جلسة 29 من يونيه سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل ومصطفى كامل أعضاء.
-----------------
(363)
القضية رقم 1180 سنة 23 القضائية
تزوير.
التزوير في دفتر اشتراك كيلو متري يخول السفر بقطارات مصلحة السكك الحديدية. تزوير في محرر رسمي.
الوقائع
اتهمت النيابة الطاعن بأنه في أيام سابقه على 24 أكتوبر سنة 1948 أولا: ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو الاشتراك الكيلومتري الصادر له من مصلحة السكة الحديدية, بأن غير في بعض الأرقام وأسماء البلاد المبينة به الدالة على استنفاده عددا معينا من الكيلومترات بمحوها وكتابة أرقام وبلاد أخرى غيرها ليتمكن من زيادة عدد الكيلومترات المصرح له بها قانونا من المصلحة الحكومية المذكورة. ثانيا: استعمل المحرر الرسمي المزور السابق ذكره مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى معاون محطة أبو قرقاص, وطلب إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات, فقرر بذلك ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد وهبه حسن بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه في الوجهين الأول والأخير قصور أسبابه ومخالفته للقانون, ذلك أنه اعتبر الواقعة التي دانه بها جناية تزوير في ورقة رسمية هي "اشتراك كيلومتري" دون أن يبين السند القانوني لذلك, كما أن الواقعة على فرض صحتها هي جنحة منطبقة على المادة 217 من قانون العقوبات.
وحيث إنه لما كانت الواقعة التي أثبتها الحكم على الطاعن أنه ارتكب تزويرا في دفتر اشتراك كيلومتري يخول السفر بقطارات مصلحة السكك الحديدية ويحرره موظفون بتلك المصلحة مختصون بمقتضى وظائفهم بتحريره, فإن ما انتهى إليه الحكم من أن هذا التزوير وقع في محرر رسمي مما يعدّ جناية معاقبا عليها طبقا للمادة 211 من قانون العقوبات, هو التكييف القانوني الصحيح للواقعة, أما ما يقوله الطاعن من أن تزوير دفتر الاشتراك الكيلومتري يعتبر جنحة منطبقة على المادة 217 من قانون العقوبات, فهو مردود بأن هذا الدفتر ليس من قبيل المحررات التي وردت في هذه المادة استثناء من الأصل, فلا يصح التوسع فيها أو القياس عليها بإدخال محررات لا يتناولها هذا النص.
وحيث إن الطاعن يقول في باقي أوجه الطعن إنه طلب إلى المحكمة ضم أوراق تحقيق إداري أجرته مصلحة السكة الحديدية في شأن هذا الموضوع ولابد أن يكون هذا التحقيق قد تناول بحث ما إذا كانت التغييرات التي قيل بحدوثها في دفتر الاشتراك هي بخط الطاعن أو بخط موظفي المصلحة, غير أن المحكمة رفضت هذا الطلب بدعوى أن هذا التحقيق لا يمس موضوع القضية, ويقول الطاعن أيضا إنه طلب سؤال الموظفين الذين لهم تأشيرات في دفتر الاشتراك ولكن المحكمة لم تستجب لطلبه دون أن تبدي لذلك سببا, ويضيف كذلك أن المحكمة اعتبرت أن التزوير وقع في أيام سابقة على 24 أكتوبر سنة 1948 دون أن تحدد التاريخ الذي وقعت فيه جريمة التزوير وجريمة الاستعمال كما نسبت إليه أنه أحدث جميع التزويرات التي وجدت بدفتر الاشتراك مع أن خبير الخطوط الذي عوّلت المحكمة على تقريره لم ينسب إلى الطاعن أنه أحدث بخطه تغييرات في الأرقام, وقطع الحكم بأن بعض الكلمات زورت بخط الطاعن خلافا لما جاء بتقرير الخبير من أن هذه الكلمات كتبت بخط يشبه خطه فقط, ويقول الطاعن غير ذلك إن الخبير عجز عن معرفة أغلب الأرقام التي كشطت وإن الحكم عول على أمور غير منتجة في الدعوى كإحداث تغيير في أسماء المحطات وأرقام الكيلومترات, ولم يعن بما هو منتج فيها وهو الختم إذ قال الحكم عنه إن أمره لا يقدم ولا يؤخر شيئا.
وحيث إنه لا وجه لكل ما يثيره الطاعن فيما تقدم فالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجنايتي التزوير في أوراق رسمية واستعمالها وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوتها في حقه. وبين على وجه التحديد التواريخ التي وقع فيها التزوير والاستعمال, وعرض لدفاع الطاعن واطرحه للاعتبارات التي قالها - لما كان ذلك, وكان الحكم لم يعوّل في إدانة الطاعن على التحقيقات الإدارية التي طلب الطاعن ضمها وكان الثابت بمحضر جلسة 27 ديسمبر سنة 1952 أن ممثل النيابة قدم للمحكمة خطابا واردا من المصلحة يفيد عدم وجود تحقيقات إدارية خاصة بموضوع هذه الدعوى فلم يعترض الدفاع عن الطاعن على فحوى هذا الخطاب, وكان الثابت أيضا بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سماع شهادة الموظفين الذين أشروا على دفتر الاشتراك, وإنما عاب محاميه في مرافعته على التحقيق الذي أجرته النيابة بأنه لم يتناول سؤال هؤلاء الموظفين - لما كان ما تقدم وكان ليس من الضروري لوقوع التزوير معرفة البيانات الصحيحة التي كانت موضوعة في الأصل على الدفتر وإنما يكفي أن يثبت أن الطاعن قد محا هذه البيانات واستبدل بها أخرى أثبتها مكانها وكانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا في موضوع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب. أما ما يشكو منه الطاعن من أن الحكم لم يعن بالتحدث عن الأختام الموضوعة على الدفتر فليس له محل, لأنه لم يوجه إليه اتهام بتزوير هذه الأختام.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق