جلسة 14 من فبراير سنة 1979
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر؛ صبحي رزق داود؛ ومحمد أحمد حمدي.
--------------------
(102)
الطعن رقم 30 لسنة 48 ق "أحوال شخصية"
(1، 2) أحوال شخصية "لغير المسلمين". "التطليق".
(1) دعوى التطليق لاستحكام النفور بين الزوجين وافتراقهما ثلاث سنوات متواليات. م 57 من لائحة الأقباط الأرثوذكس لسنة 1938. المقصود باستحكام النفور. وجوب ألا يكون راجعاً إلى خطأ الزوج طالب التطليق.
(2) للزوجة التمسك بالإقامة في مسكن مستقل. م 149 من لائحة الأقباط الأرثوذكس لسنة 1938. قيود الزوج طالب التطليق عن إعداده ورفضها الإقامة مع أهله لإساءتهم معاملتها. الحكم بالتطليق لاستحكام النفور والفرقة. خطأ.
------------------
1 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 57 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 تجيز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنوات متواليات، ولما كان يتعين للقول باستحكام النفور بين الزوجين أن تقوم الجفوة بينهما بما يجعل حياتهما المشتركة أمراً غير محتمل، وبحيث يكون التصدع الواقع مما يصعب رأيه، وكان إثبات الخطأ بهذه المثابة مسألة لازمة سابقة على التحقق من استحكام النفور، باعتباره نتيجة لتوافر سوء المعاشرة أو الإخلال بواجب من الواجبات التي يفرضها عقد الزواج، وكان التطليق في هذه الحالة عقابي يستهدف توقيع الجزاء على الزوج الذي أخل بواجباته الزوجية أو أدى إلى استحكام النفور والفرقة، فإنه لا محل لإعمال حكم هذه المادة متى كانت الفرقة أو واقعة الهجر المنسوبة لأحد الزوجين مردها إلى إخلال الزوج طالب التطليق بواجباته الجوهرية.
2 - مفاد المادة 149 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يتعين على الزوج إعداد المسكن المناسب، ومن حق الزوجة التمسك بالإقامة في مسكن مستقل لا يشاركها فيه أحد من أقارب زوجها سوى أولاده من غيرها - إن وجدوا، ومن ثم فإن الفرقة التي جعلها الحكم المطعون فيه عمدته لم تلجأ إليها الطاعنة إلا نتيجة إخلال الزوج المطعون عليه بواجب من واجبات الزوجية الملقاة على عاتقه وإصراره على إقامتها في منزل أهله رغم استفحال النزاع بينها وبين أهله الأمر الذي ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 895 لسنة 1976 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بتطليقها منه. وقال بياناً لها أنها زوجة له طبقاً لشريعة طائفة الأقباط الأرثوذكس بمقتضى العقد المؤرخ 18/ 8/ 1960، وإذ دأبت الطاعنة على الإساءة إليه وهجرت منزل الزوجية مدة تزيد على ثلاث سنوات مما أدى إلى استحكام النفور بينها، فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 19/ 4/ 1977 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعنة زوجته ما زالت في عصمته وأنهما على السواء من طائفة الأقباط الأرثوذكس حتى تاريخ التداعي وأن فرقة استحكمت بينهما لمدة ثلاث سنوات متتالية سابقة على الدعوى مما أدى إلى استحكام النفور بينهما بخطأ الزوجة، وبعد سماع شهود الطرفين، عادت وحكمت بتاريخ 8/ 11/ 1977 برفض الدعوى. استأنفه المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 171 سنة 94 ق أحوال شخصية "نفس" القاهرة، وبتاريخ 18/ 4/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق الطاعنة من المطعون عليه. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم بني قضاءه بالتطليق على سند من أقوال شاهدي المطعون عليه اللذين ذهبا إلى أنها أساءت العشرة وأصرت على عدم الإقامة مع أهلها بعيداً عن محل عمله في حين أن - الفرقة التي تجيز التطليق طبقاً لشريعة الطرفين - يجب أن تؤدي إلى استحكام الكراهية بحيث يصبح الإبقاء على رابطة الزوجية عديم الجدوى، وليس كذلك مجرد اختلاف وجهات النظر حول إقامة الزوجية مع أهل الزوج أو مع ذويها. هذا إلى أن الثابت من أقوال الشهود أن الطاعنة كانت تقيم مع أهله الذين أساءوا إليها واعتدوا عليها. وأنه هو الذي تسبب في طردها فيكون قد اصطنع أسباب الفرقة بما لا يحق معه الاستفادة من خطئه، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 57 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 تجيز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنوات متتاليات. ولما كان يتعين القول باستحكام النفور بين الزوجين أن تقوم الجفوة بينهما بما يجعل حياتهما المشتركة أمراً غير محتمل، وبحيث يكون الصدع الواقع مما يصعب علاجه أو رأبه، وكان إثبات الخطأ بهذه المثابة مسألة لازمة سابقة على التحقق من استحكام النفور، باعتباره نتيجة لتوافر سوء المعاشرة أو الإخلال بواجب من الواجبات التي يفرضها عقد الزواج، وكان التطليق في هذه الحالة عقابي يستهدف توقيع الجزاء على الزوج الذي أخل بواجباته الزوجية، أو أدى إلى استحكام النفور والفرقة، فإنه لا محل لإعمال حكم المادة متى كانت الفرقة أو واقعة الهجر المنسوبة لأحد الزوجين مردها إلى إخلال الزوج طالب التطليق بواجباته الجوهرية نحوه. لما كان ذلك فأنه وإن كان تحقق استحكام النفور مما يستقل بتقديره قاضي الموضوع بعد فحصه كافة الظروف والملابسات، إلا أنه ينبغي أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها مأخذها من الأوراق، ولما كان البين من أقوال شهود الطرفين حسبما نقلها الحكم المطعون فيه أن الطاعنة إنما تركت منزل الزوجية ولاذت بالإقامة عند ذويها بسبب عدم قيام المطعون عليه بتهيئة سكن مستقل لها، وكان الثابت من تقريرات الحكم الابتدائي أن المطعون عليه شرط لعودة الحياة الزوجية أن تقيم الطاعنة مع أسرته، رفضت هي ذلك بسبب إساءتهم إليها، وكان مفاد المادة 149 من القواعد سالفة الإشارة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يتعين على الزوج إعداد السكن المناسب، ومن حق الزوجة التمسك للإقامة في سكن مستقل لا يشاركها فيه أحد من أقارب زوجها سوى أولاده من غيرها إن وجدوا، فإن الفرقة التي جعلها الحكم المطعون فيه عمدته لم تلجأ إليها الطاعنة إلا نتيجة إخلال الزوج المطعون عليه بواجب من واجبات الزوجية الملقاة على عاتقه وإصراره على إقامتها في منزل أهله رغم استفحال النزاع بينها وبين أهله الأمر الذي ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين تأييد حكم محكمة أول درجة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق