الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 9 مارس 2025

الدعوى 32 لسنة 42 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 8 / 2 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من فبراير سنة 2025م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ"

المقامة من

حسن عبد المنعم حسن السيد

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- رئيس مجلس النواب

3- وزير العدل

4- غادة دكروري توفيق عبد الجليل

-------------

الإجراءات

 بتاريخ الثالث عشر من ديسمبر سنة 2020، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة جنح عين شمس في الدعوى رقم 10800 لسنة 2013 جنح عين شمس، المؤيد بحكم محكمة جنح مستأنف شرق القاهرة في الاستئناف رقم 8076 لسنة 2014، وحكم محكمة استئناف القاهرة -دائرة طعون نقض الجنح – في الطعن رقم 37629 لسنة 85 قضائية، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بتلك الأحكام، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية".

 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

 وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/6/2021، وقررت المحكمة إعادتها إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير، فأودعت تقريرًا تكميليًّا بالرأي، وأعيد نظر الدعوى بجلسة 7/12/2024، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

 حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعى عليها الرابعة أقامت بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح عين شمس الجنحة رقم 10800 لسنة 2013، ضد المدعي، وآخر؛ لأنهما بتاريخ 15/3/2013، ارتكبا في حقها أفعالًا تشكل جريمة القذف، بأن أسندا إليها في محضر قسم شرطة عين شمس الرقيم 3437 لسنة 2013، عبارات تعد سبًّا وقذفًا وبلاغًا كاذبًا، وطلبت عقابهما بالمواد (171 و179 و181 و182 و303 و306 و307) من قانون العقوبات. قضت المحكمة حضوريًّا بمعاقبة كل منهما بغرامة قدرها خمسة آلاف جنيه والتعويض المدني المؤقت. لم يرتض المدعي الحكم وطعن عليه أمام محكمة جنح مستأنف شرق القاهرة، بالاستئناف رقم 8076 لسنة 2014. وبجلسة 17/11/2014، قضت المحكمة غيابيًّا برفضه، وتأييد الحكم المستأنف. عارض المدعي في الحكم. وبجلسة 29/1/2015، قضت المحكمة بعدم جواز نظر المعارضة الاستئنافية، استنادًا إلى نص الفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية المستبدل بها القانون رقم 74 لسنة 2007، التي لا تُجيز المعارضة إلا في الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة. طعن المدعي على ذلك القضاء أمام محكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - بالطعن رقم 37629 لسنة 85 قضائية، التي قررت بجلسة 9/11/2017 - في غرفة مشورة- عدم جواز الطعن بالنقض، مستندة في ذلك إلى نص المادة (30) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، الذي استثنى الجنح المعاقب عليها بعقوبة الغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه من طريق الطعن بالنقض. وإذ ارتأى المدعي أن حكم محكمة استئناف القاهرة "دائرة طعون نقض الجنح" الصادر بجلسة 9/11/2017، المار ذكره، يُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/3/2016، في الدعوى رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بقالة إنه لم يُعمل الأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، الذي يوجب - حسبما ارتأى - تجاوز العائق المقرر في المادة (30) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض السالف البيان؛ فأقام الدعوى المعروضة.

 وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا بمضمونها أو أبعادها دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

 وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بجلسة الخامس من مارس سنة 2016، في الدعوى رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، المعدل بالقانون رقم74 لسنة 2007، فيما تضمنه من قصر قبول المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح على تلك المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة، ونُشر الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 10 (مكرر) في 14/3/2016.

 وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن قانونها - ضمانًا لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور، واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي

لا يجوز الإخلال بها عدوانًا - قد نص في المادة (49) منه على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جنائي فإن أحكام الإدانة الصادرة استنادًا إليه تُعتبر كأن لم تكن. وهو ما يعنى سقوطها بكل آثارها ولو صار الطعن فيها ممتنعًا، لتفارقها قوة الأمر المقضي التي قارنتها، وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص الجنائية، وهي – بعد – رجعية لا قيد عليها، ولا عاصم منها، بل يكون أثرها جارفًا لكل عائق على خلافها، ولو كان حكمًا باتًّا.

 وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - كذلك - على أن التفسير المنطقي السديد لما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون هذه المحكمة، وتقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنعقدة بتاريخ 16/7/1979، بشأن إعمال الأثر الرجعى للحكم الصادر منها بعدم دستورية نص جنائي على الحكم الصادر بالإدانة، واعتباره كأن لم يكن، ولو كان باتًّا، ينسحب إلى الأحكام التي تزيل وصف التجريم أو تضيّق من مجاله، باعتباره وضعًا تأباه العدالة إذا ما أسقط الحكم هذا الوصف عن الأفعال التي ارتكبها المتهم، أو عن طريق تعديل تكييفها، أو بتغيير بنيان بعض عناصرها، بما يمحو عقوبتها كلية أو يجعلها أقل وطأة، ليسري أثر هذا الحكم في شأن الأحكام السابقة على صدوره، ولو كانت باتة، طبقًا لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وتقرير اللجنة التشريعية لقانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، من امتداد هذا الأثر كذلك إلى الأحكام المنظمة للإجراءات الجنائية.

وحيث إن مناط إعمال حكم الفقرة الأخيرة من المادة (49) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، أن يكون النص الجنائي المقضي بعدم دستوريته قد ترتب عليه إدانة المحكوم عليه، أو أفضى إلى إدانته بأية صورة كانت، على أنه في الأحوال التي يكون فيها النص الجنائي المقضي بعدم دستوريته من بين مواد الاتهام، التي لم يطبقها حكم الإدانة، أو إذا كوَّن الفعل الواحد جرائم متعددة، ولم تكن عقوبة النص المقضي بعدم دستوريته هى الأشد، أو التي يخارج فيها النص– كلية – أركان التجريم أو العقوبات بأنواعها المقررة للجريمة التي تساند إليها حكم الإدانة، أو تنبت الرابطة – مطلقًا – بين ذلك النص وأدلة الإثبات التي يعول عليها حكم الإدانة، ففي أي من هذه الأحوال، فإن الصلة بين حكم الإدانة البات والنص المقضي بعدم دستوريته تغدو منتفية.

 متي كان ذلك، وكان حكم محكمة جنح مستأنف عين شمس الصادر بجلسة 29/1/2015، في الاستئناف المقيد برقم 8076 لسنة 2014، القاضي بعدم جواز المعارضة، لا صلة له بإدانة المدعي، بحكم محكمة جنح عين شمس الصادر في الجنحة رقم 10800 لسنة 2013، ولم يتساند البتة إلى نص الفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية المقضي بعدم دستوريته بحكم هذه المحكمة المشار إليه؛ ومن ثم لا يُعد عقبة في تنفيذه، ويغدو طلب عدم الاعتداد بذلك الحكم مفتقدًا سنده، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.

 وحيث إن قرار محكمة استئناف القاهرة - دائرة نقض الجنح - الصادر بجلسة 9/11/2017، في غرفة مشورة، في الطعن رقم 37629 لسنة 85 قضائية، بعدم جواز الطعن بالنقض، المصور عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/3/2016، في الدعوى رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية"، أقام قضاءه على سند من أن نص المادة (30) من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007، قد أوجب لنظر الطعن أن تكون الجنحة معاقبًا عليها بعقوبة الغرامة التي تزيد عن عشرين ألف جنيه، وهي عقوبة لا نص عليها في الجريمة المؤثمة بالمادة (303) من قانون العقوبات، بما يحول دون نظر ذلك الطعن، والتعرض إلى موضوعه؛ الأمر الذي يكون معه هذا القرار منبت الصلة بحكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، ولا يُعد عائقًا يحول دون تنفيذه؛ ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبول الدعوى برمتها.

 وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، وإذ انتهت المحكمة -فيما تقدم- إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يكون قد صار غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق