جلسة 11 من أبريل سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
----------------
(68)
الطعن رقم 1780 لسنة 29 القضائية
مواد مخدرة.
بيان كمية المخدر: متى لا يكون جوهريا؟
عند عدم إثارة قصد التعاطي وعدم ثبوت هذا القصد للمحكمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة "حشيشاًً وأفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1، 2، 33 جـ، 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبندين 1، 12 من الجدول الأول الملحق به. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وفساد الاستدلال، ذلك أن الطاعن تمسك ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه الحكم بأنه وضع نفسه موضع الريبة ومن حق رجال البوليس استيقافه ليتبينوا أمره - فإذا فرو ألقى بما كان معه قبل الإمساك به فإن ذلك يتوفر معه من المظاهر الخارجية ما ينبئ بذاته عن وقوع جريمة وقيام حالة التلبس التي تبيح لرجال السلطة القبض عليه وتفتيشه. وما قاله الحكم مردود بما قاله الضابط والمخبر من أنهما لا يعرفان الطاعن وهو ليس من ذوي الشبهة أو المتشردين وبما شهد به المخبر من أن الضابط طلب منه أن يمسك بالطاعن مما يفيد أمر القبض عليه، أما واقعة التخلي عن المنديل طوعاًًًًً واختياراًًًًً فلا سند لها في الأوراق، ولم يثبت أن تخلي المتهم عن المنديل كان قبل القبض عليه، ولا يصح الاستناد إلى ما ألقاه المتهم إذا كان التخلي نتيجة مباشرة للقبض.
وحيث إن واقعة الدعوى كما بينها الحكم تتلخص في أنه بينما كان الملازم أول يسري المكاوي وبرفقته المخبر يسيران بناحية إبشان من أعمال المركز وهما في طريقهما لتفتيش بعض المنازل للبحث عن أسلحة غير مرخصة بناءً على إذن من النيابة إذ بهما يشاهدان الطاعن يسير في الشارع مسرعاًًًًً فخشيا أن يكون أحد الأشخاص المراد تفتيشهم فناداه الضابط وإذ به ينطلق مسرعاًًًًً فكلف المخبر اللحاق به وجرى الاثنان خلفه وشاهده المخبر يدخل الجامع ويخرج شيئاًًًًً من جلبابه يلقي به فوق سقف دورة المياه فأمسك به وسلمه للضابط وارتقى سقف الدورة فعثر على منديل يضم كيسين من الدمور وجد بهما المخدر من حشيش وأفيون. ودلل على إدانة الطاعن بأقوال الضابط والمخبر وتقرير التحليل وعرض إلى القبض والتفتيش بقوله "وحيث إنه إذا كان المتهم قد وضع نفسه في موضع يدعو إلى الريبة كما هو الحال في هذه الدعوى فإن من حق رجال البوليس أن يستوقفوه ليتبينوا حقيقة أمره فإذا فر عقب ذلك وألقى بما كان معه قبل الإمساك به فإن ذلك يتوفر معه من المظاهر الخارجية ما ينبئ بذاته عن وقوع جريمة، ويكفي لاعتبار حالة التلبس قائمة تبيح لرجال السلطة القضائية القبض والتفتيش" وكان هذا الذي قاله الحكم من استيقاف رجال البوليس للطاعن وفراره وإلقاء ما معه من مخدر، وقيام حالة التلبس تبعاًًًًً لذلك هو في محله ولا مخالفة للقانون فيه، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية الشيء الذي شاهده، بل يكفي أن تكون هذه المظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، ويكون ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين من الطعن لا أساس له.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو القصور في التسبيب والخطأ في القانون لأن الحكم دان الطاعن بإحراز المخدر وأوقع عليه العقوبة المغلظة المنصوص عنها في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 دون أن يبين وزن كمية المخدر المضبوط مع أنه مذكور في تحقيقات النيابة وتقرير التحليل وهو بيان جوهري له تأثيره حين تطبيق العقوبة إذ أن ضآلة الكمية قد تحمل على تطبيق المادة 34، وكي يتسنى لمحكمة النقض الإشراف على تطبيق القانون.
وحيث إنه لا يشترط لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عنها في المادة 33 من القانون رقم 351 لسنة 1952 معرفة كمية المخدر، بل يكفي لذلك ثبوت حيازة المخدر أو إحرازه مهما كان الباعث على ذلك، ولا محل لتطبيق المادة 34 منه إلا إذا أثبت المتهم أو يثبت للمحكمة أن القصد من إحراز المخدر أو حيازته هو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. وما دام الطاعن لم يثر في دفاعه أمام محكمة الموضوع أن قصده التعاطي، ولم يثبت هذا القصد للمحكمة فلا يكون بيان كمية المخدر جوهرياًًًًً، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا محل له أيضاًًًًً. لما كان ما تقدم فإن الطعن بمجمله يكون على غير أساس متعيناًًًًً رفضه موضوعاًًًًً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق