الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 ديسمبر 2021

الطعن 3314 لسنة 70 ق جلسة 5 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 14 ص 86

جلسة ه من يناير سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدي مصطفي، أحمد فاروق عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة وياسر فتح الله العكازي.
------------

(14)
الطعن رقم 3314 لسنة 70 القضائية

(1 - 3) إثبات "طرق الإثبات: الدليل الكتابي: الإقرار". هبة "من أركان الهبة".
(1) الهبة. انعقادها. إيجاب وقبول متطابقان والتصرف بغير عوض. نية الهبة لا تفترض ولا تؤخذ بالظن. م 486 مدني.

(2) تفسير وتكييف المحررات. لازمه. التعرف على حقيقية مرماها وما انتواه المتصرف وقصد إليه. وضوح عباراته. مؤداه. عدم جواز الانحراف عنها. الالتزام بمجموع عباراته كوحدة متكاملة. (مثال لتسبيب معيب بشأن عقد اعتبر هبة).

(3) الإقرار ليس سببا لمدلوله. اعتباره دليل تقدم الاستحقاق عليه في زمن سابق. حكمه ظهور ما أقر به المقر لا ثبوته ابتداء. صحته ونفاذة ولو خلا ذكر سببه السابق عليه. هو حجة على المقر بما حواه. (مثال لتسبيب معيب بشأن عقد اعتبر هبة).

---------------

1 - إن مؤدى نص المادة 486 من القانون المدني يدل على أن الهبة لا تنعقد بإرادة الواهب المنفردة، بل لابد لانعقادها من إيجاب وقبول متطابقين، وأن تتوفر لدى المتصرف نية التبرع، أي التصرف بغير عوض، لأن نية الهبة لا تفترض ولا تؤخذ بالظن.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن العبرة في تفسير المحررات وتكييفها هي التعرف على حقيقة مرماها وما انتواه المتصرف وقصد إليه، فإذا كانت عبارات المحرر واضحة وجب أن تكون تعبيرا صادقا عن إرادته ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل، والمقصود بعبارات المحرر هو ما تفيده هذه العبارات في مجموعها لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها بل ينظر إلى ما تضمنه المحرر كله كوحدة متكاملة. لما كان ذلك، وكان السند المتنازع عليه المؤرخ 30/ 8/ 1990 الصادر من المطعون ضده الأول ومحرر بخط يده وموقع منه معنون بعبارة "شروط وإقرار وتنازل" يجري نصه كالتالي "أقر وأعترف وأتنازل أنا ... المحامي عن نصف المساحة المشتراه باسمي من والدي ... بعقد البيع المؤرخ 1/ 5/ 1990 لشقيقي ... وهذا إقرار وتنازل مني لأخي وتقسم المساحة المشتراه وقدرها 20 قيراطا موضحة الحدود والمعالم بالعقد المشار إليه مناصفة بيني وبين أخي المذكور قسمة مهايأة لا ظلم فيها ولا تمييز لي عليه حيث إن هذا حقه بمقتضى هذا التنازل ولا يصح لي أن أعارض في ذلك أو امتنع وهذا الإقرار بخطى وتوقيعي أمام الشهود". وقد ذيل بتوقيع من شقيقي طرفي الخصومة كشاهدين، وكان البين من عبارات هذا المحرر أنه صادر من جانب واحد هو المطعون ضده الأول وخلت عباراته من أي عبارة يمكن حملها على أنها إيجاب يعبر عن إرادته في إبرام عقد هبة، الأمر الذي يتخلف معه الركن الأول والأساسي من أركان عقد الهبة، كما أنه بفرض اعتبار ذلك المحرر ينطوي على إيجاب من المطعون ضده الأول فقد خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من أي دليل أو قرينة تفيد صراحة أو ضمنا أن هذا الإيجاب قد صادف قبولا مطابقا من الطاعن بوصفه عقد هبة، وإذ كيفت محكمة الموضوع التصرف الوارد بالمحرر آنف البيان بأنه عقد هبة برغم أنه لا ينعقد إلا بإيجاب وقبول متطابقين فإنها تكون قد أساءت تأويل عباراته وأسبغت عليه وصفا قانونيا غير صحيح، وكان إيراد تفاصيل العقد المؤرخ 1/ 5/ 1990 الصادر من والد الطاعن والمطعون ضده الأول المتضمن بيعه للأخير مساحة 20 قيراطا في صور المحرر المتنازع عليه والمؤرخ 30/ 8/ 1990 والفترة الزمنية القصيرة بين التصرفين والتي لا تتجاوز أربعة أشهر وصلة القرابة بين أطرافها، وما سطر بالمحرر من ألفاظ وعبارات كالإقرار والاعتراف وقسمة المساحة المباعة من الأب باسم المطعون ضده الأول مناصفة بين الأخين بغير ظلم ولا تمييز، وبأن ذلك حق الطاعن وتعهد المطعون ضده الأول بعدم المنازعة في هذا الحق، بأن ظاهر عبارات المحرر في مجموعها والظروف التي لابست تحريره كاشفة عن أن حقيقة المقصود به هو إقرار واعتراف المطعون ضده الأول بملكية شقيقه الطاعن لنصف المساحة المباعة إليه من الأب بالعقد المؤرخ 1/ 5/ 1990، ومن ثم لا يجوز الوقوف عند المعنى الحرفي للفظ التنازل الوارد بالمحرر وتأويله بمعزل عن باقي عباراته وإنما يتعين تفسيره باعتباره أثرا للإقرار بملكية الطاعن وهو ما يتسق مع عبارات المحرر في جملتها.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الإقرار لا يكون سببا لمدلوله وإنما هو دليل تقدم الاستحقاق عليه في زمن سابق تحكمه ظهور ما أقر به المقر لا ثبوته ابتداء، ويكون الإقرار صحيحا نافذا ولو كان خاليا من ذكر سببه السابق عليه، ويكون حجة على المقر بما حواه، وكان ما تضمنه المحرر المؤرخ 30/ 8/ 1990 - وعلى النحو سالف البيان - يعد إقرار بملكية الطاعن لأرض النزاع هذا الإقرار ليس سندها وإنما هو دليلها، فإن هذا التصرف الإقراري يكون حجة على المطعون ضده الأول المقر ودليلا للطاعن المقر له على ملكيته للقراريط العشرة موضوع التداعي، وإذ خالف الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - هذا النظر وأقام قضاءه على أن ما تضمنه المحرر سالف الذكر هو عقد هبة باطل لعدم إفراغه في ورقة رسمية فإنه يكون قد انحرف في تفسير عبارات المحرر انحرافا أدى به إلى الخطأ في تكييفه وإضفاء وصف قانوني عليه يخالف الوصف القانوني الصحيح عليه مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وحجبه ذلك عن بحث طلب الطاعن بالتعويض عن تصرف المطعون ضده الأول بالبيع للغير القراريط العشرة موضوع النزاع المملوكة له، مما يعيبه أيضأ بالقصور في التسبيب.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوي ... لسنة 1998 م. ك أسيوط بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي إليه مبلغا مقداره خمسة وأربعون ألف جنيه، وقال شارحا دعواه إنه بموجب العقد المؤرخ 30/ 8/ 1990 تملك القراريط العشرة المبينة بالأوراق إلا أنه فوجئ ببيع المطعون ضده الأول للمطعون ضدهما الثاني والثالث عشرين قيراطا من بينها المساحة المملوكة له، وكانت قيمة الأرض المملوكة للطاعن تقدر بالمبلغ المطالب به، ومن ثم فقد أقام الدعوى، كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى ... لسنة 1998 م. ك أسيوط على الطاعن بطلب الحكم ببطلان العقد المؤرخ 30/ 8/ 1990 - سالف الذكر - على سند من أنه عقد هبة افتقر لشرط الرسمية بما يبطله، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين وجه الطاعن طلبا عارضا ببطلان عقد البيع المؤرخ 1/ 5/ 1990 لصوريته، إذ صدر للمطعون ضده الأول من مورثهما دون سداد الثمن. حكمت المحكمة بعدم قبول الطلب العارض - لعدم الارتباط - وبرفض دعوى الطاعن رقم ... لسنة 1998 م. ك أسيوط وبالطلبات في الدعوى المنضمة رقم ... لسنة 1998 م. ك أسيوط بحكم استأنفه الطاعن برقم ... لسنة 74 ق أسيوط، وبتاريخ 10/ 4/ 2000 قضت بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ اعتبر ما تضمنه المحرر المؤرخ 30/ 8/ 1990 الصادر من المطعون ضده الأول عقد هبة باطل لعدم إفراغه في ورقة رسمية بمقولة إنه تنازل عن أرض النزاع بغير عوض، برغم أن عبارات المحرر واضحة الدلالة على أنه إقرار بملكية الطاعن لهذه الأرض ودون أن يعرض الحكم لما ساقه من قرائن توضح الظروف التي أحاطت بتحريره وتقطع بذلك فإنه يكون قد انحرف في تأويل عبارات المحرر المذكور وأخطأ في تكييفه مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في الفقرة الأولى من المادة 486 من القانون المدني على أن "الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في ماله دون عوض" يدل على أن الهبة لا تنعقد بإرادة الواهب المنفردة، بل لابد لانعقادها من إيجاب وقبول متطابقين، وأن تتوفر لدى المتصرف نية التبرع، أي التصرف بغير عوض، لأن نية الهبة لا تفترض ولا تؤخذ بالظن، وكانت العبرة في تفسير المحررات وتكييفها هي التعرف على حقيقة مرماها وما انتواه المتصرف وقصد إليه، فإذا كانت عبارات المحرر واضحة وجب أن تكون تعبيرا صادقا عن إرادته ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل، والمقصود بعبارات المحرر هو ما تفيده هذه العبارات في مجموعها لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها بل ينظر إلى ما تضمنه المحرر كله كوحدة متكاملة. لما كان ذلك، وكان السند المتنازع عليه المؤرخ 30/ 8/ 1990 الصادر من المطعون ضده الأول ومحرر بخط يده وموقع منه معنون بعبارة "شروط وإقرار وتنازل". يجري نصه كالتالي "أقر وأعترف وأتنازل أنا/ ... المحامي عن نصف المساحة المشتراه باسمي من والدي ... بعقد البيع المؤرخ 1/ 5/ 1990 لشقيقي ... وهذا إقرار وتنازل مني لأخي وتقسم المساحة المشتراه وقدرها 20 قيراطا موضحة الحدود والمعالم بالعقد المشار إليه مناصفة بيني وبين أخي المذكور قسمة مهايأة لا ظلم فيها ولا تمييز لي عليه حيث إن هذا حقه بمقتضى هذا التنازل ولا يصح لي أن أعارض في ذلك أو امتنع وهذا الإقرار بخطى وتوقيعي أمام الشهود"، وقد ذيل بتوقيع من شقيقي طرفي الخصومة كشاهدين، وكان البين من عبارات هذا المحرر أنه صادر من جانب واحد هو المطعون ضده الأول وخلت عباراته من أي عبارة يمكن حملها على أنها إيجاب يعبر عن إرادته في إبرام عقد هبة، الأمر الذي يتخلف معه الركن الأول والأساسي من أركان عقد الهبة، كما أنه بفرض اعتبار ذلك المحرر ينطوي على إيجاب من المطعون ضده الأول فقد خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من أي دليل أو قرينة تفيد صراحة أو ضمنا أن هذا الإيجاب قد صادف قبولا مطابقا من الطاعن بوصفه عقد هبة، وإذ كيفت محكمة الموضوع التصرف الوارد بالمحرر أنف البيان بأنه عقد هبة برغم أنه لا ينعقد إلا بإيجاب و قبول متطابقين، فإنها تكون قد أساعت تأويل عباراته وأسبغت عليه وصفا قانونيا غير صحيح، وكان إيراد تفاصيل العقد المؤرخ 1/ 5/ 1990 الصادر من والد الطاعن والمطعون ضده الأول المتضمن بيعه للأخير مساحة 20 قيراطا في صور المحرر المتنازع عليه والمؤرخ 30/ 8/ 1990، والفترة الزمنية القصيرة بين التصرفين والتي لا تتجاوز أربعة أشهر وصلة القرابة بين أطرافها، وما سطر بالمحرر من ألفاظ وعبارات كالإقرار والاعتراف وقسمة المساحة المباعة من الأب باسم المطعون ضده الأول مناصفة بين الأخين بغير ظلم ولا تمييز، وبأن ذلك حق الطاعن وتعهد المطعون ضده الأول بعدم المنازعة في هذا الحق، بأن ظاهر عبارات المحرر في مجموعها والظروف التي لابست تحريره كاشفة عن أن حقيقة المقصود به هو إقرار واعتراف المطعون ضده الأول بملكية شقيقه الطاعن لنصف المساحة المباعة إليه من الأب بالعقد المؤرخ 1/ 5/ 1990، ومن ثم لا يجوز الوقوف عند المعنى الحرفي للفظ التنازل الوارد بالمحرر وتأويله بمعزل عن باقي عباراته وإنما يتعين تفسيره باعتباره أثرا للإقرار بملكية الطاعن وهو ما يتسق مع عبارات المحرر في جملتها، وكان الإقرار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون سببا لمدلوله وإنما هو دليل تقدم الاستحقاق عليه في زمن سابق تحكمه ظهور ما أقر به المقر لا ثبوته ابتداء، ويكون الإقرار صحيحا نافذا ولو كان خاليا من ذكر سببه السابق عليه، ويكون حجة على المقر بما حواه، وكان ما تضمنه المحرر المؤرخ 30/ 8/ 1990 - وعلى النحو سالف البيان - بعد إقرار بملكية الطاعن لأرض النزاع هذا الإقرار ليس سندها وإنما هو دليلها، فإن هذا التصرف الإقراري يكون حجة على المطعون ضده الأول المقر ودليلا للطاعن المقر له على ملكيته للقراريط العشرة موضوع التداعي، وإذ خالف الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - هذا النظر وأقام قضاءه على أن ما تضمنه المحرر سالف الذكر هو عقد هبة باطل لعدم إفراغه في ورقة رسمية، فإنه يكون قد انحرف في تفسير عبارات المحرر انحرافا أدى به إلى الخطأ في تكييفه وإضفاء وصف قانوني عليه يخالف الوصف القانوني الصحيح عليه، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وحجبه ذلك عن بحث طلب الطاعن بالتعويض عن تصرف المطعون ضده الأول بالبيع للغير القراريط العشرة موضوع النزاع المملوكة له، مما يعيبه - أيضا - بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق