي شال مدعي الملكية على أن الطاعن لم يقدم كتاب الوقف الأصلي المثبت لدعواه ولما كانت الشريعة الإسلامية لا تشترط التوثيق لإنشاء الوقف ولا تمنع سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوباً ولذلك فقد كان من الجائز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً إلى أن صدرت لائحة 27 من مايو سنة 1897 فمنعت سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد بالوقف ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وبشرط أن يكون الوقف مقيداً بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية لما كان ذلك، وكان وقف أبي شال طالب الملكية مدعي بوجوده من قبل صدور تلك اللائحة فإن ذلك كان يقتضي من المحكمة أن تعرض للدليل المستمد من قيد كتاب الوقف في السجل المحفوظ بوزارة الأوقاف في سنة 1290 هجرية والذي تمسك به الطاعن في مذكرته الآنف ذكرها ما دام أنه كان من الجائز إثبات هذا الوقف بغير طريق الإشهاد الشرعي - أما والحكم المطعون فيه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع أو الرد عليه واستلزم لإثبات الوقف تقديم كتابه مع عدم لزوم ذلك بالنسبة للأوقاف التي أنشئت قبل سنة 1897 م فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه ولا يغنيه أن يكون قد اعتمد في قضائه على دعامة أخرى هي ما انتهى إليه من عدم ثبوت الحكر لأن ذلك لا يكفي بمجرده لحمل قضاء الحكم برفض الدعوى فيما لو ثبت وجود الوقف ودخول أرض النزاع في الأعيان الموقوفة إذ يجب في هذه الحالة لتبرير النتيجة التي انتهى إليها الحكم أن يثبت إلى جانب عدم ثبوت الحكر أن واضعي اليد قد اكتسبوا ملكية الأرض محل النزاع بالتقادم بعد أن أثبت الحكم أن حياتهم لها لم تكن بطريق التحكير أي أنها لم تكن حيازة عرضية وبالتالي يجوز لهم اكتساب ملكيتها بالتقادم إذا توافرت شرائطه القانونية - وهذا ما لم يعرض له الحكم المطعون فيه بل وقف عند حد تقرير عدم ثبوت الحكر دون أن يمضي في بحث ما إذا كان المطعون ضده وسلفاؤه قد اكتسبوا الملكية بالتقادم بالشروط المقررة لذلك قانوناً رغم تمسك المطعون ضده بهذا الدفاع ولقد أغنى الحكم عن بحث ذلك ما انتهى إليه في دعامته الأخرى من عدم ثبوت وجود الوقف أصلاً ولكن وقد ثبت أن تسبيب قضائه في خصوص هذه الدعامة معيب على النحو السابق بيانه فإن ما قرره الحكم من عدم ثبوت الحكر لا يكفي وحده لحمل قضائه برفض الدعوى وبالتالي فلا يشفع له في قصوره في خصوص ما قرره من عدم ثبوت وجود الوقف أصلاً ويبقى هذا القصور مستوجباً لنقض الحكم وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع: نقض 17 من يناير سنة 1963 س 14 ص 136 و2 يناير سنة 1964 س 15 ص 13.
(2) راجع نقض 28 مارس سنة 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 409.

الطعن 84 لسنة 20 ق جلسة 15 / 11 / 1975 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 2 ص 5

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضة، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريده - المستشارين.

---------------------

(2)

القضية رقم 84 لسنة 20 القضائية

دعوى تأديبية - قرار الإحالة للمحكمة التأديبية - الفصل في الدعوى التأديبية.
إذا كان الثابت أن العامل المحال للمحكمة التأديبية قد أحيط علماً بالدعوى التأديبية المقامة ضده وأعلن بتاريخ الجلسة التي عينت لنظرها وكانت السبل ميسرة أمامه للحضور بنفسه أو بوكيل عنه لدفع ما أسند إليه ومع ذلك لم يسع إلى متابعة سير إجراءات هذه الدعوى ولم ينشط لإبداء أوجه دفاعه فإنه لا ضير على المحكمة التأديبية إن هي سارت في نظر الدعوى وفصلت فيها في غيبته - أساس ذلك أن المستفاد من أحكام المواد 34، 35، 36، 37 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة إن حضور المتهم جلسات المحاكمة ليس شرطاً لازماً للفصل في الدعوى وإنما يجوز الفصل فيها في غيبته طالما كانت مهيأة لذلك وكان المتهم قد أعلن بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة التي عينت لنظرها بالوسيلة التي رسمها القانون.

------------------
إن الثابت في الأوراق أن الدعوى التأديبية في الخصوصية الماثلة قد أقيمت أول أمرها أمام المحكمة التأديبية لوزارتي النقل والمواصلات حيث قيدت في جدولها برقم 85 لسنة 15 ق وقد عين لنظرها أمام هذه المحكمة جلسة 13 من يونيه سنة 1973 وفيها حضر المتهم (الطاعن) وقرر أنه يعمل بهيئة البريد بالزقازيق وطلب أجلاً للاطلاع وتقديم مذكرة بدفاعه، وفي نهاية الجلسة قرر السيد رئيس المحكمة إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة التأديبية بمدينة المنصورة للاختصاص ونفاذاً لهذا القرار أحيلت الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة حيث قيدت في جدولها برقم 48 لسنة 1 ق وعين لنظرها أمامها جلسة السابع من أكتوبر سنة 1973 وأعلن المتهم بتاريخ هذه الجلسة في الكتاب رقم 767 الصادر في الرابع من أكتوبر سنة 1973، وإذ تخلف المتهم عن حضور تلك الجلسة فقد أرجأت المحكمة نظر الدعوى إلى جلسة 21 من أكتوبر سنة 1973 وكلفت النيابة الإدارية إعادة إخطار المتهم وفي الحادي عشر من أكتوبر سنة 1973 تلقت المحكمة التأديبية المتقدمة من المتهم كتاب أبان فيه أن الكتاب رقم 767 المتضمن إخطاره بجلسة السابع من أكتوبر سنة 1973 المشار إليه لم يصله إلا في اليوم ذاته المعين لنظر الدعوى التأديبية المقامة ضده الأمر الذي لم يستطع معه حضور هذه الجلسة، وأضاف أنه قد علم أن الدعوى قد حجزت للحكم لجلسة 21 من أكتوبر سنة 1973 دون أن يتمكن من الاطلاع وإبداء دفاعه وانتهى المتهم إلى طلب فتح باب المرافعة في الدعوى لجلسة بعيدة يتم إخطاره قبلها بوقت كاف يمكنه الدفاع عن نفسه، وبجلسة 21 من أكتوبر سنة 1973 حيث تخلف المتهم ثانية عن الحضور قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1973 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوع، وفي هذه الجلسة الأخيرة صدر الحكم الطعين في غيبة المتهم وإذ كان البادي بجلاء من الاستعراض سالف البيان أن المتهم (الطاعن) قد أحيط علماً بالدعوى التأديبية المقامة ضده كما أعلن بتاريخ الجلسة التي عينت لنظرها سواء أمام المحكمة التأديبية لوزارتي النقل والمواصلات أو أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة التي أحيلت إليها للاختصاص وأن السبل كانت ميسرة أمامه للحضور أمام هذه المحكمة الأخيرة بنفسه أو بوكيل عنه لدفع ما أسند إليه ودرء المساءلة عنه بيد أنه لم يسع إلى متابعة سير إجراءات هذه الدعوى ولم ينشط لإبداء أوجه دفاعه فيها وتقديم الأدلة والبراهين التي تشهد على براءة ساحته مما نسب إليه - إذ كان الأمر ما تقدم - فمن ثم لا ضير على المحكمة التأديبية إن هي سارت في نظر الدعوى على الوجه بادي الذكر وفصلت فيها في غيبته إذ المستفاد من استقراء أحكام المواد 34، 35، 36، 37 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة الواجب التطبيق في الخصوصية المطروحة أن حضور المتهم جلسات المحاكمة ليس شرطاً لازماً - للفصل في الدعوى وإنما يجوز الفصل فيها في غيبته طالما كانت مهيأة لذلك وكان المتهم قد أعلن بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة التي عينت لنظرها بالوسيلة التي رسمها القانون، ولا وجه لما أثاره المتهم (الطاعن) من أن المحكمة لم تخطره بالجلسة ومن ثم فوتت عليه فرص الدفاع عن نفسه ذلك أنه فضلاً عن أن واقع الحال لا يسانده إذ الثابت بإقراره أنه قد أعلن بتاريخ الجلسة التي عينت لنظر الدعوى وهو السابع من أكتوبر سنة 1973 ولئن كان صحيحاً أن هذا الإعلان قد بلغه متأخراً في ذات يوم الجلسة فقد كان لزاماً عليه أن يتابع سواء بنفسه أو بوكيل عنه سير إجراءات الدعوى التأديبية المقامة ضده إلى أن يفصل فيها إذ ليس ثمة ما يلزم المحكمة بأن تخطره بكل جلسة حددتها لنظر هذه الدعوى بعد ذلك طالما سارت الدعوى سيرها المعتاد من جلسة إلى أخرى، وإذ كان المتهم قد قصر فيما هو واجب عليه وكان ذلك متاحاً له فمن ثم لا يقبل منه الحجاج بعدم سماع دفاعه وبالتالي تكون محاكمته قد تمت صحيحة وفقاً للقانون.

الطعن 341 لسنة 31 ق جلسة 14 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 115 ص 846

جلسة 14 من أبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(115)
الطعن رقم 341 لسنة 31 القضائية

التزام. "انقضاء الالتزام". اتحاد الذمة.
اتحاد الذمة لا يتحقق إلا باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة إلى دين واحد. عدم تحقق اتحاد الذمة إذا ما ورث الدائن المدين لأنه لا يرث - وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية - الدين الذي على التركة ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين. لا تركة إلا بعد سداد الدين.

----------------
اتحاد الذمة لا يتحقق إلا باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة إلى دين واحد (1) ومن ثم فلا يتحقق اتحاد الذمة إذا ما ورث الدائن المدين إذ تمنع من ذلك أحكام الشريعة الإسلامية التي تحكم الميراث في هذه الحالة ذلك أنه حيث يرث الدائن المدين فإنه لا يرث الدين الذي على التركة حتى ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين لما هو مقر في الشريعة الإسلامية من أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين مما مقتضاه أن تبقى التركة منفصلة عن مال الوارث الدائن حتى تسدد الديون التي عليها وبعد ذلك يرث هذا الدائن وحده أو مع غيره من الورثة ما يتبقى من التركة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وفي حدود ما يتطلبه الفصل في هذا الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5001 سنة 54 مدني كلي القاهرة بعريضة معلنة في 20 نوفمبر سنة 1954 ضد والدته السيدة عزيزة خليل وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تقدم له حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها لحصة والده المرحوم عبد العليم الجسطيني في أربع عمارات بجهة الفجالة وذلك عن المدة - منذ تعيينها حارسة قضائية على تلك العمارات بموجب الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر المختلطة في 7 يونيه سنة 1939 لغاية 31 ديسمبر لسنة 1954 وقال بياناً لدعواه إن الحكم المذكور قد فرض على المدعى عليها أن تودع في أول يونيه وديسمبر من كل سنة اعتباراً من 31 ديسمبر سنة 1939 تقريراً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها وأن تودع خزانة المحكمة صافي ناتج هذه الإدارة غير أنها لم تنفذ ما كلفها به ذلك الحكم وأنكرت المدعى عليها على الطاعن دعواه قائلة إن الطاعن عين قيماً على والده عبد العليم الجسطيني في سنة 1935 واستمر في هذه القوامة إلى أن توفي المحجور عليه سنة 1945 وأنه هو الذي كان يقوم خلال هذه المدة بإدارة أملاك والده بما فيها العمارات الأربع وكان يقدم للمجلس الحسبي حسابات القوامة بما فيها الحسابات المتعلقة بتلك العمارات وأنها وإن كانت عينت حارسة عليها إلا أنها لم تقبض شيئاً من ريعها إذ كان يقبضه الطاعن ويأخذه لنفسه ودفعت بسقوط حق الطاعن في مطالبتها بتقديم الحساب بمضي خمس عشرة سنة قبل رفع الدعوى وبسقوطه بمضي خمس سنوات طبقاً لنص المادة 375 من القانون المدني. واتبعت ذلك بأن وجهت للطاعن طلباً عارضاً بجلسة 16 من أبريل سنة 1956 طلبت فيه الحكم بإلزامه بأن يقدم لها حساباً مؤيداً بالمستندات عن قوامته على والده منذ تعيينه قيماً عليه في 17 يونيه سنة 1935 حتى تاريخ وفاته في 11 مارس سنة 1945. ودفع الطاعن هذا الطلب العارض بسقوط حق السيدة عزيزة خليل في مطالبته بتقديم ذلك الحساب بمضي خمس سنوات على انتهاء هذه القوامة بوفاة المحجور عليه. وبتاريخ 24 من أبريل سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية في الدعوى الأصلية المرفوعة من الطاعن برفض الدفع المبدى من السيدة عزيزة خليل بسقوط حق الطاعن في مطالبتها بتقديم الحساب وبإلزامها بأن تقدم حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها للعمارات التي كانت تحت حراستها في المدة من 7 يونيه سنة 1939 إلى أخر ديسمبر سنة 1954 وذلك في مدى شهر ونصف من تاريخ النطق بهذا الحكم وفي الطلب العارض الموجه للطاعن بقبول الدفع المبدى منه بسقوط حق السيدة عزيزة خليل في مطالبته بتقديم الحساب عن قوامته بمضي خمس سنوات على انتهاء القوامة. وإذ لم تقدم السيدة عزيزة خليل الحساب في الميعاد الذي حدده لها هذا الحكم فقد قضت المحكمة في 18 سبتمبر سنة 1957 بإلزامها بغرامة قدرها جنيهاً واحداً عن كل يوم تتأخر فيه عن تقديم الحساب بعد صدور هذا الحكم الأخير وأخيراً وبتاريخ 29 يناير سنة 1958 قضت المحكمة بإلزام السيدة المذكورة بأن تدفع للطاعن مبلغ 85 ج قيمة متجمد الغرامة المحكوم بها بصفة تعويض له عما أصابه من ضرر بسبب امتناعها عن تقديم الحساب. استأنفت السيدة عزيزة خليل الأحكام الثلاثة المتقدمة الذكر بترتيب صدورها بالاستئنافات رقم 819 سنة 74 ق، 1139 سنة 74 ق، 375 سنة 75 ق على التوالي لدى محكمة استئناف القاهرة ولدى نظر هذه الاستئنافات توفيت المستأنفة فقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة ثم عجلها الطاعن بصفته الشخصية بإعلان وجهه لنفسه وللمطعون ضده باعتبارهما الوارثين الوحيدين لوالدتهما المرحومة عزيزة خليل - وطلب تأييد الأحكام المستأنفة وضمت محكمة الاستئناف الاستئنافات الثلاثة المقدمة الذكر ثم قضت فيها بتاريخ 31 مايو سنة 1961 بإلغاء الأحكام المستأنفة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فرأت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بإلغاء الأحكام الابتدائية الثلاثة الصادرة ضد السيدة عزيزة خليل والمستأنفة منها على ما قاله من أنها قد توفيت بعد رفعها الاستئنافات وانحصر إرثها في ولديها المستأنف عليهما (الطاعن والمطعون ضده) وأنه بذلك أصبحت هذه الاستئنافات غير ذات موضوع وبالتالي يكون الالتزام بتقديم الحساب قد انقضى لاتحاد ذمة كل من المستأنف عليهما المذكورين. ويرى الطاعن أن هذا الذي قاله الحكم المطعون فيه كسبب لإلغاء الأحكام الثلاثة المستأنفة لا يمكن أن يؤدي عقلاً أو قانوناً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه. ذلك أنه بفرض أنه قد ترتب على وفاة المستأنفة أن أصبحت استئنافاتها غير ذات موضوع فإن ذلك كان يقتضي الحكم بعدم قبولها وتبقى الأحكام المستأنفة التي قضت بإلزام المستأنفة بتقديم الحساب وبالغرامة قائمة طالما أن الاستئنافات التي رفعت عنها أصبحت غير ذات موضوع. أما إذا كان قصد الحكم المطعون فيه هو أن الأحكام المستأنفة هي التي أصبحت غير ذات موضوع بسبب اتحاد الذمة فإن الحكم يكون مخطئاً في هذا أيضاً ذلك أن اتحاد الذمة لا يتحقق في هذه الحالة نتيجة وفاء المستأنفة إذ أن الطاعن الذي كان مستأنفاً ضده يعتبر دائناً للتركة بصفته الشخصية بما حكمت له به الأحكام المستأنفة ضد والدته، وصفته كدائن هذه لا تنعدم بوفاة المستأنفة المذكورة بعد رفعها الاستئنافات عن تلك الأحكام إذ أن الذمة لا تتحد بينه وبين أخيه المطعون ضده الذي أعلن في الاستئنافات بعد وفاة والدته المستأنفة ليختار بين أن يؤيد دعواها أو يتخلى عن الاستئنافات المرفوعة منها فاتحاد الذمة لا يكون إلا حيث يصبح الدائن والمدين شخصاً واحداً وهو الأمر الغير متوافر في هذا النزاع إذ الطاعن ظل بعد وفاة والدته المدينة دائناً للتركة بما حكم له ضد المورثة ومسئولاً في الوقت ذاته عن نصف هذا الدين كما يكون أخوه محمود المطعون ضده مسئولاً عن النصف الآخر بصفته وارثاً لنصف التركة ولا ينقضي التزامه هذا باتحاد الذمة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الالتزام المحكوم به للطاعن قد انقضى باتحاد الذمة نتيجة وفاء المدينة المحكوم عليها بهذا الالتزام مخالفاً للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الأحكام الثلاثة المستأنفة من المرحومة عزيزة خليل على قوله "وحيث إنه يبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق أن السيدة عزيزة خليل المستأنفة في الاستئنافات 819 سنة 74 ق، و1139 سنة 74 ق، 375 سنة 75 ق قد توفيت وانحصر إرثها في ولديها محمد عبد العليم الجسطيني (الطاعن) ومحمود عبد العليم الجسطيني (المطعون ضده) ومن ثم كانت هذه الاستئنافات الثلاث غير ذات موضوع وبالتالي يكون الالتزام بتقديم الحساب قد انقضى لاتحاد ذمة كل من المستأنف عليهما المذكورين عملاً بنص المادة 370 من القانون المدني وبتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفة بتقديم الحساب وبإلزامها بالغرامة ومتجمد الغرامة" وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص غير صحيح في القانون. ذلك أن اتحاد الذمة لا يتحقق إلا باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة إلى دين واحد. وإذ لم يكن المطعون ضده دائناً بشيء من الالتزام المحكوم به على المستأنفة بموجب الأحكام الثلاثة المستأنفة لأن هذه الأحكام لم تقض لصالحه بشيء بل كان قضاؤها لصالح الطاعن وحده وبذلك فهو الدائن الوحيد في الالتزام المحكوم به على والدته المستأنفة سواء فيما يتعلق بتقديم الحساب أو بأداء الغرامة اليومية أو بمتجمد الغرامة فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا الالتزام منقضياً باتحاد الذمة بالنسبة لنصيب المطعون ضده الميراثي فيه وذلك على الرغم من أن هذا المطعون ضده لم يكن دائناً بهذا الالتزام فإن هذا الحكم يكون مخطئاً في القانون على أن خطأه لم يقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى ما قرره من انقضاء ذلك الالتزام باتحاد الذمة بالنسبة لنصيب الطاعن الميراثي فيه ذلك أن اتحاد الذمة لا يتحقق أصلاً في هذه الصورة إذ تمنع من ذلك أحكام الشريعة الإسلامية التي تحكم الميراث هنا. لأنه حيث يرث الدائن المدين فإنه لا يرث الدين الذي على التركة حتى ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين وذلك لما هو مقرر في الشريعة من أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون مما مقتضاه أن تبقى التركة منفصلة عن مال الدائن حتى تسدد الديون التي عليها ومن بينها دينها له. وبعد ذلك يرث الدائن وحده أو مع غيره من الورثة ما يتبقى من التركة وبذا لا يكون ثمة مجال لاتحاد الذمة في هذه الصورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بإلغاء الأحكام الثلاثة المستأنفة من المرحومة عزيزة خليل مورثة الطاعن والمطعون ضده على انقضاء الالتزام المحكوم به ابتدائياً باتحاد الذمة فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 27/ 6/ 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 928.