جلسة أول مايو سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، ومحمود طلعت الغزالي، وجمال الدين إبراهيم وريدة، ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(57)
القضية رقم 769 لسنة 19 القضائية
حجية الشيء المقضي - دعوى - عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها - اختصاص.
حجية الشيء المقضي لا تترتب إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتعدد صفاتهم وتعلق بذات المحل سبباً وموضوعاً - إذا كان المدعي أقام الدعوى الأولى، التي حكم فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظرها، مستنداً إلى نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 ثم صدر بعد الحكم فيها تشريع جديد هو القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام الذي انطوى على اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات التأديبية للسلطات الرئاسية بجهات القطاع العام فإنه لا يسوغ الحكم في الدعوى الثانية بعدم جواز نظرها بحجة سبق الفصل فيها في ظل قواعد قانونية أخرى - أساس ذلك أن هذه الحجية لا يجوز التمسك بها إلا إذا كانت الدعوى مبنية على ذات السبب التي كانت تبني عليه الدعوى المقضي فيها ولا شك أن تبدل التشريع الذي يقوم على أساس قانوني جديد من شأنه أن ينشئ حقوقاً للمدعي لم تكن مقررة له مما يجعل لطلبه سبباً جديداً مصدره القانون رقم 61 لسنة 1971.
-------------------
إن الثابت من الأوراق أن المدعي عين بالجمعية التعاونية الاستهلاكية في 15 من أغسطس سنة 1964 بوظيفة كاتب بونات، وقد أبلغ المشرف على الجمعية أن مورد "اللانشون" أدخل في المجمع يوم 18 من سبتمبر سنة 1966 كمية من اللانشون لرئيس المجمع واستلم ثمنها، إلا إنه لاحظ أن البقالين بالمجمع يبيعون من هذه الكمية بالرغم من عدم تحرير إذن توريد بهذه الكمية، وقد قامت إدارة الشئون القانونية بالتحقيق، وتبين منه أن الكمية المشار إليها سدد ثمنها من خزينة المجمع وأنها بيعت لحساب رئيس المجمع الذي كان يستولى على الربح الناتج من بيعها، وقد انتهت الإدارة القانونية إلى قيد الواقعة مخالفة ضد كل من....... رئيس المجمع و....... بقال العهدة، و........ صراف الجمعية (المدعي) وأسند إلى الأخير أنه الأخير أنه سمح لرئيس المجمع بسحب مبلغ 5 جنيهات و 700 مليم من إيراد المجمع بتاريخ 18 سبتمبر سنة 1966 لدفع ثمن 15 كجم لانشون اشتراها رئيس المجمع لبيعها لحسابه الخاص على أن ترد إلى الخزينة بعد بيعها دون أن يترتب على ذلك ضرر مالي، ومن ثم صدر قرار رئيس مجلس الإدارة رقم 833 في 18 من فبراير سنة 1967 بفصل المدعي لإخلاله بالتزاماته الجوهرية وذلك بعد أن تم العرض على اللجنة الثلاثية. وقد أقام المدعي الدعوى رقم 189 لسنة 2 القضائية بصحيفة أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية لوزارة التموين في 25 من نوفمبر سنة 1967 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله، وبجلسة 9 من ديسمبر سنة 1968 حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وقد أقامت حكمها على أساس عدم مشروعية المادة (60) من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 فيما تضمنته من اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في القرارات التأديبية للسلطات الرئاسية بشركات القطاع العام، وأضافت المحكمة أنها إذ تقضي بعدم اختصاصها فإنه يمتنع عليها إحالة الدعوى إلى القضاء المدني لأن المطلوب فيها إلغاء قرار تأديبي وهو ما لا يختص به القضاء المدني وفقاً لقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 أو وفقاً لأي قانون آخر. وإذ صدر القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام، أقام المدعي الدعوى رقم 22 لسنة 6 القضائية طالباً إلغاء القرار الصادر بفصله، وبجلسة 23 من إبريل سنة 1967 صدر الحكم المطعون فيه الذي قضى بعد جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 189 لسنة 2 القضائية السالف ذكرها.
ومن حيث إن حجية الشيء المقضي لا تترتب إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتعدد صفاتهم وتعلق بذات المحل سبباً وموضوعاً، فكلما اختل أي شرط من الشروط السابقة كالموضوع أو الخصوم أو السبب بأن اختلف أيهما في الدعوى الثانية عما كان عليه في الدعوى الأولى وجب الحكم بأن لا قوة للحكم الأول تمنع من نظر الدعوى الثانية، ولما كان المدعي أقام الدعوى الأولى - التي حكم فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظرها - مستنداً إلى نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966، ثم صدر بعد الحكم فيها تشريع جديد هو القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام الذي انطوى على اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات التأديبية للسلطات الرئاسية بجهات القطاع العام، فإنه لا يسوغ الحكم في الدعوى الثانية بعدم جواز نظرها بحجة سبق الفصل فيها في ظل قواعد أخرى، لأن هذه الحجية لا يجوز التمسك بها إلا إذا كانت الدعوى مبنية على ذات السبب التي كانت تبنى عليه الدعوى المقضى فيها، ولا شك أن تبدل التشريع الذي يقوم على أساس قانوني جديد من شأنه أن ينشئ حقوقاً للمدعي لم تكن مقررة له مما يجعل لطلبه سبباً جديداً مصدره القانون رقم 61 لسنة 1971، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية وقد حجبت نفسها عن نظر الدعوى على ما سلف بيانه فإنها تكون في الواقع من الأمر قد قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى مخالفة بذلك حكم القانون، ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التموين بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق