الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 10 يونيو 2013

عدم دستورية فرض الضرائب باثر رجعي

قضية رقم 167 لسنة 20  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السابع من أبريل سنة 2013م ، الموافق السادس والعشرين من جماد الأول سنة 1434 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى                              رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى وعبدالوهاب عبدالرازق والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف
وسعيد مرعى عمرو                                                          نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى                 رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع                                أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 167 لسنة 20 قضائية " دستورية " .
 
المقامة من
شركة التجارة والاستثمار " جيفكو "
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير المالية

 
الإجراءات
          بتاريخ السابع والعشرين من أغسطس سنة 1998 ، أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (1) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما نصت عليه من فرض الضريبة العامة على المبيعات على سلعة الدقيق الفاخر المستورد والمبينة بالجدول رقم (2) من الجدول رقم (أ) المرافق للقانون وذلك بأثر رجعى اعتبارًا من 4/5/1991 .
 
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فيهما الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى ، واحتياطيًا برفضها .
          وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
 
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وبجلسة 3/3/2013 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 7/4/2013 ، وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال عشرة أيام ، وخلال هذا الأجل قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة صممت فيها على طلباتها السابق إبداؤها فى مذكرتى دفاعها المقدمتين فى 13/9/1998 و7/11/1999 أثناء تحضير الدعوى .
 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 11111 لسنة 1996 مدنى كلى ، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، ضد المدعى عليه الأخير وآخر ، طالبة الحكم بعدم خضوع الدقيق الفاخر المستورد لضريبة المبيعات ، ورد مبلغ 153ر827ر7 جنيهًا الذى تم تحصيله منها دون وجه حق تحت مسمى الضريبة المذكورة عن كميات الدقيق التى قامت الشركة المدعية باستيرادها من الخارج خلال الفترة من 25/12/1992 حتى 20/6/1993 . وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بجلسة 9/5/1998،  بعدم دستورية القانون رقم (2) لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات فيما تضمنه من فرض ضريبة مبيعات على الدقيق الفاخر المستورد بأثر رجعى اعتبارًا من 4/5/1991 ، كما تقدمت بمذكرة دفعت فيها بعدم دستورية ما تضمنه البند رقم (3) من الجدول رقم (أ) من قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 من إخضاع الدقيق الفاخر المستورد لهذه الضريبة ، فقررت تلك المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 30/5/1998 ، وفيها قررت المحكمة وقف نظر الدعوى تعليقًا لحين رفع الدعوى الدستورية خلال ثلاثة أشهر ، فأقامت الشركة المدعية دعواها الماثلة .
 
وحيث إن المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن ( يكون سعر الضريبة على السلع 10% ، وذلك عدا السلع المبينة فى الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها .
ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات .
ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة وتعديل سعر الضريبة على بعض السلع .
كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمى (1) ، (2) المرافقين.
وفى جميع الأحوال يُعرض قرار رئيس الجمهورية على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره إذا كان المجلس قائمًا وإلا ففى أول دورة لانعقاده ، فإذا لم يقره المجلس زال ما كان له من أثر وبقى نافذًا بالنسبة إلى المدة الماضية ) .
 
وإعمالاً لنصى الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 ، ونص فى المادة (1) منه على أن ( تعفى من الضريبة العامة على المبيعات المقررة بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه السلع المنصوص عليها بالجدول رقم (أ) المرافق ) . كما تنص المادة (2) منه على أن ( يعدل سعر الضريبة العامة على المبيعات على السلع المنصوص عليها بالجدول رقم (ب) المرافق وفقًا للفئات المحددة به ) . وتقضى المادة (3) منه بأن
( تضاف إلى الجدول رقم (1) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 السلع المبينة بالجدول (ج) المرافق بالفئات المحددة قرين كل منها ) . ونصت المادة الرابعة منه على أن ( ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ) . ونشر هذا القرار فى 3/5/1991 .
 
وقد ورد بالجدول رقم (ب) المرافق لقرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 المشار إليه تحت بند أولاً – سلع تخضع لفئة الضريبة العامة على المبيعات بواقع 5% وهى :
( 1 ) ...........  .
( 2 ) دقيق فاخر أو مخمر مستورد .
( 3 ) ........  .
 
          ثم صدر القانون رقم (2) لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، ونص فى المادة (1) منه على أن :
          ( اعتبارًا من 4/5/1991 :
          أولاً – تكون فئات الضريبة على المبيعات على السلع المبينة بالجدول رقم (أ) المرافق وفقًا للفئات المحددة قرين كل منها .
          ثانيًا – تضاف إلى الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات السلع المبينة بالجدول رقم (ب) المرافق بالفئات المحددة قرين كل منها .
          ثالثًا –..........  ) .
          وقد ورد بالجدول رقم (أ) المرافق ما يلى :-
" أولاً – سلع تخضع لفئة الضريبة العامة على المبيعات بواقع 5% وهى :
          1   ................ .
          2 دقيق فاخر أو مخمر مستورد .
          3 ...........   .  "
 
          كما تنص المادة (11) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه على أن ( تلغى قرارات رئيس الجمهورية أرقام 180 لسنة 1991 و ..... و .... ، وذلك اعتبارًا من تاريخ العمل بكل منها ) . كما نصت المادة (12) من القانون ذاته على أن ( تلغى الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ) .
 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية ، وهى شرط لقبولها ، مناطها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع . لما كان ذلك وكان النزاع الموضوعى يدور حول طلب الشركة المدعية الحكم لها بعدم خضوع الدقيق الفاخر المستورد لضريبة المبيعات ، ورد مبلغ 153ر827ر7 جنيهًا ، والذى تم تحصيله منها دون وجه حق تحت مسمى الضريبة المذكورة عن كميات الدقيق التى قامت الشركة المدعية باستيرادها من الخارج فى الفترة من 25/12/1992 حتى 20/6/1993 ، وكان ما تضمنه نص البند أولاً من المادة (1) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتبارًا من 4/5/1991 ، يُمثِّل السند التشريعى لخضوع الدقيق الفاخر المستورد من الخارج لهذه الضريبة بفئة 5% ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للشركة المدعية تكون متحققة فى الطعن على هذا النص وحده محددًا نطاقًا على النحو المتقدم ، إذ ان القضاء بعدم دستورية هذا النص من شأنه تحقيق طلبات الشركة المدعية فى الدعوى الموضوعية والحكم بأحقيتها فى استرداد قيمة ضريبة المبيعات التى تم تحصيلها منها بغير وجه حق ، الأمر الذى يضحى معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فى هذا الشأن فى غير محله متعينًا الالتفات عنه .
 
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – أنه فرض ضريبة على الدقيق الفاخر المستورد بأثر رجعى اعتبارًا من 4/5/1991 تصحيحًا لخطأ دستورى بفرض هذه الضريبة بقرار من رئيس الجمهورية برقم 180 لسنة 1991 الذى صدر فى التاريخ الأخير ، وهو ما يعد مخالفة لنص المادتين (38 و65) من دستور عام 1971 ، كما يشكل هذا الأمر عدوانًا على الملكية الخاصة بالمخالفة لنص المادتين (32 و34) من الدستور ذاته ، فضلاً عن أن النص المطعون فيه يُعد من القوانين الضريبية لصيقة الصلة بالقوانين الجنائية ، ومن ثم يأخذ حكمها ، مما يجعله مخالفًا لحكم المادة (187) من الدستور ذاته .
 
وحيث إن الدعوى الموضوعية تدور حول طلب الشركة المدعية الحكم بإلزام المدعى عليه الأخير برد مبلغ 153ر827ر7 جنيهًا والذى يُمثل قيمة ضريبة المبيعات التى سبق تحصيلها على كميات الدقيق الفاخر التى قامت باستيرادها من الخارج خلال الفترة من 25/12/1992 حتى 20/6/1993 ، ومن ثم فإنها تُعد دعوى مدنية لا مجال فيها لإعمال أية نصوص عقابية ، فضلاً عن أن القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه قد تمت الموافقة على نصوصه بالأغلبية الخاصة – أغلبية أعضاء مجلس الشعب – وذلك على ما يتبين من الاطلاع على مضبطة مجلس الشعب بجلسته المعقودة فى 18/1/1997 ، ومن ثم فلا مخالفة فيه لنص المادة (178) من دستور عام 1971 باعتباره الدستور الذى يحكم الأوضاع الشكلية لإقرار هذا القانون بأثر رجعى ، وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ،الأمر الذى يُعد معه نعى الشركة المدعية فى هذا الشأن فى غير محله متعينًا الالتفات عنه .
 
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن استيفاء النص التشريعى المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور لإقرار القوانين بأثر رجعى لا يعصمه من الخضوع للرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح ، وذلك كلما كان هذا النص – فى محتواه الموضوعى – منطويًا على إهدار حق من الحقوق التى كفلها الدستور ، أو يفرض قيودًا عليه تؤدى إلى الانتقاص منه ، مما مؤداه أنه لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقًا للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور ، بل يتعين فوق هذا أن يكون محتواه ملتئمًا مع قواعد الدستور الموضوعية التى تعكس مضامينها القيم والمثل التى بلورتها الإرادة الشعبية ، وكذلك الأسس التى تنتظم الجماعة وتضبط حركتها .
 
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين ، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور ، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه ، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ، كما أن لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة .
 
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه من خلال الدستور الذى تم الاستفتاء عليه وإصداره فى شهر ديسمبر سنة 2012 .
 
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه مخالفته المادة (38) من دستور عام 1971 التى تنص على أن ( يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية ) ، والتى تقابل المادة (26) من الدستور الصادر فى ديسمبر عام 2012 والتى تقضى فى فقرتها الأولى بأن ( العدالة الاجتماعية أساس الضرائب وغيرها من التكاليف المالية العامة ) كما تنص فى فقرتها الثانية على ( ولا يكون إنشاء الضرائب العامة ولا تعديلها ولا إلغاؤها إلا بقانون ، ولا يعفى أحد من أدائها فى غير الأحوال المبينة فى القانون . ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا فى حدود القانون ) .
 
وحيث إن الدستور أعلى من شأن الضريبة العامة ، وقدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار التى ترتبها ، ومايز – ترتيبًا على ذلك – بنص المادة (26) منه بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية ، فنص على أن أولاهما
لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى بينها القانون ، مما مؤداه أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمنًا تحديد نطاقها ، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عنها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون .
 
والأصل أن يتوخى المشرع ، بالضريبة التى يفرضها ، أمرين يكون احدهما أصلاً مقصودًا منها ابتداءً ، ويتمثل فى الحصول على غلتها ، لتعود إلى الدولة وحدها لتعينها على مواجهة نفقاتها ، ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة ، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية ، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة ، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التى تتناولها ، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلى عن نشاطهم، وعلى الأخص إن كان مؤثمًا جنائيًا . وينبغى أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتوى النظام الضريبى وغاية يتوخاها ، ويتعين تبعًا لذلك – بالنظر إلى وطأة وخطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمنًا عليها بمختلف صورها ؛ محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها.
 
وحيث إن من المقرر أن الأصل فى فرض الضريبة أن يكون بأثر مباشر وألا يلجأ المشرع لتقرير رجعيتها إلا إذا أملتها مصلحة اجتماعية لها وزنها ، وذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية وما يلابسها بوجه خاص فى أغلب الأحوال وأعمها من إخلال باستقرار وإهدار للثقة المشروعة فى التعامل ومساس بالحقوق ؛ إذ ينال من رجعية الضريبة – من زاوية دستورية – أن تركن الدولة فى تقريرها إلى مصلحة غير مشروعة ، أو أن تتوخى – من خلال الأغراض التى تعمل الضريبة على بلوغها – تحقيق مصلحة مشروعة ولكن النصوص التشريعية التى تدخل بها المشرع لإشباعها لا تربطها بها صلة منطقية ، مما يترتب عليه من تناقض بين فرض الضريبة فى هذه الأحوال ومفهوم العدالة الاجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى .
 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إقرار المشرع لضريبة تم فرضها بالمخالفة للدستور ، ولو بأثر رجعى يرتد إلى تاريخ العمل بها ، لا يحييها ولا يزيل عوارها ولا يحيلها إلى عمل مشروع دستوريًا ، ولا يدخل تشريعها فى عداد القوانين التى تقرها السلطة التشريعية ، ذلك أن الضريبة التى تناقض أحكام الدستور يلحقها العدم منذ فرضها .
 
وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان المشرع بإصداره النص المطعون فيه بأثر رجعى ، قد تغيا الحفاظ على مبالغ الضريبة التى سبق تحصيلها من قبل بمقتضى أداة تشريعية تتناقض وأحكام الدستور والتى تتمثل فى قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 بتعديل الجدولين رقمى (1) و(2) المرافقين للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، والذى صدر إعمالاً للفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، مستهدفًا بذلك تصحيح مخالفته لنص المادة (119) من دستور عام 1971 والتى تقابل المادة (26) من الدستور الحالى ، والتى تتمثل فى إهدار المشرع اختصاصه بتعديل الضريبة ، وإسناده هذا الاختصاص لرئيس الجمهورية مما يعد إعراضًا من جانب المشرع عن مباشرة ولايته الأصلية فى تحديد نطاق هذه الضريبة وقواعد سريانها ، ونقل مسئولياته إلى السلطة التنفيذية وتفويضها فى ذلك ، الأمر الذى يمس بنيان الضريبة التى فرضها القانون ويشرك هذه السلطة – السلطة التنفيذية – فى إنشائها وتغيير أحكامها ، وهو المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها ، ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون قد أهدر الأسس الدستورية لفرض الضريبة وتعديل أحكامها وأخل بمبدأ العدالة الاجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى ، مخالفًا بذلك حكم المادة (26) من الدستور .
 
فلهذه الأسباب
          حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه البند أولاً من المادة (1) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتبارًا من 4/5/1991 ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



عدم دستورية وضع حد اقصى لمعاش عمال القطاع الخاص


قضية رقم 119 لسنة 30  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السابع من أبريل سنة 2013م ، الموافق السادس والعشرين من جماد الأول سنة 1434 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى                         رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور وعبدالوهاب عبدالرازق والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه
وسعيد مرعى عمرو                                                    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى              رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع                             أمين السر
 
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 119 لسنة 30 قضائية " دستورية " .
 
المقامة من
السيد / عطية على على أحمد
ضد
1 السيد رئيس مجلس الوزراء
2 السيد رئيس مجلس إدارة
الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية
 
 
 
الإجراءات
          بتاريخ 3/4/2008 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبًا الحكم بعدم دستورية البند (4) من الفقرة الرابعة من المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 والمستبدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1987 .
 
          أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
          وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
          ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع– على يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 810 لسنة 2007 مدنى كلى أمام محكمة بنها الابتدائية طالبًا الحكم بإعادة تسوية معاشه وفقًا لنص المادة (19/1) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 على أساس المتوسط الشهرى لأجر السنتين الأخيرتين من سنوات الاشتراك بالتأمين بدون حد أقصى ، وصرف جميع مستحقاته المالية على أساس التسوية الجديدة ، مستندًا فى ذلك على أنه قد بلغ سن المعاش فى 8/6/1993 وله مدة اشتراك بالتأمينات الاجتماعية قدرها تسعة عشر عامًا وشهران ، وأن الفترة الأخيرة من هذه المدة كان يعمل بإحدى شركات القطاع الخاص مقابل أجر يومى قدره اثنى عشر جنيهًا ، وقد تحصل على حكم فى الدعوى رقم 141 لسنة 1998 مدنى كلى قليوب ، باحتساب هذه المدة الأخيرة ضمن المدة التى يحسب على أساسها الاشتراك فى التأمينات الاجتماعية بذات الأجر المشار إليه ، وبات هذا الحكم نهائيًا بعد أن تأيد استئنافيًا ، إلا أنه فوجئ بتسوية معاشه حسبما نص عليه البند (4) من الفقرة الرابعة من المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتعديلاته ، بما أدى إلى احتساب معاشه على أساس متوسط أجره الشهرى فى السنوات الخمس الأخيرة من مدة اشتراكه فى التأمينات الاجتماعية ، وهو أجر يقل كثيرًا عن متوسط أجره فى آخر سنتين من مدة اشتراكه ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع المبدى بصحيفة دعوى المدعى – بعدم دستورية البند الرابع من الفقرة الرابعة من المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانونين رقمى 47 لسنة 1984 و107 لسنة 1987 – وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
 
وأثناء سير الدعوى توفى المدعى بتاريخ 15/3/2012 ؛ وإذ كانت الدعوى مهيأة للحكم فى موضوعها ، فإن المحكمة تقضى فيها بحالتها طبقًا لنص المادة (130/1) من قانون المرافعات .
 
وحيث إن المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 والمستبدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1987 تنص فى فقرتها الأولى على أن " يسوى معاش الأجر الأساسى فى غير حالات العجز والوفاة على أساس المتوسط الشهرى لأجور المؤمن عليه التى أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه فى التأمين أو خلال مدة اشتراكه فى التأمين إن قلت عن ذلك " ، بينما ينص البند (4) من الفقرة الرابعة من هذه المادة على أنه " بالنسبة إلى المؤمن عليهم ممن تنتهى مدة اشتراكهم فى التأمين وكانوا فى هذا التاريخ من العاملين المنصوص عليهم فى البندين ( ب و ج ) من المادة (2) يراعى عدم تجاوز متوسط الأجر الأساسى الذى يربط على أساسه المعاش 140% من متوسط الأجور فى الخمس السنوات السابقة وإذا قلت المدة السابقة عن خمس سنوات يراعى عدم تجاوز المتوسط الذى يربط على أساسه المعاش متوسط السنوات السابقة مضافًا إليه 8% عن كل سنة ، ويستثنى من حكم هذا البند ما يأتى ....... " .
 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وكان ما نص عليه البند (4) من الفقرة الرابعة من المادة (19) سالفة الذكر – وتطبيقه فى شأن المدعى – قد أدى إلى احتساب معاشه على أساس متوسط أجره الشهرى فى السنوات الخمس الأخيرة من مدة اشتراكه فى التأمين ، وهو أجر يقل عن متوسط أجره فى السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه – وهو ما يدور حوله النزاع فى الدعوى الموضوعية – وبالتالى فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة فى الطعن على نص البند (4) من الفقرة الرابعة من المادة (19) السالفة الذكر ، بحسبان أن الفصل فى دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها وقضاء محكمة الموضوع فيها .
 
وحيث إن البين من تقصى نصوص قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، أنه يُخْضع لنظامه العاملين بالهيئات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لهذه الجهات وغيرها من الوحدات الاقتصادية بقطاع الأعمال العام ، وكذلك العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل ، وذلك بقصد تأمينهم من مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل والمرض والبطالة وتوفير الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات ، وجعل هذا القانون من اشتراكات المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال مصدرًا أساسيًا لتمويل نظام التأمين الذى أنشأه ، وقصد " بالمؤمن عليه " فى تطبيق أحكامه العامل الذى يسرى عليه هذا القانون ويفيد من مزاياه التأمينية ، سواء أكان من العاملين المدنيين بالدولة أم هيئاتها أم مؤسساتها العامة أم وحداتها الاقتصادية أم غيرها من وحدات القطاع العام الاقتصادية ، أم كان من العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل بالشروط التى نص عليها القانون .
 
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام الدستور بوضعه حدًّا أقصى لحساب معاشات عمال القطاع الخاص – يتمثل فى 140% من متوسط أجورهم الأساسية فى الخمس سنوات السابقة على انتهاء مدة اشتراكهم فى التأمين – دون النص على هذا الحد الأقصى بالنسبة للعاملين بالحكومة والقطاع العام ، فضلاً عن حساب متوسط أجور الأخيرين الأساسية – التى يربط وفقًا لها معاشاتهم – على أساس المتوسط الشهرى لأجورهم خلال السنتين الأخيرتين فقط من مدة اشتراكهم – وليس خمس سنوات كحال المدعى وغيره من العاملين بالقطاع الخاص – وهو ما أدى إلى التمييز بين الفريقين رغم تماثلهما فى المركز القانونى بما يخالف مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص ، وكذا حقهم فى الأجر العادل ويناقض أحكام المواد ( 8 و 13/1 و 23 و 40
و 122 ) من الدستور الصادر سنة 1971 .
 
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين ، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى نظمها الدستور ، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً – على ماجرى عليه قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه ، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ، كما أن لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها ، وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه من خلال الدستور الذى تم الاستفتاء عليه وإصداره فى شهر ديسمبر سنة 2012 .
 
وحيث إن المشرع الدستورى حرص دومًا على كفالة خدمات التأمين الاجتماعى لكافة المواطنين ، إذ تنص المادة (66) من دستور سنة 2012 – المقابلة للمادة (17) من دستور سنة 1971 – على أن " تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى . ولكل مواطن الحق فى الضمان الاجتماعى ، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه أو أسرته ، فى حالات العجز عن العمل أو البطالة أو الشيخوخة ، وبما يضمن لهم حد الكفاية ." ، كما تنص المادة (119) من دستور سنة 2012 – المقابلة للمادة (122) من دستور سنة 1971 – على أن " يعين القانون قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التى تتقرر على الخزانة العامة للدولة ، ويحدد حالات الاستثناء
منها ، والجهات التى تتولى تطبيقها " .
 
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مظلة التأمين الاجتماعى – التى يحدد المشرع نطاقها – هى التى تكفل بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن
فى غده ، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع ، بما مؤداه أن المزايا التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية ، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها فى مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم ، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم . ونظام التأمين الاجتماعى وإن كان ممولاً فى أغلب عناصره من العمال وأرباب العمل ، إلا أن حق المؤمن عليه فى الحصول من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية على كامل المزايا التأمينية المقررة قانونًا ، يظل ثابتًا ، ولو نكل أرباب العمل عن الوفاء بالتزاماتهم قبلها ، أو تراخو فى التقيد بها .
 
وحيث إن الدستور الصادر سنة 2012 قد عهد إلى المشرع بنص المادة (119) منه صياغة القواعد القانونية التى تتقرر بموجبها على خزانة الدولة ، مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم ومكافآتهم على أن ينظم أحوال الاستثناء منها ، والجهات التى تتولى تطبيقها ، فذلك لتهيئة الظروف التى تفى باحتياجاتهم الضرورية ، وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز ، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها .
 
وحيث إنه وإن كان الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو إطلاقها ما لم يقيدها الدستور بقيود معينة تبين تخوم الدائرة التى لا يجوز أن يتداخل المشرع فيها هادمًا لتلك الحقوق أو مؤثرًا فى محتواها بما ينال منها ، فلا يكون تنظيم المشرع لحق ما سليمًا من زاوية دستورية إلا فيما وراء هذه الحدود ، فإن اقتحمها بدعوى تنظيمها انحل ذلك عدوانًا عليها .
 
ولئن كان النص فى المادة (119) قد فوض السلطة التشريعية فى تقرير قواعد منح المعاش ، إلا أن ذلك التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق ، يكون مجانبًا لأحكام الدستور ، منافيًا لمقاصده ، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها . ولازم ذلك أن الحق فى المعاش – إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون – إنما ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها .
وإذا كان الدستور قد خطا خطوة أبعد فى اتجاه دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة فى المادة (66) من الدستور القائم الصادر عام 2012 ، والمقابلة للمادة (17) من الدستور الصادر عام 1971 ، تقرير معاش يواجه به المواطنون بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن فى غده ويرعى موجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع على ما تقضى به المادة (8) من الدستور القائم الصادر عام 2012 والمقابلة للمادة (7) من الدستور الصادر عام 1971 ، يؤيد ذلك أن الحقوق التى يكفلها نظام التأمين الاجتماعى بصوره المختلفة لا يقتصر أثرها على ضمان ما يعين أسرة المؤمن عليه على مواجهة التزاماتها الحيوية ، ولكنها فى الوقت ذاته مفترض أولى وشرط مبدئى لإسهام المؤمن عليه فى الحياة العامة والاهتمام بوسائل النهوض بها ومراقبة كيفية تصريف شئونها ، بحسبان أن مكانة الوطن وهيبته وقوته هى انعكاس لقيمة الفرد وعمله وكرامته .
 
وحيث إن الحق فى المساواة أمام القانون هو حق دستورى أصيل حرصت على ترديده الدساتير المصرية المتعاقبة ، حيث نصت المادة (33) من دستور عام 2012 ، وكذلك المادة (40) من دستور سنة 1971 على أن
" المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم ... " باعتبار أن ذلك الحق يمثل أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى ، وعلى تقدير أن الغاية التى يتوخاها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم فى مواجهة صور من التمييز تنال منها ، أو تقيد ممارستها .
 
وحيث إن مبدأ المساواة – على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – ليس مبدأ تلقينيًا جامدًا منافيًا للضرورة العملية ، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها ، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التى تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء .
 
وإذا جاز للسلطة التشريعية أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائمًا من التدابير ، لتنظيم موضوع محدد ، وأن تغاير من خلال هذا التنظيم – وفقًا لمقاييس منطقية – بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين فى الأسس التى تقوم عليها ، إلا أن ما يصون مبدأ المساواة ، ولا ينقض محتواه هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها .
 
فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها ، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا ، كان التمييز انفلاتًا وعسفًا ، فلا يكون مشروعًا دستوريًا .
 
وقد غدا هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة ، والتى لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور ، بل يمتد مجال إعمالها إلى تلك التى يقررها القانون ويكون مصدرًا لها ، وكانت السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون ، وكان الأصل فى الأحكام هو استلهام مقاصدها .
 
وإذ كان ما تقدم وكان لا شبهة فى أن النص المطعون فيه قد أخل بالحماية القانونية المتكافئة ومايز بوضوح وجلاء بين طائفتين من العاملين الخاضعين لنظام التأمين الاجتماعى والمخاطبين جميعهم بأحكامه والمتماثلين فى المركز القانونى فى مجال الاستفادة من تلك الحقوق التأمينية ، وذلك بأن وضع سقفًا كحد أقصى لمتوسط الأجر الأساسى الذى يحسب على أساسه معاش عمال القطاع الخاص – ومن بينهم المدعى – يتمثل فى 140% من متوسط أجورهم الأساسية فى الخمس سنوات السابقة على انتهاء مدة اشتراكهم فى التأمين – دون النص على هذا الحد الأقصى بالنسبة لغيرهم من العاملين بالحكومة والقطاع العام ، فضلاً عن حساب متوسط أجور هؤلاء الأخيرين الأساسية – التى يربط وفقًا لها معاشاتهم – على أساس المتوسط الشهرى لأجورهم خلال السنتين الأخيرتين فقط من مدة اشتراكهم – وليس خمس سنوات كما هو الحال فى محاسبة عمال القطاع الخاص – ومنهم المدعى – على النحو الذى يؤدى بالضرورة إلى تقليص معاشاتهم عن معاشات أمثالهم من عمال الحكومة والقطاع العام، وقد انبنى هذا الأمر وقامت تلك المفارقة فى جوهرها على افتراض خاطئ بوجود تواطؤ بين أصحاب الأعمال والعمال فى القطاع الخاص تحايلاً على قواعد قانون التأمين الاجتماعى من خلال إثبات أجور غير حقيقية للعمال فى آخر سنتين من عمرهم المهنى قبل الإحالة للمعاش على خلاف الحقيقة بغرض الحصول على متوسط أجور مرتفع بالنسبة لهم يحسب على أساسه معاشاتهم ، ومن ثم يكون المشرع قد خالف بذلك ما استهدفه الدستور من ضمان حق المواطن فى المعاش المناسب مجاوزًا نطاق السلطة التقديرية ومخالفًا لنص المادتين (66، 119) من الدستور القائم؛ وهو ما يقابل نص المادتين (17، 122) من دستور 1971، وبما يكون معه النص المطعون فيه قد تبنى تمييزًا تحكميًا منهيًا عنه بنص الدستور ودون أن يستند هذا التمييز بين هاتين الفئتين إلى أسس موضوعية، ذلك أن موضوع تنظيم الحقوق وإن كان يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية، ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام، إلا أن هذا التنظيم يكون مجانبًا أحكام الدستور منافيًا لمقاصده إذا تعرض للحقوق التى تناولها سواء بإهدارها أو الانتقاص منها على النحو الذى سلكه المشرع فى النص المطعون فيه .
 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقًا لنص المادة (24) من الدستور القائم الصادر سنة 2012 والتى جاءت متوافقة مع نص المادة (34) من الدستور الصادر عام 1971، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصيًا أم عينينًا أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية، وكان الحق فى صرف المعاش – بالضوابط والمعايير التشريعية الصحيحة – إذا توافرت شروط اقتضائه ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها، وعنصرًا إيجابيًا من عناصر ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور، فإن النص المطعون فيه وقد أدى بتطبيقه على المدعى إلى احتساب معاشه على أساس متوسط أجر مغاير لمن يتماثل معه من عمال الحكومة والقطاع العام بخضوعه دون مثيله لسقف كحد أقصى فى حساب هذا المتوسط من ناحية، وحرمانه من حساب معاشه – مثل قرينه فى الحكومة – على أساس المتوسط الشهرى للأجر خلال السنتين الأخيرتين، وبالتالى نقصان معاش المدعى عن معاش نظيره العامل فى الحكومة أو القطاع العام ، ومن ثم ينحل – والحالة هذه – عدوانًا على حق الملكية بالمخالفة لحكم الدستور .
 
ومن حيث إن إعمال أثر الحكم بأثر رجعى يؤدى إلى تحميل خزانة الدولة أعباء مالية إضافية فى ظل ظروف اقتصادية تستلزم تجنيبها حمل هذا العبء ، لذا فإن المحكمة ، ودون إخلال بحق المدعى فى الاستفادة من هذا الحكم ، تُعمل الرخصة المقررة فى الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها ، وتحدد اليوم التالى لنشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره .
 
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة  :
أولاً : بعدم دستورية نص البند (4) من الفقرة الرابعة من المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانونين رقمى 47 لسنة 1984 و107 لسنة 1987 .
ثانيًا : بتحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره .
ثالثًا : إلزام الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

لا مصلحة بالدفع بعدم دستورية قانون الضريبة المحجوز بموجبه حجز اداري

قضية رقم 34 لسنة 20  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السابع من أبريل سنة 2013م، الموافق السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1434ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى                            رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو                                                                                              نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                            أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم34 لسنة 20 قضائية     " دستورية ".
المقامة من
السيدة/ نحمده شندى إبراهيم الصباغ
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الشعب
3- السيد وزير العدل
4- السيد وزير المالية
5- السيد مديرعام البحوث الضريبية للمبيعات
6- السيد المدير العام مراقب الضريبة على المبيعات بالمنوفية
 
 
الإجراءات
بتاريخ الخامس عشر من فبراير سنة 1998 أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة فى ختامها الحكم  بعدم دستورية نص المادة (4) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، وقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991 ، وقرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم؛ أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
          وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل- على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعية إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح قويسنا فى الجنحة رقم 5858 لسنة 1996، إعمالاً للمادتين ( 341 و 342 ) من قانون العقوبات، بتهمة تبديد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لها، والمحجوز عليها إدارياً لصالح مأمورية الضرائب على المبيعات، ضماناً للوفاء بالضريبة المستحقة على زوجها صاحب المخبز، وبجلسة 5/6/1996 حكمت المحكمة غيابياً بحبس المدعية ستة أشهر مع الشغل، فقامت بالطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 4013 لسنة 1997 أمام محكمة جنح مستأنف شبين الكوم، وبجلسة 26/11/1997 دفعت المدعية بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وإذ قدرت المحكمة، بجلسة 24/12/1997 جدية الدفع، وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ولايتها لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للاوضاع المقررة في قانونها، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية ، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي ، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه. وهذه الاوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام، باعتبارها شكلا جوهريا في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة ، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها المشرع ولم يجز المشرع – تبعاً لذلك- الدعوى الأصلية سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت المدعية قد دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وقدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامتها بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (4) من القانون المشار إليه، وقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991، وقرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 ، ومن ثم يغدو الطعن بعدم دستورية القرارين الأخيرين طعناً بطريق الدعوى الأصلية؛ متعيناً الالتفات عنه، -وتبعاً لذلك- ينحصر نطاق الدعوى الماثلة فى المادة (4) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991؛ التى تنص على أن "تسرى المرحلة الأولى من تطبيق الضريبة من تاريخ العمل بهذا القانون، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية الانتقال في تحصيل الضريبة بالنسبة لبعض السلع إلى المرحلة الثانية أو الثالثة حسب الأحوال".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية وهى شرط لقبولها ، مناطها– وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين؛ أولهما: أن يقيم المدعى – فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به، وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما؛ فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى عما كان عليه قبلها.
وحيث إن رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية تدور حول مدى صحة الإتهام الموجه من النيابة العامة إلى المدعية بارتكابها واقعة تبديد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق، والمملوكة لها والمحجوز عليها إدارياً لصالح مأمورية الضرائب على المبيعات، إعمالاً للمادتين ( 341 و 342) من قانون العقوبات، بصفتها حارسة على الأشياء المحجوز عليها، ضماناً للوفاء بالضريبة المستحقة على زوجها، ومن ثم تكون المدعية غير مخاطبة بنص المادة (4) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المطعون فيه، - وتبعاً لذلك- فإن الفصل فى دستوريته لن يكون له أى انعكاس على الدعوى الموضوعية، الأمر الذى تنتفى إزاءه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعية فى الدعوى الماثلة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الأحد، 9 يونيو 2013

الطعن 1716 لسنة 19 ق جلسة 26/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 72 ص 205

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1949

برئاسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

------------------

(72)
القضية رقم 1716 سنة 19 القضائية

استئناف. 

التقرير به من المستأنف. توقيعه منه. لا يهم

-------------
إن المادة 178 من قانون تحقيق الجنايات تنص على أن طلب الاستئناف يكون بتقرير في قلم الكتاب، وإذن فإنه يكفي أن يحضر طالب الاستئناف في قلم الكتاب ويقرر أمام الكاتب المختص شفاها برغبته في رفعه، فيقوم هذا بتدوين هذه الرغبة في تقرير يوقع عليه هو. وبمجرد تحرير هذا التقرير يعتبر الاستئناف قائماً بصرف النظر عن التوقيع عليه من المقرر أو عدم توقيعه. وإذن فمن الخطأ في تطبيق القانون أن تعتبر المحكمة الاستئناف المرفوع من النيابة غير قائم لعدم التوقيع على تقرير الاستئناف من أحد وكلاء النائب العام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدد الذرة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها قضائيا لصالح عوض عبد الفتاح عوض إضراراً به وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها حال كونه عائداً وطلبت عقابه بالمواد 341و342و49/ 3و50 عقوبات.
نظرت محكمة جنح أبو تيج الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها غيابيا عملا بمواد الاتهام والمادتين 55 و56 عقوبات بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً.
فعارض في هذا الحكم والمحكمة المذكورة قضت بتاريخ 15 مايو سنة 1949 بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فاستأنفت النيابة الحكم في 19 أكتوبر سنة 1948و21 مايو سنة 1949.
سمعت محكمة أسيوط الابتدائية بهيئة استئنافية هذه الدعوى وقضت فيها غيابيا بتاريخ 5 سبتمبر سنة 1949 بعدم قبول استئناف النيابة شكلا لرفعه بعد الميعاد القانوني.
فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن وجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضي بعدم قبول استئناف النيابة شكلا لرفعه بعد الميعاد قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأنه اعتبر الاستئناف المرفوع منها بتقرير 19 من أكتوبر سنة 1948 غير قائم لعدم التوقيع عليه من أحد وكلاء النائب العام، مع أن المادة 178 من قانون تحقيق الجنايات قد نصت على أن الاستئناف إنما يكون بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم فهي لم تستلزم من إجراء سوى إثبات رغبة طالب الاستئناف في رفعه أمام الموظف المختص الذي يقوم هو إثبات هذه الرغبة في تقرير الاستئناف. وإذن فتوقيع هذا الموظف على هذا القرار كاف في إثبات هذه الرغبة وفي قيام الاستئناف قانوناً.
وحيث إن الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتلخص في أن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده بتهمة تبديد ذرة محجوز عليها ومحكمة أول درجة قضت عليه غيابياً في 17 من أكتوبر سنة 1948 بالإدانة. فاستأنفت النيابة هذا الحكم في 19 منه بتقرير وقع عليه بإمضائه الموظف المختص بقلم الكتاب وعارض المحكوم عليه فقضت المحكمة في 15 من مايو سنة 1949 برفض المعارضة وتأييد الحكم الغيابي فاستأنفت النيابة هذا الحكم الأخير أيضاً في 21 من مايو سنة 1949 والمحكمة الاستئنافية قضت بحكمها المطعون فيه بعدم قبول استئناف النيابة لرفعه بعد الميعاد وقالت "وحيث إن النيابة لم ترفع استئنافها إلا في 21 من مايو سنة 1949 فيكون قد رفع بعد الميعاد القانوني ولا يغير من ذلك ما ورد بتقرير استئناف النيابة من أنه عن الحكم الصادر في 15 من مايو سنة 1949 أي الصادر بتأييد الحكم الغيابي إذ أن سكوت النيابة منذ وقت صدور الحكم الغيابي حتى مضي موعد استئنافه هو قبول منها للحكم المذكور فلا يحق لها معه أن تستأنف الحكم الصادر بتطبيقه كما أنه لا عبرة بتقرير الاستئناف الأخير المرفق بالأوراق والمؤرخ 19 من أكتوبر سنة 1948 إذ أنه لا يحمل توقيع أحد وكلاء النائب العمومي مما يجعل المحكمة تعتبره في حكم المعدوم وعلى ذلك فلا يكون أمام المحكمة إلا التقرير السالف الذكر الذي يفيد رفع الاستئناف في 21 مايو سنة 1949 وهو كما سبق شرحه استئناف بعد الميعاد القانوني".
وحيث إن المادة 178 من قانون تحقيق الجنايات تنص على أن طلب الاستئناف يكون بتقرير في قلم الكتاب وإذن فإنه يكفي أن يحضر طالب الاستئناف في قلم الكتاب ويقرر أمام الكاتب المختص شفاهاً برغبته في رفعه، فيقوم هذا بتدوين هذه الرغبة في تقرير يوقع عليه هو، ولا لزوم بعد لتوقيع الطالب، وأنه بمجرد تحرير هذا التقرير يعتبر الاستئناف قائماً بصرف النظر عن التوقيع أو عدم التوقيع عليه من المقرر به.
وحيث إنه متى تقرر ذلك، وكانت المحكمة لم تجر في قضائها على هذا الأساس فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون ويتعين لذلك قبول الطعن ونقض الحكم والقضاء بقبول استئناف النيابة الحاصل بتقرير 19 من أكتوبر سالف الذكر لرفعه في الميعاد القانوني عن الحكم الغيابي الصادر في 17 من أكتوبر سنة 1949 وإحالة القضية إلى المحكمة الاستئنافية المختصة لنظر موضوع الاستئناف.

الطعن 1284 لسنة 19 ق جلسة 26/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 71 ص203

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1949

برئاسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

---------------

(71)
القضية رقم 1284 سنة 19 القضائية

اعتراف 

مشوب بإكراه. لا يصح التعويل عليه. تمسك المتهم بأن العبارات التي فاه بها أثناء تعرف الكلب البوليسي عليه قد صدرت منه وهو مكره دفعاً لما خشيه من أذى الكلب لوثوبه عليه. إدانته بناء على هذا الاعتراف دون أن ترد على ما دفع به وتفنده. قصور.

--------------
الاعتراف المشوب بالإكراه لا يصح التعويل عليه كدليل إثبات في الدعوى. فإذا كان المتهم قد تمسك أمام المحكمة بأن العبارات التي فاه بها أثناء تعرف الكلب البوليسي عليه إنما صدرت منه وهو مكره لوثوب الكلب عليه دفعاً لما خشيه من أذاه، ومع ذلك فإن المحكمة قد عدتها إقراراً منه بارتكاب الجريمة وعولت عليها في إدانته دون أن ترد على ما دفع به وتفنده، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه شرع عمداً في قتل عزت جمعة إسماعيل بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه وهو تلقي المجني عليه العيار بذراعه الأيمن يحمي رأسه منه وإسعافه بعد ذلك بالعلاج وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنه سرق مع متهمين آخرين موقداً مبين الوصف والقيمة بالمحضر مملوكاً للدكتور برهان شاكر ومبلغ 28.4 قرشاً لمحمود حسن عمر حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً الأمر المعاقب عليه بالمادة 316 عقوبات وطلبت إلى حضرة قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 2عقوبات فقرر حضرته بتاريخ 23 يناير سنة 1947 إحالته إليها لمحاكمته بالمواد المذكورة.
سمعت محكمة جنايات الجيزة هذه الدعوى وقضت فيها عملا بمواد الاتهام والمادة 17 عقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتمدت فيما اعتمدت عليه في الإدانة على عبارات فاه بها أثناء تعرف الكلب البوليسي عليه استخلصت منها اعترافه بمقارفة الجريمة وذلك دون أن ترد على ما أبداه الدفاع في هذا الصدد من أن تلك العبارة إنما صدرت منه وهو مكره ولوثوب الكلب عليه حتى كاد يفترسه وذلك دفعاً خشيه من أذى يلحق به.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة عولت فيما عولت عليه في إدانة الطاعن على عبارة صدرت عنه أثناء تعرف الكلب البوليسي عليه عدتها إقراراً منه بارتكاب الجريمة ويبين من محضر الجلسة أن المدافع عنه تمسك بالدفاع المشار إليه في الطعن ولكن المحكمة لم ترد عليه ولم تفنده ولما كان الاعتراف المشوب بالإكراه لا يمكن التعويل عليه كدليل إثبات في الدعوى فإن إغفال المحكمة الرد على ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم وذلك من غير حاجة إلى التحدث عن باقي أوجه الطاعن

الطعن 1570 لسنة 19 ق جلسة 20/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 69 ص 199

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1949

برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

--------------

(69)
القضية رقم 1570 سنة 19 القضائية

تموين. 

القانون رقم 95 لسنة 1945. القرار الوزاري رقم 516 لسنة 1945 الصادر من وزير التموين. المقصود به توجيه موظفي التموين المنوط بهم إثبات مخالفات هذا القانون. لا يفيد القاضي بطريق معين من طرق الإثبات.

----------------
إن المادة الثامنة من القانون رقم 95 لسنة 1945 قد خولت وزير التموين أن يصدر القرارات اللازمة ببيان وزن الرغيف في كل مديرية أو محافظة وتحديد النسبة التي يجوز التسامح فيها من وزن الخبز لسبب الجفاف ولكنها لم تخوله الحق في خلق الدليل الذي يجب اتباعه في إثبات هذا العجز. وإذا كان قرار وزير التموين رقم 516 لسنة 1945 المعدل بالقرارين رقمي 215 لسنة 1947 و47 لسنة 1949 قد نص على ضرورة وزن عدد معين من الأرغفة فإن ذلك ليس إلا من قبيل الأوامر المقصود بها الإرشاد والتوجيه للموظفين التابعين له المنوط بهم المراقبة وإثبات المخالفات كيما يكون عملهم سليماً دقيقاً، ولا يمكن أن يترتب عليه تقييد القاضي بطريق معين من طرق الإثبات في استظهار وجود العجز من جميع الأدلة التي يرى أنها تؤدي إلى ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين المذكورين بأنهم صنعوا وحازوا خبزاً يقل وزنه عن الوزن المقرر قانوناً، الأمر المنطبق على المواد 8 و56 و57 و58 من القانون رقم 95 لسنة 1945 و1 و3 و4 و5 و7 من القرار رقم 516 لسنة 1945 والقرار 215 لسنة 1947 والقرار 507 لسنة 1948 و47 لسنة 1949.
سمعت محكمة بندر المنصورة الجزئية الدعوى وقضت بتغريم المتهم الأول مائة جنيه وذلك عملا بالمادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، وبحبس كل من باقى المتهمين ستة شهور مع الشغل وغرامة مائة جنيه والمصادرة ونشر ملخص الحكم بحروف كبيرة على واجهة المحل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة خمس سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا وذلك عملا بمواد الاتهام سالفة الذكر وبالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فاستأنفوا، ومحكمة المنصورة الابتدائية نظرت استئنافهم وقضت بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.
فطعن جميع المحكوم عليهم في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في القول بأن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذ لم تأخذ بالطريقة التي رسمها وزير التموين بشأن إثبات العجز الغير المسموح به في وزن الخبز في القرار رقم 516 لسنة 1945 المعدل بالقرارين رقمي 215 لسنة 1947 و47 لسنة 1949 وهي أن يكون ذلك بوزن مالا يقل عن مائتي رغيف.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره الطاعنون في هذا الوجه ذلك لأن المادة الثامنة من القانون رقم 95 لسنة 1945 إنما خولت وزير التموين أن يصدر القرارات اللازمة ببيان وزن الرغيف في كل مديرية أو محافظة، ويحدد في تلك القرارات النسبة التي يجوز التسامح فيها من وزن الخبز لسبب الجفاف دون أن تعطيه الحق في خلق الدليل الذي يجب اتباعه في إثبات هذا العجز. فإذا كانت قرارات وزير التموين التي أشار إليها الطاعنون قد نصت على ضرورة وزن عدد معين من الأرغفة، فإن ذلك يكون من قبيل الأوامر المقصود بها الإرشاد والتوجيه للموظفين التابعين له المنوطين بالمراقبة وإثبات المخالفات كيما يكون عملهم سليماً دقيقاً، وهذا مما لا يترتب على مخالفته تقييد القاضي بطريق معين من طرق الإثبات في استظهار وجود العجز من كافة الأدلة التي يرى أنها تؤدي إلى ذلك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة التي أدان بها الطاعنين، وأورد الأدلة التي عولت عليها المحكمة في الحكم بثبوتها بما يتوافر معه جميع العناصر القانونية لتلك الجريمة، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إن الوجهين الآخرين يتحصلان في القول بأن الحكم جاء قاصراً إذ أخل بدفاع الطاعنين من أن الخبز المضبوط ليس مملوكا لهم بل هو خبز منزلي لإحدى السيدات، والمحكمة اطرحت هذا الدفاع دون أن تحققه.
وحيث إنه لا محل لما يقوله الطاعنون لأن الحكم قد تعرض للدفاع المشار إليه وفنده بما أورده من أدلة سائغة تدحضه. على أن ما يثيره الطاعنون لا يعدو أن يكون نقاشاً حول واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يقبل أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1565 لسنة 19 ق جلسة 20/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 68 ص 196

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1949

برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

----------------

(68)
القضية رقم 1565سنة 19 القضائية

أ - تفتيش. 

جنود خفر السواحل وموظفو الجمارك. من سلطتهم البحث عند الاشتباه عن كل ما يكون مهرباً أو ممنوعاً في نطاق الدائرة الجمركية. مركب سابح في القنال. ضبطه وتفتيشه. وجود شيء فيه مسروق من إحدى البواخر. يصح ضبطه.
ب - إثبات. 

إدانة متهم بناء على قول متهم آخر مقر بالتهمة أو منكر لها. جائز.

--------------
1 - إنه لما كان قنال السويس يعتبر بمقتضى المادة 31 من اللائحة الجمركية الصادرة في 13 من مارس سنة 1909 داخلا في نطاق الدائرة الجمركية، وكانت هذه المادة توجب على عمال الجمارك إيقاف المراكب الشراعية السابحة فيها وتفتيشها متى تبين أنها مشبوهة، فإنه إذا كان الثابت بالحكم أن جنود خفر السواحل ضبطوا مركباً كانت تسبح في هذا القنال بعد أن اشتبهوا فيها فوجدوا شيئاً مخبئاً بها تبين أنه مسروق من إحدى البواخر، كان ضبط هذا المركب وتفتيشه صحيحين لأن من سلطة جنود خفر السواحل وموظفي الجمارك البحث عند الاشتباه عن كل ما يكون مهرباً أو ممنوعاً ولو من طريق تفتيش الأمتعة والمنقولات مهما كان نوعها ثم ضبطه وتقديمه إلى جهة الاختصاص.
2 - لمحكمة الموضوع أن تكون اعتقادها من جميع العناصر المطروحة أمامها، فلا جناح عليها إذا ما اعتقدت على قول متهم في إدانة متهم آخر، يستوي في ذلك أن يكون الأول مقراً بالتهمة أو منكراً لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية: 1 - حسن حامد غزى (الطاعن). 2 - أحمد أحمد السيد الخضري بأنهما: (أولا) سرقا مع آخر مجهول الآلة الكاتبة الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر من الباخرة سموكى هل المسكونة حالة كون الأول عائداً إذ سبق الحكم عليه بخمس عقوبات مقيدة للحرية في سرقات آخرها بحبسه سنة مع الشغل بتاريخ 17 فبراير سنة 1945. (ثانياً) شرع المتهم الثاني في إعطاء رشوة لكل من الأومباشي محمد محمد الناغية ليمتنع عن أداء عمل من أعمال وظيفته وهو ضبطه على ذمة التهمة الأولى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو عدم قبول الرشوة منه. وطلبت النيابة من حضرة قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 49/ 2 و51 و317/ 1-4-5 و111 من قانون العقوبات، فأصدر حضرته في 21 سبتمبر سنة 1948 قراره بإحالة القضية إلى محكمة الجنح للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة.
سمعت محكمة بور سعيد الجزئية الدعوى وقضت بحبس المتهم الأول سنة ونصف سنة مع الشغل والنفاذ وبحبس المتهم الثاني شهرين مع الشغل والنفاذ عن التهمة الأولى وبتغريمه مائتي قرش عن التهمة الثانية والمصادرة وذلك عملا بمواد الاتهام سالفة الذكر. فاستأنفا، وأمام محكمة بور سعيد الابتدائية التي نظرت استئنافهما دفع الحاضر مع المتهم الأول ببطلان التفتيش، فأنهت سماع الدعوى ثم قضت حضورياً برفض الدفع ببطلان التفتيش وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه الأول وحده في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في القول: (أولا) بأن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في إدانة الطاعن على الدليل المستمد من تفتيش باطل يكون أخطأ خطأ يعيبه، ذلك لأن من أجراه ليس من رجال الضبطية القضائية ولم تكن الجريمة متلبساً بها، ولم تقع في الدائرة الجمركية. (ثانياً) بأن الحكم الاستئنافي لم يأخذ بأسباب الحكم الابتدائي المستأنف. فأصبح بذلك قاصر البيان. على أن بفرض التسليم الجدلي بأن العبارة التي ساقها الحكم يمكن تفسيرها بأنه اعتمد على أسباب الحكم الابتدائي، فإن الحكم الأخير قد استند في الإدانة على أقوال مجرحة للمتهم الآخر الذي حكم عليه مع الطاعن مع أن أقواله هذه لا تعتبر في القانون شهادة لأنه لم يحلف اليمين، ولا اعتراف متهم على آخر لأنه هو نفسه ينكر التهمة ويلقيها على الطاعن.
وحيث إنه لما كان قنال السويس يعتبر بمقتضى المادة 31 من اللائحة الجمركية الصادرة في 13 من مارس سنة 1909 داخلا في نطاق الدائرة الجمركية، وكانت هذه المادة توجب على عمال الجمارك إيقاف المراكب الشراعية السابحة فيه وتفتيشها متى تبين أنها مشبوهة وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن جنود خفر السواحل ضبطوا مركباً "فلوكة" كانت تسبح في هذا القنال بعد أن اشتبهوا فيها فوجدوا مخبأ فيها ماكينة كتابة تبين أنها مسروقة من إحدى البواخر - لما كان الأمر كذلك، فإن الضبط والتفتيش يكونان صحيحين لأن من سلطة جنود خفر السواحل وموظفي الجمارك البحث عند الاشتباه عن كل ما يكون مهرباً أو ممنوعاً ولو من طريق تفتيش الأمتعة والمنقولات مهما كان نوعها ثم ضبطه وتقديمه إلى جهة الاختصاص. وإذن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له أساس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أضاف أسباباً جديدة قد استند إلى أسباب الحكم المستأنف بقوله "وحيث إنه لذلك وللأسباب الأخرى الواردة بحكم محكمة أول درجة يكون هذا الحكم في محله ويتعين تأييده" وهي عبارة صريحة الدلالة على أن المحكمة اعتمدت أسباب الحكم المستأنف وأخذت بها. أما القول بأنه ما كان يسوغ الاستناد إلى قول متهم في إدانة متهم آخر، فمردود بأن لمحكمة الموضوع أن تكون اعتقادها من كافة العناصر المطروحة أمامها، فلا جناح عليها إذا هي اعتمدت على قول متهم في إدانة متهم آخر يستوي في ذلك أن كان الأول مقراً بالتهمة أو منكراً لها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.






الطعن 1255 لسنة 19 ق جلسة 20/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 66 ص 191

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1949

برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

---------------

(66)
القضية قم 1255 سنة 19 القضائية

بلاغ كاذب. 

القصد الجنائي في هذه الجريمة. العلم بكذب الوقائع وقصد الإضرار بالمبلغ في حقه. مثال للقصور في بيان هذا الركن.

-------------
لا يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الجاني عالماً بكذب الوقائع التي بلغ عنها بل يجب أيضاً أن يكون قد أقدم على تقديم البلاغ قاصداً الإضرار بمن بلغ في حقه. فإذا كان كل ما قاله الحكم لإثبات القصد الجنائي لدى المتهم هو قوله "إن سوء القصد ونية الإضرار متوافران لدى المتهم من إقدامه على التبليغ مع علمه بأن الوقائع التي بلغ عنها مكذوبة ومن شأنها لو صحت أن توجب معاقبته الخ)). فإنه يكون قد قصر في إثبات القصد الجنائي بشطريه ويتعين نقضه.


الوقائع

أقام عبد المنعم أفندي محمود فراج هذه الدعوى مباشرة لدى محكمة جنح قليوب الجزئية على كامل أفندي نخله خليل بصحيفة أعلنت له في 12 يونيه سنة 1945 يتهمه فيها بأنه أبلغ ضده كذباً ومع سوء القصد أنه أكرهه بطريق التعدي والضرب والتهديد بالقتل على سند بمبلغ 225 جنيهاً، وأنه تبين من تحقيق المحضر رقم 132 أحوال مركز قليوب صحيفة 366 كذب البلاغ المذكور، وطلب إلى المحكمة المذكورة عقابه بالمواد 303 و304 و305 عقوبات كما طلب إليها القضاء له عليه بمبلغ 25 جنيهاً بصفة تعويض مع مصاريف الدعوى والأتعاب. سمعت المحكمة المذكورة الدعوى وقضت عملا بالمواد المطلوبة بحبس المتهم أربعة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنف، ومحكمة مصر الابتدائية نظرت استئنافه وقضت بقبوله شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للعقوبة والاكتفاء بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وبتأييده فيما عدا ذلك وبإلزام المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فرفع المحكوم عليه طعناً عن الحكم الأخير وقضت فيه هذه المحكمة بقبوله شكلا وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة مصر الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة استئنافية أخرى وبإلزام المدعى بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية.
سمعت المحكمة المذكورة الدعوى مرة ثانية وقضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للعقوبة والاكتفاء بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وبتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن المحكوم عليه "للمرة الثانية" في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بالبلاغ الكاذب جاء باطلا لقصوره قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه، إذ أن ما ذكره عن توافر ركن سوء القصد وانتواء الإضرار بالمدعى بالحقوق المدنية غير منتج في إثباته فقد اتجه فيه اتجاهاً خاطئاً، واقتصر على إثبات كذب البلاغ وعلم الطاعن بهذا الكذب، وترك نية الإضرار التي يجب أن يقوم عليها الدليل استقلالا، ولا يغني عنه ثبوت الكذب والعلم به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تحدث عن القصد الجنائي لدى الطاعن قال: "إن سوء القصد ونية الإضرار موفوران لدى المتهم من إقدامه على التبليغ مع علمه بأن الوقائع التي بلغ عنها مكذوبة ومن شأنها لو صحت إلقاء المدعى بالحق المدني في غيابات السجون ومعاقبته بالأشغال الشاقة وذلك بالتطبيق لنص المادة 325 عقوبات التي نصت على أنه يعاقب بالأشغال الشاقة كل من أكره أحداً بالقوة أو التهديد على إمضاء ورقة تثبت ديناً. ولا يهم بعد ذلك بحث ما إذا كان أراد بفعلته هذه التخلص من الإيصال الذي وقع عليه، فإن هذا باعث لا أثر له في توفر القصد الجنائي." - ولما كان ما أورده الحكم ليس كافياً في بيان إن كان يقصد السوء بالمبلغ في حقه والإضرار به، إذ لا يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الجاني عالماً بكذب الوقائع التي بلغ عنها بل يجب أيضاً أن يكون قد أقدم على تقديم البلاغ بقصد الإضرار بمن بلغ في حقه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قصر في إثبات القصد الجنائي بشطريه ويكون بذلك معيباً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة أمام هذه المحكمة لنظر الموضوع إذ حصل الطعن لثاني مرة في القضية عينها.

الطعن 1238 لسنة 19 ق جلسة 20/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 65 ص 188

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1949

برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

----------------

(65)
القضية رقم 1238 سنة 19 القضائية

أ - حكم. تسبيبه. 

اشتراك في تزوير في حوالة بريد ونصب. بيان تعمد المتهم التعبير في الحوالة بقصد الحصول على مبلغها وتوصله إلى ذلك. كاف. التحدث صراحة عن كل ركن بذاته. لا يلزم.
ب - عقوبة. 

تقديرها. موضوعي. وقف التنفيذ. إلغاؤه. لا معقب على المحكمة في ذلك.

--------------
1 - إذا كان الحكم الذي أدان المتهم في الاشتراك في تزوير ورقة رسمية (حوالة بريد) وفي النصب قد بين بما أثبته من الوقائع وذكره من الأدلة أن المتهم تعمد النقل والتغيير في هذه الورقة بقصد الحصول على مبلغ الحوالة وأنه توصل إلى هذا القصد فهذا يكفي. ولا يلزم بعد هذا أن يتحدث صراحة وعلى استقلال عن كل ركن بذاته ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه.
2 - إن تقدير العقوبة بما في ذلك وقف التنفيذ من سلطة محكمة الموضوع وحدها، فما دامت هي لم تخرج بالعقوبة عن الحد المقرر بنص القانون فلا رقابة عليها، وإذا كانت المحكمة قد ألغت وقف التنفيذ المقضى به ابتدائياً لما ارتأته من أن عدم وجود السوابق وحده لا يصلح مبرراً له فلا معقب عليها في ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه: (أولا) اشترك مع آخر بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في ورقة أميرية "حوالة بريد رقم 31 مجموعة 5352 قيمتها 259 قرشاً" بوضع إمضاء مزورة للسيد منصور شيكيو وذلك بأن اتفق مع الآخر بأن تقدم بهذه الحوالة إلى الموظف المختص لصرف قيمتها منتحلا شخصية صاحبها السيد منصور شيكيو والتوقيع باسمه عليها فنفذ هذا الاتفاق وساعد في الأعمال المسهلة لارتكاب الجريمة بأن قرر لهذا الموظف أن مقدم الحوالة هو صاحبها ووقع عليها باعتباره ضامناً له ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ثانياً) اشترك مع الآخر بطريقي الاتفاق والمساعدة في استعمال الحوالة المزورة سالفة الذكر بأن اتفق على استعمالها بالطريقة المبينة آنفاً وساعده في ارتكاب الجريمة بأن وقع على الحوالة بصفته ضامناً له وتوصلا بذلك إلى صرف قيمتها ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ثالثاً) اشترك مع الآخر بطريقي الاتفاق والمساعدة في الاستيلاء بالاحتيال على مبلغ 259 قرشاً للسيد منصور شيكيو وذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود واقعة مزورة وباتخاذ اسم كاذب بأن اتفق مع الآخر على أن يتقدم للموظف المختص بحوالة البريد لصرف قيمتها منتحلا شخصية صاحبها ومتسمياً باسمه فنفذ هذا الاتفاق ووقع على الحوالة بالاسم المنتحل وساعده بأن وقع عليها بصفته ضامناً واستولى بذلك على المبلغ ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، وطلبت عقابه بالمواد 40/ 2 و3 و41 و211 و212 و214 و336 من قانون العقوبات.
سمعت محكمة الإسماعيلية الجزئية الدعوى وقضت عملا بمواد الاتهام المذكورة وبالمواد 32 و55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل عن التهم الثلاث ووقف تنفيذ العقوبة خمس سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائياً، فاستأنف المحكوم عليه طالباً البراءة، واستأنفت النيابة كذلك طالبة التشديد، ومحكمة بور سعيد الابتدائية نظرت هذين الاستئنافين وقضت بقبولهما شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لوقف التنفيذ فيما عدا ذلك.
فطعن... الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه حين دانه بالاشتراك في تزوير أوراق رسمية واستعمالها وبالنصب جاء باطلا لقصور أسبابه. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المحكمة لم تستظهر جميع وقائع الدعوى وآخذته باعترافه بالتوقيع، مع أنه لا يكفي بذاته لإثبات الجريمة، كما أنها لم تبرز أركان الجريمة بما فيها القصد الجنائي ونية الإضرار، ثم أنها ألغت ما قضى به الحكم الابتدائي من وقف تنفيذ العقوبة لما ذكرته من أنه اتخذ إجراءات ملتوية، دون أن تشير إلى هذه الإجراءات، ومع أن تصرفاته كلها تفيد العكس، وأنه فيما أجراه كان حسن النية ويريد إظهار حقيقة الأمر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن من أجلها، وذكر الأدلة على ثبوتها. ولما كان الأمر كذلك، وكان ما أوردته المحكمة له أصله في التحقيقات ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبته عليه، فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص، وهو جدل موضوعي خارج عن رقابة محكمة النقض. أما ما يشير إليه عن أركان الجريمة، فلا وجه له، إذ يكفي أن يكون الحكم قد بين فيما أثبته أن المتهم قد تعمد النقل والتغيير في الورقة الرسمية بقصد الحصول على مبلغ الحوالة، وأنه توصل إلى هذا القصد، وليس من اللازم بعد هذا أن يتحدث صراحة واستقلالا عن كل ركن، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. وأما ما يتمسك به عن العقوبة، فمردود بأن تقدير العقوبة بما في ذلك وقف التنفيذ من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وما دامت لم تخرج بها عن الحد المقرر بنص القانون، فلا رقابة عليها فيها، هذا وقد ألغت وقف التنفيذ لما ارتأته من أن عدم وجود السوابق وحده لا يصلح مبرراً له.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.