الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 أغسطس 2017

الطعن 1384 لسنة 56 ق جلسة 30 / 3 / 1988 مكتب فني 35 ج 1 الهيئتين مجتمعتين ق 1 ص 7

جلسة 30 من مارس سنة 1988

برياسة السيد رئيس محكمة النقض المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد وعضوية السادة المستشارين نواب رئيس المحكمة: صلاح الدين بيومي نصار، وقيس الرأي محمد عطيه، حسن جمعة الكتاتني، جمال الدين منصور عوض، أحمد محمود مصطفى هيكل، أحمد ضياء عبد الرازق، إبراهيم حسين رضوان، سيد عبد الباقي سيف، درويش عبد المجيد درويش، يحيى عبد اللطيف الرفاعي، محمد إبراهيم خليل، محمد رفيق البسطويسي، محمد محمود راسم، أحمد محمد أحمد أبو زيد، وليم رزق بدوي، عبد المنصف هاشم، أحمد مدحت المراغي، مرزوق فكري عبد الله فكري, محمد رأفت خفاجي، محمد نجيب صالح والسيد المستشار: فتحي عبد القادر خليفة.

--------------

(1)
الطعن رقم 1384 لسنة 56 القضائية
"
هيئتا المواد الجنائية والمواد المدنية"

( 1، 2)  إيجار "إيجار الأماكن" "احتجاز أكثر من مسكن".
1 - حظر احتجاز الشخص أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتض. م 5 ق 52 لسنة 69، م 8 ق 49/ 1977. انصراف لفظ "البلد" إلى المدينة أو القرية الواحدة وفقاً للجداول المرافقة للقرار الجمهوري 1755 لسنة 1960. لا محل لتحديد مدلول "البلد" طبقاً لأحكام القرار الجمهوري 495 لسنة 1977. علة ذلك.
2 - حظر احتجاز الشخص أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتض مدلول "البلد" لا يتسع لأكثر من مدينة. وقوع أحد المسكنين بمدينة الجيزة والآخر بمدينة القاهرة. خروجه عن نطاق الحظر
.
 (3)
إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد".
عقد إيجار المسكن. لا ينتهي بوفاة المستأجر أو تركه له. امتداده لصالح زوجه أو أولاده أو والديه المقيمين معه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك. الانقطاع العارض عن الإقامة مهما استطالت مدته. لا يحول دون قيامها.
 (4)
إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد" حكم "تسبيب الحكم".
تمسك ولدي المستأجر بأنهما لم يتخليا عن الإقامة بالشقة المؤجرة لوالدهما وحتى وفاته، وأن إقامتهما بمسكن آخر مع والدتهما بعد طلاقها كان بصفة مؤقتة. رفض الحكم طلبهما بامتداد العقد إليهما استناداً إلى أنهما لم يقيما فيها بشخصيهما. قصور. علة ذلك.

-------------
1 - حدد الشارع في كافة التشريعات المتعاقبة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين النطاق المكاني لسريان أحكامها، فنص في المادة الأولى من كل من المرسوم بقانون 140 لسنة 1946 والقانون رقم 121 لسنة 1947 على سريان أحكامهما على "المدن والجهات والأحياء المبينة في الجدول المرافق".. ثم استحدث في القانون رقم 157 لسنة 1962 تعديلاً للقانون رقم 121 لسنة 1947 أصبحت بمقتضاه المناطق الخاضعة لأحكامه هي "عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960، أما القرى فلا تسري عليها أحكام هذا القانون إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق"... ولما أصدر الشارع القانون رقم 52 لسنة 1969، التزم في المادة الأولى منه نهجه السابق في تحديد البلاد التي تسري عليها أحكامه، كما التزمه في المادة الأولى من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 محيلاً إلى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي الذي حل محل قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1960، ولما كانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يحكم واقعة الدعوى - وهي المقابلة لنص المادة العاشرة في كل من القانونين السابقين رقمي 140 لسنة 1946، 121 لسنة 1947, والمادة الثامنة من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 تنص على أن لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض، وكان القرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960 - الصادر نفاذاً للمادة الأولى من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - قد نص على تقسيم الجمهورية إلى محافظات ومدن وقرى وفقاً للجداول المرافقة للقرار المتضمنة أسماء المدن والقرى في كل محافظة، فإن مفاد تلك النصوص مجتمعة أن لفظ "البلد" الذي لا يجوز للشخص احتجاز أكثر من مسكن فيه إنما ينصرف إلى المدينة أو القرية وفقاً للبيان الوارد بالجداول المرافقة للقرار الجمهوري المشار إليه، وهو ما يتأدى إلى أن البلد الواحد لا يعدو مدينة واحدة أو قرية واحدة اعتباراً بأن كل وحدة منها لها كيانها المستقل عن الوحدات الأخرى المجاورة لها وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي. يؤكد هذا النظر أنه بالرجوع إلى مضبطة مجلس الأمة في جلسته المعقودة بتاريخ 13 من يوليو 1969 وعن مناقشة نص المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 آنف البيان، اقترح أحد أعضاء المجلس اعتبار القاهرة الكبرى بلداً واحداً ليسر الانتقال بين القاهرة والجيزة وبين شبرا وشبرا الخيمة، فلم يوافق المجلس على هذا الاقتراح واكتفى بإثباته في مضبطة الجلسة، وهو ما لا يحمل على معنى الموافقة على الاقتراح المذكور أو اعتباره تفسيراً للنص ذلك بأن ما يجب على المخاطبين بالتشريع اتباعه هو ما ورد به نصه، خاصة وقد فرض الشارع جزاءً جنائياً على مخالفة ما استنه من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض، مما يوجب التحرز في تحديد نطاق تطبيق هذا الحظر والالتزام بما ورد في عبارة النص، ولئن كان قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - الذي صدر نفاذاً له قرار رئيس الجمهورية رقم 1755 لسنة 1960 - قد ألغى بالقانون رقم 52 لسنة 1975 الذي حل محل قانون نظام الحكم المحلي القائم رقم 43 لسنة 1979، إلا أن هذين القانونين الأخيرين قد نصا صراحة على استمرار العمل بأحكام اللوائح والقرارات التنظيمية العامة السارية فيما لا يتعارض مع أحكامهما، ما مقتضاه بقاء القرار الجمهوري آنف البيان قائماً حتى الآن، فلا يكون ثمت محل للقول بوجوب الاعتداد - في صدد تحديد مدلول البلد في قوانين إيجار الأماكن - بأحكام القرار الجمهوري رقم 495 لسنة 1977 بتقسيم جمهورية مصر العربية إلى أقاليم اقتصادية وإنشاء هيئات التخطيط الإقليمي الذي أجرى تقسيم الجمهورية إلى ثمانية أقاليم وأدمج أكثر من محافظة في كل إقليم منها، ذلك أن الهدف من هذا القرار هو تنسيق العمل بين محافظات الإقليم الواحد وتحقيق التعاون بينها في كافة المجالات, فهو منبت الصلة بتشريعات إيجار الأماكن ولا شأن له بتقسيم الجمهورية إلى مدن وقرى داخل كل محافظة على نحو ما ورد بالقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960.
2 - البلد الواحد في مفهوم نص المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن - المنطبق على واقعة النزاع على ما سلف بيانه لا يتسع لأكثر من مدينة واحدة، وإذ كان البين من الأوراق - وبما لا خلاف عليه بين طرفي الخصومة - أن المسكن محل النزاع يقع في مدينة الجيزة، ويقع المسكن الآخر الذي تستأجره المطعون ضدها الأولى في مدينة القاهرة، وهما عاصمتان لمحافظتين مختلفتين تستقل كل مدينة منهما عن الأخرى حسب التقسيم الوارد بالقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960، فإن المطعون ضدها الأولى لا تكون قد خالفت الحظر الوارد في نص المادة الخامسة المشار إليها، إذ هي لم تحتجز أكثر من مسكن في البلد الواحد، ومن ثم يضحى غير منتج نعي الطاعنين على الحكم قصوره في بحث مقتضى الاحتجاز أو تغيير وجه استعمال المسكن الواقع بمدينة القاهرة.
3 - مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المقابلة لنص المادة 29 من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 - أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر أو تركه له، وتستمر العلاقة الإيجارية قائمة مع زوجه أو أولاده أو والديه الذين كانوا يقيمون معه فيه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك، ولا يحول دون قيامها انقطاع المستفيد عن الإقامة بالعين لسبب عارض مهما استطالت مدته ما دام أنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عنها صراحة أو ضمناً باتخاذه موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني.
4 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين - ولدي المستأجر - تمسكاً أمام محكمة الموضوع بأنهما لم يتخليا عن الشقة محل النزاع - وحتى وفاة والدهما - وأن إقامتهما - بمسكن آخر مع والدتهما الحاضنة بعد طلاقها - كانت بصفة مؤقتة إذ لم يتخذا لهما مسكناً مستقلاً ويحق لهما بالتالي الاستفادة من حكم المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه باستمرار عقد إيجار تلك الشقة لصالح المطعون ضدها الأولى - زوجة أخرى للمستأجر - وحدها إلى أن الطاعنين لم تكن لهما إقامة فيها بشخصيهما قبل وفاة والدهما المستأجر الأصلي, وكان هذا الذي ساقه الحكم لا يواجه دفاع الطاعنين المشار إليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.


الهيئة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنين والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 308 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية طالبة الحكم باستمرار عقد إيجار الشقة المبينة بالصحيفة لصالحها وكف منازعة الطاعنين ومنع تعرضهما لها في حيازتها، وقالت شرحاً لدعواها أنها كانت زوجة للمرحوم...... مستأجر الشقة بالعقار المملوك للمطعون ضدها الثانية وظلت تقيم معه فيها بمفردها منذ زواجهما في 14 من مايو 1969 حتى تاريخ وفاته في 11 من سبتمبر 1976، ورغم أن الطاعنين وهما ابنا زوجها كانا يقيمان مع والدتهما المطلقة في شقة أخرى إلا أنهما انتهزا فرصة وفاته واستصدرا قراراً من النيابة العامة بتمكينهما من وضع يدهما على عين النزاع، ولما كان ادعاؤهما الإقامة بها مع والدهما قبل وفاته هو ادعاء غير صحيح فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 15 من مارس سنة 1981 قضت المحكمة برفضها. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 3251 لسنة 98 ق القاهرة، وبتاريخ 29 من ديسمبر 1983 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة أنها كانت تقيم بمفردها مع زوجها إقامة مستقرة بشقة النزاع حتى تاريخ وفاته، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين قضت بتاريخ 19 من مارس 1986 بإلغاء الحكم المستأنف وباستمرار عقد إيجار شقة النزاع لصالح المطعون ضدها الأولى وبمنع تعرض الطاعنين لها في حيازتها لهذه الشقة. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على دائرة المواد المدنية - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الدائرة المدنية قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 26 من مارس 1987 إحالة الطعن إلى هيئتي المواد الجنائية والمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية مجتمعين للفصل فيه عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1977، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظره فقد قدمت النيابة العامة مذكرة صممت فيها على رأيها السابق بنقض الحكم.
ومن حيث إن الشارع حدد في كافة التشريعات المتعاقبة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين النطاق المكاني لسريان أحكامها، فنص في المادة الأولى من كل من المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 والقانون رقم 121 لسنة 1947 على سريان أحكامهما على "المدن والجهات والأحياء المبينة في الجدول المرافق".. ثم استحدث في القانون رقم 157 لسنة 1962 تعديلاً للقانون رقم 121 لسنة 1947 أصبحت بمقتضاه المناطق الخاضعة لأحكامه هي عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960، أما القرى فلا تسري عليها أحكام هذا القانون إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق..... ولما أصدر الشارع القانون رقم 52 لسنة 1969، التزم في المادة الأولى منه نهجه السابق في تحديد البلاد التي تسري عليها أحكامه، كما التزمه في المادة الأولى من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 محيلاً إلى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي الذي حل محل قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1960 ولما كانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يحكم واقعة الدعوى - وهي المقابلة لنص المادة العاشرة في كل من القانونين السابقين رقمي 140 لسنة 1960 و121 لسنة 1947 والمادة الثامنة من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 - تنص على أن "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض"، وكان القرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960 - الصادر نفاذاً للمادة الأولى من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - قد نص على تقسيم الجمهورية إلى محافظات ومدن وقرى وفقاً للجداول المرافقة للقرار والمتضمنة أسماء المدن والقرى في كل محافظة، فإن مفاد تلك النصوص مجتمعة أن لفظ "البلد" الذي لا يجوز للشخص احتجاز أكثر من مسكن فيه إنما ينصرف إلى المدنية أو القرية وفقاً للبيان الوارد بالجداول المرافقة للقرار الجمهوري المشار إليه، وهو ما يتأدى إلى أن البلد الواحد لا يعدو مدينة واحدة أو قرية واحدة اعتباراً بأن كل وحدة منها لا كيانها المستقل عن الوحدات الأخرى المجاورة لها وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي. يؤكد هذا النظر أنه بالرجوع إلى مضبطة مجلس الأمة في جلسته المعقودة بتاريخ 13 من يوليو 1969 وعند مناقشة نص المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 آنف البيان، اقترح أحد أعضاء المجلس اعتبار القاهرة الكبرى بلداً واحد ليسر الانتقال بين القاهرة والجيزة وبين شبرا وشبرا الخيمة، فلم يوافق المجلس على هذا الاقتراح واكتفى بإثباته في مضبطة الجلسة، وهو ما لا يحمل على معنى الموافقة على الاقتراح المذكور أو اعتباره تفسيراً للنص، ذلك بأن ما يجب على المخاطبين بالتشريع اتباعه هو ما ورد به نصه، خاصة وقد فض الشارع جزاءً جنائياً على مخالفة ما استنه من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض، مما يوجب التحرز في تحديد نطاق تطبيق هذا الحظر والالتزام بما ورد في عبارة النص، ولئن كان قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 الذي صدر نفاذاً له قرار رئيس الجمهورية رقم 1755 لسنة 1960 - قد ألغي بالقانون رقم 52 لسنة 1975 الذي حل محله قانون نظام الحكم المحلي القائم رقم 43 لسنة 1979، إلا أن هذين القانونين الأخيرين قد نصا صراحة على استمرار العمل بأحكام اللوائح والقرارات التنظيمية العامة السارية فيما لا يتعارض مع أحكامهما، مما مقتضاه بقاء القرار الجمهوري آنف البيان قائماً حتى الآن، فلا يكون ثمت محل للقول بوجوب الاعتداد - في صدد تحديد مدلول البلد في قوانين إيجار الأماكن - بأحكام القرار الجمهوري رقم 495 لسنة 1977 بتقسيم جمهورية مصر العربية إلى أقاليم اقتصادية وإنشاء هيئات التخطيط الإقليمي الذي أجرى تقسيم الجمهورية إلى ثمانية أقاليم وأدمج أكثر من محافظة في كل إقليم منها، ذلك أن الهدف من هذا القرار هو تنسيق العمل بين محافظات الإقليم الواحد وتحقيق التعاون بينها في كافة المجالات، فهو منبت الصلة بتشريعات إيجار الأماكن ولا شأن له بتقسيم الجمهورية إلى مدن وقرى داخل كل محافظة على نحو ما ورد بالقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960. لما كان ذلك وكانت الأحكام السابق صدورها من دائرة المواد المدنية قد خالفت هذا النظر في تحديد مدلول البلد الواحد وجرت في قضائها على أنه يمكن أن يشمل أكثر من مدينة واحدة، فإنه يتعين العدول عن هذا المبدأ وذلك بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
ومن حيث إنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية سالفة الذكر قد ناطت بالهيئتين مجتمعتين الفصل في الدعوى المحالة إليها، فإنه يتعين عليها الفصل في هذا الطعن.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم منح المطعون ضدها الأولى حق اختيار شقة النزاع بالجيزة سكناً لها مع ثبوت احتجازها مسكناً آخر في القاهرة دون مقتض، رغم أن القاهرة الكبرى تعتبر بلداً واحداً ولا محل لتخيير المخالف بين المسكنين، هذا إلى أن الحكم لم يبحث دفاعهما القائم على أن تغيير المطعون ضدها الأولى مسكنها الكائن بالقاهرة إلى مخزن غير مدلول عليه بدليل وأنها لم تقصد من ذلك سوى التحايل على القانون، ولم يقل الحكم كلمته بشأن ما زعمته من مقتض لاحتجاز المسكنين مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن البلد الواحد في مفهوم نص المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن - المنطبق على واقعة النزاع وعلى ما سلف بيانه - لا يتسع لأكثر من مدينة واحدة، وإذ كان البين من الأوراق - وبما لا خلاف عليه بين طرفي الخصومة - أن المسكن محل النزاع يقع في مدينة الجيزة، ويقع المسكن الآخر الذي تستأجره المطعون ضدها الأولى في مدينة القاهرة وهما عاصمتان لمحافظتين مختلفتين تستقل كل مدينة منهما عن الأخرى حسب التقسيم الوارد بالقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960، فإن المطعون ضدها الأولى لا تكون قد خالفت الحظر الوارد في نص المادة الخامسة المشار إليها، إذ هي لم تحتجز أكثر من مسكن في البلد الواحد، ومن ثم يضحى غير منتج منعى الطاعنين على الحكم قصوره في بحث مقتضى الاحتجاز أو تغيير وجه استعمال المسكن الواقع بمدنية القاهرة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعتد باحتجاز المطعون ضدها الأولى لهذا المسكن، فإنه يكون قد اقترن بالصواب ولا يعيبه - من بعد - ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، ما دامت لم تؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
ومن حيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم قد شابه قصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم لم يواجه دفاعهما الوارد بالمذكرة المقدمة منهما لجلسة 19 من مارس 1986 بثبوت حقهما في امتداد عقد إيجار الشقة محل النزاع إليهما بعد وفاة والدهما إذ لم يتخذا لنفسيهما مسكناً آخر مستقلاً ولم يصدر منهما ما يفيد صراحة أو ضمناً التخلي عن تلك الشقة، ولا ينال من ذلك انقطاعهما عن الإقامة بها لسبب عارض ومؤقت هو اصطحاب والدتهما لهما إلى منزل شقيقها، وقد كانا وقتئذ حدثين لا يعتد بإرادتهما، ورغم أن هذا الدفاع يعد جوهرياً يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم لم يعرض له ولم يرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المقابلة لنص المادة 29 من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 - أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر أو تركه له وتستمر العلاقة الإيجارية قائمة مع زوجه أو أولاده أو والديه الذين كانوا يقيمون معه فيه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك، ولا يحول دون قيامها انقطاع المستفيد عن الإقامة بالعين لسبب عارض مهما استطالت مدته ما دام أنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عنها صراحة أو ضمناً باتخاذه موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده إلى أحداث هذا الأثر القانوني. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الموضوع بأنهما لم يتخليا عن الشقة محل النزاع وأن إقامتهما مع والدتهما كانت بصفة مؤقتة إذ لم يتخذا لهما مسكناً مستقلاً، ويحق لهما بالتالي الاستفادة من حكم المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه باستمرار عقد إيجار تلك الشقة لصالح المطعون ضدها الأولى وحدها إلى أن الطاعنين لم تكن لهما إقامة فيهما بشخصيهما قبل وفاة والدهما المستأجر الأصلي، وكان هذا الذي ساقه الحكم لا يواجه دفاع الطاعنين المشار إليه، مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن
.

نقض مدني الطعن 312 لسنة 57 ق جلسة 27 / 4 / 1988 مكتب فني 35 ج 1 هيئة عامة ق 4 ص 37

جلسة 27 من أبريل سنة 1988

برياسة السيد المستشار رئيس محكمة النقض/ محمد وجدي عبد الصمد وعضوية السادة المستشارين/ نواب رئيس المحكمة: أحمد ضياء عبد الرازق، سيد عبد الباقي، درويش عبد المجيد، يحيى عبد اللطيف الرفاعي، محمد إبراهيم خليل، محمد محمود راسم، وليم رزق بدوي، عبد المنصف هاشم، أحمد مدحت المراغي والسيد المستشار/ محمود رضا الخضيري.

------------------

(4)
الطعن رقم 312 لسنة 57 القضائية "هيئة عامة"

 (1)اختصاص. استئناف "الأحكام الجائز استئنافها". حكم "الطعن فيه". بطلان. نظام عام.
الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في حدود نصابها الانتهائي. جواز استئنافه. شرطه. وقوع بطلان فيه أو بطلان في الإجراءات أثر فيه. م 221 مرافعات. تحديد الاختصاص النهائي للمحاكم. مناطه. التزامها قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام وإلا جاز استئنافه دون اشتراط وقوع بطلان فيه أو في الإجراءات أثر فيه. علة ذلك.
(2)
استئناف. اختصاص "اختصاص قيمي". نظام عام. بطلان. حكم "الطعن فيه".
عدم جواز استئناف أحكام محاكم الدرجة الأولى لنهائيتها. شرطه. صدورها وفقاً لقواعد الاختصاص القيمي المتعلقة بالنظام العام. صدورها بالمخالفة لتلك القواعد. عدم جواز التحدي بنهائيتها وبعدم جواز استئنافها لغير حالات البطلان.
(3)
شفعة "تقدير قيمة دعوى الشفعة". اختصاص "اختصاص قيمي" دعوى "تقدير قيمة الدعوى". استئناف.
تقدير الحكم المطعون فيه - صحيحاً - قيمة دعوى الشفعة وفقاً للمادة 37/ 1 مرافعات بأقل من مائتين وخمسين جنيهاً لتعلقها بملكية أرض تقدر قيمتها بسبعين مثل الضريبة الأصلية المربوطة عليها بما يجعل الدعوى من اختصاص المحكمة الجزئية.
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز استئناف الحكم الصادر فيها من المحكمة الابتدائية باعتبار أن قيمتها تدخل في النصاب الانتهائي لتلك المحكمة. خطأ في القانون.

--------------
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1980 - على أن "تختص المحكمة الابتدائية بالحكم ابتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية، ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً"، وفي المادة 109 على أن "الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى"، وفي الفقرة الأولى من المادة 219 على أن "للخصوم في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون أن يستأنفوا أحكام محاكم الدرجة الأولى الصادرة في اختصاصها الابتدائي"، وفي الشق الأول من المادة 221 من أن يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم" يدل على أن الشارع قد أخذ بنظام التقاضي على درجتين، ولم يخرج على هذا الأصل إلا في أحوال استثنائية لاعتبارات قدرها وعلى سند من ملاءمة المحكمة التي اختصها بنظر الدعوى لإصدار حكم نهائي فيها قيد الطعن عليه بالاستئناف بقيد وقوع بطلان فيه أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، وأن قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي كلها متعلقة بالنظام العام، وبالتالي فإن مناط تحديد الاختصاص النهائي للمحاكم أن تكون قد التزمت قواعد الاختصاص التي رسمها القانون، وإلا تخرج صراحة أو ضمناً على ما كان من تلك القواعد متعلقاً بالنظام العام، فإن هي خرجت عليها، فلا يكون ثمت محل للقول بأن حكمها قد صدر بصفة انتهائية وبالتالي يفلت الطعن عليه بالاستئناف من قيد البطلان الذي تشترطه المادة 221 من قانون المرافعات رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، وتحرياً للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء، وتحديداً لمعنى الأحكام الصادرة بصفه انتهائية على الوجه الصحيح، ولا يغير من هذا النظر أن يكون الشارع قد أسقط في قانون المرافعات القائم نص الفقرة الثانية من المادة 401 من القانون الملغي، لأن قصارى ما يفيده ذلك هو أن الشارع رأى في العودة إلى القواعد العامة في شأن تلك الأحكام ما يغني عن هذا النص.
2 - مناط عدم جواز استئناف الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى لنهائيتها، هو أن تكون هذه الأحكام صادرة في حدود الاختصاص القيمي لتلك المحاكم طبقاً لقواعد الاختصاص التي رسمها القانون والمتعلقة بالنظام العام، أما إذا صدرت بالمخالفة لهذه القواعد فلا يمكن القول أنها قد صدرت في حدود النصاب الانتهائي لتلك المحاكم بما يمتنع معه الطعن عليها بالاستئناف لغير حالات البطلان.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قرر - صحيحاً - وبما لا خلاف عليه بين طرفي الخصومة - قيمة الدعوى بمبلغ أربعة وتسعين جنيهاً وسبعمائة وثلاثين مليماً - وذلك طبقاً للبند الأول من المادة 37 من قانون المرافعات - اعتباراً بأن دعوى الشفعة تعتبر متعلقة بملكية العقار المشفوع فيه فيرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار وهو من الأراضي التي يكون تقديرها باعتبار سبعين مثلاً لقيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليها - بما يجعل الدعوى تدخل في الاختصاص القيمي للمحكمة الجزئية فلا تختص بها المحكمة الابتدائية فإن الحكم الصادر فيها من هذه المحكمة يكون جائزاً استئنافه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف على سند من أن الدعوى تدخل في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 6122 لسنة 1977 مدني طنطا الابتدائية على مورثي الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ قطعة الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة بالشفعة، وقالت بياناً لدعواها أنها تملك 16 س, 20 ط شائعة في فدانين ميراثاً عن والدها وقد علمت أن باقي الورثة قاموا ببيع 16 س 9 ط من هذين الفدانين إلى مورث الطاعنين الخمسة الأول لقاء ثمن مقداره خمسمائة وتسعة وثمانون جنيهاً، فأقامت دعواها ابتغاء الحكم لها بطلبها، ومحكمة أول درجة حكمت في الرابع عشر في يناير سنة 1982 بأحقيتها في أخذ قطعة الأرض الزراعية المبينة بصحيفة دعواها بالشفعة. استأنف الطاعنون (ورثة المشترين) هذا الحكم بالاستئناف رقم 234 ق طنطا، ومحكمة الاستئناف حكمت في العاشر من مايو سنة 1984 بندب خبير لتقدير قيمة القدر المبيع، وبعد أن قدم الخبير تقريره متضمناً أن قيمة العقار طبقاً للضريبة المربوطة عليه هي مبلغ 730 مليم، 94 جنيه، حكمت في الثالث من ديسمبر 1986 بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على الدائرة المدنية في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الدائرة المدنية قررت بجلستها المعقودة في السادس والعشرين من يناير سنة 1987 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية للفصل فيه عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، فحددت الهيئة جلسة لنظره، وقدمت النيابة مذكرة تكميلية التزمت فيها رأيها السابق.
ومن حيث إن النص في الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1980 - على أن "تختص المحكمة الابتدائية الحكم ابتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية، ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً"، وفي المادة 109 على أن "الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى"، وفي الفقرة الأولى من المادة 219 على أن "للخصوم في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون أن يستأنفوا أحكام محاكم الدرجة الأولى الصادرة في اختصاصها الابتدائي"، وفي الشق الأول من المادة 221 على أن "يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم" يدل على أن الشارع قد أخذ بنظام التقاضي على درجتين، ولم يخرج على هذا الأصل إلا في أحوال استثنائية لاعتبارات قدرها وعلى سند من ملاءمة المحكمة التي اختصها بنظر الدعوى لإصدار حكم نهائي فيها قيَّد الطعن عليه بالاستئناف بقيد وقوع بطلان فيه أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، وأن قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي كلها متعلقة بالنظام العام، وبالتالي فإن مناط تحديد الاختصاص النهائي للمحاكم أن تكون قد التزمت قواعد الاختصاص التي رسمها القانون، وألا تخرج صراحة أو ضمناً على ما كان من تلك القواعد متعلقاً بالنظام العام، فإن هي خرجت عليها، فلا تكون ثمت محل للقول بأن حكمها قد صدر بصفة انتهائية, وبالتالي يفلت الطعن عليه بالاستئناف من قيد البطلان الذي تشترطه المادة 221 من قانون المرافعات رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، وتحرياً للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء، وتحديداً لمعنى الأحكام الصادرة بصفه انتهائية على الوجه الصحيح؛ ولا يغير من هذا النظر أن يكون الشارع قد أسقط في قانون المرافعات القائم نص الفقرة الثانية من المادة 401 من القانون الملغي، لأن قصارى ما يفيده ذلك هو أن الشارع رأى في العودة إلى القواعد العامة في شأن تلك الأحكام ما يغني عن هذا النص. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة السادس والعشرين من مايو سنة 1980 في الطعن رقم 390 لسنة 46 ق والأحكام الأخرى التي نحت منحاه قد خالفت هذا النظر وجرت في قضائها على أن الأحكام الصادرة من المحكمة الابتدائية فيما لا يدخل في اختصاصها القيمي - تعتبر انتهائية ولا يجوز استئنافها عملاً بالمادة 221/ 1 من قانون المرافعات إلا لوقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، فإنه يتعين العدول عما قررته من ذلك بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على أن الحكم المستأنف صدر انتهائياً في حين أنه صدر من المحكمة الابتدائية خارج حدود اختصاصها القيمي مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف إلغاؤه وإحالة النزاع إلى المحكمة الجزئية المختصة.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مناط عدم جواز استئناف الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى لنهائيتها - على ما تقدم بيانه - هو أن تكون هذه الأحكام صادرة في حدود الاختصاص القيمي لتلك المحاكم طبقاً لقواعد الاختصاص التي رسمها القانون والمتعلقة بالنظام العام، أما إذا صدرت بالمخالفة لهذه القواعد فلا يمكن القول أنها قد صدرت في حدود النصاب الانتهائي لتلك المحاكم بما يمتنع معه الطعن عليها بالاستئناف لغير حالات البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر صحيحاً - وبما لا خلاف عليه بين طرفي الخصوم - قيمة الدعوى بمبلغ أربعة وتسعين جنيهاً وسبعمائة وثلاثين مليماً وذلك طبقاً للبند الأول من المادة 37 من قانون المرافعات - اعتباراً بأن دعوى الشفعة تعتبر متعلقة بملكية العقار المشفوع فيه فيرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار وهو من الأراضي التي يكون تقديرها باعتبار سبعين مثلاً لقيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليها, بما يجعل الدعوى تدخل في الاختصاص القيمي للمحكمة الجزئية فلا تختص بها المحكمة الابتدائية, فإن الحكم الصادر فيها من هذه المحكمة يكون جائزاً استئنافه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف على سند من أن الدعوى تدخل في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ومن حيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه؛ ولما تقدم، فإن الاستئناف يكون جائزاً وقد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المستأنف صادراً من محكمة غير مختصة قيمياً فإنه يتعين إلغاؤه والحكم بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية قيمياً بنظر الدعوى وباختصاص محكمة مركز طنطا الجزئية بنظرها وإحالتها إليها للفصل فيها إعمالاً لنص المادة 110 من قانون المرافعات.

الطعن 960 لسنة 56 ق جلسة 2 / 3 / 1988 مكتب فني 35 ج 1 هيئة عامة ق 3 ص 26

برياسة السيد المستشار / محمد وجدى عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية نواب رئيس المحكمة السادة المستشارين / أحمد ضياء عبد الرازق وسيد عبد الباقي سيف ودرويش عبد المجيد درويش ويحيى عبد اللطيف الرفاعي ومحمد إبراهيم خليل ومحمد محمود راسم ووليم رزق بدوى وعبد المنصف هاشم وأحمد مدحت المراغي ومحمد لطفى السيد.
-------------
(3)
الطعن 960 لسنة 56 ق "هيئة عامة"
- 1  تقادم " التقادم المسقط . التقادم الثلاثي". دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة". نظام عام " المسائل غير المتعلقة بالنظام العام".
انقضاء الخصومة لعدم موالاة السير في إجراءاتها مدة ثلاث سنوات. م140 مرافعات اعتبارها مدة تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها دون الحق موضوع الدعوى. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به وجواز التنازل عنه.
النص فى المادة140 من قانون المرافعات على أنه " فى جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها ، و مع ذلك لا يسرى حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض ، يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة ثلاث سنوات ، و أن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها دون الحق موضوع التداعي الذى يخضع فى انقضائه للمواعيد المقررة فى القانون المدني ، و هذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذى المصلحة ، و يسقط الحق فيه بالنزول عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً .
- 2  تقادم " التقادم المسقط" "وقف التقادم".  دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . تقادم الخصومة".
تقادم الخصومة. خضوعه للوقف والانقطاع علة ذلك الإجراء القاطع للتقادم هو الذي يتخذ في مواجهة الخصم بقصد استئناف السير في الخصومة. وقف التقادم. تحققه بقيام مانع مادي أو قانوني يحول دون مباشرة إجراءاتها.
اذ كان تقادم الخصومة من شأنه أن يلغى آثار ذات أهمية نشأت عن الاجراءات التي اتخذت فيها و قد يؤثر فى حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات ، فقد وجب إخضاع سريانه للوقف و الانقطاع تطبيقاً للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط ، و هى مبادى ، مقررة كأصل عام فى التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية ، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الاجراء الذ ى يتخذ فى الخصومة ذاتها و فى مواجهة الخصم الآخر قصدا إلى استئناف السير فيها ، و أما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق بقيام مانع مادى يتمثل فى وقوع حدث يعد من قبيل القوة القاهرة و يستحيل معه على الخصم موالاة السير فى الخصومة أو مانع قانونى يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة و مواصلة السيرفيها .
- 3  دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة" "وقف الدعوى". مسئولية " المسئولية التقصيرية ".
ترتب مسئوليتين - جنائية ومدنية. عن الفعل الواحد. إقامة دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية. أثره. وجوب وقف السير فيها حتى تمام الفصل نهائيا في الدعوى الجنائية. م265 إجراءات جنائية. علة ذلك. اعتبارها مانعا قانونيا من متابعة السير في إجراءات الدعوى المدنية التي يجمعها بالدعوى الجنائية أساس مشترك.
من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان ، جنائية و مدنية ، و رفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية ، فإن رفع الدعوى الجنائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية أن توقف السير فى الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نها ئياً فى الدعوى الجنائية ، و إذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام و يعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة و بوصفها القانوني و نسبتها إلى فاعلها و الذى نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون و المادة 102 من قانون الإثبات ، فإنه يتأدى منه الضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية فى هذه الحالة مانعاً قانونياً من متابعة السير فى إجراءات خصومة الدعوى المدنية التى يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك .
- 4 دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة" "وقف الدعوى". مسئولية " المسئولية التقصيرية ".
الحكم بوقف السير في الدعوى المدنية لحين الفصل نهائيا في الدعوى الجنائية التي يجمعها معها أساس مشترك. مؤداه. وجوب عدم احتساب مدة الوقف في مدة انقضاء الخصومة. عدم تعارض ذلك مع عبارة في جميع الأحوال الواردة بالمادة 140 مرافعات.
إذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر حكم بوقفها إعمالاً لما يوجبه القانون فى هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعى أن يمتنع الخصوم عن إتخاذ أى إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانونى ، و مخالفة ذلك تجعل الاجراء عقيما إذ سيلقى مصيره الحتمى بعدم قبول المحكمة السير فى إجراءات الخصومة ما دام المانع قائماً ، لهذا فلا تحسب فى مدة إنقضاء الخصومة تلك الفترة التى ظلت خلالها الدعوى الجنائية قائمة حتى إنقضت بصدور الحكم النهائى فيها أو بأى سبب آخر من أسباب الإنقضاء ، و لا يقدح فى ذلك تصدير نص المادة 140 من قانون المرافعات بعبارة " فى جميع الأحوال " لأن هذه العبارة لا تعنى الخروج على المبادئ الأساسية المقررة كأصل عام فى التشريعات الإجرائية و الموضوعيه للتقادم المسقط ، و إنما قصارى ما تعنيه هو إنطباق النص على الخصومة فى جميع مراحلها - عدا مرحلة الطعن بطريق النقض التى حرص الشارع على إستثنائها بالنص الصريح فى الفقرة الثانية من تلك المادة - و فى الحالات التى يكون فيها عدم موالاة السير فى الخصومة مرجعه إلى مطلق إرادة الخصوم أو إلى قلم كتاب المحكمة ، و هى حالات أماز الشارع فيها انقضاء الخصومة عن سقوطها الذى نص عليه فى المادة 134 من قانون المرافعات جزاء إهمال المدعى و حده السير فيها ، و لو أنه أراد استثناء مدة انقضاء الخصومة من الوقف لنص على ذلك صراحة كما فعل فى المادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية .
- 5  دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة".
سقوط الخصومة. م134 مرافعات. انقضاء الخصومة. م140 مرافعات. ماهية كل منهما وقف مدة السقوط والانقضاء عند وجود المانع القانوني.
سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعى الذى يتسبب فى عدم السير فى الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة ، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل ، فاذا قام مانع قانوني أوقفت المدة حتى يزول المانع إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعى كذلك فإن انقضاء الخصومة المنصوص عليه فى المادة 140 من قانون المرافعات هو تقادم مسقط للخصومة يخضع فى سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة و السير فى إجراءاتها .
- 6  إستئناف " الحكم فى الاستئناف . تسبيب الحكم الاستئنافي". حكم " تسبيب الحكم . تسبيب الحكم الاستئنافي".
قضاء محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي. لها أن تحيل على ما جاء فيه من أسباب أقيم عليها. شرطه.
لمحكمة الاستئناف إذا هى قضت بتأييد الحكم الإبتدائى أن تحيل على ما جاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو فى الأسباب التى أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله و لم يكن الخصوم قد إستندوا أمام محكمة الإستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج فى جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة .
------------
الوقائع
من حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 336 لسنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني طالبا الحكم بإلزامهما متضامنين أن يؤديا إليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقال بيانا لدعواه أن المطعون ضده الثاني يعمل قائداً لإحدى سيارات الهيئة العامة لنقل الركاب بمدينة الإسكندرية – التي يمثلها الطاعن – وأثناء قيادته لها يوم 18 من أبريل سنة 1974 تسبب بإهماله وعدم تبصره في وقوع حادث أدى إلى تحطيم سيارته الأجرة ووفاة أحد الأشخاص وإصابة آخر، وأجري عن الحادث تحقيق في القضية رقم 3894 لسنة 1976 جنح شرق الإسكندرية (1068 لسنة 1974 جنح قسم شرطة سيدي جابر) التي صدر فيها حكم جنائي قضى بإدانته، وإذ كان قد حاق به ضرر مادي تمثل في تلف سيارته تلفاً شاملاً فضلا عما فاته من كسب كان يجنيه من استعمالها في نقل الركاب وهو ما يقدر تعويضاً عنه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه يلتزم بأدائه مرتكب الفعل الضار متضامنا مع الطاعن المتبوع، فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه فيها، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة أقام الطاعن دعوى الضمان الفرعية على التابع المطعون ضده الثاني وشركة التأمين التي يمثلها المطعون ضده الثالث باعتبارها المؤمنة على السيارة التي وقع بها الحادث ليحكم عليهما بما عسى أن يحكم به عليه، وبتاريخ 30 من أبريل سنة 1979 قضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يصبح الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 3894 لسنة 1976 شرق الإسكندرية حكما باتا، ومن بعد ذلك استأنفت الدعوى سيرها بصحيفة أعلنها المطعون ضده الأول إلى الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث في 9، 12، 22 من مارس سنة 1983، وبتاريخ 19 من مارس سنة 1985 حكمت المحكمة: (أولا) في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين أن يؤديا إلى المطعون ضده الأول مبلغ ألفي جنيه. (ثانيا) وفي طلب الضمان العارض بإلزام المطعون ضده الثاني أن يؤدي إلى الطاعن ما حكم به عليه في الدعوى الأصلية وبرفض الطلب بالنسبة للمطعون ضده الثالث. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 613 لسنة 41 القضائية طالبا إلغاءه والقضاء: أصليا بسقوط خصومة الدعوى المبتدأة أو بانقضائها واحتياطيا برفضها ومن باب الاحتياط الكلي وفي طلب الضمان العارض بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بالتضامن بأداء ما قد يقضى به عليه في الدعوى الأصلية، كما رفع المطعون ضده الأول استئنافا آخر قيد برقم 617 لسنة 41 القضائية الإسكندرية طالبا تعديل المبلغ المقضي له به إلى ثلاثة آلاف جنيه، أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول، وبتاريخ 22 من يناير سنة 1986 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على دائرة المواد المدنية في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
ومن حيث أن الدائرة المدنية قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 5 من أبريل سنة 1987 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيه عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظره فقد قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
ومن حيث أن النص في المادة 140 من قانون المرافعات على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على أخر إجراء صحيح فيها، ومع ذلك لا يسري حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض"، يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة ثلاث سنوات، وأن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها - دون الحق موضوع التداعي الذي يخضع في انقضائه للمواعيد المقررة في القانون المدني - وهذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذي المصلحة، ويسقط الحق فيه بالنزول عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً، وإذ كان تقادم الخصومة من شأنه أن يلغى آثارا ذات أهمية نشأت عن الإجراءات التي اتخذت فيها وقد يؤثر في حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات، فقد وجب إخضاع سريانه للوقف والانقطاع تطبيقا للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط، وهي مبادئ مقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الإجراء الذي يتخذ في الخصومة ذاتها وفي مواجهة الخصم الآخر قصدا إلى استئناف السير فيها، وأما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق بقيام مانع مادي يتمثل في وقوع حدث يعد من قبيل القوة القاهرة ويستحيل معه على الخصم موالاة السير في الخصومة، أو مانع قانوني يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة ومواصلة السير فيها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون والمادة 102 من قانون الإثبات، فإنه يتأدى منه بالضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية في هذه الحالة مانعا قانونيا من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك، وإذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر حكم بوقفها إعمالاً لما يوجبه القانون في هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانوني، ومخالفة ذلك تجعل الإجراء عقيما إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة ما دام المانع قائما، ولهذا فلا تحسب في مدة انقضاء الخصومة تلك الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجنائية قائمة حتى انقضت بصدور الحكم النهائي فيها أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء، ولا يقدح في ذلك تصدير نص المادة 140 من قانون المرافعات بعبارة "في جميع الأحوال" لأن هذه العبارة لا تعني الخروج على المبادئ الأساسية المقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية والموضوعية للتقادم المسقط، وإنما قصارى ما تعنيه هو انطباق النص على الخصومة في جميع مراحلها - عدا مرحلة الطعن بطريق النقض التي حرص الشارع على استثنائها بالنص الصريح في الفقرة الثانية من تلك المادة - وفي الحالات التي يكون فيها عدم موالاة السير في الخصومة مرجعه إلى مطلق إرادة الخصوم أو إلى قلم كتاب المحكمة، وهي حالات أماز الشارع فيها انقضاء الخصومة عن سقوطها الذي نص عليه في المادة 134 من قانون المرافعات جزاء إهمال المدعي وحده السير فيها، ولو أنه أراد استثناء مدة انقضاء الخصومة من الوقف لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1983 في الطعن رقم 1822 سنة 50 القضائية والأحكام الأخرى التي نحت منحاه، قد خالفت هذا النظر وجرت في قضائها - استرشادا بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الملغي - على أن مدة انقضاء الخصومة لا يرد عليها الوقف أيا كان سببه، فإنه يتعين العدول عما قررته من ذلك بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى برفض الدفع الذي تمسك فيه بسقوط خصومة الدعوى المبتدأة كما قضى برفض الدفع بانقضاء هذه الخصومة وأقام قضاءه برفضهما على أن الدعوى الجنائية التي أقيمت بشأن الحادث محل المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عنه كانت مطروحة على المحكمة الجنائية وأن قيامها يعتبر مانعا قانونيا يوقف سريان مدة سقوط الخصومة ومدة انقضائها على سند من القاعدة المقررة بالمادة 382 من القانون المدني، في حين أن هذه القاعدة إنما تتعلق بالتقادم المسقط للحقوق فلا شأن لها بإجراءات الخصومة التي رأى الشارع في قانون المرافعات النص على سقوطها بمضي سنة كجزاء يجب إعماله لعدم السير في الخصومة بفعل المدعي أو امتناعه دون اعتداد بمانع يعوق المطالبة بالحق ذاته موضوع التداعي، كما أن انقضاء الخصومة المقرر بالمادة 140 من هذا القانون هو من الشمول والعموم بحيث ينطبق في جميع الأحوال مهما يكن سبب انقطاع الخصومة أو وقفها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث أن هذا النعي مردود، ذلك بأن سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، فإذا قام مانع قانوني أوقفت المدة حتى يزول المانع إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعي، كذلك فإن انقضاء الخصومة المنصوص عليه في المادة 140 من قانون المرافعات هو - وعلى ما سلف بيانه - تقادم مسقط للخصومة يخضع في سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة والسير في إجراءاتها. ولما كان الواقع في الدعوى أن الفعل غير المشروع الذي أدى إلى تلف سيارة المطعون ضده الأول قد نشأ عنه في الوقت ذاته جريمة قتل وإصابة بطريق الخطأ ورفعت الدعوى الجنائية على مقارفها المطعون ضده الثاني في القضية رقم 3894 لسنة 1976 شرق الإسكندرية، فإن خطأ هذا الأخير في اقتراف تلك الجريمة يكون هو بعينه الخطأ المؤسس عليه طلب تعويض الضرر الناشئ عن تلف السيارة فيعتبر بالتالي هذا الخطأ مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية ولازما للفصل في كلتيهما، فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف الدعوى المطروحة عليها حتى يفصل في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملا بنص المادتين 265/ 1 و456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، وهو ما فعلته محكمة أول درجة تطبيقا لهذه النصوص فأصدرت حكما بوقف الدعوى بتاريخ 30 من أبريل سنة 1979، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن قيام الدعوى الجنائية آنفة الذكر أثناء نظر الدعوى المدنية يعد مانعاً قانونيا يحول دون اتخاذ إجراءات السير في الخصومة ويظل المانع قائما حتى تنقضي الدعوى الجنائية التي ظلت قائمة من قبل ومن بعد صدور الحكم بوقف الدعوى المدنية إلى أن صدر فيها حكم غيابي استئنافي بتاريخ الثامن من نوفمبر سنة 1980 قضى بإدانة المطعون ضده الثاني لم يعلن ولم ينفذ حتى انقضت الدعوى الجنائية بمضي المدة المقررة لها ولم تصدر النيابة العامة قرارا بانقضائها إلا في 25 من ديسمبر سنة 1984 وهو تاريخ تال لإعلان المطعون ضده الأول الطاعن في التاسع من مارس سنة 1983 باستئناف السير في الدعوى قبل انقضاء الدعوى الجنائية، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفعين بسقوط الخصومة وبانقضائها بمضي المدة، فإنه يكون قد اقترن بالصواب، ولا يعيبه - من بعد - خطؤه في الاستناد إلى نص المادة 382 من القانون المدني التي تحكم وقف تقادم الحقوق، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما يرد بالحكم من تقرير قانوني خاطئ غير مؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها
ومن حيث أن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن تمسك في أسباب استئنافه بخطأ الحكم الابتدائي لقضائه برفض طلب الضمان العارض قبل شركة التأمين المطعون ضدها الثالثة مع أن عقد التأمين يشمل التأمين من المسئولية عن الحادث محل التداعي فيتحقق بذلك ضمان هذه الشركة المؤمنة بتعويض هيئة النقل المؤمن لها - التي يمثلها الطاعن - بأداء ما يتقاضاه المضرور منها، وعلى الرغم من أن هذا الدفاع جوهري فإن الحكم المطعون فيه أغفل تمحيصه ولم يعن بالرد عليه بما يفنده وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الاستئناف إذا هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي أن تحيل على ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض في أسبابه لبحث أوجه الدفاع الجديدة المثارة من الطاعن التي لم يسبق أن طرحها أمام محكمة أول درجة - وهي المتعلقة بالدفع بسقوط الخصومة وبانقضائها وأدلة ثبوت المساءلة عن التعويض - وتكفل بالرد عليها ردا سائغا سديدا، ثم اتخذ من أسباب الحكم الابتدائي أسبابا له فيما قضى به في طلب الضمان العارض دون أن يضيف شيئا، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه قضى برفض طلب الضمان قبل شركة التأمين المطعون ضدها على سند من القول أن نصوص عقد التأمين تضمنت شرطا باستثناء مساءلة الشركة المؤمنة عن الضمان في حالة قيادة السيارة محل العقد من شخص غير مرخص له بالقيادة، وخلص الحكم إلى تحقق هذا الشرط لما ثبت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني كان يقود السيارة دون رخصة قيادة، وإذ كان الطاعن لا يماري في سلامة ما أثبته الحكم الابتدائي من ذلك، فلا على محكمة الاستئناف إن هي اعتنقت أسباب ذلك الحكم دون إضافة لأن في تأييدها له محمولا على أسبابه في هذا الخصوص ما يفيد أنها لم تجد فيما وجه إليه من مطاعن ما يستأهل الرد عليه بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب، ويكون النعي بالقصور على الحكم المطعون فيه على غير أساس.

الطعنان 300، 409 لسنة 56 ق جلسة 16 / 12 / 1987 مكتب فني 35 ج 1 هيئة عامة ق 2 ص 18

برياسة السيد المستشار / محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية نواب رئيس المحكمة السادة المستشارين /  أحمد ضياء عبد الرازق ومصطفى كمال محمد صالح سليم وجمال الدين محمد محمود وسيد عبد الباقي سيف ومحمد إبراهيم خليل ومحمد محمود راسم وسعيد أحمد صقر وعبد المنصف أحمد هاشم وجرجس اسحق عبد السيد والحسيني محمد إبراهيم الكتاني.
-----------
- 1  حكم " الطعن في الحكم . الخصوم في الطعن". دعوى " الخصوم في الدعوى". تجزئة
نسبية أثر الطعن. مؤداها. ألا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. الاستثناء الطعن في الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. م218 مرافعات علة ذلك.
تنص المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن "وهو ما يتأدى منه أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناه منها وهى تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن قانوناً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه.
- 2  استئناف " رفع الاستئناف. الخصوم فى الاستئناف". حكم " الطعن فى الحكم . الخصوم فى الطعن". دعوى " الخصوم فى الدعوى". نقض "نظر الطعن ". تجزئة
المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. له أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من أحد زملائه قعوده على ذلك. التزام محكمة الطعن بتكليف الطاعن باختصامه كما تلتزم محكمة الاستئناف دون محكمة النقض بتكليفه باختصام باقي المحكوم لهم. علة ذلك. امتناعه عن تنفيذ أمر المحكمة. أثره. عدم قبول الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام.
أجاز الشارع - تحقيقاً لاستقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة - للمحكوم عليه - في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين - أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو الاستئناف - المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف - دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الرابع منه الخاصة بالطعن بالنقض عن حكم مغاير - أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد. وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتباراً بأن الغاية من الإجراءات هو وضعها في خدمة الحق، ويساير أيضاً اتجاهه في قانون المرافعات الحالي - وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية - إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي تاركاً الدعوى لمفاضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيداً من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى بما أورده على سبيل الجواز - كما هو الشأن في إطلاق الحالات التي يجوز فيها للقاضي الأمر بإدخال من لم يختصم في الدعوى، على خلاف القانون الملغى الذي كان يحصرها - فأجاز للقاضي في المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة، وبعضها الآخر أورده على سبيل الوجوب، كما هو الشأن في الفقرة الثانية من المادة 218 سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه. أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة - ولو من تلقاء نفسها - أن تقضي بعدم قبوله. وإن كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه - على نحو ما سلف بيانه - التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهو توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بأعمالها.
- 3  استئناف " الحكم في الاستئناف . بطلان الحكم الاستئنافي". إيجار " تشريعات ايجار الاماكن .  دعاوى الايجار". دعوى "  دعوى الاخلاء". نقض " اسباب الطعن . الاسباب المتعلقة بالنظام العام". تجزئة
طلب المؤجرين الإخلاء والتسليم وطلب الخصم إلزامهم بتحرير عقد إيجار. كل منهما غير قابل للتجزئة بحسب طبيعة المحل فيه. الحكم بقبول الاستئناف شكلا دون اختصام المحكوم عليها التي لم تطعن بالاستئناف. أثره. بطلان الحكم لمخالفته قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع. جواز التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم والسيدة/ .... أقاموا الدعوى ابتداء بطلب إخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها لهم بينما أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المدعين بطلب تحرير عقد إيجار لها عن تلك الشقة وحكم ابتدائياً برفض الدعوى الأصلية وبإجابة الطاعنة إلى طلباتها في الدعوى الفرعية، فاستأنف المطعون ضدهم فقط هذا الحكم دون المدعية الرابعة السيدة/ . . . . ولم تأمر المحكمة باختصامها في الاستئناف حتى صدور الحكم فيه، وكانت الدعوى بطلب إخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمؤجر وطلب الخصم إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لا تقبل التجزئة بحسب طبيعة المحل في كلا الطلبين، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً دون اختصام المحكوم عليها التي لم تطعن بالاستئناف يكون قد خالف قاعدة قانونية إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع بما يجوز معه التمسك، بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
-------------
الوقائع
من حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم والسيدة/ ...... أقاموا الدعوى رقم 12398 سنة 1982 جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة بطلب إخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها إليهم، وقالوا بياناً لذلك إن المرحوم ....... كان يستأجر هذه الشقة بموجب عقد إيجار مؤرخ 25/ 2/ 1965 وأقام بها مع زوجته الطاعنة وأبنهما إلى أن انتهت الحياة الزوجية بالطلاق، إلا أن الطاعنة استمرت شاغلة للعين بغير سند بعد أن اقترنت بآخر وانتهت حضانتها لأبنها وتوفى المستأجر الأصلي. تمسكت الطاعنة بأن المستأجر الأصلي تنازل لها عن الشقة بموافقة المؤجرين، ووجهت للمدعين دعوى فرعية بطلب إلزامهم بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة. وبتاريخ 28/ 2/ 1985 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وبإلزام المدعى عليهم في الدعوى الفرعية بتحرير عقد إيجار للطاعنة عن شقة النزاع

استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 3330 سنة 102ق القاهرة. وبتاريخ 15/ 1/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الشقة محل النزاع وبتسليمها للمطعون ضدهم وبرفض الدعوى الفرعية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين الماثلين وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعنان على الدائرة المختصة فقررت ضم الطعن 409 سنة 56ق للطعن الآخر وحددت جلسة لنظرهما وفيها ألتزمت النيابة برأيها
ومن حيث إن الدائرة المختصة رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 15/ 1/ 1987 إحالة الطعنين إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيهما عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 سنة 1972، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعنين قدمت النيابة مذكرة ألتزمت فيها برأيها السابق.

-----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة

ومن حيث إن المادة 218 من قانون المرافعات تنص في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم. وهو ما يتأدى منه أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناه منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه. وتحقيقاً لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن – بالنقض أو بالاستئناف – المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الرابع الخاص بالطعن بالنقض عن حكم مغاير – أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد
وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتباراً بأن الغاية من الإجراءات هو وضعها في خدمة الحق، ويساير أيضاً اتجاهه في قانون المرافعات الحالي – وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية – إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي، تاركاً الدعوى لمناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيداً من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى، بعضها أورده على سبيل الجواز – كما هو الشأن في إطلاق الحالات التي يجوز فيها للقاضي الأمر بإدخال من لم يختصم في الدعوى، على خلاف القانون الملغي الذي كان يحصرها – فأجاز للقاضي في المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله، كما هو الشأن في الفقرة الثانية من المادة 218 سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة – ولو من تلقاء نفسها – أن تقضي بعدم قبوله. وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها. لما كان ذلك، وكانت الأحكام السابق صدورها من دائرة المواد المدنية والتجارية في الطعون أرقام 348 سنة 51 ق بجلسة 27/5/1982، 555 سنة 47 ق بجلسة 13/5/1982، 195 سنة 46 ق بجلسة 22/2/1982 تتفق وهذا النظر، فلا يكون ثمة محل للعدول عن المبدأ القانوني الذي قررته
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة بالطعن رقم 300 سنة 56 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن السيدة ..... لم تشارك المطعون عليهم في استئناف الحكم الابتدائي الصادر ضدهم كما أن المحكمة لم تأمر باختصامها في الطعن إعمالاً لنص المادة 218 من قانون المرافعات رغم أن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة – وعلى ما تقدم بيانه – أنه وفقاً لنص المادة 218 من قانون المرافعات تلتزم المحكمة المنظور أمامها الطعن بأن تأمر الطاعن باختصام المحكوم عليه الذي لم يطعن مع زملائه في الحكم الصادر ضدهم في نزاع لا يقبل التجزئة، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم والسيدة ....... أقاموا الدعوى ابتداء بطلب إخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها لهم بينما أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المدعين بطلب تحرير عقد إيجار لها عن تلك الشقة وحكم ابتدائياً برفض الدعوى الأصلية وبإجابة الطاعنة إلى طلباتها في الدعوى الفرعية، فاستأنف المطعون ضدهم فقط هذا الحكم دون المدعية الرابعة السيدة ...... ولم تأمر المحكمة باختصامها في الاستئناف حتى صدور الحكم فيه، وكانت الدعوى بطلب إخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمؤجر وطلب الخصم إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لا تقبل التجزئة بحسب طبيعة المحل في كلا الطلبين، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً دون اختصام المحكوم عليها التي لم تطعن بالاستئناف يكون قد خالف قاعدة قانونية إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع بما يجوز معه التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض، مما يبطل الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 8426 لسنة 66 ق جلسة 25 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 152 ص 849

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عزب مصطفى، صلاح سعداوي خالد، صلاح الدين كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1 نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
المسائل المتعلقة بالنظام العام. إثارتها من محكمة النقض. شرطه.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن تُثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام بشرط أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم.
- 2 تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
نسبية أثر الطعن. مؤداها. ألا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. الاستثناء. الطعن في الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. م 218 مرافعات. علة ذلك.
مفاد النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 218 من قانون المرافعات يدل على أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه.
- 3  تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة أو التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. له أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من أحد زملائه. قعوده عن ذلك. التزام محكمة الطعن بتكليف الطاعن باختصامه. تنفيذه أمر المحكمة. أثره. استقامة شكل الطعن وسريانه في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامه بعد رفعه. امتناعه عن التنفيذ. لازمه. القضاء بعدم قبول الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام.
المقرر أن الشارع أجاز للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو بالاستئناف - المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، فإذا ما تم اختصامه استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثره في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامه فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة ولو من تلقاء ذاتها أن تقضي بعدم قبوله، وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه - التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها.
- 4  تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
طلب الممول إلغاء نشاطه التجاري عن أحد سنوات المحاسبة وتخفيض أرباحه عن سنوات أخرى. غير قابل للتجزئة. تصحيح شكل الاستئناف المقام منه لوفاته وحلول ورثته محله. لازمه. اختصامهم في الطعن على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف. تكليف محكمة النقض الطاعنة (أحد الورثة) باختصامهم وامتناعها عن تنفيذ ما أمرتها به. أثره. عدم قبول الطعن.
إذ كان مورث الطاعنة قد أقام الدعوى ابتداءً بطلب إلغاء النشاط التجاري له عن السنوات من 1978 إلى 1989، وتخفيض الأرباح عن سنتي 1990، 1991 وحكم ابتدائياً بتخفيض أرباحه عن سنوات المحاسبة، فاستأنف مورثها هذا الحكم وتوفي أثناء نظر الاستئناف وصحح ورثته شكل الاستئناف بحلولهم محله، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وتخفيض أرباح المورث، وأقامت الطاعنة طعنها الحالي دون أن تختصم فيه باقي الورثة في صحيفة الطعن رغم كونهم محكوماً عليهم فقضت المحكمة بتاريخ 9 من يناير سنة 2007 بتكليف الطاعنة باختصام باقي ورثة مورثها في الطعن - باعتبار أن الدعوى لا تقبل التجزئة - إلا أنها امتنعت عن تنفيذ ما أمرتها به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته، ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبوله.
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت صافي أرباح مورث الطاعنة عن نشاطه – تجارة أسمدة كيماوية – عن السنوات من 1978 حتى 1991، وأخطرته بذلك فاعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت تخفيض التقديرات. طعن مورث الطاعنة في هذا القرار بالدعوى رقم ...... لسنة 1994 أسيوط الابتدائية "مأمورية منفلوط" التي ندبت خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22 من فبراير سنة 1995 بتخفيض أرباح مورث الطاعنة عن سنوات المحاسبة. استأنف الأخير هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم ...... لسنة 70 ق، وتوفى إبان نظر الاستئناف. صحح ورثته شكل الاستئناف بحلولهم محل مورثهم، والمحكمة بعد أن ندبت خبيراً قضت بتاريخ 17 من يونيه سنة 1997 بتعديل الحكم المستأنف بجعل أرباح مورث الطاعنة مبلغ 1545 جنيهاً عن سنة 1990، ومبلغ 33768 جنيهاً عن سنة 1991. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بانقضاء الخصومة في الطعن عن نشاط مورث الطاعنة في سنة 1990، ونقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به بشأن الضريبة عن نشاطه في سنة 1991، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، ثم حكمت بتاريخ 9 من يناير سنة 2007 بتكليف الطاعنة باختصام باقي ورثة مورثها في الطعن وحددت لذلك جلسة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة
وحيث إن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام بشرط أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم، وأن النص في المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتيها الأولى والثانية مفاده أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه وتحقيقاً لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن – بالنقض أو بالاستئناف – المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، فإذا ما تم اختصامه استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثره في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامه فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة ولو من تلقاء ذاتها أن تقضي بعدم قبوله، وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها. لما كان ذلك، وكان مورث الطاعنة قد أقام الدعوى ابتداءً بطلب إلغاء النشاط التجاري له عن السنوات من 1978 إلى 1989، وتخفيض الأرباح عن سنتي 1990، 1991 وحكم ابتدائياً بتخفيض أرباحه عن سنوات المحاسبة، فاستأنف مورثها هذا الحكم وتوفى أثناء نظر الاستئناف وصحح ورثته شكل الاستئناف بحلولهم محله، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وتخفيض أرباح المورث، وأقامت الطاعنة طعنها الحالي دون أن تختصم فيه باقي الورثة في صحيفة الطعن رغم كونهم محكوماً عليهم فقضت المحكمة بتاريخ 9 من يناير سنة 2007 بتكليف الطاعنة باختصام باقي ورثة مورثها في الطعن – باعتبار أن الدعوى لا تقبل التجزئة – إلا أنها امتنعت عن تنفيذ ما أمرتها به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته، ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبوله.