الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 23 أكتوبر 2024

الطعن 259 لسنة 16 ق جلسة 15 / 11 / 1975 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 1 ص 3

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عضوية، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريده المستشارين.

----------------

(1)

القضية رقم 259 لسنة 16 القضائية

عقد إداري - تعهد بالتدريس - النيابة عن الغير - وصاية.
الإقرار المتضمن تعهداً بسداد كافة المصروفات التي أنفقتها الوزارة على طالب بدار المعلمين إذا تخلف عن الاستمرار في الدراسة حتى يتخرج أو إذا لم يقم بالتدريس خلال الخمس سنوات التالية لتخرجه - إذا كان الثابت أن المطعون ضده قد وقع الإقرار المشار إليه بصفته وصياً ونائباً عن شقيقه الطالب، وكان هذا الطالب قد قدم هذا الإقرار عند التحاقه بدار المعلمين ولم ينكر على شقيقه المنوه عنه هذه الصفة ولم يجادل في ثبوت أيهما له وإذا كانت الأوراق قد خلت في الوقت ذاته من دليل على نفي كليهما عنه فإن الإقرار المتقدم يكون قد صدر سليماً منتجاً لآثاره بوصفه عقداً إدارياً أبرم بين جهة الإدارة والمطعون ضده من شأنه أن يرتب في ذمته ما حواه من التزامات على الوجه سالف البيان - لا وجه للقول بأن الوصاية لا تكون إلا بقرار من المحكمة وأن المطعون ضده لم يقدم هذا القرار ومن ثم لا تكون له صفة في التوقيع على التعهد المشار إليه ولا يصبح لهذا التعهد أي أثر قبل الطالب الذي لم يوقع عليه - أساس ذلك أنه متى كان المطعون ضده قد أقر بقيام هذه الصفة له حين وقع التعهد محل المنازعة فمن ثم يلزمه هذا الإقرار ما لم يثبت عدم صحته وهو ما لم يفعله بالإضافة إلى أن المطعون ضده قد وقع هذا الإقرار ليس بصفته وصياً على شقيقه الطالب فحسب وإنما بصفته نائباً عنه كذلك وهذه الصفة الأخيرة وحدها كافيه لإضفاء الشرعية على التعهد المشار إليه - بيان ذلك.

------------------
من حيث إنه بان من استقراء الأوراق أن المطعون ضده الثاني محمد محمود علي كشك قد التحق بالسنة الأولى (القسم الخارجي) بدار المعلمين بمحرم بك بالإسكندرية في العام الدراسي63/ 64، وقدم عند التحاقه بالدار إقراراً وقعه المطعون ضده الأول فتحي محمود علي كشك (شقيقه) تعهد فيه بصفته وصياً ونائباً عن شقيقه الطالب القاصر المشار إليه بأنه إذا تخلف الطالب عن الاستمرار في دراسته حتى تخرجه أو إذا لم يقم بالتدريس بعد تخرجه مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراسته بالدار على حسب الشروط التي تقررها وزارة التربية والتعليم أو فصل من الدار أو تركها لأي عذر كان قبل إتمام دراسته وكذلك إذا فصل من الخدمة خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية أو بقوة القانون أو تركها لأي سبب بأن يقوم بصفته بسداد كافة المصروفات التي أنفقتها الوزارة على الطالب بواقع 15 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الخارجي، وقد ذيل هذا الإقرار بإقرار آخر وقعه المطعون ضده الأول ذاته أقر فيه بأن يكون بصفته الشخصية ضامناً تنفيذ التعهد سالف الذكر والصادر منه بصفته وصياً على شقيقه الطالب القاصر المتقدم وسداد كافة المبالغ المستحقة للوزارة نتيجة ذاك التعهد فور مطالبته بها.
ومن حيث إنه متى كان البادي من استعراض المتقدم أن المطعون ضده الأول (فتحي محمود علي كشك) قد وقع الإقرار المشار إليه بصفته وصياً ونائباً عن شقيقه محمد محمود علي كشك (المطعون ضده الثاني) وكان هذا الأخير قد قدم هذا الإقرار عند التحاقه بدار المعلمين آنفة الذكر استيفاء لشروط القبول به ولم ينكر على شقيقه المنوه عنه هذه الصفة أو تلك ولم يجادل في ثبوت أيهما له، وإذ كانت الأوراق قد خلت في الوقت ذاته من دليل على نفي كليهما عنه فإن الإقرار المتقدم يكون قد صدر سليماً ومن ثم منتجاً لآثاره وفقاً للقانون وذلك بوصفه عقد إدارياً أبرم بين جهة الإدارة والمطعون ضده الثاني من شأنه أن يرتب في ذمته ما حواه من التزامات على الوجه سالف البيان ولا اعتداد في هذا الشأن بما ساقه الحكم الطعين من أن الوصاية لا تكون إلا بقرار من المحكمة وأن المدعى عليه الأول "فتحي محمود علي كشك" لم يقدم هذا القرار ومن ثم لا تكون له صفة في التوقيع على التعهد المشار إليه وبالتالي فلا يصبح لهذا التعهد أي أثر قبل المدعى عليه الثاني الذي لم يوقع عليه - لا اعتداد بذلك - لأنه فضلاً على أن الثابت حسبما سلف البيان أن المطعون ضده الأول فتحي محمود علي كشك قد وقع الإقرار المشار إليه ليس بصفته وصياً على شقيقه "المطعون ضده الثاني" فحسب وإنما بصفته نائباً عنه كذلك وهذه الصفة الأخيرة وحدها كافية في هذا الخصوص لإضفاء الشرعية على التعهد المشار إليه طالما أن المطعون ضده الثاني قد ارتضى هذه النيابة عن شقيقة بوصفه راعياً له وقائماً على شئونه وذلك حين قدم ذلك التعهد استيفاء لشروط قبوله بالمعهد المتقدم ولم ينكرها حال بلوغه سن الرشد بما يعتبر قبولاً ضمنياً لها فضلاً على ذلك مجرد عدم تقديم قرار الوصاية لا ينهض في ذاته وبحكم اللزوم دليلاً مقبولاً على تخلف صفة الوصي عن المطعون ضده الأول أصلاً أو انتفاءها عنه ذلك أنه متى كان قد أقر بقيام هذه الصفة له حين وقع التعهد محل المنازعة فمن ثم يلزمه هذا الإقرار ما لم يثبت عدم صحته وهو ما لم يفعله، وإذ كان التعهد الذي وقعه المطعون ضده الأول سواء بصفتهم وصياً أو نائباً عن المطعون ضده الثاني سليماً في القانون على الوجه الذي سلف بيانه فإن الإقرار الذي وقعه المطعون ضده الأول بصفته الشخصية بضمان تنفيذ التعهد الأول وهو التزام تابع للالتزام الأصلي يعتبر بدوره قائماً على أساس سليم منتجاً لآثاره.

الطعن 391 لسنة 30 ق جلسة 13 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 114 ص 843

جلسة 13 من أبريل سنة 1966

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

-----------------

(114)
الطعن رقم 391 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "إجراءات ربط الضريبة". "التقدير الحكمي".
التقدير الحكمي. سنة القياس. اشتمالها على أرباح أو خسائر رأسمالية. اتخاذها أساساً لربط الضريبة في السنوات المقيسة. وجوب تطبيقه. المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952. عدم تمسك أصحاب الشأن به. لا يهم.

----------------
طبقاً للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 تتخذ الأرباح المدرة في سنة القياس أساساً لربط الضريبة في السنوات المقيسة وإن اشتملت على أرباح أو خسائر رأسمالية، وجرى قضاء محكمة على أنه يتعين تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون في جميع الحالات وإن لم يكن أصحاب الشأن قد تمسكوا به أمام محكمة الموضوع (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الرحمن زيدان أقام الدعوى رقم 111 سنة 1956 بورسعيد الابتدائية بالطعن في قرار الطعن الصادر بتاريخ 2 مايو سنة 1956 وقضى باعتبار أرباحه في سنة 1949 مبلغ 310 ج واتخاذها أساساً للربط في الفترة من 1/ 1/ 1950 إلى 22/ 8/ 1950 أي مبلغ 199 ج إعمالاً للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952، طالباً تعديله واعتبار صافي أرباحه في المدة من 1/ 2/ 1949 إلى 31/ 12/ 1949 مبلغ 284 ج وصافي خسارته في المدة من 1/ 1/ 1950 إلى 22/ 8/ 1950 مبلغ 561 ج وقال شرحاً لدعواه إنه بدأ نشاطه في أول فبراير سنة 1949 حيث اشترى حصة في مركبي صيد بمبلغ 1000 ج وباعها في 22/ 8/ 1950 بمبلغ 240 ج وبخسارة 760 ج. وبتاريخ 17 يونيه سنة 1958 حكمت المحكمة حضورياً وفي مادة تجارية وفي موضوع الطعن بتأييد القرار المطعون فيه فيما قضى به من اعتماد تقديرات المأمورية عن صافي أرباحه سنة 1949 بمبلغ 310 ج وتعديله فيما قضى به من أرباح الفترة من 1/ 1/ 1950 حتى 22/ 8/ 1950 واعتبار أن أعمال الطاعن قد انتهت في تلك الفترة إلى خسارة قدرها 395 ج وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف المناسبة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات وألزمت الطاعن بباقي المصاريف وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة تعديله واستبعاد خسارة المركب رقم 610 لأن الممول لم يحاسب على أرباحها وقيد هذا الاستئناف برقم 92 سنة 1 تجاري قضائية. وبتاريخ 23/ 6/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تقدير أرباح الفترة من 1/ 1/ 1950 حتى 22/ 8/ 1950 واعتبارها 98 ج و187 م وتأييده فيما عدا ذلك مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بخصم الخسارة الرأسمالية من أرباح الفترة من 1/ 1/ 1950 إلى 22/ 8/ 1950 وهو خطأ ومخالفة لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 ومقتضاها أن تتخذ الأرباح المقدرة لسنة 1949 أساساً لربط الضريبة في السنوات التالية أياً كانت نتيجة النشاط فيها ربحاً أو خسارة ولا يمنع من ذلك عدم تمسك المصلحة بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع لأن أحكام الربط الحكمي تتعلق بالنظام العام ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 تتخذ الأرباح المقدرة في سنة القياس أساساً لربط الضريبة في السنوات المقيسة وإن اشتملت على أرباح أو خسائر رأسمالية، وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه يتعين تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون في جميع الحالات وإن لم يكن أصحاب الشأن قد تمسكوا به أمام محكمة الموضوع. وإذ كان ذلك، كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بخصم الخسارة الرأسمالية من أرباح الفترة من 1/ 1/ 1950 إلى 22/ 8/ 1950 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) نقض 14/ 1/ 1960. الطعن رقم 262 لسنة 25 ق. السنة 11 ص 53.

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

الطعن 240 لسنة 32 ق جلسة 7 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 113 ص 834

جلسة 7 من أبريل سنة 1966

برئاسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(113)
الطعن رقم 240 لسنة 32 القضائية

( أ ) دعوى "سقوط الخصومة". "ترك الخصومة". خبرة.
القاعدة المقررة في المادة 304 مرافعات: للخصوم في حالة الحكم بسقوط الخصومة التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها. سريان هذه القاعدة في حالة ترك الخصومة.
(ب) نقض. أسباب الطعن. "السبب الجديد". خبرة. بطلان. محكمة الموضوع.
عدم التمسك ببطلان عمل الخبير أمام محكمة الموضوع. سبب جديد لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - القاعدة التي قررتها المادة 304 من قانون المرافعات من أنه يجوز للخصوم في حالة الحكم بسقوط الخصومة أن يتمسكوا بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها - هذه القاعدة تنطبق أيضاً في حالة ترك الخصومة لأن المشرع لم يرتب على الترك آثاراً أشد من الآثار التي يرتبها على سقوط الخصومة ذلك أن الأثر الذي رتبه على الترك وهو إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى قد رتبه أيضاً على الحكم بسقوط الخصومة ومع ذلك ومع نصه صراحة في المادة 304 مرافعات على سقوط الأحكام الصادرة في الخصومة بإجراء إثبات فإنه أجاز في الفقرة الأخيرة من هذه المادة للخصوم أن يتمسكوا بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها كما أن الحكمة التي أملت هذا الحكم بالنسبة لسقوط الخصومة والتي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية تتحقق كذلك في حالة ترك الخصومة مما يوجب تطبيقه أيضاً في هذه الحالة ما دام لا يوجد في النصوص الواردة في باب ترك الخصومة ما يمنع من تطبيقه.
2 - متى كان ما يثيره الطاعن - من بطلان عمل الخبير لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا على مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 387 سنة 1945 مدني كلي الزقازيق وانتهيتا فيها إلى طلب إلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 252 ج و174 م والفوائد القانونية - وقالتا في بيان دعواهما إن مورثهما كان شارك ابنه مورث المطعون ضدهم في تجارة الأقطان، وحدث أثناء انعقاد الشركة أن اشترى مورث المطعون ضدهم باسمه ومن مال الشركة أرضاً زراعية مساحتها 17 فداناً بزمام كفر محمد حسين مركز الزقازيق - كما اشترى مورث الطاعنين باسمه ومن مال الشركة أيضاً "شونة" بجهة مينا البصل بمدينة الإسكندرية وقد انقضت تلك الشركة ونظراً لأن بنك الأناضول الذي حل محله البنك اليوناني الأهلي كان يداين كلاً من الأب "مورث الطاعنتين" والابن "مورث المطعون ضدهم" في مبالغ نتيجة قروض على أقطان تمت إبان قيام الشركة فقد اتفقا معه على تصفية هذه الديون بأن تحمل كل منهما نصيبه فيها وأنه ضماناً للديون المذكورة رهن الأب للبنك الشونة كما رهن له الابن الأطيان الزراعية وذلك بموجب عقدي رهن كفل فيهما كل منهما الآخر - ولما كانت الأعيان المرهونة المكلفة باسم كل منهما مشتراة من مال الشركة فقد حرر عقد بين الأب والابن بتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1930 حددا فيه ما يملكه كل منهما في هذه الأعيان فضمناه أن الأب يمتلك النصف في الأطيان الزراعية وأن الابن يمتلك الثالث في الشونة وأشارا فيه إلى أن قبولهما الرهن على الصورة التي تم بها لا يؤثر على ملكية كل منهما في الأعيان المرهونة ومضت الطاعنتان قائلتين إن مورث المطعون ضدهم قد باع جزءاً من الأطيان الزراعية إلى بلدية الزقازيق بثمن قدره 297 ج و570 م يخص مورثهما فيه النصف - كما أن البنك الدائن اتخذ إجراءات التنفيذ العقاري على باقي الأطيان الزراعية والشونة ورسا مزاد الأطيان بمبلغ 4122 جنيهاً خصم بأكمله في دين البنك قبل مورث المطعون ضدهم كما رسا مزاد الشونة بمبلغ 3225 جنيهاً خصم أيضاً بأكمله في هذا الدين وإذ كان مورث المطعون ضدهم يخصه في ثمن الأطيان الزراعية النصف وقدره مبلغ 2061 جنيهاً باعتباره مالكاً للنصف فيها - كما يخصه في ثمن الشونة بحق الثلث مبلغ 1075 جنيهاً - فيكون الباقي في ذمة هذا المورث هو مبلغ 986 ج و785 م وبإضافته إلى نصف ثمن الأرض المبيعة إلى المجلس البلدي يكون المجموع مبلغ 1134 ج و785 م وبخصم نصيب مورث المطعون ضدهم من هذا المبلغ باعتباره وارثاً لأبيه يكون الباقي مبلغ 914 ج و132 م ونصيب الطاعنتين الميراثي فيه هو المبلغ المطالب به - وقد دفع مورث المطعون ضدهم الدعوى بأن والده هو الذي كان مديناً لبنك الأناضول الذي حل محله البنك الأهلي اليوناني دونه وأنه لم يكن إلا مجرد كفيل له ولما لم يقم المدين بوفاء دينه باشر البنك الدائن إجراءات نزع ملكية جميع الأعيان المرهونة وحصل على الثمن الذي بيعت به جبراً سداداً لدين والده وأنه لم يفد منه شيئاً وبتاريخ 14 من يناير سنة 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استأنف الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 41 سنة 3 قضائية. وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف - فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولدى نظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وشابه فساد في الاستدلال يبطله ذلك أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على ما قاله من أن مورث المطعون ضدهم المرحوم السيد بيومي عبد الرحمن لم يكن مديناً أصلياً مع والده (مورث الطاعنتين) في دين بنك الأناضول الذي حل محله البنك اليوناني الأهلي بل مجرد كفيل له وبالتالي فلا يجوز للطاعنتين أن ترجعا على مورث المطعون ضدهم بشيء مما أداه مورثهم المدين للبنك الدائن واستدل الحكم على كون مورث المطعون ضدهم مجرد كفيل وليس مديناً أصلياً بأربع قرائن مجتمعة (الأولى) أن الاتفاق المحرر بين الأب والابن في 16 من أكتوبر سنة 1930 قد نص في صدره على أن البنك يداين الأب بضمان وتضامن ولده ولم يشر إلى أن الابن مدين هو الآخر (الثانية) ما هو ثابت من محاضر أعمال الخبير صادق عبده المودعة مع تقريره في القضية رقم 209 سنة 1935 كلي الزقازيق من أن هذا الخبير اطلع على دفاتر البنك الدائن فظهر له أنها لا تشير إلا إلى الأب وأنه ناقش في ذلك مدير البنك الأهلي اليوناني الذي حل محل بنك الأناضول فذكر بأن الدين قائم في ذمة الأب دون الابن (الثالثة) أن الأب "مورث الطاعنتين" قدم في القضية رقم 209 سنة 1935 المذكورة كشف حساب صادر من بنك الأناضول معنون باسمه وحده وليس فيه إشارة إلى ابنه (الرابعة) أن الميزانية الملحقة بعقد فسخ الشركة التي كانت قائمة بين الأب وابنه والمؤرخ 31 من يوليه سنة 1930 والمرفق بأوراق القضية رقم 209 سنة 1935 يتضمن حسابات بعضها خاص بالشركة وبعضها خاص بالأب وحده وليس فيه إشارة إلى وجود حسابات خاصة بالابن - وترى الطاعنتان أن الحكم المطعون فيه في استدلاله بتلك القرائن قد جاء معيباً للأسباب الآتية (أولاً) أنه ما كان يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعول على محاضر أعمال الخبير في القضية رقم 209 سنة 1935 المشار إليها وعلى كشف الحساب والميزانية المودعين ملفها ما دامت تلك القضية لم تكن تحت نظرها ولا تحت نظر الخصوم أثناء نظر الاستئناف إذ لم تأمر المحكمة بضمها ولا يكفي أن تكون محكمة أول درجة قد اطلعت على تلك القضية إذ كان يجب على محكمة الاستئناف أن تطلع بنفسها على الأوراق التي استندت إليها محكمة أول درجة من بين أوراق القضية المذكورة لتتحقق من صحة استدلال الحكم الابتدائي بتلك الأوراق ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد وقع باطلاً لابتنائه على أوراق لا وجود لها بالدعوى (ثانياً) أنه وقد ثبت أن الدعوى رقم 209 لسنة 1935 كلي الزقازيق قد حكم فيها باعتبار مدعيها وهو مورث المطعون ضدهم تاركاً لها فإنه لا يجوز قانوناً الاستناد إلى أعمال الخبير المعين فيها إذ يترتب على الحكم بترك الخصومة في الدعوى إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى وبالتالي سقوط ما يكون قد صدر فيها من أحكام متعلقة بالإثبات ولا صحة لما ذهب إليه الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه من جواز التمسك بأعمال الخبرة ما دامت غير باطلة في ذاتها وذلك بالقياس على الحكم الوارد في المادة 304 مرافعات في شأن سقوط الخصومة إذ لم يرد نظير لهذا الاستثناء في باب ترك الخصومة ولو أن المشرع قصد إعمال هذا الاستثناء في حالة ترك الخصومة لنص عليه صراحة كما فعل في حالة سقوط الخصومة (ثالثاً) أن أعمال الخبير صادق عبده في القضية رقم 209 سنة 1935 باطلة في ذاتها لأنه لم يوضح في محاضر أعماله أسماء وصفات من ناقشهم من موظفي البنك كما لم يوضح ماهية الدفاتر التي قدمها إليك البنك ولأنه لم يطلع على دفاتر البنك الذي كلفه الحكم القاضي بندبه بالاطلاع عليها (رابعاً) أن الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له لم يعن أيهما بتعرف حقيقة القصد من تحرير العقد المحرر بين الأب والابن في 16 من أكتوبر سنة 1930 الذي استند إليه إذ الواضح من نصوص هذا العقد أنه لم يحرر لبيان حقيقة العلاقة بين طرفيه فيما يختص بديونهما المستحقة للبنك الأهلي اليوناني "بنك الأناضول سابقاً" والمحرر بشأنهما عقد فتح الاعتماد وإنشاء الرهن حتى كان يصح الاستدلال بما ورد في هذا العقد على كنه تلك العلاقة وإنما كان الهدف من تحريره هو تحديد ما يملكه كل من طرفيه في الأعيان المرهونة للبنك والمشتراة من مال الشركة والمكلفة باسم كل منهما وقد غفل الحكم عن حقيقة المقصود من تحرير ذلك العقد واكتفى الحكم المطعون فيه بالتقاط عبارة شاردة مبهمة وردت في صدره مفادها أن البنك يداين الأب بضمان تضامن ولده "مورث المطعون ضدهم" في مبالغ نتيجة سلفيات على أقطان وأنه ضماناً لهذه الديون رهناً للبنك جانباً من أملاكهما مع أن هذه العبارة لا يمكن بمفردها أن تهدر ما هو ثابت بعقدي فتح الاعتماد مع إنشاء الرهنين المسجلين في 16 من أكتوبر سنة 1930 ولا الأحكام التي استصدرها البنك ضد الأب والابن باعتبارهما مدينين متضامنين كما لا تكفي هذه العبارة بذاتها لاستنباط المعنى الذي خرج به الحكم منها.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير صحيح فيما يختص بمحاضر أعمال الخبير ذلك أن الثابت من المستندات المقدمة لهذه المحكمة من الطاعنتين والمودعة ملف الطعن - أن المطعون ضدهم قدموا إلى محكمة الاستئناف بحافظتهم رقم 8 ملف الاستئناف صورة رسمية من محضري أعمال الخبير صادق عبده في القضية 209 سنة 1935 كلي الزقازيق رقمي 155، 156 وهما المحضران اللذان أثبات فيهما الخبير نتيجة انتقاله إلى بنك الأناضول واللذان استند إليهما الحكمان الابتدائي والمطعون فيه كما أقرت الطاعنتان بذلك أيضاً في تقرير الطعن بالصحيفة 15 منه - أما بالنسبة لكشف الحساب والميزانية فإن النعي بخصوصهما عار عن الدليل إذ أن الطاعنتين لم تقدما إلى محكمة النقض ما يثبت ما تدعيانه من أن كشف الحساب والميزانية المذكورين واللذين كانا مودعين ملف القضية رقم 209 سنة 1935 كلي الزقازيق لم يكونا تحت نظر محكمة الاستئناف عند إصدارها حكمها المطعون فيه ولا يكفي لإثبات ادعاء الطاعنتين في هذا الخصوص الشهادة الرسمية المقدمة منهما والصادرة من مأمورية استئناف الزقازيق والتي تفيد أن ملف تلك القضية ليس من الأوراق المعلاة على ملف الاستئناف ذلك أنه بفرض كفاية هذه الشهادة في التدليل على عدم ضم القضية رقم 209 سنة 1935 المشار إليها إلى ملف الاستئناف فإن ذلك لا ينفي احتمال أن يكون الخصوم قد قدموا صورة رسمية من كشف الحساب والميزانية اللذين استند إليهما الحكم المطعون فيه إلى محكمة الاستئناف كما فعلوا بالنسبة لمحضري أعمال الخبير صادق عبده - كذلك لا يكفي لإثبات النعي ما تفيده الصورة الرسمية لحافظة المطعون ضدهم رقم 8 ملف الاستئناف المقدمة من الطاعنتين من أن هذين المستندين لم يقدما في تلك الحافظة وذلك لاحتمال أن يكون المطعون ضدهم قد قدموا صوراً رسمية منهما في حافظة أخرى طالما أن الطاعنتين لم تقدما إلى هذه المحكمة ما ينفي تقديم المطعون ضدهم لمحكمة الاستئناف مستندات أخرى غير تلك التي انطوت عليها حافظة مستنداتهم رقم 8 التي قدمتا صورة رسمية منها والنعي مردود في شقه الثاني بأن ما قرره الحكم الابتدائي في أسبابه التي أخذ بها الحكم المطعون فيه من أن الحكم بترك الخصومة لا يمنع الخصوم من أن يتمسكوا بأعمال الخبراء التي تمت في الدعوى قبل ترك الخصومة فيها بشرط ألا تكون هذه الأعمال باطلة في ذاتها هذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه وإن لم يرد في شأن ترك الخصومة نص يقرر هذه القاعدة كما قررها نص المادة 304 من قانون المرافعات في شأن سقوط الخصومة إلا أن هذه المحكمة ترى أن هذه القاعدة تنطبق أيضاً في حالة ترك الخصومة وذلك اعتباراً بأن المشرع لم يرتب على الترك آثاراً أشد من الآثار التي يرتبها على سقوط الخصومة إذ أن الأثر الذي رتبه على الترك وهو إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى قد رتبه أيضاً بسقوط الخصومة ومع ذلك ومع نصه صراحة في المادة 304 على سقوط الأحكام الصادرة في الخصومة بإجراء الإثبات فإنه قد أجاز في الفقرة الأخيرة من هذه المادة للخصوم أن يتمسكوا بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها وأفصح في المذكرة الإيضاحية عن حكمة هذا النص بقوله "وهذه فكرة ظاهرة السداد لأنه قد يحدث أن يتوفى الشهود الذين سمعوا أو تزول المعالم التي أثبتها الخبراء فإذا منع الاحتجاج بشهادة الشهود أو بتقارير الخبراء عند تجديد الدعوى عاد ذلك على الخصوم بضرر غير معقول في تشريع يبيح - كما أباح القانون الجديد - الالتجاء إلى القضاء للمحافظة على الدليل قبل رفع الدعوى بالموضوع" وإذ كانت هذه الحكمة التي أملت الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 304 متحققة أيضاً في حالة ترك الخصومة فإنه يجب تطبيقه في هذه الحالة ما دام لا يوجد في النصوص الواردة في باب ترك الخصومة ما يمنع من تطبيقه - والنعي مردود في شقة الثالث بأن ما تثيره الطاعنتان من بطلان عمل الخبير في القضية رقم 209 سنة 1935 كلي الزقازيق لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ومن ثم يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض والنعي مردود في شقه الرابع - بأن ما استنبطه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه من ورقة اتفاق 16 من أكتوبر سنة 1930 المحررة بين الأب "مورث الطاعنتين" وبين ولده مورث المطعون ضدهم لا عيب فيه إذ تؤدي إليه عبارات الورقة التي أورد الحكم نصها في أسبابه ولا خروج في هذا الاستنباط على المعنى الواضح لتلك العبارات ومن ثم يكون بمنأى عن رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني القصور في التسبيب ذلك أنه أغفل الرد على ما طلبتاه على سبيل الاحتياط من محكمة الاستئناف في الطلب المقدم منهما لفتح باب المرافعة وفي مذكرتهما رقم 11 دوسيه، من تمكينهما من تقديم باقي مستنداتهما المودعة ملف القضية رقم 641/ 1955 مدني كلي الزقازيق والمحالة إلى مكتب الخبراء أو ندب مكتب الخبراء لفحص الحساب بين مورثهما وبين مورث المطعون ضدهم مستهدياً في ذلك بعقدي فتح الاعتماد وإنشاء الرهن وحكمى مرسى المزاد المؤرخين 11/ 5/ 1959، 15/ 6/ 1943 وعقد البيع المسجل الصادر من مورث المطعون ضدهم إلى بلدية الزقازيق والمؤرخ 2/ 8/ 1933 وبيان ما تستحقه الطاعنتان في ثمن العقارات المملوكة لمورثهما والتي بيعت جبراً وفاء للدين المستحق على مورث المطعون ضدهم للبنك.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه من القول "وحيث إن المحكمة تبادر إلى الإشارة بأنها قد حجزت الدعوى للحكم فقدمت المستأنفتان (الطاعنتان) طلباً لفتح باب المرافعة أرفقتا به حافظة مستندات أخرى ثم أتبعتا ذلك بمذكرة تضمنت دفاعهما مشفوعاً بطلب احتياطي هو فتح باب المرافعة لتقديم مستندات هامة فأجابت المحكمة هذا الطلب ولم تقدم المستأنفتان سوى حكمي الدين المشار إليهما في أسباب الحكم المستأنف وعلى ذلك تمحص المحكمة الدعوى وفقاً للمستندات المقدمة وتستبعد كل دفاع أو استدلال غير مشفوع بما يؤيده وبما يثبت أهميته وجديته" وهذا الذي قرره الحكم فيه الرد الكافي على طلب الطاعنتين من محكمة الاستئناف تمكينهما من تقديم مستندات جديدة ويدل على أن تلك المحكمة قد أفسحت للطاعنتين المجال لتقديم المستندات التي طلبتا تقديمها وفتحت لذلك باب المرافعة في الدعوى بعد حجزها للحكم ولكنهما لم يتقدما بشيء غير حكمي الدين اللذين أشار إليهما الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ورأى أنهما غير مؤثرين في تغيير رأيه في الدعوى وبالتالي يكون ما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه من قصور لإغفاله الرد على هذا الطلب غير صحيح أما ما تنعيانه على الحكم من قصور لالتفاته عن طلبهما الخاص بتعيين خبير لفحص الحساب بين مورثهما وبين مورث المطعون ضدهما وبيان حصتهما في ثمن عقارات مورثهما التي بيعت جبراً وفاء لدين البنك فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن مورثهما كان وحده صاحب المصلحة في دين البنك وما رتبه الحكم على ذلك من عدم جواز رجوع هذا المورث على مورث المطعون ضدهم بشيء مما أداه البنك الدائن وفاء لهذا الدين بما في ذلك ما حصل عليه البنك من ثمن عقاراته التي نزع ملكيتها وبيعت جبراً فإن هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه يحمل الرد الضمني بإطراح طلب الطاعنتين الخاص بتعيين الخبير لعدم الجدوى منه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 232 لسنة 32 ق جلسة 7 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 112 ص 825

جلسة 7 من أبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام.

---------------

(112)
الطعن رقم 232 لسنة 32 القضائية

(أ) عقد. "إلغاء العقد". "التقايل". أثره.
ليس للتقايل (التفاسخ) أثر رجعي إلا إذا اتفق الطرفان على ترتيب هذا الأثر عليه بالنسبة لكل أو بعض الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تفاسخاً عنه.
(ب) عقد. "العقود الإدارية". "غرامات التأخير". التزام. "الشرط الجزائي".
عقد التوريد المبرم بين شخص وإحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام مع احتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. عقد إداري تحكمه قواعد القانون الإداري دون أحكام القانون المدني.

غرامات التأخير المنصوص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية. حق جهة الإدارة في توقيعها من تلقاء نفسها دون الالتجاء إلى القضاء للحكم بها ولها أن تستنزل قيمتها مما يكون مستحقاً في ذمتها للمتعاقد المتخلف. لا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت ضرر للإدارة. لا يعفى المتعاقد منها إلا إذا كان الإخلال بالالتزام راجعاً إلى قوة قاهرة أو إلى فعل جهة الإدارة المتعاقدة معه أو إلى إعفائها إياه من المسئولية عن التأخير في تنفيذ التزامه أو التخلف عنه.

(ج) عقد. "العقود الإدارية". "تنازل الإدارة عن غرامات التأخير".
للإدارة أن تتنازل عن الغرامات المنصوص عليها في العقد الإداري كلها أو بعضها. وجوب التعبير عن إرادتها في هذا التنازل بكيفية صريحة.

-----------------
1 - متى كان الطرفان قد تراضيا على إلغاء العقد فإن هذا التفاسخ (التقايل) لا يكون له أثر رجعي إلا إذا اتفقا على ترتيب هذا الأثر بالنسبة لكل أو بعض الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تفاسخا عنه.
2 - متى كان العقد قد أبرم بين شخص وإحدى جهات الإدارة (وزارة التربية والتعليم) بشأن توريد أغذية لازمة لتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم واحتوى العقد على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإن هذا العقد تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وتقضي تلك الأصول بأن غرامات التأخير والتخلف عن التنفيذ التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام وهي بهذه المثابة لا تستهدف تقويم الاعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى من تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها ولذلك يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في العقد من تلقاء نفسها دون حاجة للالتجاء إلى القضاء للحكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها كما أن للإدارة أن تستنزل قيمة هذه الغرامة مما يكون مستحقاً في ذمتها للمتعاقد المتخلف ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت الضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه فلا يجوز لهذا الأخير أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي. ولا يعفى هذا المتعاقد من الغرامة إلا إذا ثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى فعل جهة الإدارة المتعاقدة معه أو إذا قدرت هذه الجهة ظروفه وقررت إعفاءه من آثار مسئوليته عن التأخير في تنفيذ التزامه أو التخلف عنه (1).
3 - من المقرر في فقه القانون الإداري أنه وإن كان من حق جهة الإدارة أن تتنازل عن الغرامات المنصوص عليها في العقد الإداري كلها أو بعضها فإنه يشترط ذلك أن تكشف عن إرادتها في هذا التنازل بكيفية صريحة (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم المرحوم أحمد عبد الفتاح تعاقد مع منطقة الفيوم التعليمية على توريد أغذية لبعض المدارس التابعة لها في العام الدراسي 1951 - 1952 وذلك بعد طرح عملية التوريد في المناقصة وقبول عطائه، وقد بدأ فعلاً في التوريد من 12 يناير سنة 1952 إلا أنه توقف في 12 فبراير سنة 1952 وطلب من المنطقة إعفاءه من هذا الالتزام بسبب مرضه وقد قبلت الوزارة الطاعنة إعفاءه وأخطرته بهذا القبول في 16 من مارس سنة 1952 وما طلب المورث من المنطقة صرف ثمن الأغذية التي كان قد وردها في الفترة السابقة لتوقفه عن التوريد امتنعت بدعوى أن الغرامات المستحقة لها طبقاً لشروط التوريد نظير تخلفه عن التوريد في المدة السابقة على تاريخ قبولها فسخ العقد تزيد على ثمن الأغذية التي قام بتوريدها - إزاء ذلك رفع المورث على الوزارة الطاعنة الدعوى رقم 358 سنة 1953 كلي الفيوم التي انتهى في طلباته الختامية بها إلى طلب بإلزام الوزارة بأن تدفع له مبلغ 2179 ج و500 م من ذلك مبلغ 1146 ج و21 م ثمن ما ورده من أغذية و333 ج و520 م قيمة التأمين المدفوع منه و700 ج قيمة أدوات وموازين وأغذية جافة كانت قد أودعها مخازن المنطقة لاستعمالها في التوريد ولم تسلمها المنطقة له - وقد ردت الوزارة على هذه الدعوى بدعوى فرعية أقامتها على المورث وطالبته فيها بأن يدفع لها 927 ج و359 م على أساس أن هذا المبلغ يمثل باقي المستحق لها من غرامات نظير عدم التوريد في الفترة السابقة لتاريخ قبولها فسخ العقد وذلك بعد استنزال ثمن الأغذية التي قام بتوريدها وقد دفع المورث دعوى الوزارة الطاعنة بأن تخلفه عن التوريد يرجع إلى مرضه مرضاً خطيراً مما يعتبر قوة قاهرة تحول دون استحقاق الغرامة وبأن العقد وقد فسخ فإنه يزول من وقت نشوئه وبالتالي تزول نصوصه المقررة للغرامات - وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان مقدار ما قام المورث بتوريده من أغذية في المدة من 15 يناير سنة 1952 حتى 12 فبراير سنة 1952 وما لم يتم توريده بعد ذلك حتى نهاية العقد ومقدار ما تحملته الوزارة من المصاريف نتيجة لفروق الأسعار إن وجدت - وبتاريخ 10 فبراير سنة 1958 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث مطعون ضدهم فقام ورثته بتعجيل الدعوى في 10 من مارس سنة 1958 وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن قيمة ما ورده المورث 1232 ج و983 م يخصم منه 71 ج و283 م قيمة فرق استبدال أغذية بأخرى و15 ج و678 م ثمن أصناف لم تورد في الفترة التي حصل فيها التوريد و7 ج و230 م رسم دمغة وأن قيمة الأغذية التي لم تورد في المدة من 12 فبراير سنة 1952 حتى 16 مارس سنة 1952، 2094 ج و88 م وأن الغرامات نظير عدم توريد هذه الأغذية بلغت حسب تقدير المنطقة 1857 ج و650 م وذكر الخبير أن الوزارة لم تتحمل أي فروق أسعار لأنها بعد أن توقف المورث عن التوريد حرمت التلاميذ من التغذية حتى نهاية العام وبذلك لم تشتر شيئاً على حساب المتعهد - وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1960 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام منطقة الفيوم التعليمية ممثلة في الطاعنين بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 1138 ج و791 م وهو ما يمثل ثمن الأغذية الموردة بعد خصم فرق الاستبدال وثمن الأصناف التي لم تورد في فترة التوريد ورسم الدمغة وانتهى هذا الحكم إلى أن من حق الوزارة مصادرة التأمين كتعويض لها عن الأضرار الأدبية التي أصابتها بسبب توقف المورث عن التوريد وقد رفع المطعون ضدهم عن هذا الحكم استئنافاً أمام محكمة استئناف القاهرة قيد برقم 524 لسنة 78 ق طلبوا فيه القضاء بما لم يحكم لهم به من طلباتهم كما رفعت الوزارة الطاعنة بدورها استئنافاً قيد برقم 1600 لسنة 78 ق طلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى مورث المطعون ضدهم والحكم لها بطلباتها من دعواها الفرعية وبتاريخ 28 من مارس سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف في الاستئناف الأول المرفوع من المطعون ضدهم بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الوزارة الطاعنة بأن تدفع لهم مبلغ 1462 ج و780 م وهو ما يمثل المبلغ المقضي به ابتدائياً مضافاً إليه التأمين المدفوع من مورثهم - وفي الاستئناف الثاني المرفوع من الوزارة برفضه فطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وخالف الثابت في الأوراق ذلك أنه أقام قضاءه بعدم استحقاق الوزارة الطاعنة للغرامات المنصوص عليها في كراسة الشروط على أنه لم يثبت لحوق ضرر لها من جراء تخلف المتعهد (مورث المطعون ضدهم) عن التوريد وأن الوزارة قد قبلت فسخ العقد مطلقاً ولم تقيده بشروط أو تحفظات مما يسقط حقها في توقيع تلك الغرامات وترى الطاعنة أن الأساس الأول ينطوي على مخالفة للقانون ذلك أن العقد المبرم بينها وبين مورث المطعون ضدهم هو عقد توريد إداري لاتصاله بتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم ولاشتمال العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص كما هو واضح من الشروط الواردة في كراسة توريد الأغذية وأنه إذ كانت قواعد القانون الإداري التي تحكم العقد تقضي بأن الغرامات التي ينص عليها في العقود الإدارية تستحق متى توفرت شروط استحقاقها بحصول الإخلال من جانب المتعاقد معها وبغير حاجة إلى حكم بها وللإدارة أن تستنزل قيمتها من المبالغ التي في ذمتها لهذا التعاقد ودون أن تلتزم بإثبات حصول ضرر لها من جراء عدم التنفيذ أو التأخير فيه كما لا يقبل ابتداء من المتعهد إثبات عدم حصول هذا الضرر للتنصل من الغرامة فإن الحكم المطعون فيه إذا اشترط لاستحقاق هذه الغرامة ثبوت الضرر يكون مخطئاً في القانون كذلك فإن الأساس الثاني الذي استند إليه الحكم ينطوي على مخالفة للثابت في الأوراق وعلى خطأ في القانون ذلك أنه وإن كان لجهة الإدارة في حالة فسخ العقد رضاء أن تقدر الظروف التي تم فيها الفسخ فتعفي المتعاقد معها من تطبيق الجزاءات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها بما في ذلك غرامة التأخير إذا هي قدرت أن لذلك محلاً إلا أن هذا الإعفاء يجب أن يكون صريحاً وقاطعاً في أن الإدارة قد تنازلت عن حقها في توقيع الغرامة وقت أن كان العقد سارياً لأن التنازل عن الحقوق المالية المتصلة بحقوق الخزانة لا يجوز أن يكون ضمنياً كما أن مجرد قبول الإدارة فسخ العقد لا يتضمن بطريق اللزوم إعفاء المتعاقد معها من الغرامات التي استحقت قبل الفسخ وإذ كان الثابت من الأوراق التي كانت معروضة على محكمة الموضوع أن الوزارة الطاعنة لم تتنازل عن حقها في توقيع الغرامات التي استحقت لها بسبب تخلف مورث المطعون ضدهم عن التوريد في الفترة السابقة لقبولها فسخ العقد بل إن الوزارة حين أخطرت المورث بالفسخ قد أكدت تمسكها بحقوقها التي تضمنها دفتر الشروط ومن بينها الغرامات فذكرت في خطابها المرسل إليه أنها توافق على فسخ العقد وهذا بخلاف الإجراءات القانونية الأخرى التي ستتخذ والتي نصت عليها كراسة الشروط فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم أحقية الوزارة الطاعنة في احتساب قيمة الغرامات على أنها قبلت الفسخ مطلقاً وبغير شرط أو تحفظ يكون مخطئاً أيضاً في القانون علاوة على مخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد في تقريراته أن العقد قد انحل باتفاق الطرفين وهو ما يعرف بالتقايل وأن الأصل في التقايل أنه ليس له أثر رجعي إلا أن الحكم لم يعمل هذه القاعدة بل خالفها واعتبر أن الفسخ يرجع إلى اليوم الذي طلب فيه مورث المطعون ضدهم إعفاءه من التوريد وهو يوم 12 فبراير سنة 1952 وقال الحكم في تبرير ذلك "إن الثابت أن المورث توقف عن التوريد بحجة مرضه اعتباراً من 12/ 2/ 1952 وطلب من المنطقة إعفاءه من التوريد بداعي المرض وقد فحص الأمر بمعرفة أحد المفتشين الإداريين ورؤى قبول الفسخ وأخطرت المنطقة المورث بقبول الفسخ فعلاً دون شرط أو تحفظ أي أن الوزارة رأت أن للمورث المتعهد عذراً فقبلت منه الفسخ وبطبيعة الحال يرجع هذا الفسخ على التاريخ الذي توقف فيه المتعهد عن التوريد" وقال الحكم في موضع آخر "إنه وقد أظهر المورث رغبته في الفسخ لعجزه عن الاستمرار في التنفيذ بسبب مرضه حسب وجهة نظره وقبلت المنطقة ذلك العرض من جانبه فبديهي أن هذا القبول يرجع إلى تاريخ العرض وهو تاريخ التوقف وهو 12/ 2/ 1952 أي أن إرادة الوزارة التقت مع إرادة المتعهد التي أبداها في 12/ 2/ 1952 وإن كان هناك فسخ فإنه يكون من هذا التاريخ... وتاريخ الموافقة على الفسخ ليس معناه أن الفسخ من وقتها بل يتوقف ذلك على ظروف كل عقد أهو فوري أو زمني ومن المقرر أن الفسخ إنما يكون بعد تاريخ العقد وبالاتفاق عليه يكون له أثر رجعي وإذن لا محل للتمسك بتاريخ 16/ 3/ 1952 على أنه تاريخ الفسخ الحقيقي إذ لو صح ذلك لانعدمت الحكمة المنصوص عليها في المادة 221 مدني التي تعيد الطرفين إلى ما قبل العقد" ثم استطرد الحكم إلى بحث ما إذا كان قد لحق بالوزارة الطاعنة ضرر من جراء عدم التنفيذ وانتهى إلى القول بأنه لا ضرر مادي أو أدبي لحقها بحال من الأحوال لأنها منذ توقف المورث عن التوريد تركت التلاميذ بغير تغذية إلى نهاية العام وقد استفادت من المبالغ المرصودة لهذه التغذية مع أنه كان بديهياً وطبيعياً أن تقوم بعملية الغذاء إما من السلفة التي أشارت في كتابها إلى المنطقة وإما بتكليف متعهد آخر ولكنها لم تفعل ورتب الحكم على ما تقدم عدم أحقية الوزارة في توقيع الغرامات المنصوص عليها في شروط التوريد الملحقة بالعقد - وقال الحكم رداً على استئناف الوزارة "أما وهي أي الحكومة ارتضت الفسخ وقبلته طائعة مختارة وأخطرت المتعهد بذلك كما أنها لم تقم بأي عمل إيجابي يدل على رغبتها في الاستمرار في تنفيذ العقد على حساب المتعهد كما أنها لم تشترط أي شرط عليه بل قبلت الفسخ مطلقاً بعد اطلاع الجهة المختصة على تقرير مفتش مسئول أما وقد قبل الطرفان الفسخ وقبلا زوال العقد فلا مناص من تطبيق ما يقتضيه هذا التقايل وهذه الإرادة على نحو ما أشارت إليه المحكمة بأسباب الاستئناف السابق" وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه لعدم أحقية الوزارة الطاعنة في احتساب غرامات على مورث المطعون ضدهم في الفترة السابقة لتاريخ قبولها فسخ العقد غير صحيح في القانون ذلك أنه يبين من الكتاب الذي أرسله مراقب منطقة الفيوم التعليمية إلى مورث المطعون ضدهم يبلغه فيه موافقة الوزارة على فسخ العقد أنه جاء به ما يأتي "إيماء إلى كتاب الإدارة العامة لشئون التغذية رقم 3621 بتاريخ 16/ 3/ 1952 نحيطكم علماً أنها وافقت على فسخ العقد المبرم بينك وبين الوزارة هذا بخلاف الإجراءات القانونية الأخرى التي ستتخذ والتي نصت عليها كراسة الشروط" ولما كان هذا الذي تراضى عليه الطرفان بشأن فسخ العقد يعتبر تفاسخاً (تقايلاً) وهذا التفاسخ يتم بإيجاب وقبول ولا يكون له أثر رجعي إلا إذا اتفق الطرفان على ترتيب هذا الأثر له بالنسبة لكل أو بعض الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تفاسخا عنه وإذ كان خطاب الوزارة المتضمن قبولها فسخ العقد ليس فيه ما يفيد أنها قبلت صراحة أو ضمناً أن يكون الفسخ بأثر رجعي فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبرا الفسخ راجعاً إلى تاريخ طلبه من مورث المطعون ضدهم في 12 فبراير سنة 1952 أي من تاريخ الإيجاب يكون مخالفاً للقانون كذلك فإنه لما كان عقد التوريد الذي بين الوزارة وبين مورث المطعون ضدهم والذي تفاسخ عنه هو عقد إداري لأنه أبرم بين هذا المورث وبين إحدى جهات الإدارة (وزارة التربية والتعليم) بشأن توريد أغذية لازمة لتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم واحتوى العقد على شروط غير مألوفة في القانون الخاص كما يبين من الشروط الواردة في كراسة توريد الأغذية التي تعتبر مكملة لشروط العقد فإن هذا العقد تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وتقضي تلك الأصول بأن غرامات التأخير والتخلف عن التنفيذ التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام وهي بهذه المثابة لا تستهدف تقويم الاعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى من تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها ولذلك يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في العقد من تلقاء نفسها ودون حاجة للالتجاء إلى القضاء للحكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها كما أن للإدارة أن تستنزل قيمة هذه الغرامة مما يكون مستحقاً في ذمتها للمتعاقد المتخلف ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه فلا يجوز لهذا الأخير أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي، ولا يعفى هذا المتعاقد من الغرامة إلا إذا أثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى فعل جهة الإدارة المتعاقدة معه أو إذا قدرت هذه الجهة ظروفه وقررت إعفاءه من آثار مسئوليته عن التأخير في تنفيذ التزامه أو التخلف عنه - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه بعدم استحقاق الوزارة الطاعنة لغرامة عدم التوريد المنصوص عليها في شروط التوريد إلى انتفاء الضرر يكون مخالفاً للقانون كما أنه إذ استند إلى أن الوزارة الطاعنة قد قبلت الفسخ مطلقاً أو غير مقيد بشروط أو تحفظات مما يفيد تنازلها عن الغرامة يكون مخالفاً للثابت في الأوراق ومخطئاً في القانون ذلك أنه علاوة على أنه يبين من الخطاب المتضمن إخطار مورث المطعون ضدهم بقبول الوزارة فسخ العقد إنها احتفظت فيه بحقها في اتخاذ الإجراءات التي نصت عليها كراسة الشروط وهذه الإجراءات تشمل غرامات التأخير وعدم التوريد المنصوص عليها في هذه الكراسة في البند التاسع عشر الأمر الذي يخالف ما قرره الحكم من أن قبول الوزارة للفسخ كان مطلقاً وغير مقيد بشروط أو تحفظات علاوة على هذا فإن المقرر في فقه القانون الإداري وفي قضائه أنه وإن كان من حق الإدارة أن تتنازل عن الغرامات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها فإنه يشترط لذلك أن تكشف عن إرادتها في هذا التنازل بكيفية صريحة وهو ما لم يحصل في النزاع الماثل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه ولما كان خطأه على النحو السابق بيانه قد حجب محكمة الاستئناف عن بحث دفاع مورث المطعون ضدهم المتضمن أن تخلفه عن التوريد يرجع إلى مرضه مرضاً خطيراً يعتبر قوة قاهرة وهو دفاع لو صح لترتب عليه إعفاءه من الغرامة لما سبق تقريره من أن القوة القاهرة تعتبر من أسباب الإعفاء من تلك الغرامة - لما كان ذلك، فإنه يتعين إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحقيق هذا الدفاع بما يقتضيه هذا التحقيق من بحث ما إذا كان مرض المورث قد طرأ بعد التعاقد أو كان سابقاً عليه وإن كان طارئاً فهل توفرت فيه شروط القسوة القاهرة أو لم تتوفر والفصل في الدعوى تبعاً لما يسفر عنه هذا البحث ووفقاً للقواعد القانونية الواردة في هذا الحكم.


(1) نقض 19/ 10/ 1965 و26/ 10/ 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 897 و922 على التوالي.
(2) نقض 6/ 2/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 213.

الطعن 127 لسنة 32 ق جلسة 6 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 111 ص 821

جلسة 6 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------------

(111)
الطعن رقم 127 لسنة 32 القضائية

(أ، ب) عمل. "آثار عقد العمل". "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". "انتهاء عقد العمل". "تقدير قيام مبرر إنهاء عقد العمل". محكمة الموضوع.
(أ) منشأة. تضييق دائرة نشاطها أو ضغط مصروفاتها. إغلاق أحد فروع المنشأة أو أحد أقسامها. إنهاء عقود بعض العمال.
(ب) سلطة رب العمل في تنظيم منشأته. تقديرية. مبرراته. التحقق منها. رقابة القاضي.

-----------------
1 - من سلطة رب العمل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها (1) وإن أدى به ذلك إلى تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إليه، بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إغلاق أحد فروع المنشأة أو أحد أقسامها وإنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف.
2 - سلطة رب العمل في تنظيم منشأته سلطة تقديرية لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن موريس ميشيل نخله أقام الدعوى رقم 1510 سنة 1960 عمال القاهرة الابتدائية ضد شركة موبيل أويل طالباً إلزامها بأن تدفع له مبلغ 2000 ج كتعويض عن فصله من العمل والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لها إنه التحق بخدمة الشركة في وظيفة ميكانيكي بقسم الخراطة والإصلاحات العامة بعقد في 27/ 4/ 1941 وظل يباشر عمله إلى أن فوجئ بفصله في 10/ 7/ 1960 وإذ كان هذا الفصل تعسفياً وبلا مبرر ويستحق عنه تعويضاً يقدره بمبلغ 2000 ج فقد انتهى إلى طلب الحكم له به، وردت الشركة بأنها - تمشياً مع ظروفها المالية وانخفاض العمل رأت إغلاق قسم الخراطة والإصلاحات العامة الذي كان يعمل فيه بمستودعها بغمرة وترتب على ذلك أن ألغت وظيفته واستغنت عنه وسلمته جميع استحقاقاته من مكافأة وبدل إجازة وبدل إنذار ومنحة توازي مرتب شهرين وعشرين يوماً ووقع على المخالصة بالاستلام وتنازل عن الشكوى التي كانت مقدمة منه إلى مكتب العمل مما لا يجوز معه القول بأنها كانت متعسفة في فصله وطلبت رفض الدعوى. وبتاريخ 28/ 3/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى مع إعفاء المدعي من المصاريف. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 1020 سنة 78 ق. وبتاريخ 28/ 2/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه بصفته بأن يدفع للمستأنف مبلغ 1000 ج والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ 30 ج مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى ما جاء بمذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض على أن انخفاض العمل بقسم من أقسام الشركة لا يعتبر مبرراً لفصل المطعون عليه ورتب على ذلك مسئولية الشركة عن هذا الفصل والتزامها بالتعويض، وهذا من الحكم قصور ومخالفة للقانون، لأن الشركة لم تستند في دفاعها لدى محكمة الموضوع إلى مجرد انخفاض العمل ولكن إلى أن انخفاض العمل وانكماشه أدى إلى إغلاق قسم الخراطة والإصلاحات العامة الذي يعمل فيه المطعون عليه وإعادة تنظيم العمل بالمنشأة وبالتالي إلى إلغاء وظيفته وتسريحه وهذا الإجراء لم يكن إلا استعمالاً لحقها المسلم من أن لصاحب العمل الحق في إعادة تنظيم منشأته تبعاً لظروفه المالية أو الاقتصادية المنظورة ولو أدى ذلك إلى الاستغناء عن بعض عماله وحسبه أن يؤدي إليهم ما هو مستحق لهم قانوناً من مكافأة وبدل إجازة وبدل إنذار وقد أغفل الحكم هذا الدفاع وأسند الفصل إلى مجرد انخفاض العمل في أحد أقسام الشركة فجاءت أسبابه قاصرة عن الإحاطة بجميع مبررات الفصل التي كانت مثار نزاع بين الطرفين بحيث لا يتسنى معرفة ما إذا كانت هذه المبررات تجيز في نظره فصل المطعون عليه أو لا تجيزه وهو ما يعيبه بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها وإن أدى به ذلك إلى تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إليه، بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إغلاق أحد فروع المنشأة أو أحد أقسامها وإنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف وسلطته في ذلك تقديرية لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه - وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الشركة تمسكت في دفاعها بأن الظروف المالية وانخفاض العمل أدى بها إلى إغلاق قسم الخراطة والإصلاحات العامة الذي كان المطعون عليه يعمل فيه وبالتالي إلى إلغاء وظيفته والاستغناء عنه، ورد الحكم المطعون فيه بأن "انخفاض العمل بقسم من أقسام الشركة لا يبرر فصل العامل" وهو نظر تحجب به الحكم عن مواجهة دفاع الشركة وتحقيقه واستظهار حكم القانون فيه بينما هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.


(1) نقض 26/ 5/ 1965. الطعن رقم 371 لسنة 31 ق. السنة 16 ص 624.
ونقض 17/ 2/ 1959. الطعن رقم 83 لسنة 25 ق. السنة 10 ص 798.

الطعن 95 لسنة 32 ق جلسة 6 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 110 ص 819

جلسة 6 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(110)
الطعن رقم 95 لسنة 32 القضائية

نقض. "إجراءات الطعن". "التقرير بالطعن". محاماة. "التقرير بالطعن بالنقض".
الطعن بالنقض. شرطه. التقرير به من محام مقبول أمام محكمة النقض موكل عن الطاعن. إجراء جوهري. تخلفه. بطلان.

-----------------
النص في المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - قبل تعديلها بالقانون رقم 106 لسنة 1962 - على أن "يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه حكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه" يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على وجوب أن يكون التقرير بالطعن من محام موكل عن الطاعن (1) لا من الطاعن نفسه وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن، وإذ كان التقرير بالطعن لم يحصل من محام موكل عن الطاعن ولكن من الطاعن شخصياً فإنه يكون باطلاً، ولا يغير من ذلك كونه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، لإطلاق النص، ولأن عبارة "المحامي الموكل عن الطالب" تقتضي الغيرية بين الطاعن ووكيله الحاصل منه التقرير وهو ما لم يتحقق وما لا محل معه للبحث في حكمة التشريع ودواعيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن حاصل بتقرير من الأستاذ جبريل شحاته معوض المحامي بتاريخ 26 فبراير سنة 1962، ذكر في ديباجته أن المقرر بالطعن محام مقبول أمام محكمة النقض.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن للتقرير به من الطاعن شخصياً لا من محام موكل عنه وفي ذلك ما يبطله طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه إذ نصت المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قبل تعديلها بالقانون رقم 106 لسنة 1962 بتاريخ 17/ 6/ 1962 - وهي التي تحكم واقعة الطعن - على أنه "يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه حكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه" فإنها بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكون قد دلت على وجوب أن يكون التقرير بالطعن من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه هو إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن - وإذ كان ذلك، وكان التقرير بالطعن لم يحصل من محام موكل عن الطاعن ولكن من الأستاذ جبريل شحاته معوض الطاعن شخصياً فإنه يكون باطلاً، ولا يغير من هذا النظر كونه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، لإطلاق النص، ولأن عبارة "المحامي الموكل عن الطالب" تقتضي الغيرية بين الطاعن ووكيله الحاصل منه التقرير وهو ما لم يتحقق، وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كانت نصوص القانون واضحة جلية المعنى فإن البحث عن حكمة التشريع ودواعيه لا يكون له محل.


(1) نقض 25/ 6/ 1959. الطعن رقم 9 لسنة 27 ق أحوال شخصية. السنة 10 ص 52.

الطعن 49 لسنة 32 ق جلسة 6 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 109 ص 813

جلسة 6 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

-----------------

(109)
الطعن رقم 49 لسنة 32 القضائية

نقض. "الحكم في الطعن". "أثره".
نقض الحكم. إحالة. أثرها. عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض. حق الخصوم في إبداء ما كان لهم الحق في إبدائه من الطلبات والدفوع والدفاع. حق المحكمة. إقامة حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى وأسس قانونية أخرى. عدم مخالفة قاعدة قانونية قررها الحكم الناقض.

----------------
نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى محكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته، وبه تعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان لهم من ذلك قبل إصداره (1) ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن جان خوري أقام الدعوى رقم 1530 سنة 1951 القاهرة الابتدائية ضد شركة القرن العشرين فوكس يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 20000 ج والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل في شركة يونيفرسال منذ سنة 1930 وظل يتدرج في وظائفها إلى أن أصبح مساعداً للمدير العام. وفي سنة 1946 عرضت عليه شركة فوكس أن يعمل مديراً لها في مصر على أن تحل محل شركة يونيفرسال في كافة حقوقه عن مدة خدمته السابقة فالتحق بخدمتها في 8 يوليو سنة 1946 واستمر إلى 15/ 10/ 1950 حيث فوجئ بفصله وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق تعويضاً عنه مع مكافأة نهاية الخدمة ومرتب مهلة الإنذار وبدل الإجازة فقد طلب الحكم له بها وردت الشركة بأن عقد استخدام المدعي غير محدد المدة وقد استعملت حقها في فسخه لما لاحظته عليه من مآخذ وما نسبته إليه من تقصير ولما بدأت صناعة السينما تعانيه من أزمات اضطرت إلى إعادة تنظيم أعمالها في الشرقين الأوسط والأدنى بتخفيض مرتبات الكثيرين من موظفيها والاستغناء عن بعض مديريها ومنهم المدعي وهو لا يستحق في ذمتها سوى 395 ج و200 م مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار ومرتب شهر بدل إجازة - وبتاريخ 28/ 12/ 1953 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 2951 ج و56 م والمصاريف المناسبة ومبلغ 20 ج مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه فيما زاد عن مبلغ 395 ج و200 م وقيد هذا الاستئناف برقم 39 سنة 71 قضائية كما استأنفه جان خوري طالباً تعديله وإلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 17048 ج و440 م علاوة على المبلغ المحكوم به والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 21/ 2/ 1955 حكمت حضورياً برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 83 سنة 25 قضائية وبتاريخ 17/ 12/ 1959 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وعجل جان خوري الاستئنافين وبتاريخ 31/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبتعديله بالنسبة للمبلغ المقضى به إلى 395 ج و200 م وألزمت الشركة بالمصروفات المناسبة وأعفت جان خوري من باقيها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وطعن جان خوري في هذا الحكم الأخير بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن محكمة النقض نقضت الحكم الاستئناف الأول وأسست قضاءها على أنه "لصاحب العمل السلطة في تنظيم منشأته باعتبار أنه هو المالك لها والمسئول عن إدارتها ولا معقب على تقديره إذا رأى لأزمة اقتصادية ظهر أثرها عليه أو كارثة مالية توشك أن تنزل به تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته مما يجعل له الحرية في اتخاذ ما يراه من الوسائل الكفيلة بتوقي الخطر الذي يتهدده والمحافظة على مصالحه المشروعة" وقد بني الحكم على نظر مخالف مؤداه "أنه لم يكن في إعادة تنظيم الشركة لمنشآتها ما يحتم طرد الطاعن من عمله فجادل الحكم بذلك الشركة في الوسائل التي اتخذتها لإعادة تنظيم عملها وقياً لما يتهددها من خطر وهو أمر غير جائز قانوناً" وهو فيما انساق إليه من هذا الخطأ "يكون قد حجب نفسه عما دفع به الطاعن دعوى الشركة من عدم صحة ما أسست عليه قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وإنما بنى قضاءه على افتراض صحة ما تدعيه الشركة في هذا الخصوص ولا يعتبر ذلك تسليماً من الحكم بصحة هذا الادعاء أو نفيه" وبالتالي "يكون قد خالف القانون وشابه قصور يستوجب نقضه" ومؤدى هذا النظر من محكمة النقض أنه وإن لم يكن من حق الطاعن المجادلة في حق الشركة في إعادة تنظيم منشآتها. إلا أن من حقه أن يثبت فساد ما تدعيه الشركة من إعادة تنظيم العمل بالمنشأة وقضاؤها هذا ملزم لمحكمة الموضوع بعد أن أحيلت إليها القضية بحيث يتعين عليها أن تعرض للدفاع الذي كانت قد حجبت نفسها عن بحثه وكان سبباً لنقض الحكم السابق - وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يتضح أن المحكمة لم تبحث هذا الدفاع وانتقلت بالنزاع إلى مناط آخر هو ما إذا كان لإنهاء عقد الطاعن ما يبرره أم لا ثم ناقشت هذا المبرر الذي يقوم على الادعاء بأن الطاعن أهمل في أداء واجباته التي يفرضها عليه عقد العمل المبرم بينه وبين الشركة، وهو بذلك يكون - كسابقه - قد حجب نفسه عن البحث فيما دفع به الطاعن دعوى الشركة من عدم صحة ما أسست عليه قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وهو نفس العيب الذي شاب الحكم المنقوض وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أن نقض الحكم نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته وبه تعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان لهم من ذلك قبل إصداره ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجب نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض - وإذ كان ذلك، وكانت محكمة النقض قد نقضت الحكم الاستئنافي الأول لأنه جادل الشركة في الوسائل التي تتخذها لإعادة تنظيم عملها وهو فيما انساق إليه من هذا الخطأ حجب نفسه عن البحث فيما دفع به الطاعن من عدم صحة ما أسست عليه الشركة قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه ناقش دفاع الطاعن في هذا الخصوص ورد عليه بأن "تراخي المستأنف عليه وعدم اتخاذه من الإجراءات الحاسمة ما يكفل حسن سير العمل ومعالجة نقص الإيراد فإن اختلفت مسببات الخسارة من منطقة إلى أخرى فقد اتفقت جميعاً في النتيجة التي سمتها الشركة أزمة اقتصادية عالجتها بطريقتها الخاصة وقد مس هذا العلاج المستأنف عليه في منطقته كما مس زملاء له شملهم إعادة التنظيم إما بالفصل أو بنقص مرتباتهم ولا معقب على الشركة في الوسائل التي تنتهجها في هذا السبيل "كما ناقش دفاعه من أن فصله كان مفاجئاً وورد بأنه "ينقضه ما سلف بيانه من إيضاح قاطع في الدلالة على أن إنهاء عقد عمله كان نتيجة متوقعة ومحتملة لضعف إنتاجه وعدم اتخاذه الإجراءات الكفيلة بتذليل الصعاب التي أدت إلى نقص الإيراد وكان من حق الشركة بصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية العامة التي واجهتها بصفة خاصة في أمريكا وأوربا أن تنهي عقد عمله في حدود حقها المنصوص عليه في المادة 21 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الذي يحكم هذا النزاع وهكذا يبين أنه ليس للمستأنف عليه الذي أنهت الشركة عقده استناداً إلى المبرر السابق والذي تطمئن المحكمة إلى جديته وبعده عن العسف من حق سوى أجره عن مدة المهلة" - فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو تحجب عن بحث دفاع الطاعن والرد عليه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أنه وقد نقض الحكم الاستئنافي الأول لقصوره عن البحث فيما دفع به الطاعن من عدم صحة ما أسست عليه الشركة قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وهو ما يتحدد به وضع النزاع أمام محكمة الإحالة ويجعله قاصراً على مناقشة أسباب إعادة التنظيم في ذاتها كان طبيعياً أن يهمل الطاعن الكلام عن الادعاء لعدم صلاحيته للعمل وأن لا يرد على مزاعم الشركة في هذا الصدد. وإذ لم تقتصر المحكمة على البحث فيما أحيل إليها من محكمة النقض وحكمت في الدعوى على أساس عدم صلاحيته دون أن تلفت نظره إلى ذلك فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بما سبق الرد به على السبب الأول من أنه بنقض الحكم نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته تعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه ومردود (ثانياً) بأنه ليس على المحكمة أن تنبه الخصوم إلى ما يقتضيه واجبهم في الدفاع.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أورد ضمن أسبابه أن "كتاب الاستغناء عن خدمات الطاعن على ما جاء في كتاب الشركة المؤرخ 15 ديسمبر انطوى على السبب الذي ركنت إليه الشركة وهو إعادة تنظيم مكتبها في منطقتي الشرق الأوسط والأدنى وفي شرح هذا السبب أمام محكمة أول درجة أرجعت الشركة هذا التنظيم إلى ما سمته بأزمة اقتصادية حادة هددت صناعة السينما وشركاتها في موطنها بأمريكا وامتدت إلى بلدان أوروبا. وكان ذلك خلال سنة 1950 مما حمل الشركة على انتهاج سياسة جديدة هدفت بها إلى خفض نفقاتها وزيادة إيراداتها. كما استغنت عن خدمات بعضهم وحافظة الشركة فيها من أقوال المجلات والصحف الأمريكية ما يؤكد صحة ذلك" وهي عبارة مطلقة لا يبين منها ما إذا كانت في معرض بيان الوقائع أو في مجال إقامة الدليل على صحة الرأي الذي انتهى إليه وعبارة "حافظة الشركة فيها من أقوال بعض المجلات والصحف الأمريكية ما يؤيد صحة ذلك" تنطوي على قصور إذ لم يشر الحكم إلى اسم أية مجلة أو صحيفة ولم يذكر أقوالها وما استنتجه منها وهو بذلك يكون قد أعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة الإسناد والرأي الذي انتهى إليه.
وحيث إن هذا السبب في غير محله أنه لا يعيب الحكم - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم وهو ما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على نفي مظنة التعسف عن الشركة بقوله إن الشركة كانت "على بينة من خسائرها ونقص إيراداتها في نطاق عمل المستأنف عليه أولاً بأول شهراً بعد شهر فلم تستطع عليه صبراً حتى إذا ما أيقنت في نهاية العام باستمرار نقص الإيراد في مصر لم تر بداً من اتخاذ إجراء حاسم في شأنه كما هو الحال في شأن المديرين الآخرين الذين استغنت عن خدماتهم أو أنقصت مرتباتهم" وقوله "وهكذا يبين أنه ليس للمستأنف عليه التي أنهت الشركة عقده استناداً إلى المبرر السابق إيضاحه والذي تطمئن المحكمة إلى جديته وبعده عن العسف من حق سوى أجره عن مدة المهلة" وهي تقديرات موضوعية سائغة لم تكن محل نعي من الطاعن وتكفي لحمله - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 11/ 3/ 1965 الطعن رقم 77 لسنة 30 ق - السنة 16 ص 304.
ونقض 11/ 4/ 1963 الطعن رقم 299 لسنة 27 ق - السنة 14 ص 520.
ونقض 3/ 5/ 1962 الطعن رقم 427 لسنة 26 ق - السنة 13 ص 591.

الطعن 388 لسنة 30 ق جلسة 6 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 108 ص 804

جلسة 6 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

------------------

(108)
الطعن رقم 388 لسنة 30 القضائية

رسوم. "رسم الدمغة". قطن. "لجنة القطن".
رسم الدمغة. مشتروات لجنة القطن. مبيعاتها. خضوعها للرسم.

------------------
ما تدفعه لجنة القطن من مبالغ ثمناً لمشترياتها يخضع لرسم الدمغة المنصوص عليه في المادة الأولى من الفصل الخامس من القانون رقم 224 لسنة 1951 إذ واقع الحال فيها أنها مبالغ صرفت من أموال الدولة وعن صفقات تمت لحسابها أو لحساب وزارة المالية وتؤول إليها حصيلتها وفقاً للمواد 1 و2 و3 من القانون رقم 90 لسنة 1942 بتمويل محصول القطن والقرار الوزاري بإنشاء لجنة القطن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة الإسكندرية لتجارة الأقطان أقامت الدعوى رقم 173 سنة 1956 تجاري كلي الإسكندرية ضد كل من لجنة القطن المصرية - ومصلحة الضرائب - طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن ترد لها مبلغ 41367 ج و815 م مع فوائد هذا المبلغ القانونية من تاريخ دفعه ومصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقالت شرحاً لها إنه إتباعاً لتعليمات مصلحة الضرائب عمدت لجنة القطن إلى خصم رسم دمغة على المبالغ المدفوعة منها ثمناً لمشترواتها من أقطان الشركة مستندة في ذلك إلى ما نصت عليه المادة الأولى من قانون الدمغة من أن يحصل رسم دمغة على كل مبلغ تصرفه الحكومة والهيئات العامة مباشرة أو بطريق الإنابة في حين أن لجنة القطن لا تعتبر هيئة عامة ولم ينط بها إدارة مرفق عام ولا هي تدفع ثمن الأقطان التي تشتريها بطريق الإنابة عن الحكومة وإنما تتعامل مع الأشخاص والشركات بوصفها من أشخاص القانون الخاص، وفي حين أن ما يصرف ثمناً لمشتروات محددة أسعارها في تسعيرة جبرية يعفى من رسوم الدمغة، وإذ خصمت اللجنة من ثمن مشترواتها من الشركة في سنتي 1952/ 1953 وسنة 1953/ 1954 رسوم دمغة مقدارها 41367 ج و815 م ولم تجد المطالبة الودية في استرداده فقد اضطرت الشركة إلى رفع هذه الدعوى بطلب رده مع فوائده القانونية وبتاريخ 31/ 3/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد استئنافها برقم 72 سنة 15 قضائية. وبتاريخ 11 يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجوه أولها أنه اعتبر لجنة القطن هيئة عامة في حين أنها هيئة تجارية ذات ميزانية مستقلة وتمسك حسابات تجارية تظهر فيها الأرباح والخسائر ولا يمكن مع ذلك القول بأنها هيئة أو منشأة أو مؤسسة عامة واعتبارها من تلك المصالح العمومية الإدارية التي يمنحها المشرع الشخصية الاعتبارية وتخصص لإدارة مرفق عام إذ هي تتعاقد مع الأفراد والشركات بوصفها من أشخاص القانون الخاص لا بوصفها سلطة عامة وإذ هي لم تتجرد عن نية الكسب ومن الجائز أن تحقق ربحاً من الأقطان التي تشتريها (وثانيها) أن محكمة أول درجة اعتبرت لجنة القطن منشأة اقتصادية عامة بينما اعتبرتها محكمة الاستئناف سلطة عامة تقوم بعملية شراء وبيع القطن لحساب وزارة المالية ومن مالها وبذلك تكون الصرفيات التي دفعت في شأن هذه العمليات منصرفة من الحكومة وتخضع لرسم الدمغة إذ العبرة في استحقاق رسم الدمغة بطبيعة المال المنصرف وكونه مالاً أميرياً مصروفاً لحساب وزارة المالية وثمناً لأقطان اشتريت لحسابها لا بطبيعة الجهة التي تولت صرفه وهو تناقض في أسباب الحكمين ومخالفة للقانون رقم 32 سنة 1957 - الذي صدر أثناء نظر الدعوى - وبمقتضاه تعتبر لجنة القطن مؤسسة عامة تمارس نشاطاً تجارياً وأموالها تعتبر أموالاً خاصة ليست أموالاً عامة أو مخصصة لمنفعة عامة بالفعل لأن قرار إنشائها لم ينص على خلاف ذلك وكون اللجنة منشأة عامة ذات نشاط تجاري لا يقتضي استحقاق رسم دمغة على مشترياتها طالما أن أموالها ليست أموالاً عامة ولا مخصصة لمنفعة عامة وهي في تعاملها مع الأفراد لا تتمتع بأية ميزة من ميزات السلطة العامة (وثالثها) أن الطاعنة قررت في دفاعها أمام محكمة أول درجة أن لجنة القطن كانت تشتري محصول القطن موسم 1952 و1953 و1954 بسعر محدد وطبقاً للفقرة ج من المادة 3 من الفصل الخامس من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا يخضع ثمنه لرسم الدمغة ورد الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - بأن القطن لم يكن في وقت من الأوقات محدداً في تسعيرة جبرية تفرضها الحكومة بل سعره محدد وفقاً للائحة البورصة وظروف العرض والطلب وهذا من الحكم خطأ ومخالفة لأحكام القانون رقم 296 لسنة 1953 بشأن شراء محصول القطن وقد نص في المادة الأولى منه على أنه اعتباراً من أول أغسطس سنة 1953 تشتري لجنة القطن المصرية أقطان الموسم 1953 - 1954 والمتبقي من أقطان موسم 1952 - 1953 بالأسعار المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون ونص في المادة الثانية على أن يصدر وزير المالية والاقتصاد قراراً بتحديد أسعار الأساس لأصناف القطن الأخرى وكذلك يصدر القرارات اللازمة لتحديد فروق الرتب ونص في المادة الثالثة على أنه لا يجوز تصدير أية أقطان للخارج أو تسليم أقطان للمغازل المحلية للاستهلاك المحلي إلا بعد الحصول على شهادة من لجنة القطن المصرية تثبت أن هذه الأقطان مشتراة من اللجنة وكان المشرع قد مهد لهذا القانون بإصدار المرسوم بقانون رقم 295 لسنة 1952 بتعطيل بورصة العقود إلى أجل غير مسمى وتقفيل عقود القطن وتصفيتها والمقاصة فيها بالأسعار التي حددها المرسوم بقانون رقم 296 لسنة 1952 بشأن تحديد سعر عقود القطن تحت القطع محصول موسم 1952/ 1953 وفي خصوص محصول القطن الموجود لدى التجار والمحال التجارية أصدر المرسوم بقانون رقم 297 لسنة 1953 وحدد في المادة الثانية منه السعر الذي تشتري به الحكومة إذا رغب التاجر في بيع ما اشتراه من القطن إليها. وهذان القانونان وإن لم يلزما المنتج أو التاجر أو المحال التجارية بالبيع للحكومة إلا أنه بصدور القانون رقم 296 لسنة 1953 التزم كل من هؤلاء بطريق غير مباشر بالبيع لها وحدد الثمن الذي تشتري به طبقاً للجدول المرافق له (ورابعها) إن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن لجنة القطن إنما تقوم بما نيط بها من بيع وشراء وكافة الإجراءات لحساب وزارة المالية ونيابة عنها مستنداً في ذلك إلى المادة السابعة من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 التي تشترط تصديق وزير المالية لنفاذ قرارات اللجنة، وهذا من الحكم خلط بين معنى النيابة في التعاقد والإنابة في الصرف لأن إضفاء الشخصية المعنوية على لجنة القطن واستقلال ميزانيتها يتعارض مع القول بأنها تعمل لحساب وزارة المالية واشتراط تصديق وزير المالية على قرارات اللجنة لا يغير من الأوضاع القانونية إذ أن العقود التي تبرمها تتم مستكملة أركانها القانونية واشتراط التصديق عليها من وزارة المالية ليس سوى وسيلة إدارية لضمان حسن سير العمل وتوقي الخسارة. والإنابة في الصرف طبقاً لقانون الدمغة غير النيابة في التعاقد كما يعرفها القانون المدني إذ أن الإنابة في الصرف لا تعدو أن تكون إجراء مادياً يتم به قبض المبالغ التي تصرفها إحدى خزائن الحكومة أو الهيئات العامة أما النيابة في التعاقد فهي عمل قانوني يباشره النائب عن الأصيل ويرتب القانون عليها آثاراً معينة أخصها إضافة آثار التصرف القانوني إلى ذمة الأصيل دون نائبه (وخامسها) إن الشركة تمسكت في مذكرتها المؤرخة 31/ 5/ 1960 ولأول مرة أمام محكمة الاستئناف بدفاع جديد حاصله أن للحكومة أو جهة الإدارة أو المنشأة العامة حرية اختيار أسلوب القانون العام أو أسلوب القانون الخاص فيما تجريه من عقود ويترتب على اختيار أحد هذين الأسلوبين نتائج مختلفة بالنسبة للاختصاص وللقواعد الموضوعية التي تحكمها بحيث إذا اختارت أسلوب القانون الخاص سرى عليها ما يسري على الأفراد من أحكام هذا القانون، وتتبع المنشآت العامة ذات الطابع التجاري أو الصناعي نفس النظام إلا أن الأصل لديها أنها تخضع للقانون الخاص وتعتبر عقودها من عقود القانون الخاص ما لم تتضمن شروطاً غير مشروعة أو غير مألوفة في علاقات الأفراد، وبالرجوع إلى عقود لجنة القطن يتضح أنها لا تتضمن شيئاً من هذه الشروط غير المألوفة وينبني على ذلك أن رسم الدمغة الذي نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا يسري على مثل هذه العقود لأن هذا النص إنما وضع لإعطاء الحكومة مزية من مزايا القانون العام إذا تعاقدت بوصفها حكومة أو هيئة عامة ومع أن هذا الدفاع جديد وطلب محامي اللجنة استبعاده أو فتح باب المرافعة للرد عليه فإن محكمة الاستئناف لم تفتح باب المرافعة ولم تقرر استبعاده وأغفلت الرد عليه وفي ذلك ما يبطل حكمها ولا يغير من ذلك ما رد به الحكم من أن اللجنة تتعاقد باعتبارها من أشخاص القانون العام إذ أن هذا الرد إنما يواجه دفاع الشركة القائم على أن اللجنة ليست هيئة عامة ولا يواجه هذا الدفاع الجديد من أنها حتى وإن اعتبرت هيئة عامة فإنه يتعين إخضاعها لأحكام القانون الخاص متى كانت قد اختارت في تعاملها أسلوب هذا القانون كما لا يغير من ذلك ما رد به الحكم من أن قرارات اللجنة لا تكون نافذة إلا بتصديق وزير المالية إذ أن مهمة اللجنة هي شراء القطن المحلوج محصول 42/ 43 ثم بيعه للتصدير أو الاستهلاك المحلي وطبقاً للقرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 تخضع عمليات البيع دون الشراء لتصديق وزير المالية وإذ أطلق الحكم سلطة وزير المالية في التصديق على عمليات البيع والشراء فإنه يكون قد مسخ أحكام هذا القرار الوزاري وسلطة الوزير في التصديق على عمليات البيع ليس من شأنها اعتبار اللجنة تتعاقد بأسلوب القانون العام إذ الواقع أنها تتعاقد بأسلوب القانون الخاص.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى القانون رقم 90 لسنة 1942 لتمويل محصول القطن سنة 1942 يبين أنه نص في المادة الأولى منه على أنه "يؤذن لوزير المالية في أن يخصص لتمويل القطن لسنة 1942 مبلغ عشرين مليوناً من الجنيهات على أن يؤخذ 8 مليون جنيه من المال الاحتياطي العام للدولة ويدبر الباقي بإصدار قرض في مصر أو في الخارج لأجل قصير بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية بموافقة مجلس الوزراء" وفي المادة الثانية على أن "يفتح حساب خاص للعمليات التي تباشر على محصول القطن سنة 1942 وتخصص إيرادات هذا الحساب أولاً لسداد القرض المذكور وما يتبقى بعد سداد القرض يضم إلى الاحتياطي العام" وفي المادة الثالثة على أن "يدرج في قسم الدين العام في ميزانية مصروفات الدولة المبالغ اللازمة سنوياً لسداد فوائد ومصروفات القرض المشار إليه" وتنفيذاً لهذا القانون وفي 19 أكتوبر سنة 1942 صدر القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 بإنشاء "لجنة القطن" مقتضاه أن تؤلف لجنة تسمى لجنة القطن المصرية يعهد إليها في شراء القطن المحلوج الناتج من محصول موسم 1942/ 1943 وتسلمه وبيعه للتصدير أو للاستهلاك المحلي وفي اتخاذ الإجراءات والعمليات اللازمة لهذا البيع لحساب وزارة المالية (المادة 1) وأن يكون لها ميزانية مستقلة ويفتح لها حساب خاص في البنك الأهلي وأن تمسك حساباتها بحيث تظهر جملة الأرباح والخسائر الناتجة من العمليات التي باشرتها (المادتان 3 و4) وأن يعين وزير المالية مراقباً لحساباتها وعلى مراقب الحسابات أن يتحقق من أن القرارات التي تصدرها وزارة المالية بشأن مهمة اللجنة قد نفذت بأكملها وتوضع الحسابات التي يصدق عليها المراقب تحت تصرف ديوان المحاسبة (المادتان 5 و6) وأنه لا يجوز إصدار القرارات إلا بحضور ستة أعضاء منهم 3 من موظفي الحكومة وتبلغ القرارات التي تصدرها لوزير المالية بمجرد صدورها ويجب الحصول على تصديق وزير المالية على قرارات اللجنة المتعلقة بإجراءات البيع لتكون نافذة (المادة 7) ومؤدى هذه النصوص أن ما تعقده لجنة القطن من صفقات الشراء والبيع وما تستلزمه هذه الصفقات من أعمال الصرف والقبض إنما تتم لحساب وزارة المالية وبطريق النيابة عنها في التعاقد
- لا في الصرف وحده - وتحت إشرافها ورقابتها ومن مال الدولة (الاحتياطي العام) (والقرض العام) الذي أذن لوزير المالية فيه وليس أدل على ذلك من أن ما يتبقى من حساب هذه العمليات بعد سداد القرض وفوائده ومصروفاته يضم إلى الاحتياطي العام - وإذ كان ذلك، وكانت المادة الأولى من الفصل الخامس من القانون رقم 224 لسنة 1951 قد نصت على أنه "يحصل رسم دمغة على كل مبلغ تصرفه الحكومة أو الهيئات العامة مباشرة أو بطريق الإنابة" تعين القول بأن ما تدفعه اللجنة من مبالغ ثمناً لمشترياتها يخضع لرسم الدمغة إذ واقع الحال فيها أنها صرفت من أموال الدولة وعن صفقات تمت لحسابها أو لحساب وزارة المالية وتؤول إليها حصيلتها - وما تعترض به الطاعنة "في الوجه الثاني" من أن اللجنة كانت تشتري محصول القطن موسم 1952/ 1953 و1953/ 1954 بسعر محدد رسمياً وطبقاً للفقرة ج من المادة الثالثة من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا يخضع لرسم الدمغة مردود بما رد به الحكم الابتدائي من أن القطن لم يكن "محدد الأسعار رسمياً في تسعيرة جبرية" وليس يجدي ما تثيره الطاعنة في الوجه الأول والثاني والرابع والخامس من دفاع نظري بحت لا ينطبق على واقع الحال في الدعوى وتكييفه - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور من وجوه (أولها) أن الشركة تمسكت في دفاعها بأن لجنة القطن لا تعتبر هيئة عامة وأفاضت في التعريف بهذه الهيئات والشروط اللازمة لإسباغ هذه الصفة عليها وقالت أنها لا تنطبق على اللجنة إذ ينقصها شرطان أساسيان من شرائط المرفق العام هما التمتع بميزات السلطة العامة والتجرد من نية الكسب كما تحدثت عن القانون رقم 32 لسنة 1957 وما نص عليه في المادة 20 من أن أموال المؤسسات العامة التي تمارس نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مالياً لا تعتبر أموالاً عامة وأوضحت أن هذا النص أنهى الجدل في شأن أموال لجنة القطن وأنها أموال خاصة يجوز الحجز عليها ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع واقتصر على بيان حكم المادتين 1 و7 من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 بإنشاء اللجنة ورتب على ذلك أنها سلطة عامة وأموالها أموال عامة بغض النظر عن وجود ميزانية مستقلة لها (وثانيها) أنه لم يعن بالرد على دفاع الشركة بشأن النيابة في التعاقد والنيابة في الصرف ولو فعل لوجد في استقلال ميزانية اللجنة عقبة تحول دون القول بأنها تنوب عن الحكومة في الصرف وأن هذه العقبة تزداد قوة إذا ما عنى باستقراء قواعد الإنابة وهي لا تكون إلا إذا أضيف أثر التصرف إلى الأصيل وفي حالتنا وبسبب تمتع اللجنة بالشخصية الاعتبارية يتم التصرف في ذمتها هي لا في ذمة الأصيل وإلا اختلطت ذمتها بذمة الحكومة وهو ما يتنافى مع ما لها من شخصية اعتبارية وذمة مستقلة والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن يكون في مقدور الحكومة أو الهيئات العامة تحصيل الرسم أو عدم تحصيله وفق رغبتها ومشيئتها فتحصله إذا تولت هي الصرف ولا تحصله إذا كلفت به أحد البنوك، وإذ لم يعن الحكم بتذليل هذه العقبات التي تحول دون الوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون خليقاً بالإبطال (وثالثها) أن الشركة تمسكت في مذكراتها المؤرخة 31/ 5/ 1960 ولأول مرة في الاستئناف بدفاع جديد - هو مدار الوجه الخامس من السبب الثاني - حاصله وجوب الوقوف على أسلوب الحكومة وجهات الإدارة في التعاقد حتى إذا ما اختارت أسلوب القانون العام تمتعت بجميع مزايا السلطة العامة وإذا ما اختارت أسلوب القانون الخاص تكون قد تنازلت عن هذه المزايا وتعامل معاملة الأفراد وهو ما أشارت إليه في الوجه الثالث من السبب الثاني وذكرت أسانيده تفصيلاً، وأغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع ولو عنى باستقرائه لتغير وجه الفصل في الدعوى إذ لو ثبت أن الحكومة أو ما سماه الحكم سلطة عليا "لجنة القطن" كانت تتعامل في الأقطان كفرد عادي تعين عدم إخضاع مدفوعاتها لرسم الدمغة حيث يستوي عندئذ أن تكون اللجنة هيئة عامة أو خاصة وأن تقوم بالصرف بالأصالة عن نفسها أو نيابة عن الحكومة ما دامت الحكومة لم تختر في إنابتها لها أسلوب القانون العام.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق بيانه من أن ما تتمسك به الطاعنة من دفاع بشأن "لجنة القطن" وأنها ليست هيئة ولا سلطة ولا مؤسسة عامة وأموالها ليست أموالاً عامة أو بشأن ما هنالك من فوارق بين النيابة في التعاقد والنيابة في الصرف أو بشأن وجوب الوقوف على أسلوب الحكومة وجهات الإدارة في التعاقد، هو دفاع نظري بحت لا ينطبق على واقع الحال في الدعوى وتكييفه وبحسب الحكم المطعون فيه أن يكون قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن لجنة القطن "تعمل لحساب الحكومة وتحت رقابتها وإشرافها وبمعنى أدق تحت الوصاية الإدارية لوزارة المالية بدلالة ما تنص عليه المادتان الأولى والسابعة من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 الصادر بإنشائها" وأنه "مهما قيل في صفة لجنة القطن فإن مؤدى نص المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 أن وزارة المالية هي التي تقوم بعملية شراء وبيع القطن لحسابها ومن مالها مهما كانت صفة الوكيل الذي عهدت إليه بهذه العملية وبذلك تكون الصرفيات التي دفعت في شأن هذه العمليات إنما هي مبالغ منصرفة من الحكومة تخضع لرسم الدمغة بغير حاجة لبحث صفة الوكيل عن الحكومة في الصرف" إذ فيه الرد الضمني على دفاع الطاعنة ويكون النعي بالقصور على غير أساس - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 160 لسنة 90 ق جلسة 19 /2/ 2024م

باسم الشـعب
محكمــة النقــض
الدائرة المدنيـة
دائرة " الاثنين " ( د ) المدنية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ وائل رفاعي، محمد راضي ، محمد جمال الدين وأحمد عبد المجـيد الفـقي" نواب رئـيس المحـكمة "
وحضور رئيس النيابة السيد/ خالد فتحي.
وأمين السر السيد/ عادل الحسيني إبراهيم.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة، بدار القضاء العالي، بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 9 من شعبان سنة 1445 هـ الموافق 19 من فبراير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتـي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 160 لسنة 90 ق.
المرفــــوع من
- عضو مجلس الإدارة المنتدب لصندوق التأمين الخاص بالعاملين بشركة المقاولون العرب "عثمان أحمد عثمان وشركاه".
ضــــــــــــــــد
- الممثل القانوني لشركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء بصفته.
------------------
" الوقـــــائــع "
في يـوم 2/1/2020م طُعـن بطريق النقض في حـكم محكمـة اسـتئناف القاهرة الصادر بتاريخ 5/11/2019م في الاستئناف رقم 10610 لسنة 22 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطَّاعنُ بصفته الحكم بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي نفس اليوم أودع الطَّاعنُ مذكرةً شارحةً.
وفي يوم 16/1/2020م أُعلنتِ الشَّركةُ المطعونُ ضدها بصحيفة الطعن.
وفي يوم 30/1/2020م أودعت الشَّركةُ المطعونُ ضدها مذكرةً بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه.
وبجلسة 15/1/2024م عُرض الطعنُ على المحكمة، في غرفة مشورة، فرأت أنه جديرٌ بالنظر، فحددت لنظره جلسة 19/2/2024م وبها سُمع الطعنُ أمام هذه الدائرة، على ما هو مبينٌ بمحضر الجلسة، حيث صمم كلٌ من محامي الطاعن والنيابة العامة كلٌّ على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أصدرت حكمها بذات الجلسة.
------------------
المحـكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ......" نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة.
حَيْثُ إنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الْشَّكْلِيَّةَ.
وحَيْثُ إنَّ الوقائعَ - على ما يبينُ من الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ – تتحصل في أن الطَّاعنَ بصفته أقامَ على الشَّركةِ المطعونِ ضدها الدعوى رقم ٦٨٠٢ لسنة ٢٠١٠ أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير تكون مهمته قياس الأحمال، وتحديد أقصى قيمةٍ لاستهلاك الكهرباء، وفحص ومراجعة حسابه لدى الشركة المطعون ضدها، وإعادة تسويته طبقًا لما سيسفر عنه تقريرُ الخبيرِ مع إلزامها بما ستسفر عنه هذه التسوية، ثم أضاف طلبًا بإلزامها برد مبلغ ٣٥٤٥٣٠,٣٥٠ جنيهًا إجمالي ما تم سدادُه حتى شهر فبراير ٢٠١٠، وقال بيانًا لذلك إنه يمتلكُ المولَ التُّجاريَّ المبين بالصحيفة، وأنَّه في غضون شهر أبريل، وعقب تركيب عدادٍ تُجاريٍّ منفصلٍ للأدوار التجارية، وشبكة التكييف، لم تقم الشَّركةُ المطعونُ ضدها بإصدار فواتير استهلاك الكهرباء، وفُوجئ بها تطالبُه بالمبالغ التي قدرتها، والمبينة بالصحيفة، ولمَّا كان ذلك التقديرُ لا يتفقُ مع الاستهلاك الفعلي، فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودعَ تقريرَه النِّهائيَّ حكمت برفض الدعوى، بحكم استأنفه الطَّاعنُ بصفته لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ١٠٦١٠ لسنة ٢٢ ق، وبتاريخ ٥/١١/٢٠١٩ قضتِ المحكمةُ بتأييد الحكم المستأنف. طَعَنَ الطَّاعنُ بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعتِ النِّيابَةُ مذكرةً، وأبدت الرأْيَ برفضِ الطَّعْنِ، وإذ عُرض الطًّعنُ على المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسةً لنظره، التزمتْ فيها النِّيَابَةُ رأْيَهَا.
وحَيْثُ إنَّ حاصلَ ما ينعاه الطَّاعنُ بصفته على الحكمِ المطعونِ فيه بسببي النعي الفسادُ في الاستدلالِ ومخالفةُ الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنَّهُ تمسَّك أمامَ محكمةِ الموضوع بامتناعِ الشَّركةِ المطعونِ ضدها عن الحضور أمام خبراءِ الدعوى، وتقديم ما لديها من مستنداتٍ متعلقةٍ بقيمةِ استهلاكِ الكهرباءِ عن الفتراتِ موضوعِ التداعي، وبيان أسس المحاسبة، وقيمة التعريفةِ التي تم الحسابُ على أساسها، حالَ كونِها المنوطَ بها تحديدُ تلك القيمةِ والتعريفةِ المحددة لها، إلا أنَّ الحكمَ المطعونَ فيه التفتَ عمَّا تمسَّكَ به معتبرًا إيَّاه قدْ عجزَ عن إثباتِ دعواه، في حين أنَّ المستنداتِ المطلوبةَ تحت يدِ المطعونِ ضدها، وهي مَن امتنعتِ عن تقديمِها، كما التفتَ عن الصورةِ المقدمة مِنْهُ لإيصالِ سدادِ المبلغِ موضوعِ الطلبِ المُضاف، مما يجعله معيبًا، بما يستوجب نقضه.
وحَيْثُ إنَّ هذا النَّعي في أسَاسِهِ سَدِيدٌ؛ ذلك إنَّه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان الأصل وفقًا لِما قررتْهُ المادةُ الأولى من قانون الإثباتِ أنَّ المدعي هو المكلف قانونًا بإثبات دعواه، وأنَّ عبء الإثباتِ يقعُ على عاتقِ مَن يَدعي خلافَ الأصلِ، وهي القاعدةُ التي تجدُ أساسَها في القاعدةِ الأصوليةِ التي تقضي بأنَّ البينةَ على مَنِ ادَّعى، واليمينَ على مَن أَنكرَ، إلَّا أنَّ الأخذَ بهذه القاعدة على إطلاقِها لا يستقيمُ؛ ذلك إنَّه إذا كانت الدعوى مؤسسةً على عقدٍ يُنشئُ التزاماتٍ متقابلةً في ذمةِ كلٍّ مِن المتعاقدَيْنِ، فإنَّه يقعُ على عاتقِ كلِّ مَن التزم بالتزامٍ عبءُ إثباتِ قيامِه بما تعهَّدَ به، وذلك بغض النظر عما إذا كان هو المدعي أم المدعى عليه، وكانتْ عقودُ الخدماتِ - وهي العقودُ التي يلتزمُ بموجبِها أحدُ الطَّرفَيْنِ بتقديمِ أو نقلِ خدمةٍ معينةٍ للطرفِ الآخرِ مقابلَ أنْ يلتزمَ الأخيرُ بسدادِ قيمتِها، مثلُ عقودِ (نقل التيارِ الكهربائي والمياه والغاز الطبيعي وخدمات الاتصالات وخدمات البنوك ...... إلخ) - تقتضي وفقًا لطبيعتِها أنْ يستأثرَ الطرفُ مُقدِّمُ الخدمةِ بتحديدِ مقدارِ وقيمةِ الاستهلاكِ، وأُسسِ المحاسبةِ، والإمساكِ بالمستنداتِ والدفاترِ والأوراقِ المعدةِ لإثباتِ ذلكَ، فإنَّه إذا ما ثارتْ منازعةٌ بينه وبينَ الطَّرفِ الآخرِ -مُتَلقِي الخدمةِ- حولَ تلكَ الأسسِ – اقتضتِ الرجوعَ إلى هذه المستنداتِ وتلكَ الأوراقِ ــ فلا يستقيمُ تكليفُ الطَّرفِ مُتَلقِي الخدمةِ بإثباتِ ما لا يمكنُه إثباتُه إلَّا بتقديمِ الطرفِ مُقدِّمِ الخدمةِ ما تحت يدِه من مستنداتٍ، ما كان الطَّرفُ الثاني ليتحصلَ عليها إلا عن طريقِ مُقدِّم الخدمةِ ذاتِه، وإلَّا عُدَّ ذلكَ تكليفًا بمستحيلٍ بالمخالفة للقاعدة الأصولية أنَّه "لا تكليف بمستحيل"، ويتعين في هذه الحالةِ أنْ يلتزمَ مُقدِّمُ الخدمةِ بتقديمِ كافةِ المستنداتِ المتعلقةِ بموضوعِ النزاعِ، والمنتجةِ في الدعوى، واللازمةِ لبيانِ وجهِ الحقِ فيها، متى طُلب منه ذلك، فإذا ما قعَدَ عن ذلك عُدَّ قعودُه قرينةً لصالحِ مُتَلقِي الخدمةِ، ويُلقِي بعبءِ الإثباتِ على مُقدِّمِها. وكان من المقرر أنَّ النصَّ في المادة ١٤٨/١، من قانون الإثبات على أنَّه "يسمع الخبيرُ أقوالَ الخصومِ وملاحظاتِهم، فإذا تخلَّفَ أحدُهم عَنِ الحضورِ أمامَه أَوْ عَنْ تقديمِ مستنداتِه، أو عَنْ تنفيذِ أيِّ إجراءٍ من إجراءاتِ الخبرةِ في المواعيدِ المحددةِ، بما يتعذرُ معه على الخبيرِ مباشرةُ أعمالِهِ، أَوْ يُؤدِّي إلى التأخيرِ في مباشرتِها، جازَ له أنْ يطلبَ إلى المحكمةِ أنْ تحكمَ على الخصمِ بأحدِ الجزاءاتِ المقررةِ في المادةِ ٩٩ من قانونِ المرافعاتِ المدنيةِ والتُّجاريةِ الصادرِ بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨. ويسري على هذا الحكمِ الأحكامُ المبينةٌ في المادةِ المذكورةِ." وفي المادةِ 148 مكرر من القانونِ ذاتِهِ والمضافةِ بالقانونِ رقم ٥٤ لسنة ١٩٧٤ أنَّه "لا يجوزُ لأيةِ وزارةٍ أو مصلحةٍ حكوميَّةٍ أو هيئةٍ عامةٍ أو مُؤسسةٍ عامَّةٍ أَوْ وحدةٍ مِنَ الوحداتِ الاقتصاديةِ التابعةِ لهما أو أيةِ جمعيةٍ تعاونيةٍ أو شركةٍ أو منشأةٍ فرديةٍ، أنْ تمتنعَ بغيرِ مبررٍ قانونيٍ عن إطلاعِ الخبيرِ على ما يلزمُ الاطلاعُ عليه مما يكون لديها من دفاترَ أو سجلاتٍ أو مستنداتٍ أو أوراقٍ تنفيذًا للحكم الصادر بندب الخبير" وقد كان رائدُ المشرعِ من استبدال النص الحالي للمادة ١٤٨ بالنص القديم، وإضافةِ المادةِ ١٤٨ مكرر -وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون ٥٤ لسنة ١٩٧٤- أنَّ "الواقعَ العمليَّ قدْ كشفَ أنَّه كثيرًا ما يتأخرُ الخبيرُ في إنجاز المأمورية المكلف بها؛ وذلك إمَّا بفعلِ الخصومِ أوْ تخلُّفِ مَن تدعو الضرورةُ سماعَ أقوالِهم عَنِ الحضورِ أمامَ الخبيرِ أَوْ الامتناعِ عن إطلاعِهِ على المستنداتِ أَوْ الأوراقِ التي يلزمُ الاطلاعُ عليها، وساعدَ على ذلك خلوُ القانونِ الحالي مِن نصوصٍ صريحةٍ تحملُ الخصومَ أو غيرَهم على أنْ ينفذوا ما يطلبُه الخبيرُ من حضورٍ أو تقديمِ مستنداتٍ أو إطلاعِهِ عليها أو الإدلاءِ بأقوالهم أمامَه. وإذا كانَ عملُ الخبير يُعتبرُ امتدادًا لنظرِ الدعوى أمامَ القضاءِ، فإنَّ من المنطقي أنِ تُحاطَ الدعوى أمامَ الخبيرِ بأحكامٍ مماثلةٍ للأحكامِ المقررةِ لها في مجلسِ القضاءِ، والتي من شأنها سرعةُ إعدادِها للفصلِ فيها". وكان النَّصُ في المادتَيْنِ ١٤٨/١، ١٤٨ مكرر آنفتي البيان يدلُ على أنَّ الحكمَ القضائيَّ الصادرَ بندبِ خبيرٍ وتفويضَه في الانتقالِ إلى إحدى جهاتِ الجهازِ الإداري للدولةِ أو الهيئاتِ أو المؤسساتِ العامةِ أو الوحداتِ الاقتصاديةِ أو الجمعياتِ والشركاتِ والمنشآتِ الفرديةِ للاطلاع على ما لديها من أوراقٍ تتصلُ بموضوعِ الدعوى أو طلبِه من الخصومِ تقديمَها، هو التزامٌ قانونيٌ فرضَه المشرعُ على كافةِ الجهات، يستمدُ قوتَه من قوةِ الحكمِ القضائيِّ الصادرِ به، وفي حالةِ الامتناعِ عن تنفيذِه، بغير مبرر قانوني، فإنَّه يُجيزُ للمحكمةِ مصدرةِ الحكمِ أو الدرجةِ التاليةِ لها - سواءٌ من تلقاءِ نفسِها أو بناءً على طلب خبير الدعوى- توقيعَ الجزاءاتِ المدنيةِ المقررةِ بالمادةِ ٩٩ من قانونِ المرافعاتِ من غراماتٍ وغيرِها من الجزاءاتِ. وكان من المقرر أيضًا - وعلى ما جرى به قضاءُ هذه المحكمةِ - وهديًا بالمادتَيْنِ ١٤٧، ١٤٨ من القانونِ المدني أنَّ العقدَ شريعةُ المتعاقدَيْنِ، وأنَّه يجبُ تنفيذُه طبقًا لِمَا اشتملَ عليه، وبطريقةٍ تتفقُ مع ما يوجبُه حسنُ النيةِ، ولا يقتصرُ العقدُ على إلزامِ المتعاقدِ بما وردَ فيه، وإنَّما يتناولُ -أيضًا- ما هو من مستلزماتِهِ وفقًا للقانونِ والعرفِ والعدالةِ بحسبِ طبيعةِ الالتزامِ. ومن المقرر كذلك - في قضاء النقض - أنَّه إذا طُرح دفاعٌ على المحكمةِ، كان عليها أنْ تنظرَ في أثرِه في الدعوى، فإنْ كانَ منتجًا، فعليها أن تُقدِّرَ مدى جديته حتى إذا ما رأتْ أنّه متسمٌ بالجديةِ مضتْ إلى فحصِه؛ لِتقفَ على أثرِه في قضائِها، فإنْ هي لَمْ تفعلْ كانَ حكمُها قاصرًا. كما أنَّ الغرضَ من ندبِ خبيرٍ في الدعوى هو الاستعانةُ برأيِهِ في مسألةٍ فنيةٍ لا يستطيعُ القاضي البتَ فيها، بما لازمُه أنْ يباشرَ الخبيرُ المهمةَ المنوط بها، وأنَّ المناطَ في اتخاذِ الحكمِ من تقريرِ الخبيرِ دليلًا في الدعوى أن يكونَ الخبيرُ قد أدَّى المأموريةَ، واستندَ في تقريرِهِ إلى أسبابٍ تكفي لحملِه، وتصلحُ ردًّا على ما تمسَّكَ به الخصومُ من أوجهِ دفاعٍ ودفوعٍ. لمَّا كانَ ذلك، وكانَ الثابتُ من الأوراقِ أنَّ الطَّاعنَ قد أقامَ دعواهُ بُغيةَ ندبِ خبيرٍ لقياسِ الأحمالِ وتحديدِ الحدِ الأقصى لقيمةِ استهلاكِ الكهرباءِ، وفحصِ حساباتِهِ لدى الشركةِ المطعونِ ضدها، وتسويتِها، وإلزامِها بما سيسفرُ عنه تقريرُ الخبيرِ معَ إلزامِها بردِّ مبلغ ٣٥٤٥٣٥.٣٥٠ جنيهًا إجمالي ما تم سدادُه حتَّى شهرِ فبراير ٢٠١٠، وكانَ الحكمُ المطعونُ فيه قد رَفَضَ الدعوى استنادًا لتقاريرِ الخبراءِ المنتدبينَ فيها، رغمَ أنَّها قد خلتْ مما يفيدُ أنَّ أيًا من هؤلاء الخبراءِ قد أدى مهمتَهُ؛ إذ أَجمعتِ التَّقاريرُ الثلاثةُ على نتيجةٍ مؤداها عدمُ تقديمِ أيٍّ من الطرفَيْنِ لأيةِ مستنداتٍ، والبينُ كما تقدَّمَ أنَّ كافةَ المستنداتِ تحتَ يدِ الشركةِ المطعونِ ضدها، وأنَّ قياسَ الأحمالِ هو إجراءٌ فنيٌ يتعينُ على الخبيرِ إتمامُهُ، فإذا ما اعتدَّ الحكمُ المطعونُ فيه بهذا التقريرِ القاصرِ، والتفتَ عن قعودِ الشركةِ المطعونِ ضدها عن تقديمِ المستنداتِ سندِ المنازعةِ التي تستأثرُ بها، وعن دلالةِ الصورةِ الضوئيةِ غيرِ المجحودةِ لإيصالِ سدادِ مبلغِ المحاسبةِ موضوعِ الطلبِ المضافِ ومقدارُه ٣٥٤٥٣٥.٣٥٠ جنيهًا، والذي قدَّمَهُ الطَّاعنُ أمامَ محكمةِ الموضوعِ، فإنه يشوبُه ما شابَ سندَه من قصورٍ مُبطلٍ للحكمِ، بما يوجب نقضَه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلـــــــك
نقضتِ المحكمةُ الحكمَ المطعونَ فيه، وأحالتِ الدعوى لمحكمةِ استئنافِ القاهرةِ، وألزمتِ الشركةَ المطعونَ ضدها المصاريفَ ومبلغَ مائتي جنيهٍ أتعاب المحاماةِ.

مرسوم وزارة الخارجية الإيطالية الصادر في 7 مايو 2024 باعتبار 22 دولة كدول منشأ آمنة (بشأن الهجرة)

 MINISTERO DEGLI AFFARI ESTERI E DELLA COOPERAZIONE INTERNAZIONALE  DECRETO  7 maggio 2024 . 

     Aggiornamento della lista dei Paesi di origine sicuri prevista dall’articolo 2  -bis   del decreto legislativo 28 gennaio 2008, n. 25.        

 IL MINISTRO DEGLI AFFARI ESTERI E DELLA COOPERAZIONE INTERNAZIONALE  DI CONCERTO CON  IL MINISTRO DELL’INTERNO  E CON  

IL MINISTRO DELLA GIUSTIZIA  

Visto il decreto legislativo 28 gennaio 2008, n. 25, di attuazione della direttiva 2005/85/CE recante norme minime per le procedure applicate negli Stati membri ai fini del riconoscimento e della revoca dello    status    di rifugiato, e, in particolare, l’art. 2  -bis  , che prevede, con decreto del Ministro degli affari esteri e della cooperazione internazionale, di concerto con i Ministri dell’interno e della giustizia, l’adozione di un elenco dei Paesi di origine sicuri;  

Visto il decreto legislativo 19 novembre 2007, n. 251, di attuazione della direttiva 2004/83/CE recante norme minime sull’attribuzione, a cittadini di Paesi terzi o apolidi, della qualifica del rifugiato o di persona altrimenti bisognosa di protezione internazionale, nonché norme minime sul contenuto della protezione riconosciuta;  

Visto il decreto legislativo 18 agosto 2015, n. 142, di attuazione della direttiva 2013/33/UE recante norme relative all’accoglienza dei richiedenti protezione internazionale, nonché della direttiva 2013/32/UE, recante procedure comuni ai fini del riconoscimento e della revoca dello    status    di protezione internazionale;  

Visto il decreto del Ministro degli affari esteri e della cooperazione internazionale 17 marzo 2023, adottato di concerto con il Ministro dell’interno e il Ministro della giustizia e pubblicato nella   Gazzetta Ufficiale   - Serie generale - n. 72 del 25 marzo 2023, che stabilisce una lista di Paesi di origine sicuri per richiedenti protezione internazionale;  Considerata la necessità di effettuare l’aggiornamento periodico della lista dei Paesi di origine sicuri ai sensi dell’art. 2 del decreto 17 marzo 2023;  

Visto l’appunto n. MAECI|1311|06/05/2024|0056895-I del Ministero degli affari esteri e della cooperazione internazionale, con il quale sono state trasmesse le schede contenenti le determinazioni relativamente ai seguenti Paesi: Albania, Algeria, Bangladesh, Bosnia-Erzegovina, Camerun, Capo

Verde, Colombia, Costa d’Avorio, Egitto, Gambia, Georgia, Ghana, Kosovo, Macedonia del Nord, Marocco, Montenegro, Nigeria, Perù, Senegal, Serbia, Sri Lanka e Tunisia;  

Tenuto conto dell’esigenza di assicurare il pieno rispetto delle disposizioni costituzionali concernenti i diritti inviolabili dell’uomo, di tutelare le specifiche situazioni personali del singolo richiedente protezione internazionale a prescindere dal Paese di provenienza e di dare attuazione alla previsione di cui all’art. 2  -bis   del decreto legislativo n. 25 del 2008;   Decreta:  

 Art. 1.      Paesi di origine sicuri      1. Ai sensi dell’art. 2  -bis   del decreto legislativo 28 gennaio 2008, n. 25, sono considerati Paesi di origine sicuri: Albania, Algeria, Bangladesh, Bosnia-Erzegovina, Camerun, Capo Verde, Colombia, Costa d’Avorio, Egitto, 

Gambia, Georgia, Ghana, Kosovo, Macedonia del Nord, Marocco, Montenegro, Nigeria, Perù, Senegal, Serbia, Sri Lanka e Tunisia.  2. Nell’ambito dell’esame delle domande di protezione internazionale, la situazione particolare del richiedente è valutata alla luce delle informazioni contenute nelle schede sul Paese di origine indicate nell’istruttoria di cui in premessa.   

Art. 2.      Aggiornamento periodico      1. L’elenco di cui all’art. 1 è aggiornato periodicamente conformemente all’art. 2  -bis   del decreto legislativo n. 25 del 2008.   

Art. 3.      Notifica    

  1. L’elenco di cui all’art. 1 è notificato alla Commissione europea. Sono, altresì, comunicate alla Commissione europea le modifiche apportate all’elenco di cui all’art. 1 a seguito dell’aggiornamento periodico di cui all’art. 2.   

Art. 4.      Norma transitoria e abrogazioni   

   1. Ai fini dell’esame delle domande di protezione internazionale, l’inclusione di Bangladesh, Camerun, Colombia, Egitto, Perù e Sri Lanka, nell’elenco di cui all’art. 1 non ha effetto sulle domande presentate da cittadini di detti Paesi prima dell’adozione del presente decreto. 

 2. A decorrere dall’entrata in vigore del presente decreto cessa di trovare applicazione il decreto del Ministro degli affari esteri e della cooperazione internazionale 17 marzo 2023, adottato di concerto con il Ministro dell’interno e il Ministro della giustizia e pubblicato nella   Gazzetta Ufficiale- Serie generale - n. 72 del 25 marzo 2023.

  Art. 5.      Entrata in vigore 

1. Il presente decreto si applica dal quindicesimo giorno successivo a quello della sua pubblicazione nella   Gazzetta Ufficiale   della Repubblica italiana. Roma, 7 maggio 2024 Il Ministro degli affari esteri e della cooperazione internazionale   

T AJANI Il Ministro dell’interno   P IANTEDOSI Il Ministro della giustizia   N ORDIO