جلسة 16 من مايو سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي محمد علي، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز الطنطاوي.
---------------
(125)
الطعن رقم 42 لسنة 67 القضائية
معاهدات "معاهدة بروكسل". نقل "نقل بحري". مسئولية "مسئولية الناقل البحري".
مسئولية الناقل البحري. عدم جواز الاتفاق على إعفاءه منها خلال فترة النقل البحري. الاستثناء، أن تكون البضائع في حراسته. أثره. جواز الاتفاق على الإعفاء إذا كان العجز في البضاعة أو تلفها قبل الشحن أو بعد التفريغ. المواد 1، 3/ 8، 7 من معاهدة بروكسل المعدلة ببرتوكول سنة 1998 "قواعد فسبى".
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 30/ 93 تجاري الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي لها مبلغ 552274.60 جنيه وفوائده القانونية وقالت بياناً لذلك إن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي استورد رسالة سماد شحنت على الباخرة "........." التابعة للطاعنة وتبين لدى تسليمها وجود عجز بها يقدر قيمته بالمبلغ المطالب به، ولما كانت الرسالة مؤمن عليها لديها وقد أحال إليها المستفيد كافة حقوقه المادية قبل المسئول عن الضرر فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 23 من يناير سنة 94 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 491065.820 جنيه وفوائده القانونية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 279/ 50 ق الإسكندرية، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1996 بتعديل المبلغ المقضى به إلى 483986.240 جنيه طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بعدم مسئوليتها عن العجز الذي لحق بالرسالة محل النزاع بعد انتهاء تفريغها وقدمت المستندات الدالة على اتفاقها معه على تحمله هذا العجز، وأن الرسالة تم تفريغها من السفينة بمعرفة مقاول التفريغ الذي أسند إليه المرسل إليه القيام به، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويقسطه حقه من البحث والتمحيص ويتناول دلالة المستندات المؤيدة له فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة الأولى من معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن المعدلة ببروتوكول سنة 1998 "قواعد فسبى". على أنه في المعاهدة الحالية تستعمل الألفاظ الآتي ذكرها بالمعنى المحدد لها فيما يأتي: ( أ )..... (ب)...... (جـ)..... (د)..... (هـ) نقل البضائع ينحسب الوقت الذي ينقضي من شحن البضائع في السفينة ومن تفريغها منها..... وفي الفقرة الثامنة من المادة الثالثة منها على أن "كل شرط أو تعاقد أو اتفاق في عقد النقل يتضمن إعفاء النقال أو السفينة من المسئولية عن الهلاك أو التلف.... أو يتضمن تخفيف هذه المسئولية على وجه مخالف لما هو منصوص عليه في هذه المعاهدة يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً...." وفي المادة السابعة منها على أنه "لا يمنع أي حكم من أحكام هذه المعاهدة الحالية أي ناقل أو شاحن من أن يدون في العقد اتفاقات أو شروطاً أو تحفظات أو إعفاءات بصدد التزامات ومسئوليات الناقل أو السفينة بالنسبة إلى الهلاك أو التلف اللاحق بالبضائع أو بالنسبة لصيانتها أو العناية بها أو تشوينها قبل الشحن أو بعد التفريغ من السفينة التي تنتقل عليها البضائع براً مفاده أن فترة النقل البحري التي لا يجوز الاتفاق على إعفاء الناقل من المسئولية عن التلف أو العجز في البضاعة أو تخفيفها عن الحد التي تقضي به المعاهدة هي تلك التي تبدأ من شحن البضاعة وحتى تفريغها ما لم تكن في حراسة الناقل قبل الشحن أو بعد التفريغ ومن ثم يجوز الاتفاق على هذا الإعفاء أو ذلك التخفيف إذا كان العجز في البضاعة أو تلفها قد جرى قبل شحنها أو بعد تفريغها أي قبل وبعد الرحلة البحرية، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة تمسكت في صحيفة الاستئناف وفي المذكرة المقدمة منها في 22/ 10/ 1996 بأنها قامت بتسليم الرسالة محل النزاع بعد تفريغها دون عجز إلى المرسل عليه وأنه يعد مسئولاً عما قد يلحقها من عجز بعد ذلك وقدمت تأييداً له حافظة مستندات بذات الجلسة أرفقت بها إذن تسليم الرسالة الصادر منها لصالح البنك المرسل إليه بتاريخ 11/ 2/ 1992 الوارد ضمن بياناتها عدم مسئوليتها عن أي عجز أو تلف يلحق بها بعد تفريغها وأثناء انتظار سحبها من الأماكن التي تفرغ بها ومزيل بتوقيع مندوب المرسل إليه وخاتمه، كما أرفق بها صورة من محضر انتهاء تفريغ السفينة مؤرخ 23/ 2/ 1992 أثبتت فيه أن الحمولة المفرغة بلغت جملتها 4999.299 طن - وهي ذات الكمية المبينة بإذن التسليم - وأنه تم تفريغها دون عجز وفقاً لتقارير السفينة التي أرفقت أوراقها بتاريخ 23/ 2/ 1992 وأثبت فيه تفريغها دون عجز أو تلف، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع وما قدم من مستندات مؤيدة له بالبحث والتمحيص بلوغاً للغاية منه فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن مندوب البنك المرسل إليه قد تسلم من الشركة المستأنفة إذن تسليم الرسالة المتضمن انتهاء مسئولية الناقل عنها فور تفريغها بأرض الميناء، ثم تضمن محضر إثبات الحالة الذي ورد في اليوم الأخير لتفريغ الرسالة - 23/ 2/ 1992 - أنها فرغت بالكامل من ناحية العدد والوزن وزيل هذا القرار بتوقيع مندوب البنك المرسل إليه والذي عهد بعد ذلك إلى الشركة العربية للشحن والتفريغ بفرطها وإعادة تعبئتها في عبوات أصغر مما تستخلص منه المحكمة أن المرسل إليه قد تسلم الرسالة موضوع النزاع استلاماً فعلياً من الناقل فور تفريغها والذي تنتفي إزاءه مسئوليته عما يكون قد لحق بها بعد ذلك من عجز أو تلف وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يتعين إلغاءه والقضاء برفض الدعوى.