الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 أكتوبر 2023

المذكرة الايضاحية للقانون الاتحادي 28 لسنة 2005 بشأن الأحوال الشخصية

بسم انه الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرأ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله الذي أرسله رحمة للناس بشيراً و نذيراً، و داعيا إلى الله بإذنه وسراجا - منيراً.
" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ".
" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".
وبعد ، فقد قضت السنة الإلهية بضرورة اجتماع الذكور بالإناث حفظاً للنوع المدة التي شاء الله تعالى أن يعيشها نلك النوع ، وقد يوجد النسل ، وبه يستمر بقاء النوع بأي اجتماع كان ، ولكن البقاء على الوجه الخالي من التظالم وضياع الحقوق والأنساب لا يكون إلا على النحو الذي شرعه الله لاستقرار العلاقة بين الجنسين ، وقيام أسرة متماسكة تتعهد الأولاد وتحفظهم وتسعى في كل ما فيه الخير لهم بقدر المستطاع .
من أجل ذلك شرع الله الزواج ووضع له نظاماً لتكوينه وشروطه وما به يحفظ النسل ويربى أحسن التربية على وجه يكفل للعالم سعادته ويوفر عليه راحته ويقيه ما لا يحصى من المضار.
وقد حض الشارع على الزواج ورغب فيه وجعله من آياته وامتن علينا به .
قال الله تعالى : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " وروى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لا أتزوج ، وقال بعضهم أصلى ولا أنام ، وقال بعضهم أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال " ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأمام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني " وروى أبو داود والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا أخبركم بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة ، إذا نظر إليها سرته ، وإذا غاب عنها حفظته ، وإذا أمرها طاعته" ورواه الترمذي من طريق آخر رجاله ثقات ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن ماجه والحاكم :" لم يُر للمتحابين مثل الزواج "ا وروى أصحاب السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أي مضعف لشهوته.
وقد جعل الفقهاء للزواج أحوالا فجعلوه فرضاً عند التوقان وتيقن الوقوع في الزنى إن لم يتزوج ، بشرط أن يكون مالكأ المهر والنفقة ، وسنة موكدة حال الاعتدال فيأثم بتركه ويثاب أن نوى تحصيناً وولدأ ، ومكروها إذا خاف الجور، فإن تيقته ، كان حرامأ ، لأن الزواج إنما شرع لتحصين النفس وبقاء النسل وتحصيل الثواب ، وهو بالجور يرتكب المحرمات فتعد م المصلحة التي من أجلها شرع الزواج لرجحان هذه المفاسد.
من أجل ذلك ولئلا تختلف المشارب وتتعدد المذاهب في المسألة الواحدة ، فقد توجهت إرادة ولي الأمر لإعداد قانون للأحوال الشخصية يكون مرجعاً في العلاقات الأسرية من ناحية ، ومحدداً للحقوق والواجبات ، ومنهجاً تتبعه المحاكم عند الفصل في المنازعات من ناحية أخرى.
هذا وقد مر قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العربية المتحدة بعدة مراحل في طور إعداده ، فكانت أول نسخة لمشروع القانون في سنة 1978، حيث أعدتها اللجنة العليا للتشريعات الإسلامية التي شكلت بموجب توجيهات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - حيث صدر بناء على هذه التوجيهات قرار من مجلس الوزراء رقم ( 50) لسنة 1978 بتشكيل لجنة عليا لمراجعة التشريعات وتقنينها، وكان من بين نتاج هذه اللجنة مشروع قانون الأحوال الشخصية .
وظل الأمر على ما هو عليه إلى أن أعدت اللجنة الفنية المختصة بمجلس وزراء العدل العرب مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية ، والذي اكتمل بناؤه في عام 1985، غير أنه لم ير النور كما حدث للمشروع السابق الذي أعدته اللجنة العليا للتشريعات الإسلامية.
ثم بدأ الأمر يأخذ منحى جديدا بتشكيل مجلس التعاون الخليجي ، حيث انبثق منه مجلس وزراء العدل بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، وكان من بين ما قام به هذا المجلس تشكيل لجنة فنية لمراجعة وإعداد مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون ، وفعلاً استكملت اللجنة إعداد ومراجعة مشروع القانون استنادا إلى مشروع القانون العربي الموحد وما صدر من تقنينات للأحوال الشخصية في دول المجلس و بعض الدول العربية ، حيث صدر المشروع في صيغة قانون موحد لدول مجلس التعاون وسمي وثيقة مسقط للأحوال الشخصية واعتمد من المجلس الأعلى لحكام دول المجلس كقانون موحد لمدة خمس سنوات ، ثم جددت قبل عام هذه المدة خمس سنوات أخرى بهدف إدخال ما يطرأ لدى المجلس من تعديلات في ضوء ما يستجد 0
وفي عام 997 ا شكلت في دولة الإمارات العربية المتحدة لجنة ضمت العديد من أهل العلم والمستشارين لإعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية بدولة الإمارات العربية المتحدة " استناداً إلى وثيقة مسقط للأحوال الشخصية وتم بالفعل إعداد مشروع القانون غير أنه لم ير النور كسابقه من المشاريع.
وبتاريخ 6 رمضان 1423 _ الموافق 11-11-2002م صدر قرار معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف رقم (669) لسنة 02 20 بتشكيل لجنة فنية لمراجعة مشروع قانون للأحوال الشخصية برئاسة الأستاذ الدكتور أحمد عبيد الكبيسي ، وعضوية كل من : الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الصابونى ، والأستاذ الدكتور محمد الزحيلي، والأستاذ الدكتور خليفة بابكر الحسن ، والأستاذ الدكتور محمد عباس السامراني، والأستاذ الدكتور محمود السرطاوي ، والدكتور محمد عبد الرحيم سلطان الطماء ، والمستشار الدكتور حسن أحمد على عبد الغفار الحمادي ، والمستشار الدكتور عبد العزيز مصطفى الخالد - (عضوا ومقرراً)، وقد باشرت اللجنة أعمالها مستندة إلى :
1 . وثيقة مسقط للأحوال الشخصية.
2 مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي أعدته اللجنة العليا لمراجعة التشريعات وتقنينها.
3. مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي أعدته اللجنة المشكلة عام 1997.
4. ما صدر من قوانين للأحوال الشخصية في الدول العربية .
5. التوجيهات العليا الصادرة بشأن إعداد مشروع قانون يجمع بين مذاهب الفقهاء الأربعة مع اختيار الأيسر والأصلح من هذه الأقوال.
وقد باشرت اللجنة اجتماعاتها، وتم إعداد مشروع القانون وفق المنهج الذي رسمته اللجنة في بداية اجتماعاتها بحيث يتم اختيار رأي الجمهور في كل مسألة مع مراعاة الأيسر والأصلح للناس في إطار الفقه الإسلامي الصحيح ، ولم يفرج عن نلك سوى عدد قليل من المسائل تم فيها الرجوع إلى ولى الأمر في تقرير ما يرى اعتماده من هذه الآراء، باعتبار أن رأيه فيما فيه خطف يرفع الخلاف، وكان من أبرز هذه المسائل:
- الطلاق الثالث بلفظ واحد والطلاق المتكرر.
- يمين الطلاق.
- الطلاق المعلق على شرط.
- الوصية الواجبة.
- سن البلوغ.
- ترتيب الحواضن.
وقد استكمل القانون بناءه فجاء في (363) مادة متضمناً العديد من الأحكام التي لم يسبق تناولها في أي قانون من قوانين الأحوال الشخصية المعروفة ومن ذلك :
1- سريان القانون بأثر رجعي على النحو الذي حددته المادة (1) منه.
2- إنشاء لجنة التوجيه الأسرى وتحديد اختصاصاتها بقرار من الوزير.
3- تيسير إجراءات رفع الدعوى والإعلان ولائحة الإشهادات و التوثيقات وتنظيم قواعد الطعن.
4- حالات التعويض عند فسخ الخطبة.
5- شرط الخلو من أمراض معينة لإجراء عقد النكاح وتشكيل لجنة لهذا الغرض.
6- خضوع أكثر المهر لقواعد تحديد المهر المنصوص عليها في القانون الخاص بذلك.
7- التسوية بين الزوجات والأولاد في الهبات.
8- نفقة اللقيط الذي لا منفق عليه.
9- زيادة أكثر مدة الحمل بثبوته بناء على تقرير لجنة فنية مختصة ولو زادت المدة على سنة.
10- عدم حصر العيوب المضرة.
11- التفريق للعقم والتغرير والمرض المعدي ، والاستعانة بلجنة طبية مختصة بشأن العيوب.
12- إجابة القاضي لطلب المرأة الخلع قبل الدخول.
13- تقرير النفقة الوقتية للزوجة والأولاد.
14- عدم نفاذ حكم الطلاق إلا بعد صيرورة الحكم باتاً.
15- إعطاء القاضي صلاحية اختيار الحاضن إن لم يوجد الأبوان ولا مستحق للحضانة يطلبها.
16- تنظيم أحكم السفر الذي يقسط الحصانة.
17- تنظيم أحكام رؤية المحضون.
18- حفظ جواز سفر المحضون.
19- أسباب جديدة لسلب الولاية على القاصر.
20- إيداع القاصر في مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
21- صرف الوصية على وجوه البر لأقرب مجانس لها.
22- إجراءات تحقيق الوفاة والوراثة وتصفية التركة.
23- نصوص إجرائية في شأن التركات والمواريث.
24- تركة من لاوارث له تكون وقفاً باسمه تحت نظارة هيئة الأوقاف.
25- التحايل على أحكام الميراث باطل.
بالإضافة إلى بعض الأحكام الأخرى التي وردت عرضاً عند تنظيم أحكام القانون .
وحرصاً على تحري الحق والصواب ، فقد تمتم مخاطبة الجهات ذات العلاقة في الدولة والتي زاد عددها على عشرين ، لاستطلاع رأيها في الأحكام الواردة في القانون وعكفت اللجنة على دراسة ما ورد إليها من ملاحظات ، وتم تعديل بعض الأحكام تبعاً لذلك ، حتى خرج القانون في صورة تراعي مصالح الناس وتيسر أمورهم وفق هدى الدين الإسلامي الحنيف.
وتتميما للفائدة وتحديداً للمرجعية الفقهية التي نصت عليها المادة (2) من القانون ، فقد قامت لجنة صياغة وإعداد مشروع القانون بإعداد مذكرة إيضاحية تحدد المرجعية الفقهية لأحكام الواردة في القانون ، والتي نضعها بين أيديكم من خلال السفر المبارك .
والله نسأل أن يجعل هذا العمل خالصاُ لوجهه تعالى ويسدد الخطأ لما فيه الخير والصلاح.
لجنة إعداد وصياغة قانون الأحوال الشخصية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق