جلسة 2 من مايو سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر، ومحيي الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحه، ومحمد بدير الألفي - المستشارين.
------------------
(58)
القضية رقم 264 لسنة 17 القضائية
عاملون بالقطاع العام - ترقية - ترقية بالأقدمية - مركز لائحي - قرار فردي - إلغاء نسبي.
مفاد نص المادة 10 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 أن الترقية إلى وظائف الفئات السابعة وما دونها تتم بالأقدمية أو بالاختيار طبقاً للنسب التي يحددها سلفاً مجلس إدارة المؤسسة - عدم صدور القرار التنظيمي من مجلس إدارة المؤسسة في هذا الشأن يعني ترك الأمر إلى الأصل العام المقرر للترقية - الأصل أن الترقية تتم بالأقدمية طالما أنه ليس ثمة مانع قانوني يحول دون الترقية - أساس ذلك أن الأقدمية هي الأساس فيما يكتسبه العامل من خبرة تؤهله لشغل الوظيفة الأعلى - قرار الترقية الصادر بالمخالفة لقاعدة الأقدمية يتعين القضاء بإلغائه فيما يشمله من تخطي - لا يغير من ذلك الموافقة اللاحقة من مجلس إدارة المؤسسة على نسب الترقية التي قام عليها قرار الترقية - أساس ذلك أن تقرير نسب معينة للترقية بالأقدمية أو بالاختيار هو إجراء لائحي يجب أن يصدر على النحو الذي رسمه القانون وبعدئذ تصدر القرارات الفردية بالترقية - المركز الذاتي للعامل يجب أن يسبقه بداهة إصدار القواعد العامة التي يعامل على مقتضاها والتي تشكل المركز التنظيمي اللائحي الذي يخضع لأحكامه.
--------------------
إن المادة 10 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 والتي كانت سارية وقت صدور القرارين المطعون فيهما قد نصت على أن تكون الترقية إلى وظائف الفئات من السادسة وما يعلوها بالاختيار على أساس الكفاية على أن تؤخذ التقارير الدورية في الاعتبار فإذا تساوت مرتبة الكفاية رقي الأقدم في الفئة المرقى فيها، وفيما عدا وظائف هذه الفئات تكون الترقية بالأقدمية أو الاختيار في حدود النسب التي يحددها مجلس الإدارة، ومفاد هذا النص أن الترقية إلى وظائف الفئات السابعة وما دونها إنما تتم بالأقدمية أو الاختيار طبقاً للنسب التي يحددها سلفاً مجلس إدارة المؤسسة.
وحيث إن الثابت من الأوراق المقدمة من المؤسسة المدعى عليها أن القرارين المطعون فيهما قد اشتمل أولهما على ترقية سبعة موظفين إلى الفئة السابعة خمسة منهم بالأقدمية واثنان بالاختيار، كما اشتمل القرار الثاني على ترقية ثلاثة موظفين إلى الفئة ذاتها واحد منهم بالأقدمية واثنان بالاختيار، ومن ذلك يتضح أن الترقيات موضوع هذين القرارين قد أجريت على أساس نسبة معينة للأقدمية وأخرى للاختيار، هذا والثابت أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة قد وافق في 18/ 12/ 1967 على محضر لجنة شئون العاملين الذي اشتمل على الترقيات موضوع القرار 107 لسنة 1967، كما وافق في 28/ 12/ 1967 على محضر لجنة شئون العاملين الذي اشتمل على الترقيات موضوع القرار 112 لسنة 1967، وبناء على ذلك أصدر مدير عام المؤسسة القرارين المشار إليهما، وقد تم ذلك كله دون أن يكون مجلس إدارة المؤسسة قد وضع النسب التي تتبع في الترقية بالأقدمية أو بالاختيار بالنسبة إلى الفئة السابعة التي تمت الترقيات إليها، ثم وافق مجلس إدارة المؤسسة بعد ذلك بجلسته المنعقدة في 28/ 2/ 1968 على تحديد نسبة الترقية في الفئات السابعة وما دونها في حدود 60% بالأقدمية، 40% بالاختيار وذلك فيما يختص بترقيات شهر ديسمبر سنة 1967 وحتى تصدر اللائحة الإدارية للعاملين بالمؤسسة.
وحيث إن القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة المؤسسة بالموافقة على الترقيات السالفة الذكر هو قرار باطل معدوم الأثر فيما اشتمل عليه ضمناً من تحديد نسب معينة للترقية بالأقدمية وللترقية بالاختيار، وذلك اعتباراً بأنه قد جاء في هذا الشأن معيباً بعيب عدم الاختصاص إذ مارس سلطة ناطها المشرع بمجلس الإدارة ففقد بذلك إحدى مقومات القرار اللائحي وهو ركن الاختصاص، هذا وليس يغير من الأمر أن يكون مجلس الإدارة قد وافق بعد ذلك على نسب الترقية التي سارت على نهجها الترقيات موضوع القرارين المطعون عليهما، وذلك اعتباراً بأن تقرير نسب معينة للترقية بالأقدمية وبالاختيار هو إجراء لائحي يجب أن يصدر من الجهة صاحبة الاختصاص على النحو الذي رسمه القانون وارتآه كفيلاً بتحقيق الضمانات للعاملين وبعدئذ تصدر القرارات الفردية بالترقية محكومة بالقواعد التنظيمية العامة الموضوعة في هذا الشأن والتي تشكل عنصراً من عناصر المركز القانوني اللائحي للوظيفة العامة، وطالما أن الموظف العام يستمد حقوق وظيفته وواجباتها من نصوص القوانين واللوائح التنظيمية فإن تقرير المركز الذاتي لذلك الموظف يجب أن يسبقه بداهة إصدار القواعد التي يعامل على مقتضاها والتي تشكل المركز التنظيمي اللائحي الذي يخضع لأحكامه.
وحيث إنه في غياب قرار تنظيمي من مجلس إدارة المؤسسة يصدر بالنسب التي تجري على مقتضاها الترقية بالأقدمية أو بالاختيار استناداً إلى نص المادة 10 من اللائحة، فإن الأصل أن الترقية تتم بالأقدمية طالما أنه ليس ثمة مانع قانوني يحول دون الترقية، وذلك اعتباراً بأن الأقدمية هي الأساس فيما يكتسبه الموظف من خبرة تؤهله لشغل الوظيفة الأعلى، وطالما أن مجلس الإدارة لم يحدد نسبة للترقية بالاختبار إلى الفئة السابعة وما دونها فإنه يكون قد ارتأى - ولو مؤقتاً - أن يترك الأمر إلى الأصل العام المقرر للترقية في مثل هذا النوع من الوظائف للأقدمية المطلقة، فإذا ما ارتأى بعد ذلك أن يمارس السلطة المفوضة إليه من اللائحة فإن قراره في هذا الشأن إنما يسري بأثر مباشر ولا يمكن أن يرتد بهذا الأثر إلى تاريخ سابق على صدوره وإلا كان في ذلك إخلالاً بمراكز قانونية نشأت واستقرت في ظل قاعدة لائحية مغايرة.
وحيث إنه بناء على ما تقدم وإذ كان الثابت أن المدعي كان ترتيبه السابع في كشف الأقدمية وقد شملت الترقية موضوع القرار رقم 107 في 19/ 12/ 1967 سبعة من العاملين بالمؤسسة، فإن القرار المذكور يكون قد تخطى المدعي بغير سند من القانون في الترقية من الفئة الثامنة إلى الفئة السابعة، ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء القرار المشار إليه فيما تضمنه من هذا التخطي وإذ قضى الحكم المطعون عليه بالإلغاء الكامل للقرارين المطعون عليهما فإنه يكون قد جانب الصواب ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وبإلغاء القرار رقم 107 في 16/ 12/ 1967، 19/ 12/ 1967 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الفئة السابعة بالأقدمية وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق