الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 أغسطس 2021

الطعن 47277 لسنة 60 ق جلسة 27 / 2 / 2016 إدارية عليا مكتب فني 61 ج 1 ق 58 ص 746

جلسة 27 من فبراير سنة 2016
الطعن رقم 47277 لسنة 60 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. جمال طه إسماعيل ندا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومنير عبد القدوس عبد الله، ومحمد ياسين لطيف شاهين. نواب رئيس مجلس الدولة
----------------
(أ‌) أوراق مالية:
حلت الهيئة العامة للرقابـة المالية محل الهيئة العامة لسوق المال في تطبيق أحكام قانون سوق رأس المـال، وأناط المشرع بها الرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك سوق رأس المال، بحيث تعمل على استقرار هذه الأسواق وتنظيمها، وعلى توازن حقوق المتعاملين فيها, وكذلك توفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق- للهيئة القيام على حماية حقوق المتعاملين فى هذه الأسواق، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات للحد من التلاعب والغش.
- المواد أرقام (1) و(2) و(3) و(4) من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية.

(ب‌) أوراق مالية:
الدور الرقابي للدولة على عمليات تداول الأوراق المالية- ناط المشرع بكل من رئيس بورصة الأوراق المالية ورئيس هيئة الرقابة المالية سلطة وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار، وإلغاء العمليات التي تُعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح، أو التي تتم بسعرٍ لا مبرِّر له، وكذا وقف التعامل على ورقةٍ مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق، أو المتعاملين فيه، فضلا عن الاختصاص الممنوح لهيئة الرقابة المالية في مراقبة سوق المال للتأكد من أن التعامل يتم على أوراقٍ مالية سليمة، وأنه غير مشوب بالغش أو النصب أو الاحتيال أو الاستغلال أو المضاربات الوهمية- يلزم توفر أدلة يقينية على وقوع الضرر أو احتمال وقوعه، فلا يجوز إصدار القرار على أساس ضرر مظنون.
- المادة رقم (21) من قانون سوق رأس المال، الصادر بالقانون رقم (95) لسنة 1992.
------------
الوقائع
بتاريخ 2/7/2014 أودع الأستاذ/... المحامي وكيلا عن الطاعن (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 47277 لسنة 60 القضائية (عليا), وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري فـي الدعـوى رقم 55910 لسنة 65ق بجلسة 3/5/2014، الذي قضى بإلغـاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد 365300 سهم، المملوكة لشركة (.........) في شركة (..........)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مسـتعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وقد جرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الوارد بمحضري الإعلان.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.

وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/12/2014، وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وخلالها قدم الحاضر عن الطاعن بصفته مذكرة دفاع وحافظة مستندات, وبجلسة 4/5/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/7/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال شهر, وفي هـذا الأجل أودع الطاعن بصفته مذكرة دفاع, وبهذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 17/10/2015, وتدوول نظره أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وخلالها قدم الطاعن بصفته مذكرة دفاع, وقدم الحاضر عن المطعون ضده الأول مذكرة طلب في ختامها الحكم برفض الطعن، مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وبجلسة 19/12/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/2/2016 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وخلالهما أودع كل من الطاعن بصفته والمطعون ضده الأول مذكـرة دفاع, وبهذه الجلسة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 20/2/2016، ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية, فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أن المطعون ضده الأول كان قد أقام الدعوى رقم 55910 لسنة 65ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/9/2011، طالبا الحكم بقبولها شكلا, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر عن اللجنة الرابعة (تظلمات) بالهيئة العامة للرقابة المالية في التظلم رقم 4 لسنة 2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه الأول بصفته (الشركة الطاعنة) المصروفات والأتعاب, وذلك على سند من القول بأنه بتاريخ 6/1/2011 صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد من الأسهم، منها 365300 سهم مملوكة لشركة (............)، فتظلمت الشركة المذكورة أمام لجنة التظلمات بالتظلم رقم 4 لسنة 2011، فأصدرت قرارها المطعون فيه بإلغاء القرار رقم 8 لسنة 2011 المشار إليه الصادر لمصلحة المدعي حماية لحقوقه تجاه هذه الشركة, ونعى المدعي على قرار لجنة التظلمات بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن هذا القرار كان سنده مخالفة القرار رقم 8 لسنة 2011 المشار إليه للقانون، وأنه مشوب بعيب اغتصاب سلطة قاضي التنفيذ الذي عهد إليه المشرع الاختصاص بتنفيذ الأحكام القضائية, والواقع أن القرار المطعون فيه خلط بين سلطة قاضي التنفيذ ودور الهيئة العامة للرقابة المالية في الحفاظ على حقوق المساهمين في الشركات، دون مساس بدور القضاء على وفق أحكام المادة الرابعة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، وكذا المادتين (21) و(43) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، التي بموجبها يكون لرئيس الهيئة سلطة وقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين بها, والثابت أن حكما قد صدر في الاستئناف رقم 4208 لسنة 122ق عن محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 3/6/2008 بأحقية المدعي في الاكتتاب في أسهم الزيادة البالغة 272 مليون جنيه، والذي تم خلال عام 1999، ويخصه منها 10880 سهما من أسهم شركة (...............), وصدر حكم محكمة النقض بجلسة 29/3/2009 برفض طلب وقف تنفيذ هذا الحكم, كما صدر حكمها في الطعن رقم 3196 لسنة 78ق بجلسة 23/3/2010 برفض الطعن المقام من السيد/ ............... ضد المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) وآخرين، طعنا على حكم الاستئناف المشار إليه, وبعد دراسة الموضوع من قبل الهيئة صدر القرار رقم 582 لسنة 2010 بتاريخ 28/11/2010 بتشكيل لجنة لإعداد تصور لآلية قانونية لرد الأسهم المستحقة للمدعي، فانتهت هذه اللجنة إلى أنه في ضوء المذكرات المعدة من قطاع الأدوات والتقارير المالية، والتي خلصت إلى أحقية المذكور في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس مال الشركة الذي تم خلال عام 1999، وكذا في الاكتتابات التالية والتي تمت في صورة أسهم مجانية, وإزاء رد بعض المساهمين الذين تم مطالبتهم برد أسهم الزيادة بأنهم لم يكونوا مختصمين في الحكم الصادر عن محكمة استئناف القاهرة, ولما كان جميع مساهمي الشركة ممن تملكوا أسهم الزيادة في رأس المال ما زالوا يحتفظون بعدد من الأسهم يساوي أو يفوق العدد المستحق للمساهم الصادر لمصلحته الحكم، فيما عدا شركة (.............) التي لم تعد تمتلك أي رصيد من أسهم الشركة، ولما كانت الهيئة ليس منوطا بها تنفيذ الأحكام القضائية إلا ما يدخل في اختصاصها على نحو مباشر, فإنه لا يسعها إلزام المساهمين نقل ملكية تلك الأسهم للمساهم الصادر لمصلحته الحكم, غير أنه بالنظر إلى اختصاصها بالقيام بحماية استقرار سوق رأس المال, وحماية مصالح المتعاملين فيه، يكون من الملائم استخدام السلطة المقررة لرئيس الهيئة في المادة (21) من قانون سوق رأس المال بوقف التعامل على عدد من الأسهم المستحقة للمساهم المذكور، وذلك تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذا العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين فيه، وذلك على نحو مؤقت لحين انتهاء النزاع رضاء أو قضاء، وليتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له, وبناء عليه صدر القرار رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد من الأسهم، منها 365300 سهم المملوكة لشركة (..............)، استنادا إلى المادة المشار إليها سالفا, وبذلك فإن حظر تداول الأسهم التي شملها القرار ليس إلا تدبيرا وقائيا وعملية حسابية لحفظ حقوق المدعي التي ثبتت له بموجب أحكام قضائية باتة.

يضاف إلى ذلك أنه قد سبق أن صدر للمدعي قرار في التظلم رقم 24 لسنة 2010 عن اللجنة الرابعة (تظلمات) بالهيئة بتاريخ 16/8/2010 بإلغاء قرار رفض الهيئة إلزام شركة (............) تقديم عرض شراء إجباري لشراء جميع أسهم المتظلم في شركة (..............), إلا أن الشركة المذكورة لم تنفذ هذا القرار, ومن ثم تكون الهيئة قد أعملت صحيح حكم القانون بإصدارها القرار رقم 8 لسنة 2011، ويكون قرار اللجنة الرابعة (تظلمات) في التظلم رقم 4 لسنة 2011 مخالفا للقانون.

وأضاف المدعى أن هناك سببا آخر لخطأ قرار هذه اللجنة يتمثل في أنها لم تلتزم حدود هذا التظلم المقدم من شركة (.........)، حيث قررت إلغاء قرار رئيس الهيئة المتظلم منه من قبل هذه الشركة، دون غيرها ممن شملهم القرار والذين لم يقوموا بالتظلم منه، مهدرة بإلغاء القرار برمته قاعدة وجوب الالتزام بحدود التظلم وبصفة المتظلم.

وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة –بعد إيداع التقرير بالرأي القانوني فيها من قبل هيئة مفوضي الدولة–، وبجلسة 3/5/2014 صدر الحكم بقبولها شكلا, وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 8 لسنة 2011 بتاريخ 6/1/2011 بوقف التعامل على عدد 365300 سهم المملوكة لشركة (...........) في شركة (...........), مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المدعى عليها المصروفات.

وقد شيد هذا الحكم على أساس من أن مفاد المواد (1 و2و4 و3) من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية, والمواد (21 و31 و43 و44) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992, والمادة (93) من لائحته التنفيذية, والمادة (45) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، والمادتين (136 و141) من لائحته التنفيذية –مفادها جميعا– أن المشرع ناط بهيئة سوق المال -ومن بعدها الهيئة العامة للرقابة المالية- سلطة الرقابة والإشراف على سوق رأس المال، بما يكفل شفافية التعامل فى السوق، وكفالة حقوق المتعاملين فيه بمنع الغش والنصب والاحتيال والمضاربات الوهمية, والتأكد من نزاهة عمليات التداول وقيامها على أسس سليمة ومعلومات حقيقية يتساوى الجميع في العلم بها والإحاطة بمضمونها، بما يحقق التوازن بين حقوق ومصالح المتعاملين في السوق, ويحول دون استئثار قلة منهم بالمزايا والمعلومات التي تمكنهم من تحقيق أعلى الأرباح إضرارا بغالبية المتعاملين فى السوق, وتمكينا للهيئة من مباشرة سلطتها، فقد خصها المشرع ببعض السلطات التى تكفل فعالية رقابتها وإشرافها على النحو الذي نصت عليه المادة (21) من قانون سوق رأس المال، التي أجازت وقف عروض طلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار, ووقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل فيها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه عندما تثبت مخالفة الشركة لأحكام القانون المشار إليه أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له, وأجاز المشرع لرئيس البورصة بالنسبة إلى العروض والطلبات التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار أن يصدر قرارا بوقف تلك العروض والطلبات, كما أجاز له وقف التعامل على الورقة المالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه.

وترتيبا على ذلك، ولما كان الثابت من الأوراق أنه على إثر نزاع قضائي بين المدعي والشركة المصرية للأسمنت (......) وبعض المساهمين في هذه الشركة حول أحقيته في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال خلال عام 1999، قضى بأحقيته في الاكتتاب فى الأسهم البالغة 272 مليون جنيه يخصه منها 10880 سهما من أسهم شركة (..........)، وذلك بحكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 4208 لسنة 122ق بجلسة 3/6/2008 المؤيد بحكم محكمة النقض في الطعن رقم 3196 لسنة 78ق بجلسة 23/3/2010, فقامت الهيئة العامة للرقابة المالية بدراسة الموقف القانوني لهذه الأسهم بناء على هذه الأحكام، وانتهت إلى أحقية المدعي في جميع الحقوق التي للأسهم الأصلية محل النزاع البالغ عددها 15600 سهم قبل التجزئة، مع ما يترتب على ذلك من حق الاكتتاب فى جميع الزيادات النقدية لرأس المال، وكذا حقه في الأسهم المجانية, وبناء عليه قامت الهيئة بمخاطبة شركة (........) بتاريخ 15/9/2010 بالكتاب رقم 20664 بالالتزام بتمكين المدعي من الحصول على الأسهم التي تم بيانها بالكتاب من المساهمين، كل بمقدار ما يجب عليه رده، ومن بينهم الشركة المدعى عليها (الطاعنة في الطعن الماثل) والتى يجب عليها رد 365300 سهم، ثم صدر قرار رئيس الهيئة رقم 582 لسنة 2010 بتاريخ 28/11/2010 بتشكيل لجنة لإعداد تصور للآلية القانونية لرد الأسهم المستحقة إلى المدعي, فانتهت اللجنة إلى أن الثابت من دراسة قطاع الأدوات المالية بالهيئة استقرار ملكية الأسهم في ذمة عدد من قدامى المساهمين الذين لم يختصم أي منهم في الدعاوى الصادر بشأنها الأحكام لمصلحة المساهم (المدعي)، ولما كانت الهيئة غير منوط بها تنفيذ هذه الأحكام إلا ما يدخل في اختصاصها على نحو مباشر, فإنها لا يسعها إلزام المساهمين نقل ملكية هذه الأسهم إليه, غير أنه بالنظر إلى اختصاصها بالقيام على حماية استقرار سوق رأس المال وحماية مصالح المتعاملين فيه, وفي ضوء الأحكام القضائية المشار إليها وما انتهى إليه الرأي الفني، فإنه يكون من الملائم استخدام الهيئة للسلطة المقررة لرئيسها بمقتضى نص المادة (21) من قانون سوق رأس المال بوقف التعامل على عدد من الأسهم المملوكة لقدامى مساهمي الشركة يساوي عدد الأسهم المستحقة للمساهم المذكور، وذلك تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذا العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين به، لاسيما في ضوء المنازعات الجدية المثارة، وعلى نحو مؤقت لحين انتهاء تلك النزاعات رضاء أو قضاء، ولتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له، وبناء عليه صدر قرار رئيس الهيئة رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد الأسهم المبينة بالقرار، ومنها 365300 سهم المملوكة لشركة (........)، وأنه لما كان هذا القرار قد صدر تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على ذلك العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين به، لاسيما فى ضوء النزاعات الجدية المثارة وعلى نحو مؤقت لحين انتهائها رضاء أو قضاء، ولتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له، وإعمالا للسلطة المخولة لرئيس الهيئة بمقتضى نص المادة (21) من قانون سوق رأس المال، ودون تعسف من جانبه في استعمال هذه السلطة أو الانحراف بها إلى غايات غير مشروعة، فمن ثم يكون هذا القرار قد جاء قائما على الأسباب المبررة لإصداره متفقا وأحكام القانون، ويضحى قرار لجنة التظلمات الرابعة فى التظلم رقم 4 لسنة 2011 المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء ذاك القرار بوقف التعامل على عدد 365300سهم المملوكة لشركة (.........) فى شركة (.........)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، قد صدر واقعا في حومة مخالفة القانون خليقا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

واستطردت المحكمة: لا ينال من ذلك ما استند إليه قرار اللجنة من أن قرار وقف التعامل قد جاء معتديا على اختصاص السلطة القضائية؛ إذ إن هذا القول يجافي الفهم القانوني الصحيح للدور الذى منحه المشرع للهيئة والذي يقوم على حماية سوق رأس المال وحماية المتعاملين فيه، والذي ظهر جليا في الدعوى الماثلة حينما قررت وقف التعامل على الأسهم المتنازع عليها؛ حتى لا يقع المتعاملون على هذه الأسهم في صعوبات قانونية بكثرة حلقات النزاع الناتج عن كثرة التداول.

وإذ لم ترتض الشركة الطاعنة هذا الحكم أقامت طعنها الماثل ناعية عليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأسباب محصلها:

(1) أن المشرع نظم بمواد القانون الخاص بشركات المساهمة والتوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وبمواد لائحته التنفيذية، الصادرة بقرار وزير شئون الاستثمار والتعاون الدولى رقم 96 لسنة 1982، الآلية الواجب اتباعها فيما يتعلق بزيادة رأس مال الشركة المصدر أو المرخص به، كما أنه في ضوء أحكام مواد هذا القانون أرقام (55 و58 و161) لا يجوز لذوي الشأن رفع دعوى بطلان أي تصرف أو تعامل أو قرار يصدر عن أجهزة الشركة على خلاف حكم القانون بعد مضي سنة من تاريخ علمهم بالقرار المخالف للقانون، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول أسقط حقه في طلب بطلان القرار الصادر عن الشركة بعدم تمكينه من الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال، سواء تم حساب مدة السقوط من تاريخ قرار مجلس إدارة الشركة بزيادة رأس المال، وهو 15/12/1998، وبدعوة المساهمين للاكتتاب فيه، أو من تاريخ صدور الحكم بأحقيته فى الاكتتاب، وهو 3/6/2008، لاسيما أن طلب البطلان لم يكن أحد طلبات المذكور فى الدعوى الصادر فيها هذا الحكم.

(2) أن الفقه والقضاء مستقر على أن ركنا جوهريا من أركان الوظيفة الإدارية يكمن في أن تقتصر الإدارة على ممارسة اختصاص يتعلق بموضوع إداري، ومن ثم فإن القرارات التي تصدر بشأن موضوع يحجزه الدستور صراحة أو ضمنا للمشرع أو للقضاء تكون منعدمة.

(3) أن حجية الأحكام على وفق المادة (101) من قانون الإثبات مقصورة على من كان طرفا في الخصومة الصادر فيها الحكم.

(4) أن القرار رقم 8 لسنة 2011 الصادر عن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بوقف التعامل على عدد من أسهم الشركة ........، ومن بينها 365300 سهم مملوكة للشركة الطاعنة، قد انحرف بسلطاته، حيث أصدر قرارا إداريا لتنفيذ حكم قضائي ضدها، وهي ليست مختصمة في الدعاوى الصادر فيها هذا الحكم سبب القرار، وهو –من ثم– ليس حجة عليها فيما قضى به، ولا يجوز أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر فى التنفيذ على أموالها أو غل يدها عن التصرف فيها دون حق أو مبرر.

(5) أن المقصود بالأحكام القابلة للتنفيذ الجبري هي تلك الأحكام التي تصدر في طلب موضوعي، وتتضمن إلزام أي من الخصمين أداء معينا، بحيث إذا تقاعس عن تنفيذه أمكن إجباره على ذلك بواسطة السلطة العامة، ومن ثم يخرج عن ذلك تلك الأحكام التي تقتصر على تقرير حق دون إلزام بأداء معين، كما هو الشأن بالنسبة للحكم الصادر للمطعون ضده الأول بأحقيته في الاكتتاب فى أسهم الزيادة الحاصل خلال عام 1999، وإذ أصدرت الهيئة قرارها بناء على تفسير هذا الحكم من لجنة مشكلة من قبلها بأن تنفيذه يكون برد الأسهم التى كان يحق للمطعون ضده الأول أن يكتتب فيها ممن اكتتبوا فيها وصارت ملكا لهم، وأن على الشركة أن تمكنه من تلك الأسهم، فإن قرارها يكون هو والعدم سواء، لاسيما وأن هناك اغتصابا لاختصاص المحكمة في تفسير الحكم.

(6) أن هذا القرار جاء بما لم تفصل فيه المحاكم المختصة، حيث قرر وقف التعامل على أسهم أربعة مساهمين فقط من المساهمين بشركة (..........)، وأن حقيقة الأمر أن هذا القرار هو قرار بتوقيع عقوبة لإجبار بعض المساهمين بهذه الشركة للرضوخ إلى ما أفتت به الهيئة لمصلحة المطعون ضده الأول، حيث تم وقف التعامل على أسهم من شملهم القرار إلى أن تتم تسوية النزاع لمصلحة المذكور رضاء أو قضاء دون تحديد ميعاد زمني لذلك، وعلى الرغم من عدم وجود منازعات قضائية قائمة وقت صدور هذا القرار المنعدم من الناحية القانونية.

(7) أن الهيئة قد اغتصبت اختصاص قاضي التنفيذ، وقامت بإصدار قرارها بعد أن ثبت لها استحالة تنفيذ هذا الحكم ضد أطراف الخصومة.

(8) أن المشرع قد حصر حالات بعينها في المادة (21) من قانون سوق رأس المال يستخدم رئيس الهيئة سلطته بشأنها، ومن ذلك سلطة وقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق والمتعاملين فيه، وهو الأمر المتعلق بالورقة المالية المقيدة والمتداولة بالبورصة والتي تستلزم الضرورة التدخل من قبل الهيئة بإصدار قرار بوقف التعامل إذا تحققت مظنة قصد التلاعب فى الأسعار أو الإضرار بالسوق، وإلا كان مبرر التدخل مفقودا، كما هو الحال بالنسبة للقرار رقم 8 لسنة 2011 الذي حمل في ديباجته الغاية من إصداره، حيث تضمنت وقف التعامل لحين انتهاء النزاع القائم بين الأشخاص المقيدة باسمهم تلك الأسهم والمساهم (المطعون ضده الأول) رضاء أو قضاء، بما يعني أن هذا القرار لم يصدر لمنع حالة من الحالات التي حصرها المشرع فى المادة (21) المشار إليها، بل صدر لإجبار الشركة وهؤلاء المساهمين (ومنهم الشركة الطاعنة) على تمكين المذكور من تلك الأسهم.

(9) أن نص المادة (31) من قانون سوق رأس المال الذي استند إليه الحكم ليست له أية صلة بموضوع النزاع الماثل.

(10) يضاف إلى ما تقدم افتقاد القرار إلى عنصري الاستعجال والخطر المبررين لتدخل الهيئة بإصداره، حيث إنه مضى على الاكتتاب واعتماد الهيئة لإجراءاته ما يزيد على أربعة عشر عاما، كما أن الحكم الذى استند إليه القرار صدر فى 8/11/2008.

(11) فضلا عما تقدم فإن هذا القرار معدوم لأن الدستور قد صان الملكية الخاصة، فلا يجوز فرض الحراسة عليها أو مصادرتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي.

وخلص الطاعن (بصفته) إلى أن الحكم الطعين قد أخطأ في تفسير وتطبيق النصوص التي ركن إليها، لاسيما أنه ليست هناك نزاعات جدية مثارة؛ لأن مثل هذه النزاعات قد حطت أوزارها منذ عام 2008 بصدور الحكم المقرر لأحقية المطعون ضده الأول في الاكتتاب الحاصل عام 1998, وأنه كان يتعين عليه لتمكينه من الأسهم التي كان له أن يكتتب فيها أن يطلب ذلك في الدعوى الصادر فيها الحكم بأحقيته في الاكتتاب، وهو ما لم يفعله, ومن ثم فلا يجوز لجهة الإدارة أن تصدر قرارا بوقف التعامل فيها، وأن يظل وقفه قائما معلقا على إرادة المطعون ضده الأول.

وقد قام المطعون ضده الأول بالرد على أسباب الطعن بمضمون ما ورد بعريضة الدعوى وبما ذكره من أن القرار رقم 8 لسنة 2011 لم يصدر -كما تزعم الشركة الطاعنة- لتنفيذ الحكم الصادر لمصلحته، بل إن هذا الحكم كان جرس الإنذار بأن استمرار التعامل على الأسهم الصادر بشأنها هذا القرار دون انتهاء النزاع رضاء أو قضاء، ودون الانتهاء من تمكين صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية لتنفيذ الأحكام الصادرة له، سوف يسبب العديد من المشاكل المتمثلة فى الأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذه الأسهم والإضرار بالسوق والمتعاملين فيه, كما أن الخطر والاستعجال متوفرين، وذلك متمثل في تلافي الأضرار المحتملة في ضوء النزاعات القائمة بشأن تلك الأسهم ولفترة مؤقتة حتى تنتهى هذه النزاعات.

يضاف إلى ذلك أن عدم شمول القرار للأسهم التى كانت مملوكة لشركة (.........) يؤكد أن القرار لم يتدخل فى سلطة قاضي التنفيذ, حيث لم يبتغ تنفيذ الحكم الصادر للمطعون ضده، ولو كان يهدف إلى ذلك لشمل الأسهم التى كانت مملوكة لهذه الشركة, لكن مصدر القرار وضع في حسبانه أن هذه الأسهم قد بيعت فعلا إلى شركة (..........)، وصارت مملوكة لها قبل صدور القرار بمنع التداول, مما يدل على أن الهدف الذى ابتغاه القرار هو حماية سوق الأوراق المالية والمتعاملين فيه؛ تلافيا للأضرار المحتملة التى قد تنشأ عن بيع الأسهم التى لم يتم بيعها بعد، فتتعدد البيوع وتتعقد الأمور ويلحق الاضطراب أي تعامل على تلك الأسهم المتبقية، وهو ما لا يتفق مع وجوب الحرص على استقرار وسلامة التعامل على الأوراق المالية في سوق المال.

وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية تنص على أن: "تنشأ هيئة عامة للرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، تسمى الهيئة العامة للرقابة المالية, تكون لها شخصية اعتبارية عامة, وتتبع الوزير المختص...".

وتنص المادة الثانية منه على أنه: "تختص الهيئة بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك أسواق رأس المال, وبورصات العقود الآجلة, وأنشطة التأمين,...".

وتنص المادة الثالثة على أن: "تحل الهيئة محل كل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين, والهيئة العامة لسوق المال, والهيئة العامة لشئون التمويل العقاري في تطبيق أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981, وقانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992, وقانون... كما تحل محل تلك الهيئات فيما تختص به في أية قوانين وقرارات أخرى...".

وتنص المادة الرابعة على أن: "تعمل الهيئة على سلامة واستقرار الأسواق المالية غير المصرفية وعلى تنظيمها وتنميتها, وعلى توازن حقوق المتعاملين فيها, كما تقوم بتوفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق وشفافية الأنشطة التي تمارس فيها, وللهيئة في سبيل تحقيق أغراضها على الأخص القيام بما يأتي: 1-... 5- حماية حقوق المتعاملين في الأسواق المالية غير المصرفية واتخاذ ما يلزم من الإجراءات للحد من التلاعب والغش فى تلك الأسواق, وذلك مع مراعاة ما قد ينطوي عليه التعامل فيها من تحمل لمخاطر تجارية. 6-...".

وتنص المادة (21) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 على أنه: "يجوز بقرار من رئيس البورصة وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار. ويكون له إلغاء العمليات التي تعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها، أو التي تتم بسعر لا مبرر له. كما يجوز له وقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه, ولرئيس الهيئة أن يتخذ في الوقت المناسب أيا من الإجراءات السابقة".

ومفاد هذه النصوص أن المشرع أناط بالهيئة العامة للرقابة المالية (التي حلت محل الهيئة العامة لسوق المال في تطبيق أحكام قانون سوق رأس المال) الرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك سوق رأس المال، بحيث تعمل على استقرار هذه الأسواق وتنظيمها، وعلى توازن حقوق المتعاملين فيها, وكذلك توفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق, وللهيئة القيام على الأخص بما عددته المادة الرابعة من قانون تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، ومن بين ذلك: حماية حقوق المتعاملين في هذه الأسواق، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات للحد من التلاعب والغش, وأعطى المشرع رئيس البورصة اختصاص إصدار قرارات حال ما إذا كانت عروض وطلبات التداول ترمي إلى التلاعب في الأسعار, وما إذا كانت هناك عمليات تعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها، أو تلك التي تتم بسعر غير مبرر, وما إذا كان فى استمرار التعامل بورقة مالية الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه, حيث خوله المشرع في هذه الحالة الأخيرة وقف التعامل على هذه الورقة المالية, وخول المشرع رئيس الهيئة إصدار قرار عن تلك التي يجوز لرئيس البورصة اتخاذها في الحالات المشار إليها في الوقت المناسب لاتخاذ أي منها، ومن ذلك وقف التعامل على الورقة المالية متى توفر مناط ذلك على وفق المادة (21) المذكورة.

ومقتضى ما سلف ذكره في نطاق المادة (21) المشار إليها أن رئيس بورصة الأوراق المالية منوط به مراقبة ما يجري بالبورصة، وأن عليه أن ينشط لاتخاذ ما يلزم من قرارات لمنع التلاعب في الأسعار, ولإجبار المتعاملين في الأوراق المالية على الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها, ولحملهم على التعامل بأسعار متوازنة, وللحيلولة دون الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه من جراء استمرار التعامل بورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها تحقق ذلك الإضرار, وأن رئيس الهيئة مخول -بما للهيئة من اختصاص الرقابة والإشراف على الأسواق، وما يلزم أن تقوم به تحقيقا لسلامتها واستقرارها وتوازن حقوق المتعاملين فيها– باتخاذ أي من تلك القرارات متى استلزم الأمر واستوجب تدخله بتحقق موجب ذلك عند توفر مناط إصدار قرار عنها دون إصداره من قبل رئيس البورصة على وفق المنطق القانوني السديد لتخويل المشرع الاختصاص نفسه لكل منهما, وفي ضوء ما يومئ إليه ما تضمنته تلك المادة من اتخاذ أي من تلك القرارات من قبل رئيس الهيئة "في الوقت المناسب".

وحيث إنه لما كان القرار الذي يتخذ على وفق المادة (21) المذكورة سالفا بوقف التعامل على ورقة مالية منوطا بأن يكون استمرار التعامل بها مرتبا إضرارا بالسوق أو المتعاملين فيه, فإن لازم ذلك أن يكون هناك ضرر محقق يمس سلامة السوق أو المتعاملين فيه, وقع فعلا أو محتمل الوقوع لو لم يتم إيقاف التعامل على الورقة, مما يكون لزاما معه تطبيق هذا الحكم بشأن الحالات الواجب حتما تطبيقه بشأنها، دون توسع فيها, ويتحقق ذلك عندما تتوفر أدلة يقينية على وقوع الضرر أو احتمال تحقق وقوعه, دون أن يكون جائزا إصدار القرار على أساس ضرر مظنون؛ إذ إن وقف التعامل –حالتئذ– على الورقة يكون ملحقا ضررا لذوي الشأن مالكي هذه الورقة تفاديا لضرر غير محقق، بما يناقض مقصود المشرع من إصدار مثل هذا القرار.

وحيث إن الثابت من الأوراق أن هناك نزاعا قام بين المطعون ضده الأول والشركة المصرية للأسمنت, حيث أقام ضدها الدعوى رقم 983 لسنة 2001 أمام محكمة الجيزة الابتدائية، طالبا الحكم بثبوت حقه في الاكتتاب في عدد 10880 سهما من أسهم زيادة رأس مال هذه الشركة، وذلك بتاريخ 8/7/1999, وبجلسة 24/7/2005 صدر الحكم برفض الدعوى, فأقام الاستئناف رقم 4208 لسنة 122ق أمام محكمة استئناف القاهرة، حيث صدر الحكم فيه بجلسة 3/6/2008 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف:... في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس مال الشركة المذكورة, وقد تقدم المطعون ضده الأول عن طريق وكيله إلى الهيئة العامة للرقابة المالية، طالبا إلزام شركة (..............- الشركة .......... سابقا) بتمكين موكله من الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال الذي تم خلال عام 1999 وما تبعها من زيادة أخرى في رأس المال عام 2000, فقام قطاع الأدوات والتقارير المالية بدراسة هذا الطلب، منتهيا إلى أنه بناء على الأحكام النهائية الصادرة بأحقية المذكور في الاكتتاب في أسهم الزيادة البالغة 272 مليون جنيه الذى تم خلال عام 1999، ويخصه منها 10880 سهما من أسهم هذه الشركة, فإنه يكون له جميع الحقوق التي للأسهم الأصلية البالغ عددها 15600 سهم قبل التجزئة، وما يترتب عليها من حق الاكتتاب فى جميع الزيادات النقدية التالية لرأس المال, وكذا الحق فى الأسهم المجانية، وإنه بمراعاة تجزئة السهم من 1000 جنيه إلى 10 جنيهات، يكون ما يجب رده إلى المساهم المذكور هو 1334600 سهم، مع مراعاة حق هذه الأسهم فى التوزيعات النقدية التى تمت فى الفترة اللاحقة لتاريخ كل زيادة, وأن على الشركة الالتزام بتمكينه من الحصول على هذه الأسهم من المساهمين الذين حددهم ذاك القطاع بدراسته، ومن بينهم الشركة الطاعنة, وبناء عليه تم مخاطبة شركة (........) بذلك بكتاب الهيئة رقم 20664 فى 15/9/2010 , ثم صدر قرار رئيس الهيئة رقم 582 لسنة 2010 بتاريخ 28/11/2010 بتشكيل لجنة لإعداد تصور للآلية القانونية لرد الأسهم للمطعون ضده الأول, فانتهت إلى أنه لما كان الثابت بدراسة قطاع الأدوات المالية بالهيئة استقرار ملكية تلك الأسهم فى ذمة عدد من قدامى مساهمي الشركة، والذين لم يختصم أي منهم فى الأحكام الصادرة لمصلحة المساهم المذكور, وكانت الهيئة ليس منوطا بها تنفيذ الأحكام إلا ما يدخل في اختصاصها بشكل مباشر, ومن ثم فليس بوسعها إلزام المساهمين المحددين بتلك الدراسة (ومنهم الشركة الطاعنة) نقل ملكية الأسهم للصادر لمصلحته الحكم (المطعون ضده الأول)، إلا أنه بالنظر إلى اختصاص الهيئة بالقيام على حماية استقرار سوق رأس المال وحماية مصالح المتعاملين فيه وفي حدود الأحكام النهائية، فإنه يكون من الملائم استخدام الهيئة للسلطة المقررة لرئيسها بمقتضى نص المادة (21) من قانون سوق رأس المال بوقف التعامل على عدد من الأسهم المملوكة لقدامى مساهمي الشركة يساوي عدد الأسهم المستحقة للمساهم المذكور, وذلك تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذا العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين فيه، لاسيما في ضوء المنازعات الجدية المثارة بناء على الأحكام القضائية الصادرة, وذلك على نحو مؤقت لحين انتهاء النزاع رضاء أو قضاء, وليتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له, وبناء على ذلك صدر القرار رقم 8 لسنة 2011 بتاريخ 6/1/2011 متضمنا النص في مادته الأولى على وقف التعامل على الأسهم المبينة به للورقة المالية (..........) لحين انتهاء النزاع القائم بين الأشخاص المقيدة باسمهم والمساهم السيد/... (المطعون ضده الأول) رضاء أو قضاء, ومن بين هذه الأسهم عدد 365300 سهم مملوكة للشركة الطاعنة, فقامت هذه الشركة بالتظلم من هذا القرار، فصدر قرار لجنة التظلمات رقم 4 لسنة 2011 بتاريخ 14/3/2011 بإلغاء القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار, على سند من أنه صدر بالمخالفة للقانون، ومغتصبا سلطة قاضي التنفيذ الذى عهد إليه المشرع تنفيذ الأحكام القضائية من خلال إدارة التنفيذ, بما يجعل القرار صادرا عن جهة غير مختصة بإصداره.
وحيث إن البادي بجلاء من ذلك أن نهوض الهيئة بإصدار قرارها رقم 8 لسنة 2011 الذي قامت الشركة الطاعنة بالتظلم منه إلى لجنة التظلمات طالبة إلغاءه فيما تضمنه من وقف التعامل على عدد 365300 سهم المملوكة لها، كان بناء على طلب المطعون ضده الأول إلزام الشركة المصرية للأسمنت (........) بتمكينه من الاكتتاب في أسهم الزيادة فى رأس مالها والذى تم خلال عام 1999 وما تبعها من زيادة أخرى عام 2000 – كما ورد صراحة فى مذكرة قطاع الأدوات والتقارير المالية المؤرخة في 21/2/2011–، مستندا فى طلبه إلى ما صدر لمصلحته من حكم بات بأحقيته فى الاكتتاب فى أسهم زيادة رأس مال الشركة, وقد استندت الدراسة التى أعدها قطاع الأدوات والتقارير المالية, وكذا اللجنة التى تم تشكيلها لإعداد تصور للآلية القانونية لرد تلك الأسهم للمطعون ضده الأول, إلى هذا الحكم, وهو ما يبدو منه جليا أن ما تم من دراسة من قبل ذلك القطاع, وما عمدت إليه هذه اللجنة، ومن ثم القرار المشار إليه, لم يكن الملجئ إليه وقوع ضرر فعلا، أو أن هناك ضررا محققا محتمل الوقوع من جراء استمرار التعامل بتلك الأسهم يلحق بالسوق أو المتعاملين فيه, بل كان الدافع إلى ذلك تمكين الصادر لمصلحته الحكم المشار إليه من استكمال إجراءاته القانونية والقضائية تنفيذا لهذا الحكم وحتى انتهاء النزاع الذى زعمت الهيئة قيامه بين المذكور والمساهمين الذين أوقف التعامل على أسهمهم, رغم علمها وإقرارها بأنها ليس منوطا بها تنفيذ ما صدر من حكم ضد الشركة المصرية للأسمنت (...........)، وأن أيا من هؤلاء المساهمين لم يكن خصما فى النزاع الصادر بشأنه هذا الحكم, كما أن الأوراق جاءت جدباء مما يفيد أن هناك نزاعا آخر قام فيما بينهم بشأن تلك الأسهم، بحسبان أن الحكم صدر ضد الشخص المعنوي المذكور، وليس ضد الشركة الطاعنة (أحد مساهمي هذا الشخص المعنوي)، ومن ثم فليس للهيئة اختصاص باتخاذ قرار لتمكين المطعون ضده من تنفيذ هذا الحكم، لاسيما أنها –إضافة إلى ما ذكر– ليست طرفا في الخصومة التي صدر بشأنها, كما أنه ليس هناك ما يحول دون اتخاذ المذكور ما من شأنه نقل ملكية تلك الأسهم إليه على وفق أحكام القانون الواجب اتباعها فى هذا الشأن.

وبناء على ذلك فإن مناط إصدار قرار –على وفق المادة (21) المشار إليها– بوقف التعامل على أسهم الشركة الطاعنة، والذي نازعت فيه الهيئة، غير متوفر, فضلا عن انتفاء موجب تدخل رئيس الهيئة على وفق صحيح حكم هذه المادة الذى استلزم تدخله في الوقت الذى يكون حتما عليه ذلك بعدم تدخل رئيس البورصة، خاصة أن الحالة التى أصدر قراره المشار إليه بشأنها لا تندرج بحال ضمن الحالات التى يطبق بصددها حكم تلك المادة، إذ لم يثبت أن هناك ضررا محققا يحتمل وقوعه يلحق بالسوق أو المتعاملين فيه من جراء التعامل على ذلك العدد من أسهم الشركة الطاعنة, ومن ثم يكون قرار لجنة التظلمات فى التظلم رقم 4 لسنة 2011 بإلغاء ذلك القرار فيما تضمنه من وقف التعامل على هذه الأسهم (والذى أقيمت طعنا عليه الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين) متفقا وصائب حكم القانون للأسباب المذكورة آنفا، بغض الطرف عن ذلك السبب الذي اتخذته هذه اللجنة قواما لقرارها؛ بحسبان أن رقابة المشروعية التى تباشرها المحكمة لا يحدها ذاك السبب الذى استندت إليه اللجنة؛ إعمالا لواسع سلطان المحكمة، بسطا لتلك الرقابة بروافدها التى يستلزمها بسطها, وهو ما تكون معه الدعوى مفتقرة سندا قانونيا للقضاء بما أقيمت لأجله، متعينا القضاء برفضها.
وحيث إن الحكم الطعين ذهب غير هذا المذهب, فإنه يكون مجافيا صواب القانون, بما يتعين معه الحكم بإلغائه, والقضاء مجددا برفض الدعوى.
وحيث إن من يخسر النزاع يلزم مصروفاته عملا بالمادتين (184) و(240) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتى التقاضي.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق