جلسة 30 من يناير سنة 1965
برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وأبو الوفا زهدي المستشارين.
---------------
(56)
القضية رقم 390 لسنة 10 القضائية
امتحان - غش - تأديب -
تفسير - إلغاء الامتحان نتيجة غش الطالب أو محاولته الغش فيه - حرمانه من الامتحان التالي طبقاً لنص القانون رقم 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 492 لسنة 1954 - صدور القانون رقم 399 لسنة 1956 بإلغاء الدور الثاني في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعليم العام - أثره في شأن الحرمان من الامتحان التالي بالنسبة إلى من ألغى امتحانهم سلفاً نتيجة الغش - لا يسوغ حرمانهم من امتحان السنة التالية ما لم يصدر في ذلك قرار من جهة الاختصاص "وكيل الوزارة" - أساس ذلك أن الحرمان جزاء تأديبي يتأبى التوسع في تفسير نصوصه - بيان ذلك.
إجراءات الطعن
في 5 من فبراير سنة 1964 أودع الأستاذ رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2583 لسنة 17 القضائية بجلسة 10/ 12/ 1963 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيما تضمنه من حرمان التلميذ فكتور نصير من دخول امتحان العام الدراسي التالي على الوجه الموضح بأسباب ذلك الحكم ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب السيد الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وفي 14 من مايو سنة 1964 أعلن الطعن للمطعون ضده وتعين له أولاً جلسة 10/ 12/ 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 1/ 3/ 1964 فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة فعينت له جلسة 12/ 12/ 1964 وأخطروا بها في 26/ 10/ 1964 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه على النحو الوارد في محاضر الجلسات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم مع التصريح لهم بتقديم مذكرات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 16/ 6/ 1963 أقام المطعون ضده بصفته دعواه ذاكراً فيها أن نجله القاصر فؤاد نصير الطالب بالسنة الأولى الثانوية بمدرسة الأقباط الثانوية ببور سعيد بدء امتحان النقل إلى السنة الثانية اعتباراً من يوم 18/ 5/ 1963 وفي يوم 20 من مايو سنة 1963 الذي كان محدداً لأداء امتحان الكيمياء انصرف من تلك المدرسة بعد أداء الامتحان ولكنه في عصر ذلك اليوم أرسل السيد ناظر المدرسة باستدعائه من منزله فلما مثل بين يديه فاجأه باتهامه بالغش في امتحان تلك المادة بضبط وريقة صغيرة تحمل إجابات في تلك المادة في كراسة امتحانه، وفي 18 من مايو سنة 1963 فوجئ بكتاب من مديرية التربية والتعليم يحمل إليه قرارها بإلغاء امتحان ابنه وبأن منطقة التربية والتعليم اعتمدت هذا القرار مع حرمانه من دخول الامتحان التالي وقال المطعون ضده إن هذا القرار جاء معيباً لصدوره ممن لا يملك إصداره كما جاء موصوماً بعيب الانحراف كما صدر غير مسبب وبالمخالفات لأحكام القانون، إذ تضمن حرمان نجله من دخول الامتحان في العام الدراسي التالي ولهذه العيوب التي تردى فيها القرار، طلب الحكم بوقف تنفيذه بصفة مستعجلة وفي الموضوع طلب الحكم بإلغائه ثم عدل طلباته إلى طلبه احتياطياً وقف تنفيذه ثم إلغاءه فيما تضمنه من حرمان التلميذ من دخول امتحان السنة التالية.
ومن حيث إن تلك المحكمة أصدرت حكمها السابق ذكره وشيدته على أنه ثبت لها من مطالعة الأوراق أن التلميذ فكتور نصير ضبط في يوم 20/ 2/ 1963 متلبساً بالغش في مادة الكيمياء في أثناء امتحان الفترة الثانية إذ ضبط ملاحظ الامتحان وريقة داخل كراسة الإجابة تحتوي على معلومات في مادة الكيمياء التي كان يؤدي فيها الامتحان وهذه المعلومات مطابقة لما كتبه في كراسة الإجابة وأنه صورة طبق الأصل منها وإذ أجرت المدرسة تحقيقاً وتبين منه أن التلميذ المذكور اقترف غشاً في هذا الامتحان فرفع ناظر المدرسة مذكرة مسببة إلى مدير التربية والتعليم طلب فيها إلغاء امتحان التلميذ وحرمانه من دخول الامتحان في العام التالي فوافق مدير التربية على ذلك للأسباب الواردة بالمذكرة ومن ثم يكون القرار قد صدر ممن يملك إصداره، أما بالنسبة لإلغاء الامتحان في العام التالي فإن قرار المنطقة وإن لم يتضمن ذلك صراحة إلا أن وروده بالموافقة على المذكرة يعتبر متضمناً ذلك ومن ثم يكون هذا القرار قد تضمن تعدداً لمرات الحرمان من دخول الامتحان ويقضي القانون رقم 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 بان المختص بهذا النوع من القرارات هو وكيل الوزارة وليس مدير التربية والتعليم ومن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن أسس على القول بأن القرار المطعون فيه صدر ممن يملك إصداره وأنه يترتب على صدوره حرمان التلميذ من دخول الامتحان التالي بقوة القانون وذلك إعمالاً لنص المادة - 47 من القانون رقم 211 لسنة 1953 وهذا الرأي يتفق وما جاء بفتوى اللجنة الثانية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة (مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنها فتاوى القسم الاستشاري للفتوى والتشريع - المكتب الفني - السنة 11 قاعدة 137 - ص 244 - 245) ولا يعتبر هذا القرار متضمناً تعدداً لمرات الحرمان كما ذهب الحكم المطعون فيه، وإذ صدر ممن يملكه وقام على سببه المبرر له قانوناً بعد استيفاء الإجراءات المقررة فيكون قراراً صحيحاً وبالتالي يكون الحكم الصادر بإيقاف تنفيذه قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله وتعين بالتالي إلغاؤه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة جاء فيه أن الجدل أثير حول تفسير المقصود بعبارة (الامتحان التالي) "بعد صدور القانون رقم 339 لسنة 1956 الذي ألغى نظام الدور الثاني وجعل مرات الاختبار مرة واحدة في العام الدراسي ثم أشار إلى رأي اللجنة الثانية سالفة الذكر ولكنه نظر إلى تفسير النص نظرة أخرى غير التي اعتنقتها تلك اللجنة فقرر أنه لا جدال في أن الإلغاء ينصب على أحد الدورين وقت أن كان نظام الدورين معمولاً به وكان دائماً في ظل ذلك النظام الفرض قائماً للتلميذ في أداء امتحان العام التالي سواء بدورية أن وقعت الجريمة في امتحان الدور الأول من السنة السابقة أو على الأقل في الدور الثاني منه إذا وقعت الجريمة في الدور الثاني من العام السابق وإذا قيل بحرمان الطالب من امتحان السنة التالية بعد إلغاء نظام الدورين فإن هذا القول يترتب عليه تشديد العقاب بغير نص ولما كانت القواعد التأديبية شبيهة بالقواعد الجنائية فلا يتوسع في تفسيرها بل تطبق في أضيق الحدود وإذ جاء القانون 339 لسنة 1956 بإلغاء نظام الدورين وإلغاء كل نص يخالف أحكامه فإن ذلك يؤدي حتماً إلى إلغاء الأحكام الواردة في القانون 211 لسنة 1953 التي تتعارض مع أحكامه إذ هو لصيق بامتحان الدورين وإذا ألغي هذا النظام فوجب أن يسقط هذا الحكم وجوباً وإذا كان القرار المطعون فيه قد صدر من السيد مدير التربية والتعليم ولم يصدر من السيد وكيل الوزارة وإذ تضمن تعدداً في الجزاءات فيكون قراراً صادراً من غير مختص وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد أنزل حكم القانون على وجه سليم ويكون الطعن الموجه إليه على غير أساس من القانون ثم انتهى التقرير بعد ذلك إلى طلب رفضه.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة أخيرة تعقيباً على ما جاء في تقرير هيئة مفوضي الدولة فيها أن مفاد عبارة الامتحان التالي "يقصد بها دون شك امتحان العام التالي وهو ما يفيده إطلاق نص عبارة المادة - 47 آنفة الذكر إذ جاءت عامة دون تخصيص وأن هذه المادة تتضمن فقرتين لكل منها مجال إعمال فالأولى تتحدث عن إلغاء الامتحان الذي وقعت فيه المخالفة وعقدت الاختصاص فيه لرئيس لجنة الامتحان وولدت عنه أثراً هو الحرمان بقوة القانون من دخول الامتحان التالي، أما إذا كانت المخالفة جسيمة فيتحقق مجال إعمال الفقرة الأخيرة لهذه المادة بزيادة عدد مرات حرمان التلميذ الأمر الذي يدخل في اختصاص وكيل الوزارة ويظاهر هذا القول ويدعمه أن المشرع عبر عن الدور والامتحان بتعبير ينم على أن لكل منهما مدلوله الخاص به وهذا واضح من نصوص القانون 211 لسنة 1953 المعدل ولا وجه للقول بقيام تعارض بين المادة الثالثة من القانون 399 لسنة 1956 والمادة - 47 من القانون 311 لسنة 1953 معدلاً بالقانون رقم 492 لسنة 1954 فإن لكل منهما مجال إعمال كذلك.
وليس صحيحاً ما يقال من أن نظام الدور الواحد لم يكن معروفاً إلا بعد القانون 399 لسنة 1956 إذ هذا القانون ألغى نظام الدور الثاني في السنوات الدراسية التي كان معمولاً بها وكان نظام الامتحان من دور واحد معروفاً قبل صدوره بالنسبة لامتحان سنوات الانتقال منذ صدور القانون 211 لسنة 1953 وكانت هذه الصورة موجودة عندما وضع المشرع نص المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 وكذلك كان قائماً عند تعديلها بالقانون 492 لسنة 1954 وإذا كان الأمر كذلك فيكون ما ذهب إليه تقرير هيئة المفوضين محل نظر إذ القرار المطعون فيه صدر سليماً ممن يملك إصداره وفي حدود الأحكام القانونية والقواعد المقررة وقام على سببه الصحيح وبذا فهو في منأى عن الطعن والتجريح وانتهت في خاتمتها إلى التصميم على طلب رفض وقف هذا القرار.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مناط الخلف في هذه المنازعة هو ما إذا كان القرار الصادر من مدير عام التربية والتعليم بمحافظة بور سعيد بإلغاء امتحان التلميذ فكتور نصير في عام 1963 حيث اقترف الغش، صدر ممن يملك إصداره وقام على سبب يبرره قانوناً ومبرأ من كل عيب، وعما إذا كان لهذا القرار أثره في حرمان هذا التلميذ من دخول امتحان العام التالي أم لا.
ومن حيث إنه لتجلية وجه الحق تورد المحكمة نص المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 وهو يجرى على النحو الأتي: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانوناً يلغى امتحان التلميذ في الأحوال الآتية":
1 - إذا غش أو حاول الغش في الامتحان......
ويكون إلغاء الامتحان بقرار مسبب ونهائي من الرئيس العام للامتحان, ويترتب على هذا الإلغاء حرمان التلميذ من دخول الامتحان التالي:
ويجوز لوكيل الوزارة أن يزيد عدد مرات حرمان التلميذ من دخول الامتحانات التالية ويكون قراره في ذلك مسبباً ونهائياً.
وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 399 لسنة 1956 بشأن امتحانات النقل والامتحانات العامة في المرحلتين الإعدادية والثانوية في التعليم العام وأشير في ديباجته إلى القانون 211 لسنة 1953 دون غيره من القوانين ونصت مادته الثالثة على ما يأتي: "يلغى امتحان الدور الثاني في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعليم العام, كما يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون".
ومن حيث إن الواقعة المسندة إلى الطالب ثابتة من التحقيقات التي أجريت ومن مطابقة إجابته في كراسة الإجابة للمعلومات الواردة في الوريقة الصغيرة التي ضبطت معه ومن ثم يكون قرار إلغاء امتحانه في عام 1963 الذي غش فيه قام على سبب صحيح واستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه, أما فيما يختص بحرمانه من دخول امتحان السنة التالية فإن المحكمة تلاحظ أن هذا التلميذ هو من تلاميذ المرحلة الثانوية وقد ألغى القانون 399 لسنة 1956 امتحان الدور الثاني بالنسبة لمن هم في هذه المرحلة ومع هذا الإلغاء بقى نص المادة 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 كما هو دون تعديل والقول بإلغاء امتحان السنة التي غش فيها التلميذ يترتب عليه إلغاء امتحان السنة التي بعدها كأثر للقرار الأول فيه تعدد لمرات الحرمان بدون الأداة التي نص عليها القانون لهذا التعدد وهو قرار وكيل الوزارة، ذلك أن الحرمان الكامل من دخول امتحان عام لم يكن موجوداً قبل إلغاء الدور الثاني إذ كانت دائماً أمام التلميذ فرصة دخول امتحان أحد الدورين في العام الدراسي, كما أن القول من جهة أخرى بأن إلغاء امتحان السنة التي غش فيها التلميذ أو حاول أن يغش لا يترتب عليه إلغاء امتحان السنة التالية فيه تعطيل لنص الفقرة الأولى من المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدلة بجعلها قاصرة الأثر على الامتحان الأول الذي وقعت فيه الجريمة فقط.
ومن حيث إن المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 تضمنت جزاء تأديبياً وإذ أن القوانين التأديبية من فصيلة القوانين الجنائية التي تتأبى بطبيعتها التوسع في التفسير بل تحتم أن يكون في أضيق الحدود.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإن القانون 399 لسنة 1956 جاء بنص صريح بإلغاء كل ما يتعارض معه وإذ يترتب على القول الأول ضياع عام دراسي كامل على التلميذ زيادة على العام الذي غش فيه أو حاول أن يغش ومن ثم يعتبر هذا من قبيل التعارض الذي يجب أن يلغى فإن قدرت الجهة الإدارية أن الجريمة التي اقترفها التلميذ تستأهل مزيداً من الجزاء فعليها أن تلجأ إلى من عقد له القانون السلطة في تعدد مرات الحرمان وهو وكيل الوزارة, أما وأنها لم تفعل واكتفت بقرار السيد مدير التربية والتعليم "رئيس لجنة الامتحان" فإن قراره يكون قاصر الأثر على السنة التي ضبط فيها التلميذ مقترفاً لجريمة الغش أو الشروع فيه ولا يتعداها إلى امتحان السنة التالية.
ومن حيث إنه لهذه الأسباب وللأسباب التي أوردها الحكم المطعون يكون الأخير على حق في قوله أن القرار الذي صدر ضد التلميذ آنف الذكر فيما تضمنه من إلغاء امتحان السنة التالية للسنة التي اقترف فيها الغش قد صدر من غير مختص ومن ثم يؤثمه عيب عدم الاختصاص ويكون بالتالي قضاؤه بإيقاف هذا القرار المعيب قد أصاب وجه الحق, ويكون الطعن في هذا القضاء على غير سند من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إن الطاعنة أصابها الخسر في الطعن فتحمل عبء مصروفاته وذلك إعمالاً لنص المادة - 357 من قانون المرافعات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق