الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 16 ديسمبر 2023

الطعن 1898 لسنة 35 ق جلسة 22 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 15 ص 168

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(15)

الطعن رقم 1898 لسنة 35 القضائية

حريات - حرية السفر والتنقل - المنع من السفر - تنظيمه.
المواد 50، 51، 52 من الدستور، المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر.
كفل المشرع الدستوري لكل مواطن الحق في التنقل سواء داخل أرض الوطن أو في خارجه في أي وقت سواء بالإقامة في مكان معين بالداخل أو الانتقال منه أو بالسفر بصفة مؤقتة إلى الخارج والعودة أو بالهجرة الدائمة إلى دولة أخرى بصفة دائمة أو مؤقتة - لا يجوز للمشرع العادي إلغاء هذه الحقوق أو تغييرها بما يصل بها إلى درجة الإلغاء - ليس للمشرع العادي إلا حق تنظيم هذه الحقوق وتحديد الإجراءات المتعلقة بمباشرة الأفراد لها وممارستها دون حظر أو تقييد مانع لها أو يتعارض مع الغاية منها - حرية المواطن المصري في التنقل من مكان إلى آخر داخل الدولة أو خارجها حق دستوري أصيل للمواطن المصري ومقرر له بحكم صفته كإنسان ولا يجوز لجهة الإدارة المساس بهذا الحق دون مسوغ ولا الانتقاص منه بغير مقتضى من المصلحة القومية للمجتمع والدولة وفي حدود التشريعات المنظمة لهذا الحق والتي تتضمن كيفية ممارسته وبما لا يتعارض مع المصلحة العامة - تنظيم حرية المواطن في التنقل من مكان إلى آخر والسفر إلى خارج البلاد أمر تقتضيه ضرورة المحافظة على سلامة الدولة في الداخل والخارج وعلى استقرار وحماية الأمن العام وعدم تعطيل سير العدالة نتيجة خروج متهمين أو شهود خارج البلاد بينما هم لازمون للفصل في القضايا أو التصرف في التحقيقات ورعاية مصالح الاقتصاد القومي وذلك كله دون أن يخل التنظيم بمبدأ حرية السفر والتنقل ولا يمس جوهره ومضمونه - المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 تخول وزير الداخلية سلطة تقديرية في رفض منح جواز السفر أو تجديده أو سحبه بعد إعطائه إذا قامت لديه أسباب هامة تبرر هذا القرار تطبيق. (1)


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 24/ 4/ 1989 أودع الأستاذ/ حسني عبد الحميد المحامي بصفته وكيلاً عن عادل عبد العزيز المشد وممدوح حامد عطية بتوكيلين رسميين مودعيين بملف الدعوى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1898/ 35 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 4/ 4/ 1989 في الدعوى رقم 3906 لسنة 42 ق المقامة من الطاعنين والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعيين المصروفات وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
أودع السيد الأستاذ المستشار/ ......... مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن لانتفاء سند الوكالة واحتياطياً برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3/ 12/ 1990 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 7/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وقد حددت جلسة 4/ 10/ 1992 لنظر الطعن أمام المحكمة وتقرر إصدار الحكم بجلسة 15/ 11/ 1992 مع التصريح لمن يشاء بمذكرات خلال عشرة أيام وقدمت هيئة قضايا الدولة خلال الأجل مذكرة خلصت فيها - للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات - وبجلسة 15/ 11/ 1992 تقرر مد أجل النطق به لجلسة اليوم 22/ 11/ 1992 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 3906/ 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بمنعهما من السفر وإدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر وما يترتب على ذلك من آثار، وقالا شرحاً لدعواهما أنهما علماً بأن المدعى عليه قد أصدر قراراً بمنعهما من السفر إلى الخارج، وإدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر وأن هذا القرار مشوب بعيب مخالفة الدستور والقانون، لأن حق التنقل والسفر من الحقوق التي لا يجوز الحد منها أو انتقاصها خاصة وأنهما لم يرتكبا جرماً أو إثماً إلا إذا كان عملهما بكبرى شركات الاستثمار يعتبر جريمة، وخلص المدعيان إلى أن ثمة أضرار جسيمة يتعذر تداركها تلحق بهما من جراء القرار المطعون فيه.
عقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى بأن قدمت حافظة مستندات طويت على مذكرة الإدارة العامة لمكافحة الأموال العامة جاء فيها أن الإدارة قد قامت في 21/ 6/ 1987 بإدراج: 1 - السيد.......... عضو مجلس إدارة شركة بدر للاستثمار وتوظيف الأموال - 2 - ......... نائب رئيس مجلس إدارة شركة بدر للاستثمار وتوظيف الأموال، على قائمة ترقب الوصول والتفتيش - بعد موافقة الوزير - لقيامهما بعقد اجتماعات مع العاملين المصريين بدول الخليج، وحثه تحويل مدخراتهم إلى شركة بدر للاستثمار عن طريق البنك الوطني المصري بالدقي، وبتاريخ 25/ 6/ 1987 وصل المذكوران للبلاد عن طريق "ميناء القاهرة الجوي" وجاءت نتيجة تفتيشهما سلبية، وقامت الإدارة بتعديل إدراجهما على قائمة الممنوعين من السفر كإجراء احتياطي حماية لأموال المودعين وموارد البلاد من النقد الأجنبي، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة رداً على الدعوى خلصت فيها - للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعيين المصروفات.
وبجلسة 4/ 4/ 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعيين مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون عليه بني على سبب صحيح يبرره، بحسبان أن وزارة الداخلية قامت بإدراجهما على قوائم الممنوعين حماية لأموال المودعين بشركة بدر للاستثمار وتوظيف الأموال وحماية لموارد البلاد من النقد الأجنبي باعتبار أن أحدهما عضو مجلس إدارة الشركة والثاني نائب رئيس مجلس الإدارة، وأن الكثير من شركات تلقي الأموال بددت أموال المودعين وعجزت عن ردها إليهم الأمر الذي يقتضي تواجد أصحاب هذه الشركات بالبلاد إلى أن تتحدد بصفة نهائية المراكز القانونية لشركاتهم على ضوء أحكام القانون رقم 146/ 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن قرار إدراج اسمي الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر صدر في يونيو 1987 في حين أن القانون رقم 146/ 1988 صدر في 9/ 6/ 1988 أي بعد صدور القرار المطعون فيه ومن ثم فإن استناد الحكم المطعون فيه - في مجال قضائه بصحة السبب الذي بني عليه قرار الإدراج - على قانون صدر بعد صدور القرار يكون غير صحيح وفيه تجاوز لدور القاضي الذي يتعين عليه أن يراقب السبب "وقت صدور القرار لا بعد ذلك.
وأضاف الطاعنان أن قرار إدراج اسميهما على قوائم الممنوعين صدر من الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، وهي ليست من الجهات التي حددها قرار وزير الداخلية رقم 975/ 1983 مما يجعله فاقداً لشرط وجوده، ومن ناحية أخرى فإن ما نسب إلى الطاعنين - وكان سبباً لقرار الإدراج - من قيامهما بعقد اجتماعات مع العاملين المصريين بدول الخليج وحثهم على تحويل مدخراتهم إلى شركة بدر للاستثمار، هو عمل مباح غير محظور سواء قبل صدور القانون رقم 146/ 1988 وحتى بعد صدوره مما يجعل سبب القرار المطعون فيه فاقداً أساسه القانوني.
واستطرد الطاعنان إلى أن القرار المطعون فيه لا يحقق مصلحة عامة لأن تقييد حريتهما يحول دون نشاطهما الاقتصادي ويثير عدم الثقة في مشروعاتهما وشخصيتهما مما يؤثر على قدرتهما في رد أموال المودعين، وخلص الطاعنان إلى أن الحكم المطعون فيه وقد أضفى على القرار المطعون فيه وصف الصحة رغم فقدانه لركن الغاية، فإن الحكم يكون قد خالف القانون ويتعين الحكم بإلغائه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه قد نصت المادة (50) من الدستور على أنه لا يجوز أن يحظر على أي مواطن الإقامة في جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة بالقانون وتنص المادة (51) منه بأنه لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها، كما نصت المادة (53) بأن للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وينظم القانون هذا الحق وشروط الهجرة ومغادرة البلاد.
ولما كانت هذه المواد الثلاثة تقضي بحق كل مواطن في التنقل سواء داخل أرض الوطن أو في خارجه في أي وقت، سواء بالإقامة في مكان معين بالداخل أو الانتقال منه أو بالسفر بصفة مؤقتة إلى الخارج والعودة أو بالهجرة الدائمة إلى دولة أخرى بصفة دائمة أو مؤقتة وهذه الحقوق لا يسوغ باعتبارها من بين الحقوق الأساسية للإنسان المصري التي كفلها له المشرع الدستوري وهي لا يجوز للمشرع العادي إلغائها أو تغييرها بما يصل بها إلى درجة الإلغاء، وليس للمشرع العادي إلا حق تنظيمها وتحديد الإجراءات المتعلقة بمباشرة الأفراد لها وممارستها دون حظر أو تقييد مانع لها أو يتعارض مع الغاية منها، ومع التسليم بناءً على ما سلف بيانه بأن حرية المواطن المصري في التنقل من مكان إلى آخر داخل الدولة أو خارجها حق دستوري أصيل للمواطن المصري ومقرر له بحكم صفته كإنسان وهذا الحق لا يجوز لجهة الإدارة المساس به دون مسوغ.
ولا الانتقاص منه بغير مقتضى من المصلحة القومية للمجتمع والدولة في حدود التشريعات المنظمة لهذا الحق والتي تتضمن كيفية ممارسته وبما لا يتعارض مع المصلحة العامة، وعلى ذلك فإن تنظيم حرية المواطن في التنقل من مكان إلى آخر والسفر إلى خارج البلاد أمر تقتضيه ضرورة المحافظة على سلامة الدولة في الداخل والخارج على استقرار وحماية الأمن العام وعدم تعطيل سير العدالة نتيجة خروج متهمين أو شهود خارج البلاد بينما هم لازمون للفصل في القضايا أو التصرف في التحقيقات ورعاية مصالح الاقتصاد القومي، وذلك كله دون أن يخل التنظيم بمبدأ حرية السفر والتنقل ولا يمس جوهره ومضمونه وإعمالاً لهذه المبادئ والقواعد فقد أجازت المادة (11) من القانون رقم 97/ 1959 الخاص بجوازات السفر، لوزير الداخلية - لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده، وجواز سحبه بعد إعطائه، وتنفيذاً لذلك فقد أصدر وزير الداخلية قرارات متعاقبة آخرها القرار رقم 975/ 1983 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر وتضمنت مادته الأولى الجهات التي يجوز لها طلب الإدراج في قوائم الممنوعين من السفر بالنسبة للأشخاص الطبيعيين ومن بينها مصلحة الأمن العام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهات المختصة قد وافقت على تأسيس شركة بدر للاستثمار في 20/ 7/ 1986 وتم قيد الشركة في السجل التجاري بمكتب الجيزة في 30/ 8/ 1986 تحت رقم 71043 وبتاريخه قامت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بإدراج (السيد/ .........) عضو مجلس إدارة الشركة المشار إليها، (السيد/ .........) نائب رئيس مجلس الإدارة على قوائم ترقب الوصول والتفتيش - بعد موافقة الوزير - لقيامهما بعقد اجتماعات مع العاملين المصريين بدول الخليج وحثهم على تحويل مدخراتهم إلى شركة بدر للاستثمار، ولما وصل المذكوران إلى البلاد في 25/ 6/ 1987 ظهر أن نتيجة تفتيشهما كانت سلبية - وقد قامت الإدارة المختصة بتعديل إدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر كإجراء احتياطي حماية لأموال المودعين وموارد البلاد من النقد الأجنبي.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن القرار الصادر بإدراج الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر بقصد حماية أموال المودعين التي كانت تتلقاها شركة بدر للاستثمار التي يشغلان فيها منصبي نائب رئيس مجلس الإدارة، وعضو مجلس الإدارة وحماية لموارد البلاد من النقد الأجنبي وهي الغاية التي تغياها القرار المطعون فيه، وليس من شك في أن الدولة بصفتها هي المسئولة عن مراعاة صالح المجتمع والحفاظ على أمنه الاجتماعي والاقتصادي في حدود أحكام الدستور والقانون قد قدرت أن الأمر يقتضي تواجد أصحاب شركات تلقي الأموال والذين يتولون الأعمال التنفيذية والرئيسية بتلك الشركات داخل البلاد وعدم مغادرتها إلى الخارج إلى أن يتم حسم الأمر بالنسبة لحسابات المودعين، وهو ما عناه المشرع في القانون رقم (146/ 1988) حينما دعا الشركات المشار إليها ومنها شركة بدر للاستثمار إلى توفيق أوضاعها بالقدر الذي يحفظ حقوق المودعين ومن ثم فإذا ما قدرت الجهة الإدارية المختصة أن وجود أصحاب الشركات المشار إليها أو الذين يعملون بها في وظائف توفر لهم حيازة أموال المودعين كلهم أو بعضهم أو تتوفر لديهم البيانات الخاصة بجميعها وإداراتها أو التصرف فيها داخل أراضي الجمهورية ومنعهم من السفر كإجراء احتياطي - وهو ما عبر عنه القرار المطعون فيه لحماية أموال المودعين وموارد البلاد من النقد الأجنبي ولتيسير سبل الفحص والتحقيق ومعرفة المعلومات بمعرفة السلطات المختصة عن هذه الأموال وأوجه التصرف بشأنها فلا معقب على سلطتها التقديرية ما دامت تستهدف الصالح العام وتخلو من الانحراف أو إساءة استعمال السلطة، وحيث إن البين الجلي من الأوراق في خصوص الدعوى الماثلة أن شركة بدر للاستثمار التي ينتمي إليها الطاعنون قد عجزت فعلاً عن توفيق أوضاعها - وعن رد أموال المودعين مما حدا بالمدعي العام الاشتراكي إلى أن يستصدر أمراًَ من محكمة القيم يمنع بعض أصحاب الشركة - ومن بينهم - الطاعن الأول - من السفر خارج البلاد كما بادر المدعي الاشتراكي أيضاً بدوره إلى طلب فرض الحراسة على أموال الشركة كشخص معنوي وعلى أموال بعض الأشخاص الطبيعيين من مؤسسي الشركة، وقد صدر حكم محكمة القيم بتاريخ / 3/ 1992 بفرض هذه الحراسة فعلاً، الأمر الذي يبين منه أن القرار الصادر بإدراج الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر قد صدر صحيحاً وقائماً على سببه المبرر له ومطابقاً للقانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب وقف تنفيذه فإنه يكون قد أصاب الحق.
ومن حيث إنه لا وجه لما نعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من أنه قد بني على أسانيد لاحقة لصدور القرار المطعون فيه - ذلك أن الحكم حينما استطرد في أسبابه مشيراً إلى صدور القانون رقم 146/ 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها كان يستهدف بذلك الاستشهاد بأن الغاية التي صدر من أجلها القرار المطعون فيه غاية صحيحة ومشروعة.
وذكر أن صدور القانون المذكور وإن كان بعد اتخاذ القرار الطعين إلا أنه قد تبين وأفصح أن الشركة التي يعمل بها من صدر بشأنهم القرار قد عجزت عن توفيق أوضاعها أو رد أموال المودعين لديها مما تترتب عليه فرض الحراسة عليها وعلى أموال بعض الأشخاص الطبيعيين من مؤسسيها ضماناً لاسترداد أموال المودعين وهذا بذاته يؤكد أن الأسباب التي قام عليها القرار الطعين والغاية من صدوره تقوم على أساس من الواقع والمصلحة الاقتصادية القومية وكفالة حسن سير العدالة وعدم تعويق مباشرة سلطات الفحص والتحقيق أو أداء المحاكم المختصة لرسالتها بهذا الخصوص.
ومن حيث إنه لا وجه لما ساقه الطاعن الثاني (..........) من أنه قد استقال من منصبه الذي كان يشغله بشركة بدر للاستثمار، وذلك أن تلك الاستقالة تمت في ديسمبر 1988 أي بعد مرور نحو عام ونصف على صدور قرار المنع من السفر في يونيو 1987 والاستقالة لا تنفي مسئولية صاحبها عما يكون قد باشره من أعمال أو توفرت لديه من معلومات وبيانات خاصة بنشاط الشركة وأموال المودعين إبان ممارسته لأعمال وظيفته ومهام منصبه الذي كان يشغله بشركة بدر للاستثمار، ولأن قرار الإدراج المطعون فيه صدر بقصد حماية أموال المودعين التي تلقتها الشركة إبان أن كان الطاعن الثاني يشغل فيها منصب عضو مجلس الإدارة، وغني عن البيان أن عدم اشتمال حكم محكمة القيم على منعه هو شخصياً من السفر لا يعني عدم سلامة القرار الصادر من الجهة الإدارية بمنعه من السفر لأن لكل من القرارين طبيعة ومجال صدوره والظروف التي حدثت لإصداره والنظام القانوني الذي يخضع له.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما سلف بيانه فإنه حيث إن القرار المطعون فيه بإدراج الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر قد صدر من وزير الداخلية على ضوء ما ورد بكتاب "مصلحة الأمن العام" رقم (935) في 25/ 6/ 1987 - بناءً على معلومات الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة - ولما كانت "مصلحة الأمن العام" من الجهات المختصة التي حددها قرار وزير الداخلية رقم 975/ 1983 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين والتي لها طلب الإدراج على قوائم الممنوعين للأسباب المتعلقة بالأمن العام، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر من سلطة إصداره ويكون النعي عليه بصدوره من غير مختص نعياً غير قائم على أساس صحيح.
ومن حيث إنه يبين مما سلف بيانه أن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به للأسباب التي استند عليها والنتيجة التي خلص إليها، ويكون طعن الطاعنين غير سديد متعيناً رفضه وإلزامهم بالمصاريف طبقاً لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 27/ 6/ 1993 في الطعن رقم 635 لسنة 34 ق الخاص بتحديد الطبيعة القانونية لقرار الإدراج على قوائم الممنوعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق