جلسة 5 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي خليل وعوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد حمدي الأمير - (نواب رئيس مجلس الدولة).
----------------
(20)
الطعن رقم 46 لسنة 37 القضائية
هيئات عامة - الهيئة القومية للبريد - تسوية حالة العاملين الحاصلين على مؤهل عالٍ أثناء الخدمة.
المادة (11) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - حصول العامل أثناء الخدمة على مؤهل علمي أعلى يتناسب مع أعمال الهيئة واحتياجاتها يجيز تعيينه في وظيفة تتناسب مع مؤهله الجديد - شرط ذلك: توافر متطلبات شغله لهذه الوظيفة - يتم تحديد أقدميته من تاريخ حصوله على المؤهل أو الدرجة المحددة للمؤهل أيهما أقرب وبالمرتب المحدد للوظيفة أو مرتبه الذي يتقاضاه أيهما أكبر - استثناءً من ذلك يجوز تعيين العامل في درجة معادلة لدرجته بأقدميته فيها وبذات مرتبه وذلك إذا قدرت الهيئة أن خبرته بالأعمال السابقة التي شغلها تتناسب مع المؤهل ومع متطلبات شغل الوظيفة التي يلزم الحصول على المؤهل لشغلها في بدء التعيين - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 9/ 1/ 1991 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم غبريال المحامي بصفته وكيلاً عن محمد عبد الرحمن محمد ياسين سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) الصادر في الدعوى رقم 694/ 43 ق بجلسة 22/ 11/ 1990 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وطلب في ختام طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وحددا لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 11/ 11/ 1991 حيث قررت الدائرة بجلسة 22/ 6/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 10/ 10/ 1992 وبهذه الجلسة نظر الطعن وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت المحكمة بجلسة 24/ 10/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 694/ 43 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بتاريخ 3/ 11/ 1988 ضد رئيس الهيئة القومية للبريد طالباً في ختام عريضة دعواه قبولها شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القرار الإداري رقم 794/ 1988 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة المصروفات وذكر المدعي في بيان دعواه أنه يشغل الدرجة الثانية بمجموعة وظائف التنمية الإدارية بالهيئة المدعى عليها وقد علم بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى بالقرار الإداري رقم 794 الصادر في 11/ 7/ 1988 فتظلم منه بتاريخ 5/ 9/ 1988 فردت عليه الهيئة بأن سبب تخطيه هو حصوله على البكالوريوس سنة 1978 أثناء الخدمة وبالتالي لم يستوفي شرط المدة الكلية اللازمة للترقية وهي 14 سنة بعد الحصول على المؤهل العالي وفقاً لما ورد بكتاب دوري الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 17 سنة 1985 المتضمن فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 12/ 11/ 1985 فبادر بإقامة دعواه بطلباته المشار إليها وبجلسة 22/ 11/ 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وأسست قضاءها على أنه يعتد عند الترقية إلى الوظيفة الأعلى - بما تتطلبه بطاقة وصف الوظيفة من وجوب قضاء مدة بينية في الوظيفة السابقة تؤهله لشغل الوظيفة المراد الترقية إليها وأن تكون هذه المدة قضيت بعد الحصول على المؤهل المطلوب لشغل الوظيفة والمعامل به العامل وفي ذات المجموعة النوعية التي يرقى من خلالها، وأنه بإعمال ذلك على الدعوى فإنه لما كان الثابت أن المدعي نقل إلى مجموعة وظائف التنمية الإدارية بموجب القرار رقم 425 بتاريخ 19/ 4/ 1986 بعد حصوله على المؤهل العالي سنة 1978، وأن بطاقة وصف الوظيفة التي تخطى المدعي في الترقية إليها اشترطت قضاء مدة بينية قدرها ست سنوات في الوظيفة السابقة، فمن ثم لا يكون المدعي قد أكمل هذه المدة في 11/ 7/ 1988 تاريخ صدور القرار المطعون فيه وبذلك ينتفي في حقه أحد شروط الترقية إلى الدرجة الأولى ويقوم الطعن على الحكم المذكور على مخالفته للقانون بالنظر لأن الطاعن وقد حصل على المؤهل العالي سنة 1978 وصدر بنقله إلى إحدى وظائف التنمية الإدارية القرار رقم 723 لسنة 1987 وليس القرار رقم 425 لسنة 1986 كما ورد بالحكم ونص القرار المذكور على أن أقدميته في الوظيفة المنقول إليها هي 1/ 1/ 1975 وفقاً لنص لائحة العاملين بالهيئة الخاصة باستصحاب الأقدمية ومن ثم يكون الطاعن قد استوفى شرط المدة البينية للترقية (ست سنوات) في 11/ 7/ 1988، وأنه لا يجوز إهدار نص اللائحة باستصحاب الأقدمية والذي تصفه إفادة المنقول من أقدميته السابقة وكل ما هنالك أن المدة البينية اللازمة للترقية إلى الوظيفة الأعلى لا تشمل إلا المدة اللاحقة على الحصول على المؤهل العالي.
ومن حيث إن الطاعن من العاملين بالهيئة القومية للبريد، الذين تنظم شئونهم لائحة العاملين بالهيئة الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982 وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الأحكام الواردة بهذه اللائحة هي الواجبة التطبيق على العاملين المذكورين دون الأحكام العامة الواردة بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إن المادة (1) من اللائحة المشار إليها تنص على أن يضع مجلس الإدارة جداول توصيف وتقييم الوظائف في إطار الهيكل التنظيمي للهيئة، ويتضمن وصف كل من وظيفة وتحديد واجباتهم ومسئولياتهم والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها.
وتنص المادة (3) على أن يكون شغل الوظائف بمراعاة استيفاء الشروط اللازمة عن طريق التعيين أو الترقية أو الندب أو النقل أو الإعارة.
وتنص المادة (43) من ذات اللائحة على أنه تجوز ترقية العامل الذي يؤدي واجبات وظيفته بكفاية إلى الوظيفة التي تعلوها مباشرة في الدرجة وفي المجموعة النوعية التي ينتمي إليها متى استوفى شروط الوظيفة المرقى إليها وبشرط وجود وظيفة خالية.
ومن حيث إن وظيفة أخصائي بريد أول والتي يطعن الطاعن في قرار تخطيه في الترقية إليها تقع - وفقاً لبطاقة الوصف الخاصة بها - بالمجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية بالدرجة الأولى، والحد الأدنى من مطالب التأهيل لها: - مؤهل عالٍ مناسب إلى جانب توافر الخبرة المتخصصة في مجال العمل - قضاء مدة بينية قدرها ست سنوات على الأقل في وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن بطاقة وصف الوظيفة هي وحدها التي تحدد اشتراطات شغلها سواء من حيث التأهيل العلمي أو المدة البينية الواجب قضاؤها في الوظيفة الأدنى مباشرة أو مدة الخبرة الكلية في مجال العمل، وأنه من البديهي إذا تضمنت بطاقة الوصف مدة خبرة كلية معينة فإن هذه المدة يجب أن تكون قد قضيت بعد الحصول على المؤهل المطلوب لشغل الوظيفة وتبدو الحكمة واضحة من تقرير هذا المبدأ في أنه اعتباراً من هذا التاريخ يباشر العامل واجبات الوظيفة ومسئولياتها بما يترتب عليه اكتسابه للخبرات والمهارات اللازمة لتأهيله وظيفياً للتدرج في المناصب الأعلى.
ومن حيث إنه إذا كان هذا هو المبدأ في ظل أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فإن الوضع يختلف بالنسبة للعاملين بالهيئة القومية للبريد حيث تنص المادة 19 من لائحة العاملين بها والسالف الإشارة إليها على أنه: - في حالة حصول العامل أثناء الخدمة على مؤهل علمي أعلى يتناسب مع أعمال الهيئة واحتياجاتها يجوز تعيينه في وظيفة تتناسب مع مؤهله الجديد بشرط توافر متطلبات شغله لهذه الوظيفة، وتحدد أقدميته من تاريخ حصوله على المؤهل أو الدرجة المحددة للمؤهل أيهما أقرب وبالمرتب المحدد للوظيفة أو مرتبه الذي يتقاضاه أيهما أكبر - ومع ذلك فإذا كانت خبرته بالأعمال السابقة التي شغلها تتناسب مع المؤهل ومع متطلبات شغل الوظيفة التي يلزم الحصول على المؤهل لشغلها في بدء التعيين بها جاز تعيينه عليها في درجة معادلة لدرجته بأقدميته فيها وبذات مرتبه.
ويبين معنى حكم هذه المادة أن الأصل - عند حصول العامل على مؤهل علمي أعلى أثناء الخدمة - هو جواز تعيينه في وظيفة تتناسب مع مؤهله الجديد على أن تحدد أقدميته في هذه الوظيفة من تاريخ حصوله على المؤهل أو الدرجة المحددة لهذا المؤهل أيهما أقرب، واستثناءً من هذا الأصل يجوز تعيين مثل هذا العامل في درجة معادلة لدرجته بأقدميته فيها وبذات مرتبه وذلك إذا قدرت الهيئة أن خبراته بالأعمال السابقة التي شغلها تتناسب مع المؤهل ومع متطلبات شغل الوظيفة التي يلزم الحصول على المؤهل لشغلها في بدء التعيين، أي أن المعول عليه عند استخدام الهيئة لهذه الرخصة هو أن تتوافر في العامل من خلال مزاولته لأعماله بالهيئة خبرات تفيده في وظيفته الجديدة وبحيث تعتبر خبراته التي يكتسبها في هذه الوظيفة امتداداً لخبراته السابقة المشار إليها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة بالدرجة الثانية المكتبية اعتباراً من 1/ 11/ 1975 وحصل على بكالوريوس بريد في مايو سنة 1978 وصدر قرار الهيئة رقم 425 بتاريخ 19/ 4/ 1986 بتعيينه وآخرين على وظائف بمجموعة التنمية الإدارية تعادل درجاتهم التي كانوا يشغلونها بالمجموعة المكتبية من ناحية الأقدمية والمرتب ومن ثم تضمن القرار المذكور نقل الطاعن لوظيفة من الدرجة الثانية بمجموعة وظائف التنمية الإدارية بأقدمية اعتباراً من 1/ 11/ 1975 وذلك تطبيقاً لحكم المادة 19 من لائحة العاملين بالهيئة السالف ذكرها.
ومن حيث إن مؤدى ذلك اعتبار الطاعن شاغلاً لوظيفة من الدرجة الثانية بمجموعة وظائف التنمية الإدارية من 1/ 11/ 1975 وتوفر في حقه شرط الحصول على المؤهل العالي المناسب والخبرة المتخصصة في مجال العمل بالإضافة إلى أنه عند صدور القرار المطعون عليه رقم 794 لسنة 1988 بتاريخ 11/ 7/ 1988 كان قد توفر في حقه شروط المدة المبنية (وقدرها ست سنوات على الأقل في وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة) فضلاً عن أن هذه المدة كانت تالية لحصوله على المؤهل العالي كما توفرت في حقه أيضاً الشروط المتطلبة قانوناً للترقية من حيث الأقدمية ومرتبة الكفاية.
ومن حيث إن القرار المطعون عليه رقم 794 لسنة 1988 قد تضمن ترقية عدد من العاملين بدءاً من حسن محمد حسين الصواف الذين ترجع أقدميتهم في الدرجة الثانية بمجموعة وظائف التنمية الإدارية إلى 1/ 3/ 1976 وذلك بالتخطي للطاعن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر مخالفاً للقانون فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لوظيفة أخصائي بريد أول من الدرجة الأولى بمجموعة وظائف التنمية الإدارية، متعين الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب ويتعين القضاء بإلغائه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الإداري رقم 794 لسنة 1988 الصادر من الهيئة القومية للبريد بتاريخ 11/ 7/ 1988 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لوظيفة أخصائي بريد أول بالدرجة الأولى بمجموعة وظائف التنمية الإدارية وألزمت الهيئة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق