باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2024م،
الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور
عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح
محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 18 لسنة 32
قضائية "دستورية".
المقامة من
1- سماح سليمان علي
2- سمية سليمان علي
ضد
1 – رئيس الجمهورية
2 – رئيس مجلس الوزراء
3- وزير العدل
4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
5- ورثة/ رفعت عبده محمد، ممثلين في الوريث الظاهر لهم/ روحية محمد
محمد
--------------
الإجراءات
بتاريخ الحادي والعشرين من يناير سنة
2010، أودعت المدعيتان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طلبًا
للحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة (16) من القانون رقم 52
لسنة 1969، في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، قبل
إلغائه بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين
المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعيتين أقامتا أمام محكمة مرسى مطروح الابتدائية الدعوى رقم 57 لسنة
2008، ضد المدعى عليها الأخيرة؛ طلبًا للحكم بطردها من العين محل النزاع، تأسيسًا
على أنه في غضون عام 1974 استأجر مورث المدعى عليها من مورثهما عين النزاع،
لاستعماله مطعم فول وفلافل، وبوفاة المستأجر استعمل ورثته المحل في غير النشاط
الثابت بعقد الإيجار، دون موافقة كتابية صريحة منهما؛ فأقامتا الدعوى السالفة،
وقدمتا صورة من عقد الإيجار جحدته المدعى عليها الأخيرة، فوجهتا إليها طلبًا
عارضًا بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بين مورثهما ومورث المدعى
عليها اعتبارًا من 1/12/1974، بأجرة شهرية مقدارها اثنا عشر جنيهًا، وإلزامها بأن
تقدم أصل عقد الإيجار الموجود تحت يدها عن عين النزاع، وطلبت المدعيتان إحالة
الدعوى إلى التحقيق لإثبات فقد العقد. وبجلسة 4/5/2009، حكمت المحكمة برفض الدعوى،
على سند من أن المشرع في المادة (16) من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار
الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، قد اشترط على المؤجر إبرام عقود
الإيجار كتابة، بحيث لا يجوز له إثباته بالبينة إلا إذا وجد أحد مسوغات الإثبات
بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة. استأنفت المدعيتان الحكم المشار إليه، أمام
محكمة استئناف الإسكندرية - مأمورية مرسى مطروح – بالاستئناف رقم 129 لسنة 65
قضائية. وبجلسة 23/11/2009، دفعت المدعيتان بعدم دستورية نص المادة (16) من
القانون رقم 52 لسنة 1969، والمادة (24) من القانون رقم 49 لسنة 1977، السالف
الإشارة إليهما، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعيتين بإقامة
الدعوى الدستورية؛ فقد أقامتا الدعوى المعروضة، ناعيتين على الفقرتين الأولى
والثانية من المادة (16) من القانون رقم 52 لسنة 1969 المار ذكره، أن أولاهما
أوجبت على المؤجر إبرام عقد الإيجار كتابة، مما يترتب عليه الحكم بعدم سماع دعواه
إن لم يقدم عقدًا مكتوبًا، حتى لو فُقِد منه هذا العقد، في حين أجازت ثانيتهما
للمستأجر إثبات العلاقة الإيجارية ذاتها بكافة طرق الإثبات، مما يقيم تمييزًا غير
مبرر بين طرفي العلاقة الإيجارية، ويهدر الحق في الملكية الخاصة، وينال من حق
التقاضي، ومن ثم يكون النصان فد خالفا المواد (4 و7 و34 و40 و68 و69) من دستور سنة
1971.
وحيث إن الفقرتين الأولى والثانية من المادة (16) من القانون رقم 52
لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين- وهو
القانون الساري وقت قيام العلاقة الإيجارية في النزاع المطروح أمام محكمة الموضوع،
قبل إلغائه بالقانون رقم 49 لسنة 1977 المار ذكره، المعمول به في تاريخ لاحق على
بدء العلاقة الإيجارية المذكورة - اللتين يتحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة، تنصان
على أنه " اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار
كتابة ويلزم المؤجر عند تأجير أي مبنى أو وحدة منه أن يثبت في عقد الإيجار تاريخ
ورقم وجهة إصدار ترخيص البناء ومقدار الأجرة الإجمالية المقدرة للمبنى وفقًا
للمادة السابعة من هذا القانون.
ويجوز للمستأجر عند المخالفة إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد
بكافة طرق الإثبات".
وحيث إن المشرع قد حرص في القانون رقم
52 لسنة 1969 السالف البيان، على تنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر
تنظيمًا تشريعيًّا بنصوص آمرة، جمعتها رابطة عضوية واحدة استلزمتها أزمة الإسكان
القائمة وقت العمل به، إذ أوجب اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون المار ذكره،
إبرام عقود الإيجار كتابة، وألزم المؤجر عند تأجير أي مبنى أو وحدة منه، أن يثبت
في عقود الإيجار البيانات المتعلقة بترخيص المباني والأجرة الإجمالية المقدرة
للمبنى أو الوحدة المؤجرة، بيد أن اشتراط الكتابة على النحو السالف بيانه، لا ينال
من رضائية عقد الإيجار، ولا يجعل منه عقدًا شكليًّا، تعد الكتابة ركنًا فيه، وإنما
وسيلة إثبات تمكن طرفي العلاقة الإيجارية من النفاذ إلى القضاء طلبًا للترضية
القضائية حال وجود عقد مكتوب، فإذا أخل المؤجر بالتزامه بإبرام عقد الإيجار كتابة
أو أنكر العلاقة الإيجارية، كان للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد
بكافة طرق الإثبات، التي لم يحل النص المطعون فيه بين المؤجر وإثباتها باللجوء إلى
ما يتاح له منها، منضبطة بقواعد وشروط إعمالها، على نحو ما تتضمنه نصوص قانون
الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، بما مؤداه
أن المشرع في النص المطعون عليه لم يرتب في مواجهة المؤجر، في حالة عدم إبرام عقد
الإيجار كتابة أو فقده منه، جزاءً بعدم سماع دعواه بإثبات العلاقة الإيجارية وجميع
شروطها، بما لا محل معه لإعمال جزاء خلا منه النص، ولا تسمح به طبيعته.
وحيث إن من
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا
يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في
دستورية النصوص القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية
تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها
مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية
جميعًا، كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى
النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح
لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.
متى كان ما تقدم، وكانت المناعي التي أوردتها المدعيتان في صحيفة
دعواهما طعنًا على دستورية النص المطعون فيه، مردها إلى الفهم الخاطئ لهذا النص،
والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، فإن ذلك مما تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة
لهما في الدعوى المعروضة، ولزامه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعيتين المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق