الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 ديسمبر 2021

الطعن 7595 لسنة 81 ق جلسة 13 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 44 ص 261

جلسة 13 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد حسن العبادي، سمير حسن، عبد الله لملوم ومحمد عاطف ثابت نواب رئيس المحكمة.

-------------

(44)

الطعن 7595 لسنة 81 ق

(1 ، 2) نقض "أثر نقض الحكم: أثر النقض أمام محكمة الإحالة".
(1) نقض الحكم والإحالة. أثره. وجوب التزام محكمة الإحالة بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الشيء المحكوم فيه. أثره. يمتنع على محكمة الإحالة المساس بهذه الحجية عند إعادة نظر الدعوى.

(2) نقض الحكم للقصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع. جواز أن تقضي محكمة الإحالة بما قضت به في الحكم المنقوض. شرطه.

(3 ، 4) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: إدخال خصم في الدعوى".
(3) طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه. التزام المحكمة بإجابته. شرطه.

(4) قضاء الحكم الناقض بعدم مواجهة الحكم المنقوض لدفاع الطاعن الجوهري ببطلان حكم التحكيم محل التداعي لعدم استجابة هيئة التحكيم لطلب إدخال باقي البائعين المتضامنين في الخصومة. فصله في مسألة قانونية متعلقة بأن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال. أثره. ضرورة إتباع محكمة الإحالة الحكم الناقض في تلك المسألة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.

(5 ، 6) نقض "الطعن بالنقض للمرة الثانية".
(5) محكمة النقض. وجوب تصديها للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م269/ 4 مرافعات.

(6) التزام محكمة النقض إذا تصدت للموضوع بإتباع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها. علة ذلك. اكتسابه حجية الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها. مؤداه. اقتصار نظرها لموضوع الدعوى على نطاق المسألة القانونية التي أشار إليها الحكم الناقض. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى فيما عدا ذلك.

(7 - 18) تحكيم "اتفاق التحكيم: ماهيته" "نطاق التحكيم" "أثر الاتفاق على التحكيم" "إجراءات التحكيم: الإدخال والتدخل في خصومة التحكيم" "بطلان حكم التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم". "ما لا يعد من أسباب البطلان" "إخضاع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: إدخال خصم في الدعوى".
(7) التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض المنازعات. قوامه. الخروج على طريق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات.

(8) اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. مقتضاه. سلب ولاية القضاء. أساسه. القانون.

(9) التنظيم القانوني للتحكيم. مناط قيامه.

(10) إرادة المتعاقدين. توجد التحكيم وتحدد نطاقه.

(11) خصومة التحكيم. نطاقها الشخصي يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم. جواز اختصام من ليس طرفا في الاتفاق أمام هيئة التحكيم. شرطه. أن يكون من الغير الذي يمتد إليه اتفاق التحكيم. صوره. الإدخال والتدخل وفقا لقانون المرافعات عند الاختصام.

(12) هيئة التحكيم. التزامها بالتحقق من توفر شروط الإدخال والتدخل وفقا لقانون المرافعات وبما يتفق والطبيعة الاستثنائية لخصومة التحكيم.

(13) التزام المحكمة بالتأجيل لإدخال ضامن. شرطه. م 119 مرافعات.

(14) النعي على حكم التحكيم بالبطلان لاستجابة هيئة التحكيم لاعتراض المحتكمة على تأخر المحتكم ضده في إدخال البائعين المسئولين معه تضامنيا في الخصومة رغم منحه مهلة لاتخاذ الإجراء إلى ما بعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم. على غير أساس. علة ذلك.

(15) اتفاق طرفي التحكيم على خضوع إجراءاته لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس. خلو تلك القواعد من اشتراط أن يكون وكلاء المحتكمين من بين المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين. النعي على حكم التحكيم بالبطلان لقبول هيئة التحكيم مثول محام لديها عن الشركة المحتكمة غير مصري الجنسية. على غير أساس. علة ذلك.

(16) دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها لتعييب قضائه في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهم هيئة التحكيم لحقيقة الواقع ورجمه بالخطأ في تفسير القانون وتطبيقه. علة ذلك.

(17) دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها لمراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين. علة ذلك.

(18) القضاء بناء على العلم الشخصي. ليس من بين حالات البطلان المنصوص عليها في م 53 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. علة ذلك.

------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ نقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التي أصدرته، فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها، والمقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال هو الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها - في هذا الخصوص - حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظرها الدعوى أن تمس هذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض سلفا لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة - في هذه الحالة - أن تقضي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التي شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه يتعين على المحكمة إجابته إليه وتأجيل الدعوى لإدخال باقي المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى.

4 - إذ كان الحكم الناقض انتهى إلى أن الحكم المنقوض لم يواجه دفاع الطاعن الجوهري الذي تمسك فيه ببطلان حكم التحكيم - محل التداعي - لعدم استجابة هيئة التحكيم إلى طلبه بإدخال باقي البائعين المتضامنين معه في خصومة التحكيم بما يصلح ردا عليه وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص بعينهم، ومن ثم فإن الحكم الناقض يكون قد قطع في مسألة قانونية هي أن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال وبذلك فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تتبع هذا الحكم في تلك المسألة التي فصل فيها، وإذ لم تلتزم المحكمة المطعون في حكمها بهذا النظر وأقامت قضاءها برفض دعوى البطلان تأسيسا على أن الخصومة التحكيمية لا تقبل الإدخال مما حجبها عن استدراك عيب القصور الذي نعاه الحكم الناقض على الحكم المنقوض بعدم بحث ما إذا كان الطاعن قد اتخذ إجراءات إدخال الخصوم المراد إدخالهم في الميعاد المقرر سلفا والوقوف على مدى لزومه في الدعوى التحكيمية المطروحة، فإنها - فضلا عن مخالفتها لحجية الحكم الناقض - قد شاب حكمها عيب القصور المبطل.

5 - إن المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا رأت نقض الحكم المطعون فيه، وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع.

6 - إذ كان الطعن الحالي هو طعن للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة (محكمة النقض) تتصدى لموضوع الدعوى، إلا أنه يتعين عليها - وفقا لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض - أن تلتزم بحجية الحكم الناقض باعتباره حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها ويمتنع عليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما يتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التي أشار إليها الحكم الناقض، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ولهذه المحكمة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات.

8 - إذ كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء.

9 - إن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية.

10 - إن إرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية.

11 - إن الأصل أن النطاق الشخصي لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم إلا أنه يجوز لأي من طرفي التحكيم أن يختصم أمام هيئة التحكيم من ليس طرفا في الاتفاق إذا كان من الغير الذي يمتد إليه هذا الاتفاق ويكون الاختصام - في هذه الحالة - بناء على طلب أحد طرفي التحكيم ويتخذ صورة الإدخال أو التدخل ويشترط موافقة الطرف الآخر في التحكيم على هذا الاختصام كما يشترط - في حالة الإدخال - موافقة الغير الذي لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم.

12 - إنه يجب على هيئة التحكيم التحقق من توفر شروط الإدخال والتدخل المنصوص عليها في المواد 117، 119، 126 من قانون المرافعات، وذلك بما يتفق منها مع الطبيعة الاستثنائية للخصومة التحكيمية.

13 - إن مؤدى النص في المادة 119/ 1 من قانون المرافعات أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم طالب الإدخال إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إلا إذا توفر شرطان أولهما أن تكون الدعوى المطلوب إدخال ضامن فيها دعوى مدنية وثانيهما أن ترفع دعوى الضمان خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان طالب الإدخال بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، ومن ثم فإنه إذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما فلا تكون المحكمة ملزمة بالتأجيل وإنما يكون ذلك جوازيا لها.

14 - إذ كان البين من الأوراق ومما سجله حكم التحكيم المطعون عليه أن الشركة المحتكمة - المدعى عليها في دعوى البطلان - قررت في مذكرتها المؤرخة 4 مايو سنة 2003 أن للمحتكم ضده - المدعي - الحق في أن يضم إلى التحكيم البائعين الآخرين المسئولين معه مسئولية تضامنية تكافلية، بيد أن الأخير لم يتقدم بطلب الضم المذكور إلا بمذكرته المؤرخة في 1 ديسمبر سنة 2003 وطلب فيها مهلة لا تقل عن 120 يوما للإدخال، وإذ تم اكتمال تشكيل هيئة التحكيم في 6 يونيه سنة 2003 والتوقيع على صك مهمتها في 12 نوفمبر سنة 2003 فقد اعترضت المحتكمة بمذكرتها المقدمة في 30 مارس سنة 2004 على الضم لتأخر وقته واكتمال إجراءات التحكيم مما يبين منه أن عدم نفاذ الإجراء كان مرده إلى فعل المدعي وعدم قيامه به في وقته المناسب فلا على هيئة التحكيم إن هي استجابت لاعتراض المحتكمة ولم تعتبر موافقتها الأولى على الإدخال موافقة غير مشروطة على قيام المدعي باتخاذ ذلك الإجراء في أي مرحلة من مراحل التحكيم وانتهت من ذلك إلى رفض طلب الإدخال، مما يضحى معه النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب قائما على خلاف سنده الصحيح من الواقع والقانون جدير بالرفض.

15 - إن قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التي ارتضى الطرفان إخضاع إجراءات التحكيم لها إعمالا لنص المادة 17/ 3 من اتفاق التحكيم قد نصت في المادة 21/ 4 منها على أن يمثل الأطراف إما شخصيا وإما بمن يمثلهم قانونا ولهم - أيضا - الاستعانة بمستشارين ولم تشترط تلك القواعد أن يكون وكلاء المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين، وإذ كانت تلك القواعد لا تتعارض مع النظام العام في مصر، فإن النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.

16 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه.

17 - إنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأن خطأهم - على فرض وقوعه - لا ينهض سببا لإبطال حكمهم لأن دعوى البطلان تختلف عن دعوى الاستئناف.

18 - إذ كانت أوجه النعي التي وردت بهذا السبب ليست من ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وأنها تنطوي في حقيقتها على إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء التحكيم بشأن تقدير المحكمين لأدلة الدعوى والمستندات المقدمة فيها مما لا يجوز أن يكون سببا لدعوى البطلان، كما وأن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الحكم لقضاء هيئة التحكيم بناء على علمها الشخصي، فإنه مردود عليه بأن المحكم يختاره الخصوم - بالدرجة الأولى - لوافر خبرته بالمسائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعي أن تنعكس تلك الخبرة على قراره ولا يصح أن يوصم قضاؤه بالبطلان لهذا السبب.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم .... لسنة ..... ق استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكمي التحكيم الجزئي والنهائي الصادر أولهما بتاريخ 14 يونيو سنة 2004 وثانيهما بتاريخ 14 من مارس سنة 2006 في الدعوى التحكيمية رقم .... مركز القاهرة للتحكيم الدولي، وقال بيانا لها إنه بموجب عقد مؤرخ 14 أغسطس سنة 2000 تعاقد وآخرون مع الشركة المطعون ضدها على أن تقوم الأخيرة بشراء أسهم الأولين في الشركة .......... للتأمين وانطوى العقد على شرط التحكيم، وإذ نشب خلاف بينهم بشأن تنفيذ العقد لجأت الشركة المطعون ضدها إلى التحكيم بطلب إلزام الطاعن بالتعويض لوجود تناقضات في حسابات الشركة "شركة التأمين" ولدى نظر الدعوى التحكيمية طلب الطاعن إدخال باقي البائعين خصوما في التحكيم، وبتاريخ 14 من يونيو سنة 2004 حكمت هيئة التحكيم برفض هذا الطلب، وبتاريخ 14 من مارس سنة 2006 حكمت بإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضدها - المحتكمة - مبلغ .... جنيها والفوائد بواقع 4% سنويا من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد، ومن ثم أقام دعواه بطلب بطلان حكمي التحكيم، وبتاريخ 7 من يونيو سنة 2008 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 10132 لسنة 78 ق، وبتاريخ 11 من مايو سنة 2011 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبعد أن عجل الخصوم الدعوى حكمت بتاريخ 9 من مارس سنة 2011 برفضها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، إذ لم يتبع الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم 10132 لسنة 78 ق في المسألة القانونية التي فصل فيها والتي تتصل بأطراف خصومة التحكيم وبأنها تقبل التعدد وإدخال الغير فيها وانتهى إلى أن تلك الخصومة لا تقبل الإدخال، وأن عدم استجابة هيئة التحكيم لطلب الإدخال لا يصم حكمها بالبطلان، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى وقد حجبه ذلك عن بحث مدى توفر مقومات قبول هذا الإدخال ولزومه في الدعوى التحكيمية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذ نقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التي أصدرته، فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها، والمقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال هو الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها - في هذا الخصوص - حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظرها الدعوى أن تمس هذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، كما أن من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض سلفا لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة - في هذه الحالة - أن تقضي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التي شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه، ومن المقرر - أيضا - أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه يتعين على المحكمة إجابته إليه وتأجيل الدعوى لإدخال باقي المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم الناقض انتهى إلى أن الحكم المنقوض لم يواجه دفاع الطاعن الجوهري الذي تمسك فيه ببطلان حكم التحكيم - محل التداعي - لعدم استجابة هيئة التحكيم إلى طلبه بإدخال باقي البائعين المتضامنين معه في خصومة التحكيم بما يصلح ردا عليه وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص بعينهم، ومن ثم فإن الحكم الناقض يكون قد قطع في مسألة قانونية هي أن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال وبذلك فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تتبع هذا الحكم في تلك المسألة التي فصل فيها، وإذ لم تلتزم المحكمة المطعون في حكمها بهذا النظر وأقامت قضاءها برفض دعوى البطلان تأسيسا على أن الخصومة التحكيمية لا تقبل الإدخال مما حجبها عن استدراك عيب القصور الذي نعاه الحكم الناقض على الحكم المنقوض بعدم بحث ما إذا كان الطاعن قد اتخذ إجراءات إدخال الخصوم المراد إدخالهم في الميعاد المقرر سلفا والوقوف على مدى لزومه في الدعوى التحكيمية المطروحة، فإنها فضلا عن مخالفتها لحجية الحكم الناقض قد شاب حكمها عيب القصور المبطل مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

وحيث إن المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا رأت نقض الحكم المطعون فيه، وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، وإذ كان الطعن الحالي هو طعن للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة تتصدى لموضوع الدعوى، إلا أنه يتعين عليها - وفقا لما هو مقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تلتزم بحجية الحكم الناقض باعتباره حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها ويمتنع عليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما يتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التي أشار إليها الحكم الناقض، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ولهذه المحكمة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حره من جميع عناصرها - ولما تقدم - وكان من المقرر - أيضا - في قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذ كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء، إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية، وإنه وإن كان الأصل أن النطاق الشخصي لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم إلا أنه يجوز لأي من طرفي التحكيم أن يختصم أمام هيئة التحكيم من ليس طرفا في الاتفاق إذا كان من الغير الذي يمتد إليه هذا الاتفاق ويكون الاختصام - في هذه الحالة - بناء على طلب أحد طرفي التحكيم ويتخذ صورة الإدخال أو التدخل ويشترط موافقة الطرف الآخر في التحكيم على هذا الاختصام كما يشترط - في حالة الإدخال - موافقة الغير الذي لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم، ويجب على هيئة التحكيم التحقق من توافر شروط الإدخال والتدخل المنصوص عليها في المواد 117، 119، 126 من قانون المرافعات، وذلك بما يتفق منها مع الطبيعة الاستثنائية للخصومة التحكيمية، وكان النص في المادة 119/ 1 من القانون المشار إليه على أنه "يجب على المحكمة في المواد المدنية إجابة الخصم إلى طلب تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إذا كان الخصم قد كلف ضامنه خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى" مؤداه أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم طالب الإدخال إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إلا إذا توفر شرطان أولهما: أن تكون الدعوى المطلوب إدخال ضامن فيها دعوى مدنية، وثانيهما: أن ترفع دعوى الضمان خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان طالب الإدخال بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، ومن ثم فإنه إذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما فلا تكون المحكمة ملزمة بالتأجيل وإنما يكون ذلك جوازيا لها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومما سجله حكم التحكيم المطعون عليه أن الشركة المحتكمة - المدعى عليها في دعوى البطلان - قررت في مذكرتها المؤرخة 4 مايو سنة 2003 أن للمحتكم ضده - المدعي - الحق في أن يضم إلى التحكيم البائعين الآخرين المسئولين معه مسئولية تضامنية تكافلية، بيد أن الأخير لم يتقدم بطلب الضم المذكور إلا بمذكرته المؤرخة في 31 ديسمبر سنة 2003 وطلب فيها مهلة لا تقل عن 120 يوما للإدخال، وإذ تم اكتمال تشكيل هيئة التحكيم في 6 يونيه سنة 2003 والتوقيع على صك مهمتها في 12 نوفمبر سنة 2003 فقد اعترضت المحتكمة بمذكرتها المقدمة في 30 مارس سنة 2004 على الضم لتأخر وقته واكتمال إجراءات التحكيم مما يبين منه أن عدم نفاذ الإجراء كان مرده إلى فعل المدعي وعدم قيامه به في وقته المناسب فلا على هيئة التحكيم إن هي استجابت لاعتراض المحتكمة ولم تعتبر موافقتها الأولى على الإدخال موافقة غير مشروطة على قيام المدعي باتخاذ ذلك الإجراء في أي مرحلة من مراحل التحكيم وانتهت من ذلك إلى رفض طلب الإدخال، مما يضحى معه النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب قائما على خلاف سنده الصحيح من الواقع والقانون جدير بالرفض.

وحيث إنه عما يثيره المدعي بشأن بطلان حكم التحكيم لقبول هيئة التحكيم مثول محام لديها عن الشركة المحتكمة غير مصري الجنسية فإنه في غير محله، ذلك بأن قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التي ارتضى الطرفان إخضاع إجراءات التحكيم لها إعمالا لنص المادة 17/ 3 من اتفاق التحكيم قد نصت في المادة 21/ 4 منها على أن يمثل الأطراف إما شخصيا وإما بمن يمثلهم قانونا ولهم أيضا الاستعانة بمستشارين ولم تشترط تلك القواعد أن يكون وكلاء المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين، وإذ كانت تلك القواعد لا تتعارض مع النظام العام في مصر، فإن النعي على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.

وحيث إنه عما يثيره المدعي بشأن إخلال هيئة التحكيم بحقه في الدفاع لعدم الاستجابة إلى طلبه بسماع أقوال الرئيس التنفيذي للشركة المحتكمة واستدعاء شاهد من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وعدم السماح لخبير التأمين المعين من قبله بالحضور أمامها، في حين أنها سمحت لخبير الشركة المحتكمة بالحضور لديها كما لم تمكنه من الاطلاع على دفاتر تلك الشركة والمستندات المقدمة منها وأقامت قضاءها في الدعوى بناء على علمها الشخصي بعد استبعاد تقارير الخبراء الاكتواريين المقدمة لها، فإن جميع تلك المناعي مردود عليها بما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأن خطأهم - على فرض وقوعه - لا ينهض سببا لإبطال حكمهم لأن دعوى البطلان تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك، وكانت أوجه النعي التي وردت بهذا السبب ليست من ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وأنها تنطوي في حقيقتها على إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء التحكيم بشأن تقدير المحكمين لأدلة الدعوى والمستندات المقدمة فيها مما لا يجوز أن يكون سببا لدعوى البطلان، كما وأن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الحكم لقضاء هيئة التحكيم بناء على علمها الشخصي، فإنه مردود عليه بأن المحكم يختاره الخصوم - بالدرجة الأولى - لوافر خبرته بالمسائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعي أن تنعكس تلك الخبرة على قراره ولا يصح أن يوصم قضاؤه بالبطلان لهذا السبب، مما يضحى معه النعي - برمته - على غير أساس.

ولما تقدم، يتعين رفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق