الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 أغسطس 2024

الطعن 80 لسنة 23 ق جلسة 9/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 342 ص 950

جلسة 9 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, والسادة المستشارين: مصطفى حسن ومحمود إبراهيم إسماعيل وأنيس غالي ومصطفى كامل أعضاء.

-----------------

(342)
القضية رقم 80 سنة 23 القضائية

نقض. 

حق النائب العام في الطعن بطريق النقض في أمر غرفة الاتهام باعتبار الواقعة جنحة. قصره على حالة الأمر بإحالة الواقعة على المحكمة الجزئية. الأمر بإحالتها إلى محكمة الجنايات لارتباطها بجناية. لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.

-----------------
إن الأصل في الطعن بالنقض أنه لا يجوز إلا في الأحكام المنهية للخصومة والصادرة من محكمة آخر درجة, إلا أن القانون أجاز للنائب العام استثناء من هذا الأصل واختصارا للإجراءات, الطعن بطريق النقض في أمر غرفة الاتهام باعتبار الواقعة جنحة, وقد جعل حق الطعن في هذا الأمر منوطا بأن يكون الأمر صادرا بحسب الأصل بإحالة الواقعة إلى المحكمة المختصة بأصل الدعوى في الجنح - وهي المحكمة الجزئية - فإنه يتعين قصر حق الطعن على هذه الحالة وعدم التوسع فيها بحيث إذا لم يترتب عليه هذا الأثر بأن كان الأمر باعتبار الواقعة جنحة صادرا بإحالتها إلى محكمة الجنايات لارتباطها بجناية أو لغير ذلك من الأسباب, فإن الطعن فيه بطريق النقض لا يكون جائزا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة مصطفى علي الأحول "المطعون ضده" بأنه ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو صوةر إيصال توريد النقود رقم 5817 مجموعة 85 بأن أحدث تغييرا في البيانات الثابتة بصورة الإيصال, فجعل تاريخ السداد 17 من يوليه سنة 1948 بدلا من 5 من يوليه سنة 1948 وفي المبلغ الثابت به بأن جعله 3 جنيهات و500 مليم بدلا من 9 جنيهات و310 مليمات وأثبت اسم إيلي نسيم بدلا من اسم من قام بدفع المبلغ بعد أن أزال هذا الاسم الأخير, ثانيا - استعمل صورة إيصال توريد النقود المزور السالف الذكر بأن قدمه إلى إيلي نسيم كدليل على سداد المطلوب مع علمه بتزوير صورة الإيصال, ثالثا - بدد مبلغ ثمانية جنيهات ومائة وثمانين مليما سلمت إليه على سبيل الوكالة من فتحي عبده فهمي وآخرين لتوريدها لخزانة إدارة الأوقاف بالإسكندرية فاختلسها لنفسه إضرارا بالمجني عليه, وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 211و212و314و341 من قانون العقوبات, فقررت باعتبار التهمة الأولى الموجهة إلى المتهم جنحة تبديد بالمادة 341 من قانون العقوبات. أما التهمتان الثانية والثالثة فقد اعتبرتهما جناية. فطعن الأستاذ عبد الحليم البيطاش رئيس نيابة الإسكندرية في قرار غرفة الاتهام خاصا بالتهمة الأولى بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة تبني طعنها على أن أمر غرفة الاتهام المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون, إذ اعتبر واقعة الاختلاس المسندة إلى المتهم جنحة تبديد منطبقة على المادة 341 من قانون العقوبات مع أنها جناية طبقا للمادة 118 من ذلك القانون.
وحيث إن الدعوى أحيلت إلى غرفة الاتهام من قاضي التحقيق ضد المتهم لأنه في خلال شهر يوليه سنة 1948 الموافق شهر شعبان سنة 1367 بدائرة قسم المنشية محافظة الإسكندرية: أولا - بصفته موظفا عموميا أدخل في ذمته مبلغ ثمانية جنيهات ومائة وثمانين مليما سلمت إليه من فتحي عبده فهمي وآخرين لتوريدها لخزانة إدارة الأوقاف بالإسكندرية, ثانيا - ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو صورة إيصال توريد النقود رقم 5817 مجموعة 85 بأن أحدث تغييرا في البيانات الثابتة بصورة الإيصال فجعل تاريخ السداد 17 من يوليه سنة 1948 بدلا من 15 من يوليه سنة 1948 ومحا المبلغ الثابت به بأن جعله 3 جنيهات و500 مليم بدلا من 9 جنيهات و310 مليمات وأثبت اسم إيلى نسيم بدلا من اسم من قام بدفع المبلغ بعد أن أزال هذا الاسم الأخير, ثالثا - استعمل صورة إيصال توريد النقود المزور سالف الذكر بأن قدمه إلى إيلى نسيم كدليل على سداد المطلوب منه مع علمه بتزوير صورة الإيصال, وبعد أن نظرت غرفة الاتهام الدعوى أصدرت أمرها المطعون فيه بإحالة المتهم على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمواد 211و212و214و341 من قانون العقوبات لارتكابه جريمتي التزوير والاستعمال المشار إليهما, ولأنه "بدد مبلغ ثمانية جنيهات ومائة وثمانين مليما سلمت إليه على سبيل الوكالة من فتحي عبده فهمي وآخرين لتوريدها لخزانة إدارة الأوقاف بالإسكندرية فاختلسها لنفسه إضرارا بالمجني عليهم" الأمر المعاقب عليه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
وحيث إن الأصل في الجنحة أن يصدر الأمر بإحالتها إلى المحكمة الجزئية المختصة بنظرها سواء في ذلك أن يكون صادرا من قاضي التحقيق طبقا للمادة 156 من قانون الإجراءات الجنائية, فهو إذ يرى أن الواقعة جنحة "يحيل المتهم إلى المحكمة الجزئية ما لم تكن الجريمة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا المضرة بأفراد الناس فيحيلها إلى محكمة الجنايات" أو كان الأمر صادرا من غرفة الاتهام طبقا للمادة 179 من ذلك القانون, فهي إذ ترى أن الواقعة جنحة تأمر بإحالتها إلى المحكمة المختصة بنظرها وذلك على مقتضى ما تقدم بالنسبة إلى قاضي التحقيق - لما كان ذلك وكانت المحكمة المختصة بالفصل في أصل الدعوى لا تتقيد في حكمها بالوصف القانوني الذي تحال به الواقعة إليها بل إنها تفصل فيها حسب التكييف الذي ترى هى إعطاءه لها بعد تحقيقها بمعرفتها, وكان الأصل في الطعن بالنقض أنه لا يجوز إلا في الأحكام المنهية للخصومة والصادرة من محكمة آخر درجة, إلا أن القانون أجاز للنائب العام استثناء من هذا الأصل واختصارا للإجراءات, الطعن بطريق النقض في أمر غرفة الاتهام باعتبار الواقعة جنحة, وقد جعل حق الطعن في هذا الأمر منوطا بأن يكون الأمر صادرا بحسب الأصل بإحالة الواقعة إلى المحكمة المختصة بأصل الدعوى في الجنح وهى المحكمة الجزئية فإنه يتعين قصر حق الطعن على هذه الحالة وعدم التوسع فيها بحيث إذا لم يترتب عليه هذا الأثر بأن كان الأمر صادرا بإحالة الواقعة إلى محكمة الجنايات لارتباطها بجناية أو لغير ذلك من الأسباب, فإن الطعن فيه بطريق النقض لا يكون جائزا. ولما كان الأمر المطعون فيه الصادر من غرفة الاتهام باعتبار واقعة اختلاس مبلغ الثمانية جنيهات ومائة وثمانين مليما جنحة تبديد قد أحالها مع تهمتي الجناية المسندتين للمتهم إلى محكمة الجنايات لارتباطها بهما, وكان هذا الأمر لا ينتج أثرا من حيث تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى ولا يمس حق المحكمة, وهى محكمة الجنايات, في تغيير الوصف القانوني للفعل المسند إلى المتهم بالضوابط المبينة بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية - لما كان ذلك فإن الطعن فيه بطريق النقض لا يكون جائزا.

الطعن 830 لسنة 23 ق جلسة 15/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 347 ص 967

جلسة 15 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي, ومصطفى حسن, وحسن داود, ومحمود إبراهيم إسماعيل أعضاء.

------------------

(347)
القضية رقم 830 سنة 23 القضائية

غرفة الاتهام. 

سلطتها في إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات.

----------------
إن غرفة الاتهام لا تحيل الدعوى إلى محكمة الجنايات طبقا لنص المادة 179 من قانون الإجراءات الجنائية إلا إذا تبينت أن الواقعة جناية, وأن الدلائل كافية على المتهم وترجحت لديها إدانته, ولذلك فإن عليها أن تمحص واقعة الدعوى والأدلة المطروحة أمامها وتصدر أمرها بناء على ما تراه من كفاية الدلائل, أو عدم كفايتها أو أن الواقعة غير معاقب عليها, ولها وهى بسبيل ذلك أن تعول على قول لشاهد وإن يكن حدثا دون قول آخر صدر عنه إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل المطروح أمامها, وإذا هى انتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن الدلائل في الدعوى لا تكفي لإدانة المتهمين فيها وأصدرت بناء على ذلك أمرها بتأييد الأمر الصادر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى - فإنها لا تكون قد تجاوزت سلطتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم أولا: قتلوا عمدا مع سبق الإصرار والترصد داخلي جمعه وفيصل فريد علي بأنه انتووا قتلهما وأعدوا العدة لذلك أسلحة نارية وحملوها وانتظروهما حتى مرا من أمامهم وأطلقوا عليهما أعيرة نارية من البنادق التي كانوا يحملونها قاصدين قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما, وثانيا: شرعوا في قتل فاروق فريد علي مع سبق الإصرار والترصد بأن انتووا قتله وأعدوا العدة لذلك وحملوا أسلحة نارية وانتظروا المجني عليه حتى مر من أمامهم فأطلقوا عليه أعيرة نارية قاصدين قتله وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادة المتهمين وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وطلبت عقابهم بالمواد 45و46و230و232 من قانون العقوبات مع إحالة القضية إلى غرفة الاتهام. وأصدر قاضي التحقيق بمحكمة ديروط الجزئية أمرا بأن لا وجه لإقامة الدعوى العمومية. فاستأنفت النيابة هذا الأمر. وغرفة الاتهام بمحكمة أسيوط الابتدائية قضت فيه حضوريا بتأييد الأمر المستأنف. فطعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن غرفة الاتهام تجاوزت سلطتها إذ تعرضت لتقدير الأدلة القائمة في الدعوى وأخطأت في اعتمادها على أقوال شاهد حدث قرر أن مرتكب الحادث شخص واحد لا يعرفه مع أن له أقوالا أخرى تدل على تعدد الجناة وهو ما شهد به الشهود الآخرون.
وحيث إن غرفة الاتهام لا تحيل الدعوى إلى محكمة الجنايات طبقا لنص المادة 179 من قانون الإجراءات الجنائية إلا إذا تبينت أن الواقعة جناية وأن الدلائل كافية على المتهم وترجحت لديها إدانته وبناء على ذلك فإن عليها أن تمحص واقعة الدعوى والأدلة المطروحة أمامها وتصدر أمرها بناء على ما تراه من كفاية الدلائل أو عدم كفايتها أو أن الواقعة غير معاقب عليها ويكون لها وهى بسبيل ذلك أن تعول على قول لشاهد وإن يكن حدثا دون قول آخر صدر عنه إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل المطروح أمامها - لما كان ذلك فإن غرفة الاتهام إذ انتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن الدلائل في الدعوى لا تكفي لإدانة المتهمين فيها وأصدرت بناء على ذلك أمرها بتأييد الأمر الصادر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى - لا تكون قد خالفت القانون أو تجاوزت سلطتها التي خولها لها في تقدير الأدلة وترجيح الإدانة أو تغليب البراءة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 832 لسنة 23 ق جلسة 15/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 349 ص 971

جلسة 15 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي؛ حسن داود, أنيس غالي, مصطفى كامل أعضاء.

-------------------

(349)
القضية رقم 832 سنة 23 القضائية

إجراءات.

 توقيع القاضي والكاتب على كل صفحة من محاضر الجلسات. عدمه. لا يترتب عليه بطلان.

-----------------
إن المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت في الفقرة الأولى منها على وجوب تحرير محضر بما يجري في جلسة المحاكمة ويوقع على كل صفحة منه رئيس المحكمة وكاتبها في اليوم التالي على الأكثر - إلا أن مجرد عدم التوقيع على كل صفحة لا يترتب عليه بطلان الإجراءات, وما دام أن الطاعن لا يدعي أن شيئا مما دون في المحاضر قد جاء مخالفا لحقيقة الواقع, فلا يقبل منه التمسك ببطلان الإجراءات تأسيسا على مجرد عدم التوقيع على كل صفحات محاضر الجلسات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن المذكور بأنه شرع في قتل منيره هاشم عمدا ومع سبق الإصرار وذلك بأن عقد النية على قتلها وأعد سلاحا قاتلا (سكينا) وفاجأها بمسكنها وطعنها به عدة طعنات في مقاتل من جسمها قاصدا بذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموضحة بالكشف الطبي والتي لم يتم شفاؤها منها وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليها بالعلاج. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45و46و230و231 من قانون العقوبات, فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم إبراهيم إسماعيل السيد حواس بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن حاصل الوجه الأول هو وقوع بطلان في الإجراءات وذلك لعدم توقيع رئيس المحكمة وكاتبها على كل صفحة من صفحات محاضر جلسات المحاكمة كما تقضي بذلك المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية مما يتعين معه نقض الحكم.
وحيث إن المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت في الفقرة الأولى منها على وجوب تحرير محضر بما يجري في جلسة المحاكمة ويوقع على كل صفحة منه رئيس المحكمة وكاتبها في اليوم التالي على الأكثر, إلا أن مجرد عدم التوقيع على كل صفحة لا يترتب عليه بطلان الإجراءات, وما دام أن الطاعن لا يدعي أن شيئا مما دون في المحاضر قد جاء مخالفا لحقيقة الواقع فإن ما يثيره في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن حاصل باقي أوجه الطعن هو أن المحكمة وهى بسبيل سرد واقعة الدعوى قد استندت إلى أقوال الشاهدة حياة إبراهيم محمود في التحقيقات في قولها "إن المتهم نزل بعد ارتكاب الجريمة مهرولا على الدرج وملابسه ملوثة بالدماء التي نزفت من جروح المجني عليها وهى الواقعة التي لم تأت إلا على لسان هذه الشاهدة في التحقيقات" فالمحكمة إذ كونت عقيدتها بناء على أقوال هذه الشاهدة التي لم تسمعها بنفسها قد أخطأت, وكذلك فإن المحكمة اطرحت شهادة زوج المجني عليها أمامها وأخذت بكلمة عابرة قالها أمام النيابة وذلك فيما يتعلق بعدوله في واقعتي تبليغ البواب الحادث إليه واصطناع الطاعن مفتاحا تمكن به من فتح مسكن المجني عليها ولم تبين الأسباب التي دعت إلى عدم الثقة في أقوال هذا الشاهد أمامها التي أيدتها الماديات مع أن تحقيق النيابة ما هو إلا محضر جمع استدلالات كما وصفه القانون. وبذا يكون الحكم مشوبا بالقصور. هذا إلى أن المحكمة قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع. فقد تمسك في دفاعه بعدم إثبات حالة ملابس المجني عليها في التحقيق لمعرفة ما إذا كانت تلبس جوارب في قدميها أم كانت عارية القدمين لأهمية ذلك في تطبيق آثار الأقدام العارية التي وجدت بمكان الحادث وانتهى الدفاع إلى أن القاتل كان عاري القدمين خلافا لما تقوله المجني عليها من أن الطاعن كان يلبس حذاء, وأشار الدفاع كذلك إلى نقص المعاينة في عدة مواضع وإلى عدم معرفة المجني عليها وصف السكين ولكن الحكم لم يعن بالرد على أوجه هذا الدفاع مما يعيبه. وقال الدفاع أيضا في سبيل نفي التهمة عن الطاعن إنه استقل قطار الساعة الثامنة من صباح يوم الحادث من محطة القاهرة إلى سوهاج, وأنه لو سافر بقطار الظهر من القاهرة كما ذهبت إليه المحكمة فإنه لا يصل سوهاج إلا في الساعة السابعة مساء في حين أن شاهد نفيه قد وافقه على أنه قابله في النجع الذي يقيم فيه بالقرب من سوهاج ما بين الساعة السادسة والنصف والسابعة مساء مما يدل على أنه استقل قطار الساعة الثامنة صباحا من القاهرة أي قبل ارتكاب الجريمة بساعة, ولكن المحكمة اطرحت هذا الدفاع وارتكنت في تكوين عقيدتها على وقائع مادية خاطئة تعيب الحكم وتبطله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي استخلص منها ثبوتها, وتعرض لأوجه الدفاع الموضوعية الهامة التي تمسك بها الطاعن ويثيرها في طعنه فرد عليها بما يفندها - لما كان ذلك, وكانت تلك الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, وكان لمحكمة الموضوع أن تعتمد على أقوال الشهود بالتحقيقات دون أقوالهم بالجلسة من غير أن تكون ملزمة ببيان الأسباب, إذ الأمر مرجعه إلى اقتناعها واطمئنانها, كما أنها ليست ملزمة بتعقب الدفاع في كل جزئية يثيرها فترد عليه إذ يعتبر الرد مستفادا ضمنا من إيراد الأدلة على ثبوت الواقعة في حق المتهم - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن لا يكون إلا جدلا في موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الخميس، 15 أغسطس 2024

الدعوى رقم 3 لسنة 44 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 6 / 7 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2024م، الموافق الثلاثين من ذي الحجة سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 44 قضائية "تنازع"

المقامة من

الشركة المصرية الأمريكية لدرفلة الصلب

ضد

1- رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

2- رئيس جهاز تنمية مدينة السادات.

3- وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.

-----------------

الإجراءات

 بتاريخ الحادي عشر من يناير سنة2022، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الشق الأول من حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 18/2/2020، في الدعوى رقم 72603 لسنة 69 قضائية؛ لحين الفصل في طلب التنازع، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بالحكم المار ذكره، والاعتداد بحكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بجلسة 2/6/2015، في الاستئناف رقم 2416 لسنة 69 قضائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الأول أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى التي آل قيدها إلى رقم 72603 لسنة 69 قضائية، ضد الشركة المدعية، طالبًا الحكم بإلزامها بأداء مبلغ مقداره 3641999 جنيهًا، كفروق ثمن قطعة الأرض المخصصة لها رقم 258 بالمنطقة الصناعية الخامسة بمدينة السادات، بخلاف ما يستجد من الفوائد المستحقة عن التأخر في سداد أقساط هذا الثمن، محسوبة طبقًا لسعر الفائدة البنكية، كما طلب أيضًا بصحيفة دعواه إلزام الشركة المدعية بأداء مبلغ 7500 جنيه، وفوائده البنكية عن فترة انتفاعها بقطعة أرض مجاورة لقطعة الأرض المخصصة لها. أبدت الشركة المدعية أثناء تداول الدعوى طلبًا عارضًا بإلزام المدعى عليه الأول برد ما سددته له بالزيادة عن الثمن المستحق عن قطعة الأرض المخصصة لها. وبجلسة 18/2/2020، قضت المحكمة بإلزام الشركة المدعية بأن تؤدي للمدعى عليه الأول أولًا: مبلغًا مقداره 2286587,19 جنيهًا، بخلاف ما يستجد من فوائد حتى تاريخ السداد. ثانيًا: مبلغًا مقداره 7500 جنيه، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5٪ من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وإذ لم ترتض الشركة المدعية والمدعى عليه الأول هذا القضاء؛ فطعنا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعنين رقمي 47561 و49060 لسنة 66 قضائية "عليا". وبجلسة 29/11/2022، قضت المحكمة برفضهما.

ومن جهة أخرى، أقامت الشركة المدعية أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، عن قطعة الأرض محل التداعي، الدعوى رقم 6514 لسنة 2011 مدني كلي ضد المدعى عليهم؛ طالبة الحكم أولًا: ببراءة ذمتها من المبالغ المطالب بها دون وجه حق، واسترداد الفرق بين الفوائد التأخيرية المسددة بواقع 9,5٪ بدلًا من 4٪، وفوائدها القانونية بواقع 5٪ من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد؛ ووفقًا لما يسفر عنه تقرير الخبير. ثانيًا: إحالة الدعوى لمكتب الخبراء لتحقيق عناصر الدعوى، وتحديد المبلغ المطالب برده وفوائده القانونية. وبجلسة 18/4/2013، حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها. طعنت الشركة المدعية على الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 2416 لسنة 69 قضائية. وبجلسة 2/6/2015، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام المدعى عليهما الأول والثاني أن يؤديا للشركة المدعية مبلغًا مقداره 251812,57 جنيهًا، فطعنا بالنقض على حكم الاستئناف المار بيانه، بالطعن رقم 14031 لسنة 85 قضائية. وبجلسة 16/9/2021، أمرت المحكمة – في غرفة مشورة – بعدم قبول الطعن، وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تناقضًا بين حكم محكمة القضاء الإداري، في الشق الأول منه، وحكم محكمة استئناف الإسكندرية المشار إليهما؛ فقد أقامت دعواها الماثلة.

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا. متى كان ذلك، وكان حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة – الدائرة الثالثة – الصادر بجلسة 18/2/2020، في الدعوى 72603 لسنة 69 قضائية، قضى في الشق الأول منه بإلزام الشركة المدعية بأن تؤدي إلى المدعى عليه الأول المبالغ المستحقة له عن تخصيص قطعة الأرض رقم 258 بالمنطقة الصناعية الخامسة بمدينة السادات، والفوائد المستحقة عن التأخر في سداد أقساط تلك المبالغ، وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/11/2022، في الطعنين رقمي 47561 و49060 لسنة 66 قضائية "عليا"، على حين قضت محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 2/6/2015، في الاستئناف رقم 2416 لسنة 69 قضائية، بإلزام المدعى عليهما الأول والثالث بأن يؤديا للشركة المدعية مبلغًا ماليًّا يمثل ما سددته الشركة المدعية للمدعى عليه الأول بالزيادة عما هو مستحق من فوائد التأخير عن السداد بالتطبيق لسعر الفائدة المدنية 4٪ وسريان هذه الفائدة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على سعر البيع للأرض محل التداعي في 3/12/2008، وذلك عن المستحقات المالية بشأن قطعة الأرض ذاتها المخصصة لها، وقد تأيد هذا القضاء بقرار محكمة النقض – في غرفة المشورة - الصادر بجلسة 16/9/2021، في الطعن رقم 14031 لسنة 85 قضائية، مما مؤداه أن حكمي القضاء الإداري والقضاء العادي قد تعامدا على محل واحد في شأن مستحقات المدعى عليه الأول لدى الشركة المدعية عن قطعة الأرض المخصصة للشركة المدعية بالمنطقة الصناعية الخامسة بمدينة السادات، ومقدار وكيفية حساب فوائد التأخير عن سداد هذه المستحقات، وقد حسم الحكمان النزاع في هذا الموضوع، وتناقضا، على نحو يتعذر تنفيذهما معًا؛ الأمر الذي يستنهض، طبقًا للمادتين (25/ ثالثًا) و(32) من قانون المحكمة الدستورية العليا، ولايتها لفض التناقض القائم بين هذين الحكمين.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المفاضلة التي تجريها المحكمة بين الحكمين النهائيين المتناقضين، لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ، إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة.

وحيث إن من المقرر قانونًا، أن العقود التي تكون الإدارة طرفًا فيها، لا تعتبر جميعها من العقود الإدارية، ولا هي من العقود المدنية بالضرورة، وإنما مرد الأمر في تكييفها إلى مقوماتها، وبوجه خاص إلى ما إذا كانت شروطها تدل على انتهاجها لوسائل القانون الخاص أو العام، وكان من المسلم كذلك، أن هذه العقود لا تنتظمها مرحلة واحدة تبرم بعد انتهائها، بل تتداخل في مجال تكوينها مراحل متعددة، يمهد كل منها لما يليه، ليكون خاتمتها العقد في صورته الكاملة، ذلك أن الإدارة لا تتمتع - في مجال إبرامها لعقودها - بالحرية ذاتها التي يملكها أشخاص القانون الخاص في نطاق العقود التي يدخلون فيها، بل عليها أن تلتزم طرقًا بعينها توصلًا إلى اختيار المتعاقد معها، مع تقيدها في كل ذلك بالقواعد التي تمثل الإطار القانوني المنظم للعلاقة العقدية التي تبرمها، متى كان ذلك، وكان القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، قد أنشأ بمقتضى نص المادة (27) منه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومنحها الشخصية الاعتبارية العامة المستقلة، كما تضمن التنظيم القانوني الحاكم للتصرف في الأراضي والعقارات بالمجتمعات العمرانية الجديدة، والذي تم تخصيص الأرض محل التداعي تنفيذًا له، وحظرت المادة (9) منه على أي شخص طبيعي أو معنوي بعد صدور قرار تخصيص الأراضي المملوكة للدولة لإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة حيازة أي جزء من الأراضي المخصصة لهذه الأغراض أو وضع اليد أو الاعتداء عليها أو إجراء أي أعمال أو إقامة منشآت أو أغراس أو أشغال بأي وجه من الوجوه إلا بإذن الهيئة، ومنحت المادتان (10 و14) من القانون مجلس إدارة الهيئة سلطة إزالة التعديات والمخالفات بالطريق الإداري، وخول نص المادة (16) من هذا القانون الهيئة في سبيل اقتضاء حقوقها، سلطة اتخاذ إجراءات الحجز الإداري طبقًا لأحكام القانون المنظم لذلك، وتناولت اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والأجهزة التابعة لها الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994 المعدلة بالقرار رقم 3 لسنة 2001، الأحكام التفصيلية الخاصة بالتصرف في تلك الأراضي والعقارات، وناطت المواد (4 و5/7 و6/1 و2) منها باللجنة الرئيسية المشكلة بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة من شاغلي الوظائف القيادية بها، بالإضافة إلى الخبراء في مجال عملها، وبناء على توصية اللجان المختصة، تخصيص الأراضي والعقارات وتحديد أسعارها، ومنحت المادة (17) منها اللجنة الرئيسية المشار إليها، وبناء على توصية اللجان الفرعية -المشكلة بكل جهاز مجتمع عمراني، طبقًا لنص المادة (5) من اللائحة - سلطة إلغاء التخصيص في الحالات التي عينتها المادة (16) من اللائحة، والتي تعود في مجملها إلى طلب صاحب الشأن أو مخالفة شروط التخصيص، ولم تجز المادة (39) من اللائحة المعدلة بالقرار رقم 194 لسنة 2003، كقاعدة عامة تحرير عقد بيع نهائي بالنسبة للأراضي والعقارات إلا بعد سداد كامل قيمة الأرض أو العقار، وبشرط أن يكون صاحب الشأن قد حصل على رخصة البناء، وأقام مشروعه بالنسبة لأراضي الإسكان، وهذه الأحكام جميعها يلتزم بها صاحب الشأن، طبقًا لنص البند (ز) من المادة (13) من اللائحة التي تنص على أن "يتضمن إخطار التخصيص البيانات الآتية: (...... ز- الالتزام بجميع الأحكام والقواعد والشروط المنصوص عليها في هذه اللائحة"، بما لازمه اعتبار أحكام اللائحة المذكورة جزءًا لا يتجزأ من قرار التخصيص وشروطه، بحيث يلتزم بها صاحب الشأن والهيئة باعتبارها الشروط والقواعد الحاكمة للعلاقة العقدية بينهما في مختلف مراحلها، وهي شروط استثنائية غير مألوفة في مجال القانون الخاص، وتدل على انتهاج الهيئة لوسائل القانون العام، وتمتعها في هذا الشأن بمظاهر السلطة العامة، متى كان ذلك، وكان البين من محضر التسليم المؤقت لقطعة الأرض محل التداعي بتاريخ 20/3/1999، المخصصة لغرض صناعي، أنه تضمن ضرورة التزام الشركة المدعية بتنفيذ الاشتراطات الواردة بكراسة الشروط المرفقة، فضلًا عن التزامها بالانتفاع بالأرض في الغرض المخصصة له، وما تصدره سلطات جهاز تنمية مدينة السادات حالًا أو مستقبلًا من قواعد في هذا الشأن، وفي حالة المخالفة يحق لسلطات المدينة أن تزيل أسبابها أو تلغي التخصيص أو العقد بحسب الأحوال بالطريق الإداري، دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات قضائية، فضلًا عن عدم اعتبار التخصيص نهائيًّا إلا بعد اتخاذ الشركة المدعية الخطوات الجدية بصدد مشروعها، وكذلك يحظر عليها التصرف في الأرض بأي وجه من الوجوه إلا بعد موافقة سلطات جهاز تنمية مدينة السادات، ومما سبق يُخرج العلاقة بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وبين الشركة المدعية في شأن الأرض موضوع النزاع من نطاق علاقات القانون الخاص، لتندرج ضمن علاقات القانون العام، وذلك بما تضمنه العقد محل التعاقد من شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص، لتضحى المنازعة الماثلة، التي تدور حول أحقية المدعى عليه الأول في تحصيل فروق ثمن الأرض التي تم تخصيصها للشركة المدعية، وفوائد تأخير سداد أقساط هذا الثمن، منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بالفصل فيه لمحاكم مجلس الدولة، طبقًا لنص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، والمادة (190) من الدستور؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بالاعتداد بالحكم الصادر من جهة القضاء الإداري، دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي.

وحيث إن من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما، هو فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ النزاع الماثل للفصل في موضوعه - على نحو ما تقدم بيانه - فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، طبقًا لنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة السالف الإشارة إليه؛ يكون قد صار غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 18/2/2020، في الدعوى رقم 72603 لسنة 69 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 29/11/2022، في الطعنين رقمي 47561 و49060 لسنة 66 قضائية "عليا"، فيما قضى به من إلزام الشركة المدعية بأن تؤدي إلى المدعى عليه الأول مبلغًا مقداره 2286578,19 جنيهًا، بخلاف ما يستجد من فوائد حتى تاريخ السداد، وذلك دون حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بجلسة 2/6/2015، في الاستئناف رقم 2416 لسنة 69 قضائية.

الدعوى رقم 24 لسنة 44 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 6 / 7 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2024م، الموافق الثلاثين من ذي الحجة سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 24 لسنة 44 قضائية "تنازع"

المقامة من

السيد عبد المنعم أحمد سند

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير المالية

------------------

الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولًا: بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة جنح مستأنف شمال بنها الصادر بجلسة 25/5/2022، في الدعوى رقم 250 لسنة 2018 جنح مستأنف شمال بنها. ثانيًا: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري بالقليوبية الصادر بجلسة 24/8/2021، في الدعوى رقم 2505 لسنة 19 قضائية.

وبتاريخ 18/9/2022، أودع المدعي مذكرة ضمنها طلبًا جديدًا بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف شمال بنها بجلسة 25/5/2022، في الدعوى رقم 250 لسمة 2018، إعمالًا لحكم المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، بحسبانه يمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية".

وبتاريخ 20/11/2022، أودع المدعي مذكرة ثانية، طالبًا فيها تعديل طلباته إلى الاستمرار في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا أرقام 43 لسنة 17 قضائية "دستورية"، الصادر بجلسة 2/1/1999، و35 لسنة 13 قضائية "دستورية"، الصادر بجلسة 7/11/1992، و19 لسنة 15 قضائية "دستورية"، الصادر بجلسة 8/4/1995، و9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، الصادر بجلسة 4/11/2007، وعدم الاعتداد بحكم محكمة جنح مستأنف شمال بنها الصادر بجلسة 25/5/2022، في الدعوى رقم 250 لسنة 2018 جنح مستأنف.

وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------------

المحكمة

 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 10229 لسنة 2016 جنح مركز طوخ، متهمة إياه: أنه خلال الفترة من 2011 حتى يوليو 2013، بصفته مكلفًا خاضعًا لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، تهرب من أداء الضريبة المقررة قانونًا، والمستحقة عن نشاطه في تصنيع (مارجرين المائدة) إحدى سلع الجدول رقم (1) خلال الفترة المبينة بالأوراق، وذلك بأن: 1- لم يتقدم للمصلحة للتسجيل في المواعيد المحددة قانونًا. 2- تشغيله مصنع لإنتاج سلعة (مارجرين المائدة) الزبد من أصل نباتي، دون إخطار المصلحة بذلك، وطلبت عقابه بالمواد (1 و2/1 و3/1 و5 و6/1 و32/1، 3 و43/1 و44 بند1و47 بند 6، 8، 9/ ب) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبجلسة 29/3/2017، حكمت المحكمة غيابيًّا بحبس المتهم لمدة ستة أشهر مع الشغل، وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ مؤقتًا، وتغريمه ألف جنيه، وألزمته بأداء الضريبة، والضريبة الإضافية، وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ (6632681,38) جنيهًا، قيمة الضريبة الأصلية المستحقة عن الفترة محل الاتهام، والضريبة الإضافية بواقع 5٪ عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه، من تاريخ الاستحقاق، وحتى تاريخ السداد، عارض المدعي ذلك القضاء، وبجلسة 6/9/2017، قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلًا، وفي الموضوع: برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. طعن المدعي على الحكم بالاستئناف رقم 250 لسنة 2018 جنح مستأنف شمال بنها، وبجلسة 24/1/2018، حكمت المحكمة غيابيًّا بعدم قبول الاستئناف شكلًا لرفعه بعد الميعاد، عارض المدعي استئنافيًّا في ذلك الحكم، وبجلسة 25/5/2022، حكمت المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلًا، وفي موضوعها بإلغاء الحكم المعارض فيه، وبتعديل الحكم المستأنف، والاكتفاء بحبس المتهم لمدة ستة أشهر مع الشغل، وإلزامه بأداء قيمة الضريبة وقدرها (6632681,38) جنيهًا، مع إلزامه بأداء الضريبة الإضافية المستحقة قانونًا بواقع 0,5٪ عن كل أسبوع من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد الفعلي لمستحقات المصلحة.

ومن جهة أخرى، أقام المدعي أمام محكمة القضاء الإداري بالقليوبية، الدعوى رقم 2505 لسنة 19 قضائية، طالبًا الحكم بإلغاء قرار لجنة الطعن الضريبي الصادر في الطعن رقم 94 لسنة 2016 فيما تضمنه من تحديد صافي أرباحه عن السنوات من 2007 حتى 2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تخفيض الأرباح للحد الذي يتناسب مع الواقع. وبجلسة 24/8/2021، قضت تلك المحكمة بتعديل القرار المطعون فيه على النحو الوارد بالأسباب، وتأيد ذلك الحكم بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 24/4/2022، في الطعن رقم 4476 لسنة 68 قضائية "عليا".

وإذ ارتأى المدعي أن الحكمين السالفي الذكر قد تعامدا على محل واحد، هو خضوع نشاطه للضريبة العامة على المبيعات، وتناقضا على نحو يتعذر تنفيذهما معًا، وإذ كان مجلس الدولة هو الجهة التي اختصها المشرع بالفصل في الطعون التي تقام بشأن القرارات الصادرة من الجهات الإدارية فيما يتعلق بالضرائب، ومن ثم يكون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري هو الأجدر بالتنفيذ.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن وضع دعوى تناقض الأحكام أمامها إنما يتحدد بالحالة التي تؤول إليها الخصومة في تاريخ إقامة تلك الدعوى، وكان طلبا المدعي المقدمان إلى هيئة المفوضين بتاريخي 18/9 و20/11/2022، بتعديل طلباته في الدعوى المعروضة على الوجه المبين سلفًا، لم يتصلا بالمحكمة على الوجه المقرر قانونًا، مما يتعين معه الالتفات عنهما.

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في التناقض بين حكمين نهائيين طبقًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– وفقًا لما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو أن يكون النزاع قائمًا بشأن تنفيذ حكمين نهائيين، صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، وتعامدا على محل واحد، وتناقضا على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا. بما مؤداه أن مباشرة هذه المحكمة لولايتها في مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولًا من وحدة موضوعهما، ثم من تناقضهما وتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض بداهة إذا لم يتعامدا على محل واحد.

وحيث إن موضوع النزاع الذي عُرض على محكمة القضاء الإداري بالقليوبية وفصلت فيه بحكمها الصادر في الدعوى رقم 2505 لسنة 19 قضائية، هو القرار الصادر عن لجنة الطعن الضريبي بمصلحة الضرائب على الدخل بتقدير أرباح المدعي عن السنوات من 2007 حتى 2013، وذلك تطبيقًا لأحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، في حين أن موضوع الدعوى الجنائية رقم 10229 لسنة 2016 جنح مركز طوخ، والمستأنفة برقم 250 لسنة 2018 جنح مستأنف شمال بنها، يتحصل في ثبوت الاتهام الموجه للمدعي بتهربه من سداد الضريبة العامة على المبيعات خلال الفترة من عام 2011 حتى 2013، وفقًا لما جاء نصًّا بذلك الحكم. ومن ثم فإن الدعويين المشار إليهما لا يتعامدان على محل واحد، الأمر الذي يتضح معه اختلاف موضوع الدعوى الجنائية عن موضوع الدعوى التي عرضت على جهة القضاء الإداري، مما ينتفي معه مناط قبول دعوى فض التناقض بين هذين الحكمين. الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ حكم محكمة جنح مستأنف شمال بنها، السالف الإشارة إليه، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض مع حكم محكمة القضاء الإداري المار ذكره، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب - وفقًا لنص المادة (32) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن 836 لسنة 23 ق جلسة 23/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 359 ص 1010

جلسة 23 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي, وحسن داود, ومحمود إبراهيم إسماعيل, وأنيس غالي أعضاء.

-----------------

(359)
القضية رقم 836 سنة 23 القضائية

(أ) إثبات.

استعراف الكلب البوليسي. حرية المحكمة في تقديره كدليل في الدعوى.
(ب)شهادة. 

سلطة المحكمة في تقديرها.

---------------
1 - لمحكمة الموضوع الحرية في تقدير استعراف الكلب البوليسي والاستدلال به على ارتكاب المتهمين للجريمة, فإذا كان تعويلها على هذا الاستعراف لا يتعارض مع الأفعال المسندة إلى كل من المتهمين والتي أدانتهما على أساسها فلا تجوز مجادلتها في ذلك.
2 - إن القانون لم يضع للشهادة نصابا يتقيد به القاضي في المواد الجنائية بل المعول عليه في تقدير الشهادة هو اطمئنان المحكمة إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - أبو الحسن محمد أحمد الشهير بالشاذلي أبو طربوش و2 - محمد إبراهيم الزمبيلي الشهير بقاسم و3 - سميره عبد الحميد على بأنهم المتهم الأول: قتل عمدا مع سبق الإصرار والترصد الدكتور خلف حنا أبو رويس بأن يبت النية على قتله وترصد له في طريق عودته إلى منزله وضربه ببلطة حادة بقوة على رأسه قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - والمتهمان الثاني والثالثة - اشتركا في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة بأن حرضا المتهم الأول واتفقا معه على ارتكابها وأعد له البلطة المستعملة فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة وطلبت من غرفة المشورة إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم: الأول بالمواد 230و231و232 من قانون العقوبات, والثاني والثالثة بالمواد 40/ 1 - 2 و41 230 و231 و232 من ذات القانون فقررت غرفة المشورة إحالتهم إلى هذه المحكمة لمحاكمتهم بالمواد المذكورة. وادعى بحق مدني 1 - حنا جرجس و2 - ماري عبد الملك سليمان (والد القتيل) وطلبا الحكم لهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا: أولا - بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعيين بالحقوق المدنية قرشا صاغا على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك عملا بالمواد 230 و 231 و232 و17 من قانون العقوبات للأول وبالمواد 40/ 1 - 2 - 3 و41 و235 من ذات القانون للثاني, وثانيا - ببراءة المتهمة الثالثة ورفض الدعوى المدنية قبلها, وذلك عملا بالمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات الجنائية. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض, كما طعن فيه كذلك الأستاذ أحمد عثمان حمزاوي المحامي بصفته وكيلا عن المدعيين بالحقوق المدنية... الخ.


المحكمة

من حيث إن المدعيين بالحق المدني لم يقدما أسبابا لطعنهما فيتعين عدم قبوله شكلا.
ومن حيث إن الطعن المقدم من أبو الحسن محمد أحمد الشهير بالشاذلي ومن محمود إبراهيم الزمبيل الشهير بقاسم قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
ومن حيث إن الطاعن الأول يقول إن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا لأنه لم يرد على ما تمسك به في دفاعه من أن عملية الاستعراف بواسطة الكلب البوليسي حصلت بعد ستة أيام من الحادث, وأنه من المقرر علما أنه لا يمكن الوثوق بهذه العملية إذا تمت بعد أربع وعشرين ساعة وأن الكلب البوليسي استعرف عليه هو والطاعن الثاني مع أنه مجرد شريك بالتحريض مما يجعل الاستعراف عليه عديم القيمة وأن الشاهد عبد الباسط أحمد سليم الذي نسب للطاعن أنه اعترف له بارتكاب الجريمة له عشرون سابقة فلا يصح الأخذ بشهادته. ويقول في الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه دانه استنادا إلى تحريات قام بها الأنباشي محمد محمود عبد القادر واستعراف الكلب البوليسي عليه وأقوال فاطمة علي محمد التي شهدت بعد شهر من وقوع الحادث أنهار أنه وهى في طريقها إلى المستوصف مع شخصين آخرين وفي عودتها رأت جثة قتيل لم تتبينها, ثم على أقوال المسجون عبد الباسط أحمد سليم وهذه الأسباب لا تؤدي إلى ثبوت ارتكاب الجريمة المسندة إليه, ويقول في الوجه الثالث إن الحكم في سبيل تزكية أقوال عبد الباسط أحمد سليم أخطأ في الإسناد والتأويل فقال إن الطاعن أخبره أنه ضرب القتيل ببلطة, وأن شخصا يدعي الشايب ضربه بعصا, وأن الكشف الطبي أثبت وجود إصابة رضية بالمجني عليه قال التقرير الطبي إنها نتيجة سقوطه على الأرض, وأن المحكمة استوضحت الطبيب الشرعي فقال إنه لا يمكن حصولها من الضرب بعصا, وليس هناك مرجح, ومع ذلك أسس الحكم على ذلك قوله "إن فيما ذكره الطبيب الشرعي في الجلسة الدليل المادي الذي لا يعتوره الشك في تأييد رواية عبد الباسط نقلا عن المتهم عن كيفية حصول الاعتداء".
ويقول الطاعن الثاني في الوجه الأول من طعنه إن عملية استعراف الكلب البوليسي عليه وعلى الطاعن الأول لا قيمة لها إذ جعلت الشريك فاعلا أصليا مع أنه متهم بالاتفاق والتحريض. ويقول في الوجه الثاني إن الحكم أورد صحائف مطولة عن النزاع بين المجني عليه والمتهمة الثالثة مستندا في ذلك على أقوال زوجة المجني عليه وآخرين سمعوا في التحقيق وفي محضر الجلسة, وقال أيضا بقيام خصومة بين الطاعن شخصيا وبين المجني عليه وجعل من هذه الخصومات باعثا للتحريض على القتل أخذ به عندما دان الطاعن ولكنه لم يعول عليه وتلمس الأسباب لبراءة سميرة فوقع في تناقض, إذ كال بكيلين مختلفين لاثنين من المتهمين بالاشتراك بالتحريض ويقول في الوجه الثالث: إن الحكم وقد تناول الخصومات التي قامت بين المجني عليه من جهة وبين الطاعن وزوجته من جهة أخرى قد أغفل استظهار الدليل المستمد من التحقيق الذي يربط بين هذه الكراهية وبين التحريض, وكل ما قاله في هذا الشأن إنه بعد تدبير سابق استعان الطاعن بالمتهم الأول على اغتيال المجني عليه فحرضه واتفق معه وساعده بأن زوده بالبلطة المضبوطة, وليس في الحكم ما يشير من قريب أو من بعيد إلى الواقعة المادية التي يستفاد منها تزويد الطاعن للمتهم الأول بالبلطة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من طعن كل من الطاعنين فإنه لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه نقلا عن أوراق الدعوى أن الكلب البوليسي استعرف على كل من الطاعنين الأول والثاني, وكان مما أسند إلى الطاعن الثاني في وصف التهمة أنه اشترك مع الطاعن الأول في ارتكاب الجريمة بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة بأن حرضه واتفق معه وأعدّ له البلطة المستعملة في ارتكاب الجريمة, ولما كان لمحكمة الموضوع الحرية في تقدير هذا الاستعراف والاستدلال به على ارتكاب الطاعنين للجريمة المسندة إليهما وكان تعويلها عليه بالنسبة لهما لا يتعارض مع الأفعال المسندة إليهما والتي دانتهما بمقتضاها, وكان أخذها باستعراف الكلب البوليسي على الطاعنين يفيد اطراحها للمطاعن التي وجهها الطاعنان إليه وهى من المسائل الموضوعية التي تخضع لتقديرها - لما كان ذلك فإن هذا الوجه يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أسباب طعن الطاعن الأول فإنه لما كان القانون لم يضع نصابا للشهادة ييتقيد به القاضي في المواد الجنائية, وكان المعول عليه في ذلك هو اطمئنان المحكمة إلى الأدلة المطروحة أمامها سواء أكانت تلك الأدلة مباشرة تؤدي بذاتها إلى النتيجة التي انتهت إليها أم كانت لا تؤدي إليها إلا بعملية عقلية منطقية, ولما كان الحكم المطعون فيه إذ عوّل في إدانة الطاعن على استعراف الكلب البوليسي عليه من طريق شم البلطة التي استعملت في قتل المجني عليه ووجدت بجوار الجثة, وعلى أقوال عبد الباسط أحمد سليم الذي قرر أن الطاعن اعترف له بارتكاب الجريمة, وأن شخصا آخر ضرب المجني عليه بعصا على رأسه واستظهر أن عبد الباسط محكوم عليه في جنحة ولا ينطبق عليه حكم المادة 25 من قانون العقوبات, وعوّل على ما شهدت به فاطمة أحمد سليم من رؤيتها للطاعن في مكان الحادث مع آخرين قبيل ارتكاب الجريمة, وعلى ما أقر به الطاعن نفسه في التحقيقات من أنه اجتمع بعبد الباسط في السجن وأفضى إليه بتعرف الكلب البوليسي عليه, ولما كانت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى إثبات وجود الطاعن في مكان الجريمة ومقارفته لها بتلك البلطة - لما كان ذلك فإن هذا الوجه يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثالث من طعن الطاعن الأول فإنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قال بشأنه في سياق سرد أقوال عبد الباسط أحمد سليم: "ولما رأوه قادما (المجني عليه) اختبأ المتهم الأول والشايب, أما عسكري الجيش فوقف بعيدا حتى إذا أقبل المجني عليه ضربه المتهم المذكور (الطاعن) بالبلطة وضربه الشايب بالشومة ثم لاذوا جميعا بالفرار تاركين البلطة والشومة, وعرف منه أيضا أن الكلب البوليسي تعرف عليه بعد أن شم البلطة فلما سأله المحقق عن موضع الإصابة بالشومة وأفهمه أن المجني عليه لم توجد به إصابة من هذا القبيل ولم يعثر في مكان الحادث على عصى قال إنه لا يدري ثم طلب الإمهال حتى يستفسر من المتهم. وفي محضر آخر قرر أنه علم من المتهم أن ضربة الشومة كانت على رأس المجني عليه" وعند تحدثه عن نتيجة تقرير الصفة التشريحية قال: "وخلص الطبيب الشرعي من ذلك إلى أن الإصابة الحيوية الحديثة الموجودة بالناحية اليمنى من الوجه والعنق تحدث من الضرب بقوة بجسم صلب ثقيل حاد النصل كالبلطة, أما الجرح الرضّي بالناحية اليسرى من الجبهة فقد ذكر الطبيب الشرعي في تقريره أنه يمكن حدوثه من مصادمة رأس المجني عليه بالأرض عقب إصابته. وقال في الجلسة إنه يمكن حدوثه من ضربة عصا وليس هناك ما يرجح أحد الأمرين على الآخر".
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فيما ذكره من هذه الوقائع أن عبد الباسط أحمد سليم كان أول من ذكر في التحقيق نقلا عن الطاعن أن القتيل ضرب بعصا وأنه تمسك بهذه الرواية رغم مجابهة المحقق له بأن أحدا غيره لم يقل ذلك ولم تضبط عصا في مكان الحادث, وأنه اتصل بالطاعن في السجن بعد ذلك وعلم منه أن ضربة العصا كانت في الرأس وأن الطبيب الشرعي قرر في الجلسة بجواز حصول ذلك مع أن التقرير الطبي إلى هذا الوقت كان يعلل حدوث هذه الإصابة باصطدام رأس المجني عليه بالأرض عند سقوطه. ولما كان من شأن ما قاله الطبيب الشرعي في الجلسة أن يثبت أن رواية عبد الباسط أحمد سليم يجوز أن تكون صادقة فإنه لا تصح مصادرة محكمة الموضوع في أخذها بها مادامت هى قد اقتنعت بصدقها, ولذا فإن هذا الوجه يكون لذلك على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن ما يثيره الطاعن الثاني في الوجه الثاني من طعنه مردود بأن لمحكمة الموضوع الحرية في تقدير الدليل المستمد من واقعة بذاتها والأخذ بها في حق متهم دون آخر حسبما تطمئن إليه, هذا إلى أن الحكم قد أورد في حق الطاعن أدلة أخرى على اشتراكه في الجريمة.
ومن حيث إن الوجه الثالث مردود كذلك بما أثبته الحكم المطعون فيه من توافر ركن سبق الإصرار عند الطاعنين على ارتكاب الجريمة بسبب ما قام من خصومات بين الطاعن والقتيل مما يثبت وجود اتفاق سابق على ارتكابها بين من قام لديه سبب ارتكاب الجريمة وبين من قارفها بالفعل وبما عوّل عليه الحكم في إدانة الطاعنين من استعراف الكلب البوليسي على الطاعن عن طريق شم البلطة التي استعملت في ارتكاب الجريمة والمسند إلى الطاعن إعدادها وتسليمها للفاعل الأصلي مساعدة له على ارتكاب الجريمة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

الطعن 843 لسنة 23 ق جلسة 15/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 351 ص 978

 جلسة 15 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي, وحسن داود, ومحمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل أعضاء.

-----------------

(351)
القضية رقم 843 سنة 23 القضائية

هتك عرض بالقوة. 

إثبات المحكمة وقوع الفعل على المجني عليها بغتة الأمر الذي أثار اشمئزازها, واستنكارها في أول مرة ودفعها لصفع المتهم في ثاني مرة. ذلك يكفي لتوافر ركن استعمال القوة.

------------------
إذا كانت محكمة الموضوع - في حدود مالها من سلطة تقدير أدلة الدعوى - قد استظهرت ركن القوة في جريمة هتك العرض وأثبتت توفره في حق الطاعن بقولها "إن ركن القوة المنصوص عليه في المادة 268 من قانون العقوبات متوافر لدى المتهم الأول (الطاعن) مما ثبت من أقوال المجني عليها أمام البوليس والنيابة وقاضي التحقيق, وبجلسة المحاكمة الأخيرة من أن المتهم الأول أتى فعلته الشنعاء معها بغتة الأمر الذي أثار اشمئزازها واستنكارها في أول مرة ودفعها لصفع المتهم المذكور في ثاني مرة" فإن ما ذكرته المحكمة من ذلك يكفي للرد على ما أثاره الطاعن من انتفاء ركن استعمال القوة, لأن المجني عليها سكتت عند ما وقع عليها الفعل في المرة الأولى مما يدل على رضاها به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة - عبد الغني علي مصطفى الشهير بمصطفى (الطاعن) و2 - فاروق علي مصطفى, بأنهما الأول هتك عرض السيدة..... بالقوة بأن فاجأها أثناء سيرها في الطريق ووضع يده بين فخذيها من الخلف. والثاني: ضرب...... عمدا فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجه منها مدة لا تزيد عن عشرين يوما. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما الأول بالمادة 268/ 2 والثاني بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام بمعاقبة عبد الغني علي مصطفى الشهير بمصطفى بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين ومعاقبة فاروق علي مصطفى بغرامة قدرها ثلثمائة قرش. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من وجهي الطعن هو أن دفاع الطاعن يقوم على أن التصوير الذي صورته المجني عليها للواقعة, بأن الطاعن أدخل يده بين فخذيها من الخلف حتى وصل إلى موضع حساس من جسمها, هذا التصوير يستحيل وقوعه لأن المجني عليها كانت تسير مسرعة وهى ترتدي فستانا محبوكا من الصوف, ولكن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع ولم تعن بتحقيقه, كما أن المحكمة استدلت على وقوع الجريمة من الطاعن بأنه لم يعلل سبب صفع المجني عليها له وإمساكها به واتهامها إياه, مع أن الدفاع عن الطاعن تعرض لذلك كله وفنده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجناية هتك العرض بالقوة التي دين بها الطاعن ثم أورد على ثبوت وقوع هذه الجريمة منه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها - لما كان ذلك؛ وكانت المحكمة ليست ملزمه بأن تتعقب الدفاع وترد على كل شبهة يثيرها أو استنتاج يستنتجه فإن ما جاء بهذا الوجه من الطعن لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في واقعة الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إن الطاعن يقول في الوجه الثاني بانتفاء ركن استعمال القوة, لأن المجني عليها سكتت عندما وقع عليها الفعل في المرة الأولى مما يدل على رضاها به, ومتى ثبت ذلك فإن ركن القوة يكون منعدما في المرة الثانية أيضا مما كان يستوجب الحكم ببراءته.
وحيث إن محكمة الموضوع - في حدود مالها من سلطة تقدير أدلة الدعوى - قد استظهرت ركن القوة وأثبتت توفره في حق الطاعن بقولها "إن ركن القوة المنصوص عليه في المادة 268 من قانون العقوبات متوافر لدى المتهم الأول (الطاعن) مما ثبت من أقوال المجني عليها أمام البوليس والنيابة وقاضي التحقيق وبجلسة المحاكمة الأخيرة من أن المتهم الأول أتى فعلته الشنعاء معها بغتة الأمر الذي أثار اشمئزازها واستنكارها في أول مرة ودفعها لصفع المتهم المذكور في ثاني مرة" وما ذكرته المحكمة من ذلك يكفي للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الوجه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 420 لسنة 23 ق جلسة 27/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 361 ص 1020

جلسة 27 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي, ومصطفى حسن, ومحمود إبراهيم إسماعيل, وأنيس غالي أعضاء.

---------------

(361)
القضية رقم 420 سنة 23 القضائي

ضبطية قضائية. 

إدارة مكافحة المخدرات. جميع ضباطها منذ صدور القانون رقم 187 لسنة 1951 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 نوفمبر سنة 1951 من رجال الضبطية القضائية في جميع أنحاء القطر.

--------------------
إن إدارة مكافحة المخدرات قد أصبحت بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 وقرار وزير الداخلية الصادر تنفيذا له منشأة على وجه قانوني صحيح, وصار لجميع ضباطها سواء منهم من كانوا بها من قبل أو من يلحقون بها بعدئذ صفه مأموري الضبطية القضائية في كافة أنحاء الدولة فيما يتعلق بتنفيذ القانون رقم 21 لسنة 1928 ولا يؤثر في ذلك ألا يكون وزير الداخلية قد أصدر قرارا بإنشاء فروع لهذه الإدارة إلا في أغسطس سنة 1952 مادام جميع ضباطها كانت لهم صفة مأموري الضبطية القضائية في كافة أنحاء الدولة منذ صدور القانون رقم 187 لسنة 1951.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين بأنهما أحرزا بقصد الإتجار مواد مخدرة (حشيشا) بدون ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و35 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. وأمام محكمة السنطة الجزئية دفع المتهم الأول الدعوى بدفعين الأول بطلان إذن التفتيش والثاني بطلان التحريز كما دفعها الثاني ببطلان القبض والتفتيش وبعد أن أنهت سماعها قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام المذكورة آنفا برفض الدفع المقدم من المتهمين وبحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريمه أربعمائة جنيه وحبس المتهم الثاني سنة واحدة مع الشغل والنفاذ مع تغريمه مائتي جنيه والمصادرة, فاستأنفا وأمام محكمة طنطا الابتدائية دفع المتهمان بما سبق أن دفعا به أمام محكمة الدرجة الأولى وبعد أن أنهت نظرها قضت حضوريا برفض الدفع ببطلان التفتيش وبصحته وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهما في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن الأول يعيب على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى برفض الدفع المقدم منه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من أشخاص لم يكونوا من رجال الضبطية القضائية وقت إجرائهما وذلك لأن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية لم تذكر من بين مأموري الضبطية القضائية مدير وضابط فرع إدارة المخدرات بطنطا وقد أنشئ مكتب مكافحة المخدرات في 20 مارس سنة 1929 بقرار من مجلس الوزراء وأنشئ فرع طنطا بقرار من مجلس الوزراء في 25 من ديسمبر سنة 1935 ومع أن هذا الإنشاء وقع باطلا لمخالفته لأحكام الدستور فقد أنشئت بوزارة الداخلية إدارة جديدة لمكافحة المخدرات بقرار من وزير الداخلية في 30 أكتوبر سنة 1947 ثم صدر القانون رقم 187 سنة 1951 بتعديل أحكام القانون رقم 21 سنة 1928 بإضافة مادة جديدة تحت رقم 47 مكررة فأغنى صدور هذا القانون عن البحث في دستورية إنشاء مكتب مكافحة المخدرات نفسه وتنفيذا للقانون رقم 187 سنة 1951 صدر قرار من مجلس الوزراء في 8 نوفمبر سنة 1951 بتحديد وإنشاء مكتب مكافحة المخدرات بعد أن ألغى كل القرارات الصادرة بإنشائه من قبل ومع أن إنشاء إدارة من إدارات البوليس بقرار من مجلس الوزراء مخالف لنص المادة 148 من الدستور إلا أن قرار مجلس الوزراء رغم ذلك قد صدر تطبيقا للمادة 47 مكررة من قانون المخدرات ولكن المادة الثانية من قرار 8 نوفمبر سنة 1951 نصت على إنشاء إدارة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية وعلى أن يكون لها فروع تنشأ فيما بعد وتحدد اختصاصاتها بقرار من وزير الداخلية وذلك بعد أن ألغى في مادته الأولى الإدارة الأولى وفروعها وعلى الأخص فرعي طنطا وأسيوط ولما كان القرار بإنشاء فرع طنطا لم يصدر إلا بتاريخ 17 أغسطس سنة 1952 فإنه في الفترة ما بين 8 نوفمبر سنة 1951 و17 أغسطس سنة 1952 لم يكن هناك فرع لإدارة المخدرات بطنطا, ولما كانت الجريمة قد وقعت في خلال هذه الفترة في أول يناير سنة 1952 فإن رئيس فرع مكافحة المخدرات بطنطا لم يكن له اختصاص قانوني لمباشرة إجراءات القبض والتفتيش التي قام بها وما كان للنيابة أن تندبه لإجرائها ولا يجوز الاعتماد على الدليل المستمد من تفتيشه الباطل.
ويقول الطاعن في الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا عن الرد على ما أثاره من دفاع بصدد إلغاء قرار وزير الداخلية المؤرخ 30 أكتوبر سنة 1947 بقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 نوفمبر سنة 1951 وعلى العكس قد استندت إليه المحكمة في رفضها الدفع كما أن المحكمة لم تتعرض لدفاعه القائم على تلفيق التهمة ضده من أحد القائمين بالتفتيش من مكتب المخدرات في تقديمه مستندات وأدلة جديدة على خصومته للمحكمة الاستئنافية مع أنها نوهت بهذا الدفاع.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول فإنه بتاريخ 20 مارس سنة 1929 صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة أتبع لحكمدارية بوليس القاهرة وألحق به بعض الضباط وكانت مأموريته مقصورة على المخابرات والاستعلامات والتحريات ومساعدة السلطات المختصة سواء في داخل البلاد أو في غيرها لمراقبة ما يصدر من هذه المواد حتى لا تهرب إلى القطر المصري ولم يكن لرجاله فيما وكل إليهم بهذا القرار صفة مأموري الضبطية القضائية ثم صدر في 14 ديسمبر سنة 1935 قرار من مجلس الوزراء بإنشاء فرعين لمكتب مكافحة المخدرات في طنطا وأسيوط ثم صدر في 30 أكتوبر سنة 1947 قرار من وزير الداخلية بإنشاء إدارة بوزارة الداخلية تتبع إدارة الأمن العام وتكون مهمتها مكافحة المخدرات ويطلق عليها اسم إدارة مكافحة المخدرات ونص على أن يكون لها مدير يعاونه وكيل ويكون كلاهما من ضباط البوليس ويكون لها فروع يرأسها ضباط وعلى أن تستمر الفروع الموجودة إذ ذاك بأداء أعمالها على أن يزاد عليها غيرها أو يعدل مقارها حسب مقتضيات الأحوال ونص في ديباجة القرار على أن ذلك للقيام بالأعباء التي كان يؤديها مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة وفروعه لما كان ذلك, وكان قد صدر في 18 أكتوبر سنة 1951 القانون رقم 187 سنة 1951 ونشر في العدد 97 من الوقائع المصرية الصادر في 22 أكتوبر سنة 1951 يقضي بإضافة مادة جديدة تحت رقم 47 مكررة إلى القانون رقم 21 سنة 1928 نصها "فيما يتعلق بتنفيذ أحكام هذا القانون يعتبر الموظفون الآتي بيانهم من رجال الضبطية القضائية وهم مدير ووكيل وضباط إدارة مكافحة المخدرات" ونص في المادة الثانية على تكليف وزيري الداخلية والعدل بتنفيذ هذا القانون على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ويبين من المذكرة الإيضاحية التي قدم بها وزير الداخلية مشروع القانون المشار إليه أن صفة الضبطية القضائية التي رئي إعطاؤها لضباط إدارة مكافحة المخدرات نوعية غير مقيدة بمكان, ذلك لأن تتبع مهربي المواد المخدرة يقتضي تنقل هؤلاء الضباط ومباشرتهم لعملهم في جميع أنحاء الدولة وأنه ما لم تكن لهؤلاء الضباط صفة رجال الضبط القضائي طبقا للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية فقد رئى إعطاؤهم هذه الصفة فيما يتعلق بتنفيذ القانون رقم 21 لسنة 1928 وضع نظام للإتجار بالمخدرات واستعمالها, وقد أكد تقرير لجنة الشئون الداخلية بمجلس النواب هذا المعنى حيث قال: "فالقصد من هذا المشروع هو أن يكتسب ضابط مكافحة المخدرات صفة الضبطية القضائية وتكون نوعية خاصة شاملة فيما يتصل بتطبيق قانون مكافحة المخدرات أي لا تحدد بالحدود المكانية للاختصاص حتى يكون من الممكن القضاء على الدفوع التي تسبب عنها حكم البراءة" وبعد أن صدر هذا القانون في 18 أكتوبر سنة 1951, أصدر مجلس الوزراء في 8 نوفمبر سنة 1951 قرارا نص في مادته الأولى على إلغاء القرارين الصادرين من مجلس الوزراء في 20 مارس سنة 1929 بشأن إنشاء مكتب المخدرات وتنظيمه. وبتاريخ 25 ديسمبر سنة 1935 بإنشاء فرعين لهذا المكتب بطنطا وأسيوط وعلى إلغاء القرار الصادر بتاريخ 30 أكتوبر سنة 1947 من وزارة الداخلية بإنشاء إدارة مكافحة المخدرات. ثم نص في المادة الثانية على إنشاء إدارة بوزارة الداخلية لمكافحة المخدرات يطلق عليها اسم إدارة مكافحة المخدرات وتكون تابعة لإدارة عموم الأمن العام ويكون لها فروع تنشأ وتحدد اختصاصاتها بقرار من وزير الداخلية, ونص في المادة الثالثة على اختصاص إدارة مكافحة المخدرات بتنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بالمخدرات بكافة أنواعها في أنحاء المملكة المصرية وبالإشراف على مكافحة تهريبها بجميع الوسائل الكفيلة بمنع انتشارها ونصت المادة الرابعة على أن يراعي أن يكون مدير هذه الإدارة أو وكيلها من بين ضباط البوليس, أما فروعها فيرأسها ضابط من بينهم, ويبين من ذلك أنه في الوقت الذي هدف فيه القانون رقم 187 سنة 1951 إلى إسباغ صفة مأموري الضبطية القضائية على مدير وضباط إدارة مكافحة المخدرات وأن تكون هذه الصفة نوعية بالنسبة لتنفيذ القانون رقم 21 سنة 1928 وشاملة أي غير مقيدة بحدود مكانية بل تمتد إلى كافة أنحاء الدولة على ما هو واضح في المذكرة الإيضاحية للقانون وفي تقرير لجنة الشئون الداخلية بمجلس النواب, فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 نوفمبر سنة 1951 قد نحا نحو ذات الهدف إذ نص في المادة الثالثة منه على اختصاص إدارة مكافحة المخدرات بتنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بالمخدرات بكافة أنواعها في أنحاء المملكة المصرية, وإذا كان قرار مجلس الوزراء المذكور قد نص على إلغاء قرار وزير الداخلية الصادر في 30 أكتوبر سنة 1947 بإنشاء إدارة مكافحة المخدرات فإنه نص في نفس الوقت على إنشاء هذه الإدارة باسمها ذاته وبتبعيتها لإدارة الأمن العام على غرار ما تضمنه قرار وزير الداخلية الذي ألغاه مما لا شبهة معه في أن الغرض من ذلك القرار لم يكن مطلقا إلغاء الإدارة القائمة وإنما كان في حقيقة الواقع تصحيح وضعها بإعادة إنشائها وإسباغ اختصاصها عليها ممن يملك ذلك, فبعد أن كانت منشأة بقرار من وزير الداخلية يخولها اختصاص مكتب مخابرات المخدرات المنشأ سنة 1929 والذي لم يكن يكسب ضباطه صفة مأموري الضبطية القضائية أصبحت منشأة بموجب قرار من مجلس الوزراء يحدد لها اختصاصها المنصوص عليه فيه وهو مكافحة المخدرات وتنفيذ القوانين الخاصة بها في كافة أنحاء الدولة. ولما كان القرار المشار إليه قد صدر ممن يملكه وفوض لوزير الداخلية إنشاء هذه الإدارة وتعيين مديرها وضباطها وانتداب غيرهم من الضباط التابعين لوزارة الداخلية للعمل فيها فإن هذه الإدارة تصبح بموجب قرار مجلس الوزراء وقرار وزير الداخلية الصادر تنفيذا له منشأة على وجه قانوني صحيح ويكون لجميع ضباطها سواء منهم من كانوا بها من قبل أو من يلحقون بها بعدئذ صفة مأموري الضبطية القضائية التي أسبغها عليهم القانون رقم 21 لسنة 1928 في كافة أنحاء الدولة ولا يؤثر في ذلك ألا يكون وزير الداخلية قد أصدر قرارا بإنشاء فروع لهذه الإدارة إلا في أغسطس سنة 1952 مادام جميع ضباط الإدارة كانت لهم صفة مأموري الضبطية القضائية في كافة أنحاء الدولة منذ وقت صدور القانون رقم 187 سنة 1951 وما دام الطاعن لا ينازع في أن من قام بإجراء التفتيش هو أحد هؤلاء الضباط, أما ما دفع به الطاعن من وجود خصومة بينه وبين الضابط محمود سامي نصار التابع لإدارة مكافحة المخدرات فقد رد عليه الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه ردا كافيا, وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يزد على ما قاله الحكم الابتدائي فمفاد ذلك أنه لم ير فيما زاده الطاعن على هذا الشطر من دفاعه أمام المحكمة الاستئنافية ما يستوجب ردا خاصا. ولما كان هذا الدفاع يدور حول مسألة موضوعية فلا معقب لما قضت به محكمة الموضوع في شأنه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

الطعن 870 لسنة 23 ق جلسة 22/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 358 ص 1003

جلسة 22 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة المستشار إسماعيل مجدي رئيسا, وحضرات المستشارين: مصطفى حسن, وحسن داود, وأنيس غالي, ومصطفى كامل أعضاء.

-----------------

(358)
القضية رقم 870 سنة 23 القضائية

خطف طفل. 

ركن التحيل. يكفي لقيامه أن يقع على من يكون المجني عليه في كفالته.

-----------------
يكفي لقيام ركن التحيل - في جريمة خطف الأطفال - أن يقع على من يكون المجني عليه في كفالته, وليس من الضروري أن يقع على المجني عليه نفسه متى كان هذا التحايل قد مكن الجاني من خطف المجني عليه. وإذن فمتى كان الحكم قد استظهر أن التحيل وقع على إدارة المدرسة الخاصة التي كان يتلقى فيها المجني عليه دروسه وأنه حصل من شخص انتحل شخصية والد المجني عليه واتصل أولا بكاتب المدرسة وأخبره بوفاة جدة المجني عليه, وطلب إليه أن يأذن له بالخروج للسفر مع عائلته للبلدة, ولما استبطأ خروج المجني عليه اتصل بناظر المدرسة وكرر نفس الرواية مبدياً التأثر والألم من عدم خروج المجني عليه فخدع الناظر بتلك الحيلة وأذن للمجني عليه بالخروج الذي وجد الطاعن ينتظره أمام باب المدرسة بسيارة أقله بها إلى البلدة التي أخفاه فيها - متى كان ذلك فإن ركن التحيل يكون متوافرا.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية: 1 - محمد متولي الحضري و2 - عبد الله إبراهيم راضي و3 - أحمد محمد المصري (الطاعنين الثلاثة) و4 - منيره العزب عبد ربه و5 - روحيه أحمد المصري بأنهم خطفوا بالتحيل الطفل عبد الله عبد الحميد راضي الذي لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة, وذلك بأن خاطب أحدهم ناظر المدرسة التي يلتحق بها المجني عليه وطلب إليه السماح له بالخروج لوفاة إحدى قريباته ثم أركبه المتهم الأول سيارة أعدها لذلك ورافقه من طنطا إلى طوخ حيث أخفاه في منزل المتهمين الثلاثة الأخيرين, وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 288 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وادعى بحق مدني عبد الحميد عبد الله راضي والد المجني عليه وطلب الحكم له قبل المتهمين الأول والثالث والرابعة والخامسة متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكم جنايات طنطا قضت حضوريا أولا: بمعاقبة كل من محمد متولي الحضري وعبد الله إبراهيم راضي وأحمد محمد المصري بالسجن لمدة خمس سنوات وبمعاقبة كل من منيره العزب عبد ربه وروحيه أحمد محمد المصري بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وذلك عملا بالمادة 288 من قانون العقوبات للجميع وبالمادة 17 عقوبات للمتهمين الرابعة والخامسة. وثانيا: بإلزام كل من محمد متولي الحضري وأحمد محمد المصري ومنيرة العزب عبد ربه وروحيه أحمد محمد المصري بأن يدفعوا متضامنين للمدعي بالحقوق المدنية بصفته قرشا صاغا واحدا والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن الثالث وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون غير مقبول شكلا.
ومن حيث إن الطاعن الأول يعيب على الحكم المطعون فيه قصوره ويقول إنه انطوى على خطأ في الإسناد كما يعيب عليه الطاعن الثاني كذلك قصوره وخطأه في تطبيق القانون.
ومن حيث إن حاصل الوجه الأول من الطعن الأول أن الحكم المطعون فيه أسس ركن التحيل على عمليتين إيجابيتين وهما الاتصال بإدارة المدرسة الخاصة لإخراج المجني عليه بحجة وفاة جدته واستدراج الطاعن للمجني عليه بعد خروجه من المدرسة ونقله بالسيارة بحجة وفاة جدته وأنه سائر إلى حيث كان ينتظره والده ومع ذلك فإن الحكم لم يستطع تحديد الشخص الذي قام بالاتصال التليفوني ولم يأت بدليل على أن هذا الاتصال كان بتدبير الطاعن وعلمه, أما واقعة استدراج الطاعن للمجني عليه بالحيلة فإن الحكم المطعون فيه لم يذكر كلمة عن المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي لا اصل لها في الأوراق ولم يأت بدليل ضد الطاعن عليها, ثم إذا كان قد تحدث عن الصلة القائمة بين المجني عليه والطاعن الثاني, وقال إن هذه الصلة هى مصدر معرفة الطاعن بالمجني عليه الذي اعتاد الذهاب يوميا من منزل والده إلى المدرسة الخاصة بطنطا والرجوع منها وأن الخال هو الذي فكر في خطف المجني عليه واتفق مع الطاعن على ارتكاب جريمة الخطف للصلة التي بينهما, فإن هذا الاتفاق بفرض حصوله لا يدل على أن التحيل كان من خطط الجريمة وبجانب ذلك فإن أسباب الحكم فيه صدد الاتفاق مقامة على التخمين.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن التحيل وقع على إدارة المدرسة الخاصة التي كان يتلقى فيها المجني عليه دروسه وأنه حصل من شخص انتحل شخصية والد المجني عليه واتصل أولا بكاتب المدرسة وأخبره بوفاة جدة المجني عليه وطلب إليه أن يأذن له بالخروج للسفر مع عائلته للبلدة. ولما استبطأ خروج المجني عليه اتصل بناظر المدرسة وكرر نفس الرواية مبديا التأثر والألم من عدم خروج المجني عليه فخدع الناظر بتلك الحيلة وأذن للمجني عليه بالخروج واستظهر أنه عند خروجه وجد الطاعن ينتظر أمام باب المدرسة ومعه سيارة أقله بها إلى بلدة طوخ, ولما كان يكفي لقيام ركن التحيل أن يقع على من يكون المجني عليه في كفالته وليس من الضروري أن يقع على المجني عليه نفسه متى كان هذا التحايل قد مكن الجاني من خطف المجني عليه وكان ما أثبته الحكم من انتظار الطاعن للمجني عليه على باب المدرسة بالسيارة بعد مخاطبة إدارة المدرسة مرتين بالتليفون للسماح بخروجه من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من أن هاتين المكالمتين حدثتا من أحد الطاعنين أو من آخر من قبلهما. ولما كان الحكم قد استظهر الاتفاق بين الطاعنين الأول والثاني من أقوال الطاعن الأول وساق للتدليل على سوء نية الطاعن أدلة استمدها من أوراق الدعوى فإن هذا الوجه يكون لذلك على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن حاصل الوجه الثاني من الطعن أن الحكم أتى بوقائع لا اصل لها في الأوراق فقد قال إن الطاعن قابل المجني عليه عند خروجه من المدرسة واستفسر منه عما إذا كان هو عبد الله إبراهيم راضي فلما أجابه بالإيجاب وضع عصابة على عينية وأركبه السيارة في حين أن المجني عليه لم يذكر ما قاله الحكم لا في تحقيقات النيابة ولا أمام المحكمة وتظهر أهمية هذا الخلاف متى روعي أن دفاع الطاعن يقوم على أنه كان حسن النية وأنه تسلمه من خاله وهو لا يعلم بأنه مخطوف ولم يكن يعرفه من قبل حتى كان ينتظره على باب المدرسة ومع أن الحكم لم يأخذ بما قاله المجني عليه من وضع عصابة على عينيه إلا أنه أخذ بأن الطاعن استدرج المجني عليه ونقله بالسيارة من طنطا لطوخ وقال إنه يعزز ذلك باعتراف الطاعن والمتهمين الثلاثة الأخيرين مع أن الطاعن لم يعترف لا بالاستدراج ولا بالإخفاء؛ وجاء في الحكم أن الطاعن أقر بالوقائع الواردة في تحريات رئيس مباحث مديرية الغربية ومنها أن الحادث وقع بتدبير الطاعن الثاني وهو قريب والد المجني عليه وأن الطاعن الثاني قام بدور الوسيط وتسلم مبلغ الحلاوة وقدره 1500 جنيه, وبعد افتضاح أمره أعاد المبلغ لوالد المجني عليه في حين أن الطاعن لم يقر بشئ من ذلك.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت وقوع التحيل على إدارة المدرسة التي كانت متكلفة بالمجني عليه وأنها بسبب هذه التحايل أذنت للمجني عليه بالخروج من المدرسة وكان الطاعن في انتظاره بالسيارة ونقله بها إلى بلدة طوخ على ما ذكره المجني عليه, ولما كان الطاعن ذاته قد أقر بنقل المجني عليه بالسيارة من بندر طنطا إلى طوخ ولم يأخذ الحكم بما ادعاه من حسن نيته ودلل على سوء نيته وتوافر القصد الجنائي عنده بأدلة سائغة استمدها من أوراق الدعوى, فإن هذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون مجادلة في الدليل ومبلغ الاطمئنان إليه مما لا محل لإثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم يتعين رفضه أيضا.
ومن حيث إن حاصل الوجه الأول من طعن الطاعن الثاني أن الحكم دان الطاعن في جناية الخطف مع أنه لم يباشر عملا من أعمال التنفيذ وقال في بيان واقعة الدعوى إن الطاعن فكر في اختطاف المجني عليه ثم إرجاعه إلى ذويه مقابل جعل, فاتفق مع محمد متولي الخضري المتهم الأول الذي كان على صلة وثيقة به على مقارفة هذه الجريمة وأخذا معا في تدبير طريقة لاختطاف المجني عليه بطريق التحيل وإبعاده عن ذويه الذين لهم حق رعايته فترة من الزمن يتم فيه الاستيلاء على الجعل المرغوب فيه. وقالت المحكمة بعد ذلك إن الشارع في جريمة الخطف اعتبر مرتكب الجريمة فاعلا أصليا سواء ارتكبها بنفسه أو بواسطة غيره أي أنه سوى بين الفعل المادي والفعل الأدبي (المحرض للجريمة) فلا محل للبحث في الاشتراك وهذا غير سديد منها. إذ كان يجب أن يبين الأفعال التي وقعت من الطاعن والتي يصح وصفها في القانون بأنها تكون فعل الخطف بواسطة الغير وقد اعتبرت المحكمة الطاعن محرضا على ارتكاب الخطف فكان الأمر يقتضيها أن تبين واقعة التحريض هذه وتورد الدليل عليها من واقع الأدلة المقدمة في الدعوى وأن تبين ما للمحرض على الشخص من نفوذ أو سلطة حتى يستمع إلى تحريضه, أما وهى لم تفعل ذلك فإن حكمها يكون قاصر البيان.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ارتكب جريمة خطف المجني عليه بالتحيل عن طريق تحريضه الطاعن الأول على ارتكابها وذلك بالأدلة السائغة التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها, وأولها اعتراف الطاعن الأول بأنه نقل المجني عليه بناء على تكليف الطاعن الثاني له, ولما كانت المادة 288 عقوبات تنص على عقاب كل من اختطف بالتحيل أو الإكراه طفلا لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة بنفسه أو بواسطة غيره وكانت قد سوت بذلك بين من يرتكب الفعل المادي للخطف وبين من يحرض على ارتكاب هذا الفعل. ولما كان من شأن هذا النص أن يجعل الحكم في حل من استظهار توافر شروط الاشتراك المنصوص عليها في المادتين 40و41 من قانون العقوبات اكتفاء بإثبات مقارفة المتهم لجريمة الخطف بواسطة غيره بالصورة الواردة في المادة 288 لما كان ذلك فإن هذا الوجه يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.
ومن حيث إن الوجه الثاني من الطعن يتحصل في أن الخطف وقع ليكون وسيلة لابتزاز المال من أهل المجني عليه مقابل إرجاعه وقد وقع الخطف في يوم 23 فبراير سنة 1950 وأعيد المخطوف إلي أهله في يوم 27/ 2/ 1950 وكان الحديث حول إعادته في يوم 25 فبراير سنة 1950 وهو اليوم الذي سحب فيه والد المجني عليه المبلغ من البنك ليقدمه فدية لرد ابنه ومعلوم أن الخطف يجب أن يكون بإبعاد المجني عليه عن ذويه لمدة طويلة نوعا بحيث إذا كان مؤقتا ولمدة قصيرة فلا يصح وصف الحادث بأنه خطف. ومادام الحكم يسلم بأن إبعاد المجني عليه عن ذويه لم يكن إلا لمدة قصيرة وكان ملحوظا فيه من أول الأمر رده إلى ذويه بعد مساومتهم على الجعل, فإن اعتبار الحادث جريمة خطف ومعاقبة الطاعن على هذا الأساس لا يكون صحيحا.
ومن حيث إنه لما كان العنصر المادي لجريمة الخطف يقوم على تعمد الجاني انتزاع المخطوف من بيئته وقطع صلته بأهله أيا كان غرض الجاني من ذلك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن خطف المجني عليه بواسطة الطاعن الأول بطريق التحيل وأبعده عن المدرسة التي كان في كفالتها وحال بينه وبين العودة إلى بيته وبيئته وقطع صلته بأهله ونقله إلى طوخ حيث حجز في غرفة بمنزل الطاعن الثالث وكان لا يسمح له بالخروج منها وظل على ذلك خمسة أيام, ولما كان ذلك يجعل أركان الجريمة كلها متوافرة, فإن هذا الوجه يكون كذلك على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن حاصل الوجه الثالث من الطعن أن المحكمة لم تستظهر استظهارا كافيا سن المجنى عليه مع أنه ركن من أركان الجريمة واكتفت بالقول بأن الثابت من شهادة ميلاده أنه يقل عن ست عشرة سنة.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بأن ما ينبغي على المحكمة بيانه لتوافر هذا الركن من الجريمة, هو أن يكون سن المجني عليه اقل من ست عشرة سنة, وليست ملزمة أن تذكر السن على وجه التحديد, وأن الحكم أوضح أن سن المجني عليه أقل من ست عشرة سنة واستند في ذلك إلى شهادة ميلاده المقدمة ضمن أوراق الدعوى والتي كانت تحت نظر الطاعن ولم يجادل الطاعن في صحة ما استمده الحكم من شهادة الميلاد فضلا عما هو ثابت من محضر الجلسة من أن المحكمة قدرت سن المجني عليه باثنتي عشرة سنة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

الطعن 1180 لسنة 23 ق جلسة 29/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 363 ص 1029

جلسة 29 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل ومصطفى كامل أعضاء.

-----------------

(363)
القضية رقم 1180 سنة 23 القضائية

تزوير. 

التزوير في دفتر اشتراك كيلو متري يخول السفر بقطارات مصلحة السكك الحديدية. تزوير في محرر رسمي.

-----------------
إذا كانت الواقعة التي أثبتها الحكم على الطاعن هي أنه ارتكب تزويرا في دفتر اشتراك كيلومتري يخوّل السفر بقطارات مصلحة السكك الحديدية ويحرره موظفون بتلك المصلحة مختصون بمقتضى وظائفهم بتحريره, فإن ما انتهى إليه الحكم من أن هذا التزوير وقع في محرر رسمي مما يعد جناية معاقبا عليها طبقا للمادة 211 من قانون العقوبات, هو التكييف القانوني الصحيح للواقعة, أما ما يقوله الطاعن من أن تزوير دفتر الاشتراك الكيلومتري يعتبر جنحة منطبقة على المادة 217 من قانون العقوبات, فهو مردود بأن هذا الدفتر ليس من قبيل المحررات التي وردت في هذه المادة استثناء من الأصل, فلا يصح التوسع فيها أو القياس عليها بإدخال محررات لا يتناولها هذا النص.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه في أيام سابقه على 24 أكتوبر سنة 1948 أولا: ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو الاشتراك الكيلومتري الصادر له من مصلحة السكة الحديدية, بأن غير في بعض الأرقام وأسماء البلاد المبينة به الدالة على استنفاده عددا معينا من الكيلومترات بمحوها وكتابة أرقام وبلاد أخرى غيرها ليتمكن من زيادة عدد الكيلومترات المصرح له بها قانونا من المصلحة الحكومية المذكورة. ثانيا: استعمل المحرر الرسمي المزور السابق ذكره مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى معاون محطة أبو قرقاص, وطلب إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات, فقرر بذلك ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد وهبه حسن بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه في الوجهين الأول والأخير قصور أسبابه ومخالفته للقانون, ذلك أنه اعتبر الواقعة التي دانه بها جناية تزوير في ورقة رسمية هي "اشتراك كيلومتري" دون أن يبين السند القانوني لذلك, كما أن الواقعة على فرض صحتها هي جنحة منطبقة على المادة 217 من قانون العقوبات.
وحيث إنه لما كانت الواقعة التي أثبتها الحكم على الطاعن أنه ارتكب تزويرا في دفتر اشتراك كيلومتري يخول السفر بقطارات مصلحة السكك الحديدية ويحرره موظفون بتلك المصلحة مختصون بمقتضى وظائفهم بتحريره, فإن ما انتهى إليه الحكم من أن هذا التزوير وقع في محرر رسمي مما يعدّ جناية معاقبا عليها طبقا للمادة 211 من قانون العقوبات, هو التكييف القانوني الصحيح للواقعة, أما ما يقوله الطاعن من أن تزوير دفتر الاشتراك الكيلومتري يعتبر جنحة منطبقة على المادة 217 من قانون العقوبات, فهو مردود بأن هذا الدفتر ليس من قبيل المحررات التي وردت في هذه المادة استثناء من الأصل, فلا يصح التوسع فيها أو القياس عليها بإدخال محررات لا يتناولها هذا النص.
وحيث إن الطاعن يقول في باقي أوجه الطعن إنه طلب إلى المحكمة ضم أوراق تحقيق إداري أجرته مصلحة السكة الحديدية في شأن هذا الموضوع ولابد أن يكون هذا التحقيق قد تناول بحث ما إذا كانت التغييرات التي قيل بحدوثها في دفتر الاشتراك هي بخط الطاعن أو بخط موظفي المصلحة, غير أن المحكمة رفضت هذا الطلب بدعوى أن هذا التحقيق لا يمس موضوع القضية, ويقول الطاعن أيضا إنه طلب سؤال الموظفين الذين لهم تأشيرات في دفتر الاشتراك ولكن المحكمة لم تستجب لطلبه دون أن تبدي لذلك سببا, ويضيف كذلك أن المحكمة اعتبرت أن التزوير وقع في أيام سابقة على 24 أكتوبر سنة 1948 دون أن تحدد التاريخ الذي وقعت فيه جريمة التزوير وجريمة الاستعمال كما نسبت إليه أنه أحدث جميع التزويرات التي وجدت بدفتر الاشتراك مع أن خبير الخطوط الذي عوّلت المحكمة على تقريره لم ينسب إلى الطاعن أنه أحدث بخطه تغييرات في الأرقام, وقطع الحكم بأن بعض الكلمات زورت بخط الطاعن خلافا لما جاء بتقرير الخبير من أن هذه الكلمات كتبت بخط يشبه خطه فقط, ويقول الطاعن غير ذلك إن الخبير عجز عن معرفة أغلب الأرقام التي كشطت وإن الحكم عول على أمور غير منتجة في الدعوى كإحداث تغيير في أسماء المحطات وأرقام الكيلومترات, ولم يعن بما هو منتج فيها وهو الختم إذ قال الحكم عنه إن أمره لا يقدم ولا يؤخر شيئا.
وحيث إنه لا وجه لكل ما يثيره الطاعن فيما تقدم فالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجنايتي التزوير في أوراق رسمية واستعمالها وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوتها في حقه. وبين على وجه التحديد التواريخ التي وقع فيها التزوير والاستعمال, وعرض لدفاع الطاعن واطرحه للاعتبارات التي قالها - لما كان ذلك, وكان الحكم لم يعوّل في إدانة الطاعن على التحقيقات الإدارية التي طلب الطاعن ضمها وكان الثابت بمحضر جلسة 27 ديسمبر سنة 1952 أن ممثل النيابة قدم للمحكمة خطابا واردا من المصلحة يفيد عدم وجود تحقيقات إدارية خاصة بموضوع هذه الدعوى فلم يعترض الدفاع عن الطاعن على فحوى هذا الخطاب, وكان الثابت أيضا بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سماع شهادة الموظفين الذين أشروا على دفتر الاشتراك, وإنما عاب محاميه في مرافعته على التحقيق الذي أجرته النيابة بأنه لم يتناول سؤال هؤلاء الموظفين - لما كان ما تقدم وكان ليس من الضروري لوقوع التزوير معرفة البيانات الصحيحة التي كانت موضوعة في الأصل على الدفتر وإنما يكفي أن يثبت أن الطاعن قد محا هذه البيانات واستبدل بها أخرى أثبتها مكانها وكانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا في موضوع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب. أما ما يشكو منه الطاعن من أن الحكم لم يعن بالتحدث عن الأختام الموضوعة على الدفتر فليس له محل, لأنه لم يوجه إليه اتهام بتزوير هذه الأختام.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.